٦٨٦ – عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا جعلت بين يديك مِثْلَ مُؤْخِرَة الرَّحْلِ؛ فلا يَضُرُّكَ مَنْ مَرَّ بين يَدَيْكَ».
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
إسناده: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أنا إسرائيل عن سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وسماك: هو ابن حرب، وهو حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة. وأما إذا روى عنه سفيان أو شعبة؛ فهو صحيح الحديث، كما تقدم.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٥٤)، والترمذي (٢/ ١٥٦)، والبيهقي (٢/ ٢٦٩) – عن أبي الأحوص-، ومسلم، وابن ماجة (١/ ٣٠١)، والبيهقي -عن عمر بن عُبَيد الطَّنَافِسِيِّ-، وأبو عوانة (٢/ ٤٥ – ٤٦)، وابن الجارود (١٦٦)، وأحمد (رقم ١٣٨٨ و١٣٩٨) -عن زائدة- كلهم عن سماك … به.
ورواية الطنافسي -عند أحمد- بينه وبين سماك: زائدة.
وأخرجه الطيالسي (٢٣١) من طريقين آخرين عن سماك … نحوه.
وللحديث شاهد عن عائشة عنه ﷺ:
أنه سُئل في غزوة تبوك عن ستره المصلي؟ فقال: «مثلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ».
رواه مسلم وأبو عوانة وغيرهما.
٦٨٧ – عن عطاء قال:
آخِرَةُ الرَّحْلِ: ذراعٌ فما فوقه.
(قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين، وقال النووي: «إسناده صحيح».
وعطاء: هو ابن أبي رباح).
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ولولا عنعنة ابن جريج؛ لصرحت بصحته على شرطهما.
وأما النووي؛ فقال في «المجموع» (٣/ ٢٤٦):
«إسناده صحيح»!
وهو عطاء بن أبي رباح.
وهذا الأثر رواه البيهقي (٢/ ٢٦٩) من طريق المصنف.
ثم رواه من طريق عبد الرزاق: أَبَنا ابن جريج … به، دون قوله: فما فوق.
وروى من طريق معمر عن قتادة:
ذراع وشبر.
٦٨٨ – عن ابن عمر:
أن رسول الله ﷺ كان إذا خرج يوم العيد؛ أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلِّي إليها، والناسُ وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمِنْ ثَمَّ اتخذها الأمراء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن نُمَيْرٍ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه.
وأخرجه أحمد (٢/ ١٤٢): ثنا ابن نمير … به. وأخرجه البخاري (١/ ٤٥٤)، ومسلم (٢/ ٥٥) من طرق أخرى عن ابن نمير … به.
وأخرجه أبو عوانة، وابن ماجة (١/ ٣٩٢) من طريق علي بن مُسْهِر: ثنا عبيد الله بن عمر … به.
وأخرجه مسلم، والنسائي (١/ ٣٣٢)، وابن ماجة (١/ ٣٠١)، وأحمد (رقم ٥٧٣٤)، وصححه ابن خزيمة (١٤٣٣) من طرق أخرى عن عبيد الله … مختصرًا.
وله عند ابن ماجة طريق أخرى عن نافع … بزيادة:
وذلك أن المُصَلَّى كان فضاءً ليس فيه شيء يُسْتَتَرُ به.
وسنده صحيح على شرطهما.
ورواه ابن خزيمة (١٤٣٥).
٦٨٩ – عن أبي جُحَيْفَةَ: أن النبي ﷺ صلَّى بهم بالبَطْحاء -وبين يديه عَنَزَةٌ- الظهرَ ركعتين، والعصر ركعتين؛ يمر خلف العَنَزَةِ المرأةُ والحمارُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي. حديث حسن صحيح”).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٤٥٤ – ٤٥٥)، ومسلم (٢/ ٥٦ – ٥٧)، وأحمد (٤/ ٣٠٧ و٣٠٨) من طرق أخرى عن شعبة به.
وقد رواه المصنف فيما تقدم (رقم ٥٣٣)؛ ولكنه لم يسقه بتمامه، وهذا تمامه.
١٠١ – باب الخَطِّ إذا لم يجد العصا
قال أبو داود: «وسمعت أحمد -يعني: ابن حنبل رحمه الله سئل عن وَصْفِ الخطِّ غير مرة؟ فقال: هكذا عرضًا؛ مثل الهلال (١)».
قال أبو داود: «وسمعت مُسدَّدًا قال: قال ابن داود (٢): الخطُّ بالطُّول».
قال أبو داود: «وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة؛ فقال: هكذا -يعني: بالعرض- حورًا دورًا مثل الهلال؛ يعني: منعطفًا».
قلت: وما دام أن الحديث لم يثبت -كما فصلناه في الكتاب الآخر-؛ فلا حاجة إلى معرفة كيفية الخط.
والحق قول الشافعي في الجديد، فقال في كتاب البوَيْطي:
«ولا يخط المصلي بين يديه خطأ، إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع». نقله البيهقي في «سننه» (٢/ ٢٧١).
(٢) هو عبد الله بن داود بن عامر الخُرَيْبِيُّ، وهو ثقة من رجال البخاري.
وقد روى هذا الأثر والذي قبله: البيهقي عن المصنف.
رأيت شريكًا صلى بنا -في جنازةٍ- العصرَ، فوضع قلنسوته بين يديه؛ يعني: في فريضة حضرت.
(قلت: هذه آثار صحيحة كلها، أدردها المصنف عقب حديث الخط في الباب، ولما لم يكن على شرط الكتاب؛ فقد أوردناه في الكتاب الآخر (رقم ١٠٧».
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري. ثنا سفيان بن عيينة.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي.
١٠٢ – باب الصلاة إلى الراحلة
٦٩١ – عن ابن عمر:
أن النبي ﷺ كان يصلي إلى بعيره.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وهو عند البخاري بمعناه، ورواه أبو عوانة في «صحيحه» من طريق المصنف. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ووهب بن بقية وابن أبي خلف وعبد الله ابن سعيد، -قال عثمان-: ثنا أبو خالد: ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ٥١) من طريق المصنف.
وأخرجه الترمذي (٢/ ١٨٣) من طريق سفيان بن وكيع عن أبي خالد. وقال: «حديث حسن صحيح».
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٦) عن شريك عن عبيد الله … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٤٥٩ – ٤٦٠)، ومسلم أيضًا، وأبو عوانة، والبيهقي (٢/ ٢٦٩)، وأحمد (٢/ ١٢٩) من طرق أخرى عن عبيد الله … بلفظ:
كان يُعَرِّض راحلته، فيصلي إليها.
١٠٣ – باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها؛ أين يجعلها منه؟
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
١٠٤ – باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام
٦٩١ / م-عن عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عن من حدثه عن محمد بن كعب القرظي قال: قلت له -يعني لعمر بن عبد العزيز-: حدثني عبد الله بن عباس: أن النبي ﷺ قال: «لا تُصلوا خلف النائم ولا المتحدث».
(قلت: إسناده ضعيف (*) مسلسل بالمجاهيل، عبد الملك بن محمد وعبد الله
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن.
قلت: وهذا إسناد ضعيف: عبد الملك بن محمد بن أيمن -وهو حجازي- قال ابن القطان:
«حاله مجهولة». وقال الحافظ.
«مجهول»، وكذا قال في شيخه عبد الله بن يعقوب بن إسحاق -وهو مدني-، وشيخه عبد الله هذا مجهول؛ لأنه لم يسمه.
فهو إسناد مسلسل بالمجاهيل. وقصر المنذري تبعًا للخطابي حيث قالا:
«في إسناده رجل مجهول» ونص كلام الخطابي:
«قلت: هذا حديث لا يصح عن النبي ﷺ لضعف سنده، وعبد الله بن يعقوب لم يسمِّ من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان؛ كلاهما ضعيفان: تمام بن بَزيع وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى ابن معين والبخاري، ورواه أيضًا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس، وعبد الكريم متروك الحديث، وليس بالجزري» ا. هـ ملخصًا.
قلت: وقد نقل غير واحد عن المصنف أنه ضعف هذا الحديث؛ فلعله في غير كتاب «السنن»، فقال المزي في ترجمة عبد الملك بن محمد بن أيمن:
«روى له أبو داود حديثًا منقطعًا، وضعفه». وقال النووي في «المجموع» (٣/ ٢٥١):
«أخرجه أبو داود وابن ماجة، وقال أبو داود:»طرقه كلها واهية. يعني حديث ابن عباس«انتهى، وفي الباب عن ابن عمر؛ أخرجه ابن عدي، وعن أبي هريرة؛ أخرجه الطبراني في»الأوسط«، وهما واهيان أيضًا».
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٩) من طريق المصنف، وأورده من طريقهما السيوطي في «الجامع الصغير»، ورمز له بالحسن، فتعقبه شارحه المناوي بقوله:
«رمز المصنف لحسنه، وليس بصواب؛ فقد جزم الحافظ ابن حجر في»تخريج الهداية«بضعف سنده».
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٣٠٥) من طريق أبي المقدام عن محمد بن كعب … به، ولفظه:
نهى رسول الله ﷺ أن يُصلى خلف المتحدث والنائم.
وأبو المقدام هذا اسمه هشام بن زياد، وهو متروك، كما قال البيهقي وابن حجر.
ثم إن حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الحافظ آنفًا قد أورده الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٦٢) بلفظ: قال رسول الله ﷺ:
«نُهيت أن أصلي خلف المتحدثين والنيام». وقال:
«رواه الطبراني في»الأوسط«، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في الاحتجاج به».
قلت: ومحمد هذا حسن الحديث عندنا، فإذا لم يكن قد أخطأ فيه، أو لم يكن للحديث علة أخرى، فأنا أرى أن الحديث أقل أحواله أن يكون حسنًا، فينقل
وأخرج الدارقطني (ص ١٩٦) من طريق عبد الأعلى أنه سمع محمد ابن الحنفية يقول:
إن رسول الله ﷺ رأى رجلًا يصلي إلى رجل، فأمره أن يعيد الصلاة، قال: يا رسول الله! قد أتممتُ الصلاة؟ فقال:
«إنك صليت وأنت تنظر إليه مستقبله».
وعبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي، ثم هو مرسل؛ لكن وصله البزار من طريقه بذكر علي رضي الله عنه فيه؛ كما في «المجمع».
١٠٥ – باب الدُّنُوِّ من السُّتْرة
٦٩٢ – عن سهل بن أبي حَثْمة يبلغ به النبي ﷺ قال:
«إذا صلى أحدكم إلى سُترة؛ فليدن منها؛ لا يَقْطَعِ الشيطانُ عليه صلاتَهُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرطهما»، ووافقه الذهبي، وقال النووي: «إسناده صحيح»، قال ابن القيم: «رجال إسناده رجال مسلم»، وقوّاه البيهقي.
وأخرجه ابن حبان وابن خزيمة في «صحيحيهما»).
قال أبو داود: «ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي ﷺ. وقال بعضهم: عن نافع بن جُبَيْر عن سهل بن سعد. واختلف في إسناده».
قلت: إسناده صحيح على شرطهما، ولا يعله رواية من رواه على خلاف رواية سفيان -وهو ابن عيينة -كما علقه المصنف؛ فقد قال البيهقي -بعد أن نقل ذلك عنه، ووصل بعضه-:
«قد أقام إسناده سفيانُ بن عيينة، وهو حافظ حجة».
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٢) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (٤/ ٢): ثنا سفيان بن عيينة … به.
ورواه النسائي (١/ ١٢٢)، والطحاوي (١/ ٢٦٥)، وابن حبان في «صحيحه» (رقم ٤٠٩ – موارد)، وابن خزيمة (٥٠٣)، والحاكم (١/ ٢٥١) -وقال: «حديث صحيح على شرطهما»، ووافقه الذهبي- من طرق عن سفيان … به.
وصححه النووي (٣/ ٢٤٥)، وابن القيم في «التهذيب».
٦٩٣ – عن سهل [وهو ابن سعد الساعدي] قال:
كان بين مَقَامِ النبيِّ ﷺ وبين القبلة مَمَرُّ عَنْزٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في
إسناده: حدثنا القعنبي والنفيلي: قالا: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم: أخبرني أبي عن سهل.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٤٥٥)، ومسلم (٢/ ٥٨ – ٥٩)، وابن خزيمة (٨٠٤)، والبيهقي (٢/ ٢٧٢) من طرق أخرى عن عبد العزيز … به؛ بلفظ: مصلى؛ بدل: مقام.
وكذلك أخرجه أبو عوانة (٢/ ٥٥ – ٥٧).
فهذا اللفظ -الذي عند المصنف- شاذ عندي!
ويؤيد ذلك: أن (المقام): هو المكان الذي كان يقوم فيه عليه الصلاة والسلام؛ فعلى هذا؛ لا يمكنه ﷺ أن يسجد وبينه وبين الجدار ممر عنز أو شاة، كما عند الآخرين؛ لأنها مسافة ضيقة قدر ذراع!
وأما على رواية الجماعة: مصلى؛ فلا إشكال فيه؛ لأنه يمكن تفسيره بموضع السجود. وبذلك جزم النووي في «شرح مسلم».
وأما الحافظ؛ فقد أبعد النُّجْعَة، وأفسد معنى هذه الرواية؛ حيث جعل الرواية الشاذة مفسرة لها! وقد ثبت في «البخاري» وغيره:
أن النبي ﷺ لما صلى في الكعبة؛ كان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع.
وهذا هو الممكن المعقول.
٦٩٤ – عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا كان أحدكم يصلي؛ فلا يَدَعْ أحدًا يمرُّ بين يديه؛ وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مالك في «موطئه» (١/ ١٧٠).
ومن طريقه أيضًا: أخرجه مسلم (٢/ ٥٧)، وأبو عوانة (٢/ ٤٣)، والنسائي (١/ ١٢٣)، والدارمي (١/ ٣٢٨)، والطحاوي (١/ ٢٦٦)، والبيهقي (٢/ ٢٦٧)، والطحاوي أيضًا في «المشكل» (٣/ ٢٥٠)، وأحمد (٣/ ٣٤ و٤٣) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه أبو عوانة، والطحاوي، وأحمد (٣/ ٥٧ و٩٣) من طرق أخرى عن زيد ابن أسلم … به.
رواه أحمد (٣/ ٤٩) من طريق زهير -وهو ابن محمد التميمي- عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد … به.
ولا أدري إن كان قوله: (زيد بن أبي أنيسة) محفوظًا أم لا؟
وورد الحديث بزيادة فيه، وهو:
٦٩٥ – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا صلى أحدكم؛ فليُصَلِّ إلى سترة، وليَدْنُ منها …» ثم ساق معناه.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن محمد ابن عجلان روى له البخاري تعليقًا، ومسلم متابعةً.
وقد تابعه جماعة من الثقات عن زيد بن أسلم -كما سبق في الذي قبله-؛ لكن لم يقل أحد منهم: «وليدن منها». إلا أنه قد شهد لهذه الزيادة: حديث سهل بن أبي حَثْمة المذكور في الباب قبله (رقم ٦٩٢).
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٦٧) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٣٠٤). ثنا أبو كريب … به. فإسناده إسناد المصنف؛ لأن أبا كريب كنية محمد بن العلاء.
٦٩٦ – عن أبي عبَيْدٍ حاجب سليمان قال:
رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائمًا يصلِّي، فذهبت أمرُّ بين يديه، فردَّني، ثم قال: حدَّثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال:
«من استطاع منكم أن لا يَحولَ بينه وبين قبلته أحد؛ فليفعل».
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سُرَيْجٍ الرازي: ثنا أبو أحمد الزُّبَيْرِي: أنا مَسَرّة ابن مَعْبَدٍ اللخْمِي -لقيته بالكوفة-: حدثني أبو عبيد حاجب سليمان.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير مسرة بن معبد؛ فقال أبو حاتم:
«شيخ ما به بأس». وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال:
«كان ممن يخطيء».
ثم تناقض فأورده في «الضعفاء»، وقال:
«لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات».
قلت: ولم ينفرد بهذا الحديث؛ بل قد توبع عليه، كما سبق ويأتي.
وأحمد بن أبي سريج: هو ابن صَبَّاح النَّهْشَلِيُّ. وقال الحافظ في ترجمة مَسَرَّةَ: «صدوق له أوهام».
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٨٣): ثنا أبو أحمد … به.
٦٩٧ – عن حمَيْدٍ -يعني: ابن هلال- قال: قال أبو صالح: أحدِّثك عمَّا رأيت من أبي سعيد وسمعته منه؟ !
دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
“إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخارى وأبو عوانة في»صحاحهم«).
»قال أبو داود: «قال سفيان الثوري: يَمُرُّ الرجل يتبختر بين يديَّ وأنا أصلي؛ فأمنعه، ويمر الضعيف؛ فلا أمنعه».
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة- عن حميد -يعني: ابن هلال-.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن البخاري أخرج لسليمان بن المغيرة مقرونًا وتعليقًا، وهذا مما أخرجه له مقرونًا، كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٤٦١ – ٤٦٢)، ومسلم (٢/ ٩٧)، وأبو عوانة (٢/ ٤٤)، والطحاوي (١/ ٢٦٧)، وفي «المشكل» (٣/ ٢٥٠ – ٢٥١)، والبيهقي (٢/ ٢٦٧)، وأحمد (٣/ ٦٣) من طرق عن سليمان … به؛ وهو في «الصحيحين» أتم مما هنا.
وأخرجه البخاري (١/ ٤٦١ و٦/ ٢٥٩) من طريق يونس عن حميد بن هلال … به؛ المرفوع منه فقط.
١٠٧ – باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي
٦٩٨ – عن بُسْر ِبن سعيد:
أن زيد بن خالد الجُهَنِيَّ أرسله إلى أبي جُهَيْمٍ يسأله: ماذا سمع من رسول الله ﷺ في المارِّ بين يدي المصلي؟ فقال أبو جُهَيْمٍ: قال رسول الله
«لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه؛ لكان أن يقف أربعين خيرٌ له من أن يَمُرَّ بين يديه».
قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنة؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النَّضْرِ مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وأخرجاه.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٧٠).
ومن طريقه: أخرجه البخاري (١/ ٤٦٣)، ومسلم (٢/ ٥٨)، وأبو عوانة (٢/ ٤٤)، ومحمد في «موطئه» (ص ١٤٨)، والنسائي (١/ ١٢٣)، والترمذي (٢/ ١٥٨)، والدارمي (١/ ٣٢٩)، والطحاوي في «المشكل» (١/ ١٨)، والبيهقي (٢/ ٢٦٨)، وأحمد (٤/ ١٦٩) عن مالك … به.
وتابعه سفيان الثوري: عند مسلم، وأبي عوانة، وابن ماجة (١/ ٣٠٢)، والطحاوي.
وتابعهما سفيان بن عيينة: عند أبي عوانة، والطحاوي؛ إلا أنه خالفهما في إسناده، فقال: عن بسر:
أرسله أبو الجهيم ابن أخت أُبيّ بن كعب إلى زيد بن خالد يسأله: ما سمعت من النبي ﷺ … الحديث! فجعله من مسند زيد بن خالد! قال الحافظ:
قلت: وكذا قال الطحاوي.
وأما الحديث الذي أخرجه ابن ماجة، والطحاوي، وأحمد (١/ ٣٧١) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوْهَبٍ عن عَمِّه عن أبي هريرة … مرفوعًا بلفظ:
«لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضًا؛ كان لأن يُقيمَ مائةَ عام خيرٌ له من الخُطْوة التي خطاها»!
فإن إسناده ضعيف؛ من أجل عبيد الله هذا؛ فإنه مختلف فيه. وقال في «التقريب»:
«ليس بقوي».
وعمه -واسمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب- مجهول عند الشافعي وأحمد وغيرهما.
ووثقه ابن حبان على قاعدته!
وعليه: أخرج حديثه هذا هو، وشيخه ابن خزيمة في «صحيحيهما» -كما في «الترغيب» (١/ ١٩٤) -! وقال -بعد أن عزاه لابن ماجة-:
«بإسناد صحيح»! كذا قال!
١٠٨ – باب ما يقطع الصلاة
٦٩٩ – عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ:
«يقطع صلاةَ الرجل (وفي رواية قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل) -إذا لم يكن بين يديه قِيدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ-: الحمارُ، والكلبُ الأسودُ، والمرأة».
فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ ! فقال: يا ابن أخي! سألت رسول الله ﷺ كما سألتني؟ فقال:
«الكلبُ الأسودُ شيطان».
(قلت: إسناده -مرفوعًا وموقوفًا- صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وحدثنا عبد السلام بن مُطَهّر وابن كثير -المعنى- أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر.
قال حفص: قال: قال رسول الله ﷺ: «يقطع صلاة الرجل».
وقالا: عن سليمان قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ سواءٌ المرفوع منه والموقوف. على أن هذا في حكم المرفوع، كما سيأتي بيانه.
وابن كثير: هو محمد بن كثير البصري العبدي.
وأخرجه مسلم (٢/ ٥٩)، وأبو عوانة (٢/ ٤٧)، والدارمي (١/ ٣٢٩)، وابن ماجة (١/ ٣٠٣)، والبيهقي (٢/ ٢٧٤)، وأحمد (٥/ ١٤٩ و١٦١) من طرق أخرى عن شعبة … به.
وأما حديث سليمأن بن المغيرة؛ فأخرجه أحمد (٥/ ١٥٥): ثنا بَهْزٌ: ثنا سليمان بن المغيرة … به عن أبي ذر قال:
يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل-: المرأة، والحمار، والكلب الأسود. قال: قلت لأبي ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر؟ ! قال: يا ابن أخي! سألت رسول الله ﷺ كما سألتتي؟ فقال:
«الكلب الأسود شيطان».
وهكذا أخرجه البيهقي من طريق شَيْبَان بن فَرُّوخ عن سليمان.
وفي هذا السياق دلالة على أن أصل الحديث عند أبي ذر مرفوع؛ لأنه لما سئِلَ عن الكلب الأسود؛ أجاب بما مفاده أنه لما سمع الحديث منه ﷺ؛ سأله نفس السؤال الذي وجهه إليه عبد الله بن الصامت، فأجابه بنفس جوابه عليه الصلاة والسلام.
وكأنه من أجل ما ذكرنا؛ أحال مسلم رحمه الله -وكذا أبو عوانة- بحديث سليمان بن المغيرة على حديث يونس عن حميد الآتي؛ وهو مرفوع كله صراحةً. وتعقبه البيهقي رحمه الله بقوله:
«وهذا منه -رحمنا الله وإياه- تَجَوُّزٌ»!
ولا تجوز فيه عندنا؛ لما ذكرنا. والله أعلم.
«إذا قام أحدكم يصلي؛ فإنه يستره إذا كان بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل؛ فإنه يقطع صلاته: الحمار …» الحديث.
أخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (١/ ١٢٢)، والترمذي (٢/ ١٦١ – ١٦٢)، والطحاوي (١/ ٢٦٥)، وأحمد (٥/ ١٥١ و١٦٠)؛ وقد قرن به منصورًا: عند أبي عوانة، والترمذي -وصححه-، والطحاوي؛ ولفظه عندهم:
«لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه كآخرة الرحل»، وقال:
«يقطع الصلاة …» إلخ.
وللحديث طرق أخرى مرفوعة عن حميد بن هلال: أخرجها الطبراني في «الصغير» (ص ٣٨ و١٠٣ و٢٣٩)، وأبو نعيم (٦/ ١٣٢).
وتابعه علي بن زيد بن جُدْعان عن عبد الله بن الصامت … به مثل رواية سليمان بن المغيرة؛ إلا أنه قال: أحسبه قال:
«والمرأة الحائض».
قلت: وابن جدعان فيه ضعف؛ وقد تفرد بذكر الحائض فيه.
لكن هذه الزيادة ثابتة في حديث ابن عباس الآتي، وهو:
٧٠٠ – عن ابن عباس رفعه قال:
«يقطع الصلاةَ: المرأةُ الحائضُ والكلب».
(قلت: إسناده صحيح كما قال النووي، وهو على شرط البخاري، وصححه أبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان (٤١١ و٤١٢ – موارد».
قلت: وهذا إسناد صحيح، كما قال النووي في «المجموع» (٣/ ٢٥٠)، وهو على شرط البخاري؛ ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وإن كان المصنف قد غمزه بقوله عقبه:
«قال أبو داود: وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس»!
قلت: ولا يعله؛ فإن شعبة ثقة حجة حافظ؛ وقد زاد عليهم الرفع، فهي زيادة مقبولة. ولذلك قال ابن أبي حاتم (١/ ٢١٠) عن أبيه:
«هو صحيح عندي»؛ قاله ردًّا على ما ذكره عن يحيى بن سعيد قال: أخاف أن يكون وهم!
وصححه ابن خزيمة (٨٣٢)، وابن حبان (٢٣٨٠ – الإحسان).
والحديث أخرجه أحمد (رقم ٣٢٤١): حدثنا يحيى … به.
وأخرجه الطحاوي (١/ ٢٦٥) من طريق أخرى عن مسدد.
وأخرجه النسائي (١/ ١٢٢ – ١٢٣)، وابن ماجة (١/ ٣٠٢ – ٣٠٣)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٨٣٢)، والبيهقي (٢/ ٢٧٤) من طرق أخرى عن يحيى … به.
(تنبيه): هذا الأثر؛ ذكره ابن حزم في «المحلى» (٤/ ١٠) بزيادة: (الحمار) فيه، واحتج بها في مكان آخر (٤/ ١٣)!
وهي من أوهامه؛ فليست عند أحد ممن ذكرنا.
١٠٩ – باب سُتْرَةُ الإمامِ سترةُ مَنْ خلفه
٧٠١ – عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
هبطنا مع رسول الله ﷺ من ثنية أذَاخِرَ، فحضرت الصلاة -يعني-، فصلى إلى جَدْرٍ، فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بَهْمة تمرُّ بين يديه؛ فما زال يدارِئها حتى لَصِقَ بَطْنُهُ بالجَدْرِ، ومَرَّتْ من ورائه -أو كما قال مسدد-).
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كلام لا يضر، كما فصلنا ذلك فيما مضى (رقم ١٢٤).
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٦٨) من طريق أخرى عن مسدد … به دون قوله: أو كما قال مسدد.
فهو من قول المصنف؛ احتياطًا منه كما هو ظاهر، ولفظه مطابق للفظ البيهقي؛ إلا في أحرف يسيرة.
وأخرجه أحمد (٢/ ١٩٦) قال: ثنا أبو مغيرة: ثنا هشام بن الغاز … به؛ وفي أوله عنده زيادة، ستأتي مستقلة في الكتاب بإسناده هذا في «اللباس» رقم (…)
ورواه البزار أيضًا (١/ ٢٨٣ / ٥٨٧ – الكشف) عن أبي المغيرة … مثل رواية المؤلف.
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس يقوِّيه، وهو:
٧٠٢ – عن ابن عباس:
أن النبي ﷺ كان يصلي؛ فذهب جَدْي يمرُّ بين يديه؛ فجعل يتَّقِيهِ.
(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاري»، ووافقه الذهبي)
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: ثنا شعبة عن عمرو ابن مرة عن يحيى بن الجَزَّار عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع بين ابن عباس ويحيى بن الجزارة فقد صرح هذا بأنه لم يسمعه منه.
إلا أنه قد رواه عنه بواسطة رجل ثقة في رواية أخرى عن شعبة، كما يأتي؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (رقم ٢٦٥٣) قال: حدثنا عفان: حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو قال: سمعت يحيى بن الجزار عن ابن عباس -لم يسمعه منه- … فذكر الحديث.
وذكره الحافظ في «التهذيب» (١١/ ١٩٢) برواية ابن أبي خيثمة عن عفان … به؛ إلا أنه قال: ولم أسمعه منه. قال:
ثم أخرجه أحمد (رقم ٣١٧٤)، والطبراني (١٢/ ٢٠١ / ١٢٨٩١)، وأبو يعلى (٢٤٢٢) من طرق أخرى عن شعبة … مثل رواية الكتاب.
وكذلك رواه أبو يعلى (٢٤٢٣) من طريق علي بن الجعد، وهذا في «حديثه» (١/ ٢٨٨ / ٩٢)؛ وزادا:
فقال رجل: أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا.
وقد وصله البيهقي (٢/ ٢٦٨) من طريق يحيى بن أبي بكير: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن صُهَيْبٍ البصري عن ابن عباس … به.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وتابعه الطيالسي في «مسنده» (٢٧٦٢)، وعنه البيهقي، وابن الجعد (١/ ١٦٣)، وأبو يعلى (٤/ ٤٢٢).
وللحديث طريق أخرى: عند الحاكم (١/ ٢٥٤)، وابن حبان (٢٣٦٥ – الإحسان) من طريق ابن خزيمة، وهذا في «صحيحه» (٨٢٧) عن عكرمة عن ابن عباس … بمعناه. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط البخاري»، ووافقه الذهبي؛ وقد أصابا.
١١٠ – باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة
٧٠٣ – عن عائشة قالت: كنت بين النبي ﷺ وبين القبلة -قال شعبة: وأحسِبُها قالت: – وأنا حائض.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن قوله: وأحسبها … إلخ
إسناده: حدثتا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ لكن قوله: قال شعبة: وأحسبه … إلخ! شاذ، كما بيناه آنفًا.
ثم إن الظاهر أن هذا من قول شعبة! وليس كذلك؛ بل هو من قول شيخه سعد بن إبراهيم، كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم ١٤٥٧): حدثنا شعبة … به؛ إلا أنه قال: قال شعبة: قال سعد: وأحسبه … إلخ.
وهذا هو الصواب: أن هذا القول إنما هو لسعد بن إبراهيم لا لشعبة.
وهكذا أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٥) من طريق الطيالسي.
وكذلك أخرجه أحمد (٦/ ٩٤ و٩٨ و١٧٦) من طرق عن شعبة … به.
٧٠٤ – قال أبو داود: «رواه الزهرى وعطاء وأبو بكر بن حفص وهشام ابن عروة وعِرَاكُ بن مالك وأبو الأسود وتميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة. وإبراهيم عن الأسود عن عائشة. وأبو الضحى عن مسروق عن عائشة. والقاسم بن محمد وأبو سلمة عن عائشة … لم يذكروا: وأنا حائض».
(قلت: رواية الزهرى؛ وصلها الشيخان وأبو عوانة في «صحاحهم». ورواية عطاء -وهو ابن أبي رباح -؛ وصلها الطيالسي وأحمد في «مسنديهما». ورواية
قلت: مقصود المصنف بقوله هذا؛ بيان شذوذ ما في الرواية المتقدمة: وأحسبها قالت: وأنا حائض! فإن اتفاق هؤلاء الرواة الثقات جميعًا على تركها؛ مما يدل على شذوذها؛ لا سيما وأن راويها الذي تفرد بها لم يجزم بها، وإنما أوردها ظنًّا منه، لا خبرًا ولا جزمًا.
ثم إن بعض هذه المعلقات قد وصلها المصنف؛ كرواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والقاسم وأبي سلمة عنها، وتأتي عقب هذا.
وأما رواية الزهري؛ فوصلها البخاري (١/ ٤٦٧)، ومسلم (٢/ ٦٠)، وأبو عوانة (٢/ ٥١)، وابن ماجة (١/ ٣٠٤)، والبيهقي (٢/ ٢٧٥)، وأحمد (٦/ ٣٧ و٨٦ و١٩٩) من طرق عنه.
وأما رواية عطاء -وهو ابن أبي رباح-؛ فوصلها أحمد (٦/ ٦٤ و٨٦ و١٥٤ و٢٠٠)؛ وهو على شرط الشيخين.
ورواه الطيالسي أيضًا (رقم ١٤٥٢).
ورواه أحمد (٦/ ٩٥ و١٤٦) من طريق قتادة عن عطاء عن عائشة … مختصرًا.
وعطاء: هو ابن أبي رباح؛ فإن كان هذا محفوظًا؛ فقد سمعه عطاء من عائشة أيضًا دون واسطة عروة.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي، وأحمد (٦/ ١٢٦ و١٣٤) من طرق عن شعبة … به.
وأما بقية المعلقات عن عروة؛ فلم أقف عليها الآن!
ثم وجدت رواية عراك؛ قد وصلها البخاري (١/ ٣٩١).
وأما رواية إبراهيم عن الأسود عنها؛ فوصلها البخاري (١/ ٤٦٠ و٤٦٦)، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (١/ ١٢٣)، والطحاوي (١/ ٢٦٧)، والبيهقي (٢/ ٢٧٦)، والطيالسي (رقم ١٣٧٩)، وأحمد (٦/ ٤٢ و١٢٥ و١٣٢ و١٧٤ و٢٣٠ و٢٦٦) من طرق عنه.
وأما رواية أبي الضحى -واسمه مسلم بن صَبِيحٍ-؛ فوصلها البخاري (١/ ٤٦٥)، وأبو عوانة والطحاوي، وأحمد (٦/ ٤١ و٢٣٠).
٧٠٥ – عن عائشة:
أن رسول الله ﷺ كان يصلِّي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة، راقدة على الفراش الذي يَرْقُدُ عليه، حتى إذا أراد أن يوتر؛ أيقظها فأوترت.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة.
والحديث أخرجه البخاري (١/ ٤٦٥)، ومسلم (٢/ ٦٠)، وأبو عوانة (٢/ ٥٢)، والنسائي (١/ ١٢٤)، والطحاوي (١/ ٢٦٧)، وأحمد (٦/ ٥٠ و١٩٢ و٢٣١) من طرق عن هاشم … به.
٧٠٦ – عن عائشة قالت:
بئس ما عَدَلْتُمُونا بالحمار والكلب! لقد رأيت رسول الله ﷺ يصلِّي وأنا معترضة بين يديه، فإذا أراد أن يسجد؛ غمز رجلي، فضممتها إليَّ؛ ثم يسجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ٤٤ و٥٤): ثنا يحيى … به.
وأخرجه البخاري (١/ ٤٧٠)، والنسائي (١/ ٣٨) من طرق عن يحيى … به.
وأخرجه البخاري أيضًا (٢/ ٣٩١) … بإسناد المصنف هذا نحوه مختصرًا.
وله طريق أخرى عن القاسم؛ فقال الإمام أحمد (٦/ ٢٦٠): ثنا يونس قال: ثنا ليث عن يزيد -يعني: ابن الهاد- عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم … به؛ بلفظ:
إنْ كان رسول الله ﷺ يصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراضَ الجنازة؛ حتى
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه النسائي (١/ ٣٨) من طريق شعيب عن الليث … به دون قوله: فعرفت … ! لخ.
٧٠٧ – عن عائشة أنها قالت:
كنت أكون نائمة؛ ورجلاي بين يدي رسول الله ﷺ وهو يصلِّي من الليل، فإذا أراد أن يسجد؛ ضرب رجلي فقبضتها فسجد.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة عن المصنف، وهو في «الصحيحين» بنحوه).
إسناده: حدثنا عاصم بن النضر: ثنا المعتمر: ثنا عبيد الله عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو النضر: اسمه سالم بن أبي أمية.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٢/ ٥٤) عن المصنف.
وأخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ١٣٩) عن أبي النضر … به. ومن طريقه: أخرجه البخاري (١/ ٣٩١ و٤٦٦)، ومسلم (٢/ ٦١ – ٦١)، وأبو عوانة أيضًا، والنسائي (١/ ٣٨)، والطحاوي (١/ ٢٦٧)، والبيهقي (٢/ ٢٧٦)، وأحمد (٦/ ١٤٨ و٢٢٥ و٢٥٥) كلهم عن مالك … به نحوه؛ وزاد:
فإذا قام بسطتهما؛ والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح.
٧٠٨ – عن عائشة أنها قالت:
كنت أنام وأنا معترضة في قِبْلَةِ رسول الله ﷺ؛ فيصلِّي رسول الله ﷺ وأنا أمَامَهُ، إذا أراد أن يوتر (زاد في رواية: غمزني فقال: «تَنَحَّيْ»).
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر. (ح) وحدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد؛ وهذا لفظه- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة … زاد عثمان: غمزني -ثم اتفقا-، فقال:
«تَنَحَّيْ».
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة ابن وقاص المدني-؛ لكنه قد توبع كما سبق؛ فالحديث صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٦) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (٦/ ١٨٢): ثنا يزيد قال: أنا محمد بن عمرو … به نحو رواية عثمان، وزاد: برجله. وأخرجه الطحاوي (١/ ٢٦٧) من طريق زائدة عنه.
١١١ – باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة
٧٠٩ – عن ابن عباس قال:
جئت على حمار (وفي رواية: أقبلت راكبًا على أتان)، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام؛ ورسول الله ﷺ يصلي بالناس بمنىً، فمررت بين يدي
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
قال أبو داود: «وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعًا إذا قامت الصلاة» (١).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: جئت على حمار. (ح) وثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال:
أقبلت راكبًا على أتان؛ وأنا يومئذٍ …
قال أبو داود: «وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث ساقه المصنف من وجهين عن الزهري:
الأول: عن سفيان عنه.
والآخر: عن مالك عنه، وهذا قد أخرجه في «الصلاة» من «الموطأ» (١/ ١٧١).
«عن مالك: أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصف والصلاة قائمة. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعًا إذا أقيمت الصلاة، وبَعْدَ أن يُحْرِمَ الإمام، ولم يجد المرء مدخلًا إلى المسجد إلا بين الصفوف».
يصلي بمنى إلى غير جدار.
وعزا البيهقي هذه الرواية إلى كتاب «المناسك» من «الموطأ»! ولم أجدها فيه في «موطأ يحيى بن يحيى الليثي»، فلعله في «موطأ» غيره.
وروى البزار هذه الزيادة بلفظ:
والنبي ﷺ يصلي المكتوبة ليس شيء يستره.
ثم تبين أنها بسند آخر لا يصح، كما بينته في «الضعيفة» (رقم ٥٨١٤).
وأما الوجه الأول: فأخرجه أحمد (رقم ١٨٩١): حدثنا سفيان … به؛ ولفظه:
جئت أنا والفضل؛ ونحن على أتان؛ ورسول الله ﷺ يصلي بالناس بعرفة، فمررنا على بعض الصف، فنزلنا عنها وتركناها ترتع، ودخلنا في الصف، فلم يقل لي رسول الله ﷺ شيئًا.
وكذا رواه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (١/ ١٢٣)، والدارمي (١/ ٣٢٩)، والطحاوي، والبيهقي من طرق عن سفيان … به؛ إلا أن الدارمي قال: بمنى أو بعرفة.
وهذا يدل على أن سفيان كان يتردد بين اللفظين. والصواب منهما اللفظ الأول؛ لموافقته لرواية مالك وغيره كما يأتي.
ولذلك جزم الحافظ في «الفتح» بأن قول ابن عيينة: بعرفة! شاذ.
في حجة الوداع.
ورواه معمر عن الزهري فقال:
في حجة الوداع أو يوم الفتح.
أخرجه مسلم وأبو عوانة والترمذي (٢/ ١٦٠ – ١٦١) -وصححه-، وأحمد (رقم ٣٤٥٤) من طرق عنه. قال الحافظ:
«وهذا الشك من معمر لا يُعَوَّل عليه؛ والحق أن ذلك كان في حجة الوداع».
وأخرجه البخاري (٤/ ٥٧)، وأحمد (رقم ٢٣٧٦) من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال: أخبرني عبيد الله .. به؛ بلفظ:
٧١٠ – عن أبي الصَّهْبَاء قال:
تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس، فقال: جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار؛ ورسول الله ﷺ يصلي، فنزل ونزلتُ، وتركنا الحمار أمام الصف، فما بالاه. وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب، فدخلتا بين الصف؛ فما بالى ذلك.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى الجَزَّار عن أبي الصهباء.
وذكره ابن حبان في «الثقات»، وله ذكر في «صحيح مسلم» (٥/ ٤٩). وأما النسائي فقال:
«ضعيف»!
وهذا جرح مبهم، فلا يُقْبَلُ.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (٢/ ٢٤ / ٨٣٧)، وأبو يعلى (٥/ ١٣٣ / ٢٧٤٩)، وعنه ابن حبان (٢٣٧٤ – الإحسان)، والطبراني في «الكبير» (١٢/ ٢٠١ / ١٢٨٩٢) من طرق عن منصور … به.
ورواه الطيالسي (رقم ٢٧٦٢) قال: حدثنا شعبة عن الحكم … به نحوه.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٧).
وأخرجه النسائي (١/ ١٢٣)، وأحمد (٣١٦٧) -بتمامه-، والطحاوي (١/ ٢٦٦) -القصة الأولى منه-، وأحمد أيضًا (٢٠٩٥) -القصة الأخرى- من طرق أخرى عن شعبة … به.
ولشعبة فيه شيخ آخر: رواه أحمد (٢٢٥٨ و٢٢٩٥) من طريقين عنه عن عمرو بن مرة عن يحيى الجزار قال: قال ابن عباس … به.
وهذا منقطع؛ لأنه إنما يرويه ابن الجزار عن أبي الصهباء عنه، كما رواه الحكم عنه عند المصنف وغيره.
وروى أحمد (١٩٦٥) من طريق الحجاج عن الحكم عن يحيى الجزار عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ أو صلى في فضاء، ليس بين يديه شيء.
وقد خالفه في إسناده: منصور وشعبة وجرير أيضًا، كما يأتي؛ فرووه عن الحكم … به موصولًا بذكر صهيب في إسناده، لكنهم لم يذكروا في حديثهم: ليس بين يديه شيء.
لكن يشهد لها ما تقدم في الكلام على الحديث من طريق البخاري بلفظ: يصلي بمنى إلى غير جدار.
فإنه بمعناها في الظاهر (١). والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى في «المسند» (رقم ٢٢٢٢) من طريق الحسن العُرَني قال: ذكر عند ابن عباس: «يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة …» الحديث نحوه؛ وفيه قصة أخرى ثالثة.
وأخرجها ابن ماجة (١/ ٣٠٤) من هذا الوجه، وهو منقطع، وتقدمت في الكتاب (رقم ٧٠٢) من طريق آخر صحيح.
وللقصة الأولى طريق ثالثة: عند أحمد (٣٠١٩ و٣٣٠٦)؛ وهو حسن.
٧١١ – وفي رواية … بهذا الحديث بإسناده؛ قال: فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا؛ فأخذهما -قال عثمان-، ففرّع بينهما -وقال داود: فنزع إحداهما من الأخرى-، فما بالى ذلك (٢).
(قلت: إسناده صحيح).
(٢) تم الجزء الرابع، ويتلوه الجزء الخامس من تجزئة الخطيب رحمه الله.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن مخراق، وهو مقرون، وهو ثقة.
وغير أبي الصهباء، وهو ثقة، كما بينا آنفًا.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧٧) من طريق علي بن عبد الله المديني: ثنا جرير بن عبد الحميد … ولفظه: قال:
كنا عند ابن عباس؛ فذكروا عنده ما يقطع الصلاة، فقال [كذا! ولعله: فقالوا، أو نحوه] الكلب والمرأة والحمار، فقال ابن عباس:
جئت أنا وغلام من بني هاشم -أو بني عبد الطلب- مرتدفين على حمار؛ ورسول الله ﷺ يصلي بالناس في خلاء، فنزلنا عن الحمار، وتركناه بين أيديهم فما بالاه.
قال: وجاءت جاريتان من بني هاشم تشتدان، ورسول الله ﷺ يصلي بالناس، فاقتتلتا، فأخذهما فنزع إحداهما عن الأخرى؛ فما بالاه.
وقد رواه شعبة عن الحكم … به نحوه، وقد ذكرنا آنفًا مَنْ أخرجه من الأئمة.
١١٢ – باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة
١١٣ – باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابًا هذا. (انظر «الضعيف»)]
١١٤ – باب رفع اليدين في الصلاة
٧١٢ – عن سالم عن أبيه قال:
رأيت رسول الله ﷺ إذا استفتح الصلاة؛ رفع يديه حتى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع -قال سفيان مرة: وإذا رفع رأسه، وأكثر ما كان يقول: وبعدما يرفع رأسه من الركوع-، ولا يرفع بين السجدتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». ورواه البخاري نحوه).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن الزهري عن سالم.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وسفيان: هو ابن عيينة.
وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
والحديث في «مسند أحمد» (رقم ٤٥٤٠) … بهذا السند والسياق.
وأخرجه مسلم (٢/ ٦)، وأبو عوانة (٢/ ٩٠ و٩١)، والترمذي (٢/ ٣٥) -وقال: «حسن صحيح»-، وابن ماجة (١/ ٢٨١ – ٢٨٢)، والطحاوي (١/ ١٣٠)، والبيهقي (٢/ ٦٩) من طرق أخرى عن سفيان … به.
وأخرجه النسائي أيضًا (١/ ١٥٨ و١٧٢).
وأخرجه البخاري (٢/ ١٧٤ و١٧٤ – ١٧٥ و١٧٦)، ومسلم وأبو عوانة،
وله طريق أخرى: أخرجه البخاري (٢/ ١٧٦)، والبيهقي (٢/ ٧٠)، وأحمد (رقم ٥٧٦٢) عن نافع عن ابن عمر … به، دون قوله: ولا يرفع بين السجدتين، وزاد البخاري والبيهقي:
وإذا قام من الركعتين؛ رفع يديه.
وسيأتي هذا في الكتاب (رقم ٧٢٨).
٧١٣ – عن عبد الله بن عمر قال:
كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة؛ رفع يديه حتى تكونا حذوَ منكبيه، ثم كبَّر وهما كذلك، فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صُلبه؛ رفعهما حتى تكونا حذو منكبيه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ولا يرفع يديه في السجود، ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع؛ حتى تنقضي صلاته.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي إلا أنه زاد: «أو حسن»).
إسناده: حدثنا محمد بن المُصَفَّى الحمصي: ثنا بقية: ثنا الزُّبَيْدِيُّ عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية إنما يخشى من عنعنته لأنه مدلس؛ وقد صرح بالتحديث كما ترى، فزالت شبهة تدليسه. ولذلك قال
«رواه أبو داود بإسناد صحيح أو حسن».
ولعل تردده هذا؛ من أجل أن بعضهم قد تكلم في حفظ بقية أيضًا، ونسبه إلى الوهم، ولكن الجمهور قد قَوَّوْا روايته بالشرط السابق؛ لا سيما إذا كانت عن الشاميين، وهذه منها؛ فإن شيخه الزُّبَيْدِيَّ: هو محمد بن الوليد القاضي الحمصي؛ وهو من أثبت أصحاب الزهري.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٨٣) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارقطني (ص ١٠٨) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج: ثنا بقية: ثنا الزبيدي … به.
وقد تابعه ابن جريج وغيره عن الزهري … نحوه بلفظ:
ثم كبَّر … دون قوله: وهما كذلك.
أخرجه مسلم (٢/ ٦)، وأبو عوانة (٢/ ٩١)، والنسائي (١/ ١٤٠)، والدارقطني، والبيهقي (٢/ ٢٦ و٦٩).
وتابعه ابن أخي الزهري -وهو محمد بن عبد الله بن مسلم-؛ وفيه الزيادة.
أخرجه أحمد (٢/ ١٣٣ – ١٣٤) بسندٍ صحيح على شرطهما.
٧١٤ – عن وائل بن حُجْرٍ قال:
صَلَّيْتُ مع رسول الله ﷺ؛ فكان إذا كبَّر رفع يديه، قال: ثم الْتَحَف، ثم أخذ شماله بيمينه، وأدخل يديه في ثوبه، قال: فإذا أراد أن يركع؛ أخرج يديه، ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه ثم
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجُشَمِيُّ: ثنا عبد الوارث بن سعيد: ثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال:
كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي؛ فحدثني وائل بن علقمة عن أبي وائل بن حُجْرٍ …
قال أبو داود: «روى هذا الحديث: همامٌ عن ابن جُحَادة … لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود»!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف بأن همامًا رواه عن ابن جحادة؛ فلم يذكر فيه رفع اليدين عند الرفع من السجود!
وهذه علة غير قادحة، كما سبق التنبيه عليه مرارًا: أن زيادة الثقة مقبولة، وقد زادها عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة ثبت، كما في «التقريب». فكيف ترد زيادته. لمجرد ترك همام لها -وهو ابن يحيى بن دينار الأزدي- وهو ثقة ربما وهم، كما في «التقريب» أيضًا؟ !
فمن كان من شأنه؟ ! أن يهم -ولو أحيانًا-؛ كيف ترد بروايته زيادة الثقة الثبت؟ !
وقد يُعَلُّ هذا الإسناد بعلة أخرى، وهي الانقطاع؛ فقد ذكر في «التهذيب» عن ابن معين أنه قال:
«علقمة بن وائل عن أبيه مرسل»! واعتمده الحافظ، فقال في ترجمته من «التقريب»:
«صدوق؛ إلا أنه لم يسمع من أبيه»!
قلت: وهذا عندنا غير صحيح؛ فقد ثبت سماع علقمة من أبيه لهذا الحديث وغيره، فقال البخاري في «جزء رفع اليدين» (ص ٦ – ٧): حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دُكَيْنٍ: أنبأنا قيس بن سُلَيْمٍ العنبري قال: سمعت علقمة بن وائل بن حجر: حدثني أبي قال:
صليت مع النبي ﷺ؛ فكبَّر حين افتتح الصلاة، ورفع يديه، ثم رفع يديه حين أراد أن يركع، وبعد الركوع.
وهذا إسناد صحيح متصل مسلسل بالسماع.
وأخرج مسلم (٥/ ١٠٩) حديثًا آخر من طريق أخرى عن علقمة بن وائل أن أباه حدثه قال:
إني لقاعد مع النبي ﷺ … الحديث. وسيأتي في الكتاب «الديات» (رقم …) [باب الإمام يأمر بالعفو في الدم].
فقد صح سماع علقمة من أبيه، وزالت بذلك هذه العلة، وعاد الحديث صحيحًا لا شبهة فيه؛ ولذلك أخرجه مسلم نحوه، كما يأتي.
وهو الصواب كما بينه في «التهذيب» (١١/ ١١٠). ويؤيده رواية قيس بن سليم المتقدمة آنفًا.
وأورده الحافظ في «التلخيص» (٣/ ٢٧٩) -برواية المصنف وابن حبان- من حديث محمد بن جُحَادة عن عبد الجبار بن وائل قال:
كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل عن وائل بن حجر … به، دون قوله: وإذا رفع رأسه من السجود … حتى فرغ من صلاته. ثم قال:
«ورواه ابن خزيمة بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره».
وأخرج أحمد (٤/ ٣١٧): حدثنا يزيد: أنا أشعث بن سَوَّار عن عبد الجبار بن وائل بن حُجْر عن أبيه قال:
أتيت رسول الله ﷺ. فكان لي من وجهه ما لا أحب أنَّ لي به من وجه رجل من بادية العرب: صليت خلفه، وكان يرفع يديه كلما كبر ورفع ووضع بين السجدتين، ويسلم عن يمينه وعن شماله.
ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، كما يدل عليه قوله في حديث الكتاب:
كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل.
لكن قوله هذا يدل على أنه قد أخذ الحديث هذا عن أخيه علقمة عن أبيهما؛ فعاد الحديث بذلك موصولًا.
وله طرق أخرى:
فأخرج الدارمي (١/ ٢٨٥)، والطيالسي (رقم ١٠٢١) من طريق شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البَخْتَرِيِّ يحدث عن عبد الرحمن اليَحْصُبِيِّ عن وائل الحضرمي:
أنه صلى مع النبي ﷺ؛ فكان يكبِّر إذا خفض وإذا رفع، ويرفع يديه عند التكبير، ويسلم عن يمينه وعن يساره.
وأخرجه أحمد أيضًا (٤/ ٣١٦)، وإسناده حسن.
وفي رواية له: مع التكبير. ويأتي الكلام عليها في الحديث الآتي عقب هذا.
وبقية طرق الحديث ذكرتها في «التعليقات الجياد»؛ فلا ضرورة للإعادة، وفيما أوردناه كفاية.
وأما شواهد الحديث؛ فكثيرة أوردتها هناك أيضًا، وسيأتي بعضها في الباب الآتي، وأقتصر هنا على شاهد واحد، وهو من حديث مالك بن الحويرث:
أنه رأى النبي ﷺ رفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود؛ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
أخرجه النسائي (١/ ١٦٥)، وعنه ابن حزم (٤/ ٩٢)، وأحمد (٣/ ٤٣٦ و٤٣٧ و٥/ ٥٣) من طريق قتادة عن نصر بن عاصم عنه.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأصله عنده في «صحيحه»، ويأتي في «الكتاب» بعد باب (رقم ٧٣٠).
كان يرفع يديه حِيَالَ أذنيه في الركوع والسجود.
وقال الحافظ في «الفتح» (٢/ ١٧٧):
«وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود».
فثبت من كل ما تقدم: أن حديث عبد الوارث بن سعيد -في رفع اليدين عند الرفع من السجود- صحيح محفوظ؛ خلافًا لما ذهب إليه المصنف رحمه الله كما سبق!
وحديث همام؛ وصله مسلم (٢/ ١٣)، وأبو عوانة (٢/ ٩٧)، والبيهقي (٢/ ٢٨ و٧١)، وأحمد (٤/ ٣١٧) … قال: حدثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار ابن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر:
أنه رأى النبي ﷺ رفع يديه حين دخل في الصلاة كَبَّر -وصف همام- حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع؛ أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبَّر فركع، فلما قال: «سمع الله لمن حمده»؛ رفع يديه، فلما سجد؛ سجد بين كَفَّيهِ.
٧١٥ – عن عبد الجبار بن وائل: حَدَّثني أهل بيتي عن أبي أنه حدثهم:
أنه رأى رسول الله ﷺ يرفع يديه مع التكبير.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد -يعني: ابن زُريع-: ثنا المسعودي: ثنا عبد الجبار بن وائل.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٦) -عن أبي النضر-، وأحمد (٤/ ٣١٦) -عن وكيع- كلاهما عن المسعودي … به.
وله طريق أخرى، فقال أحمد: ثنا وكيع: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البَخْتَرِيِّ عن عبد الرحمن بن اليَحْصُبِيِّ عن وائل بن حجر الحضرمي قال:
رأيت رسول الله ﷺ يرفع يديه مع التكبير.
وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن اليحصبي، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه ثقتان.
ورواه الدارمي والطيالسي … نحوه أتم منه، وقد ذكرنا لفظهما قريبًا في الحديث المتقدم.
وبقية الطرق؛ أوردتها في كتابنا المفرد في «صفة صلاة النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها» -ونحن الآن في صدد طبع متنه، وسيصدر قريبًا إن شاء الله تعالى (*)، ونرجو أن نوفق لطبعه مع شرحه وتخريجه-، وذكرت فيه للحديث شواهد، منها حديث ابن عمر قال:
رأيت النبي ﷺ افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر؛ حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: «سمع الله لمن حمده» فعل مثله … الحديث.
أخرجه البخاري (٢/ ١٧٦) وغيره.
قلت: لأنظرَنَّ إلى صلاة رسول الله ﷺ كيف يصلي؟ قال: فقام رسول الله ﷺ، فاستقبل القبلة فكبر؛ فرفع يديه حتى حاذتا أُذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع؛ رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع؛ رفعهما مثل ذلك، فلما سجد؛ وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحَدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحَلَّقَ حلقة، ورأيته يقول هكذا، وحلق بشر (وهو ابن المُفَضَّل) الإبهامَ والوسطى، وأشار بالسبابة.
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه جماعة، يأتي ذكرهم في الرواية التالية والحديث يأتي برقم (٨٨٤»:
إسناده: حدثنا مسدد: نا بشر بن المُفَضَّلِ عن عاصم بن كُلَيْبٍ عن أبيه عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير كليب -وهو ابن شهاب الجرمي الكوفي-، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر، وفد قيل: إنه صحابي! وبين خطأ ذلك: الحافظ في «الإصابة».
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٨٦): أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: أنبأنا بشر بن المفضل … به.
وروى منه ابن ماجة (١/ ٢٧٠ – ٢٧١) -من طريق أخرى عن بشر- قوله:
رأيت النبي ﷺ يصلي، فأخذ شماله بيمينه.
٧١٧ – وفي رواية … بإسناده ومعناه؛ قال فيه:
ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفِّهِ اليسرى والرُّسْغِ والساعد … وقال فيه: ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد، فرأيت الناس عليهم جُلُّ الثياب، تَحرَّكُ أيديهم تحت الثياب.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي، وقال ابن القيم: «حديث صحيح». وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا أبو الوليد: نا زائدة عن عاصم بن كليب … بإسناده ومعناه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب، وهو ثقة كما تقدم. ولذا قال النووي في «المجموع» (٣/ ٣١٢):
«رواه أبو داود بإسناد صحيح». وقال ابن القيم في «زاد المعاد» (١/ ٨٥):
«حديث صحيح».
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٤١ و١٨٧)، والدارمي (١/ ٣١٤ – ٣١٥)، وابن الجارود (٢٠٨)، وابن حبان (٤٨٥)، والبيهقي (٢/ ٢٧ – ٢٨ و٢٨ و١٣٢)، وأحمد (٣١٨) من طرق عن زائدة … به.
ورواه ابن خزيمة وابن حبان؛ أي: في «صحيحيهما»؛ كما في «التلخيص» (٣/ ٢٨٠ – ٢٨١). وقال في «الفتح» (٢/ ١٧٨):
«وصححه ابن خزيمة وغيره».
وأخرجه النسائي أيضًا (١/ ١٢٦ و١٧٣ و١٨٦)، وابن ماجة (١/ ٢٧٠ – ٢٧١)، والشافعي في «الأم» (١/ ٩٠ – هامش)، وفي «اختلاف الحديث» (٧ /) -المطبوع على هامش «الأم»-، والطيالسي (رقم ١٠٢٠)، والبيهقي (٢/ ١١١ و١٣١)، وأحمد (٤/ ٣١٦ و٣١٧ و٣١٨ و٣١٩)، والبخاري في «رفع اليدين» (ص ١٠) من طرق أخرى عن عاصم … به؛ بعضهم مختصرًا وبعضهم مطولًا نحوه.
قلت: وفي حديث زائدة بيان صفة الإشارة، قال:
فرأيته يحركها؛ يدعو بها.
(تنبيه): لِيُعَلَمْ أن قوله في الحديث: وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد … لازمه أنه وضعهما على صدره، وهذا قد صَرَّحَ به علقمة عن أبيه وائل: عند ابن خزيمة في «صحيحه»؛ كما نقلناه عند الكلام على حديثه المتقدم (رقم ٧١٤) (ص ٣١٠).
(تنبيه آخر): في حديث زائدة هذا زيادة في آخره بلفظ:
ثم رفع أصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها.
وعند أحمد ومن قبله من طرق كثيرة عن زائدة.
وعند ابن حبان (١٨٥٧): من طريق أبي الوليد الطيالسي شيخ شيخ المصنف عنه.
وقد روي من حديث عبد الله بن الزبير:
أنه ﷺ كان لا يحركها.
ولم يتنبَّه لعلته المعلِّقُ على «شرح السنة» للبغوي، فجرى على ظاهر إسناده؛ فقوّاه! ولو أنه تتبع طرقه، ولم يقلِّد في ذلك غيره؛ لتبينت له علته إن شاء الله تعالى!
٧١٨ – عن وائل بن حجر قال:
رأيت النبي ﷺ حين افتتح الصلاة؛ رفع يديه حِيالَ أُذنيه. قال: ثم أتيتهم؛ فرأيتهم يرفعون أيديَهُمْ إلى صدورهم في افتتاح الصلاة؛ وعليهم برانِسُ وأكسية.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكًا -وهو ابن عبد الله القاضي- سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد بمعنى هذا الحديث؛ بل تابعه غيره كما يأتي، فكان الحديث من الصحيح لغيره.
والحديث رواه زائدة عن عاصم … به نحوه، وهو الذي في الكتاب قبل هذا.
ورواه ابن عيينة، فقال الشافعي (١/ ٩٠): أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال: سمعت أبي يقول: حدثني وائل بن حجر قال:
رأيت النبي ﷺ إذا افتتح الصلاة يرفع يديه … الحديث؛ وفيه قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء؛ فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
وأخرجه النسائي (١/ ١٧٣).
وأخرجه أحمد (٤/ ٣١٨ – ٣١٩) من طريق زهير بن معاوية عن عاصم بن كليب … به؛ نحو حديث بِشْرِ بن المفضل المتقدم (٧١٦)؛ وفيه: قال زهير: قال عاصم: وحدثني عبد الجبار عن بعض أهله أن وائلًا قال:
أتيت مرة أخرى؛ وعلى الناس ثياب، فيها البرانس وفيها الأكسية؛ فرأيتهم يقولون -هكذا- تحت الثياب.
١١٥ – باب افتتاح الصلاة
٧١٩ – عن وائل بن حجر قال:
أتيت النبيَّ ﷺ في الشتاء؛ فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا وكيع عن شريك عن عاصم ابن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكًا سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد بالحديث كما تقدم بيانه في حديثه المتقدم؛ غير أنه قد خالف في إسناده هنا؛ حيث قال: عن عاصم عن علقمة، وقال هناك: عن عاصم عن أبيه.
وهو المحفوظ الذي رواه عن عاصم: زائدة وابن عيينة كما سبق.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ١٦) عن شريك … به، وقد سقط من الطابع أو
٧٢٠ – عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُمَيْدٍ الساعدي في عَشَرةٍ من أصحاب رسول الله -منهم أبو قتادة-، قال أبو حميدٍ:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله ﷺ. قالوا: فَلِمَ؟ ! فوالله ما كنتَ بأكثرنا له تَبِعَةً، ولا أقدمنا له صحبةً! قال: بلى. قالوا: فَاعْرِض. قال:
كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة؛ يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبِّر حتى يَقِرَّ كلُّ عظم في موضعه معتدلًا، ثم يقرأ، ثم يكبر، فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضَع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصُبُّ رأسه ولا يُقْنعُ، ثم يرفع رأسه فيقول: «سمع الله لمن حمده»، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلًا، ثم يقول: «الله أكبر»، ثم يهوي إلى الأرض، فيُجَافِي يَدَيْهِ عن جنبيه، ثم يرفع رأسه، ويَثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها، ويفتخ أصابع رجليه إذا سجد، ثم يسجد، ثم يقول: «الله أكبر»، ويرفع رأسه، ويَثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها؛ حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك.
ثم إذا قام من الركعتين؛ كبَّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبَّر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخّر رجله اليسرى، وقعد متورِّكًا على شِقِّهِ الأيسر.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه ابن حبان، وقال الخَطَّابي وابن القيم: «حديث صحيح»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: أنا أبو عاصم الضحاك بن مَخْلَدٍ. (ح)، وثنا مسدد: نا يحيى -وهذا حديث أحمد- قال: أنا عبد الحميد -يعني: ابن جعفر-: أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي في «المجموع» (٣/ ٤٠٧ و٤٤٣). وقال الخطَّابي في «المعالم» (٨/ ٣٥٤):
«حديث صحيح». وكذا قال ابن القيم في «التهذيب» (١/ ٣٥٥)، وزاد:
«مُتَلَقّىً بالقبول، لا علة له. وقد أعله قوم بما برأه الله وأئمة الحديث منه، ونحن نذكر ما عللوه به، ثم نبين فساد تعليلهم وبطلانه بعون الله».
وقد فعل ذلك رحمه الله ووفَى في بحث واسع مستفيض، وفيه تحقيق بالغ كعادته رحمه الله، فراجع (ص ٣٥٦ – ٣٦٥)؛ فقلما تجده في غيره؛ ولعلنا نتعرض لذكر تلك العلل أو بعضها ثم نذكر بطلانها.
فمن ذلك؛ قول بعضهم: إن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع الحديث من أبي حميد؛ بل بينهما رجل!
وهذا يردُّه تصريح محمد بن عمر بسماعه من أبي حميد في رواية الكتاب.
والحديث لم أجده في «مسند أحمد» عن أبي عاصم! وإنما رواه من الطريق الثاني كما يأتي.
ورواه ابن حزم (٤/ ٩١) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري في «رفع اليدين» (ص ٥) بإسناد المصنف الثاني فقال: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد … به نحوه.
ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد في «المسند» (٥/ ٢٢٤): ثنا يحيى بن سعيد … به.
وأخرجه الترمذي أيضًا (٢/ ١٠٥ – ١٠٧)، والنسائي (١/ ١٥٩ و١٦٦ و١٧٦) -بعضه مفرقًا- من طرق عن يحيى … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وفي حديث يحيى عند البخاري -بعد قوله: ولا أقدمنا له صحبة-:
قال: بل راقبته.
ولم يتفرد بالحديث عبد الحميد بن جعفر؛ بل تابعه محمد بن عمرو بن حَلْحَلَةَ، وهو:
٧٢١ – عن محمد بن عمرو العامري قال:
كنت في مجلس من أصحاب رسول الله ﷺ، فتذاكروا صلاته ﷺ، فقال أبو حميد … فذكر بعض هذا الحديث؛ وقال:
فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه، وفرَّج بين أصابعه، ثم هَصَر ظهره غَيْرَ
فإذا قعد في الركعتين؛ قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة؛ أفضى بِوَرِكِهِ اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة.
(قلت: حديث صحيح؛ غير قوله: ولا صافح بِخَدِّه؛ فإنه ضعيف).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن لهيعة عن يزيد -يعني: ابن أبي حبيب- عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة وهو سيئ الحفط (١)، لكنه قد وافق الثقات في هذا الحديث؛ إلا في قوله: ولا صافح بِخَدِّه! فإني لم أجد له فيه متابعًا؛ فكان حديثه هذا -بغير هذه الزيادة- صحيحًا.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٨٤ – ٨٥) من طريق المصنف.
وأخرجه (٢/ ١٠٢ و١٢٨) من طرق أخرى عن ابن لهيعة.
وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب؛ وهو:
٧٢٢ – عن محمد بن عمرو بن عطاء … نحو هذا؛ قال:
فإذا سجد؛ وضع يديه غيرَ مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة.
(قلت: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري في «صحيحه» بتمامه).
(*) وعليه؛ فالحديث -بتمامه؛ بالزيادة- صحيح. والله أعلم. (الناشر).
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عيسى بن إبراهيم المصري، وهو ثقة.
والحديث أخرجه البخاري (٢/ ٢٤٣ – ٢٤٦) فقال: حدثنا يحيى بن بُكَيْرٍ قال: حدثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد ابن عطاء. وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة … به بتمامه.
وأخرجه البيهقي (٢/ ١٢٨) من طريق البخاري.
وأخرجه (٢/ ٨٤ و٩٧ و١١٦) من طرق أخرى عن ابن بكير … بإسناده الثاني؛ إلا أنه لم يذكر فيه: يزيد بن محمد القُرَشِيَّ.
وأخرجه الطحاوي (١/ ١٥٢): حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب … به، وزاد. (ح) قال: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد ابن أبي حبيب وعبد الكريم بن الحارث عن محمد بن عمرو بن عطاء … به.
ثم أخرجه من طريق عبد السلام بن حفص عن محمد بن عمرو بن حلحلة … به.
قلت: ولفظ الحديث عند البخاري: عن محمد بن عمرو بن عطاء:
أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي ﷺ، فذكرنا صلاة النبي ﷺ، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله ﷺ: رأيته إذا كبر جعل يديه حِذاءَ منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا
٧٢٣ – عن عباس بن سهل قال:
اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة؛ فذكروا صلاة رسول الله ﷺ، فقال أبو حميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله ﷺ … فذكر بعض هذا؛ قال:
ثم ركع، فوضع يديه على ركبتيه -كأنه قابضٌ عليهما-؛ ووتَّر يديه، فتجافى عن جنبيه، قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته، ونحَّى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حَذْوَ منكبيه، ثم رفع رأسه حتى يرجع كل عظم في موضعه؛ حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، لكنه مختصر؛ ليس فيه ذكر الركعتين الأخيرتين ولا التورُّك فيهما. ورواه ابن خزيمة في «صحيحه»، وروى ابن حبان منه الافتراش بين السجدتين).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا عبد الملك بن عمرو: أخبرني فليح: حدثني عباس بن سهل.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وفي فليح -وهو ابن سليمان- كلام من قبل حفظه؛ لكنه يتقوى بما قبله.
والحديث لم أجده في «مسند أحمد»!
وأخرجه البيهقي (٢/ ٨٥ و١١٢ و١٢١) من طريق المصنف.
وأخرجه هو (٢/ ٧٣)، والبخاري في «رفع اليدين» (ص ٥ – ٦)، وابن ماجة (١/ ٢٨٣)، والطحاوي (١/ ١٣١ و١٥٣)، والسَّرَّاج في «مسنده» (ق ٢٥/ ١) من طرق أخرى عن عبد الملك بن عمرو … به مطولًا ومختصرًا عن هذا.
ولكن الحديث مختصر على كل حال؛ فإنه ليس فيه ذكر الركعتين الأخيرتين، ولا التورك فيهما، كما يدل على ذلك حديث محمد بن عمرو بن عطاء عند البخاري، وقد نقلنا لفظه قريبًا. ومثله حديث الكتاب (رقم ٧٢١).
ورواه ابن خزيمة أيضًا في «صحيحه» -كما في «الفتح» (٢/ ٢٤٥)، و«النيل» (١/ ٢١٦) -. وروى ابن حبان منه:
وكان إذا جلس بين السجدتين؛ افترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته.
والحديث أخرجه الترمذي أيضًا (٢/ ٤٥ – ٤٦ و٨٦ – ٨٧)، وكذا الدارمي (١/ ٢٩٩) عن عبد الملك بن عمرو … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
حضرتُ أبا حميد الساعدي … بهذا الحديث.
علقه المصنف؛ وهو في الكتاب الآخر (١٢٠).
وقد رواه عن عيسى بن عبد الله: عتبة بن أبي حكيم أيضًا. ورواه عنه الحسن ابن الحر؛ إلا أنه أدخل بينه وبين عباس بن سهل: محمد بن عمرو بن عطاء، وزاد في متنه ونقص؛ كما بيناه في الكتاب الآخر (١١٨ و١١٩).
٧٢٤ – عن ميمون المكي:
أنه رأى عبد الله بن الزبير -وصلى بهم- يُشيرُ بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أرَ أحدًا يصليها؟ ! . فوصَفْتُ له هذه الإشارة! فقال:
إن أحببتَ أن تنظر إلى صلاة رسول الله ﷺ؛ فاقتد بصلاة عبد الله ابن الزبير.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه.
وأبو هبيرة: اسمه يحيى بن عباد بن شيبان؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وأعله المنذري في «مختصره» بابن لهيعة؛ فقال:
«في إسناده عبد الله بن لهيعة، وفيه مقال».
قلت: لكن الحديث له شواهد كثيرة، تدل على أن له أصلًا، فيرقى بها إلى درجة الحسن؛ بل الصحيح لغيره؛ فإن فيه الرفع في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند السجود، وعند القيام.
أما الموضعان الأولان: فقد وردا في حديث ابن عمر المتقدم (رقم ٧١٢ و٧١٣)، وفي حديث وائل بن حجر (رقم ٧١٤ – ٧١٧)، وحديث أبي حميد الساعدي (رقم ٧٢٠) وغيرهما، كحديث علي الآتي برقم (٧٢٩).
وأما الرفع عند السجود: فورد في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: وإذا سجد. وإسناده صحيح، كما تقدم بيانه عند الحديث (رقم ٧١٤) (ص ٣١١).
وفي بعض طرق حديث وائل بن حجر: أخرجه الدارقطني (١٠٩) بسند صحيح على شرط مسلم.
وأما الرفع عند القيام؛ فهو يشمل الرفع من السجدة، ومن التشهد.
أما الأول: فورد في حديث مالك المشار إليه بلفظ: إذا رفع رأسه من السجود؛ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وأما الآخر: ففي حديث ابن عمر الآتي بعد هذا بحديث.
ويشهد للحديث: الأحاديث الأخرى في الرفع مع كل تكبيرة، لكن في أسانيدها مقال، وقد أوردتها في «التعليقات الجياد على زاد المعاد»، لكن بعضها
والحديث أخرجه أحمد (رقم ٢٣٠٨) … بإسناد المصنف ومتنه.
ثم أخرجه (رقم ٢٦٢٧) من طريق موسى بن داود قال: حدثنا ابن لهيعة … به.
٧٢٥ – عن النَّضْرِ بن كَثِيرٍ -يعني: السَّعْدِيِّ- قال:
صَلَّى إلى جَنْبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخَيْف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها؛ رفع يديه تِلْقَاءَ وجهه. فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد! فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئًا لم أر أحدًا يصنعه؟ ! فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان النبي ﷺ يصنعه.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أبَان -المعنى- قالا: نا النضر بن كثير -يعني: السعدي-.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير النضر بن كثير السعدي، وهو ضعيف الحديث، كما قال المنذري في «مختصره»، ونقل عن الحافظ أبي أحمد النيسابوري أنه قال:
«هذا حديث منكر من حديث ابن عباس».
قلت: لكن يشهد له الحديث الذي قبله، والشواهد التي أوردناها تحته.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٧٢)، ومن طريقه الدَّولابي في «الكنى»
٧٢٦ – عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان إذا دخل في الصلاة؛ كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: «سمع الله لمن حمده»، وإذا قام من الركعتين؛ رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في «صحيحه». وأشار البيهقي والمنذري إلى تقويته).
إسناده: حدثنا نصر بن علي: أنا عبد الأعلى: نا عبيد الله عن نافع.
قال أبو داود: «الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع»! قال أبو داود:
«وروى بقية أولَّه عن عبيد الله وأسنده. ورواه الثقفي عن عبيد الله؛ أوقفه على ابن عمر، وقال فيه: وإذا قام من الركعتين؛ يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح».
قال أبو داود: «ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفًا. وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب، لم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديثه. قال ابن جريج: قلت لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى أرْفَعَهُنَّ؟ قال: لا، سواءً. قلت: أشر لي، فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أعله المصنف بالوقف؛ محتجًّا بأن الثقفي -يعني: عبد الوهاب- رواه عن عبيد الله موقوفًا، وبأن الليث بن سعد وأيوب وابن جريج رووه عن نافع موقوفًا أيضًا!
«الأشبه بالصواب قول عبد الأعلى». وتبعه على ذلك البيهقي، فقال (٢/ ١٣٧):
«وعبد الأعلى ينفرد برفعه إلى النبي ﷺ؛ وهو ثقة». وقال المنذري في «مختصره»:
«وعبد الأعلى ممن اتفقا على الاحتجاج بحديثه، ورفعه حماد عن أيوب، وقد ذكر الزيادة الليث بن سعد في حديثه، وفي ذلك كفاية».
وحديث حماد بن سلمة؛ علقه البخاري أيضًا في «صحيحه» (٢/ ١٧٧)، ووصله هو في «رفع اليدين» (ص ١٧)، وأحمد (٢/ ١٠٠).
كما وصل فيه حديث الثقفي (ص ٢٠).
وحديث الليث (ص ١٧)، وحديث مالك (ص ١٩).
وحديث ابن جريج (ص ١٤).
والحديث أخرجه البخاري في «صحيحه» (٢/ ١٧٦)، وفي «رفع اليدين» (ص ١٦)، ومن طريقه ابن حزم (٤/ ٩٠)، والبيهقي (٢/ ١٣٦) من طرق أخرى عن عبد الأعلى … به.
وقد وهم ابن القيم في «الزاد» (١/ ٨٨)؛ حيث عزا الحديث لمسلم أيضًا!
ثم رأيت المعتمر قد تابع عبد الأعلى، لكن خالفه في إسناده، فقال: سمعت عبيد الله -وهو ابن عمر-عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر … به.
أخرجه النسائي (١/ ١٧٦): أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا المعتمر … به.
وللجملة الأخيرة منه طريق آخر عن ابن عمر؛ وهو الآتي بعده:
٧٢٧ – عن نافع:
أن عبد الله بن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة؛ يرفع يديه حَذْوَ منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ رفعهما دون ذلك.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.
قال أبو داود: «ولم يذكر رَفْعَهما دون ذلك أحدٌ غير مالك فيما أعلم»!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وتفرد مالك بهذه الزيادة لا يضرُّ؛ لأنه ثقة حجة.
١١٦ – باب [مَنْ ذَكَرَ أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] (١)
٧٢٨ – عن ابن عمر قال:
كان رسول الله ﷺ إذا قام في الركعتين؛ كبّر ورفع يديه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه البخاري).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبيد المحاربي قالا: ثنا محمد ابن فُضَيْلٍ عن عاصم بن كُلَيْبٍ عن محارب بن دِثَارٍ عن ابن عمر.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ١٤٥): ثنا محمد بن فضيل … به أتم منه؛ ولفظه: قال:
رأيت ابن عمر يرفع يديه كلما ركع، وكلما رفع رأسه من الركوع.
قال: فقلت له: ما هذا؟ قال … فذكره.
وأخرجه البخاري في «جزء رفع اليدين» (ص ١٠) من طريق أخرى عن ابن فضيل … به أخصر منه. وقال الحافظ في «الفتح» (٢/ ١٧٧):
«وصححه البخاري في الجزء المذكور».
وكأنه يشير بذلك إلى قول البخاري فيه (ص ٢٣):
«وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله ﷺ».
ورواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا مُحَارِبُ بن دِثَارٍ … به مثل رواية أحمد؛ دون المرفوع منه.
أخرجه البخاري (ص ١٦).
وأخرجه ابن حزم (٤/ ٩٠) من طريق المصنف.
٧٢٩ – عن علي بن أبي طالب عن رسول الله ﷺ:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حَذْوَ منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يَدَيْهِ في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وقال النووي: «حديث صحيح»، وصححه أحمد والبخاري وابن خزيمة وابن حبان).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.
قال أبو داود: «وفي حديث أبي حميد الساعدي -حين وصف صلاة النبي ﷺ: إذا قام من الركعتين؛ كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر عند افتتاح الصلاة».
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو حسن الحديث كما تقدم غير ما مرة. وقال النووى في «المجموع» (٣/ ٤٤٧):
«وهو حديث صحيح». وسئل الإمام أحمد عنه؟ فقال:
«صحيح»، كما في «نصب الراية» (١/ ٤١٢)، و«التلخيص» (٣/ ٢٧١).
وصححه البخاري أيضًا في «جزء الرفع» (ص ٣ و٦ و٢٣).
وصححه ابن خزيمة وابن حبان، كما في «الفتح» (٢/ ١٧٧).
والحديث أخرجه أحمد (رقم ٧١٧): حدثنا سليمان بن داود … به.
وأخرجه ابن ماجة (١/ ٢٨٣ – ٢٨٤)، والبيهقي (٢/ ٢٤ و١٣٧) من طرق
وأخرجه البخاري (ص ٣ و٦)، والطحاوي (١/ ١٣١)، والبيهقي أيضًا (٢/ ٧٤) من طرق أخرى عن ابن أبي الزناد … به.
وهو عند الترمذي (٢/ ٢٥١ – طبع بولاق) من طريق سليمان … به، وله عنده تتمة تأتي (برقم ٧٣٩).
ويشهد للحديث: حديث ابن عمر الذي قبله، وحديثه المتقدم برقم (٧١٢)، وغيره مما سبقت الإشارة إليه قريبًا.
٧٣٠ – عن مالك بن الحويرث قال:
رأيت النبي ﷺ يرفع يديه إذا كبَّر، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ حتى يَبْلُغَ بهما فُروعَ أذنيه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، ورواه البخاري في «صحيحه» نحوه).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الطيالسي (رقم ١٢٥٣) قال: حدثنا شعبة … به.
وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ٩٤)، وأحمد (٥/ ٥٣) من طرق أخرى عن شعبة … به؛ وليس عندهم: حتى يبلغ … إلخ.
وكذلك أخرجه البخاري في «رفع اليدين» (ص ٦).
حذاء أذنيه.
وأخرجه النسائي (١/ ١٦٤ – ١٦٥)، ومن طريقه ابن حزم (٤/ ٩٢)؛ إلا أنه لم يذكر تكبيرة الإحرام ولا الرَّفْعَ عندها، وزاد:
وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود.
وقد ذكرنا لفظه بتمامه فيما سبق عند الحديث (رقم ٧١٤).
وقد ثبتت هذه الزيادة من غير طريق شعبة، كما سنبينه إن شاء الله.
وأخرجه مسلم (٢/ ٧)، والبخاري في جزئه (ص ١٨)، والنسائي (١/ ١٤٠ – ١٤١ و١٥٨ و١٦١ و١٦٥)، والبيهقي (٢/ ٢٥)، وأحمد (٣/ ٤٣٦ و٤٣٧ و٥/ ٥٣) -عن سعيد بن أبي عروبة-، ومسلم -عن أبي عوانة-، وأبو عوانة (٢/ ٩٤)، والنسائي (١/ ١٦٥ و١٧٢)، وابن ماجة (١/ ٢٨٢)، وأحمد (٥/ ٥٣) -عن هشام الدَّسْتُوَائي-، والبخاري فيه (ص ١٧) -عن حماد بن سلمة- كلهم عن قتادة … به، وصرح سعيد عند البخاري بسماع قتادة من عاصم، وزاد في رواية النسائي وأحمد، وكذا معاذ الدستوائي في رواية النسائي الزيادة التي عند النسائي من طريق شعبة؛ أعني: رفع اليدين عند السجود والرفع منه.
ومعناه عند همام عن قتادة … به مختصرًا؛ بلفظ:
كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود.
أخرجه أبو عوانة (٢/ ٩٥)، وأحمد (٥/ ٥٣).
وللحديث طريق أخرى: أخرجه البخاري (٢/ ١٧٥)، ومسلم عن أبي قلابة:
وأخرجه البيهقي (٢/ ٢٧ و٧١).
(تنبيه): قد عرفت مما سبق: أن الرفع عند السجود وعند الرفع منه قد اتفق على روايته عن قتادة: شعبة وابن أبي عروبة والدستوائي وهمام. فَرَدُّ هذه الزيادة؛ لعدم ورودها في حديث أبي عوانة وغيره عن قتادة، وفي حديث أبي قلابة هذا -كما صنع صاحب «عون المعبود» (١/ ٢٧٠) -؛ ليس بصواب، ولا متفقًا مع المتقرر في «مصطلح الحديث» من وجوب الأخذ بالزيادة؛ لا سيما إذا كان قد اتفق عليها جماعة من الثقات الأثبات؛ فتنبه!
٧٣١ – عن بَشِيرِ بن نَهِيك قال: قال أبو هريرة:
لو كُنْتَ قُدَّام النبي ﷺ لرأيت إبطيه. (زاد في رواية: قال لاحق -وهو ابن حميد أبو مِجْلَزٍ-: ألا ترى أنه في الصلاة، ولا يستطيع أن يكون قُدَّامَ النبي ﷺ؟)، (زاد في الرواية الأخرى: يعني: إذا كبر رفع يديه).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا ابن معاذ: نا أبي. (ح) وحدثنا موسى بن مروان: نا شعيب -يعني: ابن إسحاق-؛ -المعنى- عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، والوجه الآخر صحيح أيضًا؛ وعمران: هو ابن حُدَير.
وابن معاذ: هو عبيد الله.
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٢٦) من طريق معتمر بن سليمان عن
٧٣٢ – عن علقمة قال: قال عبد الله:
علَّمَنا رسولُ الله ﷺ الصلاةَ؛ فكبر ورفع يديه، فلما ركع طَبَّقَ يديه بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعدًا، فقال:
صدق أخي؛ قد كنا نفعل هذا؛ ثم أمرنا بهذا، يعني: الإمساك على الركبتين.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الدارقطني: «إسناد ثابت صحيح»، ويأتي تحت الحديث (رقم ٨١٤».
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا ابن إدريس عن عاصم بن كُلَيب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٧٨ – ٧٩) من طريق المؤلف.
وأخرجه البخاري في «رفع اليدين» (ص ١٢ و١٩)، والنسائي (١/ ١٥٩)، والدارقطني (ص ١٢٩)، والحاكم (١/ ٢٢٤)، وأحمد (رقم ٣٩٧٤)، والحازمي في «الاعتبار» (ص ٦١ – ٦٢) من طرق أخرى عن عبد الله بن إدريس … به، وقال الحاكم:
«حديث صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني:
«إسناد ثابت صحيح».
٧٣٣ – عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود:
ألا أُصَلِّي بكم صلاةَ رسول الله ﷺ؟ ! قال: فصلى؛ فلم يرفع يديه إلا مَرَّةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال ابن حزم: إنه «صحيح»، وقوّاه ابن دقيق العيد والزيلعي والتركماني).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني: ابن كليب- عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة.
قال أبو داود: «هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ»!
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف رحمه الله بما رأيت، ووافقه على ذلك غير ما واحد كما يأتي! ولم نجد في كلماتهم ما ينهض على تضعيف الحديث. فالحق أنه حديث صحيح، كما قال ابن حزم في «المحلى» (٤/ ٨٨)، وحسنه الترمذي كما يأتي.
ولعل المصنف يشير بالحديث الطويل: إلى حديث عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب، الذي تقدم في الباب السابق، يعني: أنه ليس فيه: أنه لم يرفع إلا مرة. فقوله: إلا مرة؛ غير صحيح عنده. وقال البخاري في «رفع اليدين» (ص ١١ – ١٢):
ويروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه … فذكره. وقال أحمد بن حنبل عن
قلت: ثم ساق البخاري بإسناده حديث ابن إدريس المشار إليه؛ ثم قال: «وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود». وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (١/ ٩٦):
«سألت أبي عن حديث رواه الثوري عن عاصم بن كليب [قلت: فذكره بلفظ: (فرفع يديه ثم لم يعد)، ثم قال]؟ قال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري. وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: إن النبي ﷺ افتتح، فرفع يديه، ثم ركع فطبَّق وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما رواه الثوري».
قلت: فقد أفصح أبو حاتم عن علة الحديث عنده؛ وهو ما يشير إليه كلام البخاري؛ وهو تفرد سفيان الثوري به!
والجواب: أن سفيان ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة؛ كما في «التقريب»؛ فتفرده حجة، وتوهيمه -لمجرد أنه روى ما لم يرو غيره- جرأة في غير محلها! لا سيما وأن الظاهر أن حديثه هذا حديث مستقل عن حديث عبد الله بن إدريس؛ وإن شاركه في إسناده.
وقد أعله بعض المتأخرين بتفرد وكيع به! وهذا خطأ أبين؛ فإن وكيعًا -مع أنه ثقة-؛ فقد تابعه عبد الله بن المبارك ومعاوية بن هشام وموسى بن مسعود النَّهْدي وغيرهم؛ كما يأتي.
وقد أعل الحديث بعلتين أُخريين، لا نسوِّدُ الصفحة بحكايتهما وردِّهما؛ لظهور
والحديث أخرجه أحمد (رقم ٣٦٨١ و٤٢١١): حدثنا وكيع … به.
وأخرجه الترمذي (٢/ ٤٠) -وقال: «حديث حسن»-، والطحاوي (١/ ١٣٢)، والبيهقي (٢/ ٧٨)، وابن حزم (٤/ ٨٧) من طرق أخرى عن وكيع … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١٥٨) من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان … به.
٧٣٤ – وفي رواية … بإسناده بهذا؛ قال: فرفع يديه في أول مرة (وقال بعضهم: مرة واحدة).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه من ذكرنا في الرواية الأولى).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا: نا سفيان … بإسناده.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وتقدم الكلام عليه في الرواية المتقدمة؛ والحسن بن علي: هو الخَلال الحُلْواني.
ومعاوية: هو ابن هشام القَصَّار الأزْدي.
وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.
وخالد بن عمرو: هو أبو سعيد الكوفي؛ وقد اتهم بالكذب.
كان رسول الله ﷺ إذا دخل في الصلاة؛ رفع يديه مدًّا.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سعيد بن سمعان، وهو ثقة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٤٣٤): ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب. ويزيد ابن هارون قال: أنا ابن أبي ذئب -المعنى- قال: ثنا سعيد بن سمعان قال:
أتانا أبو هريرة في مسجد بني زُرَيْقٍ قال:
ثلاث كان رسول الله ﷺ يعمل بهن؛ تركهن الناس: كان يرفع يديه مدًّا إذا دخل في الصلاة، ويكبِّر كلما ركع ورفع، والسكوت قبل القراءة يسأل الله من فضله -قال يزيد: يدعو ويسأل الله من فضله-.
وهكذا أخرجه النسائي (١/ ١٤١)، والحاكم (١/ ٢١٥) -وقال: «إسناده صحيح»، ووافقه الذهبي- من طرق أخرى عن يحيى … به.
وأخرجه الطيالسي (رقم ٢٣٧٤): حدثنا ابن أبي ذئب … به.
ومن طريقه وطريق الحاكم: أخرجه البيهقي (٢/ ٢٧).
وأخرجه الحاكم (١/ ٢٣٤)، وأحمد (٢/ ٥٠٩) من طرق أخرى عن ابن أبي
وأخرجه الترمذي (٢/ ٦)، والطحاوي (١/ ١١٥) من طرق أخرى عنه … به -القدر الذي روى المصنف منه-. وقال الترمذي:
«حديث حسن».
ولابن أبي ذئب فيه إسناد آخر؛ فقال الطيالسي (رقم ٢٥٦٢): حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال:
رأيت رسول الله ﷺ يرفع يديه مدًّا؛ يعني: في الصلاة.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ومن طريق الطيالسي: أخرجه البيهقي.
وأخرجه هكذا: الدارمي (١/ ٢٨١)، وأحمد (٢/ ٥٠٠) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب … به.
١١٨ – باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة
٧٣٦ – عن ابن مسعود:
أنه كان يصلي؛ فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي ﷺ؛ فوضع يده اليمنى على اليسرى.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وهو على شرط مسلم، وقال النووي: «إسناده صحيح على شرط مسلم»! وأخرجه ابن السكن في «صحيحه»).
قلت: وهذا إسناد حسن -كما قال الحافظ في «الفتح» (٢/ ١٨٧) -، ورجاله رجال مسلم؛ غير أن الحجاح بن أبي زينب فيه كلام من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق يخطيء». وقال النووي في «المجموع» (٣/ ٣١٢):
«إسناده صحيح على شرط مسلم»!
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه النسائي (١/ ١٤١)، وابن ماجة (١/ ٢٧١)، وابن حزم (٤/ ١١٢ – ١١٣) من طرق أخرى عن هشيم … به؛ وصرح هشيم بالتحديث عند ابن ماجة، فزالت شبهة تدليسه.
وأخرجه الدارقطني أيضًا (ص ١٠٧)، وابن السكن في «صحيحه» -كما في «الفتح»-.
وللحجاج بن أبي زينب فيه إسناد آخر: أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٣٨١): ثنا محمد بن الحسن الواسطي -يعني: المزني-: ثنا أبو يوسف الحَجَّاجُ -يعني: ابن أبي زينب الصَّيْقَلَ-عن أبي سفيان عن جابر قال:
مرَّ رسول الله ﷺ برجل وهو يصلي … الحديث نحوه.
وأخرجه الدارقطني عن يحيى بن معين: ثنا محمد بن الحسن … به.
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن الحسن هذا؛ فمن رجال البخاري. وقال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ١٠٤):
٧٣٧ – عن طاوس قال:
كان رسول الله ﷺ يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يَشُدُّ بينهما على صدره وهو في الصلاة.
(قلت: هذا حديث مرسل، وهو حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا الهيثم -يعني: ابن حُمَيْدٍ- عن ثور عن سليمان ابن موسى عن طاوس.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الهيثم بن حميد، وهو ثقة.
وسليمان بن موسى: كان خُولِط قبل موته بقليل، كما في «التقريب».
ثم إن الحديث مرسل؛ لأن طاوسًا تابعي، لكنه حديث صحيح؛ فإنه قد جاء له شاهدان موصولان من وجهين آخرين:
أحدهما: عن وائل بن حجر: أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» من طريق محمد بن جُحَادة عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل عن أبيه … في حديث حكايته لصلاة النبي ﷺ، وفيه:
وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره.
نقلناه -فيما تقدم- عن ابن حجر عند الحديث (٧١٤)؛ وهو معنى حديث عاصم بن كليب المتقدم برقم (٧١٧) عن أبيه عن وائل؛ كما نبهنا عليه هناك.
ورواه البيهقي (٢/ ٣٠) من طريق أخرى عن عاصم.
وأما الحديث الآخر: فهو عن قَبِيصَةَ بن هُلْبٍ عن أبيه قال:
رأيت النبي ﷺ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته -قال- يضع هذه على صدره -وصف يحيى اليمنى على اليسرى فوق المفصل-.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٢٦)، وإسناده محتمل للتحسين؛ وحسنه الترمذي، وقد تكلمنا عليه في الكتاب المفرد في «صفة صلاة النبي ﷺ»، وذكرنا هناك أنه لم يثبت عن النبي ﷺ في محل وضع اليدين إلا هذا (الصدر). وأما الوضع تحت السرة فلا يصح. وانظر الكتاب الآخر.
١١٩ – باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
٧٣٨ – عن علي بن أبي طالب قال:
كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة؛ كبر ثم قال: «وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدِني لأحسن الأخلاق، لا يهدني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئَها، لا يصرف سيِّئَها إلا أنت، لبَّيْك وسعديك! والخيرُ كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك».
«اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومُخِّي وعظامي وعصبي».
وإذا رفع قال:
«سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلْءَ السماوات والأرض، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْء ما شئت من شيء بَعْدُ».
وإذا سجد قال: «اللهم! لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره فأحسن صورته، وشقَّ سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين».
وإذا سلّم من الصلاة قال:
«اللهم! اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم والمؤخِّر، لا إله إلا أنت».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أَبِي: نا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ عن عَمِّه الماجِشُون بن أبي سَلَمَةَ عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطيالسي (رقم ١٥٢): حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٨٥ – ١٨٦)، وأبو عوانة أيضًا، والترمذي (٢/ ٢٥٠ – ٢٥١ – طبع بولاق)، والدارقطني (ص ١١١)، والبيهقي (٢/ ٣٢)، وأحمد (رقم ٧٢٩ و٨٠٣) من طرق أخرى عن عبد العزيز … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه النسائي (١/ ١٤٢ و١٦١ و١٦٩) مفرقًا، دون الذكر بعد الركوع وبعد السلام.
وروى الدارمي (١/ ٢٨٢ و٣٠١) منه دعاء الاستفتاح والذكر بعد الركوع.
والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (ص ٦) دعاء الاستفتاح إلى قوله: «لا يصرف سيئها إلا أنت».
ورواه الطحاوي (١/ ١١٧) إلى قوله: «وأنا أول المسلمين».
٧٣٩ – عن علي بن أبي طالب عن رسول الله ﷺ:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين؛ رفع يديه كذلك وكبر ودعا … نحو حديث عبد العزيز (يعني: الذي قبله) في الدعاء يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر: «والخير كله في يديك، والشر ليس إليك»؛ وزاد فيه: ويقول عند انصرافه من الصلاة:
(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو تمام الحديث المتقدم (رقم ٧٢٩)؛ وقد ذكرنا هناك من صححه من الأئمة).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد تقدم بهذا الحديث مختصرًا (رقم ٧٢٩) مع الكلام عليه وتخريجه؛ فلا داعي للإعادة.
والحديث أخرجه الترمذي (٢/ ٢٥١) … بهذا السند عن هذا الشيخ، وقال: «حسن صحيح».
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ١٠٢)، والدارقطني (١١٢)، والبيهقي (٢/ ٣٢ – ٣٣) من طريق ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة … به مثل حديث عبد العزيز الذي قبله؛ إلا أنه قال في أوله:
وكان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة قال … الحديث؛ وليس فيه رفع اليدين.
وأخرج الشافعي في «الأم» (١/ ٩١ – ٩٢) دعاء الاستفتاح، وزاد -بعد قوله: «وبذلك أمرت»-: وقال أكثرهم:
«وأنا أول المسلمين».
قال ابن أبي رافع: وشككت أن يكون أحدهم قال: «وأنا من المسلمين».
وفي هذه الرواية -كرواية الكتاب- التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ذلك في الفريضة. قال الشوكاني:
«وأما مسلم؛ فقيده بصلاة الليل، وزاد لفظ: من جوف الليل».
وذكر نحوه الحافظ في «بلوغ المرام» (١/ ٢٣١)، وفي «الفتح» (٢/ ١٨٣)!
وهذا وهم منهما؛ فليس هذا القيد في هذا الحديث عند مسلم ولا عند غيره.
والزيادة المذكورة إنما هي عند مسلم (٢/ ١٨٤) من حديث ابن عباس الآتي قريبًا في الكتاب (رقم ٧٤٥)؛ وهو في «مسلم» قبيل هذا الحديث؛ فلعل نظر الحافظ انتقل إليه حين كلامه على هذا فوهم؛ وتبعه عليه الشوكاني! والله أعلم.
٧٤٠ – عن شعيب بن أبي حمزة قال:
قال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذاك؛ فقل: «وأنا من المسلمين»؛ يعني قوله: «وأنا أول المسلمين».
(قلت: إسناده صحيح، ولكنا لا نرى جواز هذا التبديل؛ لأنه وهم منشؤه توهُّمُ أن معنى: «وأنا أول المسلمين»: أني أول شخص أتصفّ بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: نا شُرَيْحُ بن يزيد: حدثني شعيب بن أبي حمزة.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص ١١٢) من طريق يزيد بن عبد ربه: ثنا شريح ابن يزيد … بإسناده عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال:
»إن صلاتي ونسكي ومَحْيَاي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقِنِي سيِّئ الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت«.
قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر … إلخ.
وأخرج النسائي (١/ ١٤٢) … بإسناد المصنف: المرفوع منه فقط.
قلت: وهذا التبديل الذي ذهب إليه محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء المدينة؛ قد تبعهم عليه الإمام الشافعي، فقال في»الأم«(١/ ٩٢) -بعد أن ساق الحديث من رواية علي وأبي هريرة-:
»وبهذا كله أقول وآمر، وأحبُّ أن يأتي به كما يروى عن رسول الله ﷺ، لا يغادر منه شيئًا، ويجعل مكان: «وأنا أول المسلمين»: «وأنا من المسلمين» … «! قال الشوكاني في»النيل«(٢/ ١٦٢):
»قال في «الانتصار»: إن غير النبي إنما يقول: «وأنا من المسلمين»! وهو وهم منشؤه تَوَهُّمُ أن معنى: «وأنا أول المسلمين»: أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة والامتثال لما أمر به، ونظيره: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾، وقال موسى: ﴿وأنا أول المؤمنين﴾ “.
ويؤيد ذلك قول ابن أبي رافع المتقدم -ومدار الحديث عليه-: وشككت أن يكون أحدهم قال: «وأنا من المسلمين». فهذا يدل على وهم من قال عنه: «وأنا من المسلمين»، أو أنه تأول، كما فعل محمد بن المنكدر وغيره؛ فتأمل!
٧٤١ – عن أنس بن مالك:
أن رجلًا جاء إلى الصلاة، وقد حَفَزَهُ النَّفَس فقال: الله أكبر، الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما قضى رسول الله ﷺ صلاته؛ قال:
«أيُّكُم المتكلِّمُ بالكلمات؛ فإنه لم يقل بأسًا؟».
فقال الرجل: أنا يا رسول الله! جئت وقد حَفَزَني النَّفَسُ، فقلتها. فقال:
«لقد رأيت اثنيْ عشر ملكًا يبتدرونها؛ أيهم يرفعها؟ ! – وزاد حميد فيه -وإذا جاء أحدكم؛ فليَمْشِ نَحْوَ ما كان يمشي؛ فليصل ما أدرك، وليَقْضِ ما سَبَقَه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في «صحيحه» دون الزيادة، وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» بتمامه).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن قتادة وثابت وحميد عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه هو، وأحمد (٣/ ٩٩) من طريق عفان قال: ثنا حماد بن سلمة … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (٢/ ٩٩) بدون الزيادة.
وكذلك أخرجه النسائي (١/ ١٤٣) من طريق حجاج قال: حدثنا حماد … به.
وأخرجه أحمد (١٠٦) من طريق ابن أبي عدي وسهل بن يوسف -المعنى- عن حميد وحده … بتمامه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو ثلاثي.
ثم روى (٣/ ٢٢٩) -منه الزيادة فقط- من طريق سليمان بن حيان: ثنا حميد … به، بلفظ:
«فما أدركه صلى، وما سبقه أتم»؛ وقد علقه المصنف بنحو هذا فيما تقدم؛ فانظر رقم (٥٨٤ و٥٨٥).
وأخرجه الطيالسي (رقم ٢٠٠١): حدثنا همام عن قتادة عن أنس … به نحوه دون الزيادة.
٧٤٢ – عن عاصم بن حُمَيْد قال:
سُئِلَتْ عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله ﷺ قيام الليل؟ فقالت:
لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك؛ كان إذا قام؛ كبَّر عشرًا، وحمِدَ اللهَ عشرًا، وسبَّح عشرًا، وهلَّل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال:
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: نا زيد بن الحُبَاب: أخبرني معاوية بن صالح: أخبرني أزهر بن سعيد الحَرَازِيُّ عن عاصم بن حميد.
قال أبو داود: «رواه خالد بن مَعْدان عن ربيعة الجُرَشِيِّ عن عائشة … نحوه».
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير أزهر بن سعيد الحرازي -وهو أزهر ابن عبد الله الحرازي في قول البخاري، ووافقه عليه جماعة-؛ وقد وثقه العجلي، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق».
والحديث أخرجه النسائي (١/ ٢٤٠)، وابن ماجة (١/ ٤٠٩ – ٤١٠) من طرق أخرى عن زيد بن الحباب … به.
ويشهد له ويقوِّيه: الطريق الأخرى التي علَّقها المصنف، وقد وصلها الإمام أحمد في «المسند» (٦/ ١٤٣): ثنا يزيد قال: أنا الأصبغ عن ثور بن يزيد عن خالد ابن معدان قال: حدثني ربيعة الجُرَشي قال:
سألت عائشة فقلت: ما كان رسول الله ﷺ يقول إذا قام من الليل؟ وبِمَ كان يستفتح؟ قالت: كان يكبر عشرًا … الحديث نحوه.
وأخرجه ابن نصر في «قيام الليل» (ص ٤٤): ثنا محمد بن يحيى: ثنا يزيد ابن هارون … به.
وهذا إسناد صحيح. وله طريق ثالث، يأتي في «الأدب».
سألت عائشة: بأي شيء كان نبي الله ﷺ يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت:
كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته:
«اللهم! ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل! فاطرَ السماوات والأرض! عالمَ الغيب والشهادة! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون: اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك؛ إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما». وحسنه الترمذي).
إسناده: حدثنا ابن المثنى: نا عمر بن يونس: نا عكرمة: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي؛ وفي عكرمة -وهو: ابن عمار- كلام من قبل حفظه.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٥) من طريق المصنف.
وبإسناده: أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢/ ١٨٥) عن هذا الشيخ -وهو محمد بن المثنى- وغيره.
وأخرجه النسائي (١/ ٢٤١ – ٢٤٢)، والترمذي (٢/ ٢٥٠ – طبع بولاق) -وقال: «حديث حسن»-، وابن ماجة (١/ ٤١٠)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ٣٠٤ – ٣٠٥ و٣٠٥) من طريقين آخرين عن عكرمة … به.
وله عنه طريق رابع، وهو:
٧٤٣ / م- وفي رواية … بإسناده ومعناه؛ قال:
كان إذا قام بالليل؛ كبَّر ويقول …
(قلت: إسناده حسن، وفيه التصريح أن هذا الدعاء كان بعد التكبير).
إسناده: حدثنا محمد بن رافع: أنا أبو نوح قُراد: نا عكرمة … بإسناده بلا إخبار، ومعناه قال.
قلت: وهذا إسناد حسن أيضًا؛ وأبو نوح: اسمه عبد الرحمن بن غزوان، وقراد: لقبه، وهو ثقة، وقد زاد في الحديث لفظة: كبر؛ وهي منه مقبولة، وهي زيادة مفيدة؛ حيث عينت موضع قول هذا الدعاء، بينما هو غير واضح في الرواية الأولى، ولذلك عقَّبها المصنف رحمه الله بهذه الرواية.
والحديث أخرجه أحمد (٦/ ١٥٦): ثنا قراد أبو نوح: أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف … به.
٧٤٤ – عن مالك قال:
لا بأس بالدعاء في الصلاة: في أوله وأوسطه وفي آخره؛ في الفريضة وغيرها.
(قلت: إسناده عنه صحيح).
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى مالك رحمه الله. قال في «عون المعبود»:
«هذا نص صريح من الإمام مالك رحمه الله على أنه لا بأس عنده بقراءة دعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة، لكن المشهور عنه خلافه».
قلت: وهو الذي نص عليه في «المدونة» (١/ ٦٢) أنه لا يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك … إلخ»؛ قال:
«وكان لا يعرف»!
وهذا لا حجة فيه؛ فإن من عرف حجة على من لم يعرف وقد ثبت عنه ﷺ اثنا عشر نوعًا من أدعية الاستفتاح، أوردتها في «صفة صلاة النبي ﷺ» (ص ٥٢ – ٥٧)؛ وقد تم طبعه قريبًا، وأورد المصنف قسمًا منها في هذا الباب.
٧٤٤ / م-عن رِفَاعة بن رافع الزُّرَقي قال:
كنا يومًا نصلِّي وراء رسول الله ﷺ؛ فلما رفع رسول الله ﷺ رأسه من الركوع قال: «سمع الله لمن حمده»؛ قال رجل وراء رسول الله ﷺ: اللهم ربَّنا! ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما انصرف رسول الله ﷺ قال:
«من المتكلم بها آنفًا؟».
فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله ﷺ:
«لقد رأيت بضعة وثلاثين مَلَكًا يبتدرونها؛ أيُّهم يكتبها أوَّلُ؟ !».
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله المُجْمِر عن علي بن يحيى الزُّرَقِيِّ عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٢١٤).
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٢/ ٢٢٧ – ٢٢٨)، والنسائي (١/ ١٦٢)، والحاكم (١/ ٢٢٥)، والبيهقي (٢/ ٩٥)، وأحمد (٤/ ٣٤٠) كلهم عن مالك … به. وهو عند البخاري من طريق القعنبي عبد الله بن مسلمة شيخ المصنف فيه.
ومن طريقه: أخرجه البيهقي في إحدى روايتيه. ثم قال الحاكم:
«حديث صحيح، ولم يخرِّجاه»! ووافقه الذهبي!
وقد وهما في الاستدراك على البخاري؛ فقد أخرجه!
وللحديث طريق أخرى عن رفاعة بن رافع، ويأتي في الكتاب بعد حديث.
وله شواهد، خرجتها في كتابنا المفرد في «صفة صلاة النبي ﷺ»؛ وعسى أن يُيَسَّرَ لنا طبعه مع تخريجه؛ بعد أن طبع دون تخريج.
٧٤٥ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول:
“اللهم! لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت قَيّام السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت رب السماوات والأرض ومن
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وأخرجه البخاري نحوه).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٢١٧).
ومن طريقه: أخرجه مسلم (٢/ ١٨٤)، وأبو عوانة (٢/ ٣٠٠ – ٣٠١)، والترمذي (٢/ ٢٤٩ – طبع بولاق) -وقال: «حديث حسن صحيح»-، وأحمد (٢٧١٠ و٢٨١٣) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه الطبراني في «معجمه الكبير» من طريق جنادة بن سَلْم عن عبيد الله ابن عمر عن أبي الزُّبَيْرَ … به، بلفظ:
كان يقول -بعد التكبير، وبعد أن يقول: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا»-:
«اللهم! لك الحمد …» الحديث.
وجُنادة هذا؛ قال الحافظ:
وبقية رجال إسناده رجال مسلم؛ غير شيخ الطبراني عبد الرحمن بن سَلْمٍ الرازي؛ فإني لم أقف له على ترجمة!
وذكر: «وجهت وجهي …» في هذا الحديث غريب، ولعله من أغلاط جُنادة!
وأما قوله بعد التكبير؛ فقد توبع عليه، كما تراه في الرواية الثانية في الكتاب.
وقد تابع أبا الزبير: سليمانُ بن أبي مسلم الأحول:
أخرجه البخاري في «صحيحه» (٣/ ٢ – ٤ و١١/ ٩٩ و١٣/ ٣٦٦ – ٣٦٧ و٣٩٩)، وفي «أفعال العباد» (ص ٩٦)، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (١/ ٢٤٠)، والدارمي (١/ ٣٤٨)، وابن ماجة (١/ ٤٠٨ – ٤٠٩)، وأحمد (رقم ٣٣٦٨)، والطبراني في «معجمه الكبير» كلهم أخرجوه من طريق سليمان الأحول عن طاوس … به.
وأخرجه البيهقي أيضًا (٣/ ٤ – ٥).
وتابعه قيس بن سعد المكي بزيادة فيه؛ وهو:
٧٤٦ – وفي رواية عنه:
أن رسول الله ﷺ كان في التَّهَجُّدِ يقول -بعدما يقول: «الله أكبر»- … فذكر معناه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن خزيمة في «صحاحهم»).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو كامل: هو الجَحْدرِيُّ فُضَيْل ابن حسين.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٨٤ – ١٨٥)، وأبو عوانة (٢/ ٣٠١)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص ٤٤) من طريق مَهْدِيِّ بن ميمون: حدثنا عمران القصير … به بتمامه؛ إلا أن مسلمًا لم يسق لفظه؛ وإنما أحال به على الرواية الأولى.
والحديث أخرجه ابن خزيمة أيضًا في «صحيحه»، كما في «الفتح».
وأخرجه الطبراني أيضًا في «الكبير».
٧٤٧ – عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال:
صلَّيْتُ خلف رسول الله ﷺ، فعطس رفاعة -لم يقل قتيبة: رفاعة-، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى. فلما صلى رسول الله ﷺ؛ انصرف فقال:
«من المتكلم في الصلاة؟» … ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه.
(قلت: يعني: حديث رفاعة (رقم ٧٤٤ / م)، وهذا إسناده حسن، وقال الترمذي: «حديث حسن»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد [وسعيد] بن عبد الجبار … نحوه -قال قتيبة-: نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع.
وأما معاذ بن رفاعة؛ فقد تكلم فيه الأزدي بغير حجة؛ مع أن البخاري قد أخرج له!
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٤٧)، والترمذي (٢/ ٢٥٤ – ٢٥٥) عن قتيبة.
وأخرجه البيهقي (٢/ ٩٥) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: ثنا سعيد ابن عبد الجبار البصري -من كتابه-: أخبرني رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي أبو يزيد إمام المسجد … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن».
١٢٠ – باب من رأى الاستفتاح بـ: «سبحانك اللهم وبحمدك»
٧٤٨ – عن أبي سعيد الخدري قال:
كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول:
«سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»، ثم يقول: «لا إله إلا الله» ثلاثًا، ثم يقول:
«الله أكبر كبيرًا» -ثلاثًا- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه” ثم يقرأ.
(قلت: إسناده صحيح).
قال أبو داود: «وهذا الحديث؛ يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن … مرسلًا، الوهم من جعفر»!
قلت: وهذا إسناد صحيح عندي، رجاله ثقات رجال «الصحيح»؛ غير علي ابن علي الرفاعي، وهو ثقة كما قال ابن معين وأبو زرعة ووكيع وغيرهم. وقال أحمد:
«لم يكن به بأس؛ إلا أنه يرفع أحاديث».
قلت: وهذا لا يسقط الاحتجاج بحديثه؛ لأن غاية ما فيه: أنه أخطأ أحيانًا فرفع أحاديث موقوفة، ومن ذا الذي لا يخطيء؟ ! فالحق أنه صحيح الحديث؛ إلا إن ظهر خطؤه.
وجعفر: هو ابن سليمان الضُّبَعِي.
والمصنف رحمه الله أعل الحديث بأنه روي مرسلًا، وأن جعفر بن سليمان وهم فيه فرواه موصولًا!
وهذا ليس بشيء عندنا؛ لأن جعفرًا ثقة عند ابن معين وابن سعد وابن المديني وغيرهم، وغاية ما قيل فيه: أنه كان يتشيع. وهذا لا يضر في روايته بعد ثبوت عدالته وصدقه. وقد قال البزار:
«لم أسمع أحدًا يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه؛ إنما ذكرت عنه شيعيَّته، وأما حديثه فمستقيم».
والحديث أخرجه الطحاوي (١/ ١١٦): حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا
ثم أخرجه هو، والنسائي (١/ ١٤٣)، والترمذي (٢/ ٩ – ١٠)، والدارمي (١/ ٢٨٤)، وابن ماجة (١/ ٢٦٨)، والدارقطني (ص ١١٢)، والبيهقي (٢/ ٣٤)، وأحمد (٣/ ٥٠)، وابن خزيمة (٤٦٧) من طرق أخرى عن جعفر … به. وقال الترمذي:
«وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب». قال:
«وقد تُكُلِّم في إسناده، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث»!
قلت: لا شك عندنا في أن الحديث صحيح، وقد عرفت الجواب عمَّا أُعِلَّ به، لا سيما وأن له شواهد كثيرة تقويه؛ منها حديث عائشة، وقد أورده المصنف عقبه، وهو:
٧٤٩ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ إذا استفتح الصلاة قال:
«سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا حسين بن عيسى: نا طَلْقُ بن غَنّامٍ: نا عبد السلام بن حَرْبٍ المُلائي عن بُدَيْلِ بن مَيْسَرةَ عن أبي الجَوْزَاء عن عائشة.
قال أبو داود: “وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ لكنه منقطع؛ فإن أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة، كما قال البزار، وسنذكر نص كلامه في ذلك عند حديث عائشة الآخر (رقم ٧٥٢). وقال الحافظ في «التلخيص» (٣/ ٣٠٣):
«ورجال إسناده ثقات؛ لكن فيه انقطاع».
قلت: فهذا هو علة الحديث الحقيقية؛ ولولاها لكان إسناده صحيحًا.
وأما إعلال المصنف بتفرد طلق بن غَنَّام به؛ فليس بعلة قادحة؛ قال ابن التركماني:
«وقال صاحب»الإمام«ما ملخصه: طلق؛ أخرج له البخاري في
»صحيحه«، وعبد السلام وثقه أبو حاتم، وأخرج له الشيخان في»صحيحيهما«، وكذا من فوقه إلى عائشة، وكونه ليس بمشهور عن عبد السلام؛ لا يقدح فيه، إذا كان راويه عنه ثقة، وكون الجماعة لم يذكروا عن بديل شيئًا من هذا؛ قد عرف ما يقوله أهل الفقه والأصول فيه، ويحتمل أن يقال: هما حديثان؛ لتباعد ألفاظهما».
والحديث الآخر: هو حديث عائشة الذي أشرنا إليه آنفًا.
والحديث أخرجه الدارقطني (ص ١١٢) من طريق المصنف، وقال:
«قال أبو داود: لم يروه عن عبد السلام غير طلق بن غَنَّام. وليس هذا الحديث بالقوي»!
وأخرجه الحاكم (١/ ٢٣٥)، وعنه البيهقي (٢/ ٣٣ – ٤٤) من طريق العباس بن محمد الدُّوري: ثنا طلق بن غَنَّام … به. وقال الحاكم:
«على شرطهما»! كذا!
وله طريق أخرى: أخرجه الترمذي (٢/ ١١)، وابن ماجة (١/ ٢٦٩)، والطحاوي (١/ ١١٧)، والدارقطني أيضًا (ص ١١٣)، والحاكم، والبيهقي (٢/ ٣٤) من طريق أبي معاوية عن حارثة بن محمد عن عمرة عنها … به. وقال الحاكم والذهبي:
«صحيح، وفي حارثة لين». وقال البيهقي:
«لم نكتبه إلا من حديث حارثة بن أبي الرجال، وهو ضعيف».
وأما قول الترمذي: «لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه»!
ففيه إشارة إلى أنه لم يقف عليه من الطريق الأولى. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
وبهذين الطريقين يأخذ الحديث قوة، وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحيح.
ومن شواهده: حديث أبي سعيد الذي قبله.
وبقية الشواهد؛ خرجتها في «صفة صلاة النبي ﷺ».
١٢١ – من باب السَّكْتة عند الافتتاح
٧٥٠ – عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله ﷺ إذا كبَّر في الصلاة؛ سكت بين التكبير والقراءة. فقلت له: بأبي أنت وأمي؛ أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة؛ أخبرني
«اللهم! باعدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم! أنقني من خطايايَ كالثوب الأبيض من الدَّنَسِ. اللهم! اغسلني بالثَّلْجِ والماءِ والبَرَدِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: نا محمد بن فُضَيْلٍ عن عُمارة. وثنا أبو كامل: نا عبد الواحد عن عمارة -المعنى- عن أبي زرعة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو من طريق أبي كامل -واسمه فضيل بن حسين الجَحْدَرِي- على شرط مسلم.
وأحمد بن أبي شعيب؛ نُسِبَ إلى جده؛ فإنه أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم الحَرَّاني أبو الحسن مولى قريش.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٢/ ٩٨) عن المصنف … بإسناده الأول.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٣١): ثنا محمد بن فضيل … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ٩٩)، وابن ماجة (١/ ٢٦٨ – ٢٦٩) من طرق أخرى عن ابن فضيل … به.
ثم أخرجه مسلم بإسناد المصنف الثاني فقال: ثنا أبو كامل: حدثنا عبد الواحد … به.
وأخرجه البخاري (٢/ ١٨٠ – ١٨٣)، وأبو عوانة من طرق أخرى عن
وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (١/ ٢١ و١٤٢) من طريق جَرير عن عمارة بن القعقاع … به.
١٢٢ – باب من لم يَرَ الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)
٧٥١ – عن أنس:
أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بـ (الحمد لله رب العالمين).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: هشام عن قتادة عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري في «جزء القراءة» (ص ١٢)، والدارمي (١/ ٢٨٣) … بسند المصنف عن هذا الشيخ.
وأخرجه أحمد (٣/ ٢٧٣) عن غيره فقال: ثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني هشام … به.
وأخرجه البخاري فيه، وفي «صحيحه» (٢/ ١٨٠)، ومسلم (٢/ ١٢)، وأبو عوانة (٢/ ١١٢)، والطحاوي (١/ ١١٩)، والدارقطني (ص ١١٩)، واالبيهقي (٢/ ٥١)، والطيالسي (رقم ١٩٧٥)، وأحمد (٣/ ١٧٩ و٢٧٣ و٢٧٥) من طريق شعبة عن قتادة … به، وقد صرح قتادة بالتحديث: عند مسلم والطيالسي وأحمد.
وهذا الحديث عن أنس متواتر؛ فقد جمعت له عشرة طرق أخرى عنه؛ وقد خرجتها في «صفة صلاة النبي ﷺ»؛ فلتراجع.
٧٥٢ – عن عائشة قالت:
كان رسول الله ﷺ يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين)، وكان إذا ركع لم يُشْخِصْ رَأْسَهُ ولم يُصَوِّبه؛ ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع؛ لم يسجد حتى يستويَ قائمًا، وكان إذا رفع رأسه من السجود؛ لم يسجد حتى يستويَ قاعدًا، وكان يقول في كل ركعتين التحيات، وكان إذا جلس يَفْرِشُ رجله اليسرى، وَينْصِبُ رجله اليمنى، وكان ينهى عن عَقِبِ الشيطان، وعن فِرْشَةِ السَّبُع، وكان يختِمُ الصلاةَ بالتسليم.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان (١٧٦٥) في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا مسدد: نا عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلِّم عن بديلِ ابن مَيْسَرَةَ عن أبي الجوزاء عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ لكنه منقطع؛ فقد قال ابن عبد البر في «الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف» (ص ٩):
وقد أشار إلى هذا البخاري في ترجمة أبي الجوزاء -واسمه أوس بن عبد الله-؛ فقال:
«في إسناده نظر». قال الحافظ في «التهذيب»:
«يريد: أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما؛ لا أنه ضعيف عنده».
ويؤيد ما ذكرنا من الانقطاع: ما في «التهذيب»: أن جعفرًا الفريابي قال في «كتاب الصلاة»: ثنا مزاحم بن سعيد: ثنا بن المبارك: ثنا إبراهيم بن طَهْمان: ثنا بُدَيْل العُقَيْلي عن أبي الجوزاء قال:
أرسلت رسولًا إلى عائشة يسألها … فذكر الحديث.
قلت: فعاد الحديث إلى رجل مجهول؛ وهو الواسطة بين أبي الجوزاء وعائشة.
ولكن الحديث صحيح لغيره؛ لأن لبعضه طريقًا أخرى، ولسائره شواهد تقوِّيه.
أما الطريق: فأخرجه البيهقي من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا أبو الربيع: ثنا حماد: ثنا بُدَيْلٌ عن عبد الله بن شقيق عن عائشة.
أن رسول الله ﷺ كان يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين).
وأبو الربيع هذا؛ لم أعرفه.
ويوسف بن يعقوب: هو القاضي، وهو صدوق، كما في «اللسان».
وأما شواهده:
فمنها: حديث أبي حميد المتقدم (رقم ٧٢٠ و٧٢٣)؛ وفيه صفة الركوع، والاطمئنان بعد الرفع منه، وبين السجدتين.
ومنها: حديث وائل بن حُجْر؛ وفيه الافتراش، وقد تقدم أيضًا (رقم ٧١٦)، ويأتي (رقم ٨٨٤).
ومنها: حديث ابن مسعود في التسليم، ويأتي (رقم ٩١٤).
ومنها: حديث عبد الله ابن بُحَيْنَةَ والمغيرة بن شعبة في التشهد الأول، ويأتيان أيضًا (رقم ٩٤٦ و٩٤٩)، وغيرهما مما يأتي.
ومنها: حديث أنس في النهي عن افتراش السبع، ويأتي (رقم ٨٣٤).
وأما النهي عن عقب الشيطان -وهو الإقعاء-؛ فقد ورد في النهي عنه أحاديث من رواية أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. وسمرة بن جندب، وقد خرجها الشوكاني في «نيل الأوطار» (٢/ ٢٣٢)، وبيَّن عللها. وهي -وإن كان كل منها على انفراده لا يخلو من مقال- فبعضها يقوِّي بعضًا، وقد صحح الحاكم منها حديث سمرة، ووافقه الذهبي.
وَلِيُعْلَمْ أن هذا الإقعاء المنهي عنه: هو غير الإقعاء على القدمين؛ فإن هذا ثابت مشروع بحديث ابن عباس الآتي في الكتاب (رقم ٧٩١)، ولعلنا نذكر هناك الفرق بين الإقعاءين.
ثم لم يتيسر ذكره إلا عند الحديث (٨٣٨)، فراجعه.
وروى منه ابن ماجة (١/ ٢٧١): الجملة الأولى منه، دون التكبير.
وأخرجه الطيالسي (رقم ٣٨٨ – من ترتيبه): حدثنا عبد الرحمن بن بديل العُقَيْلي -بصري ثقة صدوق- عن أبيه عن أبي الجوزاء عنها … به بتمامه.
وعبد الرحمن بن بديل ثقة، كما قال الطيالسي. وقال ابن معين وأبو داود والنسائي:
«ليس به بأس».
وذكره ابن حبان في «الثقات».
٧٥٣ – عن أنس بن مالك: قال رسول الله ﷺ:
«أُنْزِلَتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم. إنا أعطيناك الكوثر …) حتى ختمها، قال:
«هل تدرون ما الكوثر؟». قالوا: الله ورسوله أعلم! قال:
«فإنه نهر وَعَدَنِيهِ رَبِّي عز وجل في الجنة».
(قلت: إسناده حسن. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»، وسيأتي في «السنة» (…) [باب في الحوض] بإسناده وزيادة في متنه).
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ إلا أن في المختار بن فُلْفُل بعض الضعف، أشار إليه الحافظ بقوله:
«صدوق له أوهام».
وقد وثقه أحمد وجماعة.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ١٣) من طريق محمد بن العلاء: أخبرنا ابن فضيل … به.
وأخرجه هو، وأبو عوانة (٢/ ١٢١ – ١٢٢)، والبيهقي (٢/ ٤٣) وغيرهم من طريق علي بن مُسْهِرٍ عن المختار بن فُلْفُلٍ … به.
وأبو عوانة عن سفيان عن المختار … به؛ وزادا في متنه:
«تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُهُ عددَ النُّجومِ، فَيُخْتَلَجُ العبد منهم، فأقول: ربِّ! إنه من أمتي! فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك».
واللفظ لابن مسهر.
١٢٣ – باب من جهر بها
٧٥٤ – عن ابن عباس قال:
كان النبي ﷺ ﷺ لا يَعْرِفُ فصل السورة، حتى تنزل عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ وابن السَّرْحِ قالوا: ثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير -قال قتيبة- عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٤٢) من طريق المصنف.
والحاكم (١/ ٢٣١)، والبزار (٣/ ٤٠ / ٢١٨٧) من طريقين آخرين عن سفيان … به.
والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢/ ١٥٣) من طريق ثالثة: حدثنا يونس: حدثنا سفيان … به؛ ووقع في الأصل: (شفيق) مكان: (سفيان)! وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.
وتابعه ابن جريج: ثنا عمرو بن دينار … به نحوه.
أخرجه الحاكم والبيهقي.
وتابعه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
كان جبربل إذا نزل على رسول الله ﷺ بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ علم ﷺ أن السورة قد انقضت.
أخرجه الطحاوي من طريق مُبَشِّر بن عبد الله عن سالم الأفطس … به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير مبشر بن عبد الله -وهو ابن رَزِين أبو بكر النَّيْسَابوري-؛ قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٤/ ١ / ٣٤٤):
«روى عن سفيان بن حسين. روى عنه الحسين بن منصور النيسابوري».
والحديث أخرجه الضياء في «المختارة» (٦١/ ٢٥٢ / ١ – ٢).
١٢٤ – باب تخفيف الصلاة للأمر يَحْدُثُ
٧٥٥ – عن أبي قتادة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أُطَوِّلَ فيها، فأسمع بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجوَّزُ؛ كراهِيَةَ أن أشُقَّ على أمِّهِ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه»، وابن حبان (٢١٣٦».
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من طريق بشر بن بكر.
وعمر بن عبد الواحد متابع، وليس من رجاله، ولكنه ثقة.
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١١٨) من طريق المصنف.
وهو، والنسائي (١/ ١٣٢)، وأحمد (٥/ ٣٠٥) من طريق عبد الله بن المبارك: أَبَنا الأوزاعي … به.
وعلقه البخاري عن بشر وابن المبارك وبقية عن الأوزاعي.
ورواه ابن ماجة (٩٩١) من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي … به.
١٢٥ – باب في تخفيف الصلاة
٧٥٦ – عن جابر قال:
كان معاذٌ يصلِّي مع النبي ﷺ، ثم يرجع فيَؤُمُّنا -قال مرة: ثم يرجع فيصلي بقومه-؛ فأخَّرَ النبيُّ ﷺ ليلةً الصلاةَ -وقال مرةً: العشاءَ-، فصلى معاذ مع النبي ﷺ ثم جاء يؤمُّ قومه، فقرأ البقرة، فاعتزل رجل من القوم فصلَّى، فقيل: نافقت يا فلان! فقال: ما نافقت. فأَتَى رسولَ الله ﷺ، فقال:
إن معاذًا يصلي معك، ثم يرجع فيَؤُمُّنا يا رسول الله! إنما نحن أصحاب نواضح، ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤُمُّنا، فقرأ بسورة (البقرة)؟ ! فقال:
«يا معاذ! أفتان أنت؟ ! أفتان أنت؟ ! اقرأ بكذا، اقرأ بكذا».
قال أبو الزبير: بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، و(الليل إذا يغشى).
فذكر لعمرو؟ فقال: أُراه قد ذكره.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن عمرو سمعه من جابر.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار.
وكذلك أخرجه الشافعي كما تقدم (٦١٣).
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (٣/ ٨٥).
ثم أخرجه البيهقي، وكذا أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ١٥٦) من طريق الحميدي قال: ثنا سفيان قال: ثنا عمرو بن دينار وأبو الزبير أنهما سمعا جابر بن عبد الله يقول … فذكره، وفي آخره: قال سفيان: قال أبو الزبير: قال له النبي ﷺ:
«اقرأ بـ: (سبح اسم ربك الأعلى)، (والسماء والطارق)، (والسماء ذات البروج)، (والشمس وضحاها)؛ (والليل إذا يغشى)، ونحوها». فقلت لعمرو …
وتابعه محمد بن عباد: حدثنا سفيان … به، وزاد في وسطه:
فانحرف رجل فسلم، ثم صلى وحده … وقال في آخره:
فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: «اقرأ …» نحوه.
أخرجه مسلم، والبيهقي (٣/ ٨٥)، وقال:
«لم يقل أحد في هذا الحديث: و(سلَّم) إلا محمد بن عباد».
قلت: وهو صدوق يهم؛ كما في «التقريب»؛ فلا تقبل زيادته على الثقات.
وتابعه الليث بن سعد عن أبي الزبير … به؛ ولفظه في آخره:
«إذا أممت الناس؛ فاقرأ بـ: (الشمس وضحاها) و(سبح اسم ربك الأعلى)، و(اقرأ باسم ربك)، و(الليل إذا يغشى)».
٧٥٧ – عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: قال النبي ﷺ لرجل:
«كيف تقول في الصلاة؟». قال:
أتشهَّد وأقول: اللهم! إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار. أما إني لا أحسن دَنْدَنَتَكَ ولا دنْدَنَةَ معاذ! فقال النبي ﷺ:
«حولها ندندن».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة الصحابي لا تضر.
والحسين بن علي: هو الجُعْفِيُّ.
وزائدة: هو ابن قُدَامة.
وسليمان: هو الأعمش.
وأبو صالح: هو ذَكْوان السَّمَّان والد سهيل.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٤): ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة … به.
أخرجه ابن ماجة (١/ ٢٩٤ – ٢٩٥)، وابن حبان (٥١٤).
وله شاهد من حديث جابر.
أخرجه البيهقي (٣/ ١١٦ – ١١٧) بإسناد صحيح؛ وفيه أن الرجل هو صاحب قصة معاذ المذكورة قبله.
وقد أخرجه أحمد (٥/ ٧٤) عنه مع للقصة؛ وفيه أنه من بني سَلِمَة؛ يقال له: سليم.
وإسناده صحيح أيضًا.
٧٥٨ – عن جابر … ذكر قصة معاذ؛ قال: وقال -يعني- النبي ﷺ:
«كيف تصنع يا ابن أخي! إذا صليت؟».
قال: أقرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما لَنْدَنَتُكَ ولا دَنْدَنَةُ معاذ؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«إني ومعاذًا حول هاتين؛ أو نحو هذا».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا يحيى بن حبيب: ثنا خالد بن الحارث: ثنا محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مِقْسَم عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ١١٦ – ١١٧) من طريق المصنف … بأتم مما هنا.
٧٥٩ – عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:
«إذا صلى أحدكم للناس فليخفِّف؛ فإن فيهم الضعيف والسَّقيمَ والكَبيرَ، وإذا صلى لنفسه؛ فليطوِّل ما شاء».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين.
والحديث في «الموطأ» (١/ ١٥٤) … بهذا الإسناد.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (١/ ١١٨) أيضًا، والنسائي (١/ ١٣٢)، والبيهقي (٣/ ١١٧)، وأحمد (٢/ ٤٨٦)، وأبو عوانة (٢/ ٨٨).
وأخرجه مسلم (٢/ ٤٣)، والترمذي (٢/ ٤٦١)، والبيهقي من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحِزَامي عن أبي الزناد … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (٢/ ٢٥٦ و٢٧١ و٣١٧ و٣٩٣ و٤٧٢ و٤٨٦ و٥٠٢ و٥٢٥ و٥٣٧) من طرق أخرى عن أبي هريرة … نحوه.
وبعضها عند المصنف باللفظ الآتي بعده. وفي لفظ لأحمد (٢/ ٤٧٢):
وإسناده على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو نعيم أيضًا (٧/ ٣٦٤)، والخطيب في «التاريخ» (٧/ ٤١٥ – ٤١٦).
وله شاهد من حديث ابن عباس … مرفوعًا به.
أخرجه الطبراني (٣/ ١٥٧/ ٢)، وعنه الضياء في «المختارة» (٦٠/ ٢٢٢ / ١)؛ ورجاله ثقات.
وآخر عن أبي مسعود: عند أبي نعيم (٤/ ٢١٨).
وأصله في «الصحيحين»، وغيرهما كأحمد (٤/ ١١٨ و١١٩ و٥/ ٢٧٣)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١٧/ ٢٠٦ – ٢٠٨)؛ وفيه أن الصلاة كانت صلاة الغداة، ولم يُسَمِّ الإمام.
فهي قصة غير قصة معاذ؛ لأنها كانت في صلاة الفجر. وأكد الحافظ ذلك، فقال -تحت حديث أبي مسعود (٢/ ١٩٨) -:
«ووهم من فسَّرَ الإمام المبهم هنا بمعاذ! بل المراد به أُبي بن كعب؛ كما أخرجه أبو يعلى -بإسناد حسن- من رواية عيسى بن جارية -وهو بالجيم- عن جابر قال: كان أُبيّ بن كعب يصلي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فدخل معه غلام من الأنصار …» إلخ.
قلت: عيسى بن جارية مختلف فيه، وهو وسط، كما قال الذهبي في «الميزان». وقال الحافظ في «التقريب»:
«فيه لين».
وحديث عيسى في «مسند أبي يعلى» (٣/ ٣٣٣ و٣٣٤ – ٣٣٥).
ومن ضعف التخريج والتحقيق: أن المعلق عليه قال -بعد أن ضعَّف عيسى-: «ولكن يشهد له حديث أبي مسعود البدري في»الصحيحين«…»!
فلم يتنبّه لكون المشهود له فيه زيادة ليست في الشاهد، وهي ذكر (أُبيّ) و(قباء)!
وتبعه على ذلك: المعلق على «المقصد العَلِيّ» (١/ ١٤٦)؛ وهو ظِلُّهُ!
٧٦٠ – وعنه أن النبي ﷺ قال:
«إذا صلى أحدكم للناس فليخفِّف؛ فإن فيهم السقيم، والشيخ الكبير، وذا الحاجة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٧١): ثنا عبد الرزاق … به.
ثم أخرجه (٢/ ٥٠٢) من طريق محمد عن أبي سلمة وحده.
وهو في «الصحيحين» وغيرهما من طريق الأعرج عن أبي هريرة … نحوه؛
وله طرق أخرى عنه؛ أشرت إليها هناك.
١٢٦ – باب ما جاء في نقصان الصلاة
٧٦١ – عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«إن الرجل لينصرف؛ وما كُتِبَ إلا عُشُرُ صلاتِهِ، تُسُعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثلُثُها، نِصْفها».
(قلت: حديث حسن. وأخرجه أحمد بإسناد صححه الحافظ العراقي).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن بكر بن مضر عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِيِّ عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عَنَمَةَ المزني عن عمار بن ياسر.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان عبد الله بن عَنَمَةَ صحابيًّا؛ فقد أثبتها له بعضهم؛ فقال ابن يونس في «تاريخ مصر»:
«عبد الله بن عَنَمَةَ المزني: صحابي شهد فتح الإسكندرية». وقال ابن منده:
«له صحبة، ولا تعرف له رواية». يعني: عن النبي ﷺ؛ فلا ينافي أن له رواية عن غيره عنه ﷺ -كما في هذا الإسناد- خلاقًا لما ذهب إليه الحافظ!
وبقية رجاله ثقات.
والحديث أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٢/ ٣٠)، والبيهقي (٢/ ٢٨١)، وأحمد (٤/ ٣٢١) من طرق عن ابن عجلان … به. وقال البيهقي:
أن عمار بن ياسر صلى ركعتين، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا اليقظان! أراك قد خففتها.
ورواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عمر بن الحكم ابن ثوبان عن أبي لاسٍ الخُزَاعي قال:
دخل عمار بن ياسر … فذكره.
ورواه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم عن أبي اليَسَرِ: أن رسول الله ﷺ قال:
»منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف، والثلث، والربع، والخمس«حتى بلغ العشر.
رواه خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ … نحوه».
قلت: ويتلخص من كلام البيهقي: أنه قد اضْطُرِبَ في إسناد هذا الحديث على سعيد المقبري وغيره على وجوه كثيرة:
الأول: عن سعيد عن عمر عن الحكم بن ثوبان عن عبد الله بن عَنَمَةَ عن عمار: رواه ابن عجلان عنه.
الثاني: عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة … مرفوعًا: رواه سعيد بن أبي هلال عنه.
الثالث: عن سعيد عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه
قلت: وهذا؛ وصله الإمام أحمد (٤/ ٣١٩): ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله … به. وقال الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ١٥٤):
«إسناده صحيح»!
كذا قال! وعمر بن أبي بكر هذا لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع، ثم هو مضطرب كما ترى.
وقد أخرجه الطيالسي في «مسنده» (٦٥٠): ثنا العمري قال: ثني سعيد المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال:
رأيت عمار بن ياسر صلى ركعتين …
فأسقط من الإسناد: عمر بن أبي بكر! لكن العمري -وهو عبد الله بن عمر المكبر- ضعيف.
الرابع: عن عمر بن الحكم أيضًا عن أبي لاس الخزاعي: دخل عمار … رواه ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عنه.
الخامس: عن ابن الحكم أيضًا عن أبي اليَسَرِ … مرفوعًا: رواه سعيد بن أبي هلال عنه.
قلت: وهذا؛ عزاه المنذري في «الترغيب» (١/ ١٨٤) للنسائي! والظاهر أنه يعني: «سننه الكبرى»؛ فإني لم أره في «الصغرى» له، ولا عزاه إليه النابلسي في «الذخائر»!
وأخرجه الطحاوي (٢/ ٣١).
ولعل أرجح هذه الوجوه: الوجه الثالث؛ لاتفاق عبيد الله وعبد الله العمريين
١٢٧ – باب القراءة في الظهر
٧٦٢ – عن أبي هريرة قال:
في كل صلاة يُقرأ؛ فما أسْمَعَنا رسولُ الله ﷺ! أسمَعْناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وابن حبان (١٧٧٨)، وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس بن سعد وعمارة بن ميمون وحبيب عن عطاء بن أبي رباح أن أبا هريرة قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير عمارة ابن ميمون، فهو مجهول، ولا يضر ذلك؛ فإنه مقرون مع قيس بن سعد وحبيب -وهو العلم-.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٤١٦): ثنا عفان: ثنا حماد … به؛ إلا أنه لم يذكر: عمارة بن ميمون.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٠)، وأبو عوانة (٢/ ١٢٥) من طريق حبيب المعلم وحده؛ وزاد في آخره:
«ومن قرأ بأُمِّ الكتاب؛ فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل».
٧٦٣ – عن أبي قتادة قال:
كان رسول الله ﷺ يصلِّي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر -في الركعتين الأُولَيَيْن- بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانًا، وكان يطوِّل الركعة الأولى من الظهر، ويقصِّر الثانية، وكذلك الصبح.
وفي رواية عنه ببعض هذا وزاد: في الأخريين بفاتحة الكتاب … وزاد همام: وكان يطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغداة (١).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٣٧)، وأبو عوانة (٢/ ٥١)، والنسائي (١/ ١٥٣)، والدارمي (٢/ ٢٩٦)، والبيهقي (٢/ ٦٣) من طرق أخرى عن يزيد بن هارون … به؛ إلا أن الدارمي لم يذكر في إسناده: أبان بن زيد العطار.
وعكسَ ذلك النسائيُّ.
وأخرجه البخاري (٢/ ١٢٨ – ١٢٩)، والبيهقي (٢/ ٦٥ – ٦٦ و١٩٣) من طرق أخرى عن همام بن يحيى وحده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله. (ح) قال: وثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن الحجاج -وهذا لفظه- عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة -قال ابن المثنى- وأبي سلمة -ثم اتفقا- عن أبي قتادة. قال أبو داود: «ولم يذكر مسدد: فاتحة الكتاب وسورة».
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ مسدد -وهو ابن مسرهد- من شيوخ البخاري.
وابن المثنى -واسمه محمد- من شيوخ الشيخين.
وكذلك سائر الرواة.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٣٧): حدثنا محمد بن المثنى … به.
وأخرجه البخاري (١/ ١٢٦ و١٢٩)، وأبو عوانة (٢/ ١٥١)، والنسائي (١/ ١٥٣)، والبيهقي (٢/ ٦٥ و٣٤٧) من طريقين آخرين عن هشام … به.
ثم أخرجوه، وكذا الدارمي (٢/ ٢٩٦)، والبيهقي (٢/ ٥٩ و٦٣ و٦٥ – ٦٦ و١٩٣ و٣٤٨) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٦٦) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن حبان (١٨٥٢) من طريق سفيان عن معمر … به.
هل كان رسول الله ﷺ يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بِمَ كنتم تعرفون؟ قال: باضطراب لحيته.
(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عُمَارة بن عمير عن أبي معمر.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن عبد الواحد متكلم فيه في روايته عن الأعمش خاصة! ففي «الخلاصة».
«قال أبو داود الطيالسي: وصل أحاديث أرسلها الأعمش. وقال ابن معين: ثقة. وفي رواية: ليس بشيء. وقال القطان: لا يَعْرِف من حديث الأعمش حرفًا. قال الحافظ أبو الفضل: يعني: لا يحفظه؛ وإلا فحديثه عنه في (خ م)، وهو صاحب كتاب. وقال الحافظ في»التقريب«:
»ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال«.
قلت: لكنه قد توبع -كما يأتي-؛ فالحديث مما حفظه عن الأعمش.
والحديث أخرجه البخاري (٢/ ١٢٦)، والبيهقي (٢/ ٣٧ و٥٤) من طرق أخرى عن الأعمش … به، وقال البيهقي -عقبه في الموضع الثاني المشار إليه-:
»مخرج في «الصحيحين» من حديث الأعمش. وفيه دليل على أنه لا بد من أن يحَرِّكَ لسانه بالقراءة”!
قلت: لم يخرجه مسلم؛ فهو من أفراد البخاري!
٧٦٥ – عن جابر بن سمرة قال:
قال عمر لسعد: قد شَكَاكَ الناسُ في كلِّ شيء؛ حتى في الصلاة؟ ! قال:
أمَّا أنا، فأمُدُّ في الأُولَيَيْنِ، وأحْذِفُ في الأُخْرييْنِ، ولا آلُو ما اقتديت به من صلاة رسول الله ﷺ. قال:
ذاك الظنُّ بك!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن محمد بن عبيد الله أبي عون عن جابر بن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وحفص بن عمر: هو أبو عمر الحَوْضِي.
والحديث أخرجه الطيالسي (١/ ٩٤/ ٤١٤ – ترتيبه): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه البخاري (٢/ ١٢٧)، ومسلم (٢/ ٣٨)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٠)، والنسائي (١/ ١٥٥)، والبيهقي (٢/ ٦٥)، وأحمد (١/ ١٧٥) من طرق عن شعبة … به.
وتابعه عبد الملك بن عمير عن جابر: عند مسلم وأبي عوانة والبيهقي وأحمد (١/ ١٧٦ و١٧٩ و١٨٠).
حَزَرْنَا قيام رسول الله ﷺ في الظهر والعصر؛ فحزرنا قيامه في الركعتين الأُولَيَيْنِ من الظهر: قَدْرَ ثلاثين آية، قَدْرَ (الم. تنزيل) السجدة، وحزرنا قيامه في الأُخريين: على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر: على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر: على النصف من ذلك.
(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد -يعني: النفيلي-: ثنا هُشَيْم: أخبرنا منصور عن الوليد بن مسلم الهُجَيْمِي عن أبي الصِّدِّيق الناجي عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم؛ سوى النفيلي؛ فهو من رجال البخاري.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٣٧)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٢)، والدارمي (١/ ٢٩٥)، والبيهقي (٢/ ٦٤) من طرق أخرى عن هشيم … به.
ثم أخرجوه من طريق أبي عوانة عن منصور بن زاذان … به نحوه.
١٢٩ – باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر
٧٦٧ – عن جابر بن سمرة:
أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في الظهر والعصر بـ: (السماء والطارق) و(السماء ذات البروج)؛ ونحوهما من السور”.
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سِمَاك بن حرب عن جابر ابن سَمُرة.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير أن سماكًا مضطرب الرواية عن عكرمة خاصة، وهذه ليست منها؛ إلا أنه كان قد تغير بأخرة، فكان ربما يُلَقَّنُ، كما في «التقريب»؛ لكن سيأتي أن شعبة قد روى هذا الحديث عنه، وهو سمع منه قبل التغيُّر؛ فالحديث صحيح. قال يعقوب:
«وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبِّتين، ومن سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح مستقيم».
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٥٣)، والترمذي (٢/ ١١٠ – ١١١)، والدارمي (١/ ٢٩٥)، والبيهقي (٢/ ٣٩١)، والطيالسي (١/ ٩٣ / ٤٠٧)، وأحمد (٥/ ١٠٣ و١٠٦ و١٠٨) من طرق عن حماد بن سلمة … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وتابعه شعبة عن سماك … به نحوه، وهو الذي بعده.
٧٦٨ – وعنه قال:
كان رسول الله ﷺ إذا دَحَضَتِ الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى)، والعصرَ كذلك، والصلوات؛ إلا الصبح؛ فإنه كان يطيلها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن سماك سمع جابر ابن سمرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وشعبة سمع من سماك قديمًا، كما سبق في الذي قبله.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٤٠)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٠)، والنسائي (١/ ١٥٣)، وأحمد (٥/ ٨٦ و٨٨ و١٠٨)، والطيالسي (١/ ٩٣ / ٤٠٨) من طرق أخرى عن شعبة … نحوه مختصرًا؛ دون ذكر الشمس والصلوات.
٧٦٩ – عن عبد الله بن عبيد الله قال:
دخلت على ابن عباس -في شباب من بني هاشم-، فقلنا لشابٍّ منا: سَلِ ابنَ عباس: أكان رسول الله ﷺ يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، لا. فقيل له: فلعلّه كان يقرأ في نفسه؟ فقال:
خَمْشًا! هذه شرٌّ من الأولى، كان عبدًا مأمورًا؛ بلَّغَ ما أُرسل به، وما اخَتَصَّنا دون الناس بشيء؛ إلا بثلاثِ خِصالٍ: أمَرَنا أن نُسْبغَ الوضوءَ، وأن لا نأكلَ الصدقةَ، ولا نُنْزِيَ الحمارَ على الفَرَسِ.
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي مختصرًا؛ وقال: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا مسدد ثنا: عبد الوارث عن موسى بن سالم: ثنا عبد الله بن عبيد الله.
والحديث أخرجه النسائي (٢/ ١٢١)، والترمذي (٣/ ٣١)، وأحمد (١/ ٢٤٩) من طرق أخرى عن موسى بن سالم … به؛ وليس عند الترمذي ما قبل: وكان عبدًا …، وقال:
«حديث حسن صحيح».
٧٧٠ – وعنه قال:
لا أدري؛ أكان رسول الله ﷺ يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٢٤٩ و٢٥٨) من طرق أخرى عن هشيم … به.
١٣٠ – باب قدر القراءة في المغرب
٧٧١ – وعنه:
أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ: (والمرسلات عرفًا)، فقالت: يا بني! لقد ذكَّرْتَني بقراءتك هذه السورة؛ إنها لآخر ما سمعت رسول الله ﷺ يقرأ بها في المغرب.
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ والقعنبي: اسمه عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَبٍ، ثقة عابد؛ كان ابن معين وابن المديني لا يقدِّمان عليه في «الموطأ» أحدًا.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٩٩ – ١٠٠) … بهذا السند واللفظ.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٢/ ١٢٦)، ومسلم (٢/ ٤٠ – ٤١)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٣)، وأحمد (٦/ ٣٤٠) كلهم عن مالك … به.
وتابعه جماعة عن ابن شهاب … مختصرًا.
أخرجه النسائي (١/ ١٥٤)، والترمذي (٢/ ١١٢)، والدارمي (١/ ٢٩٦). وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وتابعه أنس بن مالك عن أم الفضل بنت الحارث قالت: صلى بنا رسول الله ﷺ في بيته المغرب؛ فقرأ (المرسلات)؛ ما صلى بعدها صلاة حتى قُبِضَ ﷺ.
أخرجه النسائي، وأحمد (٦/ ٣٣٨ – ٣٣٩).
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
سمعت رسول الله ﷺ يقرأ بـ (الطُّورِ) في المغرب.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كالذي قبله.
والحديث في «الموطأ» (١/ ٩٩) … بهذا الإسناد والمتن.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٢/ ١٢٦)، ومسلم (٢/ ٤١)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٤)، والنسائي (١/ ١٥٤)، وأحمد (٤/ ٨٥) كلهم عن مالك … به.
وأخرجه البخاري (٦/ ١١٦)، ومسلم وأبو عوانة، والدارمي (١/ ٢٩٦)، والبيهقي (٢/ ١٩٣ و١٩٤)، وأحمد (٤/ ٨٠ و٨٣ و٨٤) من طرق أخرى عن ابن شهاب … به.
وله في «المسند» (٤/ ٨٣) طريق أخرى عن جبير بن مطعم.
٧٧٣ – عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت:
ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله ﷺ يقرأ في المغرب بِطُولى الطولَيَيْن؟ !
قال: قلت: ما طُولى الطوليين؟ قال:
قال: وسألت أنا ابن أبي مليكة؟ فقال لي من قبل نفسه: (المائدة) و(الأعراف)!
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه» مختصرًا).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مروان بن الحكم؛ فعلى شرط البخاري وحده، ولكنه متكلم فيه؛ أورده الذهبي في «الميزان»، وقال:
«وله أعمال موبقة، نسأل الله السلامة! رمى طلحة بسهم، وفعل وفعل». وقال الحافظ في «التهذيب»:
«وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعدَّ من موبقاته: أنه رمى طلحة -أحد العشرة- يوم الجمل، وهما جميعًا مع عائشة، فقتل، ثم وثب على الخلافة بالسيف. واعتذرتُ عنه في (مقدمة شرح البخاري)».
قلت: وخلاصة ما ذكره في «المقدمة» (٢/ ١٦٤):
«أن البخاري إنما أخرج له أحاديث من رواية جماعة عنه، منهم عروة بن الزبير لما كان أميرًا عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا. والله أعلم».
قلت: على أن وجود مروان هذا في إسناد الحديث لا يضر؛ لأنه ثبت سماع
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ١٨٩): ثنا عبد الرزاق وابن أبي بكر قالا: أنا ابن جريج … به؛ وفيه: قال:
قلت لعروة: ما طولى …
ثم أخرجه هو (٥/ ١٨٨)، والنسائي (١/ ١٥٤) من طرق أخرى عن ابن جريج … به.
وتابعه هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم … به نحوه.
أخرجه أحمد (٥/ ١٨٧) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام … به.
وخالفه يحيى بن سعيد فقال: عن هشام قال: أخبرني أبي: أن زيد بن ثابت أو أبا أيوب قال لمروان …
أخرجه أحمد (٥/ ١٨٥).
وقال حماد: عن هشام عن أبيه:
أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة (يس). قال عروة: قال زيد بن ثابت -أو أبو زيد الأنصاري؛ شك هشام- لمروان … الحديث.
أخرجه الطحاوي (١/ ١٢٤ – ١٢٥).
فلم يذكر يحيى بن سعيد وحماد بن سلمة: مروان بن الحكم بين عروة وزيد.
فالظاهر أنه قد تلقاه من زيد مباشرة!
ويؤيده رواية أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول: أخبرني زيد بن ثابت:
أخرجه الطحاوي هكذا، والنسائي نحوه. قال الحافظ في «الفتح»:
«فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيدًا فأخبره».
ويشهد له حديث عائشة:
أن رسول الله ﷺ قرأ في صلاة المغرب بسورة (الأعراف)؛ فرّقها في ركعتين.
أخرجه النسائي بسند صحيح، وكذا البيهقي (٢/ ٣٩٢).
١٣١ – باب من رأى التخفيف فيها
٧٧٤ – عن هشام بن عروة:
أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرأُون (والعاديات) ونحوها من السور.
(قلت: هذا مقطوع، وإسناده صحيح على شرط مسلم).
قال أبو داود: «هذا يدل على أن ذاك منسوخ»!
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا هشام بن عروة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ ولكنه مقطوع موقوف على عروة؛ وحماد: هو ابن سلمة.
ويشهد له حديث أبي هريرة:
أخرجه الطحاوي (١/ ١٢٦)، والبيهقي (٢/ ٣٩١) من طريق الضَّحَّاك بن عثمان قال: حدثني بُكَيْرُ بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسار عنه.
وهذا إسناد صحيح.
ولا تعارض بينه وبين الأحاديث التي في الباب قبله؛ خلافًا لقول المصنف الآتي بأن ذلك منسوخ! فأين دليل النسخ؟ ! بل الصواب: أنه ﷺ كان يقرأ تارة بهذا، وتارة بهذا. وقد أشار إلى ذلك البيهقي؛ فإنه عقد بابًا -بعد حديث أبي هريرة- فقال:
«باب مَنْ لم يُضَيِّقِ القراءة فيها بأكثر مما ذكرنا …»، ثم ساق حديث جبير ابن مطعم وأم الفضل وزيد بن ثابت المذكور في الباب قبله.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٩٢) من طريق المصنف.
١٣٢ – باب الرجل يُعِيدُ سورة واحدة في الركعتين
٧٧٥ – عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ: أن رجلًا من جُهَيْنَةَ أخبره:
أنه سمع النبي ﷺ يقرأ في الصبح: (إذا زلزت الأرض) في الركعتين كلتيهما؛ فلا أدري؛ أنسي رسول الله ﷺ، أم قرأ ذلك عمدًا؟ !
(قلت: إسناده حسن، وصححه النووي).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو عن ابن أبي هلال عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير معاذ بن
«صدوق ربما وهم». وابن أبي هلال -واسمه سعيد- وإن احتج به الشيخان؛ فقد رمي بالتخليط؛ قال الحافظ في «مقدمة الفتح» (٢/ ١٣١):
«وثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم وابن خزيمة والدارقطني وابن حبان وآخرون. وشذَّ الساجي؛ فذكره في»الضعفاء«، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: ما أدري أي شيء حديثه؟ يخلِّط في الأحاديث. وتبع ابنُ حزم الساجيّ؛ فضعف سعيد بن أبي هلال مطلقًا! ولم يصب في ذلك. والله أعلم، احتج به الجماعة».
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٩٠) من طريق أبي داود. وقال النووي في «المجموع» (٣/ ٣٨٢):
«إسناده صحيح»!
١٣٣ – باب القراءة في الفجر
٧٧٦ – عن عمرو بن حُرَيْثٍ قال:
كأنِّي أسمع صوت النبي ﷺ. يقرأ في صلاة الغداة: (فلا أقسم بالخُنَّسِ. الجَوَارِ الكُنَّسِ).
(قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن أصْبَغَ مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أصبغ هذا، وهو
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١/ ٢٧٢) من طريق ابن نُمَيْرٍ: ثنا إسماعيل بن أبي خالد … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ٣٩)، وأبو عوانة (٢/ ١٥٩)، والبيهقي (٢/ ٣٨٨)، وأحمد (٤/ ٣٠٦ – ٣٠٧) من طريق الوليد بن سَرِيعُ عن عمرو بن حريث … بمعناه.
وأحمد (٤/ ٣٠٧) من طريق الحَجَّاج المُحَاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث … به مثل لفظ الكتاب.
وهذا سند جيد في المتابعات.
١٣٤ – باب من ترك القراءة في صلاته بـ (فاتحة الكتاب)
٧٧٧ – عن أبي سعيد قال:
أُمِرْنا أن نقرأ بـ: (فاتحة الكتاب) وما تَيَسَّرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (١٧٨٧)، والحافظ ابن حجر).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (١/ ٢٢٢ – مصر):
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٥) قال: ثنا بهز وعفان قالا: ثنا همام … به؛ إلا أنه قال:
أمرنا نبينا ﷺ …
وتابعه أبو سفيان السعدي عن أبي نضرة … به مرفوعًا؛ بلفظ:
«لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بـ: ﴿الحمد لله﴾ وسورة؛ في فريضة أو غيرها».
أخرجه ابن ماجة (٨٣٩).
والسعدي هذا ضعيف، واسمه: طَرِيفُ بن شهاب.
٧٧٨ – عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله ﷺ:
«اخرج فنادِ في المدينة: أنه لا صلاة إلا بقرآن؛ ولو بـ (فاتحة الكتاب)، فما زاد».
(وفي رواية قال: أمرني رسول الله ﷺ أن أنادي:
«لا صلاة إلا بقراءة (فاتحة الكتاب)، فما زاد»).
(قلت: حديث صحيح باللفظ الثاني، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرج مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما» معناه عن عبادة بن الصامت. ويأتي في الكتاب بعد حديث).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن جعفر بن
ثم قال أبو داود: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا جعفر عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال … فذكره بالرواية الثانية.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن ميمون البصري؛ قال أحمد:
«ليس بقوي في الحديث». وقال ابن معين:
«ليس بذاك». وقال في موضع آخر:
«صالح الحديث». وقال مرة:
«ليس بثقة». وقال أبو حاتم:
«صالح». وقال النسائي:
«ليس بالقوي». وقال الدارقطني:
«يعتبر به». وقال ابن عدي:
«لم أر أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء».
وقال البخاري:
«ليس بشيء».
قلت: ويتلخَّص من هذه الكلمات: أن الرجل في نفسه صدوق، لكنه ضعيف الحفظ. ولذلك قال الحافظ:
«صدوق يخطيء».
والحديث أخرجه البخاري في «جزء القراءة» (ص ٤)، والدارقطني (ص ١٢١ – ١٢٢)، والحاكم (١/ ٢٣٩) من طريق يحيى بن سعيد القطان … به. وقال الحاكم:
«حديث صحيح لا غبار عليه؛ فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إلا عن الثقات»!
كذا قال، ووافقه الذهبي! والحق:
أن الحديث صحيح يشاهده الذي قبله.
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت … مرفوعًا:
«لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن فصاعدًا».
أخرجه مسلم (٢/ ٩)، وأبو عوانة (٢/ ١٢٤)، والنسائي (١/ ١٤٥)، والبيهقي (٢/ ٣٧٤).
وأخرجه ابن حبان (٤٥٣) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس عن جعفر ابن ميمون … باللفظ الثاني؛ فهو المحفوظ.
٧٧٩ – عن أبي السائب مولى هشام بن زُهْرة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ:
«من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ فهي خِداجٌ، غير تمام».
قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني أكون أحيانًا وراء الإمام؟ !
»قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين؛ فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل«. قال رسول الله ﷺ:
»اقرأوا؛ يقول العبد: (الحمد لله رب العالمين)، يقول الله: حَمِدني عبدي. يقول: (الرحمن الرحيم)، يقول الله عز وجل: أثنى عليَّ عبدي. يقول العبد: (مالك يوم الدين)، يقول الله عز وجل: مَجَّدني عبدي. يقول العبد (إياك نعبد وإياك نستعين)، يقول الله: وهذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، يقول الله: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل! .
(إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (١٧٨١)، وأبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زُهْرة يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث عند مالك في «الموطأ» (١/ ١٠٦ – ١٠٧) … بهذا الإسناد.
وأخرجه عنه: مسلم (٢/ ٩ – ١٠)، وأبو عوانة (٢/ ١٢٦)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (ص ٧٤)، والنسائي (١/ ١٤٤ – ١٤٥)، وأحمد (٢/ ٤٦٠) كلهم عن
وأخرج مسلم وأبو عوانة، والبخاري في «جزء القراءة» (ص ١٩) من طرق أخرى عن العلاء … به.
وكذلك أخرجه الترمذي (٤/ ٦٦) -وقال: «حديث حسن»-، وأحمد (٢/ ٢٤١ و٢٥٠ و٢٨٥)، وابن ماجة (٨٣٨).
٧٨٠ – عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي ﷺ قال:
«لا صلاة لمن لم يقرأ بـ (فاتحة الكتاب) فصاعدًا».
قال سفيان: لمن يصلي وحده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وليس عنده ولا البخاري: «فصاعدًا»).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين من طريق قتيبة، وعلى شرط مسلم من طريق ابن السرح -واسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح-.
وقد أخرجاه -كما يأتي- من طرق عن سفيان -وهو ابن عيينة- دون قوله: «فصاعدًا».
وأراه هو المحفوظ؛ فقد أخرجه سائر الأئمة في كتبهم عن بضعة عشر حافظًا
وإليك أسماءَ الرواة الذين وقفت على روايتهم للحديث بدون الزيادة، مع ذكر مصادرها:
١ – الإمام أحمد في «مسنده» (٥/ ٣١٤): ثنا سفيان بن عيينة.
٢ – الحميدي في «مسنده» (١/ ١٩١ / ٣٨٦): ثنا سفيان … به.
ومن طريقه: أبو عوانة (٢/ ١٢٤).
٣ – علي بن المديني: حدثنا سفيان … به: أخرجه البخاري عنه (٢/ ١٢٥).
٤ – الحجاج بن مِنْهال: ثنا سفيان … به: أخرجه البخاري في «جزء القراءة» (٤).
٥ – أبو بكر بن أبي شيبة.
٦ – عمرو بن الناقد.
٧ – إسحاق بن إبراهيم.
ثلاثتهم عن سفيان … به: أخرجه عنهم جميعًا: مسلم (٢/ ٨ – ٩).
٨ – محمد بن منصور عنه: أخرجه النسائي (١/ ١٤٥) عنه.
٩ – محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي العدني.
١٠ – علي بن حجر.
أخرجه الترمذي (٢/ ٢٥).
١١ – هشام بن عمار.
١٢ – سهل بن أبي سهل
١٣ – إسحاق بن إسماعيل.
أخرجه ابن ماجة (١/ ٢٧٦) عنهم قالوا: ثنا سفيان … به.
١٥ – عبد الجبار بن العلاء.
١٦ – محمد بن عمرو بن سليمان.
١٧ – زياد بن أيوب.
١٨ – الحسن بن محمد الزعفراني.
أخرجه الدارقطني (١٢٢) عن ابن صاعد عنهم جميعًا: ثنا سفيان.
وأخرجه البيهقي (٢/ ٣٨) عن الزعفراني وحده.
قلت: فكل هؤلاء -وفيهم كبار الأئمة والحفاظ- لم يقولوا عن سفيان: «فصاعدًا»! فذلك يدل دلالة قاطعة على أن هذه الزيادة غير محفوظة عنه؛ فلا أدري ممن الوهم؟ أَمِنْ بعض رواة كتاب «السنن»؟ ! أم من المؤلف؟ ! أم من شيخيه: قتيبة بن سعيد وابن السرح؟ ! والاحتمال الأول هو الأقرب، ثم … وثم …
نعم؛ قد روى هذه الزيادة: معمر عن الزهري، وهي معروفة به:
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي، والبيهقي (٢/ ٣٧٤)، وأحمد (٤/ ٣٢٢) من طرق عن عبد الرزاق عنه. وقد أشار البخاري إلى أنها شاذة، فقال في «جزء القراءة» (ص ٤):
«وعامة الثقات لم تتابع معمرًا في قوله:»فصاعدًا«؛ مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب. وقوله:»فصاعدًا «غير معروف».
قلت: ومن هؤلاء الثقات الذين أشار إليهم البخاري: صالح بن كَيْسَان: عنده في «الجزء» (٣)، وكذا مسلم، وأبي عوانة، وأحمد (٤/ ٤٢١).
ويزيد بن يونس: عندهم جميعًا -ما عدا أحمد-، وعند البيهقي أيضًا (٢/ ٦١)، وكذا الدارمي (١/ ٢٨٣). وذهل الحافظ رحمه الله تعالى في «الفتح»؛ فلم يَعْزُ هذه الزيادة لمسلم؛ خلافًا لصنيعه في «التلخيص»، وقال:
قلت: لكن يشهد لها حديث أبي سعيد المتقدم (٧٧٧)، وكذا حديث أبي هريرة بعده.
٧٨١ – عن أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال:
«هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟».
فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال:
«إني أقول: ما لي أنازعَ القرآن؟ !».
قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﷺ، فيما جهر به النبي ﷺ بالقراءة من الصلوات؛ حين سمعوا ذلك من رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن»).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أُكَيْمَةَ الليْثِيِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أكيمة -واسمه عمارة، وقيل: عمار، وقيل غير ذلك- وهو ثقة، ولو لم يرو عنه غير الزهري؛ فقد قال أبو حاتم:
«صحيح الحديث، حديثه مقبول» (١). وقال يحيى بن سعيد:
«كفاك قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب»؛ يعني: الرواية الثانية في الكتاب.
قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة لابن أكيمة مقدم على تجهيل من جهله؛ لأن من وثقه معه من العلم ما ليس عند من جَهَّله. ولذلك جزم الحافظ في «التقريب» بأنه: «ثقة».
فلا التفات بعد ذلك إلى إعلال من أعل الحديث بالجهالة، كما فعل البيهقي، وهو معارض بتصحيح وتحسين غيره كما يأتي!
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ١٠٨) … بهذا السند واللفظ.
وقد أخرجه من طريقه: البخاري في «جزء القراءة» (ص ٢٤ و٥٦ – ٥٧)، والنسائي (١/ ١٤٦)، والترمذي (٢/ ١١٨ – ١١٩)، والطحاوي (١/ ١٢٧ – ١٢٨)، وابن حبان (٤٥٤)، والبيهقي (٢/ ١٥٧)، وأحمد (٢/ ٣٠١ – ٣٠٢) كلهم عن مالك … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن». وقال المصنف عقبه:
«روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر، ويونس، وأسامة بن زيد: عن الزهري … على معنى مالك».
قلت: حديث معمر؛ وصله أحمد (٢/ ٢٨٤): ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري … به.
ووصله ابن ماجة (١/ ٢٧٦) من طريق عبد الأعلى: ثنا معمر … به، إلا أنه قال:
وحديث يونس؛ وصله البخاري في «جزئه»: ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا الليث قال: ثني يونس عن ابن شهاب … به؛ وزاد -بعد قوله: فيما جهر به النبي ﷺ:
وقرأوا في أنفسهم سرًّا فيما لا يجهر فيه الإمام.
وأما حديث أسامة بن زيد؛ فلم أقف الآن على من وصله!
وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية الآتية في الكتاب.
وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره:
قال: فانتهى الناس عن القراءة …
وبعضهم جعلها من قول الزهري.
وبعضهم من قول معمر.
وفي رواية عنه قال: (*)
صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة -نظن أنها الصبح- … بمعناه إلى قوله: «ما لي أُنازَع القرآن».
قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله ﷺ …
وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة:
وقال عبد الله بن محمد الزهري -من بينهم-: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس.
(إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس … هو موصول أيضًا من قول أبي هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري … إنما يعني: بإسناده المتصل لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي -وهو سفيان بن عيينة- معمرًا أو الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي).
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَّرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدِّث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره: فانتهى الناس … هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره أصلًا، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله الزهري.
ويشهد لها رواية أحمد قال (٢/ ٢٤٠): ثنا سفيان عن الزهري … فذكره إلى قوله: «ما لي أنازع القرآن؟ !». قال معمر: عن الزهري:
فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله ﷺ.
قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة.
وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري -حفظته
وأخرجه ابن ماجة والحازمي في «الاعتبار» (ص ٧٢ – ٧٣) من طرق أخرى عن سفيان … به إلى قوله: «ما لي أنازع القرآن»؛ دون قوله: قال معمر … إلخ. وقال المصنف عقب الحديث:
«قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله:»ما لي أنازع القرآن«. ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: فاتَّعَظَ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون فيما يجهر به ﷺ. قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: فانتهى الناس … من كلام الزهري»!
وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول:
أولًا: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (٢/ ٤٨٧): ثنا إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق … به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب … به.
أخرجه أحمد (٢/ ٢٨٥): ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج.
ثانيًا: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (١/ ١٢٨)، وابن حبان (٤٥٥)، والبيهقي (٢/ ١٥٨) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول … فذكره!
هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب … خلافًا لجميع الرواة عن
«الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي».
قلت: وفي رواية لابن حبان (٤٥٦) من طرق الوليد -وهو ابن مسلم- عن الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة.
فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيدًا، فمرة قال: عن سعيد، ومرة قال: عمن سمع؛ لم يُسَمِّه.
ثالثًا: قول ابن قارس: «(فانتهى الناس) من كلام الزهري»!
قلت: وكذلك قال البخاري في «جزء القراءة» (٢٤)؛ قال:
«وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشِّرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك …»!
وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في «التلخيص» (١/ ٢٣١). والعجب من البيهقي؛ حيث قال -عقب رواية الأوزاعي السابقة-:
«حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة …» إلخ كلامه المتقدم!
فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض الآخر؟ ! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر عددًا؟ ! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال
ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه المتقدم عند المصنف: قال معمر: فانتهى …؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس …
فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان: قال معمر عن الزهري: فانتهى الناس … قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة.
ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئًا لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس …
ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره فانتهى الناس … فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر.
واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة.
وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعًا أن سفيان قال: قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك الزيادة التي لم أسمعها من الزهري.
فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن
والنتيجة واحدة، وهي: أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة؛ حفظها معمر عن الزهري، وهو بإسناده عن أبي هريرة.
ومما يؤكد ما قلنا: أن الحديث رواه غير سفيان عن معمر … مثل رواية مالك عن الزهري فيها الزيادة من أصل الرواية، لم تنسب للزهري ولا لمعمر؛ لأنها من أصل الحديث في روايته.
فثبت بذلك أن هذه الزيادة هي من أصل الحديث في رواية معمر؛ وكأنه لذلك -ولوضوح الأمر- لم يحتجَّ بها البخاري والبيهقي على أنها من قول الزهري؛ وإنما احتجَّا برواية الأوزاعي المتقدمة! وفيها ما سبق بيانه من أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث، فلا ينبغي أن يحتج بما تفرَّد به فيه؛ لا سيَّما وقد خالف مالكًا ويونس بن يزيد وأسامة بن زيد -كما تقدم- ومعمرًا أيضًا: الذين جعلوا هذه الزيادة من أصل الحديث من قول أبي هريرة؛ فثبت بذلك أنها زيادة صحيحة غير مدرجة، وهو الذي اختاره ابن القيم في «تهذيب السنن» (١/ ٣٩٢)، وحققه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على «المسند» (١٢/ ٢٦٠ – ٢٦٤)، وأطال في ذلك جزاه الله خيرًا.
١٣٥ – باب من رأى القراءة إذا لم يجهر
٧٨٢ – عن عمران بن حُصَيْن:
أن النبي ﷺ صلى الظهر، فجاء رجل فقرأ خلفه بـ: (سبح اسم ربك الأعلى). فلما فرغ قال: «أيكم قرأ؟».
«قَدْ عرفت أن بعضكم خَالَجَنِيها».
قال أبو داود: «قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة: فقلت لقتادة: أليس قول سعيد: أنْصِتْ للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به. وقال ابن كثير في حديثه: قال: قلت لقتادة: كأنه كرهه؟ قال: لو كرهه نهى عنه».
(إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة. (ح) وثنا محمد بن كثير العبدي: أخبرنا شعبة -المعنى- عن قتادة عن زُرَارَة عن عمران بن حصين.
ثم قال المصنف: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة … به إلى قوله: «خالجنيها».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (٤٠٤ – ترتيبه): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ١١)، وأبو عوانة (٢/ ١٣٢)، والبخاري في «جزئه» (٢١)، والنسائي (١/ ١٤٦)، وأحمد (٤/ ٤٢٦ و٤٤١) من طرق عن شعبة … به.
وأخرجه البيهقي (٢/ ١٦٢) من طريق المصنف.
ومن طريق أخرى عن أبي الوليد وعن أبي داود الطياليسيين.
ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (٤/ ٤٢٦ و٤٣١) من طريق سعيد بن
وأبو عوانة والبخاري في «جزئه» (٥٦)، والنسائي من طرق أخرى عن قتادة … به.
وتابعه خالد الحَذَّء عن زرارة بن أوفى … به.
أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٣).
١٣٦ – باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجمي من القراءة
٧٨٣ – عن جابر بن عبد الله قال:
خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي والعجمي، فقال:
«اقرأوا؛ فكلٌّ حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقَامُ القِدْحُ؛ يتعجَّلونه ولا يتأجلونه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا خالد عن حُمَيْد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحميد: هو ابن قيس الأعرج المكي أبو صفوان القاري الأسدي مولاهم.
وخالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطَّحَّان الواسطي المُزَنِيُّ مولاهم.
٧٨٤ – عن سهل بن سعد الساعدي قال:
خرج علينا رسول الله ﷺ يومًا ونحن نَقْتَرِئُ، فقال:
«الحمد لله! كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرأوه قبل أن يقرأه أقوام، يقيمونه كما يُقَوَّمُ السهم، يتعجَّلُ أجْرَهُ ولا يتأجَّلُهُ».
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو وابن لهيعة عن بكر بن سَوَادة عن وَفَاءَ بن شُرَيْحٍ الصَّدَفِي عن سهل بن سعد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ غير وفاء بن شريح الصدفي؛ فوثقه ابن حبان وحده، وروى عنه -غير بَكْر بن سوادة-؛ زياد بن نعيم.
وقال الحافظ في «التقريب»:
«مقبول».
لكن ابن لهيعة -واسمه عبد الله-؛ إنما أخرج له مسلم مقرونًا بعمرو بن الحارث، كما فعل المصنف هنا.
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ١٤٦): ثنا حسن: ثنا ابن لهيعة: ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الخَوْلاني عن أنس بن مالك قال:
ثم قال أحمد (٣/ ١٥٥): ثنا يحيى بن إسحاق قال: أنا ابن لهيعة … به؛ إلا أنه قال: عن أبي حمزة الخولاني. وقال الهيثمي «مجمع الزوائد» (٤/ ٩٤):
«رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه كلام».
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٧٥٧ و٦٦٩٠)، وفي «الثقات» (٥/ ٤٩٧ – ٤٩٨) عن عمرو وحده.
وله شاهد من حديث جابر؛ مخرج في «الصحيحة» (٢٥٩)، [وهو الحديث الذي قبله].
٧٨٥ – عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: إني لا أستطيع أن آخُذَ من القرآن شيئًا؛ فعلمني ما يجزيني منه؟ قال:
«قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
قال: يا رسول الله! هذا لله عز وجل؛ فما لي؟ قال:
«قل: اللهم! ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني». فلما قام قال هكذا بيده. فقال رسول الله ﷺ:
«أما هذا فقد ملأ يده من الخير».
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجراح: ثنا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السَّكْسَكِيِّ عن عبد الله بن أبي أوفى.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي خالد الدالاني -واسمه يزيد بن عبد الرحمن-، وهو ضعيف؛ قال في «التقريب»:
«صدوق يخطيء كثيرًا، وكان يدلس».
وإبراهيم السكسكي -وهو ابن عبد الرحمن-، وإن كان من رجال البخاري؛ ففيه ضعف أيضًا؛ قال الحافظ:
«صدوق، ضعيف الحفظ».
لكن له متابع يرتقي الحديث به إلى درجة الحسن، ذكره الحافظ في «التلخيص»، ثم ذكرته في «الإرواء» (رقم ٣٠٣).
والحديث أخرجه الدارقطني (١١٨)، والبيهقي (٢/ ٣٨١)، وأحمد (٤/ ٣٥٣)، وابن خزيمة (٥٤٤) من طرق أخرى عن سفيان … به.
وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين عن وكيع … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١٤٦)، وابن حبان (٤٧٣)، والدارقطني (١١٩)، والحاكم (١/ ٢٤١)، والبيهقي (٢/ ٣٨١)، وأحمد (٤/ ٣٥٦) من طريق مسعر عن إبراهيم السكسكي … به نحوه. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط البخاري»! ووافقه الذهبي!
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي، وأحمد (٤/ ٣٨٢). وقال المنذري في «الترغيب» (٢/ ٢٤٧) -بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا والبيهقي فقط! -:
«وإسناده جيد»! وقال ابن القيم في «التهذيب» (١/ ٣٩٥ / ٧٩٥):
«وصحح الدارقطني هذا الحديث».
قلت: ولم أره في «سنن الدارقطني»! فالظاهر أنه في غيره من كتبه.
١٣٧ – باب تمام التكبير
٧٨٦ – عن مُطرِّف قال:
صلَّيت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سجد كبَّر، وإذا ركع كبَّر، وإذا نهض من الركعتين كبَّر. فلما انصرفنا؛ أخذ عمران بيدي وقال: لقد صلَّى هذا قَبْلُ -أو قال: لقد صلى بنا هذا قبلُ- صلاةَ محمدٍ ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن غَيْلان بن جرير عن مُطَرِّفٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
وأخرجه البخاري (٢/ ١٣٦)، وأحمد (٤/ ٤٤٤): حدثنا سليمان بن حرب … به.
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ٩٦) من طريق أخرى عن سليمان … به.
وأخرجه هو، والبخاري (٢/ ١٣٠)، ومسلم (٢/ ٨)، والنسائي (١/ ١٦٤)، والبيهقي، وأحمد (٤/ ٤٤٠ و٤٤٤)، والطيالسي (١/ ٩٥ / ٤١٨) من طرق أخرى عن حماد بن زيد … به.
وتابعه سعيد بن أبي عروبة، فقال أحمد (٤/ ٤٢٨): ثنا محمد بن جعفر: ثنا سعيد عن غَيْلان بن جرير. وعبد الوهاب عن صاحب له عن غيلان … به.
وقال في مكان آخر (٤/ ٤٣٢): ثنا عبد الوهاب: ثنا خالد عن رجل عن مطرف بن الشِّخِّير … به؛ نحوه، وزاد:
فقلت: يا أبا نُجَيْد! من أول من تركه؟ قال: عثمان رضي الله عنه حين كَبِرَ وضَعف صوته؛ تركه.
وتابعه قتادة عن مطَرِّفٍ بن عبد الله بن الشِّخير، فقال أحمد (٤/ ٤٢٩): ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن قتادة وغير واحد عن مطرف … به.
٧٨٧ – عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة:
أن أبا هريرة كان يكبِّر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها؛ يكبر حين يقوم، ثم يكبِّر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربَّنا! ولك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر، حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في «صحيحه»، وكذا أبو عوانة بتمامه، ومسلم مختصرًا كما يأتي).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا أبي وبقية عن شعيب عن الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان -وهو ابن سعيد بن كثير بن دينار القُرَشي مولاهم أبو حفص الحمصي-، وأبيه عثمان.
وبقية: هو ابن الوليد، وثلاثتهم ثقات؛ إلا أن بقية مدلس وقد عنعنه، ولكن روايته هنا متابعة؛ فلا تضرُّها العنعنة.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٦٧) من طريق المصنف.
وأخرجه هو، والبخاري (٢/ ١٣٢) عن أبي اليمان قال: حدثنا شعيب … به.
وتابعه معمر عن الزهري … به، كما علقه المصنف في الذي بعده، ويأتي تخريجه.
وتابعه عُقَيْل بن خالد عن ابن شهاب … به، دون قوله في آخره: فيفعل ذلك في كل ركعة …
أخرجه البخاري (٢/ ١٣٠)، ومسلم (٢/ ٨)، والنسائي (١/ ١٧٢)، والبيهقي (٢/ ٦٧)، وأحمد (٢/ ٤٥٤).
٧٨٨ – قال أبو داود: «هذا الكلام الأخير؛ يجعله مالك والزُّبَيْدِيُّ وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين. ووافق عبدُ الأعلى عن معمر شعيبَ بن أبي حمزة عن الزهري».
(قلت: وصله مالك عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال: كان رسول الله ﷺ يكبِّر في الصلاة كلَّما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاتَهُ حتى لقي الله. وهو مرسل صحيح الإسناد، وقال البيهقي: «مرسل حسن». ووصله -من طريق عبد الأعلى عن معمر … بإسناده عن أبي هريرة مثل الذي قبله-: أحمد والدارمي والبيهقي بإسناد صحيح على شرط الشيخين).
هذا معلق، ويعني بالكلام الأخير: قوله: إن كانت لصلاتَهُ حتى فارق الدنيا.
وقد وصله مالك في «الموطأ» (١/ ٩٨) عن ابن شهاب عن علي بن حسين … باللفظ الذي أوردته في الأعلى.
ومن طريق مالك: أخرجه البيهقي، وقال:
«مرسل حسن»!
وأقول: بل هو مرسل صحيح الإسناد؛ فإن علي بن حسين ثقة ثبت من رجال «الصحيحين».
ورواية عبد الأعلى؛ وصلها الإمام أحمد (٢/ ٢٧٠): ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن به … نحوه.
وتابعه عبد الرزاق ثنا معمر … به: أخرجه أحمد (٢/ ٢٧٠).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
فهي متابعة قوية لرواية شعيب عن الزهري. والله أعلم.
١٣٨ – باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟
٧٨٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«إذا سجد أحدكم؛ فلا يَبْرُكْ كما يَبْرُكُ البعيرُ، وليضع يديه قبل ركبتيه».
(وفي رواية: «يَعْمِدُ أحدكم في صلاته؛ فيبركُ كما يبرك الجمل؟ !»).
(قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الإشبيلي، وقوّاه ابن سَيِّدِ الناس، وقال النووي والزّرقاني: «إسناده جيد»).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد: حدثني محمد ابن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة … بالرواية الأولى.
حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن بالرواية الأُخرى.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عبد الله بن الحسن -وهو المعروف بـ (النَّفْس الزكيَّة) العَلَوِي- وهو ثقة كما قال النسائي وغيره. وقال النووي في «المجموع» (٣/ ٤٢١)، والزرقاني في «شرح المواهب» (٧/ ٣٢٠):
وصححه عبد الحق في «الأحكام الكبرى». وقال في «كتاب التهجد» (ق ١/ ٥٦):
«أحسن إسنادًا من الذي قبله»؛ يعني: حديث وائل المخرج في الكتاب الآخر (١٥٢)، بلفظ:
رأيت النبي ﷺ إذا سجد؛ وضع ركبتيه قبل يديه.
وهذا قد ضعفه جماعة، ذكرناهم هناك؛ منهم ابن سيد الناس، ثم قال:
«ويتلخص من هذا: أن أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح من حيث الإسناد، وأصرح من حيث الدلالة؛ إذ هي قولية، ولما تعطيه قوة الكلام والتهجين في التشبُّه بالبعير الذي ركبته في يده، فلا يمكنه تقديم يده على ركبته إذا برك؛ لأنها في الاتصال بيده كالعضو الواحد».
وقد أعل بعضهم هذا الإسناد بعلل لا تقدح في صحته، وقد ذكرتها -مع الجواب عنها- في «إرواء الغليل» تحت الحديث (٣٥٧)، وخرجت له هناك شاهدًا من حديث ابن عمر:
أن النبي ﷺ كان يضع يديه قبل ركبتيه.
وإسناده صحيح.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣٨١) … بإسناد المصنف ولفظه؛ إلا أنه قال: ثم ركبتيه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (ق ٤٧/ ١ – مصورة جامعة الملك عبد العزيز)، والطحاوي في كتابيه (١/ ١٤٩)، و(٦٥ – ٦٦)، والبيهقي من طرق أخرى عن
وأخرجه النسائي (١/ ١٤٩)، والدارمي (١/ ٣٠٣)، والدارقطني (١/ ١٣١) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي … به بلفظ المصنف.
وأخرجه النسائي، والترمذي (٢/ ٥٧ – ٥٨) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن … به مختصرًا بالرواية الثانية.
وقد انقلب الحديث على بعض الضعفاء؛ فقال:
«فليبدأ بركبتيه قبل يديه»!
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/ ١٠٢ / ٢) وغيره من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن جده عن أبي هريرة … مرفوعًا به.
قلت: وهذا إسناد واه جدًّا؛ عبد الله هذا متهم؛ قال ابن القيم في «التهذيب»:
«قلت: قال أحمد والبخاري: متروك».
قلت: فلا تغتر إذًا بسكوت ابن القيم عليه في «زاد المعاد»؛ بل واستدلاله به على أن حديث الباب مقلوب!
وهذا من غرائبه وأخطائه العديدة في كلامه على الحديث وحديث وائل الذي أوردناه في الكتاب الآخر، وقد توليت بيانها في «التعليقات الجياد».
١٣٩ – باب النهوض في الفَرْدِ
٧٩٠ – عن أبي قِلابَةَ قال:
جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا؛ فقال: والله إني لأصلي، وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أُرِيَكُمْ كيف رأيت رسول الله
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه»).
وفي رواية: كيف رأيت رسول الله ﷺ يصلي؟ قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة.
(قلت: إسناده صحيح أيضًا على شرط البخاري، وصححه الدارقطني).
وفي أخرى: أنه رأى النبي ﷺ إذا كان في وتر من صلاته؛ لم ينهض حتى يستوي قاعدًا.
(قلت: إسناده صحيح أيضًا على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه». وصححه الدارقطني والترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل -يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن أبي قلابة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٢/ ١٣٦)، والبيهقي (٢/ ١٢٣)، وكذا ابن الجارود في «المنتقى» (٢٠٤) عن وهيب عن أيوب … به.
وإسناد الرواية الثانية في الكتاب هكذا: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١٧٣) … بسند المصنف.
والدارقطني (١/ ١٣٢)، وقال:
«إسناد صحيح ثابت».
وإسناد الرواية الثالثة: حدثنا مسدد: ثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة … به
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات رجال البخاري أيضًا.
وأخرجه البخاري والنسائي، والترمذي (٢/ ٧٩)، والدارقطني (١٣٢) من طرق عن هشيم … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وقال الدارقطني:
«هذا إسناد صحيح ثابت».
وأخرجه الشافعي وغيره من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء … به نحوه؛ وقد سقت لفظه في «إرواء الغليل» تحت الحديث (٣٦٢).
١٤٠ – باب الإقعاء بين السجدتين
٧٩١ – عن طاوس قال:
قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود؟ ! فقال: هي السنة.
قال: قلنا: إنا لَنَرَاهُ جَفَاءً بالرَّجُلِ؟ ! فقال ابن عباس:
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما» وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسًا يقول …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ١٨٩): حدثنا الصنعاني قال: ثنا يحيى بن معين … به.
ثم أخرجه هو، ومسلم (٢/ ٧٠)، والترمذي (٢/ ٧٣)، والبيهقي (٢/ ١١٩)، وأحمد (١/ ٣١٣) من طرق أخرى عن ابن جريج … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح». وانظر الحديث (٧٥٢).
١٤١ – باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
٧٩٢ – عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
كان رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع يقول:
«سمع الله لمن حمده. اللهم ربَّنا! لك الحمدُ ملْءَ السماوات، ومِلْءَ الأرض، وَمِلْءَ ما شئت من شيء بعدُ»
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع
قال أبو داود: «قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن … بهذا الحديث؛ ليس فيه: بعد الركوع. قال سفيان: لقينا الشيخ عبيدًا أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع».
قال أبو داود: «ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عُبَيْد … قال: بعد الركوع».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عيسى -وهو أبو جعفر بن الطَّبَّاع-، وهو ثقة فقيه؛ وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٣٥٣): ثنا وكيع … به.
وقال (٤/ ٣٨١): ثنا أبو معاوية … به.
وأخرجه مسلم (٢/ ٤٦ – ٤٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وهذا في «المصنف» (١/ ١٦٧) عن أبي معاوية ووكيع معًا … به.
وأخرجه أبو عوانة (٢/ ١٧٧) من طريق محمد بن عبيد وابن نمير قالا جميعًا: عن الأعمش … به.
وابن ماجة (١/ ٢٨٦) عن وكيع.
والبيهقي (٢/ ٩٤) عن محمد بن عبيد.
وقد أشار المصنف إلى أن الرواة اختلفوا على عبيد بن الحسن في قوله: بعد الركوع … فذكره الأعمش عنه كما رأيت؛ خلافًا للثوري وشعبة.
كان يدعو بهذا الدعاء … فذكره.
ورواية شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش التي علقها المصنف؛ وصلها أحمد أيضًا في الموضع المشار إليه؛ موصولًا بحديث شعبة عن عبيد.
ويبدو من قول سفيان: لقينا الشيخ عبيدًا أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع … أن عبيدًا نفسه كان تارة يقول ذلك، وتارة لا يقوله، وهو ثقة، فيؤخذ بالزائد من حديثه، لا سيما وله شواهد في «الصحيحين» وغيرهما من حديث ابن عباس، ومن حديث أبي سعيد، وهو الآتي:
٧٩٣ – عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله ﷺ كان يقول -حين يقول: «سمع الله لمن حمده»-:
«اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء (قال مُؤَمَّلٌ: ملء السماوات) ومِلْءَ الأرض، ومِلْءَ ما شئت من شيء بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عَبْدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ (زاد محمود: ولا معطي لما منعت)، (ثم اتفقوا)، ولا ينفع ذا الجَد منك الجَدُّ».
قال بشر: «ربنا! لك الحمد»؛ لم يقل: «اللهم …». لم يقل محمود: «اللهم …»؛ قال: «ربنا! ولك الحمد».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ إلا أن سعيد بن عبد العزيز -وهو التَّنُوخِيُّ الدمشقي- كان اختلظ في آخر عمره، كما في «التقريب»؛ فلعله لم يحدث في حالة اختلاطه؛ فقد جروا على الاحتجاج بحديثه. على أنه قد توبع في هذا الحديث، كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة (٢/ ١٧٦) من طريق عبد الله بن يوسف وأبي مسهر والعباس بن الوليد قال: حدثني أبي؛ ثلاثتهم عن سعيد بن عبد العزيز … به.
وأخرجه الطحاوي (١/ ١٤١)، والبيهقي (٢/ ٩٤) من طريق عبد الله بن يوسف وحده.
وأخرجه الدارمي (١/ ٣٠١)، وعنه مسلم (٢/ ٤٧)، والنسائي (١/ ١٦٣)، وأحمد (٣/ ٨٧) من طرق أخرى عن سعيد بن عبد العزيز … به.
وكذلك أخرجه ابن نصر في «قيام الليل» (ص ٧٧).
٧٩٤ – عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد؛ فإنه من وافق قولُه قولَ الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «موطأ مالك» (١/ ١١١) … بهذا السند والمتن.
ومن طريقه: أخرجه البخاري (٢/ ١٣١)، ومسلم (٢/ ١٧)، وأبو عوانة (٢/ ١٧٩)، والشافعي (٢٤٨)، والنسائي (١/ ١٦٢)، والترمذي (٢/ ٥٥)، والطحاوي (١/ ١٤٠)، والبيهقي (٢/ ٩٦)، وأحمد (٢/ ٤٥٩) كلهم عن مالك … به. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
ثم أخرجه مسلم من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ … بمعنى حديث سُمَيٍّ.
وقد ساق لفظه: الإمامُ أحمد (٢/ ٤١٧)، وفيه:
«اللهم ربنا! ولك الحمد» بزيادة الواو.
وقد أخرجها (٢/ ٣٤١) من طريق أخرى عن أبي صالح … به نحوه؛ دون قوله:
«فإنه من …»، ولم يقل: «اللهم!». وجمع بينهما في طرق أخرى (٢/ ٣٧٦) عن أبي هريرة أيضًا.
وكذلك أخرجه ابن حبان (٤٩٧ – موارد) من حديث الزهري عن أنس … مرفوعًا. وعزاه السيوطي في «الزيادة على الجامع الصغير» (١٩/ ٢) لابن حبان عن
٧٩٥ – عن عامر قال:
لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده؛ ولكن يقولون: ربنا لك الحمد.
(قلت: إسناده حسن مقطوع).
إسناده: حدثنا بشر بن عمار: ثنا أسباط عن مُطَرِّفٍ عن عامر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عمار، -وهو القُهُسْتَانِيُّ-؛ ذكره ابن حبان في «الثقات»، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ: «صدوق».
وأسباط: هو ابن محمد القرشي مولاهم.
ومطرف: هو ابن طرِيفٍ الكوفي.
وعامر: هو الشعبي. ووقع في الأصل: (مالك)!
١٤٢ – باب الدعاء بين السجدتين
٧٩٦ – عن ابن عباس:
أن النبي ﷺ كان يقول بين السجدتين:
«اللهم! اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني».
(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي والعسقلاني).
قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن كان حبيب بن أبي ثابت سمعه من سعيد؛ فقد وُصِفَ بالتدليس، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن مسعود -وهو ابن يوسف النيسابوري-، وهو ثقة عارف.
لكن كاملًا أبا العلاء -وهو ابن العلاء- وإن أخرج له مسلم؛ فقد اختلفوا فيه؛ فقال ابن معين:
«ثقة». وقال النسائي:
«ليس بالقوي». وقال في موضع آخر:
«ليس به بأس». وقال ابن عدي:
«رأيت في بعض رواياته أشياءَ أنكرتها، وأرجو أنه لا بأس به». وقال ابن حبان:
«كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، من حيث لا يدري، فبطل الاحتجاج بأخباره». وقال الحافظ في «التقريب»:
«صدوق يخطيء».
قلت: فمثله حسن الحديث؛ إلا أن يظهر خطؤه. والله أعلم.
والحديث أخرجه الترمذي (٢/ ٧٦)، والحاكم (١/ ٢٦٢ و٢٧١) من طرق عن زيد بن الحباب … به. وقال الترمذي:
«حديث غريب». وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد، وأبو العلاء كامل بن العلاء ممن يجمع حديثه»، ووافقه الذهبي، وأقره الحافظ في «بلوغ المرام».
أخرجه البيهقي (٢/ ١٢٢).
وتابعه أيضًا يحيى بن آدم: حدثنا كامل بن العلاء … به مختصرًا مثل لفظ الكتاب؛ إلا أنه قال: عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس -أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس- على الشك.
أخرجه أحمد (١/ ٣١٥).
وتابعه أسود بن عامر: أخبرنا كامل عن حبيب عن ابن عباس … به مطولًا؛ وأسقط سعيدًا.
أخرجه أحمد (١/ ٣٧١).
والصواب: إثبات سعيد بن جبير؛ لاتفاق زيد بن الحباب وخالد بن يزيد عليه، ويحتمل أن حبيبًا كان تارة يذكره، وتارة يسقطه؛ لأنه كان مدلسًا كما تقدم؛ فرواه كامل على الوجهين، فروى كل ما سمع منه. والله أعلم.
وللحديث شاهد موقوف على عليٍّ: عند الشافعي (٢٥٧)، وابن نصر (٧٦).
وآخر مختصر يأتي (٨١٨).
١٤٣ – باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال رؤوسهن من السجدة
٧٩٧ – عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رؤوسهم؛ كراهةَ أن يَرَيْنَ من عورات الرجال».
إسناده: حدثنا محمد بن المتوكِّل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن مولى لأسماء ابنة أبي بكر عن أسماء بنت أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير مولى أسماء؛ فإنه لم يُسَمّ، فهو مجهول.
وبه أعله المنذري (١/ ٤٠٤).
لكني وجدت له متابعًا يشهد بصحة حديثه؛ كما يأتي.
ومحمد المتوكل -وإن وثقه ابن معين وابن حبان-؛ فقد قال ابن عدي وغيره:
«كثير الغلط». وفي «التقريب»:
«صدوق عارف، له أوهام كثيرة».
قلت: لكنه لم يتفرد به كما يأتي، فدلَّ ذلك على أنه قد حفظ.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٢٤١) من طريق المصنف.
وأخرجه أحمد (٦/ ٣٤٨): ثنا عبد الرزاق … به.
وقال الحميدي في «مسنده» (٣٢٧): حدثنا سفيان قال: ثنا أخو الزهري … به.
ثم قال أحمد: ثنا عفان قال: حدثني وهيب قال: حدثني النعمان بن راشد عن ابن أخي الزهري … به.
ثم قال: ثنا سُرَيْجُ بن النعمان قال: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة
«يا معشر النساء! من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها حتى يرفع الإمام رأسه؛ من ضيق ثياب الرجال».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري.
وبه صح الحديث؛ والحمد لله.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري … مرفوعًا نحوه.
أخرجه ابن حزم في «المحلى» (٣/ ٢٢٧)؛ وإسناده حسن.
١٤٤ – باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين
٧٩٨ – عن البراء:
أن رسول الله ﷺ كان سجوده يركوعه وما بين السجدتين قريبًا من السواء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم» -وقال الترمذي، «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر -وهو الحَوْضِيِّ؛ فمن رجال البخاري وحده-.
والحديث أخرجه البخاري (٢/ ١٣٠ – ١٣١)، ومسلم (٢/ ٤٥)، وأبو عوانة
«حديث حسن صحيح».
وقد تابعه مسعر عن الحكم … به.
أخرجه البخاري (٢/ ١٣٥)، والبيهقي (٢/ ٢٢٢)، وأحمد (٤/ ٢٩٨).
وتابعه هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى … نحوه؛ ويأتي لفظه في الكتاب بعد حديث.
٧٩٩ – عن أنس بن مالك قال:
ما صلَّيتُ خلف رجل أوْجَزَ صلاةً من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَا في تمامٍ، وكان رسول الله ﷺ إذا قال: «سمع الله لمن حمده»؛ قام حتى نقول: قد أوهم! ثم يكبِّر ويسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة مختصرًا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت وحميد عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.
وقد تابعه سَمِيُّهُ حماد بن زيد عن ثابت وحده، كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٤٥) من طريق بهز حدثنا حماد: أخبرنا ثابت … به نحوه.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٢/ ١٣٥ – ١٣٦)، ومسلم والبيهقي (٢/ ٩٨) من طريق حماد بن زيد عن ثابت … به نحوه مثل رواية ابن كثير.
وأخرج أحمد (٣/ ١٠٠ و١٨٢ و٢٠٥) من طرق عن حميد عن أنس … بالشطر الأول منه.
ولهذا القدر طرق أخرى عن أنس: في «المسند» (٣/ ١٧٠ و١٧٣ و١٧٩ و٢٠٧ و٢٣١ و٢٣٤ و٢٤٠ و٢٦٢ و٢٧٧ و٢٧٩ و٢٨٢).
٨٠٠ – عن البراء بن عازب قال:
رَمَقْتُ مُحَمَّدًا ﷺ -وقال أبو كامل: رسولَ الله ﷺ في الصلاة؛ فوجدت قيامه كركعته وسجدته، واعتداله في الركعة كسجدته، وجلسته بين السجدتين وسجدته ما بين التسليم والانصراف قريبًا من السواء.
قال مسدد: فركعته واعتداله بين الركعتين، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته بين التسليم والانصراف: قريبًا من السواء.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، وقد أخرجه هذا وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل -دخل حديث أحدهما في الآخر- قالا: ثنا أبو عوانة عن هلال بن أبي حُمَيْدٍ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب.
والحديث أخرجه مسلم (٢/ ٤٤) عن أبي كامل.
وهو، وأبو عوانة (٢/ ١٣٤)، والبيهقي (٢/ ٩٨ و١٢٣)، وأحمد (٤/ ٢٩٤) من طرق أخرى عن أبي عوانة … به. وتقدم قبل حديث من طريق أخرى عن ابن أبي ليلى.
***
انتهى بحمد الله وفضله المجلد الثالث من «صحيح سنن أبي داود»، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الرابع، وأوله:
١٤٥ – باب صلاة من لا يقيم صُلْبَهُ في الركوع والسجود
و«سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك».
الطبعة الأولى
١٤٢٣ هـ
٢٠٠٢ م
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية
هاتف: ٤٨١٩٠٣٧ – فاكس: ٤٨٣٨٤٩٥ – هاتف وفاكس: ٤٥٧٨٨٦٨
الجهراء: ص. ب: ٢٨٨٨ – الرمز البريدي: ٠١٠٣٠
Website: www.gheras.com
E-mail: [email protected]
٨٠١ – عن أبي مسعود البَدْري قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تجزئ صلاة الرجل؛ حتى يُقِيمَ ظهره في الركوع والسجود».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه أيضًا ابن حبان والدارقطني والبيهقي. وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه»).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر النّمَرِيُّ: ثنا شعبة عن سليمان عن عمَارة بن عُمَيْرٍ عن أبي مَعْمَرٍ عن أبي مسعود البدري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر؛ فمن رجال البخاري وحده.
وأبو معمر: اسمه عبد الله بن سَخْبَرَةَ الأزْدي الكوفي.
والحديث أخرجه الطيالسي (١/ ٩٧ / ٤٢٧): حدثنا شعبة … به.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٥٠١)، والبيهقي (٢/ ١١٧) -عن الطيالسي-، وأحمد (٤/ ١١٩) – من طرق أخرى عن شعبة … به.
وأخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ١٠٤)، والنسائي (١/ ١٦٧)، والترمذي (٢/ ٥١ / ٢٦٥)، والدارمي (١/ ٣٠٤)، وابن ماجة (١/ ٢٨٤)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ٧٩)، وابن الجارود (٦٩٥)، وابن حبان أيضًا (٥٠٢)، والدارقطني (١٣٣)، والبيهقي (٢/ ٨٨ و١١٧)، وأحمد (٤/ ١٢٢)، والحميدي في
«هذا إسناد ثابت صحيح». وقال البيهقي: «إسناد صحيح». وقال المنذري في «الترغيب» (١/ ١٨٨):
«رواه أحمد و…. وابن خزيمة وابن حبان في»صحيحيهما«. ورواه الطبراني والبيهقي وقالا: إسناده صحيح ثابت».
وقوله: «الطبراني»! أخشى أن يكون خطأً من الناسخ أو الطابع، تحرف من «الدارقطني»! والله أعلم.
٨٠٢ – عن أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله ﷺ، فَرَدَّ رسول الله ﷺ عليه السلام، وقال:
«ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ». فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي ﷺ، فسلَّم عليه، فقال له رسول الله ﷺ:
«وعليك السلام»، ثم قال: «ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ»؛ حتى فعل ذلك ثلاث مرار. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق؛ ما أُحْسِنُ غير هذا فعلِّمْنِي؟ ! قال:
“إذا قمت إلى الصلاة فكبِّرْ، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدلَ قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثم اجلس حتى تطمئنَّ جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها -قال القعنبي: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال
«فإذا فعلت هذا فقد تَمَّتْ صلاتك، وما انتقصتَ مِنْ هذا شيئًا؛ فإنما انتقصته من صلاتك» وقال فيه:
«إذا قُمْتَ إلى الصلاة فأسْبغِ الوضوءَ»-.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في «صحاحهم». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». لكن ليس عندهم -غير أبي عوانة-: «فإذا فعلت …» إلى قوله: «من صلاتك»).
إسناده: حدثنا القعنبي: حدثنا أنس بن عياض. (ح) وثنا ابن المثنى: حدثني يحيى بن سعيد عن عبيد الله -وهذا لفظ ابن المثنى-: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٢/ ١٠٣) من طريق المصنف.
وأخرجه مسلم (٢/ ١٠ – ١١)، والنسائي (١/ ١٤١): أخبرنا محمد بن المثنى … به.
وأخرجه أحمد (٢/ ٤٣٧): ثنا يحيى … به.
وأخرجه البخاري (٢/ ١٢٦ و١٣١)، وأبو عوانة، والترمذي (٢/ ١٠٣ / ٣٠٣)، والبيهقي (٢/ ٣٧ و٨٨ و١١٧ و١٢٢) من طرق عن يحيى … به.
وقد خالفه أنس بن عياض فقال: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة؛ لم يقل: عن أبيه؛ كما أخرجه المصنف.
أخرجه البخاري (٨/ ٤٧)، ومسلم، وابن ماجة (١/ ٣٢٧)، والبيهقي (٢/ ١٥).
وكذلك تابعه أبو أسامة: حدثنا عبيد الله بن عمر … به.
أخرجه البخاري (٨/ ١١٥)، ومسلم، والبيهقي (٢/ ١٥).
وتابعه عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر … به.
أخرجه أبو عوانة. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح. وقد روى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة؛ ولم يذكر فيه: عن أبيه. عن أبي هريرة. ورواية يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر أصح. وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة»!
كذا قال! أن رواية يحيى أصح، وقد علمت من تخريجنا أن ابن نمير قد تابعه أنس بن عياض وأبو أسامة وعيسى بن يونس كل هؤلاء لم يذكروا: عن أبيه.
فاتفاقهم على ذلك يرجح رواية ابن نمير. والله أعلم.
وهما رواية محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن سعيد … به؛ دون: عن أبيه.
أخرجه ابن حبان (١٨٨٧).
٨٠٣ – عن علي بن يحيى بن خَلَّاد عن عمِّه:
أن رجلًا دخل المسجد … فذكره نحوه؛ قال فيه: فقال النبي ﷺ:
“إنه لا تتمُّ صلاة لأحد من الناس؛ حتى يتوضأ فَيَضَعَ الوضوء
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال «الصحيح»؛ إلا أنه منقطع بين علي بن يحيى بن خلاد وعمه؛ بينهما أبوه يحيى بن خلاد، كما في الروايات الآتية في الكتاب. ولذلك قال المنذري في «مختصره»:
«المحفوظ في هذا: علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع كما يأتي».
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٢٤٢) من طريق عَفَّان: ثنا حماد بن سلمة … به؛ إلا أنه قال: أبيه … مكان: عمه … فلا أدري؛ أهكذا وقعت الرواية عند الحاكم؟ ! أم هو خطأ من الناسخ أو الطابع؟ ! وقال الحاكم عن البخاري:
«لم يقمه حماد بن سلمة»! ويأتي.
٨٠٤ – وعنه عن أبيه عن عَمِّهِ رفاعة بن رافع … بمعناه؛ قال: فقال رسول الله ﷺ:
«ثم يكبر فيسجد فيمكِّنَ وجهه -قال همام: وربما قال: جبهته- من الأرض؛ حتى تطمئنَّ مفاصله وتسترخيَ، ثم يكبِّر فيستويَ قاعدًا على مقعده ويقيم صلبه -فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات-؛ لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين»! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا هشام بن عبد الملك والحجاج بن منهال قالا: ثنا همام: ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري من طريق الحسن بن علي -وهو الحُلْوَانِيُّ-.
وأما هشام بن عبد الملك -وهو اليَزَنيُّ-؛ فليس من رجاله، ولكنه متابع، وهو لا بأس به (*).
والحديث أخرجه النسائي (١/ ١٧٠)، والدارمي (١/ ٣٠٥)، وابن الجارود (١٩٤)، والحاكم (١/ ٢٤١ – ٢٤٢)، وعنه البيهقي (٢/ ١٠٢ و٣٤٥) من طرق أخرى عن همام … به. وقال الحاكم:
وإنما هو على شرط البخاري وحده؛ فإن علي بن يحيى بن خلاد وأباه لم يخرج لهما مسلم شيئًا. ثم قال الحاكم:
«وقد أقام هذا الإسناد: داود بن قيس الفَرَّاء، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير …»، ثم ساق أسانيده بذلك إليهم، وتأتي في الكتاب -عدا رواية داود بن قيس-.
وممن أقامه محمد بن عجلان فقال: عن علي بن يحيى من آل رفاعة بن رافع عن أبيه عن عم له بدريٍّ أنه حدثه … به.
أخرجه النسائي (١/ ١٦١)، وابن حبان (٤٨٤)، والبيهقي (٢/ ٣٧٢ و٣٧٣)، وأحمد (٤/ ٣٤٠) من طرق عنه … به نحوه.
وحديث داود؛ أخرجه البيهقي (٢/ ٣٧٤) أيضًا، وكذا النسائي (٣/ ٦٠ – القلم).
٨٠٥ – وعنه عن أبيه عن رفاعة بن رافع … بهذه القصة؛ قال:
«إذا قمت فتوجَّهت إلى القبلة؛ فكبِّر، ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، وامْدُدْ ظهرك». وقال:
«إذا سجدت فمكِّنْ لسجودك، فإذا رفعت؛ فاقعد على فَخِذِكَ اليسرى».
إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد -يعني: ابن عمرو- عن علي بن يحيى بن خلاد.
قلت: وهذا إسناد حسن.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٧٤) من طريق المصنف؛ لكن لم يقع عنده قوله: عن أبيه!
وكذلك هو في «المسند» (٤/ ٣٤٠): ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو … به.
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (٤٨٤)، لكنه قال: أحسبه عن أبيه.
ولعل الشك من محمد بن عمرو؛ فإن فيه بعض الضعف؛ ولذلك اقتصرت على تحسين حديثه. والصواب إثبات الأب؛ كما في الكتاب؛ بدليل الروايات الاخرى.
٨٠٦ – وفي رواية قال:
«إذا أنت قمت في صلاتك؛ فكبِّر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسَّر عليك من القرآن». وقال فيه:
«فإذا جلست في وسط الصلاة؛ فاطمئنَّ وافترشِ اليسرى، ثم تشَّهْد، ثم إذا قمت فمثلَ ذلك، حتى تَفْرُغَ من صلاتك».
(قلت: إسناده حسن).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن إسحاق، وهو ثقة مدلس، وقد صرح هنا بالتحديث؛ فأمنَّا تدليسه.
وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّةَ.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ١٣٣ – ١٣٤) من طريق المصنف.
٨٠٧ – وفي أخرى … فقصَّ هذا الحديث؛ قال فيه:
«فتوضَّأْ كما أمرك الله جل وعز، ثم تَشَهَّدْ فَأقِمْ، ثم كَبِّرْ؛ فإن كان معك قرآن فاقرأ به؛ وإلا فاحْمَدِ الله وكَبِّرْهُ وهَلِّلْهُ». وقال فيه:
«وإن انتقصت منه شيئًا؛ انتقصت من صلاتك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال ابن عبد البر: «هذا حديث ثابت»، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الخُتُّلِيُّ: ثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر-: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزُّرَقِيُّ عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه الطيالسي (١/ ٩٠ / ٣٩٠): حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني … به.
«حديث حسن».
وأخرجه البيهقي (٢/ ٣٨٠) من طريق المصنف والترمذي.
(تنبيه): اقتصار الترمذي على تحسين الحديث قصور ظاهر؛ فإن إسناده صحيح لا غبار عليه، لا سيما وأنه يعني بقوله: «حديث حسن»؛ أنه حسن لغيره، كما نبه عليه في آخر كتابه. وقال المنذري في «الترغيب» (١/ ١٨٤):
«قال أبو عمر بن عبد البر النَّمَرِيُّ: هذا حديث ثابت».
٨٠٨ – عن عبد الرحمن بن شِبْلٍ قال:
نهى رسول الله ﷺ عن نُقْرَة الغُرابِ، وافتراش السبع، وأن يُوَطِّنَ الرَّجُلُ المكانَ في المسجدِ كما يُوَطِّنُ البعير.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن الحكم. (ح). وثنا قتيبة: ثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل. هذا لفظ قتيبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير تميم بن محمود؛ قال البخاري: «في حديثه نظر».
وذكره العقيلي والدَّولابي وابن الجارود في «الضعفاء». وقال العقيلي:
والحديث أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٨) عن الحجاج وهاشم قالا: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب … به.
وأخرجه النسائي (١/ ١٦٧) من طريق شعيب عن الليث قال: حدثنا خالد عن ابن أبي هلال عن جعفر بن عبد الله.
فقد اختلف فيه على الليث. والصواب رواية الطيالسي؛ لمتابعة الحجاج وهاشم، وثلاثتهم ثقات.
وتابعهم يحيى بن بكير أيضًا: عند البيهقي (٢/ ١١٨).
وقد تابعه عبد الحميد بن جعفر عن أبيه … به.
أخرجه الدارمي (١/ ٣٠٣)، وابن ماجة (١/ ٤٣٧)، وابن حبان (٤٧٦)، والحاكم (١/ ٢٢٩)، والبيهقي (٢/ ١١٨)، وأحمد (٣/ ٤٢٨ و٤٤٤) من طرق عنه.
وقال الحاكم:
«حديث صحيح»! ووافقه الذهبي!
ورواه ابن خزيمة أيضًا، كما في «الترغيب» (١/ ١٨١).
لكن للحديث شاهد، يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى: أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٤٤٦ – ٤٤٧) من طريق عبد الحميد بن سلمة عن أبيه:
أن رسول الله ﷺ نهى …. الحديث.
وهذا إسناد ظاهره الإرسال؛ وفيه اختلاف ذكره الحافظ في «التهذيب»،
«قال الدارقطني: عبد الحميد بن سلمة وأبوه وجده لا يعرفون».
والفقرة الأولى من الحديث؛ لها شاهد من حديث أبي هريرة … مرفوعًا:
أخرجه أحمد وابن أبي شيبة بإسنادين عنه؛ فهو بهما حسن.
انظر «الأحكام الكبرى» لعبد الحق الإشبيلي برقم (١٣٤٨) بتحقيقي.
والفقرة الثانية؛ لها شاهد من حديث عائشة؛ وقد مضى برقم (٧٥٢).
وآخر من حديث أنس، يأتي برقم (٨٣٤).
٨٠٩ – عن سالم البَرَّاد قال:
أتينا عُقْبَةَ بن عمرو الأنصاري أبا مسعود، فقلنا له: حَدِّثنا عن صلاة رسول الله ﷺ؟
فقام بين أيدينا في المسجد، فكبَّر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفلَ من ذلك، وجافى بين مرفقيه، حتى استقر كل شيء منه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، فقام حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر وسجد، ووضع كفَّيْهِ على الأرض، ثم جَافَى بين مرفقيه، حتى استقرَّ كل شيء منه، ثم رفع رأسه فجلس، حتى استقر كلُّ شيء منه، ففعل مثل ذلك أيضًا، ثم صلَّى أربع ركعات مثل هذه الركعة، فصلى صلاته.
ثم قال:
هكذا رأينا رسول الله ﷺ يصلي.
إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سالم البَرَّاد.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير سالم البراد وهو ثقة؛ إلا أن عطاءً كان اختلط، وسمع منه جرير بعد اختلاطه، كما قال أحمد وابن معين.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ١٢٧) من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (١/ ٢٢٤) من طريقين آخرين عن جرير … به. وقال:
«حديث صحيح الإسناد، وفيه ألفاظ عزيزة؛ لإعراضهما عن عطاء بن السائب»!
كذا قال! وعطاء روى عنه جرير في الاختلاط كما سبق، وروى له البخاري حديثًا واحدًا متابعةً. ومن عادته هو أن لا يفرِّق بين من يروي له الشيخان متابعة، ومن يرويان عنه استقلالًا!
وأخرجه الطيالسي (١/ ٩٦ / ٤٢٤): حدثنا همام عن عطاء بن السائب … به.
والدارمي (١/ ٢٩٩)، وأحمد (٤/ ١١٩) -عن همام-، وأخرجه النسائي (١/ ١٥٦)، والبيهقي (٢/ ١٢١)، وأحمد (٤/ ١٢٠) -عن زائدة-، والنسائي -عن أبي الأحوص وابن عُلَيَّة-، وأحمد (٥/ ٢٧٤) -عن أبي عوانة- كلهم عن عطاء … به، وكلهم سمع منه في الاختلاط؛ إلا أن أبا عوانة سمع منه قبل الاختلاط أيضًا، فالله أعلم في أي الحالين سمع منه هذا الحديث.
ولكن الحديث صحيح؛ فإن كل ما فيه من السن قد جاء مفرقًا في أحاديث؛
وجعل أصابعه أسفل من ذلك! فإنه غريب، لم أجد حتى الآن ما يشهد له.
ولفظ زائدة: وجعل أصابعه من وراء ركبتيه.
ولفظ همام عند أحمد: وفَصَلَتْ أصابِعهُ على ساقيه.
وهذا كناية عن التفريج بين الأصابع؛ وذلك ما صرحت به روايته عند الطيالسي بلفظ: وفرج بين أصابعه.
وهو بهذا اللفظ؛ له شاهد عن وائل بن حجر:
أن النبي ﷺ كان إذا ركع؛ فرَّج بين أصابعه.
أخرجه الحاكم (١/ ٢٢٤)، وقال:
«صحيح على شرط مسلم». ووافقه الذهبي.
١٤٩ – باب قول النبي ﷺ: «كل صلاة لا يتمُّها صاحبها؛ تُتَمُّ من تَطَوُّعِهِ»
٨١٠ – عن أنس بن حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ قال:
خاف من زياد -أو ابن زياد-، فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة، قال: فنسَّبني فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدِّثك حديثًا؟ ! قال: قلت: بلى رحمك الله! -قال يونس: أحسبه ذكره عن النبي ﷺ قال:
“إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاةُ؛ -قال: –
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وابن عبد البر وحسَّنه الترمذي).
إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا إسماعيل: ثنا يونس عن الحسن عن أنس بن حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أنس بن حكيم الضبي؛ وهو مجهول، كما قال ابن القطان وغيره. وذكر في ترجمته من «التهذيب» أنه اختلف فيه على الحسن على وجوه ذكرها؛ منها الوجه الآتي في الكتاب عقب هذا.
والحديث أخرجه البيهقي (٢/ ٣٨٦)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٢٤/ ٨٠) -وصححه- من طريق المصنف.
وأخرجه الحاكم (١/ ٢٦٢)، وعنه البيهقي من طريق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقِي … به، وقال:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد (٢/ ٤٢٥): ثنا إسماعيل … به.
وتابعه علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي … به مرفوعًا مختصرًا؛ ولم يشكَّ.
وعلي بن زيد: هو ابن جُدْعان؛ وفيه ضعف، فلا بأس فيه في المتابعات.
ورواه قتادة عن الحسن فقال: عن حُرَيْثِ بن قَبِيصَةَ قال:
قدمت المدينة، فقلت: اللهم! يَسِّرْ لي جليسًا صالحًا! قال: فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسًا صالحًا، فحدِّثني بحديث سمعته من رسول الله ﷺ؛ لعل الله أن ينفعني به! فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول … فذكره.
أخرجه النسائي (١/ ٨١)، والترمذي (١/ ٢٦٩ – ٢٧٠)، وقال النسائي:
«خالفه أبو العوام …»، ثم ساق من طريقه عن قتادة عن الحسن بن زياد عن أبي رافع عن أبي هريرة … مرفوعًا به.
قلت: وأبو العوام: اسمه عمران بن دَاوَر؛ وهو صدوق يهم؛ فرواية همام -وهو ابن يحيى بن دينار- أصح؛ لأنه أوثق منه، احتج به الشيخان. وقال الترمذي:
«حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي هريرة».
ومن وجوه الاضطراب التي أشار إليها ابن حجر آنفًا: رواية حُمَيْد عن الحسن عن رجل عن أبي هريرة؛ وهو الوجه الآتي:
٨١١ – وفي رواية عن رجل من بني سُلَيْطٍ عن أبي هريرة عن النبيِّ ﷺ … بنحوه.
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن الحسن عن رجل من بني سُلَيْطٍ.
وعلى كل حال؛ فالحديث قد اضطرب فيه الرواة على الحسن البصري، كما رأيت، وبه أعله الحافظ في «التهذيب». لكن متابعة علي بن زيد له على الوجه الأول -كما سبق- لعله يرجِّحه. وكيفما كان الأمر؛ فالسند ضعيف؛ إما بجهالة أنس بن حكيم إن رجحنا روايته، وإما بالاضطراب.
لكن الحديث صحيح؛ فإن له طريقًا أخرى صحيحة لا اضطراب فيها عن أبي هريرة، يأتي قريبًا، وشاهدًا من حديث تميم الداري، وهو المذكور في الكتاب بعده.
والحديث أخرجه ابن ماجة (١/ ٤٣٦) من طريق عفان: ثنا حماد … به، دون قوله: من بني سليط.
وهكذا رواه أبو الأشهب عن الحسن … به: أخرجه الطيالسي (١/ ٦٨ / ٢٦٤)، وزاد في آخره:
قال أبو داود: «سمعت شيخًا من المسجد الحرام يحدث بهذا الحديث، فقال الحسن وهو في مجلس أبي هريرة -لما حدث هذا الحديث-: والله؛ لهذا لابن آدم خير من الدنيا وما فيها».
وهذا سند ضعيف أيضًا؛ لجهالة شيخ أبي داود. ولو صح؛ لكان نصًّا في سماع الحسن من أبي هريرة لهذا الحديث، وقد صح عنه أنه قال: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث -لحديث آخر ذكره-. انظر ترجمته من «التهذيب».
ثم رأيته في «المعجم الأوسط» (٢/ ١٨٠ / ١ – ٢) بسند ضعيف عن الحسن عن أبي هريرة … به.
«أول ما يحاسب به العبد: صلاته، فإن كان أكملها؛ وإلا قال الله عز وجل: انظروا لعبدي من تطوع؛ فإن وجد له تطوع قال: أكملوا به الفريضة».
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
ولطرفه الأول شاهد من حديث ابن مسعود … مرفوعًا:
«أول ما يحاسب به العبد: الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس: الدماء».
أخرجه النسائي (٢/ ١٦٣) بسند حسن في الشواهد، وشطره الثاني في «الصحيحين».
٨١٢ – عن تَمِيمٍ الدارِيِّ عن النبي ﷺ … بهذا المعنى؛ قال:
«ثُمَّ الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الدارمي أيضًا).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زُرَارةَ ابن أوفى عن تميم الداري.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٢٦٢ – ٢٦٣)، وعنه البيهقي (٢/ ٣٨٧) من طريقين آخرين عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة … به.
وقيل للدارمي: صح هذا؟ قال: إي. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم». ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي من طريق يزيد بن هارون: أبَنا داود بن أبي هند … به موقوفًا على تميم، وقال:
«ووقفه كذلك: سفيان الثوري وحفص بن غياث عن داود بن أبي هند. ورواه يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ … بمعنى حديث تميم الداري عن النبي ﷺ في الصلاة والزكاة، وأتم منه»!
قلت: الموقوف هنا لا يعل الرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي؛ فهو في حكم المرفوع.
تفريع أبواب الركوع والسجود