سُورَةُ النَّازِعَاتِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ٥٧
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النازعات: ٢] أَقْسَمَ رَبُّنَا ﷻ بِالنَّازِعَاتِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِيهَا، وَمَا هِيَ؟ وَمَا تَنْزِعُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَنْزِعُ نُفُوسَ بَنِي آدَمَ، وَالْمَنْزُوعُ نُفُوسُ الْآدَمِيِّينَ
٢٤ ‏/ ٥٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ
٢٤ ‏/ ٥٧
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي النَّازِعَاتِ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ
٢٤ ‏/ ٥٧
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي النَّازِعَاتِ، قَالَ: حِينَ تُنْزَعُ نَفْسُهُ
٢٤ ‏/ ٥٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: تَنْزِعُ الْأَنْفُسَ
٢٤ ‏/ ٥٨
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: نُزِعَتْ أَرْوَاحُهُمْ، ثُمَّ غُرِقَتْ، ثُمَّ قُذِفَ بِهَا فِي النَّارِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْمَوْتُ يَنْزِعُ النُّفُوسَ
٢٤ ‏/ ٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: الْمَوْتُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ النُّجُومُ تَنْزِعُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ
٢٤ ‏/ ٥٨
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْعَوَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ، فِي ﴿النَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: النُّجُومُ
٢٤ ‏/ ٥٨
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ ⦗٥٩⦘: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: النُّجُومُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْقِسِّيُّ تَنْزِعُ بِالسَّهْمِ
٢٤ ‏/ ٥٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ الْقِسِّيُّ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ النَّفْسُ حِينَ تَنْزِعُ
٢٤ ‏/ ٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] قَالَ: النَّفْسُ حِينَ تَغْرِقُ فِي الصَّدْرِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِالنَّازِعَاتِ غَرْقًا، وَلَمْ يُخَصِّصْ نَازِعَةً دُونَ نَازِعَةٍ، فَكُلُّ نَازِعَةٍ غَرْقًا، فَدَاخِلَةٌ فِي قَسَمِهِ، مَلَكًا كَانَ أَوْ مَوْتًا، أَوْ نَجْمًا، أَوْ قَوْسًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَالْمَعْنَى: وَالنَّازِعَاتِ إِغْرَاقًا، كَمَا يَغْرَقَ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ
٢٤ ‏/ ٥٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ أَيْضًا فِيهِنَّ، وَمَا هُنَّ، وَمَا الَّذِي يَنْشِطُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ، تَنْشِطُ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ فَتَقْبِضُهَا، كَمَا يَنْشِطُ الْعِقَالُ مِنَ الْبَعِيرِ إِذَا حُلَّ عَنْهُ
٢٤ ‏/ ٥٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا: أَنْشَطْتُ، وَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، وَرَبَطَهَا: نَشَطَهَا، وَالرَّابِطُ: النَّاشِطُ؛ قَالَ: وَإِذَا رَبَطْتَ الْحَبْلَ فِي يَدِ الْبَعِيرِ فَقَدْ نَشَطْتَهُ تَنْشِطُهُ، وَأَنْتَ نَاشِطٌ، وَإِذَا حَلَلْتَهُ فَقَدْ أَنْشَطْتَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: ﴿النَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] هُوَ الْمَوْتُ يَنْشِطُ نَفْسَ الْإِنْسَانِ
٢٤ ‏/ ٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: الْمَوْتُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ٦٠
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: حِينَ تَنْشِطُ نَفْسَهُ
٢٤ ‏/ ٦٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَالنَّاشِطَاتِ ⦗٦١⦘ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: نَشْطُهَا: حِينَ تُنْشَطُ مِنَ الْقَدَمَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ النُّجُومُ تَنْشِطُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ
٢٤ ‏/ ٦٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: النُّجُومُ
٢٤ ‏/ ٦١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: هُنَّ النُّجُومُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْأَوْهَاقُ
٢٤ ‏/ ٦١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ٢] قَالَ: الْأَوْهَاقُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَقْسَمَ بِالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا، وَهِيَ الَّتِي تَنْشُطُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، فَتَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ بِذَلِكَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، بَلْ عَمَّ الْقَسَمَ بِجَمِيعِ النَّاشِطَاتِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَنْشُطُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ، وَكَذَلِكَ النُّجُومُ وَالْأَوْهَاقُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ أَيْضًا تَنْشُطُ، كَمَا قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
[البحر الطويل]
٢٤ ‏/ ٦١
وَهَلْ بِحَلِيفِ الْخَيْلِ مِمَّنْ عَهِدْتُهُ … بِهِ غَيْرُ أُحْدَانِ النَّوَاشِطِ رُوعُ
يَعْنِي بِالنَّوَاشِطِ: بَقَرَ الْوَحْشِ، لِأَنَّهَا تَنْشُطُ مِنْ بَلْدَةٍ إِلَى بَلْدَةٍ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةَ بْنَ الْعَجَّاجِ:
[البحر الرجز] تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلَاةِ الْوَهَقِ
وَالْهُمُومُ تَنْشُطُ صَاحِبَهَا، كَمَا قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:
[البحر الرجز] أَمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ الْمَنَاشِطَا … الشَّامَ بِي طَوْرًا وَطَوْرًا وَاسِطَا
فَكُلُّ نَاشِطٍ فَدَاخِلٌ فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، بِأَنَّ الْمَعْنِيِّ بِالْقَسَمِ مِنْ ذَلِكَ، بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ
٢٤ ‏/ ٦٢
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ [النازعات: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّوَاتِي تَسْبَحُ سَبْحًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي الَّتِي أَقْسَمَ بِهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنَ السَّابِحَاتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْمَوْتُ تَسْبَحُ فِي نَفْسِ ابْنِ آدَمَ
٢٤ ‏/ ٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ [النازعات: ٣] قَالَ: الْمَوْتُ هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي
٢٤ ‏/ ٦٢
وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ [النازعات: ٣] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَهَكَذَا وَجَدْتُ ⦗٦٣⦘ هَذَا أَيْضًا فِي كِتَابِي فَإِنْ يَكُنْ مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ صَحِيحًا، فَإِنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَرَى أَنَّ نُزُولَ الْمَلَائِكَةِ مِنَ السَّمَاءِ سَبَّاحَةً، كَمَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْجَوَادِ: إِنَّهُ لَسَابِحٌ إِذَا مَرَّ يُسْرِعُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ النُّجُومُ تَسْبَحُ فِي فَلَكِهَا
