سُورَةُ الضُّحَى

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ٤٨١
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى: ٢] أَقْسَمَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالضُّحَى، وَهُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ، وَأَحْسِبُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: ضَحِيَ فُلَانٌ لِلشَّمْسِ: إِذَا ظَهَرَ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾ [طه: ١١٩] أَيْ لَا يُصِيبُكُ فِيهَا الشَّمْسُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَاهُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: ١] مَعَ ذِكْرِي اخْتِيَارَنَا فِيهِ. وَقِيلَ: عُنِيَ بِهِ وَقْتُ الضُّحَى
٢٤ ‏/ ٤٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالضُّحَى﴾ [الضحى: ١]: سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ
٢٤ ‏/ ٤٨١
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ⦗٤٨٢⦘ مَعْنَاهُ: وَاللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ
٢٤ ‏/ ٤٨١
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] يَقُولُ: وَاللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ
٢٤ ‏/ ٤٨٢
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] قَالَ: إِذَا لَبِسَ النَّاسَ، إِذَا جَاءَ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِذَا ذَهَبَ
٢٤ ‏/ ٤٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] يَقُولُ: إِذَا ذَهَبَ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: إِذَا اسْتَوَى وَسَكَنَ
٢٤ ‏/ ٤٨٢
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] قَالَ: إِذَا اسْتَوَى
٢٤ ‏/ ٤٨٢
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] قَالَ: إِذَا اسْتَوَى
٢٤ ‏/ ٤٨٣
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢]: سَكَنَ بِالْخَلْقِ
٢٤ ‏/ ٤٨٣
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] يَعْنِي: اسْتِقْرَارَهُ وَسُكُونَهُ
٢٤ ‏/ ٤٨٣
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ٢] قَالَ: إِذَا سَكَنَ، قَالَ: ذَلِكَ سَجْوُهُ، كَمَا يَكُونُ سُكُونُ الْبَحْرِ سَجْوُهُ وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: وَاللَّيْلِ إِذَا سَكَنَ بِأَهْلِهِ، وَثَبَتَ بِظَلَامِهِ، كَمَا يُقَالُ: بَحْرٌ سَاجٍ: إِذَا كَانَ سَاكِنًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر الطويل] فَمَا ذَنْبُنَا إِنْ جَاشَ بَحْرُ ابْنِ عَمِّكُمْ … وَبَحْرُكَ سَاجٍ مَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا
وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز] ⦗٤٨٤⦘ يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ … وَطُرُقٌ مِثْلُ مُلَاءِ النَّسَّاجِ
٢٤ ‏/ ٤٨٣
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] وَهَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ، وَمَعْنَاهُ: مَا تَرَكَكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ وَمَا أَبْغَضَكَ. وَقِيلَ: ﴿وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] وَمَعْنَاهُ. وَمَا قَلَاكَ، اكْتِفَاءً بِفَهْمِ السَّامِعِ لِمَعْنَاهُ، إِذْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ﴾ [الضحى: ٣] فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٤٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] يَقُولُ: مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ، وَمَا أَبْغَضَكَ
٢٤ ‏/ ٤٨٤
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] قَالَ: مَا قَلَاكَ رَبُّكَ وَمَا أَبْغَضَكَ؛ قَالَ: وَالْقَالِي: الْمُبْغِضُ وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَكْذِيبًا مِنَ اللَّهِ قُرَيْشًا فِي قِيلِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ، لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ: قَدْ وَدَّعَ مُحَمَّدًا رَبُّهُ وَقَلَاهُ
٢٤ ‏/ ٤٨٤
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّهَّانُ، قَالَ: ثنا مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ مِنْ قَوْمِهِ: وَدَّعَ الشَّيْطَانُ مُحَمَّدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿وَالضُّحَى﴾ [الضحى: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: هُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ
٢٤ ‏/ ٤٨٥
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْقَطَّانُ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ سَمِعَ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ يَقُولُ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى قَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَدَّعَ مُحَمَّدًا رَبُّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٢]
٢٤ ‏/ ٤٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: مَا أَرَى صَاحِبَكَ إِلَّا قَدْ أَبْطَأَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣]
٢٤ ‏/ ٤٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ ⦗٤٨٦⦘ سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٢]
٢٤ ‏/ ٤٨٥
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، أَنَّ خَدِيجَةَ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا قَدْ قَلَاكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٢]
٢٤ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، مَا نَرَى صَاحِبَكَ إِلَّا قَدْ قَلَاكَ فَوَدَعَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا تَسْمَعُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣]
٢٤ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] قَالَ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ قَلَاهُ رَبُّهُ وَوَدَّعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣]
٢٤ ‏/ ٤٨٦
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ⦗٤٨٧⦘ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] مَكَثَ جِبْرِيلُ عَنْ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ
٢٤ ‏/ ٤٨٦
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، أَبْطَأَ عَنْهُ جِبْرِيلُ أَيَّامًا، فَعُيِّرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣]
٢٤ ‏/ ٤٨٧
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا، وَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَرَى رَبَّكَ قَدْ قَلَاكَ، مِمَّا نَرَى مِنْ جَزَعِكَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٢] إِلَى آخِرِهَا
٢٤ ‏/ ٤٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ [الضحى: ٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدَّارِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ يَقُولُ: فَلَا تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا، فَإِنَّ الَّذِي لَكَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْهَا
٢٤ ‏/ ٤٨٧
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ فَوَاضِلِ نِعَمِهِ، حَتَّى تَرْضَى. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي وَعَدَهُ مِنَ الْعَطَاءِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا
٢٤ ‏/ ٤٨٧
حَدَّثَنِي ⦗٤٨٨⦘ بِهِ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، كَفْرًا كَفْرًا، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥] فَأَعْطَاهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ قَصْرٍ، فِي كُلِّ قَصْرٍ، مَا يَنْبَغِي مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْخَدَمِ
٢٤ ‏/ ٤٨٧
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثني رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥] قَالَ: أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ، وَفِيهِنَّ مَا يُصْلِحُهُنَّ
٢٤ ‏/ ٤٨٨
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥]: وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٤ ‏/ ٤٨٨
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ، عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥] قَالَ: مَنْ رِضَا مُحَمَّدٍ ﷺ أَلَّا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ
٢٤ ‏/ ٤٨٨
وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ [الضحى: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُعَدِّدًا عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ نِعَمَهُ عِنْدَهُ، وَمُذَكِّرَهُ آلَاءَهُ قَبْلَهُ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَا مُحَمَّدُ رَبَّكَ يَتِيمًا فَآوَى، يَقُولُ: فَجَعَلَ لَكَ مَأْوًى تَأْوِي إِلَيْهِ، وَمَنْزِلًا تَنْزِلُهُ ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى: ٧] وَوَجَدَكَ عَلَى غَيْرِ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي ذَلِكَ مَا
٢٤ ‏/ ٤٨٩
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ [الضحى: ٧] قَالَ: كَانَ عَلَى أَمْرِ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا. وَقِيلَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: وَوَجَدَكَ فِي قَوْمٍ ضُلَّالٍ فَهَدَاكَ
٢٤ ‏/ ٤٨٩
وَقَوْلُهُ: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى: ٨] يَقُولُ: وَوَجَدَكَ فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ، يُقَالُ مِنْهُ: عَالَ فُلَانٌ يَعِيلُ عَيْلَةً، وَذَلِكَ إِذَا افْتَقَرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر] فَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ … وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
يَعْنِي: مَتَى يَفْتَقِرُوَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٤٨٩
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا﴾ [الضحى: ٨] فَقِيرًا وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَوَجَدَكَ عَدِيمًا فَآوَى»
٢٤ ‏/ ٤٨٩
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى: ٧] قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ ⦗٤٩٠⦘ مَنَازِلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى
٢٤ ‏/ ٤٨٩
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ﴾ [الضحى: ٩] يَا مُحَمَّدُ ﴿فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: ٩] يَقُولُ: فَلَا تَظْلِمْهُ، فَتَذْهَبْ بِحَقِّهِ، اسْتِضْعَافًا مِنْكَ لَهُ، كَمَا
٢٤ ‏/ ٤٩٠
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: ٩]: أَيْ: لَا تَظْلِمْ
٢٤ ‏/ ٤٩٠
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: ٩] قَالَ: تُغْمِصُهُ وَتَحْقِرُهُ وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: «فَلَا تَكْهَرْ»
٢٤ ‏/ ٤٩٠
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾ [الضحى: ١٠] يَقُولُ: وَأَمَّا مَنْ سَأَلَكَ مِنْ ذِي حَاجَةٍ فَلَا تَنْهَرْهُ، وَلَكِنْ أَطْعِمْهُ وَاقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١] يَقُولُ: فَاذْكُرْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
٢٤ ‏/ ٤٩٠
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي ⦗٤٩١⦘ قَوْلِهِ: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]، قَالَ: بِالنُّبُوَّةِ
٢٤ ‏/ ٤٩٠
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أَنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ أَنْ يُحَدَّثَ بِهَا

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ ١ ‏/ ١١١ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ …