٢٠٠٣ – عن ابن عباس:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾؛ فكان الناس على عهد النبي ﷺ إذا صَلوُا العَتَمَةَ؛ حَرُمَ عليهم الطعامُ والشرابُ والنساءُ، وصاموا إلى القابلة، فاخْتَانَ رجلٌ نَفْسَهُ، فجامع امرأته؛ وقد صلى العشاء ولم يُفْطِرْ، فأراد الله أن يجعل ذلك يُسْرًا لمن بقي، ورُخْصةً ومنفعةً، فقال سبحانه: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾، وكان هذا مما نفع الله به الناس، ورخَّص لهم ويسَّر.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن شبَّوَيْهِ: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه في الحديث (١٨٢٢).
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٠١) من طريق المصنف.
وللحديث شواهد كثيرة؛ منها: حديث البراء الذي بعده، وحديث أصحاب عبد الرحمن بن أبي ليلى المتقدم في أول «الصلاة» (٥٢٣).
كان الرجل إذا صام فنام؛ لم يأكل إلى مثلها، وإن صِرْمَةَ بن قَيْسٍ الأنصاري أتى امرأته وكان صائمًا، فقال: هل عندك شيء؟ قالت: لا، لعلِّي أذهب فأطلبَ لك، فذهبت، وغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فجاءت فقالت: خَيْبَةً لك! فلم ينتصف النهار حتى غُشِيَ عليه، وكان يعمل يَوْمَهُ في أرضه، فَذُكِرَ ذلك للنبي ﷺ؟ فنزلت: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ …﴾ قرأ إلى قوله: ﴿من الفجر﴾.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا نصر بن علي بن نصر الجَهْضَمِيُّ: أخبرنا أبو أحمد: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن أبا إسحاق -وهو السبيعي- مدلس، وكان اختلط.
وإسرائيل حفيده، وقد توبع كما يأتي؛ وليس فيهم سفيان وشعبة.
لكن الحديث قوي بما قبله وغيره؛ مما أشرت إليه آنفًا.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٠٣ – ١٠٥)، والترمذي (٢٩٧٢)، والدارمي (٢/ ٥)، والبيهقي (٤/ ٢٠١)، وأحمد (٤/ ٢٩٥)، وابن جرير في «التفسير» (٢٩٣٨ و٢٩٣٩) من طرق أخرى عن إسرائيل … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ثم أخرجه البخاري (٨/ ١٤٦)، والنسائي (١/ ٣٠٥)، وأحمد أيضًا من
طريقين آخرين … به نحوه.
٢ – باب نسخ قوله تعالى: ﴿وعلى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾
٢٠٠٥ – عن سَلَمَةَ بن الأكوع قال:
لما نزلت هذه الآية: ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾؛ كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي؛ فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنف ومتنه، وزاد مسلم في رواية: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصُمه﴾. وقال الترمذي: «حسن صحيح غريب»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر -يعني: ابن مُضَرَ- عن عمرو بن الحارث عن بُكَيْرٍ عن يزيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٨/ ١٤٦)، ومسلم (٤/ ١٥٤)، والترمذي (٧٩٨)، والنسائي (١/ ٣١٨)، والبيهقي (٤/ ٢٠٠) كلهم …. بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه مسلم وابن جرير (٢٧٤٧)، والحاكم (١/ ٤٢٣) من طريق ابن وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث … به؛ وزاد:
﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾.
وأخرجه الدارمي (٢/ ١٥): أخبرنا عبد الله بن صالح: حدثني بكر …
وله شاهد هن حديث ابن عمر … مختصرًا نحوه: أخرجه البخاري.
ووقع في رواية البخاري المعلقة -وغيره-: أنها ﴿وأن تصوموا خير لكم﴾! وهي شاذة؛ فاقتضى التنبيه.٢٠٠٦ – عن ابن عباس:
﴿وعلى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعامُ مسكين﴾؛ فكان من شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين؛ افتدى، وتَمَّ له صومه، فقال: ﴿فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم﴾، وقال: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فَعِدَّةٌ من أيام أُخَرَ﴾.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مر الكلام عليه كما أشرت إليه قريبًا (٢٠٠٣).
٣ – باب من قال: هي مُثْبَتَةٌ للشيخ والحُبْلَى
٢٠٠٧ – عن ابن عباس قال:
أُثبِتَتْ للحُبْلَى والمُرْضعِ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود، ولفظه أتم. وكذلك رواه المصنف أيضًا؛ لكن وقع فيه اختصار مُخِلٌّ بالمعنى؛ فأوردته من أجل ذلك في
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا قتادة أن عكرمة حدثه أن ابن عباس قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولكنه مختصر جدًّا كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن جرير وابن الجارود والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
رُخِّصَ للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك -وهما يطيقان الصوم- أن يُفْطِرَا إن شاءا، ويُطْعِمَا كل يوم مسكينًا، ولا قضاءَ عليهما، ثم نُسِخَ ذلك في هذه الآية: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾؛ وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، والحبلى والمرضع إذا خافتا؛ أفطرتا، وأطعمتا كل يوم مسكينًا.
وأخرجه المصنف أيضًا، ولكن وقع فيه اختصار بالغ مُخِلٌّ مُفْسِدٌ للمعنى؛ حيث سقط منه قوله:
ثم نسخ … إلى قوله: إذا كانا لا يطيقان الصوم!
فصار المعنى: أن للشيخ والشيخة الإفطار مع إطاقتهما الصيام! فانقلب الحكم وصار المنسوخ محكمًا، ولذلك أوردت الحديث في الكتاب الآخر (٣٩٦).٤ – باب الشهرُ يكون تسعًا وعشرين
٢٠٠٨ – عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:
«إنا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ؛ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا»؛ وَخَنَسَ سليمان أُصْبُعَهُ في الثالثة -يعني: تسعًا وعشرين، وثلاثين-.
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن سعيد ابن عمرو -يعني: ابن سعيد بن العاص- عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٠١ – ١٠٢)، ومسلم (٣/ ١٢٣ – ١٢٤)، والنسائي (١/ ٣٠٣)، والبيهقي (٤/ ٢٥٠)، وأحمد (٢/ ٤٣) من طرق أخرى عن شعبة … به.
ثم أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (٢/ ٥٢ و١٢٩) من طريقين آخرين عن الأسود بن قيس … به.
وتابعه إسحاق بن سعيد عن أبيه … به: أخرجه أحمد (٢/ ١٢٢)؛ وليس عندهم جميعًا: وخنس أصبعه في الثالثة.
وهو عند البخاري (٤/ ٩٩) من طريق جَبَلَةَ بن سُحَيْمٍ قال: سمعت ابن عمر … مرفوعًا؛ بلفظ:
«الشهر هكذا وهكذا»؛ وخنس الإبهام في الثالثة.
ورواه مسلم بلفظ:
وصفَّقَ بيديه مرتين -بكل أصابعهما- ونقص في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى أو اليسرى.
وله شاهد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«كم مضى من الشهر؟». قلنا: مضى اثنان وعشرون يومًا، وبقيت ثمانٍ. فقال النبي ﷺ:
«الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا»؛ (ثلاث مرات) -وأمسك واحدة-.
أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٨٤) -ومن طريقه ابن ماجة (١٦٥٦) -، وأحمد (٢/ ٢٥١) قالا: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عنه.
وأخرجه أحمد أيضًا وابن حبان (٥/ ١٨٨ / ٣٤٤١)، والبيهقي (٤/ ٣١٠) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ثم أخرجه ابن حبان (٤/ ١١٠ / ٢٥٣٩)، وابن خريمة أيضًا (٣/ ٢٢٦ / ٢١٧٩)، والبيهقيُّ من طريقين آخرين عن الأعمش … به.
وخالفهم عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش فقال: عن الأعمش عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه … به: أخرجه البيهقي.
قلت: عبيد الله هذا ضعيف، وقد خالف بإدخاله سهيلًا بين الأعمش وأبي صالح، فلا تقبل مخالفته للثقات.٢٠٠٩ – ومن طريق أخرى عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«الشهر تسع وعشرون؛ فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم؛ فاقدروا له».
قال: فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعًا وعشرين؛ نظر له، فإن رُئِيَ؛ فذاك، وإن لم يُرَ، ولم يَحُلْ دون منظره سحاب ولا قترة؛ أصبح مفطرًا، فإن حال دون منظره سحاب أو قترة؛ أصبح صائمًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون قوله: قال: فكان ابن عمر … إلخ؛ وزاد البيهقي: وقال ابن عون: ذكرت فعل ابن عمر لمحمد بن سيرين؟ فلم يعجبه).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وحماد: هو ابن زيد.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٠٤) من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا سليمان ابن حرب … به؛ وفيه الزيادة المذكورة أعلاه.
وتابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: أنا أيوب … به دون الزيادة: أخرجه أحمد (٢/ ٥)، والدارقطني (ص ٢٢٩).
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن نافع … به؛ دون قوله: فكان ابن عمر … إلخ. وهو مخرج في «الإرواء» (٩٠٣)، مع طرق أخرى للحديث.٢٠١٠ – وعن أيوب قال:
كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة: بَلَغَنا عن رسول الله ﷺ … نحو حديث ابن عمر عن النبي ﷺ؛ زاد:
وإن أحسن ما يُقْدَرُ له إذا رأينا هلال شعبان لكذا وكذا؛ فالصوم؛ إن شاء الله لكذا وكذا؛ إلا أن تروا الهلال قبل ذلك.
إسناده: حدثنا حُمَيْد بن مَسْعَدَةَ: ثنا عبد الوهاب: حدثني أيوب.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.
وأما حديث ابن عمر؛ فقد رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر، كما تقدم في الحديث الذي قبله.٢٠١١ – عن ابن مسعود قال:
لَمَا صُمْنَا مع النبي ﷺ تسعًا وعشرين؛ أكثر ممَّا صمنا معه ثلاثين.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن مَنِيعٍ عن ابن أبي زائدة عن عيسى بن دينار عن أبيه عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير دينار والد عيسى، وهو كوفي مجهول، لم يرو عنه غير ابنه عيسى، كما في «الميزان»، ومع ذلك وثقه ابن حبان! لكن لحديثه شاهد يقويه كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٦٨٩) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه أحمد (١/ ٤٥٠): حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة … به.
ثم أخرجه (١/ ٣٩٧ و٤٠٥ و٤٠٨ و٤٤١) من طرق أخرى عن عيسى بن دينار …. به.
وسنده صحيح على شرطهما.
ورواه ابن ماجة (١٦٥٨) عن أبي هريرة … مرفوعًا.
وسنده حسن.٢٠١٢ – عن أبي بكرة عن النبي ﷺ قال:
«شهرا عيدٍ لا ينقصان: رمضان وذو الحجة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجاه).
إسناده: حدثنا مسدد أن يزيد بن زُريع حدثهم: ثنا خالد الحَذَّاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على البخاري فقط، لكنه توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ٩٩) … بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنه جعل (معتمرًا) بدل: (يزيد بن زريع).
وكذلك أخرجه البيهقي (٤/ ٢٥٠) من طريق أخرى عن مسدد.
فالظاهر أن لمسدد فيه شيخين، وبه جزم الحافظ.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٢٧)، وابن ماجة (١/ ٢٠٩) من طريقين آخرين عن يزيد ابن زريع … به.
ولمعتمر بن سليمان شيخ آخر، فقال: عن إسحاق بن سُوَيْدٍ وخالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة … به: أخرجه مسلم.
وتابعهما سالم أبو عبيد الله بن سالم: عند الطحاوي وأحمد (٥/ ٤٧).
وعلي بن زيد: عنده (٥/ ٥٠ – ٥١).٥ – باب إذا أخطأ القومُ الهلالَ
٢٠١٣ – عن أبي هريرة؛ ذَكرَ النبي ﷺ فيه، قال:
«وفِطْرُكُم يَوْمَ تُفْطِرون، وأضحاكم يومَ تُضْحُون، وكلُّ عرفةَ موقفٌ، وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل فِجَاجِ مكة منحرٌ، وكل جَمْعٍ موقفٌ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، لكنه منقطع؛ لأن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، كما قال البزار وغيره.
وقد اختلف عليه وعلى أيوب في إسناده؛ إلا أن له إسنادًا آخر عن أبي هريرة، وهو حسن، كما بينته في «الإرواء» (٩٠٥).
٢٠١٤ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غُمَّ عليه؛ عَدَّ ثلاثين يومًا ثم صام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود وابن حبان والدارقطني والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثني عبد الرحمن بن مهدي: حدثني معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: سمعت عائشة رضي الله عنها …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
والحديث في «مسند أحمد» (٦/ ١٤٩) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه ابن حبان (٨٦٩)، والدارقطني (ص ٢٢٧) من طريقين آخرين عن عبد الرحمن بن مهدي … به. وقال الدارقطني:
«إسناده حسن صحيح». قال المنذري:
«ورجال إسناده كلهم محتج بهم في»الصحيحين«على الاتفاق والانفراد …»!
قلت: وفيه نظر؛ فإن معاوية بن صالح وعبد الله بن أبي قيس لم يحتج بهما البخاري في «صحيحه»، فالأول إنما أخرج له في «جزء القراءة»، والآخر في «الأدب المفرد».
«صحيح على شرط الشيخين»! !٢٠١٥ – عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوا الهلال، أو تُكْمِلُوا العِدة، ثم صوموا حتى تَرَوُا الهلال، أو تُكْمِلوا العِدَّة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي وابن القيم).
إسناده: حدثنا محمد بن الصًبَّاح البزاز: ثنا جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ عن منصور عن رِبْعيِّ بن حِرَاشٍ عن حذيفة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ومحمد بن الصباح: هو أبو جعفر الدَّوْلابِيُّ البغدادي.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٠٨) من طريق المصنف، ثم قال:
«وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة فيه، وهو ثقة حجة. ورواه الثوري وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي ﷺ عن النبي ﷺ».
قلت: وكذا قال الدارقطني في «سننه» (ص ٢٢٩).
ولا يضر جريرًا أن الجماعة لم يسمُّوا الصحابي؛ لأنهم موافقون له في اتصال الإسناد، غاية ما في الأمر أنهم لم يسمُّوا، والصحابة كلهم عدول، وبنحو هذا أجاب ابن القيم رحمه الله تعالى، وجزم بأن الحديث وَصْلُهُ صحيح.
وأخرجه النسائي وابن أبي شيبة (٣/ ٢٠ – ٢١)، والدارقطني وأحمد (٤/ ٣١٤) من طريق سفيان وغيره عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي ﷺ … به.
وخالفهم الحجاج فقال: عن منصور عن ربعي قال: قال رسول الله ﷺ … فأرسله: أخرجه النسائي والدارقطني.
والحجاج -وهو: ابن أرطاة- مدلس، وقد عنعنه؛ فلا قيمة لمخالفته.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة … مختصرًا: رواه ابن ماجة (١٦٤٦).
وسنده ضعيف، كما قال البوصيري.
لكن قوّاه بحديث الباب.٧ – باب من قال: فإن غُمَّ عليكم؛ فصوموا ثلاثين
٢٠١٦ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تُقَدِّموا الشهر بصيام يوم ولا يومين؛ إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم، لا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه، فإنْ حال دونه غمامة؛ فأتِّمُوا العدة ثلاثين ثم أفطروا، والشهر تسع وعشرون».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي).
قال أبو داود: «رواه حاتم بن أبي صغيرة وشعبة والحسن بن صالح عن سماك … بمعناه لم يقولوا:»ثم أفطروا … «…».
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، لكن من سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح، كما في «التهذيب».
وقد ذكر المصنف -فيمن رواه عنه- شعبة؛ ووصله الحاكم عنه -وصححه-، وهو مخرج في «الإرواء» (٩٠٢).٨ – باب في التَّقَدُّمِ
٢٠١٧ – عن عمران بن حُصَيْنٍ: أن رسول الله ﷺ قال لرجل:
«هل صُمْتَ من شهر شعبان شيئًا؟». قال: لا. قال:
«فإذا أفطرت؛ فصم يومًا -وقال أحدهما: يومين-».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بالرواية الأخرى، ولمسلم الرواية الأولى، والأصح عندي الرواية الأخرى).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن مُطَرِّفٍ عن عمران بن حصين. وسَعِيدٍ الجُرَيْري عن أبي العلاء عن مُطَرِّفٍ عن عمران بن حصين.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٤٤٣ – ٤٤٤): ثنا عفان: ثنا حماد … بإسناديه؛ أعني: عن ثابت وسعيد الجريري … به؛ إلا أنه قال: «يومين». قال الجريري:
«صم يومًا».
فميز بين الروايتين، فجعل الأولى للجريري، والأخرى لحماد.
ثم أخرجه أحمد (٤/ ٤٤٣)، ومسلم (٣/ ١٦٨) من طريقين آخرين عن حماد ابن سلمة عن ثابت وحده … بالرواية الأخرى.
وأخرجه مسلم وأحمد أيضًا (٤/ ٤٤٢)، والدارمي (٢/ ١٨) من طريق يزيد بن هارون: أنا الجريري … به إلا أنه قال:
«فصم يومين مكانه».
فخالف حمادًا في قوله عن الجريري: «صم يومًا»!
وتابعه غيلان بن جرير -عند البخاري (٤/ ١٨٦ – ١٨٧)، والبيهقي (٤/ ٢١٠)، وأحمد (٤/ ٤٣٩) -، وسليمان التيمي -عنده (٤/ ٤٤٢) – كلاهما عن مطرف … بالرواية الأخرى.
فهي أصح عندي؛ لاتفاق غيلان وسليمان عليها، وموافقتها لرواية حماد، وإحدى الروايتين عن الجريري. والله أعلم.
(٢٠٢١) (*) – عن كُرَيْبٍ:
أن أم الفضل ابنة الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فَقَدِمْتُ الشام، فقضيتُ، حاجتها، فاستهلَّ رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيته ليلة الجمعة. قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية.
قال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نُكْمِلَ الثلاثين أو نراه.
فقلت: أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ !
قال: لا، هكذا أمَرَنا رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والترمذي، وقال: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر-: أخبرني محمد بن أبي حرملة: أخبرني كُرَيْبٌ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٢٧)، والترمذي (٦٩٣)، والنسائي (١/ ٣٠٠)، والبيهقي (٤/ ٢٥١)، وأحمد (١/ ٣٠٦) من طرق أخرى عن إسماعيل … به.
٢٠٢٢ – عن صِلَةَ قال:
كنَّا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه، فأُتِيَ بشاة، فتنحَّى بعض القوم، فقال عمار:
من صام هذا اليومَ؛ فقد عصى أبا القاسم ﷺ.
(قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير: ثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن قيس، فهو على شرط مسلم وحده؛ إلا أن أبا إسحاق -وهو السبيعي- كان اختلط، وهو مدلس، لكن صحح حديثه هذا جمعٌ، كما ترى أعلاه.
وله طريق أخرى؛ خرجتها مع الأولى في «الإرواء» (٩٦١).١١ – باب فيمن يَصِلُ شعبان برمضان
٢٠٢٣ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«لا تَقَدَّمُوا صوم رمضان بيوم ولا يومين؛ إلا أن يكون صومًا يصومه رجل؛ فَلْيَصُمْ ذلك اليوم».
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٠٢) … بإسناد المصنف نحوه.
وأخرجه البيهقي (٤/ ٢٠٧) من طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٢٥)، والدارمي (٢/ ٤)، وأحمد (٢/ ٢٣٤ و٥١٣ و٥٢١) من طرق أخرى عن هشام الدَّسْتَوَائِيِّ … به.
وأخرجه مسلم أيضًا، والترمذي (٦٨٥)، والنسائي (١/ ٣٠٥)، وابن ماجة (١/ ٥٠٦)، وابن الجارود (٣٧٨)، والبيهقي أيضًا، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣)، وأحمد (٢/ ٣٤٧ و٤٠٨ و٤٧٧) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير … به؛ وصرح يحيى بالتحديث في بعض الطرق: عند أحمد والنسائي.
وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة … به.
أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٨ و٤٩٧)، والترمذي، وقال -عقب كل من الطريقين-:
«حديث حسن صحيح».
أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان؛ يصله برمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن توبة العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أحمد في «المسند» (٦/ ٣١١) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٢١) من طريق محمد بن الوليد: حدثنا محمد … به. و(١/ ٣٠٦) من طريق أخرى عن شعبة … به.
وتابعه سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة … به نحوه.
أخرجه الترمذي (٧٣٦)، والنسائي أيضًا (١/ ٣٠٥ – ٣٠٦)، والدارمي (٢/ ١٧)، وابن ماجة (١/ ٥٠٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٢ – ٢٣)، وأحمد (٦/ ٣٠٠) من طرق عن منصور عنه … به نحوه.
وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها … مرفوعًا نحوه.
أخرجه أحمد (٦/ ١٨٨)، والحاكم (١/ ٤٣٤) بإسناد صحيح عنها.
والترمذي (٧٣٧) بإسناد آخر حسن عنها … نحوه.
وابن ماجة (١٦٤٩) … بسند ثالث عنها.
وهو حسن أيضًا.
٢٠٢٥ – عن عبد العزيز بن محمد قال:
قَدِمَ عَبَّادُ بن كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم! إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا»!
فقال العلاء: اللهم! إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بذلك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان، واحتج به ابن حزم، وقوّاه ابن القيم).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز بن محمد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وقد أُعِلّ بما لا يقدح كما سيأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٠٩) من طريق الحاكم بإسناد آخر عن قتيبة ابن سعيد … به.
وأخرجه الترمذي (٧٣٨): حدثنا قتيبة … به؛ دون قصة عباد بن كثير مع العلاء.
وهكذا أخرجه الدارمي (٢/ ١٧)، وابن ماجة (١/ ٥٠٦)، والبيهقي من طرق أخرى عن عبد العزيز … به.
«حديث حسن صحيح». وقال البيهقي:
«قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. قال: وكان عبد الرحمن لا يحدث به»!
قلت: وليس هذا في نسختنا من «سنن أبي داود»، ولا يكفي عندي في تضعيف الحديث؛ لأن الإمام أحمد نفسه قال في العلاء بن عبد الرحمن:
«ثقة، لم أسمع أحدًا ذكره بسوء».
وقد وثقه جماعة آخرون، واحتج به مسلم. وقال الترمذي عقب حديثه هذا:
«حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ. ومعناه عند بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مفطرًا، فإذا بقي من شعبان شيء؛ أخذ في الصوم؛ لحال شهر رمضان».
ولئن كان عبد الرحمن بن مهدي لم يحدث به؛ فقد حدث به سفيان الثوري! قال ابن حزم بعد أن ساقه من طريق المؤلف (٧/ ٢٦):
«هكذا رواه سفيان عن العلاء، وللعلاء ثقة، روى عنه شعبة وسفيان الثوري ومالك و… و… و…، وكلهم يحتج بحديثه، فلا يضره غمز ابن معين له».
وأيَّد هذا ابن القيم في «تهذيبه» (٣/ ٢٢٣ – ٢٢٥).
٢٠٢٦ – عن حسين بن الحارث الجَدَلِيِّ -من جَدِيلَةِ قيس-:
أن أمير مكة خطب، ثم قال:
عَهِدَ إلينا رسول الله ﷺ أن نَنْسُكَ للرؤية، فإن لم نَرهُ وشهد شاهدا عَدْلٍ؛ نَسَكْنا بشهادتهما. -فسألتُ الحسين بن الحارث: مَنْ أميرُ مكة؟ قال: لا أدري! ثم لقيني بعدُ، قال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب- ثم قال الأمير:
إن فيكم مَنْ هو أعلم بالله ورسوله مِنِّي، وشهد هذا من رسول الله ﷺ -وأومأ بيده إلى رجل-. قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: مَنْ هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدق؛ كان أعلم بالله منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الدارقطني).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز: ثنا سعيد بن سليمان: ثنا عَبَّاد عن أبي مالك الأشجعي: ثنا حسين بن الحارث الجَدلِيُّ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ غير حسين ابن الحارث الجدلي، وهو معروف كما قال ابن المديني، وقد روى عنه جمع من الثقات -غير الأشجعي- منهم: زكريا بن أبي زائدة، وابنه يحيى بن زكريا، وشعبة، وأورده ابن حبان في «الثقات» (١/ ٤٣)، وقال:
«يروي عن ابن عمر والنعمان بن بشير، عداده في أهل الكوفة. روى عنه يزيد ابن زياد بن أبي الجعد، وأبو مالك الأشجعي». فقول ابن حزم فيه (٦/ ٢٣٨):
مردود. ويؤيده قول الحافظ فيه:
«صدوق»، وكذا تصحيح من صحح حديثه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٤٧ – ٢٤٨) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني (٢٣٢) من طرق أخرى عن سعيد بن سليمان … به مطولًا ومختصرًا، وقال:
«هذا إسناد متصل صحيح».
وقد أخرجه النسائي وغيره عن الحسين بن الحارث عن عبد الرحمن بن زيد ابن الخطاب:
أنه خطب الناس في اليوم الذي يُشَك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله ﷺ قال … فذكره دون قصة ابن عمر.
وإسناده صحيح أيضًا.
فالظاهر أن للجدلي فيه إسنادين، وقد خرجت هذا في «الإرواء» (٩٠٩).٢٠٢٧ – عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال:
اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فَقَدِمَ أعرابيَّان، فشهدا عند النبي ﷺ بالله: لأهَلا الهلالَ أمْسِ عَشيَّةً، فأمر رسول الله ﷺ الناس أن يفطروا، وأن يَغْدُوا إلى مُصَلَّاهم.
إسناده: حدثنا مسدد وخلف بن هشام المُقْرِي قال: ثنا أبو عوانة عن منصور عن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ عن رجل …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسددًا لم يخرج له مسلم.
وخلفًا لم يخرج له البخاري.
والرجل الذي لم يُسَمَّ صحابي، والصحابة كلهم ثقات عند أهل السنة.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص ٢٣٣) من طريق المؤلف، وقال:
«إسناد حسن ثابت».
وأخرجه البيهقي (٤/ ٢٤٨) عن مسدد … به.
ومن طرق أخرى عن منصور … به.١٤ – باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان
٢٠٢٨ – عن ابن عمر قال:
تراءى الناسُ الهلالَ، فَأخْبَرْتُ رسول الله ﷺ أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرحمن السَّمَرقَنْدِيُّ -وأنا لحديثه أتقن- قال: ثنا مروان -هو ابن محمد- عن عبد الله بن وهب عن يحيى
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مروان بن محمد؛ وهو ثقة.
ومحمود بن خالد، على أنه متابع من السمرقندي، وهو الحافظ الدارمي صاحب «السنن»؛ المعروف بـ «مسند الدارمي»؛ وقد أخرجه فيه (٢/ ٤).
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» (١/ ٢٣٩ – ٢٤٠)، والبيهقي (٤/ ٢١٢)، وابن حزم (٦/ ٢٣٦)؛ ثلاثتهم عن المصنف؛ إلا أن ابن حزم لم يذكر فيه محمود بن خالد، وقال:
«وهذا خبر صحيح».
وصححه آخرون أيضًا كما ذكر آنفًا، وهو مخرج في «الإرواء» (٩٠٨)، فلا أعيد تخريجه هنا.١٥ – باب في توكيد السحور
٢٠٢٩ – عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ:
«إن فَصْلَ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكْلَةُ السَّحَرِ».
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال «الصحيح». وأخرجه مسلم وابن خزيمة في «صحيحهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عُلَيٍّ بن رباح عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» (١/ ٢٧٣) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٤٠) من طريق أخرى عن ابن المبارك … به.
وأخرجه هو، ومسلم (٣/ ١٣٠ – ١٣١)، والترمذي (٧٠٩)، والنسائي (١/ ٣٠٤ – ٣٠٥)، والدارمي (٢/ ٦)، والبيهقي (٤/ ٢٣٦)، وعبد الرزاق في «المصنف» (٧٦٠٢)، وأحمد (٤/ ١٩٧ و٢٠٢) من طرق أخرى عن موسى بن عُلَيٍّ … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وزاد الدارمي في أوله:
كان عمرو بن العاص يأمرنا أن نصنع له الطعام يَتَسَحَّرُ به؛ فلا يصيب منه كثيرًا. فقلنا: تأمرنا به ولا تصيب منه كثيرًا؟ ! قال: إني لا آمركم به أني أشتهيه؛ ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول … فذكره.
وسنده صحيح على شرط مسلم.١٦ – باب مَنْ سمى السُّحُورَ: الغَدَاءَ
٢٠٣٠ – عن العرباض بن سارية قال:
دعاني رسول الله ﷺ إلى السحور في رمضان، فقال:
«هَلُمَّ إلى الغَدَاءِ المبارك».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان).
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الحارث بن زياد -وهو الشامي- مجهول، كما قال الذهبي في «المغني»؛ تبعًا لابن عبد البر، فقد نقل عنه المنذري -ثم الحافظ- أنه قال فيه:
«مجهول، وحديثه منكر»!
كذا قال!
أما أنه مجهول فلا كلام، وإن ذكره ابن حبان في «الثقات»؛ فإنه لم يَرْوِ عنه غير يونس هذا؛ كما في «الميزان».
وأما أن حديثه منكر؛ فإن كان يعني سندًا؛ فَمُسَلَّمٌ، وإن كان يعني متنًا؛ فمردود؛ لأن له شواهد يتقوى بها كما يأتي.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٠٤)، وابن خزيمة (١٩٣٨)، وابن حبان (٨٨٢)، والبيهقي (٤/ ٢٣٦)، وأحمد (٤/ ١٢٦ و١٢٧) كلهم من طريق عبد الرحمن ابن مهدي عن معاوية بن صالح … به؛ إلا أن أحمد قال:
«الغِذاء» -بالذال المعجمة في الموضعين-!
وهو عنده في الموضع الأول بإسناد المؤلف: ثنا حماد بن خالد الخياط …
وأما شواهد الحديث؛ فهي:
أولًا: عن المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ … مرفوعًا؛ بلفظ:
أخرجه النسائي من طريق بقية بن الوليد قال: أخبرني بَحيِرُ بن سعد عن خالد بن مَعْدَان عنه.
وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث.
لكنه قد خولف -هو أو شيخه- في وصله، فرواه النسائي وعبد الرزاق (٧٦٠٠) عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: قال رسول الله ﷺ لرجل:
«هلم إلى الغداء المبارك»؛ يعني: السحور.
وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ فهو شاهد قوي على كل حال، سواءً ثبت وصله أو لا.
ثانيًا: عن أبي الدرداء مرفوعًا … نحوه: أخرجه ابن حبان (٨٨١) عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزُّبَيْدِيِّ: حدثنا عمرو بن الحارث -هو ابن الضحاك-: حدثني عبد الله بن سالم عن راشد بن سعد عنه.
وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق هذا؛ قال الحافظ:
«صدوق يهم كثيرًا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب».
وابن الضحاك غير معروف العدالة، كما قال الذهبي، لكنه لم يتفرد به، فقد رواه ابن عدي وغيره من طريق آخر عن راشد بن سعد عن عتبة بن عبد وأبي الدرداء معًا، وهو مخرج في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (١٩٦١)؛ لزيادة وقعت في أوله.
ثالثا: عن عائشة قالت: قال رسول الله:
«رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات»!
وكذا قال! وانظر «مسند أبي يعلى» (٤٦٧٩).
رابعًا: عن ابن عباس قال:
أرسل إلي عمر بن الخطاب يدعوني إلى السحور، وقال: إن رسول الله ﷺ سمّاه الغداءَ المبارك.
رواه الطبراني في «الأوسط»، ومن طريقه الخطيب في «التاريخ» (١/ ٣٨٧).
وقال الطبراني:
«لا نعلم رواه عن ابن عيينة إلا محمد بن إبراهيم أخو أبي معمر».
قلت: وهو صدوق لا بأس به، كما قال الحافظ موسى بن هارون الحمال.
وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطبراني أحمد بن القاسم بن مُسَاوِرٍ الجوهري، وهو ثقة كما قال الخطيب (٤/ ٣٤٩).١٧ – باب وقت السُّحُورِ
٢٠٣١ – عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَمْنَعَنَّكُمْ من سُحُورِكم أذانُ بلال، ولا بياضُ الأُفُقِ الذي هكذا، حتى يَسْتَطِيرَ».
(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال «الصحيح». وأخرجه مسلم وأبو عوانة
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن سَوَادَةَ القُشَيْرِيِّ عن أبيه: سمعت سمرة بن جندب يخطب وهو يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٣٠): حدثني أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- … به؛ إلا أنه قال:
«لا يغرنكم …».
وكذلك أخرجه البيهقي (٤/ ٢١٥) من هذا الوجه.
وآخرون من طرق أخرى عن سوادة بن حنظلة … به. وقد خرجته في «الإرواء» (٩١٥).٢٠٣٢ – عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَمْنَعَنَّ أحدَكم أذانُ بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن -أو قال: ينادي- لِيَرْجعَ قَائِمُكُمْ، ويُنَبِّهَ نائِمَكم، وليس الفجر أن يقول هكذا -قال مسدد: وجمع يحيى كَفَّيْهِ-؛ حتى يقول هكذا -ومدَّ يحيى بإصبعيه السبابتين-».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى»).
قلت: إسناده الأول صحيح على شرط البخاري، والآخر على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٨٦): حدثنا يحيى … به.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٠٥)، وابن ماجة (١/ ٥١٨) من طريق أخرى عن يحيى … به.
وأخرجه البخاري (٦٢١ – الخطيب): حدثنا أحمد بن يونس … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٢٩)، وابن ماجة أيضًا، وابن خزيمة (١٩٢٨)، وابن الجارود (٣٨٢)، وأحمد أيضًا (١/ ٣٩٢ و٤٣٥)، والبيهقي (٤/ ٣١٨) من طرق أخرى عن سليمان التيمي … به.٢٠٣٣ – عن قيس بن طَلْقٍ عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ:
«كُلُوا واشربوا، ولا يَهِيدَنَّكُمُ الساطع المُصْعِدُ، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمرُ».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا مُلازِمُ بن عمرو عن عبد الله بن النعمان: حدثني قيس بن طلق.
قلت: وهذا إسناد حسن صحيح، رجاله ثقات؛ على خلاف في قيس بن طلق، سبق ذكره في «الطهارة».
وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن النعمان … به نحوه: أخرجه أحمد (٤/ ٢٣). وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب». وقال ابن خزيمة:
«إن صح الخبر؛ فإني لا أعرف عبد الله بن النعمان هذا بعدالة ولا جرح، ولا أعرف له عنه راويًا غير ملازم بن عمرو»!
قلت: قد روى عنه أيضًا عمر بن يونس، كما قال ابن أبي حاتم (٢/ ٢ / ١٨٦) عن أبيه.
قلت: ومحمد بن جابر أيضًا، كما تقدم في رواية أحمد إن كانت محفوظة، وقد ذكروه في شيوخ ملازم بن عمرو، وتكلموا في حفظه، وقال ابن حبان:
«كان أعمى، يلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذُوكِرَ به فيحدث به».
فلعل هذا سرقه من ملازم بن عمرو! والله أعلم.
ثم إن عبد الله بن النعمان قد وثقه ابن معين وابن حبان والعجلي، فلا يضره -بعد هذا كله- أن لم يعرفه ابن خزيمة، فمن علم حجة على من لم يعلم! على أنَّه يشهد له الحديثان قبله.
ثم وجدت له متابعًا قويًّا، أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٢٥) من طريقين عن عبد الله بن بَدْرٍ السُّحَيْمِيِّ قال: حدثني جدي قيس بن طلق … به.
لما نزلت هذه الآية: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾؛ قال: أخذتُ عِقالًا أبيضَ، وعقالًا أسودَ؛ فوضعتهما تحت وِسادتي، فنظرتُ فلمَ أتَبَيَّنْ! فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ؟ فضحك فقال:
«إن وسادتك -إذن- لعريضٌ طويلٌ! وإنما هو الليل والنهار».
قال عثمان (هو ابن أبي شيبة): إنما هو سَوادُ الليلِ، وبياض النهارِ.
(قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حصَيْنُ بن نُمَيْرٍ. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن إدريس -المعنى- عن حُصَيْنٍ عن الشعبي عن عَدِيِّ بن حاتم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من الوجه الأول، وصحيح على شرط الشيخين من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» (١/ ٢٦٨) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٢٨) … بإسناد المصنف الآخر.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٠٦ و٨/ ١٤٧)، والترمذي (٢٩٧٤)، وابن خزيمة (١٩٢٥)، والطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٢٤)، والبيهقي (٤/ ٢١٥)، وأحمد (٤/ ٣٧٧)، وابن حبان (٣٤٥٤) من طرق أخرى عن حُصَيْنٍ -وهو ابن عبد الرحمن السلمي … به. وقال الترمذي:
وتابعه مُطَرِّف عن الشعبي … به: أخرجه البخاري وابن خزيمة (١٩٢٦)، والنسائي (١/ ٣٠٥) أيضًا.
وتابعه مجالد عن الشعبي … به: أخرجه الطحاوي وأحمد.
وله شاهد من حديث سهل بن سعد … نحوه: أخرجه الشيخان وغيرهما.١٨ – باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده
٢٠٣٥ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وعبد الحق الإشبيلي، واحتج به ابن حزم).
إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو متابعة، وهو حسن الحديث.
وحماد: هو ابن سلمة.
وقد صححه جمع كما يأتي، ومنهم الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «أحكامه» بسكوته عليه، وقد نص في مقدمته: أن ما سكت عنه فهو صحيح عنده.
وهو خطأ ظاهر؛ فإنه ليس عند المصنف كلمة: (أظنه)، ولا عند غيره ممن أخرج الحديث، حتى عند الدارقطني الذي أخرجه من طريقه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني في «سننه» (ص ٢٣١): حدثنا محمد بن يحيى ابن مرداس: ثنا أبو داود: ثنا عبد الأعلى: ثنا حماد … به. وقال:
«قال أبو داود: وأسنده روح بن عبادة كما قال عبد الأعلى».
قلت: وفي قول المصنف هذا أكبر دليل على خطأ التشكيك الذي نسبه ابن القطان للمصنف؛ فإنه لو كان ذلك ثابتًا عنده؛ لم يصح منه هذا القول؛ إذ إنَّه لا يلتقي الشك مع الجزم بأن عبد الأعلى أسنده كما أسنده روح بن عبادة، وهذا بَيِّنٌ لا يخفى على أحد إن شاء الله.
ولو فرض ثبوت شك عبد الأعلى فيه؛ فلا يضر ذلك في وصله؛ لأنه قد رواه جماعة آخرون من الثقات عن حماد بن سلمة … به: أخرجه الحاكم (١/ ٢٠٣ و٢٠٥)، والبيهقي (٤/ ٢١٨)، وأحمد (٢/ ٤٢٣ و٥١٠). وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه الحاكم (١/ ٤٢٦) من طريق الحسن بن سفيان: ثنا عبد الأعلى بن حماد … به.
وهذه متابعة قوية للمؤلف رحمه الله تعالى.
ولحماد فيه شيخ آخر، فقال أحمد: ثنا روح: ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار
وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم.
وأخرجه البيهقي من طريق أخرى عن روح بن عبادة … به، وقال:
«وكذلك رواه غيره عن حماد»، وزاد في حديث عمار:
وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر.
وكذا أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣٠١٥ و٣٠١٦).
وله شيخ ثالث: عن يونس عن الحسن عن النبي ﷺ … مثله.
أخرجه أحمد مع رواية شيخه الأول.
وإسناده مرسل صحيح.
وقد توبع عليه؛ فقال عبد الرزاق في «المصنف» (٧٣٦٩): عن ابن عيينة عن إسرائيل أبي موسى عن الحسن قال:
قال رجل: يا رسول الله! أذَّن المؤذن والإناء على يدي؛ وأنا أريد الصوم؟ قال: «اشرب».
وإسناده صحيح أيضًا مرسلًا.
وله شيخ رابع: ثنا حميد عن أبي رافع أو غيره عن أبي هريرة:
أنه سمع النداء والإناء على يده، فقال: أحرزتها وربِّ الكعبة.
ذكره ابن حزم (٦٠/ ٢٣٣).
«هذان الحديثان ليسا بصحيحين: أما حديث عمار؛ فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة. والحديث الآخر؛ ليس بصحيح». ذكره ابنه في «العلل» (١/ ١٢٣ – ١٢٤)!
ومن الغريب أنه لم يذكر الحجة في جزمه بأن حديث عمار الثقة موقوف! وقد رواه حماد الثقة عنه مرفوعًا، والمفروض أن يذكر المخالف له في ذلك.
ثم كيف يجزم بعدم صحة الحديث؛ وله شاهد صحيح كما تقدم، وشواهد موصولة أخرى يقطع الواقف عليها بأن الحديث صحيح بلا ريب؟ ! وقد خرجتها في «الصحيحة» (١٣٩٤) من حديث أبي أمامة وجابر وغيرهما؛ فلتراجع.١٩ – باب وقت فِطْرِ الصائم
٢٠٣٦ – عن عمر قال: قال النبي ﷺ:
«إذا جاء الليل من ها هنا، وذهب النهار من ها هنا، -زاد مسدد: وغابت الشمس-؛ فقد أفطر الصائم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا هشام. (ح) وثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن هشام -المعنى- قال هشام بن عروة: عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري وحده من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في «الأحكام» (١/ ٢٨٤) من طريق المصنف من الوجه الآخر.
وهو في «مسند أحمد» (١/ ٢٨ و٥٤) من الوجه الأول، وزاد في الموضع الأول منهما:
يعني: المشرق والمغرب.
ثم أخرجه هو (١/ ٣٥ و٤٨)، والحميدي في «مسنده» (٢٠)، وعنه البخاري (٤/ ١٥٩)، ومسلم (٣/ ١٣٢)، والترمذي (٦٩٨)، وابن خزيمة (٢٠٥٨)، وابن الجارود (٣٩٣)، والبيهقي (٤/ ٢١٦) من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به.
وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وزيادة مسدد عندهم جميعًا من رواية الطرق كلها، وهو مخرج في «الإرواء» (٩١٦) بزيادة في العزو.
سِرْنَا رسول الله ﷺ وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال:
«يا بلال! انزِلْ فاجْدَحْ لنا». قال: يا رسول الله! لو أمسيت! قال:
«انزِلْ فاجْدح لنا». قال: يا رسول الله! إن عليك نهارًا! قال: «انزِلْ فاجْدَحْ لنا»، فنزل فجدح، فشرب رسول الله ﷺ، ثم قال:
«إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا؛ فقد أفطر الصائم»؛ وأشار بإصبعه قِبَلِ المشرق.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف ومتنه؛ دون قوله: «يا بلال!»، وكذلك أخرجه مسلم من طريق أخرى بلفظ: «يا فلان!»، وهو رواية للبخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد: ثنا سليمان الشيباني قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في «الأحكام» (١/ ٢٨٤) عن المؤلف … المرفوع منه فقط دون القصة.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٦٠ – ١٦١) … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه لم يذكر بلالًا.
وقال الحافظ:
“وأخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طرق عن عبد الواحد -وهو ابن زياد-
قلت: وكذا رواه أحمد (٤/ ٣٨٠)، ومسلم (٣/ ١٣٢)، والبيهقي (٤/ ٢١٦) من رواية هشيم: أنا الشيباني … به.
ثم أخرجه البخاري (٤/ ١٤٥ و١٦٠ و١٦١ – ١٦٢ و٩/ ٣٦٠)، ومسلم وأحمد من طرق أخرى عن الشيباني، وفي بعضها: رجل .. بدل: فلان.
وبالجملة؛ فقد اتفقت الروايات على عدم تسميته.٢٠ – باب ما يُستحبُّ من تعجيل الفطر
٢٠٣٨ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:
«لا يزال الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّلَ الناسُ الفِطْرَ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخِّرون».
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي والبوصيري).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد -يعني: ابن عمروٍ- عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو متابعة.
وخالد: هو ابن عبد الله الطحان.
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد (٢/ ٤٥٠)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٢)، وعنه ابن ماجة (١/ ٥١٩)، وابن خزيمة (٢٠٦٠)، وابن حبان (٨٨٩)، والبيهقي (٤/ ٢٣٧) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو … به. وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجة» (١٠٨/ ١):
«هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات»!٢٠٣٩ – عن أبي عطية قال:
دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا ومسروق، فقلنا:
يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد ﷺ، أحدهما يعجِّل الإفطار ويعجِّل الصلاة، والآخر يؤخِّر الإفطار ويؤخِّر الصلاة؟
قالت: أيُّهما يعجل الإفطار ويعجِّل الصلاة؟
قلنا: عبد الله.
قالت: كذلك كان يصنع رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم والترمذي -وصححه-، وزادا في آخره: والآخر أبو موسى).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عُمَارَةَ بن عُمَيْرٍ عن أبي عطية.
وأبو عطية: اسمه مالك بن أبي عامر -ويقال ابن عامر- الهَمْدَاني، وابن عامر أصح كما قال الترمذي.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٨): ثنا أبو معاوية … به؛ وزاد في آخره:
والآخر أبو موسى.
وكذا رواه مسلم (٣/ ١٣١)، والترمذي (٧٠٢) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، والنسائي (١/ ٣٠٤)، والبيهقي (٤/ ٢٣٧) من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
وتابعه ابن أبي زائدة عن الأعمش … به: أخرجه مسلم والنسائي.٢١ – باب ما يفطر عليه
٢٠٤٠ – عن أنس قال:
كان رسول الله ﷺ يفطر على رُطَبَاتٍ قبل أن يصلِّيَ، فإن لم تكن رطباتٌ؛ فعلى تَمَراتٍ، فإن لم تَكُنْ؛ حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: «حسن غريب»، وصححه الدارقطني والحاكم والذهبي. ورواه الضياء في «المختارة» بتمامه، وابن خزيمة في “صحيحه من طريق أخرى عن أنس دون الحسوات).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: ثنا جعفر بن سليمان: ثنا ثابت البُنَاني: أنه سمع أنس بن مالك يقول …
«صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا؛ لولا أن في جعفر هذا كلامًا يسيرًا، وهو صدوق كما قال الذهبي والعسقلاني.
وصححه الدارقطني كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص ٢٤٠) من طريق المصنف، وقال:
«هذا إسناد صحيح»!
وهو في «مسند أحمد» (٣/ ١٦٤)، ومن طريقه أخرجه آخرون. وقد خرجته في «الإرواء» (٩٢٢)، وذكرت له هناك طرقًا أخرى عن أنس تزيده قوة.
ولم أره في «مصنف عبد الرزاق»!
وقد رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٠٦٥) -من طريقين يقوي أحدهما الآخر- عن حميد للطويل عن أنس … به؛ دون الحَسَوَاتِ.٢٢ – باب القول عند الإفطار
٢٠٤١ – عن مروان بن سالم المُقَفَّعِ قال:
رأيت ابن عمر يقْبِضُ على لحيته، فيقطع ما زاد على الكفِّ، وقال:
كان رسول الله ﷺ إذا أفطر قال:
«ذهب الظَّمَأُ، وابتلتِ العرُوقُ، وثبَتَ الأجرُ إن شاء الله».
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى: ثنا علي بن الحسن: أخبرني الحسين بن واقد: ثنا مروان -يعني: ابن سالم المقفع-.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في الحسين بن واقد وشيخه، تراه مع تخريجه في «الإرواء» (٩٢٠).٢٣ – باب الفطر قبل غروب الشمس
٢٠٤٢ – عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
أفطرنا يومًا في رمضان في غيم في عهد رسول الله ﷺ، ثم طلعت الشمس.
قال أبو أسامة: قلت لهشام: أُمِرُوا بالقضاء؟ قال: وَبُدٌّ من ذلك؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة في «صحيحيهما». وقال الدارقطني: «هذا إسناد صحيح ثابت»).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء -المعنى- قالا: ثنا أبو أسامة: ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم عن الشيخ الأول، وعلى شرط الشيخين عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وهارون بن عبد الله: هو الحَمَّال الحافظ الثقة.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ٢٤): حدثنا أبو أسامة … به.
وأخرجه ابن خزيمة (١٩٩١) … بإسناد المصنف الآخر.
ثم أخرجه هو، والدارقطني (ص ٢٤٩)، والبيهقي (٤/ ٢١٧) من طرق أخرى عن أبي أسامة … به.
(تنبيه): قول هشام: وَبُدٌّ من ذلك؟ ! قاله اجتهادًا؛ بدليل ما قال معمر: سمعت هشامًا يقول: لا أدري أقَضَوْا أم لا؟ !
علقه البخاري بصيغة الجزم، ووصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه.
وقد اختلفوا في هذه المسألة، والأرجح أنه لا يجب القضاء. وهو مذهب إسحاق وأحمد في رواية عنه، واختاره ابن خزيمة وابن تيمية وابن القيم، فراجع كتابه «التهذيب» (٢٣٧ – ٢٣٩)، و «الفتح».٢٤ – باب في الوصال
٢٠٤٣ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ نهى عن الوصال. قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ ! قال:
«إني لست كهيئتكم؛ إني أُطْعَمُ وَأُسْقَى».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود في «منتقاه»).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٨٠) … بإسناده ومتنه.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٤/ ١٦٤ – ١٦٥)، ومسلم (٣/ ١٣٣)، والبيهقي (٤/ ٢٨٢)، وأحمد (٢/ ١٢٨) كلهم من طرق عن مالك … به.
ثم أخرجه أحمد (٢/ ٢١ و١٠٢ و١٤٣ و١٥٣)، والبخاري (٤/ ١١١)، ومسلم وابن الجارود (٣٩٤) من طرق أخرى عن نافع … به.٢٠٤٤ – عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
«لا تُواصلوا، فأيُّكم أراد أن يواصل؛ فليواصل حتى السَّحَرِ».
قالوا: فإنك تواصل؟ ! قال:
«إني لست كهيئتكم؛ إن لي مُطْعِمًا يُطْعِمُني، وساقيًا يَسْقِيني».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن بكر بن مُضَرَ حدثهم عن ابن الهاد عن عبد الله بن خَبَّابٍ عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٨) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٦٩)، والدارمي (٢/ ٨)، وابن خزيمة في «صحيحه»
وتابعه بشر بن حرب عن أبي سعيد … به: أخرجه عبد الرزاق (٧٧٥٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٨٢)؛ ولفظه: عن أبي سعيد قال: سمعته يقول:
نهى رسول الله ﷺ عن الوصال. وهذه أختي تواصل؛ وأنا أنهاها.
وبشر بن حرب صدوق فيه لين.
ثم أخرج له شاهدًا من حديث أبي قلابة … مرسلًا مثل لفظ الكتاب.
وهو صحيح الإسناد؛ لولا أنه مرسل.
وله شاهد آخر عن أنس: عند ابن حبان (٦٣٨٠).
والحديث عزاه المنذري في «مختصره» (٣/ ٢٣٩) لمسلم! أيضًا وهو وهم.٢٥ – باب الغيبة للصائم
٢٠٤٥ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«مَنْ لم يَدَعْ قول الزُّورِ والعملَ به [والجهلَ]؛ فليس لله حاجةٌ أن يَدعَ طعامَهُ وشرابَهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف ومتنه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا ابن أبي ذئب عن المَقْبُرِي عن أبيه عن أبي هريرة.
قال أحمد:
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٧٠) من طريق المصنف.
والبخاري (١٠/ ٣٨٩) … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه اختصر جدًّا قول أحمد -وهو ابن عبد الله بن يونس- فقال: قال أحمد: أفهمني رجل إسناده!
انظر «فتح الباري».
ثم أخرجه البخاري (٤/ ٩٣)، والترمذي (٧٠٧)، وابن ماجة (١/ ٥١٧)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٩٥)، وأحمد (٢/ ٤٥٢ و٥٠٥) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وليس عنده زيادة: «والجهل». وهو رواية لابن خزيمة، ورواية البخاري هذه.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٣٠٧) … بالزيادة.
(تنبيه): سقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من رواية البيهقي عن المصنف، ومن رواية البخاري بإسناده.٢٠٤٦ – عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:
«الصيام جُنَّةٌ، فإذا كان أحدكم صائمًا؛ فلا يَرْفُثْ، ولا يَجْهَلْ، فإن امْرُؤٌ قاتله أو شاتمه؛ فليقل: إني صائم، إني صائم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وهو عند البخاري بإسناد المصنف).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٨٧) … إسنادًا ومتنًا.
وأخرجه البخاري (٤/ ٨٣) … بإسناد المؤلف عنه.
والبيهقي (٤/ ٢٦٩) -من طريقين آخرين-، وأحمد (٢/ ٤٦٥) -من طريق ثالث- كلهم عن مالك … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٥٧) مفرقًا من طريقين آخرين عن أبي الزناد … به.
وله عن أبي هريرة طرق أخرى، خرجتها في «الإرواء» (٩١٨).
وروى له النسائي (١/ ٣١١ – ٣١٢) شاهدًا من حديث عائشة … نحوه بسند صحيح.٢٦ – باب السواك للصائم
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٢٧ – باب الصائم يُصَبُّ عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق
٢٠٤٧ – عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال:
رأيت رسول الله ﷺ أمَرَ الناسَ في سَفَرِهِ عامَ الفتحِ بالفِطْرِ، وقال:
قال أبو بكر: قال الذي حدثني:
لقد رأيت رسول الله ﷺ بـ (العَرْجِ) يَصُبُّ على رأسه الماءَ وهو صائم؛ من العطش -أو من الحَرِّ-.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الصحابي الذي لم يُسَمَّ؛ فإني لم أعرفه، لكن جهالة الصحابة لا تضر عند أهل السنة.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٧٥) … بإسناده ومتنه؛ وزاد:
ثم قيل لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت؟ قال: فلما كان رسول الله بـ (الكديد)؛ دعا بِقَدَحٍ فشرب، فأفطر الناس.
وأخرجه الحاكم (١/ ٤٣٢)، وعنه البيهقي (٤/ ٢٦٣) من طريق أخرى عن القعنبي … به دون الزيادة.
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٧٥ و٤/ ٦٣ و٥/ ٣٧٦ و٣٨٠ و٤٠٨ و٤٣٠) من طرق
أخرى عن مالك … به مطولًا ومختصرًا.
ولابن أبي شيبة (٣/ ٤١) منه: صَبُّ الماء.
وهو رواية لأحمد.
وشذ محمد بن نُعَيْمٍ السَّعْدِيُّ عن مالك؛ فسمى الصحابي: أبا هريرة!
«إن كان حفظه؛ فإنه صحيح على شرط الشيخين».
قلت: السعدي روى عنه أبو حاتم، ولم يذكر فيه ابنه (٤/ ١ / ١٠٩) جرحًا ولا تعديلًا.٢٠٤٨ – عن لَقِيطِ بن صَبِرَةَ قال: قال رسول الله ﷺ:
«بَالغ في الاستنشاق؛ إلا أن تكون صائمًا».
(قلت: حديث صحيح، وقد مضى في «الطهارة» (رقم ١٣٠) مطولًا).
إسناده: قلت: تقدم بإسناده ومتنه مطولًا في «الطهارة» (١٣٠).
٢٨ – باب في الصائم يحتجم
٢٠٤٩ – عن ثَوْبَانَ عن النبي ﷺ قال:
«أفطر الحاجم والمحجوم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: «على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! ! وصححه ابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان، وقال أحمد وابن المديني والبخاري: «هو أصح ما روي في هذا الباب»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام. (ح) وثنا أحمد بن حنبل: ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان -جميعًا- عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي أسماء -يعني: الرَّحْبِيَّ- عن ثوبان.
قال شيبان: أخبرني أبو قلابة: أن أبا أسماء الرحبي حدثه: أن ثوبان مولى
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم، وقد صرح أبو قلابة بالسماع من أبي أسماء الرحبي؛ فزالت شبهه تدليسه.
وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ثوبان، خرجتها مع الأولى، وذكرت أقوال العلماء في تصحيحها وتعليلها في «الإرواء» (٩٣١)؛ فأغنى عن الإعادة.٢٠٥٠ – عن أبي قلابَةَ الجَرْمِيِّ:
أن شَدَّادَ بن أوْسٍ بينما هو يمشي مع النبي ﷺ … فذكر نحوه.
(قلت: حديث صحيح، وصححه أحمد وابن المديني والبخاري).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة الجَرْمِيُّ أنه أخبره أن …
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه منقطع بين أبي قلابة وشداد بن أوس، وقد خالف يحيى -وهو ابن أبي كثير- أيوبُ؛ فوصله بذكر أبي الأشعث بينهما، وهو الآتي بعده.
والحديث في «المسند» (٥/ ٢٨٣): حدثني حسن بن موسى وحسن بن محمد قالا: ثنا شيبان … به.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٥١٥) من طريق عبيد الله: أنبأنا شيبان … به؛ إلا أنه قال: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أنه أخبره …
وهذا أصح من قول حسن: عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة أنه أخبره …
فإن الجمع بين قوله: حدثني .. و: أنه أخبره .. تكرار مُخِلٌّ! كما هو ظاهر.
أنَّ رسول الله ﷺ أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم -وهو آخِذٌ بيدي- لثمانِ عَشْرَةَ خَلَتْ من رمضان، فقال:
«أفطر الحاجم والمحجوم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه من ذكرنا آنفًا، وابن حبان أيضًا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْبٌ: ثنا أيوب عن أبي قلابة.
قال أبو داود: «وروى خالد الحَذَّاء عن أبي قلابة … بإسناد أيوب مثله».
قلت: يشير المصنف بهذا إلى ترجيح رواية أيوب هذه الموصولة على رواية يحيى المرسلة؛ لمتابعة خالد الحذاء عليها.
وقد وصلها عنه: أحمد والسَّرَّاجُ وابن حبان؛ كما بينته في «الإرواء» (٩٣١).
لكن قد اختلف على أبي قلابة على وجوه، خرجتها هناك، أولاها بالصواب رواية من قال: عنه عن أبي الأشعث عن أبي أسماء عن شداد … فراجعها هناك.٢٠٥٢ – ومن طريق أخرى عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ: أن النبي ﷺ قال:
«أفطر الحاجم والمحجوم».
(قلت: حديث صحيح بما قبله).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق. (ح) وثنا
قلت: وهذا إسناد قوي، رجاله كلهم ثقات؛ غير الشيخ الذي لم يُسَمَّ، فقد وُصِفَ في المسند بأنه صدوق، وهو أبو أسماء الرحبي المتقدم في الطريق الأولى (٢٠٤٩)؛ كما يأتي في الرواية التي بعده.
والحديث في «المسند» (٥/ ٢٨٢) … بإسناديه عن ابن جريج، وعقبهما بإسناد ثالث فقال:
وروح: ثنا ابن جريج …
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٧٥٢٥) عن ابن جريج.
و«مصنف ابن أبي شيبة» (٣/ ٥٠): حدثنا ابن عُلَيَّةَ عن ابن جريج.
وابن عُلَيَّةَ: هو إسماعيل بن إبراهيم.٢٠٥٣ – وفي رواية عنه … مثله.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان: ثنا الهيثم بن حُمَيْدٍ: أخبرنا العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.
قال أبو داود: «ورواه ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول … بإسناده مثله».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ فإن العلاء وإن كان اختلط؛ فقد تابعه ابن ثوبان -وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- عن أبيه عن مكحول؛ كما علقه المصنف.
٢٠٥٤ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ احتجم وهو صائم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف ومتنه. وصححه ابن الجارود،، وقال الحافظ: «صحيح لا مرية فيه»).
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عنه ابن عباس.
قال أبو داود: «رواه وهيب بن خالد عن أيوب … بإسناده مثله. وجعفر بن ربيعة وهشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس … مثله».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٤٤) … بإسناد المصنف ومتنه.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٥٠)، والبيهقي (٤/ ٢٦٣) من طرق أخرى عن أبي معمر … به.
وتابعه وُهَيْبٌ عن أيوب … به، وزاد في أوله:
احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم.
أخرجه البخاري (٤/ ١٤٣ – ١٤٤).
وتابعه بشر بن هلال البصري: حدثنا عبد الوارث بن سعيد … به؛ إلا أنه جمع القضيتين، فجعلهما قضية واحدة بلفظ:
أخرجه الترمذي (٧٧٥)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما، خرجتها في «الإرواء» (٩٣٢).
ورواه معمر -عند عبد الرزاق (٧٥٣٦) -، وابن عُلَيَّةَ -عند ابن أبي شيبة (٣/ ٥١) – كلاهما عن أيوب عن عكرمة … مرسلًا.
والوصل أصح؛ لأن عبد الوارث ووهيبًا ثقتان، ومعهما زيادة الوصل، فيجب قبولها، لا سيما وبجانبهما الطرق الأخرى الموصولة، كما سبقت الإشارة إليها.٢٠٥٥ – عن رجل من أصحاب النبي ﷺ:
أن رسول الله ﷺ نهى عن الحجامة، والمواصلة -ولم يحرِّمهما-؛ إبقاءً على أصحابه.
فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر؟ ! فقال:
«إني أواصل إلى السحر، وربِّي يُطْعِمُني ويَسْقِيني».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابسٍ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثني رجل عن أصحاب النبي ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة
والحديث في «المسند» (٤/ ٣١٤) … بإسناده ومتنه.
ثم أخرجه هو (٤/ ٣١٥ و٥/ ٣٦٣ و٣٦٤)، وعبد الرزاق (٧٥٣٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٢)، والبيهقي (٤/ ٢٦٣) من طرق أخرى عن سفيان … به. وقال الحافظ في «الفتح» (٤/ ١٤٤ و١٦٤):
«إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر».٢٠٥٦ – عن أنس قال:
ما كنَّا نَدَعُ الحجامةَ للصائم؛ إلا كراهية الجَهْدِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بنحوه).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة- عن ثابت قال: قال أنس …
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري نحوه كما يأتي.
والحديث أخرجه الطحاوي (١/ ٣٥٠) من طريق هُدْبَةَ بن خالد قال: ثنا سليمان بن المغيرة … به.
وأخرجه هو، والبيهقي (٤/ ٢٦٣) من طريقين عن شعبة عن حميد قال:
سمعت ثابتًا البناني وهو يسأل أنس بن مالك:
أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟
قال: لا؛ إلا من أجل الضعف.
راجع «فتح الباري».
ثم رواه الطحاوي عن يزيد بن هارون قال: أنا حميد الطويل قال:
سئل أنس بن مالك عن الحجامة للصائم؟ فقال: ما كنت أرى الحجامة تكره للصائم؛ إلا من الجَهْدِ.
وحميد مدلس؛ فأسقط في هذه الرواية ثابتًا.٣٠ – باب في الصائم يحتلم نهارًا في شهر رمضان
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٣١ – باب في الكحل عند النوم للصائم
٢٠٥٧ – عن أنس:
أنه كان يكتحل وهو صائم.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا وَهْبُ بن بقية: أخبرنا أبو معاوية عن عتبة أبي معاذ عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عتبة -وهو: ابن حميد الضَّبِّيُّ- أبي معاذ؛ قال الحافظ:
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٤٧): حدثنا أبو معاوية … به.٢٠٥٨ – عن الأعمش قال:
ما رأيت أحدًا من أصحابنا يكره الكُحْلَ للصائم، وكان إبراهيم يرخِّصُ أن يكتحل الصائم بالصَّبِرِ.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله المُخَرّمِيُّ ويحيى بن موسى البَلْخِيّ قالا: ثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عيسى -وهو الرملي-، صدوق يخطيء.
وقد تابعه حفص عن الأعمش عن إبراهيم قال:
لا بأس بالكحل للصائم.
رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٤٦).
٣٢ – باب الصائم يستقيء عامدًا
٢٠٥٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وهو صائم؛ فليس عليه قضاءٌ، وإنِ استقاء؛ فَلْيَقْضِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم على شرط
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن حسان عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارقطني من طريق المصنف.
وأخرجه ابن الجارود والحاكم والطحاوي والبيهقي من طرق أخرى عن مسدد … به.
وأخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم من طرق أخرى عن عيسى ابن يونس … به.
وتابعه حفص بن غياث عن هشام بن حسان … به: أخرجه ابن ماجة وابن خزيمة وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء» (٩٢٣)، وقد رددت فيه ما أعله بعض الحفاظ به، وكذلك في تعليقي على رسالة «الصيام» لابن تيمية (ص ١٤)، فراجعها إن شئت.٢٠٦٠ – عن مَعْدَانَ بن طلحة: أن أبا الدرداء حدثه:
أن رسول الله ﷺ قَاءَ فَأفْطَرَ. فلقيتُ ثوبان مولى رسول الله ﷺ في مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدثني: أن رسول الله ﷺ قاءَ فأفطر؟
قال: صدق، وأنا صَبَبْتُ له وَضُوءَهُ ﷺ.
إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسين عن يحيى: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يَعِيشَ بن الوليد بن هشام أن أباه حدثه: حدثني معدان بن طلحة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يعيش بن الوليد، وهو ثقة.
والحسين: هو ابن ذَكْوَانَ المعلِّم، وقد اختلف عليه في إسناده كما يأتي.
ويحيى: هو ابن أبي كثير.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٢٠) من طريق أخرى عن أبي معمر … به.
وكذا الدارقطني (ص ٥٨)، والطحاوي.
وتابعه عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثني أبي … به: أخرجه الترمذي (٨٧)، والدارمي (٢/ ١٤)، والطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٤٧ – ٣٤٨)، وابن الجارود (٨)، والدارقطني أيضًا، وأحمد (٦/ ٤٤٣) من طرق عن عبد الصمد … به.
وأخرجه ابن خزيمة (١٩٥٦)، وعنه ابن حبان (٩٠٨)، والحاكم (١/ ٤٢٦) من طرق أخرى، منها: محمد بن المثنى أبو موسى عن عبد الصمد … به؛ إلا أنه لم يقل: عن أبيه، بل قال: أن يعيش بن الوليد حدثه أن معدان بن أبي طلحة حدثه … به. وقال الحاكم:
ثم أخرج هو، وابن خزيمة (١٩٥٨)، والدارقطني من طريقين عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن عمرو عن يعيش بن الوليد عن معدان بن أبي طلحة … به؛ إلا أن الدارقطني وقع عنده زيادة: عن أبيه ..
فلا أدري أهي في روايته، أم خطأ من الناسخ أو الطابع؟
ثم أخرجه ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الرحمن بن عثمان أبي بَحْرٍ البَكْرَاوِيِّ: ثنا هشام الدَّسْتَوائِيُّ عن يحيى بن أبي كثير … به. دون الزيادة. وقال ابن خزيمة:
«فبرواية هشام وحرب عُلِمَ أن الصواب ما رواه أبو موسى -يعني: عن عبد الصمد-، وأن يعيش بن الوليد سمع من معدان، وليس بينهما أبوه»!
قلت: لكن البكراوي ضعيف؛ إلا أنه يقويه رواية حرب بن شداد من الطريقين عنه.
ويزداد قوة برواية عبد الرزاق في «المصنف» (٥٢٥)، وعنه أحمد (٦/ ٤٤٩) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير … به؛ إلا أنه لم يذكر الأوزاعي في إسناده!
والصواب إثباته، كما في الطرق المتقدمة، وبها يزول الاضطراب، ويصح الحديث. والحمد لله.
وروى هذه القصةَ: عتبةُ بن السَّكَنِ الحمصي: ثنا الأوزاعي: حدثني عبادة ابن نُسَيٍّ وهُبَيْرَةُ بن عبد الرحمن سَمِعَا أبا أسماء يقول: ثنا ثوبان … فذكرها
فلما كان من الغد؛ سمعته يقول:
«هذا اليوم مكان إفطاري أمْسِ».
قلت: وهذا منكر جدًّا! عتبة هذا؛ قال الدارقطني:
«متروك الحديث». وقال البيهقي (٧/ ٢٤٣) -عقبه، وقد ساق له حديثًا آخر-:
«عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع. وهذا باطل لا أصل له».٣٣ – باب القُبلة للصائم
٢٠٦١ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يُقَبِّلُ وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملكَ لإربهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ٥٩)، وأحمد في «المسند»
وأخرجه مسلم (٣/ ١٣٥)، والترمذي (٧٢٩) -وصححه- من طرق أخرى عن أبي معاوية … به.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٢٠)، وأحمد (٦/ ١٢٨) من طرق أخرى عن إبراهيم عن الأسود وحده.
وكذلك أخرجه ابن ماجة (١/ ٥١٧)، وابن خزيمة (١٩٩٨)، والطحاوي (١/ ٣٤٦).
وأخرجه مسلم وابن الجارود (٣٩١)، والدارقطني (ص ٢٣٨)، وأحمد (٦/ ٤٠ و١٢٦ و١٧٤) من طرق أخرى عن إبراهيم عن علقمة وحده.
وللحديث طرق أخرى عن عائشة رضي الله عنها، في بعضها التقبيل، وفي بعضها المباشرة، يزيد بعضهم على بعض، وقد كنت جمعتها في «الإرواء» (٩٣٤)؛ فزادت على العشر، ويأتي طريقان منها بعد هذا.٢٠٦٢ – ومن طريق ثانية عنها قالت:
كان النبي ﷺ يُقَبِّلُ في شهر الصوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا أبو الأحوص عن زياد بن عِلَاقَةَ عن عمرو بن ميمون عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.
وأبو الأحوص: هو سَلَّامُ بن سُلَيْمٍ الحنفي الكوفي.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٣٦)، وابن ماجة (١/ ٥١٦) من طرق أخرى عن أبي الأحوص … به.
وأحمد وغيره من طرق أخرى عن زياد … به.٢٠٦٣ – وفي طريق ثالثة عنها رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يُقَبِّلُنِي؛ وهو صائم وأنا صائمة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة ابن عبد الله -يعني: ابن عثمان القرشي- عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة القرشي، فهو على شرط البخاري وحده.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٧٩): حدثنا عبد الرحمن عن سفيان … به.
ثم أخرجه هو (٦/ ١٣٤ و١٦٢ و١٧٦ و٢٦٩ – ٢٧٠ و٢٧٠) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم … به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٠٠٤) … بنحوه؛ ولفظه:
أهوى إليَّ رسولُ الله ﷺ لِيُقَبِّلَنِي، فقلت: إني صائمة! قال:
«وأنا صائم!»؛ فقبَّلني.
هشَشْتُ فقبَّلتُ وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله! صنعت اليوم أمرًا عظيمًا؛ قبلتُ وأنا صائم؟ ! قال:
«أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟ !». قلت: لا بأس! قال: «فمه؟ !».
(قلت: إسناده جيد على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وعبد الحق والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا الليث. وثنا عيسى بن حماد: أخبرنا الليث بن سعد عن بُكَيْرِ بن عبد الله عن عبد الملك بن سعيد عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الملك ابن سعيد، فهو على شرط مسلم وحده.
ومثله عيسى بن حماد، لكن هذا متابع من أحمد بن يونس.
وقد أخرج للأول منهما: مسلم حديثه عن أبي حميد أو عن أبي أسيد في القول عند دخول المسجد والخروج منه، وقد مضى في أول «الصلاة» برقم (٤٨٤).
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ١٣)، وابن خزيمة (١٩٩٩)، وابن حبان (٩٠٥)، والبيهقي (٤/ ٢٦١)، وابن أبي شيبة (٣/ ٦٠ – ٦١)، وأحمد (١/ ٢١ و٥٢) من طرق أخرى عن الليث -وهو ابن سعد- … به.
وصححه عبد الحق بإيراده إياه في «مختصر الأحكام» (٨٧/ ٢)، والحاكم (١/ ٤٣١) على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]٣٥ – باب كراهيته للشابِّ
٢٠٦٥ – عن أبي هريرة:
أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن المباشرة للصائم؟ فَرَخَّصَ له. وأتاه آخر فسأله؟ فنهاه. فإذا الذي رَخَّصَ له شيخ، والذي نهاه شاب.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا أبو أحمد -يعني: الزُّبَيْرِي-: أخبرنا إسرائيل عن أبي العَنْبَسِ عن الأغَرِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن عندي؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي العنبس -وهو العدوي الكوفي-، روى عنه جماعة من الثقات غير إسرائيل، منهم شعبة ومسعر وأبو عوانة، وذكره ابن حبان في «الثقات». وقد قال عبد الحميد ابن صالح البُرْجُمِيُّ -وهو صدوق-: سألت يونس بن بكير -وهو صدوق أيضًا- عن اسم أبي العنبس؟ فقال: هو جَدِّي لأمي، واسمه: الحارث بن عبيد بن كعب من بني عدي.
وكأنَّ الحافظ عبد الحق الإشبيلي لم يقف على هذا، فقال:
«لم أجد أحدًا ذكره ولا سمّاه»!
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٣١) من طريق المؤلف.
ومن طريق يحيى بن زكريا عن إسرائيل … به مثله.
«الشيخ يملك إِرْبَهُ، والشابُّ يُفْسِدُ صَوْمَهُ».
قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ على خلاف في أبان هذا -وهو ابن عبد الله بن أبي حازم-، وثقه جماعة، وضعفه آخرون. وقال الحافظ:
«صدوق في حفظه لين».
وله شاهد آخر، يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قَيْصَرٍ التُّجيِبِيِّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال … فذكره نحوه؛ وزاد:
فنظر بعضنا إلى بعض، فقال رسول الله ﷺ:
«قد علمتُ لِمَ نَظَرَ بعضكم إلى بعض! إن الشيخ يملك نفسه».
أخرجه أحمد (٢/ ١٨٥ و٢٢٠ – ٢٢١).
وهذا إسناد جيد؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكنه شاهد جيد.
فالحديث بهذه الطرق الثلاثة صحيح عندي.٣٦ – باب فيمن أصبح جنبًا في شهر رمضان
٢٠٦٦ – عن عائشة وأم سلمة زَوْجَيِ النبي ﷺ: أنهما قالتا:
كان رسول الله ﷺ يصبح جنبًا -قال عبد الله الأذْرَمِيُّ في حديثه: في رمضان-؛ من جماع غَيْرَ احتلام؛ ثم يصوم.
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن عبد رَبِّهِ بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة.
قال أبو داود -في بعض نسخ الكتاب؛ كما في «عون المعبود»-: «ما أقَلَّ من يقول هذه الكلمة -يعني:»يصبح جنبًا في رمضان«-، وإنما الحديث: أن النبي ﷺ كان يصبح جنبًا وهو صائم»!
قلت: كأنه يشير إلى أن ذكر رمضان فيه شاذ غير محفوظ؛ لتفرد الأقل به من الرواة، وكأنه يشير إلى راوية الأذرمي!
وهذا غير مقبول منه في نقدي؛ لأنه رواه جمع آخر من الثقات كما يأتي، ويكفي أنه في «الصحيحين»! وقد أشار المنذري إلى هذا -حين تعقبه بقوله-:
«وقد وقعت هذه الكلمة في»صحيح مسلم«، وفي»كتاب النسائي«…»!
وفاته أنه في «صحيح البخاري»؛ كما تقدم، ويأتي مبينًا!
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٧٣) … دون الكلمة.
وكذلك أخرجه البخاري (٤/ ١٢٤) عن مالك؛ لكنه قال: عن سُمَيٍّ .. بدل: عبد ربه.
وجمع بينهما أحمد (٦/ ٢٩٠) عن مالك، وصرح أن الزيادة في حديث عبد ربه، فقال أحمد: ثنا عبد الرحمن -يعني: ابن مهدي- عن مالك …
وتابعه أيضًا يحيى بن يحيى بن بكر عن مالك عن عبد ربه … به.
أخرجه مسلم والبيهقي.
وتابعه سفيان عن سُمَيٍّ … به دون الزيادة.
أخرجه ابن الجارود (٣٩٢)، وابن خزيمة (٢٠٠٩)، وأحمد (٦/ ٣٨).
والزيادة متابعة أخرى وطريق أخرى، فقال ابن وهب: حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عروة وأبي بكر … به.
أخرجه البخاري (٤/ ١٢٤)، ومسلم (٣/ ١٣٧ – ١٣٨).٢٠٦٧ – عن عائشة زوج النبي ﷺ:
أن رجلًا قال لرسول الله ﷺ وهو واقف على الباب: يا رسول الله! إني أصبح جنبًا وأنا أريد الصيام؟ فقال رسول الله ﷺ:
«وأنا أصبح جنبًا وأنا أريد الصيام؛ فأغتسل وأصوم». فقال الرجل:
يا رسول الله! إنك لست مثلنا، قد غَفَرَ الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ! فغضب رسول الله ﷺ، وقال:
«والله! إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمَكم بما أتَّبع».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة، لكن بلفظ: «بما أتقي»، وهو المحفوظ عندي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ -يعني: القعنبي- عن مالك عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن مَعْمَرٍ الأنصاري عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٧١ – ٢٧٢) … سندًا ومتنًا؛ إلا أنه قال:
«بما أتقي».
وهو المحفوظ عندي؛ فقد أخرجه كذلك: البيهقي (٤/ ٢١٣)، وأحمد (٦/ ٦٧ و١٥٦).
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ابن معمر … به.
أخرجه مسلم (٣/ ١٣٨)، وابن خزيمة (٢٠١٤).
وزيد بن أبي أنيسة عنه: رواه ابن حبان (٣٤٨٣).٣٧ – باب كَفَّارة من أتى أهله في رمضان
٢٠٦٨ – عن أبي هريرة قال:
أتى رجلٌ النبيَّ ﷺ فقال: هَلَكْتُ! فقال:
«ما شأنك؟ !». قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان! قال:
«فهل تجد ما تعتق رقبة؟». قال: لا. قال:
«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟». قال: لا. قال:
«فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟». قال: لا. قال:
«اجلس»؛ فَأُتيَ النبيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فيه تمر، فقال:
«تَصَدَّقْ به». فقال: يا رسول الله! ما بين لابَتَيْها أهلُ بيت أفقرُ منَّا! !
فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت ثناياه، قال:
«فأطعمه إياهم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن الجارود وابن خزيمة. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد ومحمد بن عيسى -المعنى- قالا: ثنا سفيان -قال مسدد-: ثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
ومحمد بن عيسى -وهو الطباع البغدادي- ثقة فقيه، وقد توبعا كما سترى.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٤١)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٠٦)، والحميدي (١٠٠٨) فقالوا: حدثنا ابن عيينة … به.
وأخرجه البخاري (١١/ ٥٠٤ و٥٠٥)، ومسلم (٣/ ١٣٨ – ١٣٩)، والترمذي (٧٢٤) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، وابن ماجة (١/ ٥١٣)، وابن الجارود (٣٨٤)، وابن خزيمة (رقم ١٩٤٤)، والبيهقي (٤/ ٢٢١) كلهم من طرق عن سفيان ابن عيينة … به.
وتابعه معمر وغيره عن الزهري؛ على اختلاف في ترتيب الكفارة، أو التخيير فيها؛ كما يأتي بعده.٢٠٦٩ – وفي رواية … بهذا الحديث بمعناه؛ زاد الزهري:
وإنما كان هذا رُخْصَةً له خاصَّةً، فلو أن رجلًا فعل ذلك اليوم؛ لم يكن له بُدٌّ من التكفير (١).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري … بهذا الحديث.
قال أبو داود: «رواه الليث بن سعد والأوزاعي ومنصور بن المعتمر وعِرَاكُ بن مالك … على معنى ابن عيينة (يعني: الحديث الذي قبله). زاد فيه الأوزاعي:»واستغفر الله«…».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه دون الزيادة كما يأتي.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧٤٥٧): أخبرنا معمر … به.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٨١)، ومن طريقه البيهقي (٤/ ٢٢٢) عن عبد الرزاق.
وعنه أيضًا: أخرجه مسلم (٣/ ١٣٩)؛ لكنه لم يسق لفظه، وإنما قال: نحو حديث ابن عيينة؛ يعني: الرواية الأولى (٢٠٦٨).
وتابعه عبد الواحد عن معمر … به؛ دون قول الزهري: وإنما كان هذا … إلخ: أخرجه البخاري (٥/ ١٧٠ و١١/ ٥٠٤).
وعلق المصنف متابعين آخرين.
أما الليث؛ فوصله البخاري (١٢/ ١١٠)، ومسلم والبيهقي عنه.
وأما الأوزاعي؛ فوصله البخاري (١٠/ ٤٥٥)، والبيهقي (٧/ ٣٩٣).
وأما منصور بن المعتمر؛ فوصله البخاري (٤/ ١٤٠)، ومسلم، والطحاوي
وأما عراك بن مالك؛ فوصله النسائي -كما في «الفتح» (٤/ ١٣١) -؛ والظاهر أنه يعني في «سننه الكبرى»؛ وإلا فـ «السنن الصغرى» ليس فيها هذا الحديث مطلقًا!
وأما زيادة الأوزاعي؛ فيأتي الكلام عليها بعده.٢٠٧٠ – قال أبو داود: «زاد فيه الأوزاعي:»واستغفر الله«…».
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه، وابن حبان).
قلت: وصله البيهقي (٧/ ٣٩٣) من طريق مسروق بن صَدَقَةَ عن الأوزاعي عن الزهري: حدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة … بالحديث؛ وفي آخره الزيادة، وقال:
»وكذلك رواه دُحَيْمٌ عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. وكذلك رواه الهِقْلُ ابن زياد عن الأوزاعي”.
قلت: وكأنه يعني أصل الحديث دون الزيادة.
وتابعه عليها عُقَيْلٌ عن ابن شهاب … به: أخرجه ابن خزيمة (١٩٤٩) بإسناد فيه ضعف؛ كما بينته في تعليقي عليه.
وتقويها: متابعة هشام بن سعد الآتية بعد حديث.
ورجال البيهقي ثقات؛ غير مسروق (كذا! والصواب: مسرور) بن صدقة الدمشقي، ترجمه ابن عساكر (١٦/ ٢٠٧ / ١) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ورواية دحيم؛ وصلها ابن حبان (٣٥١٧).
٢٠٧١ – وفي رواية أخرى عن أبي هريرة:
أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله ﷺ أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينًا. قال: لا أجد! فقال له رسول الله ﷺ:
«اجلس»؛ فَأُتِيَ رسول الله ﷺ بِعَرَقِ فيه تَمْرٌ، فقال:
«خذ هذا فتصدَّقْ به». فقال:
يا رسول الله! ما أجد أحوجَ مني! ! فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت أنيابه، وقال له:
«كُلْهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٧٧ – ٢٧٨) … بهذا الإسناد والمتن.
ومن طريقه: أخرجه مسلم والدارمي والطحاوي وابن خزيمة (١٩٤٣)، والدارقطني كلهم عن مالك … به.
وتابعه ابن جريج عن الزهري، كما يأتي معلقًا بعده عند المصنف مع التخريج.
(قلت: وصله مسلم، وهذه الرواية كالتي قبلها مُجْمَلَةٌ، بخلاف الرواية الأولى والتي بعدها؛ فإنهما مفصَّلتان، بيَّنتا أن الإفطار كان بالجماع، وأن الكفارة على الترتيب لا التخيير).
قلت: وصله مسلم والطحاوي وأحمد (٢/ ٢٧٣).
وإن الرواة اختلفوا في هذه القصة في أمرين اثنين:
الأول: في تحديد ما أفطر به الرجل:
فذكر سفيان بن عيينة ومعمر وغيرهما أنه أفطر بالجماع.
وخالفهما مالك وابن جريج فأطلقا ولم يذكرا الجماع.
والآخر: في الكفارة بالخصال الثلاث: فرتَّبَ بينها الأولان. وخَيَّرَ بينها الآخران ولكل من الفريقين متابعون.
لكن الفريق الأول متابعوه أكثر، وقد ساق أسماءَهم الإمام الدارقطني في «سننه»؛ فبلغ عددهم قرابة ثلاثين شخصًا، فروايتهم أرجح، لا سيما ومعهم زيادة علم، ومن عَلِمَ حُجَّةٌ على من لم يعلم.
وثَمَّةَ مُرَجِّحاتٌ أخرى، ذكرها العلامة ابن قيم الجوزية في «التهذيب» (٣/ ٢٧٢)، ثم الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٤/ ١٣٥)، فليرجع إليهما من شاء التفصيل.
جاء رجل إلى النبي ﷺ أفطر في رمضان … بهذا الحديث، قال: فأُتِيَ بِعَرَق فيه تمر قَدْرَ خمسة عشر صاعًا .. وقال فيه:
«كُلْهُ أنت وأهلُ بيتك، وصم يومًا، واستغفر الله».
(قلت: حديث صحيح، وقوّاه الحافظ).
إسناده: حدثنا جعفر بن مُسَافِرٍ: ثنا ابن أبي فُدَيْكٍ: ثنا هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في هشام بن سعد من قبل حفظه، وقد خالفَ أصحابَ الزهري في هذا الحديث -وقد بلغ عددهم عند الحافظ أكثر من أربعين-؛ خالفهم في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله في إسناده: عن الزهري عن أبي سلمة …
وهم قالوا: عنه عن حميد بن عبد الرحمن …
وهذا هو الصحيح، كما قال ابن خزيمة على ما يأتي. وقال الحافظ (٤/ ١٣١):
«قلت: وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن أبي حفصة؛ فرواه عن الزهري. أخرجه الدارقطني في»العلل«. والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة.
كذلك أخرجه أحمد (٢/ ٥١٦) وغيره من طريق رَوْحِ بن عبادة عنه. ويحتمل أن يكون الحديث عند الزهري عنهما، فقد جمعهما ابن أبي الأخضر. أخرجه الدارقطني في»العلل«من طريقه».
الثاني: قوله: قدر خمسة عشر صاعًا.
وتابعه أيضًا مؤَمَّلُ بن إسماعيل: ثنا سفيان عن منصور عن الزهري عن حميد: عند الطحاوي وابن خزيمة (١٩٥٠)، والدارقطني.
ومهران بن أبي عمر الرازي: عند ابن خزيمة (١٩٥١).
وله شاهد من حديث سعيد بن المسيب … مرسلًا في هذه القصة: عند عبد الرزاق (٧٤٥٨).
وله شواهد أخرى في قصة المظاهر، تقدمت في «الظّهار» رقم (١٩١٩ – ١٩٢١).
الثالث: قوله: «وصم يومًا …».
لكن هذا قد تابعه جمع، وله شواهد، قوّاه من أجل ذلك الحافظ في «الفتح»، وقد بينت ذلك في «الإرواء» (٩٣٩)؛ فأغنى عن الإعادة.٢٠٧٤ – عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت:
أتى رجلٌ إلى النبي ﷺ في المسجد في رمضان، فقال: يا رسول الله! احترقت! فسأله النبي ﷺ ما شأنه؟ قال: أصَبْتُ أهلي! قال:
«تَصَدَّقْ». قال: والله! ما لي شيء، ولا أقْدِرُ عليه! قال:
«اجلس»، فجلس. فبينما هو على ذلك؛ أقبل رجل يسوق حمارًا عليه طعام، فقال رسول الله ﷺ:
«أين المحترق آنفًا؟»، فقام الرجل، فقال رسول الله ﷺ:
«تصدق بهذا». فقال: أعَلَى غَيْرِنا؟ ! فوالله! إنا لَجِيَاعٌ ما لنا شيء! قال:
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري مختصرًا).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْري: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث: أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه: أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه: أن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير حدثه: أنه سمع عائشة زوج النبي ﷺ تقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن داود المَهْرِيِّ، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٤٠): حدثني أبو الطاهر: أخبرنا ابن وهب … به.
وأخرجه هو، والبخاري (٤/ ١٣١)، والدارمي (٢/ ١١)، وأحمد (٦/ ١٤٠) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري أن عبد الرحمن بن القاسم أخبره … به مختصرًا.
وكذا رواه أبو جعفر الطحاوي (١/ ٣٢٨)، والبيهقي (٤/ ٢٢٣).
وتابعه محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير … به مثل رواية عمرو بن الحارث: أخرجه أحمد (٦/ ٢٧٦).٣٨ – التغليظ في من أفطر عمدًا
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٢٠٧٥ – عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله! إني أكلت وشربت ناسيًا وأنا صائم؟ فقال:
«اللهُ أطعمك وسقاك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني وابن الجارود).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب وحبيب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وحماد: هو ابن سلمة، كما صرح بذلك البيهقي (٤/ ٢٢٩)، وقد علقه عليه.
ثم رواه من طريق أخرى عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين … به.
وقال عبد الرزاق (٧٣٧٢): أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين … به نحوه؛ إلا أنه أوقفه.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٢٥ – ١٢٦)، ومسلم (٣/ ١٦٠)، والدارمي (٢/ ١٣)، والبيهقي وأحمد (٢/ ٤٢٥ و٤٩١ و٥١٣) من طرق أخرى عن هشام القُرْدوسِيِّ عن ابن سيرين … به مرفوعًا.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٥١٤)، وابن الجارود (٣٨٩)، والبيهقي عن عوف بن خِلاسٍ ومحمد بن سيرين … به.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد عن غيره من الصحابة، وهي مخرجة في «الإرواء» (٩٣٨).
٤٠ – باب تأخير قضاء رمضان
٢٠٧٦ – عن عائشة قالت:
إن كان لَيَكُونُ عليَّ الصومُ من رمضان؛ فما أستطيع أن أقضيَهُ حتى يأتي شعبانُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول … فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٨٦).
وأخرجه البخاري (٤/ ١٥٤)، ومسلم (٣/ ١٥٤ – ١٥٥)، وابن ماجة (١/ ٥١٢)، والبيهقي (٤/ ٢٥٢) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد … به.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة، خرجتها في «الإرواء» (٩٤٤).
والحديث أخرجه عبد الرزاق أيضًا في «مصنفه» (٧٦٧٦)، وكذا ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣/ ٩٨).
وله عندهما طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها.
٢٠٧٧ – عن عائشة: أن النبي ﷺ قال:
«من مات وعليه صيام؛ صامَ عنه وَلِيُّهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٥٥)، والبيهقي (٤/ ٢٥٥) من طرق أخرى عن ابن وهب … به.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٥٦) من طريق موسى بن أعْيَنَ عن عمرو بن الحارث … به.
والبيهقي أيضًا، وأحمد (٦/ ٦٩) من طريقين آخرين عن عبيد الله بن أبي جعفر … به.٢٠٧٨ – عن ابن عباس قال:
إذا مَرِضَ الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم؛ أُطْعِمَ عنه، ولم يكن عليه قضاء. وإن كان عليه نَذْرٌ؛ قضى عنه وَلِيُّه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث له طريق أخرى من رواية علي بن الحكم -وهو: البناني- عن ميمون ابن مهران عن ابن عباس … به: أخرجه البيهقي (٤/ ٢٥٥).
وإسناده صحيح على شرط البخاري. ثم قال:
«وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس».٤٢ – باب الصوم في السفر
٢٠٧٩ – عن عائشة:
أن حَمْزَةَ الأسْلَمِيَّ سأل النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله! إني رجل أسْرُدُ الصَّوْمَ؛ أفأصوم في السفر؟ قال:
«صُمْ إن شئتَ، وأفْطِرْ إن شئت».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة في «صحاحهم». وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وحماد: هو ابن زيد الأزْدِيُّ؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٤٤)، والبيهقي (٤/ ٢٤٣) من طريق أبي الربيع الزهراني: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- … به. وقد خرجته في «الإرواء» (٩٢٧).
٢٠٨٠ – عن ابن عباس قال:
خرج النبي ﷺ من المدينة إلى مكة، حتى بلغ (عُسْفَان)، ثم دعا بإناء، فرفعه إلى فيه لِيُرِيَهُ الناسَ، وذلك في رمضان. فكان ابن عباس يقول:
قد صام النبي ﷺ وأفطر؛ فمن شاء؛ صام، ومن شاء؛ أفطر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن خزيمة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٥١): حدثنا موسى بن إسماعيل. وقال أحمد (١/ ٢٩١): ثنا عفان قالا: حدثنا أبو عوانة … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٤١)، والنسائي (١/ ٣١٧)، وابن ماجة (١/ ٥١٠)، وابن خزيمة (٢٠٣٦)، وأحمد (١/ ٢٥٩ و٣٢٥ و٣٤٠) من طرق أخرى عن منصور … به.
سافَرْنا مع رسول الله ﷺ في رمضان، فصام بعضنا، وأفطر بعضنا؛ فلم يَعِبِ الصائمُ على المفطِر، ولا المفطرُ على الصائمِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة وابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة عن حميد الطويل عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٩٤٧ – السلفية)، ومسلم (٣/ ١٤٣)، وابن خزيمة (٢٠٣٩)، وابن حبان (٣٥٥٣)، والبيهقي (٤/ ٢٤٤) وغيرهم من طرق عن حميد … به؛ وصرح حميد بالتحديث في رواية لمسلم.
وتابعه مُوَرِّق العِجْلِيُّ عن أنس … بالشطر الأول منه؛ وفيه قصة، وفيه:
«ذهب المفطرون اليوم بالأجر».
أخرجه البخاري (٢٨٩٠)، ومسلم، وابن خزيمة (٢٠٣٢ – ٢٠٣٣)، وابن حبان (٣٥٥١)، والبيهقي، وكذا النسائي (٢٢٨٣).٢٠٨١ – عن قَزَعَةَ قال:
أتيت أبا سعيد الخدري وهو يُفْتِي الناسَ، وهم مُكبُّون عليه، فانتظرت خَلْوَتَهُ. فلما خلا؛ سألته عن صيام رمضان في السفر؟ فقال:
خرجنا مع النبي ﷺ في رمضان عام الفتح، فكان رسول الله ﷺ
«إنكم قد دَنَوْتُمْ من عَدُوِّكُمْ، والفطر أقوى لكم».
فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر.
قال: ثم سِرْنا، فنزلنا منزلًا، فقال:
«إنكم تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكم، والفطر أقوى لكم؛ فأفطروا». فكانت عزيمة من رسول الله ﷺ.
قال أبو سعيد: ثم لقد رأيتُنِي أصوم مع النبي ﷺ قبل ذلك، وبعد ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان -المعنى- قالا: ثنا ابن وهب: حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد أنه حدثه عن قزعة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد من وجه آخر عن معاوية -وهو ابن صالح-، فقال (٣/ ٣٥): ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثني معاوية -يعني: ابن صالح- … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (٣/ ١٤٤)، وابن خزيمة (٢٠٢٣)، والبيهقي (٤/ ٢٤٢).
٢٠٨٢ – عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله ﷺ رأى رجلًا يُظَلّلُ عليه، والزِّحَامُ عليه، فقال:
«ليس من البِرِّ الصيامُ في السفر».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة وابن الجارود).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن -يعني: ابن سعد بن زُرَارَةَ- عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر بن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الدارمي (٢/ ٩): أخبرنا هاشم بن القاسم وأبو الوليد: ثنا شعبة … به.
والطيالسي في «مسنده» (١٧٢١): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى» وغيرهم من طرق أخرى عن شعبة … به.
وله ولشيخه ابن زرارة متابعون. وللحديث شواهد، خرجت ذلك كلَّه في «الإرواء» (٩٢٥). وفي بعض طرقه بلفظ:
«ليس من امبر امصيام في امسفر»! على لغة من يجعل لام التعريف ميمًا، وهو بهذا اللفظ شاذ لا يصح، كما بينته هناك.
أغارت علينا خَيْل لرسول الله ﷺ، فانتهيت -أو فانطلقت- إلى رسول الله ﷺ وهو يأكل، فقال:
«اجلس فأصب من طعامنا هذا». فقلت: إني صائم! . قال: «اجلس أُحَدِّثُكَ عن الصلاة وعن الصيام: إن الله تعالى وضع شَطْرَ الصلاةِ -أو نصفَ الصلاة- والصومَ عن المسافر وعن المرضع والحُبْلَى»؛ والله! لقد قالهما جميعًا أو أحدهما.
قال: فتَلَهَّفَتْ نَفْسِي أن لا أكونَ أكلتُ من طعام رسول الله ﷺ!
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن، ولا نعرف لأنس بن مالك غير هذا الحديث»، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا شَيْبَانُ بن فَرُّوخٍ: ثنا أبو هلال الرَّاسِبِيُّ: ثنا ابن سَوَادَةَ القُشَيْرِيُّ عن أنس بن مالك.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي هلال الراسبي -واسمه محمد بن هلال-، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه الحافظ:
«صدوق فيه لين». وقد خولف في إسناده كما يأتي.
والحديث أخرجه الترمذي (٧١٥)، وابن ماجة (١/ ٥١١)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٢٦٨ / ٢٠٤٤)، وأحمد (٤/ ٣٤٧ و٥/ ٢٩)، والبيهقي (٤/ ٢٣١) من طرق عن أبي هلال … به. وقال الترمذي:
قلت: وقد خالفه في إسناده وهيب فقال: ثنا عبد الله بن سوادة القشيري عن أبيه أن أنس بن مالك -رجل منهم- قال … فذكره.
رواه البيهقي.
وهذا إسناد صحيح؛ فإن سوادة القشيري ثقة من رجال مسلم.
ووهيب -وهو ابن خالد- ثقة من رجال الشيخين.
وله فيه إسناد آخر، فرواه عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر -قال أيوب: فلقيته فسألته، فحدثنيه عن رجل منهم-:
أنه أتى المدينة … الحديث نحوه.
أخرجه البيهقي، وقال:
«ورواه معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر أن رجلًا -يقال له: أنس- حدثه …».
قلت: وصله عبد الرزاق في «المصنف» (٧٥٦٠) عن معمر … به؛ إلا أنه لم يقل: يقال له: أنس.
وقد تابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: حدثنا أيوب … به مثل رواية وهيب.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٩)، وابن خزيمة (٢٠٤٢).
وسفيان الثوري؛ إلا أنه قال: عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس … به.
أخرجه ابن خزيمة أيضًا (٢٠٤٣)، والنسائي (١/ ٣١٦).
أنه قدم على النبي ﷺ … فذكره نحوه.
وهذا إسناد صحيح متصل، لكن قوله: أبو المهاجر! وهم من الأوزاعي؛ كما قال ابن حبان وغيره، والصواب: أبو المهلب؛ وهو ثقة من رجال مسلم.٤٤ – باب فيمن اختار الصيام
٢٠٨٤ – عن أبي الدرداء قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ في بعض غزواته في حَرٍّ شديد، حتى إن أحدنا لَيَضَعُ يده على رأسه، أو كَفَّهُ على رأسه من شِدَّةِ الحَرِّ، ما فينا صائمٌ إلا رسولُ الله ﷺ وعبدُ اللهِ بنُ رَوَاحةَ.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا مؤمل بن الفَضْل: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز: حدثني إسماعيل بن عبيد الله: حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة.
لكن سعيد بن عبد العزيز -وهو التَّنُوخِيُّ، مع فضله؛ -كان اختلط، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٤٥): حدثنا داود بن رُشَيْدٍ: حدثنا الوليد بن
وتابعه عمرو بن أبي سلمة عن سعيد … به: أخرجه الشافعي في «السنن» (رقم ٧١٢ – ترتيبه).
وتابعه هشام بن سعد عن عثمان بن حَيَّان وإسماعيل بن عبيد الله … به: أخرجه أحمد (٦/ ١٤٤).
وأخرجه هو (٥/ ٩٤)، ومسلم، والبيهقي (٤/ ٢٤٥) من طريقين آخرين عن هشام بن سعد عن عثمان بن حيان وحده … به.
والبخاري (٤/ ١٤٧) عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر عن إسماعيل.
(تنبيه): زاد داود بن رُشَيْدٍ في روايته فقال: في شهر رمضان! قال الحافظ في «الفتح» (٤/ ١٤٨):
«وبهذه الزيادة يتم الاستدلال، ويتوجه الرد بها على أبي محمد بن حزم في زعمه أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون ذلك الصوم تطوعًا»!
وأقول: لكن هذه الزيادة شاذة عندي؛ لتفرد ابن رشيد بها دون مؤمل بن الفضل عن الوليد من جهة.
فإن كانت محفوظة عنه؛ فقد تفرد بها الوليد دون عمرو بن أبي سلمة عن سعيد من جهة أخرى.
فإن كانت محفوظة عنه؛ فهي شاذة؛ لمخالفتها لرواية ابن جابر وهشام بن سعد عن إسماعيل، فاثنان أحفظ من واحد، وهو سعيد بن عبد العزيز؛ لا سيما وقد كان اختلط كما سبق.
٢٠٨٥ – عن عُبَيْدِ بن جَبْرٍ قال: كنت مع أبي بُصْرَةَ الغِفَارِي -صاحب النبي ﷺ في سفينة من الفسطاط في رمضان، فرفع، ثم قَرَّبَ غَدَاءَهُ -قال جعفر في حديثه: فلم يجاوز البيوت، حتى دعا بالسُّفْرةِ-، قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟ ! قال أبو بُصْرَةَ: أترغب عن سنة رسول الله ﷺ؟ ! -قال جعفر في حديثه: فأكل-.
(قلت: حديث صحيح، وفي الباب عن أنس، وصححه ابن العربي).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: حدثني عبد الله بن يزيد. (ح) وثنا جعفر ابن مسافر: ثنا عبد الله بن يحيى -المعنى- قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب -وزاد جعفر: والليث-: حدثني يزيد بن أبي حبيب. أن كليب بن ذُهْل الحضرمي أخبره عن عبيد -قال جعفر: ابن جبر- قال …
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير كليب بن ذهل الحضرمي وشيخه عبيد بن جبر؛ فإنهما مجهولان، قال الذهبي:
«عبيد بن جبر، تفرد عنه كليب بن ذهل».
و«كليب بن ذهل … وعنه يزيد بن أبي حبيب فقط».
وذكره ابن حبان في «الثقات»!
والأول خير من كليب؛ فقد ذكره يعقوب بن سفيان في «الثقات». وقال العجلي:
«مصري تابعي ثقة»، كما في «ترتيب ثقات العجلي» للهيثمي (٣٣/ ٢).
«والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في»التلخيص«. ورجال إسناده ثقات»! وأقره في «عون المعبود» (٣/ ٢٩٣)!
ولا يخفى ما في هذا التوثيق، بعد أن علمت ما في بعضهم من توثيق ضعيف؛ وبخاصة كُلَيْبَ بْنَ ذُهْل.
نعم؛ الحديث صحيح لغيره؛ فإن له شاهدًا من حديث أنس بسند صحيح.
وآخر من حديث دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ-، في الكتاب الآخر (٤١٦)، وقد خرجت هذه الأحاديث الثلاثة، وتكلمت عليها من الناحية الحديثية والفقهية في رسالة خاصة بعنوان: «تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر، والرد على من ضعفه»، وهي مطبوعة؛ فليراجعها من شاء التفصيل.٤٦ – باب قدر مسيرة ما يفطر فيه
٢٠٨٦ – عن نافع:
أن ابن عمر كان يخرج إلى الغَابَةِ؛ فلا يُفْطِرُ ولا يَقْصُرُ.
(قلت إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر عن عبيد الله عن نافع.
والحديث أخرجه البيهقي (٤/ ٢٤١) من طريق المصنف.
٤٧ – باب من يقول: صمت رمضان كله
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٢٠٨٧ – عن أبي عُبَيْدٍ قال:
شهدْتُ العيد مع عمر؛ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال:
إن رسول الله ﷺ نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الأضحى؛ فتأكلون من نُسُكِكُمْ. وأما يوم الفطر؛ ففطركم من صيامكم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب -وهذا حديثه- قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي عبيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه الشافعي في «سننه» (رقم ٧٢٣ – ترتيبه)، وأحمد (١/ ٢٤)، والحميدي (٨)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٠٣ – ١٠٤) قالوا: ثنا سفيان بن عيينة … به.
وأخرجه ابن ماجة والطحاوي وابن الجارود من طرق أخرى عن سفيان … به.
وأخرجه مالك وأحمد والشيخان والترمذي وغيرهم من طرق أخرى عن الزهري … به.
وله طريق أخرى عن أبي عبيد … به، أخرجته وما قبله في «إرواء الغليل» برقم (٩٦٢).
نهى رسول الله ﷺ عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى.
وعن لِبْسَتَيْنِ: الصَّمَّاءِ، وأن يَحْتَبِيَ الرجل في الثوب الواحد.
وعن الصلاة في ساعتين: بعد الصبح، وبعد العصر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده عند البخاري إسناد المصنف. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْبٌ: ثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٤/ ١٩٤) … بإسناد المصنف.
وأخرجه أحمد (٣/ ٩٦): ثنا عفان: ثنا وهيب.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٥٣)، والترمذي (٧٧٤) من طرق أخرى عن عمرو بن يحيى … به مقتصرًا على النهي عن الصيام.
وأخرجه الشيخان وأحمد وغيرهما من طريق قَزَعَةَ عن أبي سعيد.
وله عنه طرق أخرى مختصرًا ومطولًا، وقد أشرت إليها، وخرجت ما قبلها في «إرواء الغليل» (٩٦٢).
٢٠٨٩ – عن أبي مُرَّةَ مولى أم هانئ:
أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فَقَرَّبَ إليهما طعامًا، فقال: كُلْ. فقال: إني صائم. فقال عمرو: كُلْ؛ فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها.
قال مالك: وهي أيام التشريق.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مالك في «الموطأ»، وعنه جمع آخر، خرجتهم في «الإرواء» (٩٦٣).
وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد … به: أخرجه ابن خزيمة (٢١٤٩).
وله طريق أخرى، يرويه معمر عن عاصم بن سليمان عن جعفر بن المطلب -وكان رجلًا من رهط عمرو بن العاص- عنه … مرفوعًا نحوه.
أخرجه أحمد (٤/ ١٩٩)، وابن خزيمة أيضًا (٢١٤٨)؛ لكن وقع في إسناده سقط وخطأ -تبعًا لأصله المخطوط-، لم يتنبه له محققه.
«يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق: عيدُنا أهلَ الإسلام، وهي أيام أكلٍ وشربٍ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا وهيب: ثنا موسى بن عُلَيٍّ. (ح) وثنا عثمان بن أبا شيبة: ثنا وكيع عن موسى بن عُلَيٍّ -والإخبار في حديث وهيب- قال: سمعت أبي أنه سمع عقبة بن عامر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه آخرون ذكرتهم آنفًا، وقد خرجت الحديث عنهم وعن غيرهم في المصدر السابق.٥٠ – [باب] النهي أن يَخُصَّ يوم الجمعةِ بصوم
٢٠٩١ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَصُومُ أحدُكم يومَ الجمعة؛ إلا أن يصوم قبله بيوم، أو بعده».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن خزيمة وابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
ومن طريقه: أخرجه مسلم وابن ماجة.
وأخرجاه، وكذا البخاري وغيرهم من طرق أخرى عن الأعمش … به. وهو مخرج في «الإرواء» (٩٥٩)، و«الصحيحة» (٢٩٤٥).٥١ – [باب] النهي أن يَخُصَّ يومَ السبتِ بِصَوْمٍ
٢٠٩٢ – عن عبد الله بن بُسْرٍ السُّلَمِيِّ عن أخته -وقال يزيد: الصَّمَّاءِ- أن النبي ﷺ قال:
«لا تَصُوموا يومَ السبتِ إلا فيما افْتُرِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أو عُودَ شَجَرَةٍ؛ فَلْيَمْضَغْهُ».
قال أبو داود: «وهذا حديث منسوخ»!
(قلت: فيه إشعار بأن الحديث صحيح عنده، وإلا؛ لم يكن بحاجة إلى ادعاء نسخه كما هو ظاهر! وإسناده صحيح على شرط البخاري، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن والضياء المقدسي، وقال الترمذي: «حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يَخُصَّ الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تُعَظِّم يوم السبت»).
إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا سفيان بن حبيب. (ح) وثنا يزيد بن قُبَيْس -من أهل جَبَلَةَ-: ثنا الوليد -جميعًا- عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَانَ عن عبد الله بن بُسْرٍ السُّلَمِيِّ.
وخالد بن معدان ثقة من رجال الشيخين.
وكذلك السلمي، وهو صحابي معروف.
ولذلك صحح الحديثَ جمعٌ من الأئمة، كابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ممن ذكرنا آنفًا.
وقد أعلّه بعضهم بالاضطراب! وليس بشيء؛ لأنه اضطراب غير قادح؛ كما فصَّلت ذلك تفصيلًا -لا تراه في مكان آخر- في كتابي «إرواء الغليل» (٩٦٠)، وانظر «الصحيحة» (٣١٠١).
وأما دعوى نسخه الذي ذهب إليه المصنف رحمه الله تعالى؛ فهي مردودة بأنه من الممكن حمله على صوم السبت مفردًا، كما أفاده الترمذي. وحينئذ فلا تعارض بينه وبين حديث الباب الآتي، وأحاديث صيامه ﷺ إياه؛ لأنه ليس في شيء منها إفراده بالصيام.
وقد بسط القولَ في هذا بسطًا شافيًا: العلامةُ ابن القيم رحمه الله في «تهذيب السنن» (٣/ ٢٩٧ – ٣٠١)، وذكر خلاصته في «زاد المعاد» (١/ ٢٣٧ – ٢٣٨)؛ فليراجعهما من شاء.٥٢ – [باب] الرخصة في ذلك
٢٠٩٣ – عن جُويرِيَةَ بنت الحارث:
أن النبيَّ ﷺ دخل عليها يومَ الجمعة وهي صائمة، فقال:
«أصُمْتِ أمْسِ؟». قالت: لا. قال:
«فَأفْطِرِي».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن قتادة. (ح) وثنا حفص بن عمر: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي أيوب -قال حفص- العَتَكي عن جويرية بنت الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وأبو أيوب: هو المَرَاغِيُّ الأزْدِيُّ العَتَكِيُّ؛ اسمه: يحيى -ويقال: حبيب- بن مالك.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٢٤ و٤٣٠) من طريق شعبة وهمام كلاهما عن قتادة … به.
والبخاري (٤/ ١٨٩)، والبيهقي (٤/ ٣٠٢) عن شعبة وحده.
ثم علقه البخاري عن حماد بن الجعد (وفيه لين) سمع قتادة … به.
وأخرجه أحمد (٢/ ١٨٩)، وابن خزيمة (٢١٦٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٣)، وعنه ابن حبان (٩٥٧) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو:
أن رسول الله ﷺ دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة … الحديث.
وإسناده صحيح؛ لكن أعلّه الحافظ بالشذوذ؛ لمخالفة سعيد بن أبي عروبة
«ويحتمل أن تكون طريق سعيد محفوظة أيضًا؛ فإن معمرًا رواه عن قتادة عن سعيد بن المسيب أيضًا، لكن أرسله».
قلت: ويقويه أن الإمام أحمد زاد في آخر الحديث:
قال سعيد: ووافقني عليه مَطَرٌ عن سعيد بن المسيب.
وهذا يحتمل أنه وافقه عليه عن سعيد به مسندًا. ويحتمل أنه وافقه عليه عنه مرسلًا، وهذا أظهر.
ورواية معمر: عند عبد الرزاق في «المصنف» (٧٨٠٤).٢٠٩٤ – عن ابن شهاب:
أنه كان إذا ذكر له أنَّهُ نُهِي عن صيام يوم السبت؛ يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي!
(قلت: هذا نقد غريب لحديث الثقة الصحيح من مثل الإمام ابن شهاب الزهري! ويكفي في ردِّهِ عليه: أن جماعة من الأئمة قد صححوه من بعده كما سبق آنفًا).
إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثنا ابن وهب قال: سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح مقطوع، ولكن بمثله لا يردُّ حديث الثقة الصحيح؛ فإن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر، وكل واحد منهم حمصي؛ فـ (ابن بُسْرٍ) صحابي معروف؛ أفيُرَدُّ حديثه لمجرد كونه حمصيًّا؟ !
تالله! إنه لنقد مُحْدَثٌ! فمتى كان الحديث يرد بالنظر إلى بلد الراوي؟ ! ورحم الله الإمام الشافعي حين قال للإمام أحمد:
«أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به أيَّ شيء يكون: كوفيًّا، أو بصريًّا، أو شاميًّا، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا». (صفة الصلاة ص ٣٢ – الطبعة التاسعة).
وشرح صاحب «عون المعبود» قول ابن شهاب المذكور بقوله (٢/ ٢٩٧):
«يريد تضعيفه؛ لأن فيه راويان حمصيان (كذا الأصل!)، أحدهما: ثور بن يزيد. وثانيهما: خالد بن معدان، تكلم فيهما بعض، ووثقهما بعض»!
قلت: وهذا تعليل مردود؛ فإن ابن معدان لم يتكلم فيه أحد إلا بالتوثيق، وحسبك فيه احتجاج الأئمة الستة وغيرهم به، وقول الحافظ ابن حجر في «التقريب» فيه:
«ثقة عابد».
وأما ثور بن يزيد؛ فهو متفق على توثيقه أيضًا والاحتجاج بحديثه، ولم يتكلم فيه أحد بتضعيف؛ وإنما تكلم فيه بعضهم لقوله بالقدر، ولذلك قال الحافظ في «مقدمة الفتح» (٢/ ١٢٠):
«اتفقوا على تثبته في الحديث، مع قوله بالقدر …». ونحوه قوله في «التقريب»:
«ثقة ثبت، إلا أنه يرى القدر».
«لو تركنا الرواية عن القدرية؛ لتركنا أكثر أهل البصرة». قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (٧/ ٣٨٦):
«وذلك لأن مسألة خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات مسألة مشكلة، وكما أن القدرية من المعتزلة وغيرهم أخطأُوا فيها، فقد أخطأ فيها كثير ممن رد عليهم أو أكثرهم؛ فإنهم سلكوا في الرد عليهم مسلك جهم بن صفوان وأتباعه، فنفوا حكمة الله في خلقه وأمره، ونفوا رحمته بعباده، ونفوا ما جعله من الأسباب خلقًا وأمرًا …».
ولذلك فلا يجوز رَدُّ حديث ثور هذا لأنه يرى القدر، لا سيما وقد قيل إنه رجع عنه؛ فكيف وقد تابعه لقمان بن عامر، كما ذكرت في «الإرواء»، وهو صدوق لم يتكلم فيه أحد إلا أنه حمصي أيضًا؟ !٢٠٩٥ – عن الأوزاعي قال:
ما زِلْتُ له كاتمًا حتى رأيته انتشر. يعني: حديث عبد الله بن بسر هذا في صوم يوم السبت.
(قلت: كتمانه إياه ليس جرحًا مفسرًا يُعَلُّ الحديث بمثله، ولعله كان لأنه لم يظهر له معناه).
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاح بن سفيان: ثنا الوليد عن الأوزاعي.
قلت: ورجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان الوليد سمعه من الأوزاعي.
وأخرجه البيهقي (٤/ ٣٠٢) عن المؤلف.
٢٠٩٦ – عن أبي قتادة:
أن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسول الله! كيف تصوم؟ فغضب رسول الله ﷺ من قوله. فلما رأى ذلك عمر؛ قال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا! نعوذ بالله من غضب الله، ومن غضب رسوله! فلم يزل عمر يردِّدُها؛ حتى سكن غضبُ رسول الله ﷺ. فقال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كلّه؟ قال:
«لا صام ولا أفطر. -قال مسدد: لم يصم ولم يفطر. أو: ما صام ولا أفطر (شك غَيْلان).-».
قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يومًا؟ قال:
«أوَيُطِيقُ ذلك أحدٌ؟ !».
قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال:
«ذلك صوم داود».
قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال:
«وَدِدْتُ أني طُوِّقْتُ ذلك». ثم قال رسول الله ﷺ:
«ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدَّهر كله. وصيام عرفة؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده. وصوم يوم عاشوراء؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة.
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد بن زيد عن غَيْلانَ ابن جرير عن عبد الله بن مَعْبَدٍ الزّماني عن أبي قتادة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٦٧)، وابن خزيمة في «صحيحه» -مفرقًا (٢٠٨٧ و٢١١٠ و٢١٢٦) – من طرق أخرى عن حماد بن زيد … به.
وروى منه الترمذي (٧٦٧) صوم الدهر، وقال:
«حديث حسن».
وأخرج هذا القدر: النسائيّ (١/ ٣٢٤) عن شعبة عن غيلان … به.
وهو رواية لمسلم وأحمد (٥/ ٢٩٧ و٣٠٣).
وروى الطبراني في «الأوسط» (٥/ ٤٨٧٥ و٦/ ٥٦٤٦) جملة صيام عرفة وعاشوراء من طريقين آخرين عن أبي قتادة.
ورواه (٢/ ٣٠٨ / ٢٠٦٥) منه صوم عرفة من طريق الحجاج بن أرطاة عن عطية عن أبي سعيد الخدري … رفعه.٢٠٩٧ – زاد في رواية:
قال: يا رسول الله! أرأيت صوم يوم الاثنين والخميس؟ قال:
«فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِلَ عليَّ القرآنُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة).
قلت: وهذا صحيح أيضًا.
وقد أخرجه هو، والبيهقي (٤/ ٢٩٣)، وأحمد (٥/ ٣١٠ – ٣١١) عن مهدي ابن ميمون … به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة (٢١١٧).٢٠٩٨ – عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
لَقِيَنِي رسول الله ﷺ، فقال:
«ألم أُحَدَّثْ أنك تقول: لأَقُومَنَّ الليل، ولأصومن النهار؟ !». قال -أحسبه قال-: نعم يا رسول الله! قد قلت ذاك. قال:
«قُمْ ونَمْ، وصم وأفطر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مِثْلُ صيام الدهر».
قال: قلت: يا رسول الله! إني أُطِيقُ أفضل من ذلك. قال:
«فَصُمْ يومًا، وأفطر يومين».
قال: فقلت: إني أُطِيقُ أفضلَ من ذلك! قال:
«فصم يومًا، وأفطر يومًا، وهو أَعْدَلُ الصيام، وهو صيام داود».
قلت: إني أطيق أفضل من ذلك! فقال رسول الله ﷺ:
«لا أفضل من ذلك».
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٤/ ٢٩٤ / ٧٨٦٢) … بإسناده ومتنه.
وعنه: أخرجه أحمد أيضًا (٢/ ١٨٧ – ١٨٨): ثنا عبد الرزاق … به.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٧٨ – ١٧٩)، ومسلم (٣/ ١٦٢)، والنسائي (١/ ٣٢٥) من طرق أخرى عن الزهري … به.
وكذلك أخرجه الطحاوي (١/ ٣٤٢).
وأخرجه هو، ومسلم والنسائي، وابن خزيمة (٢١١٠)، والبيهقي (٤/ ٢٩٩)، وأحمد (٢/ ٢٠٠) من طرق أخرى عن أبي سلمة وحده … نحوه، يزيد بعضهم على بعض.٥٤ – باب في صوم أشهر الحرم
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٥٥ – باب في صوم المُحَرَّمِ
٢٠٩٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شَهْرُ اللهِ المُحَرمُ، وإن أفضل الصلاة بعد المفروضة: صلاةٌ من الليل». ولم يقل قتيبة: «شهر»، قال: «رمضان».
إسناده: حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا أبو عوانة عن أبي بِشْرٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
وأبو بشر: هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وَحْشِيَّةَ.
والحديث أخرجه مسلم والترمذي بإسناد المؤلف الثاني: حدثنا قتيبة بن سعيد … به؛ وليس عند الترمذي الشطر الثاني منه، ولا عند مسلم: «من»؛ وإنما قال: «صلاة الليل».
وأخرجه أحمد (٢/ ٣٤٤ و٥٣٥) من طريقين آخرين عن أبي عوانة … به.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن حميد … به. وهو مخرج في «الإرواء» (٩٥١).٢١٠٠ – عن عثمان بن حَكِيمٍ قال:
سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: أخبرني ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ كان يصومُ حتى نقولَ: لا يُفْطِرُ، ويفطرُ حتى نقولَ: لا يصومُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بأسانيد أحدها إسناد المصنف، والبخاري مختصرًا دون السؤال).
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن حكيم، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيُّ.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٦١) بإسنادين عن عثمان بن حكيم؛ أحدهما إسناد المصنف هذا.
وأخرجه هو، والبخاري (٤/ ١٧٤ – ١٧٥)، والنسائي (١/ ٣٢١)، وابن ماجة (١/ ٥٢٣)، وأحمد (١/ ٢٢٧ و٢٣١ و٢٤١ و٢٧١ و٣٠١ و٣٢١ و٣٢٦) من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد … به.٥٦ – باب في صوم شعبان
٢١٠١ – عن عائشة قالت:
كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله أن يصومه: شعبانُ، ثم يَصِلُهُ برمضان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سمع عائشة تقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٠٧٧): وحدثنا عبد الله بن هاشم:
حدثنا عبد الرحمن … به.
ثم أخرجه هو، والنسائي (١/ ٣٢١)، والحاكم (١/ ٤٣٤)، وعنه البيهقي (٤/ ٢٩٢) من طريق ابن وهب: أخبرني معاوية بن صالح … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي!
قلت: وهذا من أوهامهما، وبخاصة الذهبي منهما؛ فإنه قال في ترجمة معاوية هذا من «الميزان»:
«وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري، وترى الحاكم يروي في»مستدركه«أحاديثه ويقول:»على شرط البخاري«؛ فيَهِمُ في ذلك ويكرِّره»!٥٧ – باب في صوم شوال
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٥٨ – باب في صَوْمِ سِتَّةِ أيامٍ مِنْ شَوَّالٍ
٢١٠٢ – عن أبي أيوب -صاحب النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال:
«من صام رمضان، ثم أتْبَعَه بِسِتٍّ من شَوَّالٍ؛ فكأنما صام الدهرَ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه».
وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن القيم).
إسناده: حدثنا النُّفَيْلي: ثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (٢١١٥)، وكذا الدارمي من طريق أخرى عن عبد العزيز بن محمد … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٦٩ – ١٧٠) وغيره من طرق أخرى عن سعد بن سعيد وحده عن عمر بن ثابت … به.
وسعد هذا فيه ضعف من قبل حفظه. ولذلك ضعف بعضهم الحديث من أجله، لكن متابعة صفوان بن سُلَيْمٍ وغيره إيَّاه يقوِّيه.
وقد خرجت الحديث في «الإرواء» (٩٥٠). وأطال النفسَ فيه ابنُ القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٠٨ – ٣١٤) -وصححه؛ فراجعه فإنه نفيس.٥٩ – باب كيف كان يصوم النبي ﷺ؟
٢١٠٣ – عن عائشة زوج النبي ﷺ أنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يصوم، حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شَهْرٍ قطُّ إلا رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثرَ صيامًا منه في شعبان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وروى بعضه ابن الجارود في «المنتقى»، وابن خزيمة في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عُبَيْد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ٢٨٧).
وأخرجه البخاري (٤/ ١٧٣)، ومسلم (٣/ ١٦٠ – ١٦١)، والنسائي (١/ ٣٢١)، والبيهقي (٤/ ٢٩٢)، وأحمد (٦/ ١٠٧ و١٥٣ و٢٤٢) كلهم من طرق أخرى عن مالك … به؛ إلا أن النسائي قرن معه آخرين من رواية ابن وهب قال: أخبرني مالك وعمرو بن الحارث -وذكر آخر قبلهما- أن أبا النضر حدثهم … به.
ثم أخرجه هو (١/ ٣٠٦)، والشيخان، والترمذي (٧٣٦)، وابن خزيمة (٢٠٧٩ و٢١٣٣)، وابن ماجة (١/ ٥٢٢)، وابن الجارود (٤٠٠)، والبيهقي، وأحمد (٦/ ٣٩ و٨٤ و١٢٨ و١٤٣ و١٦٥ و١٨٩ و٢٣٣ و٢٤٩ و٢٦٨) من طرق أخرى عن أبي سلمة به … نحوه، يزيد بعضهم على بعض. وعند البخاري -بعد قوله: شعبان-: فإنه كان يصوم شعبان كله.
وكذا في رواية ابن خزيمة. وعند ابن الجارود مثل حديث أبي هريرة الآتي بعده. ولفظ مسلم:
.. كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلًا.٢١٠٤ – عن أبي هريرة عن النبي ﷺ … بمعناه، زاد:
كان يصومه إلا قليلًا، بل كان يصومه كُلَّهُ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، لكن ذكر أبي هريرة فيه وهم! والصواب أنه من (مسند عائشة) كما في الطريق التي قبلها، أو من (مسند أم سلمة) كما رواه النسائي وغيره).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه روى لمحمد بن عمرو متابعة.
لكن قد خولف حماد -وهو ابن سلمة- في إسناده عنه، فقال الإمام أحمد (٦/ ١٤٣)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ١٠٣): حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال:
سألت عائشة: كيف كان رسول الله ﷺ يصوم؟ قالت … فذكره مثل حديثها المذكور في الباب؛ وفي آخره:
كان يصوم شعبان كلّه إلا قليلًا، بل كان يصوم شعبان كله.
فجعله من (مسند عائشة).
وتابعه ابن نمير قال: ثنا محمد -يعني: ابن عمرو- … به: أخرجه أحمد (٦/ ١٦٥).
وتابعه محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة … به: أخرجه النسائي (١/ ٣٠٦).
وفي رواية له (١/ ٣٢١) عنه … به؛ إلا أنه قال: أم سلمة .. بدل: عائشة.
وهو رواية لأحمد (٦/ ٣١١).
وتابعه -عنده (٦/ ٢٩٣ – ٢٩٤ و٣٠٠) – سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة … به.
وهو رواية للنسائي، وحسنها الترمذي (٧٣٦). وإسنادها صحيح.
ويبدو لي أن ذكر أبي هريرة فيه وهم من حماد! والله أعلم.٦٠ – باب في صوم يوم الاثنين والخميس
٢١٠٥ – عن مولى أسامة بن زيد:
أنه انطلق مع أسامة إلى (وادي القُرَى) في طلب مال له، فكان يصوم يوم الاثنين والخميس، فقال له مولاه: لمَ تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير؟ ! فقال: إن نبيَّ اللهَ ﷺ كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، وسُئِلَ عن ذلك؟ فقال:
«إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه المنذري من رواية النسائي).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن عمر بن أبي الحكم بن ثوبان عن مولى قُدَامة بن مَظْعُونٍ عن مولى أسامة بن زيد.
قال أبو داود: «كذا قال هشام الدَّسْتَوَائِيُّ عن يحيى عن عمر بن أبي الحكم».
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة.
لكن له طرق أخرى عن أسامة، وشاهد من حديث أبي هريرة، وقد خرجتها
في «الإرواء» (٩٤٨).
٦١ – باب في صوم العشر
٢١٠٦ – عن بعض أزواج النبي ﷺ قالت:
كان رسول الله ﷺ يصوم تِسْعَ ذي الحِجَّةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر، والخمِيْسَيْن (١).
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الحُرِّ بن الصَّبَّاح عن هُنَيْدَةَ بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي ﷺ ﷺ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات معروفون؛ غير هنيدة بن خالد، وقد روى عنه جمع آخر من الثقات، وأورده ابن حبان في الطبقة الأولى من «ثقات التابعين» (٣/ ٢٨٤). قال الحافظ:
«قلت: وذكره أيضًا في الصحابة، وقال: وله صحبة. وكذا ذكره ابن عبد البر في»الاستيعاب«…». وقال في «الإصابة»:
«وقال ابن منده: عداده في صحابة الكوفة. وقال أبو إسحاق: كانت أمه تحت عمر بن الخطاب».
وأما امرأته؛ فلم أجد لها ترجمة! غير أن الحافظ رحمه الله ذكر في فصل «المبهمات من النسوة» -من «التقريب»-: أنها صحابية. والله أعلم.
لكن قد اختلفوا على الحُرِّ بن الصباح في إسناده ومتنه:
١ – أما الإسناد فعلى وجوه أربعة:
الأول: رواية أبي عوانة هذه عنه عن هنيدة عن امرأته … وأخرجها النسائي أيضًا (١/ ٣٢٨)، وأحمد (٦/ ٢٨٨)، والطحاوي (١/ ٣٣٧).
الثاني: رواه زهير -وهو ابن معاوية-عن الحر قال: سمعت هنيدة الخزاعي
قال: دخلت على أم المؤمنين سمعتها تقول …
أخرجه النسائي؛ فأسقط من الإسناد امرأة هُنَيْدَةَ.
الثالث: قال أبو إسحاق الأشجعي: عن عمرو بن قيس المُلائِي عنه عن هنيدة عن حفصة قالت … فذكره نحوه: أخرجه النسائي.
وهذا الوجه كالذي قبله؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين: حفصة.
الرابع: قال شريك: عنه عن ابن عمر … نحوه: أخرجه النسائي وابن أبي حاتم في «العلل» (١/ ٢٣١) كما يأتي.
قلت: وأصح هذه الوجوه عندي: الأول والثاني؛ لثقة رجالهما، والتوفيق بينهما سهل بإذن الله تعالى، وذلك بحمل الأول على أنه من (المزيد فيما اتصل من الأسانيد)؛ فإن الثاني إسناده صحيح متصل بالسماع من هنيدة لأم المؤمنين، فالظاهر أنه سمعه أولًا من امرأته، ثم دخل بنفسه على أم المؤمنين، فسمعه منها مباشرة. وهذا بَيِّنٌ إن شاء الله تعالى.
وأما الوجه الثالث؛ ففيه أبو إسحاق الأشجعي؛ قال الذهبي:
«ما علمت أحدًا روى عنه غير أبي النضر هاشم». يعني: أنه مجهول. وقال الحافظ:
قلت: على أنه مطابق للوجه الثاني كما هو ظاهر؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين: حفصة، والخطب في هذا سهل.
وأما الوجه الرابع؛ فهو ظاهر الضعف؛ لسوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-، وقد شذ في إسناده عن الوجوه الثلاثة، فهو منكر.
وإلى ذلك يشير أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في «العلل» -قال:
«سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شريك عن الحُرِّ بن الصَّبَّاح عن ابن عمر ..؟ فقال: هذا خطأ؛ إنما هو: الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن أم سلمة عن النبي ﷺ»!
قلت: لم أر في شيء من الوجوه المذكورة ذِكْرَ أم سلمة! وإنما هو أم المؤمنين، وأما أم سلمة فهو في طريق أخرى عن هنيدة عن أمه (وليس عن امرأته) عن أم سلمة: أخرجه المصنف، كما سيأتي ذكره في آخر الكلام على هذا الحديث.
وأما الاختلاف في المتن؛ فهو على وجوه أربعة أيضًا:
الأول: رواية أبي عوانة: أول اثنين من الشهر والخميسين.
وهي في الكتاب كما تقدم.
الثاني: رواية زهير بن معاوية مثله؛ لكنه قال: ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه.
الثالث: رواية الأشجعي عن عمرو بن قيس بلفظ: ثلاثة أيام من كل شهر … ولم يزد.
قلت: والعمدة من هذه الوجوه إنما هو الوجه الثاني، لأنه -مع صحة سنده- فيه زيادة بيان على الوجه الأول؛ فضلًا عن الوجه الثالث.
والوجه الرابع شاهد له لا بأس به.
وقد وجدت للحُرِّ بن الصباح متابعًا، يرويه الحسن بن عبيد الله عن هُنَيْدَةَ الخُزَاعي عن أمِّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين والخميس والخميس.
أخرجه البيهقي (٤/ ٢٩٥).
وهذه متابعة لا بأس بها؛ لكن الحسن هذا فيه ضعف؛ وقد اختلف عليه في متنه. فقيل عنه هكذا. وقيل: عنه بلفظ:
الاثنين، والجمعة، والخميس.
أخرجه المصنف وغيره.
وقيل غير ذلك، مما سأبينه إن شاء الله تعالى في الكتاب الآخر برقم (٤٢٢/ ٢).٢١٠٧ – عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
«ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام» -يعني: أيامَ العَشْرِ-. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ ! قال:
“ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا رَجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا الأعمش عن أبي صالح ومجاهد ومسلم البَطِينِ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري والترمذي والدارمي وابن ماجة والبيهقي والطيالسي وأحمد من طرق أخرى عن الأعمش عن مسلم البطين وحده. وقال الترمذي:
«حسن صحيح غريب»، وصرح الدارمي بسماع سليمان -وهو الأعمش- من البطين.
وقد تابعه أيضًا القاسم بن أبي أيوب عن سعيد … به نحوه.
أخرجه الدارمي.
والقاسم هذا ثقة، وليس هو ابن بهرام، كما جزم الحافظ في «التقريب».
وقد ذكر في «الفتح»: أن في رواية للحديث عن الأعمش عن أبي صالح ومجاهد اختلافًا، فراجعه.
والحديث قد خرجته في «إرواء الغليل» (٨٩٠ و٩٥٣).
٢١٠٨ – عن عائشة قالت:
ما رأيت رسول الله ﷺ صائمًا العَشْرَ قَطُّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم وابن خزيمة في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه من أفراد البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي عند مسلم وغيره.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٢٤): ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة … به.
وأخرجه هو (٦/ ٤٢ و١٩٢)، ومسلم (٣/ ١٧٦)، والترمذي (٧٥٦)، والبيهقي (٤/ ٢٨٥) من طرق أخرى عن الأعمش … به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢١٠٣).
وتابعه منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة … به: أخرجه ابن ماجة (١/ ٥٢٧): حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ: ثنا أبو الأحوص عن منصور … به.
وقد علقه الترمذي، لكنه لم يذكر في إسناده: عن الأسود .. وقال:
«وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث. ورواية الأعمش أصح وأوصل إسنادًا».
قلت: رواية ابن ماجة عن منصور متصلة صحيحة الإسناد، فهي تؤكد
أصَحيَّةَ رواية الأعمش. والله أعلم.
٦٣ – باب في صوم عرفة بعرفة
٢١٠٩ – عن أم الفضل بنت الحارث:
أن ناسًا تمارَوْا عندها يَوْمَ عرفة في صوم رسول الله ﷺ، فقال بعضهم: هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بِقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقف على بعيره بعرفة، فَشَرِبَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر عن عمير مولى عبد الله بن عباس عن أم الفضل بنت الحارث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٣٤٠).
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٤/ ١٩٢)، ومسلم (٣/ ١٤٥ – ١٤٦)، والبيهقي (٤/ ٢٨٣)، وأحمد (٦/ ٣٤٠) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه البخاري أيضًا (٣/ ٤٠٣) … بإسناد المصنف عنه.
وتابعه سفيان الثوري عن سالم أبي النضر … به: أخرجه البخاري (١٠/ ٥٨ و٨٠)، ومسلم وأحمد.
ثم أخرجه هذا، والترمذي (٧٥٠)، وابن خزيمة (٢١٠٢)، والبيهقي من طريق
«حديث حسن صحيح».٦٤ – باب في صوم يوم عاشوراء
٢١١٠ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ﷺ يصومه في الجاهلية. فلمَّا قَدِمَ رسول الله ﷺ المدينةَ؛ صامه وأمر بصيامه. فلما فُرِضَ رمضان؛ كان هو الفريضة، وَتَركَ عاشوراءَ؛ فمن شاء؛ صامه، ومن شاء؛ تركه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي البخاري هو إسناد المؤلف. وصححه الترمذي وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٢٧٩) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي (٤/ ٢٨٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري (٤/ ١٩٨) … بإسناد المصنف نفسه.
ومسلم (٣/ ١٤٦)، والترمذي (٧٥٣)، والدارمي (٢/ ٢٣)، وابن خزيمة
«حديث صحيح».
وتابعه الزهري: أخبرني عروة بن الزبير … به: أخرجه الشيخان وابن ماجة (١/ ٥٢٨)، والبيهقي أيضًا، وأحمد (٦/ ٢٤٣ و٢٤٨).٢١١١ – عن ابن عمر قال:
كان عاشوراء يومًا نصومه في الجاهلية، فلما نزل رمضان؛ قال رسول الله ﷺ:
«إن هذا يَوْمٌ من أيام الله؛ فمن شاء؛ صامه، ومن شاء؛ تركه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناده، وأخرجه مسلم وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في «صحيحه» (٨/ ١٤٣) … بإسناد المصنف.
وأخرجه أحمد (٢/ ٥٧): ثنا يحيى … به.
ثم أخرجه هو (٢/ ١٤٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٥)، ومسلم (٣/ ١٤٧)، وابن خزيمة (٢٠٨٢)، والبيهقي (٤/ ٢٨٩) من طرق أخرى عن عبيد الله … به.
ثم أخرجه البخاري (٤/ ٨٢)، ومسلم والدارمي (٢/ ٢٢)، وابن ماجة
وتابعه سالم بن عبد الله: حدثني عبد الله … به: أخرجه مسلم وابن خزيمة (٢٠٩٤).٢١١٢ – عن ابن عباس قال:
لَمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ؛ وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسُئِلُوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون، ونحن نصومه تعظيمًا له. فقال رسول الله ﷺ:
«نحن أولى بموسى منكم»، وأمر بصيامه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» بإسناد المصنف، وأخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (٢٠٨٤) … بإسناد المصنف.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٤٩) من طريق يحيى بن يحيى: أخبرنا هُشَيْمٌ … به.
وأخرجه هو، والدارمي (٢/ ٢٢)، والبيهقي (٤/ ٢٨٩)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٦) عن شعبة: ثنا أبو بشر … به.
وتابعه عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه … به (*).
٢١١٣ – عن أبي غَطَفَانَ قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول:
حين صام النبي ﷺ يوم عاشوراء، وأمرنا بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تُعَظِّمُهُ اليهود والنصارى؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«فإذا كان العامُ المُقْبِل؛ صُمْنَا يوم التاسع». فلم يَأْتِ العامُ المُقْبِلُ حتى تُوُفِّيَ رسولُ الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى ابن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول: سمعت …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٥١)، والبيهقي (٤/ ٢٨٧) من طريق سعيد بن أبي مريم: ثنا يحيى بن أيوب … به.
ثم أخرجاه من طريق عبد الله بن عمير عن ابن عباس … مرفوعًا؛ بلفظ:
«لئن بقيت إلى قابل؛ لأصومنَّ التاسع».
وكذا أخرجه ابن ماجة (١/ ٥٢٩)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٨)، وأحمد (١/ ٣٤٥).
أتيت ابن عباس وهو مُتَوَسِّدٌ رِداءَهُ في المسجد الحرام، فسألته عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال:
إذا رأيت هلال المحرم؛ فاعْدُدْ، فإذا كان يومُ التاسع؛ فأصبح صائمًا.
فقلت: كذا كان محمد ﷺ يصوم؟
فقال: كذلك كان محمد ﷺ يصوم (١).
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى -يعني: ابن سعيد- عن معاوية بن غلّاب.
(ح) وحدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرني حاجب بن عمر -جميعًا المعنى- عن الحكم بن الأعرج.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّةَ.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٢٤٦) من طريق أخرى عن ابن غلّاب … به.
ثم قال (١/ ٣٦٠): ثنا إسماعيل: أنا يونس عن الحكم بن الأعرج … به.
ويونس: هو ابن عبيد.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٠٩٦): حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن سعيد … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٥١)، والترمذي (٧٥٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٨)، وأحمد (١/ ٣٤٤) عن وكيع بن الجَرَّاح: ثنا حاجب بن عمر … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وقال أحمد (١/ ٢٨٠): ثنا عفان: ثنا حاجب بن عمر أبو خُشَيْنَةَ أخو عيسى النحوي … به.
و(١/ ٢٣٩): ثنا معاذ بن معاذ: ثنا حاجب بن عمر … به.٦٦ – باب في فضل صومه
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٦٧ – باب في صوم يوم وفطر يوم
٢١١٥/ ١ – عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«أحبُّ الصيام إلى الله تعالى: صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى: صلاة داود؛ كان ينام نِصْفَهُ، ويقوم ثُلُثَهُ، وينام سُدُسَهُ. وكان يفطر يومًا ويصوم يومًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه.
والحديث في «مسند أحمد» (٢/ ١٦٠) … بإسناده ومتنه.
وكذلك أخرجه الحميدي في «مسنده» (٥٨٩): ثنا سفيان … به.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة … به. وهو مخرج في «إرواء الغليل» (٩٤٥).٦٨ – باب في صوم الثلاث من كل شهر
٢١١٥/ ٢ – عن ابنِ مِلْحَانَ القَيْسِيِّ عن أبيه قال:
كان رسول الله ﷺ يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاثَ عَشْرَةَ، وأربعَ عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ، قال: وقال:
«هُنَّ كهيئةِ الدَّهْرِ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن مِلْحَانَ القيسي عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن ملحان -واسمه عبد الملك، وقيل في اسم أبيه أقوال، منها: المنهال-؛ وهكذا أورده ابن حبان في «الثقات» (٥/ ١١٨)، وقال:
قلت: ولم يرو عنه غيره -كما قال ابن المديني-، فهو في عداد المجهولين.
ولذلك قال الحافظ في «التقريب»:
«مقبول». يعني: عند المتابعة.
قلت: وقد توبع في رواية أخرى كما يأتي، ومن أجلها أوردته هنا، وإلا؛ فمثله حقه الكتاب الآخر. فإذا كنت ضعفته في بعض ما كتبت؛ فقد عرف وجهه، كما أن وجه تقويته ما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٣٢٩)، وابن ماجة (١٧٠٧)، والبيهقي (٤/ ٢٩٤)، وأحمد (٥/ ٢٨) من طرق عن همام … به؛ إلا أنهم قالوا: عبد الملك ابن قُدَامَةَ بن ملحان.
ثم أخرجوه، وكذا ابن حبان (٣٦٤٣)، والطيالسي (١٢٢٥) من طريق شعبة … به؛ إلا أنه قال: عبد الملك بن المنهال. وقال ابن ماجة:
«أخطأ شعبة، وأصاب همام».
يعني: في اسم والد عبد الملك. وسبقه إلى ذلك ابن معين، فقال:
«هذا خطأ؛ إنما هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي». نقله البيهقي.
وغالط ابن التركماني في ذلك بما لا فائدة من ذكره!
وأما الشاهد؛ فهو من حديث أبي ذر، وقد صححه ابن خزيمة (٢١٢٨)، وابن حبان (٣٦٤٧)، وسنده حسن، وهو مخرج في «التعليق الرغيب» (٢/ ٨٤)، وانظر «الإرواء» (٤/ ١٠٠ – ١٠١).
كان رسول الله ﷺ يصوم -يعني- من غُرَّةِ كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ.
(قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو داود: ثنا شيبان: عن عاصم عن زِرٍّ عن عبد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج لعاصم -وهو ابن أبي النَّجُودِ- متابعة، وهو حسن الحديث كما تقدم مرارًا.
وأبو كامل: اسمه الفُضَيْلُ بن حسين.
وشَيْبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوِيُّ.
والحديث في «مسند الطيالسي» (رقم ٩٣٤ – ترتيبه).
ومن طريقه: أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢١٢٩)، والبيهقي أيضًا (٤/ ٢٩٤).
وأخرجه أحمد (١/ ٣٠٦)، والترمذي (٧٤٢) من طرق أخرى عن شيبان … به.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٢٣) من طريق أخرى عن عاصم … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن غريب». وزاد:
وقلَّما كان يفطر يوم الجمعة.
وهي عند ابن ماجة (١٧٢٥).
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]٧٠ – باب من قال: لا يبالي من أي الشهر
٢١١٧ – عن مُعَاذَةَ قالت: قلت لعائشة:
أكان رسول الله ﷺ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟
قالت: نعم.
قلت: من أي شهر كان يصوم؟
قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وابن خزيمة في «صحيحيهما». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن يزيد الرِّشْكِ عن معاذة قالت …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٦٦)، والبيهقي (٤/ ٢٩٥) من طريقين آخرين عن عبد الوارث … به.
وقد توبع العبد، فقال الطيالسي في «مسنده» (٩٣٩ – ترتيبه): حدثنا شعبة عن يزيد … به نحوه.
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٥٢٢)، وأحمد (٦/ ١٤٥) من طريق محمد بن جعفر: ثنا شعبة … به.
وابن خزيمة (٢١٣٠) من طريق خالد بن الحارث: حدثنا شعبة … به.٧١ – باب النية في الصيام
٢١١٨ – عن حفصة زوج النبي ﷺ: أن رسول الله ﷺ قال:
«مَنْ لم يُجْمعِ الصِّيامَ قبل الفجر؛ فلا صيام له».
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة.
قال أبو داود: «رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضًا جميعًا عن عبد الله بن أبي بكر … مثله. ووقفه على حفصة: معمر والزُّبَيْدِيُّ وابن عيينة ويونس الأيْلِيُّ عن الزهري».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
وغير ابن لهيعة؛ ولكنه مقرون؛ مع أنه صحيح الحديث من رواية العبادلة عنه، وعبد الله بن وهب أحدهم.
وأخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم … يمثله سواء.
وزاد: وقال لي مالك والليث … بمثله.
وقد أخرجه جمع آخر عن ابن وهب وغيره.
وأشار المؤلف رحمه الله إلى اختلاف الرواة في رفعه ووقفه بما علقه عن الليث وغيره. وقد وصلت ذلك، وخرجت الحديث، وتكلمت على طرقه، مبينًا أن الأرجح أنه مرفوع في كتابي «إرواء الغليل» (٩١٤)؛ فأغنى عن الإعادة.٧٢ – باب في الرخصة في ذلك
٢١١٩ – عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ إذا دخل عليَّ؛ قال: «هل عندكم طعام؟». فإذا قلنا: لا، قال. «إني صائم».
زاد وكيع: فدخل علينا يومًا آخر، فقلنا: يا رسول الله! أُهْدِيَ لنا حَيْسٌ؛ فحبسناه لك! فقال: «أدْنِيهِ». قال طلحة: فأصبح صائمًا فأفَطر.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه». وصححه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي).
إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع -جميعًا-عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها.
«صدوق يخطيء».
ويتقوى حديثه هذا بأن له طريقًا أخرى عن عائشة، قد أخرجتها مع الطريق الأولى في «الإرواء» (٩٦٥).٢١٢٠ – عن أم هانئ قالت:
لَمَّا كان يومُ الفتح -فتحِ مَكَّةَ-؛ جاءت فاطمة، فجلست على يسار رسول الله ﷺ، وأمُّ هانئ عن يمينه، قالت: فجاءتِ الوليدةُ بإناء فيه شراب، فناولَتْهُ، فشرب منه، ثم ناوله أمَّ هانئ، فشربت منه، فقالت: يا رسول الله! لقد أفطرتُ وكنت صائمةً؟ فقال لها:
«أكُنْتِ تقضينَ شيئًا؟». قالت: لا. قال:
«فلا يَضُرُّك إن كان تطوعًا».
(قلت: حديث صحيح، وقال العراقي: «إسناده حسن». لكن ذكر (الفتح) فيه منكر؛ لأن (الفتح) كان في رمضان، فكيف يُتَصَوَّرُ قضاء رمضان في رمضان؟ ! قاله ابن التركماني والعسقلاني).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم-؛ أخرج له مسلم مقرونًا بغيره، وفيه ضعف، قال الحافظ:
«أحد علماء الكوفة المشاهير على سوء حفظه».
فمثله حسن الحديث في الشواهد والمتابعات، بل قد يحسن إسناده بعضهم، فهذا هو الحافظ العراقي يقول في «تخريج الإحياء» (٢/ ٣٣١):
«وإسناده حسن».
نعم؛ هو حسن -بل صحيح- بما له من طرق، يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه البيهقي في «سننه» (٤/ ٢٧٧) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارمي (٢/ ١٦) … بإسناده ومتنه.
وله طريق ثانٍ، مداره على سِمَاك بن حرب، وقد اختلف عليه في إسناده:
فقال إسرائيل: عنه عن رجل عن أم هانئ … به.
أخرجه أحمد (٦/ ٣٤٢).
وقال حماد بن سلمة: ثنا سماك عن هارون ابن بنت أم هانئ -أو ابن ابن أم هانئ- عن أم هانئ.
أخرجه أحمد والدارمي والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢/ ١٠٧ – مصر).
وقال أبو الأحوص: عن سماك عن ابن أم هانئ … به.
أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٠)، والترمذي (٧٣١)، والطحاوي (٢/ ١٠٨)، والبغوي في «شرح السنة» (١٨١٣).
وقال أبو عوانة: عن سماك عن ابن ابن أم هانئ عن جدته أنه سمعه منها.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٣٥٤)، والدارقطني في «سننه» (ص ٢٣٥) من طرق أخرى عنه … به؛ إلا أنه قال: عن ابن أم هانئ؛ لم يذكر لفظة: (ابن) الثانية.
وقال حاتم بن أبي صَغيرَةَ: عن سماك عن أبي صالح عن أم هانئ: أخرجه الدارقطني، والحاكم (١/ ٤٣٩)، والبيهقي. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأقول: كلا؛ فإن أبا صالح -واسمه: باذام- ضعفه الجمهور. وأورده الذهبي نفسه في «المغني»، وقال:
«ضعفه البخاري. وقال يحيى القطان: لم أر أحدًا من أصحابنا تركه». وقال الحافظ:
«ضعيف مدلس».
وسماك بن حرب -وإن كان من رجال مسلم-؛ فقد تكلموا فيه. وفي «التقريب»:
«صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن».
فهذا كله يمنع تصحيح هذا الإسناد لذاته.
إلا أن سماكًا قد توبع عليه، فهو صحيح لغيره، أو على الأقل: حسن، فقال شعبة: أنبأنا جَعْدَةُ -رجل من قريش، وهو ابن أم هانئ، وكان سماك يحدثه فيقول: أخبرني ابنا أم هانئ. قال شعبة: فلقيت أنا أفضلهما: جعدة، فحدثني- عن أم هانئ:
«الصائم المتطوع أمين -أو أمير- نفسه: إن شاء؛ صام، وإن شاء؛ أفطر».
قال شعبة: فقلت لجعدة: أسمعته أنت من أم هانئ؟ قال: [لا]، أخبرني أهلنا وأبو صالح مولى أم هانئ عن أم هانئ.
أخرجه أبو داود الطيالسي (رقم ٩١٧ – ترتيبه)، وعنه الترمذي (٧٣٢)، والدارقطني (ص ٢٣٥)، والبيهقي وأحمد (٦/ ٣٤١). وقال الترمذي:
«وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك بن حرب فقال: عن هارون ابن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن».
قلت: ولعل سبب ذلك: أن شعبة سمع من سماك قديمًا؛ فحديثه عنه صحيح، كما قال يعقوب الفسوي. ومع ذلك؛ فقد قال الترمذي عقب ما نقلته عنه آنفًا:
«وحديث أم هانئ في إسناده مقال».
قلت: ولعله لجهالة ابنَيْ أم هانئ، وأحدهما جعدة، ولجهالة أهل هذا، وضعف أبي صالح كما عرفت!
ولكن من الممكن أن يقال: إن مجموع ذلك مما يتقوى به الحديث، لا سيما إذا ضُمَّ إليه حديث الباب.
لكن ذكر يوم الفتح فيه منكر؛ فقد قال ابن التركماني -وتبعه الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٢١١) -:
«ويوم الفتح كان في رمضان، فكيف يُتَصَوَّرُ قضاء رمضان في رمضان؟ !».
والحديث في «معجم الطبراني الكبير» (٢٤/ ٤٠٧ – ٤١٠).٧٣ – باب من رأى عليه القضاء
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]
٧٤ – باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها
٢١٢١ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تَصُومُ المرأة وبَعْلُها شاهدٌ إلا بإذنه؛ غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون ذكر رمضان، وليس عند البخاري الشطر الثاني منه إلا من طريق أخرى، ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي بذكر رمضان. وصححه هو وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن هَمام بن مُنَبِّهٍ أنه سمع أبا هريرة يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٤/ ٣٠٥ / ٧٨٨٦) … بإسناده ومتنه؛ إلا أنه لم يذكر رمضان.
وتابعه عبد الله -وهو ابن المبارك-: أخبرنا معمر … دون الشطر الآخر: أخرجه البخاري (٩/ ٢٤١).
ثم أخرجه من طريق الأعرج عن أبي هريرة … بتمامه.
وأخرجه الترمذي (٧٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (ق ٦٣/ ٢)، وابن خزيمة (٢١٦٨) من هذا الوجه … دون الشطر الآخر. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح»؛ وذكروا فيه رمضان.
وقد جاء ذكره في أحاديث أخرى، أظن أني خرجتها في «الإرواء» (٢٠٠٤)، وراجع «الترغيب»، والحديث الآتي.٢١٢٢ – عن أبي سعيد قال:
جاءتِ امرأةٌ إلى النبيِّ ﷺ ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي صَفْوانَ بن المُعَطَّلِ يضربني إذا صَلَّيْتُ، ويُفَطِّرني إذا صُمْتُ، ولا يصلِّي صلاةَ الفجر حتى تَطْلُعَ الشمس؟ ! قال: وصفوان عنده. قال: فسأله عَمَّا قالت؟ فقال: يا رسول الله! أمَّا قولها: يضربني إذا صليت؛ فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها! قال: فقال:
«لو كانت سورةً واحدةً؛ لَكَفَتِ الناسَ».
وأما قولها: يُفَطِّرُني؛ فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شابٌّ فلا أصبر! فقال رسول الله ﷺ:
وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس؛ فإنا أهل بيت قد عُرِفَ لنا ذاك؛ لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس! قال:
«فإذا استيقظت؛ فَصَلِّ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان والعسقلاني).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد.
قال أبو داود: «رواه حماد -يعني: ابن سلمة- عن حميد وثابت عن أبي المتوكل».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الإمام أحمد وابنه (٣/ ٨٠) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٢/ ٤٢٤)، والحاكم (١/ ٤٣٦)، وعنه البيهقي (٤/ ٣٠٣) عن عثمان … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.
وتابعه أبو خيثمة: حدثنا جرير … به. أخرجه ابن حبان (٩٥٦).
وتابعه أبو بكر بن عياش عن الأعمش … به: أخرجه أحمد (٣/ ٨٤ – ٨٥).
وشريك عن الأعمش … مختصرًا جدًّا؛ بلفظ:
أخرجه الدارمي (٢/ ١٢).
وقد أُعِلَّ بما لا يقدح، فقال الحافظ في «الفتح» (٨/ ٢٧٢):
«قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة، فدلّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي أصل. انتهى. وما أعله به ليس بقادح؛ لأن ابن سعد صرح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح، ورجاله رجال»الصحيح«. ولما أخرجه أبو داود بعده عن أبي المتوكل عن النبي ﷺ. وهذه متابعة جيدة تُؤْذِنُ بأن للحديث أصلًا …» إلخ.
وصرح في «الإصابة» بأن إسناده صحيح، وأجاب عما استنكره البزار وغيره بكلام جيد، سبقه إليه ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٣٦)؛ فليرجع إليه من شاء.
(تنبيه): الحديث عزاه في «المشكاة» (٣٢٦٩) لابن ماجة أيضًا! خلافًا لـ «تحفة المزي» (٤٠١٢).٧٥ – باب في الصائم يدعى إلى الوليمة
٢١٢٣ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا دُعِيَ أحدكم؛ فليجب، فإن كان مفطرًا؛ فَلْيَطْعَمْ، وإن كان صائمًا؛ فَلْيُصَلِّ». قال هشام: والصلاة: الدعاء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي).
قال أبو داود: «رواه حفص بن غياث أيضًا»،
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وهشام: هو ابن حسان.
والوليد: هو ابن مسلم، وقد توبع كما أشار إليه المؤلف ويأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٢٧٩ و٥٠٧)، والبيهقي (٤/ ٢٦٣) من طرق أخرى عن هشام … به.
وقال مسلم (٤/ ١٥٣): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن هشام … به.
وتابعه أيوب عن محمد بن سيرين … به نحوه.
أخرجه الترمذي (٧٨٠) -وقال:
«حسن صحيح»-، وأحمد (٢/ ٤٨٩).٧٦ – باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام
٢١٢٤ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام وهو صائم؛ فليقل: إني صائم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي.
وسفيان: هو ابن عيينة.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ٦٤)، وأحمد (٢/ ٢٤٢)، والحميدي في «مسنده» (١٠١٢) قالوا: حدثنا سفيان … به.
وأخرجه مسلم (٣/ ١٥٧)، وابن ماجة (١/ ٥٣٢) من طريق ابن أبي شيبة.
وهما، والترمذي (٧٨١)، والدارمي (٢/ ١٦) من طرق أخرى عن سفيان … به. وقال الترمذي:
«حسن صحيح».
وتابعه المَقْبُرِيُّ عن أبي هريرة … مثله: أخرجه الحميدي (١٠١٣).
وسنده جيد.٧٧ – باب الاعتكاف
٢١٢٥ – عن عائشة:
أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان؛ حتى قبضه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وإسناد مسلم إسناد المؤلف).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (ق ٦٨/ ٢)، وأحمد (٦/ ٩٢): حدثنا قتيبة بن سعيد … به.
وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق أخرى عن الليث … به. وهو مخرج في «الإرواء» (٩٦٦).
وتابعه معمر وابن جريج عن الزهري … به؛ دون اعتكاف الأزواج: أخرجه ابن الجارود (٤٠٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٩١٦).
وأخرجاه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة … به.
وكذلك أخرجه ابن خزيمة (٢٢٢٣)؛ لكنه لم يذكر معمرًا.
وحديث أبي هريرة: عند البخاري من طريق أخرى عنه.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٨١) … مثل رواية ابن الجارود وابن حبان.٢١٢٦ – عن أُبَيِّ بن كعب:
أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عامًا، فلما كان العام المقبل؛ اعتكف عشرين ليلة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي. ورواه البخاري وابن خزيمة عن أبي هريرة. وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أنس).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١/ ٥٣٧ – ٥٣٨)، وابن خزيمة (٢٢٢٥)، وابن حبان (٩١٧)، والطيالسي (٩٥٣ – ترتيبه)، والنسائي في «الكبرى» (ق ٧١/ ٢)، والبيهقي (٤/ ٣١٤)، وأحمد (٥/ ١٤١) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة … به.
وأخرجه الحاكم (١/ ٤٣٩)، وقال:
«صحيح»، ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (٤/ ٢٢٩)، والدارمي (٢/ ٢٧)، وابن ماجة (١/ ٥٣٧)، وابن خزيمة (٢٢٢١)، والبيهقي. وسيأتي برقم (٢١٣٠).
ومن حديث أنس: عند الترمذي (٨٠٣)، وصححه ابن خزيمة (٢٢٢٦ و٢٢٢٧)، وابن حبان (٩١٨)، والحاكم -وقال: «صحيح على شرط الشيخين»-، والبيهقي، وأحمد (٣/ ١٠٤).
وسنده ثلاثي.٢١٢٧ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يعتكف؛ صلى الفجر ثم دخل مُعْتَكَفَهُ. قالت: وإنه أراد مَرَّةً أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمَرَ ببنائه فضُرِبَ، فلما رأيتُ ذلك؛ أمَرتُ ببنائي فضُرِبَ، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي ﷺ ببنائه فضُرِب. فلما صلى الفجر؛ نظر
«ما هذه؟ آلبِرَّ تُرِدْنَ؟ !». فأمر ببنائه فَقُوِّضَ، وأمَرَ أزواجه بأبنيتهن فَقُوِّضَتْ، ثم أخَّر الاعتكاف إلى العشر الأول، يعني: من شوال.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن خزيمة وابن الجارود).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية ويعلي بن عبيد عن يحيى ابن سعيد عن عمرة عن عائشة.
قال أبو داود: «رواه ابن إسحاق والأوزاعي عن يحيى بن سعيد … نحوه.
ورواه مالك عن يحيى بن سعيد قال: اعتكف عشرين من شوال».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٣/ ١٧٥)، والبيهقي (٤/ ٣١٥) من طريق يحيى بن يحيى: أبَنَا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد … به.
وقال أحمد (٦/ ٢٢٦): ثنا يعلى بن عُبَيْدٍ قال: ثنا يحيى … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١١٦)، وابن ماجة (١/ ٥٣٨)، وابن الجارود (٤٠٨)، وابن خزيمة (٢٢١٧) من طرق أخرى عن يعلى بن عبيد … به.
وأما مُعَلَّقُ ابن إسحاق والأوزاعي؛ فوصلهما مسلم.
ووصله البخاري (٤/ ٢٢٩)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ق ٦٩/ ١)، وأحمد (٦/ ٨٤) عن الأوزاعي وحده.
والبخاري (٤/ ٤٢٣) عن مالك، وهو في «الموطأ» (١/ ٢٩٥).
(تنبيه): قوله في رواية مالك المعلقة: عشرين! كذا وقع في كل نسخ الكتاب التي وقفت عليها -ومنها نسخة «عون المعبود» (١/ ٣٠٨) -!
وهو عندي خطأ؛ لمخالفته ما في «الموطأ» و«البخاري». والصواب: عشرًا ..
ويظهر أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في «مختصر السنن» للمنذري (٢٣٥٥)!٢١٢٨ – وفي رواية معلقة:
اعتكف عشرًا من شوال.
(قلت: وصلها مالك، وعنه البخاري).
٧٨ – باب أين يكون الاعتكاف؟
٢١٢٩ – عن ابن عمر:
أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. قال نافع: وقد أراني عبدُ الله المكانَ الذي كان يعتكف فيه رسول الله ﷺ من المسجد.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم بتمامه، والبخاري دون قول نافع).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب عن يونس أن نافعًا أخبره عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
وأخرجه البخاري (٤/ ٢١٩) من طريق ثالث عن ابن وهب؛ دون قول نافع: وقد أراني عبد الله …
وكذا رواه موسى بن عقبة عن نافع … به. أخرجه أحمد (٢/ ١٣٣).
وكذا عيسى بن عمر بن موسى عن نافع … به: أخرجه ابن ماجة وابن خزيمة (٢٢٣٦).
وله عنده (٢٢٣٧)، وكذا أحمد (٢/ ٦٧) طريق أخرى عن ابن عمر … به.٢١٣٠ – عن أبي هريرة قال:
كان النبي ﷺ يعتكف كُل رمضان عَشَرَةَ أيام. فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه؛ اعتكف عشرين يومًا.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا هَنَّادٌ عن أبي بكر عن أبي حَصِينٍ عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في أبي بكر -هو ابن عياش-.
والحديث صحيح، له شواهد تقدم أحدها برقم (٢١٢٦).
والحديث أخرجه ابن ماجة … بإسناد المصنف هذا.
وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن أبي بكر بن عياش … به. وقد مضى تخريجه تحت الشاهد المشار إليه آنفًا.
٢١٣١ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ إذا اعتكف؛ يُدْنِي إليّ رأسَهُ فأرجِّلُهُ، وكان لا يَدْخُلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسان.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيدهما كأحد إسنادي المصنف، والترمذي. وصححه هو وابن الجارود وابن خزيمة).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
حدثنا قتيبة بن سعيد وعبد الله بن مسلمة: قالا: ثنا الليث عن ابن شهاب عن عروه وعمرة عن عائشة عن النبي ﷺ … نحوه.
قال أبو داود: «وكذلك رواه يونس عن الزهري. ولم يتابع أحد مالكًا على: عروة عن عمرة. ورواه معمر وزياد بن سعد وغيرهما عن الزهري عن عروة عن عائشة».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على خلاف بين مالك والليث كما يأتي بيانه في إسناده، لا يضر في صحته؛ وقد أخرجاه كما سأبينه.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ٢٩٠ – ٢٩١) … بإسناده ومتنه.
وقد أخرجه مسلم (١/ ١٦٧) -والبيهقي (٤/ ٣١٥) -من طريق يحيى بن يحيى-، وأحمد (٦/ ٢٦٢) -من طريق إسحاق بن عيسى- كلاهما عن مالك … به.
فقال ابن وهب: عن مالك … عن عروة وعمرة؛ فجمع بينهما! وإنما هذا من رواية الليث ويونس. قال البيهقي -عقبه-:
«وكأنه حمل رواية مالك على رواية الليث ويونس. وأما مالك؛ فإنه يقول فيه: عن عروة عن عمرة».
وأقول: الأقرب: أنه رواية عن مالك؛ فقد رواه بعضهم: عن مالك … فوافق الليث: أخرجه النسائي -كما قال الحافظ في «الفتح» (٤/ ٢٢٠) -، وهو في «الصيام» من «كبرى النسائي» (ق ٧٠/ ٢).
بل قال الترمذي في «سننه» (رقم ٨٠٤): حدثنا أبو مصعب المدني -قراءة- عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروه وعمرة … به، وقال:
«حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة. ورواه بعضهم عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة. والصحيح: عن عروة وعمرة عن عائشة. حدثنا بذلك قتيبة: حدثنا الليث بن سعد …» فذكره مثل رواية المؤلف.
وكذلك أخرجه البخاري (٤/ ٢٢٠)، ومسلم والنسائي في «الكبرى» عن قتيبة … به.
ومسلم وابن ماجة (١/ ٥٤٠) عن محمد بن رُمْحٍ: أخبرنا الليث … به.
وأما مُعَلَّقُ يونس؛ فوصله النسائي وابن الجارود (٤٠٩)، وابن خزيمة (٢٢٣٠).
وكذلك وصله النسائي عن زياد بن سعد.
وخلاصة القول: أن الصواب رواية الليث، وأن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة. وأن مالكًا اختلف عليه فيه؛ والصحيح عنه كرواية الليث.٢١٣٢ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يكون معتكفًا في المسجد، فيناولني رأسه من خَلَلِ الحُجْرةِ؛ فأغْسِلُ رأسه -وقال مسدد: فأرجِّله وأنا حائض-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين -أو مسلم-. وقد أخرجاه وابن خزيمة وابن الجارود).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد، صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان حماد هو ابنَ زيد، وعلى شرط مسلم إن كان ابنَ سلمة، وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٣١٨ و٤/ ٢٢٠)، ومسلم (١/ ١٦٨)، وابن خزيمة (٢٢٣٢)، وابن ماجة (١/ ٢١٨)، وابن الجارود (١٠٤)، وأحمد (٦/ ٥٠ و١٠٠ و٢٠٤) من طرق عن هشام بن عروة … به.
ثم أخرجه مسلم والنسائي (١/ ٦٨)، وعبد الرزاق (١٢٤٧)، وأحمد (٦/ ٣٢ و٢٣٠ و٢٣٤ و٢٧٢) من طرق أخرى عن عروة … به.
أخرجه البخاري (٤/ ٢٢١)، ومسلم والنسائي والبيهقي (٤/ ٣١٦)، وعبد الرزاق (١٢٤٨)، وأحمد (٦/ ٥٥ و١٧٠ و١٨٩ و٢٦١).٢١٣٣ – عن صَفِيَّةَ قالت:
كان رسول الله ﷺ معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا، فحدثته؛ ثم قمت فانقلبت، فقام معي لِيَقْلِبَنِي -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد-، فَمَرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ﷺ؛ أسرعا، فقال النبي ﷺ:
«على رِسْلِكُمَا؛ إنها صفية بنت حُيَيٍّ». قالا: سبحان الله! يا رسول الله! قال:
«إن الشيطان يَجْرِي من الإنسان مَجْرَى الدم، فخشيتُ أن يَقْذِفَ في قلوبكما شيئًا -أو قال: شرًّا-».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن شَبَّوَيْهِ المَرْوَزِيّ: حدثني عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن شبويه، وهو ثقة، وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٨٠٦٥) … بإسناده ومتنه.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٦/ ٢٦١)، ومسلم (٧/ ٨)، والنسائي في «الكبرى» (ق ٦٣/ ٢)، وابن خزيمة (٢٢٣٣)، وأحمد (٦/ ٣٣٧) كلهم عن
وخالفه هشام بن يوسف، فرواه عن معمر عن الزهري عن علي بن الحسين … مرسلًا: أخرجه البخاري (٤/ ٢٢٧).
لكن تابعه جمع عن الزهري … به موصولًا:
منهم: شعيب بن أبي حمزة: في رواية المصنف الآتية.
ومنهم: عبد الرحمن بن خالد بن مُسافر: عند البخاري (٤/ ٢٢٧ و٦/ ١٥٩)، والبيهقي (٤/ ٢٢١).
ومحمد بن أبي عَتِيق: عند البخاري (٤/ ٢٢٧ و١٠/ ٤٩٣).
وعثمان بن عمر بن يونس بن عبيد الله بن معمر: عند ابن ماجة (١/ ٥٤١).٢١٣٤ – وفي رواية عنها … بهذا؛ قالت:
حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة؛ مَرَّ بهما رجلان … وساق معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» بإسناد المؤلف، وأخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري … بإسناده بهذا قالت …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري، ولكنه قد تابعه البخاري نفسه وغيره كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٢٢٣٤) … بإسناد المصنف
وقال البخاري (٤/ ٢٢٤ و١٠/ ٤٩٣): حدثنا أبو اليمان … به؛ وساقه بتمامه نحوه.
وكذلك قال الدارمي (٢/ ٢٧): حدثنا أبو اليمان … به؛ إلا أنه لم يسقه بتمامه.
بخلاف مسلم؛ فإنه رواه (٧/ ٨ – ٩) عن الدارمي … بتمامه.
ورواه البيهقي (٤/ ٢٢٤) من طريقين آخرين عن أبي اليمان … به.
وتابعه بشر بن شعيب عن أبيه … به: أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٩/ ٢).
(تنبيه): وقع في «سنن الدارمي» وصف المسجد بـ: (الحرام)!
وهو خطأ فاحش، والظاهر أنه من الناسخ أو الطابع.
وكذلك وقع فيه: أبو النعمان .. بدل: أبو اليمان! وهو خطأ أيضًا. ووقع في «مسلم» على الصواب، وهو رواه عن الدارمي كما تقدم.٨٠ – باب المعتكف يعود المريض
٢١٣٥ – عن عائشة: أنها قالت:
السُّنَّةُ على المعتكف: أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يَمَسّ امرأة، ولا يُباشِرَها، ولا يَخْرُجَ لحاجة؛ إلا لما لا بُدَّ منه. ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
قال أبو داود: «غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السنة».
قال أبو داود: «جعله قول عائشة».
قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف يسير في عبد الرحمن بن إسحاق، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
وإعلال المصنف لحديثه -بمخالفته لغيره- يردُّه أنه تابعه ابن جريج: عند الدارقطني، والليث: عند البيهقي، كما خرجته في «الإرواء» (٩٦٦).
ويؤيد هذا: أنه ذكره (٤/ ٣١٧) معلقًا من رواية الزهري عن عروة عن عائشة … وقال عقبه:
«كذا رواه غير واحد عن الزهري». فقول الدارقطني:
«يقال: إن قوله: والسنة للمعتكف … مدرج في الحديث من كلام الزهري»!
غير مقبول؛ كيف لا وقد اتفق الليث وابن جريج مع عبد الرحمن بن إسحاق في جعله من قول عائشة؟ ! فاتفاقهم يبعد شبهة خطأ عبد الرحمن في ذلك.
وهذا الجواب أولى مما أجاب به ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٤٨ – ٣٤٩)؛ فراجعه إن شئت.
وحينئذ؛ فهو في حكم المرفوع، كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث.
والحديث رواه البيهقي (٤/ ٣٢١) من طريق المؤلف.
أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلةً … عند الكعبة، فسأل النبي ﷺ؟ فقال:
«اعتكف …».
إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا أبو داود: ثنا عبد الله عن عمرو بن دينار عن ابن عمر.٢١٣٧ – زاد في رواية:
فبينما هو معتكف؛ إذ كَبَّرَ الناس، فقال: ما هذا يا عبد الله؟ ! قال: سَبْيُ هَوَازِنَ، أعتقهم النبيُّ ﷺ. قال: وتلكَ الجاريةُ فأرْسِلْها معهم.
(قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه الشيخان).
إسناده: حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح القرشي: ثنا عمرو بن محمد عن عبد الله بن بُدَيْلِ … بإسناده نحوه قال …
قلت: مدار الإسنادين على عبد الله بن بديل، وفيه ضعف، ولكن لما كان الحديث قد صح من غير طريقه؛ أوردته هنا، بعد أن حذفت منه زيادتين، تفرد بهما دون كل الثقات:
الأولى: قوله -بعد: ليلة-: أو يومًا.
والأخرى: قوله -بعد: «اعتكف»-: «وصم».
وقد أشرت إلى الحذف بوضع النقط مكان الحذف. وقد أنكر زيادة: «وصم»:
أما زيادة: أو يومًا .. فلم تقع في شيء من الروايات الصحيحة مجموعة إلى ما قبلها: ليلة أو يومًا ..
وإنما اختلفوا، فبعضهم قال: ليلة .. وبعضهم قال: يومًا .. كما بينه العلامة ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٤٦).
وأكثر الروايات على الأول.
ولذلك شك ابن خزيمة في ثبوت اللفظ الآخر (٣/ ٣٤٧). وجزم الحافظ في «الفتح» (٤/ ٢٢١) بأنه شاذ.
وأما سائر الحديث؛ فهو صحيح ثابت من رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر … به.
أخرجه البخاري (٦/ ١٩١ – ١٩٢)، ومسلم (٥/ ٨٩)، وابن خزيمة (٢٢٢٩)، وأحمد (٢/ ٣٥ و١٥٣) من طرق عنه.
وتابعه عبيد الله عن نافع … به. وسيأتي في الكتاب آخر «الأيمان والنذور».٨١ – باب في المستحاضة تعتكف
٢١٣٨ – عن عائشة رضي الله عنها:
اعتكفتْ مع النبي ﷺ امرأةٌ من أزواجه؛ فكانت ترى الصُّفْرَةَ والحُمْرَةَ، فَرُبَّما وضعنا تحتها الطَّسْتَ وهي تصلِّي.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يزيد عن خالد عن عكرمة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
وعكرمة: هو البربري أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس.
وخالد: هو الحذاء.
ويزيد: هو ابن زريع.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٣٢٧ و٤/ ٢٢٦) … بإسناد المصنف.
وأخرجه البيهقي (٤/ ٢٢٣) من طريقه.
ثم أخرجه هو، وابن ماجة (١/ ٥٤٢)، وأحمد (٦/ ١٣١) من طرق أخرى عن يزيد بن زُرَيْعٍ … به.
وتابعه يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة أو عكرمة قال:
كانت زينب تعتكف مع النبي ﷺ وهي تُرِيقُ الدم، فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة.
أخرجه الدارمي (١/ ٢٢٠)؛ وإسناده صحيح مرسل.
انتهى (كتاب الصيام)
وبه ينتهي النصف الأول من «صحيح سنن أبي داود»
وكان الفراغ من كتابته منتصف ليلة الثلاثاء ٢٧ ذي القعدة سنة ١٣٩٧ هـ وأنا أستعد للسفر إلى الحج بالسيارة صُبْحَ الخميسِ الآتي، يسَّره الله لي وتقبَّله مني وصالحَ عملي إنه سميع مجيب
وصلى الله على محمد النبي الأمِّيِّ وآله وصحبه وسلم