٢٤ ‏/ ٦٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ [النازعات: ٣] قَالَ: هِيَ النُّجُومُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ السُّفُنُ
٢٤ ‏/ ٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ [النازعات: ٣] قَالَ: السُّفُنُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَقْسَمَ بِالسَّابِحَاتِ سَبْحًا مِنْ خَلْقِهِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، فَذَلِكَ كُلُّ سَابِحٍ، لِمَا وَصَفْنَا قَبْلُ فِي النَّازِعَاتِ
٢٤ ‏/ ٦٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ [النازعات: ٤] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ
٢٤ ‏/ ٦٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ [النازعات: ٤] قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَقَدْ:
٢٤ ‏/ ٦٤
حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ [النازعات: ٤] قَالَ: الْمَوْتُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ لِلْخَيْلِ السَّابِقَةِ
٢٤ ‏/ ٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ [النازعات: ٤] قَالَ: الْخَيْلُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ النُّجُومُ يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي السَّيْرِ
٢٤ ‏/ ٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ [النازعات: ٤] قَالَ: هِيَ النُّجُومُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ، مِثْلُ الْقَوْلِ فِي سَائِرِ الْأَحْرُفِ الْمَاضِيَةِ
٢٤ ‏/ ٦٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ [النازعات: ٥] يَقُولُ: فَالْمَلَائِكَةُ الْمُدَبِّرَةُ مَا أُمِرَتْ بِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، ⦗٦٥⦘ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٦٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ [النازعات: ٥] قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ٦٥
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ [المزمل: ١٤] لِلنَّفْخَةِ الْأُولَى ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] تَتْبَعُهَا أُخْرَى بَعْدَهَا، وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي رَدِفَتِ الْأُولَى، لِبَعْثِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٤ ‏/ ٦٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] يَقُولُ: النَّفْخَةُ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] يَقُولُ: النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ
٢٤ ‏/ ٦٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] يَقُولُ: تَتْبَعُ الْآخِرَةُ الْأُولَى، وَالرَّاجِفَةُ: النَّفْخَةُ الْأُولَى، وَالرَّادِفَةُ: النَّفْخَةُ الْآخِرَةُ
٢٤ ‏/ ٦٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ ⦗٦٦⦘ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] قَالَ: هُمَا النَّفْخَتَانِ: أَمَّا الْأُولَى فَتُمِيتُ الْأَحْيَاءَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتُحْيِي الْمَوْتَى؛ ثُمَّ تَلَا الْحَسَنُ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾
٢٤ ‏/ ٦٥
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] قَالَ: هُمَا الصَّيْحَتَانِ، أَمَّا الْأُولَى فَتُمِيتُ كُلَّ شَيْءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَتُحْيِي كُلَّ شَيْءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ؛ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ» قَالَ أَصْحَابُهُ: وَاللَّهِ مَا زَادَنَا عَلَى ذَلِكَ. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «يُبْعَثُ فِي تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ مَطَرٌ يُقَالُ لَهُ الْحَيَاةُ، حَتَّى تَطِيبَ الْأَرْضُ وَتَهْتَزَّ، وَتَنْبُتُ أَجْسَادُ النَّاسِ نَبَاتَ الْبَقْلِ، ثُمَّ تُنْفَخُ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ»
٢٤ ‏/ ٦٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَذَكَرَ الصُّورَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الصُّورُ؟ قَالَ: «قَرْنٌ» قَالَ: فَكَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: “قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَخَاتٍ: الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيَأْمُرُ اللَّهُ فَيُدِيمُهَا، وَيُطَوِّلُهَا، وَلَا يَفْتُرُ، وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ: مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ⦗٦٧⦘ مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ، فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الْجِبَالَ، فَتَكُونُ سَرَابًا، وَتُرَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٧]
٢٤ ‏/ ٦٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] فَقَالَ: «جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»
٢٤ ‏/ ٦٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦]: النَّفْخَةُ الْأُولَى ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧]: النَّفْخَةُ الْأُخْرَى وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا
٢٤ ‏/ ٦٧
حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ [النازعات: ٦] الرَّاجِفَةُ قَالَ: تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ، وَهِيَ الزَّلْزَلَةُ. وَقَوْلُهُ: ﴿الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١] ﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ [الحاقة: ١٤] وَقَالَ آخَرُونَ: تَرْجُفُ الْأَرْضُ، وَالرَّادِفَةُ: السَّاعَةُ
٢٤ ‏/ ٦٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] الْأَرْضُ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] قَالَ: الرَّادِفَةُ: السَّاعَةُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَوْضِعِ جَوَابِ قَوْلِهِ: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: قَوْلُهُ ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النازعات: ١]: قَسَمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى ﴿إِنَّ فِيَ ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦] وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا عَلَى ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨] وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَشَاءَ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ هَذَا، وَفِي كُلِّ الْأُمُورِ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: جَوَابُ الْقَسَمِ فِي النَّازِعَاتِ: مَا تُرِكَ لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِالْمَعْنَى، كَأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ كَانَ لَتُبْعَثُنَّ وَلَتُحَاسَبُنَّ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَالْجَوَابِ لِقَوْلِهِ: ﴿لَتُبْعَثُنَّ﴾ [التغابن: ٧] إِذْ قَالَ: ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ نَحْوَ هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ حَذْفُ اللَّامِ فِي جَوَابِ الْيَمِينِ، لِأَنَّهَا إِذَا حُذِفَتْ لَمْ يُعْرَفْ مَوْضِعُهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَلِي كُلَّ كَلَامٍ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنَّ جَوَابَ الْقَسَمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، مِمَّا اسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ، فَتُرِكَ ذِكْرُهُ
٢٤ ‏/ ٦٨
وَقَوْلُهُ: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قُلُوبُ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ يَوْمَئِذٍ خَائِفَةٌ مِنْ عَظِيمِ الْهَوْلِ النَّازِلِ
٢٤ ‏/ ٦٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ ⦗٦٩⦘ عَبَّاسٍ، ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨] يَقُولُ: خَائِفَةٌ
٢٤ ‏/ ٦٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَاجِفَةٌ: خَائِفَةٌ
٢٤ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي ﴿وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨]، قَالَ: خَائِفَةٌ
٢٤ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨] يَقُولُ: خَائِفَةٌ، وَجَفَتْ مِمَّا عَايَنَتْ يَوْمَئِذٍ
٢٤ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨] قَالَ: الْوَاجِفَةُ: الْخَائِفَةُ
٢٤ ‏/ ٦٩
وَقَوْلُهُ: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النازعات: ٩] يَقُولُ: أَبْصَارُ أَصْحَابِهَا ذَلِيلَةٌ مِمَّا قَدْ عَلَاهَا مِنَ الْكَآبَةِ وَالْحَزَنِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِهِمْ، مِنْ عَظِيمِ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، كَمَا:
٢٤ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النازعات: ٩] قَالَ: خَاشِعَةٌ لِلذُّلِّ الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِهَا
٢٤ ‏/ ٦٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النازعات: ٩] يَقُولُ: ذَلِيلَةٌ
٢٤ ‏/ ٦٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أَئِذَا كُنَّا ⦗٧٠⦘ عِظَامًا نَخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ إِذَا قِيلَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ إِلَى حَالِنَا الْأُولَى قَبْلَ الْمَمَاتِ، فَرَاجِعُونَ أَحْيَاءَ كَمَا كُنَّا قَبْلَ هَلَاكِنَا، وَقَبْلَ مَمَاتِنَا؟ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجَعَ فُلَانٌ عَلَى حَافِرَتِهِ: إِذَا رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] أَحَافِرَةٌ عَلَى صَلَعٍ وَشَيْبٍ … مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ سَفَهٍ وَطَيْشِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٦٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠]: يَقُولُ: الْحَيَاةُ
٢٤ ‏/ ٧٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] يَقُولُ: أَئِنَّا لَنَحْيَا بَعْدَ مَوْتِنَا، وَنُبْعَثُ مِنْ مَكَانِنَا هَذَا
٢٤ ‏/ ٧٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، يَقُولُ: ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠]: أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
٢٤ ‏/ ٧٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فِي ⦗٧١⦘ الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] قَالَ: أَيْ مَرْدُودُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
٢٤ ‏/ ٧٠
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] قَالَ: فِي الْحَيَاةِ
٢٤ ‏/ ٧١
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] قَالَ: فِي الْحَيَاةِ وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَافِرَةُ: الْأَرْضُ الْمَحْفُورَةُ الَّتِي حُفِرَتْ فِيهَا قُبُورُهُمْ، فَجَعَلُوا ذَلِكَ نَظِيرَ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٦] يَعْنِي: مَدْفُوقٍ، وَقَالُوا: الْحَافِرَةُ بِمَعْنَى الْمَحْفُورَةُ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي قُبُورِنَا أَمْوَاتًا؟
٢٤ ‏/ ٧١
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] قَالَ: الْأَرْضُ، نُبْعَثُ خَلْقًا جَدِيدًا، قَالَ: الْبَعْثُ
٢٤ ‏/ ٧١
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠] قَالَ: الْأَرْضُ، نُبْعَثُ خَلْقًا جَدِيدًا وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَافِرَةُ: النَّارُ
٢٤ ‏/ ٧١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ [النازعات: ١٠]: قَالَ: الْحَافِرَةُ: النَّارُ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿تِلْكَ ⦗٧٢⦘ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢] قَالَ: مَا أَكْثَرَ أَسْمَاءَهَا، هِيَ النَّارُ، وَهِيَ الْجَحِيمُ، وَهِيَ سَقَرُ، وَهِيَ جَهَنَّمُ، وَهِيَ الْهَاوِيَةُ، وَهِيَ الْحَافِرَةُ، وَهِيَ لَظَى، وَهِيَ الْحُطَمَةُ
٢٤ ‏/ ٧١
وَقَوْلُهُ: ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ ﴿نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] بِمَعْنَى: بَالِيَةً. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (نَاخِرَةً) بِأَلِفٍ، بِمَعْنَى: أَنَّهَا مُجَوَّفَةٌ، تَنْخَرُ الرِّيَاحُ فِي جَوْفِهَا إِذَا مَرَّتْ بِهَا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ: سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، بِمَنْزِلَةِ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ، وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِلِ؛ وَأَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ عِنْدَنَا وَأَشْهَرُهُمَا عِنْدَنَا ﴿نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١]، بِغَيْرِ أَلِفٍ، بِمَعْنَى: بَالِيَةً، غَيْرَ أَنَّ رُءُوسَ الْآيِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا جَاءَتْ بِالْأَلِفِ. فَأَعْجَبُ إِلَيَّ لِذَلِكَ أَنْ تَلْحَقَ نَاخِرَةٌ بِهَا، لِيَتَّفِقَ هُوَ وَسَائِرُ رُءُوسِ الْآيَاتِ، لَوْلَا ذَلِكَ كَانَ أَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ حَذْفَ الْأَلِفِ مِنْهَا
٢٤ ‏/ ٧٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ﴿نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١]: بَالِيَةً: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] فَالنَّخِرَةُ الْفَانِيَةُ الْبَالِيَةُ
٢٤ ‏/ ٧٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ⦗٧٣⦘، ﴿عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١] قَالَ: مَرْفُوتَةً
٢٤ ‏/ ٧٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا﴾ [الإسراء: ٤٩]: تَكْذِيبًا بِالْبَعْثِ، نَاخِرَةً: بَالِيَةً
٢٤ ‏/ ٧٣
قَالُوا ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ قِيلِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ، قَالُوا: تِلْكَ، يَعْنُونَ تِلْكَ الرَّجْعَةَ، أَحْيَاءً بَعْدَ الْمَمَاتِ، إِذًا: يَعْنُونَ الْآنَ، كَرَّةٌ: يَعْنُونَ رَجْعَةً خَاسِرَةً، يَعْنُونَ غَابِنَةً وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢]: أَيْ رَجْعَةٌ خَاسِرَةٌ
٢٤ ‏/ ٧٣
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢] قَالَ: وَأَيُّ كَرَّةٍ أَخْسَرُ مِنْهَا، أُحْيُوا ثُمَّ صَارُوا إِلَى النَّارِ، فَكَانَتْ كَرَّةَ سُوءٍ
٢٤ ‏/ ٧٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [الصافات: ١٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنَّمَا هِيَ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ، وَنَفْخَةٌ تُنْفَخُ فِي الصُّورِ، وَذَلِكَ هُوَ الزَّجْرَةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٧٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [النازعات: ١٣] قَالَ: صَيْحَةٌ
٢٤ ‏/ ٧٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [النازعات: ١٣] قَالَ: الزَّجْرَةُ: النَّفْخَةُ فِي الصُّورِ
٢٤ ‏/ ٧٤
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ، الْمُتَعَجِّبُونَ مِنْ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِمْ، تَكْذِيبًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ، بِالسَّاهِرَةِ، يَعْنِي بِظَهْرِ الْأَرْضِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْفَلَاةَ وَوَجْهَ الْأَرْضِ: سَاهِرَةً، وَأُرَاهُمْ سَمَّوْا ذَلِكَ بِهَا، لِأَنَّ فِيهِ نَوْمَ الْحَيَوَانِ وَسَهَرَهَا، فَوُصِفَ بِصِفَةِ مَا فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ:
[البحر الوافر] وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ … وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
وَمِنْهُ قَوْلُ أَخِي نَهْمٍ يَوْمَ ذِي قَارٍ لِفَرَسِهِ:
[البحر الرجز] أَقْدِمْ مِحَاجُ إِنَّهَا الْأَسَاوِرَهْ … وَلَا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ نَادِرَهْ
⦗٧٥⦘ فَإِنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ … ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَهَا فِي الْحَافِرَهْ
مِنْ بَعْدِ مَا كُنْتَ عِظَامًا نَاخِرَهْ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَاهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مِثْلَ الَّذِي قُلْنَا
٢٤ ‏/ ٧٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: عَلَى الْأَرْضِ، قَالَ: فَذَكَرَ شِعْرًا قَالَهُ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ
[البحر مضطرب] عِنْدَنَا صَيْدُ بَحْرٍ وَصَيْدُ سَاهِرَةٍ
٢٤ ‏/ ٧٥
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مِحْصَنٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: السَّاهِرَةُ: الْأَرْضُ، أَمَا سَمِعْتَ: لَهُمْ صَيْدُ بَحْرٍ، وَصَيْدُ سَاهِرَةٍ
٢٤ ‏/ ٧٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] يَعْنِي: الْأَرْضَ
٢٤ ‏/ ٧٥
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: فَإِذَا هُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ لَهُمْ:
[البحر الوافر] ⦗٧٦⦘ وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ
٢٤ ‏/ ٧٥
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: فَإِذَا هُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، قَالَ أُمَيَّةُ:
[البحر الوافر] وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ
٢٤ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] فَإِذَا هُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ
٢٤ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي
٢٤ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، لَمَّا تَبَاعَدَ الْبَعْثُ فِي أَعْيُنِ الْقَوْمِ، قَالَ اللَّهُ ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] يَقُولُ: فَإِذَا هُمْ بِأَعْلَى الْأَرْضِ، بَعْدَ مَا كَانُوا فِي جَوْفِهَا
٢٤ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: فَإِذَا هُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورَهُمْ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَالْأَرْضُ: السَّاهِرَةُ، قَالَ: فَإِذَا هُمْ يَخْرُجُونَ
٢٤ ‏/ ٧٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: بِالْأَرْضِ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ
٢٤ ‏/ ٧٧
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤]: وَجْهُ الْأَرْضِ
٢٤ ‏/ ٧٧
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: السَّاهِرَةُ: ظَهْرُ الْأَرْضِ فَوْقَ ظَهْرِهَا وَقَالَ آخَرُونَ: السَّاهِرَةُ: اسْمُ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ بِعَيْنِهِ مَعْرُوفٌ
٢٤ ‏/ ٧٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثني الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: بِالصُّقْعِ الَّذِي بَيْنَ جَبَلِ حَسَّانَ، وَجَبَلِ أَرِيحَاءَ، يَمُدُّهُ اللَّهُ كَيْفَ يَشَاءُ
٢٤ ‏/ ٧٧
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: أَرْضٌ بِالشَّامِ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ جَبَلٌ بِعَيْنِهِ مَعْرُوفٌ
٢٤ ‏/ ٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: السَّاهِرَةُ: جَبَلٌ إِلَى جَنْبِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ جَهَنَّمُ
٢٤ ‏/ ٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قَالَ: فِي جَهَنَّمَ
٢٤ ‏/ ٧٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: هَلْ أَتَاكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، وَهَلْ سَمِعْتَ خَبَرَهُ حِينَ نَاجَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ، يَعْنِي بِالْمُقَدَّسِ: الْمُطَهَّرَ الْمُبَارَكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ⦗٧٩⦘ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَذَلِكَ بَيَّنَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿طُوًى﴾ [طه: ١٢] وَمَا قَالَ فِيهِ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ بَعْضُ ذَلِكَ هَاهُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ: ﴿طُوًى﴾ [طه: ١٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْمُ الْوَادِي
٢٤ ‏/ ٧٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿طُوًى﴾ [النازعات: ١٦] اسْمُ الْوَادِي
٢٤ ‏/ ٧٩
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ قَالَ: اسْمُ الْمُقَدَّسِ طُوًى
٢٤ ‏/ ٧٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُ قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ، وَاسْمُ الْوَادِي طُوًى وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: طَأِ الْأَرْضَ حَافِيًا
٢٤ ‏/ ٧٩
ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ قَالَ: طَأِ الْأَرْضَ بِقَدَمِكَ ⦗٨٠⦘ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَادِيَ قُدِّسَ طُوًى: أَيْ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ كُلَّهُ وَوُجُوهَهُ، فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
٢٤ ‏/ ٧٩
وَقَرَأَ ذَلِكَ الْحَسَنُ بِكَسْرِ الطَّاءِ، وَقَالَ: بُثَّتْ فِيهِ الْبَرَكَةُ وَالتَّقْدِيسُ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ (طُوَى) بِالضَّمِّ وَلَمْ يُجْرُوهُ؛ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّأْمِ وَالْكُوفَةِ ﴿طُوًى﴾ [النازعات: ١٦] بِضَمِّ الطَّاءِ وَالتَّنْوِينِ
٢٤ ‏/ ٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: نَادَى مُوسَى رَبَّهُ: أَنِ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَحُذِفَتْ أَنْ، إِذْ كَانَ النِّدَاءُ قَوْلًا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِمُوسَى قَالَ رَبُّهُ: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٢٤] يَقُولُ: عَتَا وَتَجَاوَزَ حَدَّهُ فِي الْعُدْوَانِ، وَالتَّكَبُّرِ عَلَى رَبِّهِ
٢٤ ‏/ ٨٠
وَقَوْلُهُ: ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ [النازعات: ١٨] يَقُولُ: فَقُلْ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَتَطَهَّرَ مِنْ دَنَسِ الْكُفْرِ، وَتُؤْمِنَ بِرَبِّكَ؟ كَمَا:
٢٤ ‏/ ٨٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ [النازعات: ١٨] قَالَ: إِلَى أَنْ تُسْلِمَ. قَالَ: وَالتَّزَكِّي فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ: الْإِسْلَامُ؛ وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه: ٧٦] قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ، ⦗٨١⦘ وَقَرَأَ: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٣] قَالَ: يُسْلِمُ، وَقَرَأَ: ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٧] أَنْ لَا يُسْلِمَ
٢٤ ‏/ ٨٠
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، عَنِ الْحَكِيمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ [النازعات: ١٨] هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿تَزَكَّى﴾ [النازعات: ١٨] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (تَزَّكَّى) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: إِلَى أَنْ ﴿تَزَكَّى﴾ [طه: ٧٦] بِتَخْفِيفِ الزَّايِ. وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَقُولُ، فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ: (تَزَّكَّى) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، بِمَعْنَى: تَتَصَدَّقُ بِالزَّكَاةِ، فَتَقُولُ: تَتَزَكَّى، ثُمَّ تُدْغِمُ؛ وَمُوسَى لَمْ يَدْعُ فِرْعَوْنَ إِلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ وَهُوَ كَافِرٌ، إِنَّمَا دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: تَزَكَّى: أَيْ تَكُونُ زَاكِيًا مُؤْمِنًا، وَالتَّخْفِيفُ فِي الزَّايِ هُوَ أَفْصَحُ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي الْعَرَبِيَّةِ
٢٤ ‏/ ٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُوسَى: قُلْ لِفِرْعَوْنَ: هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ أُرْشِدَكَ إِلَى مَا يُرْضِي رَبَّكَ عَنْكَ، وَذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴿فَتَخْشَى﴾ [النازعات: ١٩] يَقُولُ: فَتَخْشَى عِقَابَهُ بِأَدَاءِ مَا أَلْزَمَكَ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَاكَ عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيهِ
٢٤ ‏/ ٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَرَى مُوسَى فِرْعَوْنَ الْآيَةَ الْكُبْرَى، يَعْنِي الدَّلَالَةَ الْكُبْرَى عَلَى أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْآيَةُ يَدَ مُوسَى إِذْ أَخْرَجَهَا بَيْضَاءَ لِلنَّاظِرِينَ، وَعَصَاهُ إِذْ تَحَوَّلَتْ ثُعْبَانًا مُبِينًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو زَائِدَةَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ أَبِي رَجَاءٍ، هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِي، وَأَظُنُّهُ عَنْ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] قَالَ: يَدُهُ وَعَصَاهُ
٢٤ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] قَالَ: عَصَاهُ وَيَدَهُ
٢٤ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] قَالَ: رَأَى يَدَ مُوسَى وَعَصَاهُ، وَهُمَا آيَتَانِ
٢٤ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] قَالَ: عَصَاهُ وَيَدَهُ
٢٤ ‏/ ٨٢
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٢٠] قَالَ: الْعَصَا وَالْحَيَّةَ
٢٤ ‏/ ٨٢
وَقَوْلُهُ: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى﴾ [النازعات: ٢١] يَقُولُ: فَكَذَّبَ فِرْعَوْنُ مُوسَى فِيمَا أَتَاهُ مِنَ الْآيَاتِ الْمُعْجِزَةِ، وَعَصَاهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ رَبَّهُ، وَخَشْيَتِهِ إِيَّاهُ
٢٤ ‏/ ٨٣
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ [النازعات: ٢٢] يَقُولُ: ثُمَّ وَلَّى مُعْرِضًا عَمَّا دَعَاهُ إِلَيْهِ مُوسَى مِنْ طَاعَتِهِ رَبَّهُ، وَخَشْيَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ ﴿يَسْعَى﴾ [القصص: ٢٠] يَقُولُ: يَعْمَلُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَفِيمَا يُسْخِطُهُ عَلَيْهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ [النازعات: ٢٢] قَالَ: يَعْمَلُ بِالْفَسَادِ
٢٤ ‏/ ٨٣
وَقَوْلُهُ: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ٢٣] يَقُولُ: فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَأَتْبَاعَهُ فَنَادَى فِيهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] الَّذِي كُلُّ رَبٍّ دُونِي، وَكَذَبَ الْأَحْمَقُ وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ٢٣] قَالَ: صَرَخَ وَحَشَرَ قَوْمَهُ، فَنَادَى فِيهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى
٢٤ ‏/ ٨٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً ⦗٨٤⦘ لِمَنْ يَخْشَى أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات: ٢٦] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ﴾ [النازعات: ٢٥] فَعَاقَبَهُ اللَّهُ ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] يَقُولُ عُقُوبَةَ الْآخِرَةِ مِنْ كَلِمَتَيْهِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وَالْأُولَى قَوْلُهُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَسُئِلَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، بَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، وَقَوْلِهِ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] قَالَ: هُمَا كَلِمَتَاهُ ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قِيلَ لَهُ: مَنْ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: أَبُوحُصَيْنٍ، فَقِيلَ لَهُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ
٢٤ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: أَمَّا الْأُولَى فَحِينَ قَالَ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَأَمَّا الْآخِرَةُ فَحِينَ قَالَ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]
٢٤ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: ⦗٨٥⦘ هُوَ قَوْلُهُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَقَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وَكَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، بِمِثْلِهِ
٢٤ ‏/ ٨٤
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: هُمَا كَلِمَتَاهُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]
٢٤ ‏/ ٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى: وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥]: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَالْآخِرَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]
٢٤ ‏/ ٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: كَانَ بَيْنَ قَوْلِ فِرْعَوْنَ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] أَرْبَعُونَ سَنَةً
٢٤ ‏/ ٨٥
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] أَمَّا الْأُولَى فَحِينَ قَالَ فِرْعَوْنُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] وَأَمَّا الْآخِرَةُ فَحِينَ قَالَ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ ⦗٨٦⦘ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، فَأَخَذَهُ اللهُ بِكَلِمَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، فَأَغْرَقَهُ فِي الْيَمِّ
٢٤ ‏/ ٨٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نَكَالَ الْآخِرَةِ مِنْ كَلِمَتَيْهِ، وَالْأُولَى قَوْلُهُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي وَقَوْلُهُ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى وَقَالَ آخَرُونَ: عَذَابُ الدُّنْيَا، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ، عَجَّلَ اللَّهُ لَهُ الْغَرَقَ، مَعَ مَا أَعَدَّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ
٢٤ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: كَأَنَّ بَيْنَ كَلِمَتَيْ فِرْعَوْنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً، قَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] وَقَوْلُهُ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]
٢٤ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَكَثَ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ بَعْدَ مَا قَالَ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
٢٤ ‏/ ٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
٢٤ ‏/ ٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ ﴿فَأَخَذَهُ ⦗٨٧⦘ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: عُقُوبَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَقَالَ آخَرُونَ: الْأُولَى عِصْيَانُهُ رَبَّهُ وَكُفْرُهُ بِهِ، وَالْآخِرَةُ قَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]
٢٤ ‏/ ٨٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: الْأُولَى تَكْذِيبُهُ وَعِصْيَانُهُ، وَالْآخِرَةُ قَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٢] فَهِيَ الْكَلِمَةُ الْآخِرَةُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ
٢٤ ‏/ ٨٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: أَوَّلُ عَمَلِهِ وَآخِرُهُ
٢٤ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: أَوَّلُ أَعْمَالِهِ وَآخِرُهَا
٢٤ ‏/ ٨٧
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، ﴿أَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ قَالَ: نَكَالَ الْآخِرَةِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالْأُولَى
٢٤ ‏/ ٨٨
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] قَالَ: عَمَلُهُ لِلْآخِرَةِ وَالْأُولَى
٢٤ ‏/ ٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي الْعُقُوبَةِ الَّتِي عَاقَبَ اللَّهُ بِهَا فِرْعَوْنَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، وَفِي أَخْذِهِ إِيَّاهُ، نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى: عِظَةٌ وَمُعْتَبَرًا لِمَنْ يَخَافُ اللَّهَ. وَيَخْشَى عِقَابَهُ، وَأَخْرَجَ نَكَالَ الْآخِرَةِ مَصْدَرًا مِنْ قَوْلِهِ ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ﴾ [النازعات: ٢٥] لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ﴾ [النازعات: ٢٥] نَكَّلَ بِهِ فَجَعَلَ ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ﴾ [النازعات: ٢٥] مَصْدَرًا مِنْ مَعْنَاهُ، لَا مِنْ لَفْظِهِ
٢٤ ‏/ ٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ مِنْ قُرَيْشٍ، الْقَائِلِينَ ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢]: أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَشَدُّ خَلْقًا، أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَبُّكُمْ؟ فَإِنَّ مَنْ بَنَى السَّمَاءَ فَرَفَعَهَا سَقْفًا، هَيِّنٌ عَلَيْهِ خَلْقُكُمْ وَخَلْقُ أَمْثَالِكُمْ، وَإِحْيَاؤُكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ. وَلَيْسَ خَلْقُكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ بِأَشَدَّ مِنْ خَلْقِ السَّمَاءِ. وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿بَنَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧]: رَفَعَهَا، فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا
٢٤ ‏/ ٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات: ٢٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَسَوَّى السَّمَاءَ، فَلَا شَيْءَ أَرْفَعُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَا شَيْءَ أَخْفَضُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَكِنْ جَمِيعُهَا مُسْتَوِي ⦗٨٩⦘ الِارْتِفَاعِ وَالِامْتِدَادِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٨
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات: ٢٨] يَقُولُ: رَفَعَ بِنَاءَهَا فَسَوَّاهَا
٢٤ ‏/ ٨٩
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات: ٢٨] قَالَ: رَفَعَ بِنَاءَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ
٢٤ ‏/ ٨٩
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ [النازعات: ٢٨] يَقُولُ: بُنْيَانَهَا
٢٤ ‏/ ٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠]
٢٤ ‏/ ٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَظْلَمَ لَيْلَ السَّمَاءِ، فَأَضَافَ اللَّيْلَ إِلَى السَّمَاءِ، لِأَنَّ اللَّيْلَ غُرُوبُ الشَّمْسِ، وَغُرُوبُهَا وَطُلُوعُهَا فِيهَا، فَأُضِيفَ إِلَيْهَا لَمَّا كَانَ فِيهَا، كَمَا قِيلَ نُجُومُ اللَّيْلِ، إِذْ كَانَ فِيهِ الطُّلُوعُ وَالْغُرُوبُ ⦗٩٠⦘ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ: أَظْلَمَ لَيْلَهَا
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ: أَظْلَمَ لَيْلَهَا
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: أَظْلَمَ
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: أَظْلَمَ لَيْلَهَا
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: أَظْلَمَ
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: الظُّلْمَةُ
٢٤ ‏/ ٩٠
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ⦗٩١⦘ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ: أَظْلَمَ لَيْلَهَا
٢٤ ‏/ ٩٠
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: أَظْلَمَ لَيْلَهَا
٢٤ ‏/ ٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ: وَأَخْرَجَ ضِيَاءَهَا، يَعْنِي: أَبْرَزَ نَهَارَهَا فَأَظْهَرَهُ، وَنَوَّرَ ضُحَاهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٩١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا نُورَهَا
٢٤ ‏/ ٩١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٩] يَقُولُ: نَوَّرَ ضِيَاءَهَا
٢٤ ‏/ ٩١
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: نَهَارَهَا
٢٤ ‏/ ٩١
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَخْرَجَ ⦗٩٢⦘ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٩] قَالَ: ضَوْءُ النَّهَارِ
٢٤ ‏/ ٩١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٥٢] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ بَعْدِ خَلْقِ السَّمَاءِ
٢٤ ‏/ ٩٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ حَيْثُ ذَكَرَ خَلْقَ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ السَّمَاءَ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا قَبْلَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠]
٢٤ ‏/ ٩٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣١] يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّمَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ أَقْوَاتَ الْأَرْضِ فِيهَا، بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ، وَأَرْسَى الْجِبَالَ، يَعْنِي بِذَلِكَ دَحْوَهَا الْأَقْوَاتَ، وَلَمْ تَكُنْ تَصْلُحْ أَقْوَاتُ الْأَرْضِ وَنَبَاتُهَا إِلَّا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾ [النازعات: ٣١]
٢٤ ‏/ ٩٢
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَضَعَ الْبَيْتُ عَلَى الْمَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الدُّنْيَا بِأَلْفَيْ عَامٍ، ثُمَّ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْبَيْتِ
٢٤ ‏/ ٩٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْبَيْتَ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ، وَمِنْهُ دُحِيَتِ الْأَرْضُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، وَقَالُوا: الْأَرْضُ خُلِقَتْ وَدُحِيَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ﴾ قَالُوا: فَأَخْبَرَ اللَّهُ، أَنَّهُ سَوَّى السَّمَاوَاتِ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، قَالُوا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] إِلَّا مَا ذَكَرْنَا، مِنْ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، قَالُوا: وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣] بِمَعْنَى: مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٍ، وَكَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: أَنْتَ أَحْمَقُ، وَأَنْتَ بَعْدَ هَذَا لَئِيمُ الْحَسَبِ، بِمَعْنَى: مَعَ هَذَا، وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] أَيْ مِنْ قَبْلِ الذِّكْرِ، وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
[البحر الطويل] ⦗٩٤⦘ حَمِدْتُ إِلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إِذْ نَجَا … خِرَاشٌ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
وَزَعَمُوا أَنَّ خِرَاشًا نَجَا قَبْلَ عُرْوَةَ
٢٤ ‏/ ٩٣
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] قَالَ: مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا
٢٤ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: وَالْأَرْضَ عِنْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
٢٤ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] قَالَ: مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا
٢٤ ‏/ ٩٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثنا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] قَالَ: مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا، وَلَمْ يَدْحُهَا، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا، وَأَرْسَى جِبَالَهَا، أَشْبَهُ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهَرُ التَّنْزِيلِ، لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَعْنَى بَعْدُ أَنَّهُ خِلَافُ مَعْنَى قَبْلُ وَلَيْسَ فِي دَحْوِ اللَّهِ الْأَرْضَ بَعْدَ تَسْوِيَتِهِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَإِغْطَاشِهِ لَيْلَهَا، وَإِخْرَاجِهِ ضُحَاهَا، مَا يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ خُلِقَتْ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ لِأَنَّ الدَّحْوَ إِنَّمَا هُوَ الْبَسْطُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْمَدُّ يُقَالُ مِنْهُ: دَحَا يَدْحُو دَحْوًا، وَدَحَيْتُ أُدْحِي دَحْيًا لُغَتَانِ؛
٢٤ ‏/ ٩٤
وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
[البحر الكامل] دَارٌ دَحَاهَا ثُمَّ أَعْمَرَنَا بِهَا … وَأَقَامَ بِالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ أَمْجَدُ
وَقَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ فِي نَعْتِ غَيْثٍ:
[البحر البسيط] يَنْفِي الْحَصَى عَنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ مُبْتَرَكٌ … كَأَنَّهُ فَاحِصٌ أَوْ لَاعِبٌ دَاحِي
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٩٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠]: أَيْ بَسَطَهَا
٢٤ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثنا رَوَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] قَالَ: بَسَطَهَا
٢٤ ‏/ ٩٥
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ: دَحَاهَا: بَسَطَهَا
٢٤ ‏/ ٩٥
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] قَالَ: حَرَثَهَا شَقَّهَا وَقَالَ: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾ [النازعات: ٣١]، وَقَرَأَ: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا﴾ [عبس: ٢٦] حَتَّى بَلَغَ ﴿وَفَاكِهَةً ⦗٩٦⦘ وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١] وَقَالَ حِينَ شَقَّهَا أَنْبَتَ هَذَا مِنْهَا، وَقَرَأَ: ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ [الطارق: ١٢]
٢٤ ‏/ ٩٥
وَقَوْلُهُ: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا﴾ [النازعات: ٣١] يَقُولُ: فَجَّرَ فِيهَا الْأَنْهَارَ ﴿وَمَرْعَاهَا﴾ [النازعات: ٣١] يَقُولُ: أَنْبَتَ نَبَاتَهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٩٦
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَرْعَاهَا﴾ [النازعات: ٣١] مَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا مِنَ النَّبَاتِ، وَمَاءَهَا: مَا فَجَّرَ فِيهَا مِنَ الْأَنْهَارِ
٢٤ ‏/ ٩٦
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣٢] يَقُولُ: وَالْجِبَالَ أَثْبَتَهَا فِيهَا، وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا فِيهَا
٢٤ ‏/ ٩٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣٢]: أَيْ أَثْبَتَهَا لَا تَمِيدُ بِأَهْلِهَا
٢٤ ‏/ ٩٦
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ قَمَصَتْ وَقَالَتْ: تَخْلُقُ عَلَيَّ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ يُلْقُونَ عَلَيَّ نَتَنَهُمْ، وَيَعْمَلُونَ عَلَيَّ بِالْخَطَايَا. فَأَرْسَاهَا اللَّهُ، فَمِنْهَا مَا تَرَوْنَ، وَمِنْهَا مَا لَا ⦗٩٧⦘ تَرَوْنَ، فَكَانَ أَوَّلُ قَرَارِ الْأَرْضِ كَلَحْمِ الْجَزُورِ إِذَا نُحِرَ يَخْتَلِجُ لَحْمُهَا
٢٤ ‏/ ٩٦
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى﴾ [النازعات: ٣٤] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [النازعات: ٣٣] أَنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، وَأَخْرَجَ مِنَ الْأَرْضِ مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا، مَنْفَعَةً لَنَا، وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ
٢٤ ‏/ ٩٧
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا جَاءَتِ الَّتِي تَطِمُّ عَلَى كُلِّ هَائِلَةٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَتَغْمُرُ مَا سِوَاهَا بِعَظِيمِ هَوْلِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
٢٤ ‏/ ٩٧
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٣٤] مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَظَّمَهُ اللَّهُ وَحَذَّرَهُ عِبَادَهُ
٢٤ ‏/ ٩٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾ [النازعات: ٣٤] قَالَ: سِيقَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ
٢٤ ‏/ ٩٧
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى﴾ [النازعات: ٣٥] يَقُولُ: إِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ⦗٩٨⦘ الْإِنْسَانُ مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَذَلِكَ سَعْيُهُ
٢٤ ‏/ ٩٧
﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾ [الشعراء: ٩١] يَقُولُ: وَأُظْهِرَتِ الْجَحِيمُ، وَهِيَ نَارُ اللَّهِ لِمَنْ يَرَاهَا. يَقُولُ: لِأَبْصَارِ النَّاظِرِينَ
٢٤ ‏/ ٩٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَمَّا مَنْ عَتَا عَلَى رَبِّهِ، وَعَصَاهُ وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ
٢٤ ‏/ ٩٨
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿طَغَى﴾ [النازعات: ٣٧] قَالَ: عَصَى
٢٤ ‏/ ٩٨
قَوْلِهِ: ﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النازعات: ٣٨] يَقُولُ: وَآثَرَ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى كَرَامَةِ الْآخِرَةِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِأَوْلِيَائِهِ، فَعَمِلَ لِلدُّنْيَا، وَسَعَى لَهَا، وَتَرَكَ الْعَمَلَ لِلْآخِرَةِ
٢٤ ‏/ ٩٨
﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٩] يَقُولُ: فَإِنَّ نَارَ اللَّهِ الَّتِي اسْمُهَا الْجَحِيمُ، هِيَ مَنْزِلُهُ وَمَأْوَاهُ، وَمَصِيرُهُ الَّذِي يَصِيرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٤ ‏/ ٩٨
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: ٤٠] يَقُولُ: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَسْأَلَةَ اللَّهِ إِيَّاهُ عِنْدَ وُقُوفِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاتَّقَاهُ، بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: ٤٠] يَقُولُ: وَنَهَى نَفْسَهُ عَنْ هَوَاهَا فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ، وَلَا يَرْضَاهُ مِنْهَا، فَزَجَرَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَخَالَفَ هَوَاهَا إِلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ
٢٤ ‏/ ٩٨
﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١] يَقُولُ: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ مَأْوَاهُ وَمَنْزِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ⦗٩٩⦘ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ [الرحمن: ٤٦] فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
٢٤ ‏/ ٩٨
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةَ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: يَسْأَلُكَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي تُبْعَثُ فِيهَا الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ أَيَّانَ مُرْسَاهَا، مَتَى قِيَامُهَا وَظُهُورُهَا؟ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: إِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا الْإِرْسَاءُ لِلسَّفِينَةِ، وَالْجِبَالُ الرَّاسِيَةُ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ، فَكَيْفَ وَصَفَ السَّاعَةَ بِالْإِرْسَاءِ؟ قُلْتُ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّفِينَةِ إِذَا كَانَتْ جَارِيَةً فَرَسَتْ، وَرُسُوُّهَا: قِيَامُهَا؛ قَالَ: وَلَيْسَ قِيَامُهَا كَقِيَامِ الْقَائِمِ، إِنَّمَا هِيَ كَقَوْلِكَ: قَدْ قَامَ الْعَدْلُ، وَقَامَ الْحَقُّ: أَيْ ظَهَرَ وَثَبَتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾ [النازعات: ٤٣] يَقُولُ: فِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ مِنْ ذِكْرِ السَّاعَةِ وَالْبَحْثِ عَنْ شَأْنِهَا. وَذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ السَّاعَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
٢٤ ‏/ ٩٩
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يَسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ [النازعات: ٤٤]
٢٤ ‏/ ٩٩
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَزَالُ يَذْكُرُ شَأْنَ السَّاعَةِ حَتَّى نَزَلَتْ ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٤٢] إِلَى ﴿مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥]
٢٤ ‏/ ١٠٠
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾ [النازعات: ٤٣] قَالَ: السَّاعَةُ
٢٤ ‏/ ١٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ [النازعات: ٤٤] يَقُولُ: إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَى عِلْمِهَا، أَيْ إِلَيْهِ يَنْتَهِي عِلْمُ السَّاعَةِ، لَا يَعْلَمُ وَقْتَ قِيَامِهَا غَيْرُهُ
٢٤ ‏/ ١٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمُحَمَّدٍ: إِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ مَبْعُوثٌ بِإِنْذَارِ السَّاعَةِ مَنْ يَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ فِيهَا عَلَى إِجْرَامِهِ، وَلَمْ تُكَلَّفْ عِلْمَ وَقْتِ قِيَامِهَا، يَقُولُ: فَدَعْ مَا لَمْ تُكَلَّفْ عِلْمَهُ، وَاعْمَلْ بِمَا أُمِرْتَ بِهِ، مِنْ إِنْذَارِ مَنْ أُمِرْتَ بِإِنْذَارِهِ وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥] فَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَارِئُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ يَقْرَآنِ: (مُنْذِرٌ) بِالتَّنْوِينِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ مُنْذِرٌ مَنْ يَخْشَاهَا؛ وَقَرَأَ ذَلِكَ سَائِرُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِإِضَافَةِ مُنْذِرٍ إِلَى مَنْ ⦗١٠١⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّهُمْ قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
٢٤ ‏/ ١٠٠
وَقَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٦] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالسَّاعَةِ، يَوْمَ يَرَوْنَ أَنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ، مِنْ عَظِيمِ هَوْلِهَا، لَمْ يَلْبَثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا عَشِيَّةَ يَوْمٍ، أَوْ ضُحَى تِلْكَ الْعَشِيَّةِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: آتِيَكَ الْعَشِيَّةَ أَوْ غَدَاتَهَا، وَآتِيكَ الْغَدَاةَ أَوْ عَشِيَّتَهَا، فَيَجْعَلُونَ مَعْنَى الْغَدَاةِ، بِمَعْنَى أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالْعَشِيَّةُ: آخِرُ النَّهَارِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٦] إِنَّمَا مَعْنَاهَا إِلَّا آخِرَ يَوْمٍ أَوْ أَوَّلَهُ، وَيُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ:
[البحر الرجز] نَحْنُ صَبَحْنَا عَامِرًا فِي دَارِهَا … عَشِيَّةَ الْهِلَالِ أَوْ سِرَارِهَا
يَعْنِي: عَشِيَّةَ الْهِلَالِ، أَوْ عَشِيَّةَ سِرَارِ الْعَشِيَّةِ
٢٤ ‏/ ١٠١
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٦]: وَقْتَ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِ الْقَوْمِ حِينَ عَايَنُوا الْآخِرَةَ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …