٢٦٠٠/ ٢ – عن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – قال:
«ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم، وهو مسؤول عنهم، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده، وهو مسؤول عنه، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري، وكذا مسلم كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري في «الأحكام» (٧١٣٨) من طريق أخرى عن مالك … به،
وكذلك أخرجه في «الأدب المفرد» (٢٠٦).
وتابعه سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار … به.
أخرجه أحمد (٢/ ١١١).
أخرجه البخاري (٢٥٥٤ و٥١٨٨ و٥٢٠٠)، و«الأدب» أيضًا (٢١٢)، ومسلم (٦/ ٧ – ٨)، والترمذي (١٥٠٧) – وقال:
«حديث حسن صحيح» -، وأحمد (٢/ ٥ و٥٤).
وتابعه سالم عنه.
رواه البخاري (٨٩٣ و٢٤٠٩ و٢٥٥٨ و٢٧٥١)، ومسلم أيضًا، وأحمد (٢/ ١٢١)، يزيد بعضهم على بعض.
٢ – باب ما جاء في طلب الإمارة
٢٦٠١ – عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ قال: قال لي النبي – صلي الله عليه وسلم -:
«يا عبد الرحمن بن سَمُرَةَ! لا تسألِ الإمارة؛ فإنك إذا أُعْطِيتَها عن مسألة؛ وُكِلْتَ فيها إلى نفسك، وإن أُعْطِيتَهَا عن غير مسألة؛ أُعِنْتَ عليها».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في «صحاحهم». وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاحِ البَزَّازُ: ثنا هُشَيْمٌ: أخبرنا يونس ومنصور عن الحسن عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٥)، وأبو عوانة (٤/ ٤٠٥ – ٤٠٨) من طرق أخرى عن هشيم … به، وقرنا – مع يونس ومنصور -: هشامَ بنَ حسان.
وقد ذكر الحافظ روايات أخرى بالتحديث وخرجها، وفاتته رواية مسلم! فانظر «فتح الباري» (١١/ ٦١٦).
والحديث مخرج في «إرواء الغليل» (٢٦٠١) بمصادر أخرى؛ منها «المنتقى» لابن الجارود رحمه الله تعالى، وجميعهم رووا عنه به حديث:
«إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها؛ فَأْت الذي هو خير، وكَفِّرْ عن يمينك».
ومنهم من وصله بحديث الباب – كالبخاري والترمذي وغيرهما -، ومنهم من فصله – كمسلم وغيره -، ومنهم المؤلف رحمه الله تعالى، وقد رواه بهذا الإسناد، وسيأتي إن شَاء الله تعالى في «الأيمان والنذور» [١٧ – باب الرجل يكفر قبل أن يحنث]، وهو مخرج في «الإرواء» أيضًا (٧/ ١٦٧).
٣ – باب في الضَّرِيرِ يُوَلَّى
٢٦٠٢ – عن أنس:
أن النبي – صلي الله عليه وسلم – استخلف ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ على المدينة مَرَّتَيْنِ.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان، ومضى برقم (٦٠٨».
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله المُخَرِّمِي: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا عمران القَطَّان؛ عن قتادة عن أنس.
ومحمد بن عبد الله: هو ابن المبارك القُرَشِيّ المُخَرِّمي، وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري.
والحديث تقدم في «الصلاة» برقم (٦٠٨) عن شيخ آخر مع تخريجه، فلا نعيد الكلام فيه.
٤ – باب في اتخاذ الوزير
٢٦٠٣ – عن عائشة قالت: قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -:
«إذا أراد الله بالأمير خيرًا؛ جَعَلَ له وَزِيرَ صِدْقٍ: إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وإن ذَكرَ أعَانَهُ. وإذا أراد به غَيْرَ ذلك؛ جَعَلَ له وَزيرَ سُوءٍ: إن نَسِيَ لم يُذَكرْهُ، وإن ذَكرَ لم يُعِنْهُ».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا موسى بن عامر المُريُّ: ثنا الوليد: ثنا زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير زهير بن محمد – وهو أبو المنذر الخراساني -، وهو ضعيف في رواية الشاميين عنه، وهذه منها؛ فإن الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، وهو ممن كان يدلِّس تدليس التسوية.
وموسى بن عامر المُرِّيُّ صدوق له أوهام، كما في «التقريب»، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (١٥٥١ – موارد) – عن موسى بن مروان الرَّقِّي -،
وتابعه ابن أبي حسين عن القاسم بن محمد … به نحوه؛ دون الشطر الثاني منه: أخرجه النسائي والبيهقي، وهو مخرج في «الصحيحة» (٤٨٩).
وتابعه عبد الرحمن بن أبي بكر قال: أخبرني القاسم بن محمد … به: أخرجه أحمد (٦/ ٧٠).
٥ – باب في العرافة
٦ – باب في اتخاذ الكاتب
[ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٧ – باب في السِّعَايَةِ على الصدقة
٢٦٠٤ – عن رافع بن خَدِيجٍ قال: سمعت رسول الله – صلي الله عليه وسلم – يقول:
«العامل على الصدقة؛ كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته».
(قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن إبراهيم الأَسْبَاطِي: ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لَبِيد عن رافع بن خَدِيجٍ.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا
والحديث أخرجه الترمذي (٦٤٥)، وابن ماجه (١٨٠٩)، وابن خزيمة (٢٣٣٤)، والحاكم (١/ ٤٠٦)، ومن طريقه البيهقي (٧/ ١٦)، وأحمد (٣/ ٤٦٥)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٤٢٩٨ و٤٣٠٠) من طرق عن ابن إسحاق … به.
وقال الترمذي:
«حديث حسن»؛ أي: لغيره. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
وإنما هو حسن؛ لما ذكرنا.
وقد أخرجه أحمد (٤/ ٤٣) من طريق أخرى صحيحة عن ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر … به.
وهذا سند حسن، وله شاهد ذكرته في «التعليق الرغيب» (١/ ٢٧٥). وبه يرتقي الحديث إلى الصحة؛ إن شاء الله تعالى.
٨ – باب في الخليفة يَسْتَخْلِفُ
٢٦٠٥ – عن ابن عمر قال: قال عمر:
إن لا أستخلفْ؛ فإن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – لم يستخلف. وإن أستخلفْ؛ فإن أبا بكر قد استخلف.
قال: فوالله ما هو إلا أن ذَكَرَ رسولَ الله ﷺ وأبا بكر، فعلمت أنه لا يَعْدِلُ برسول الله – صلي الله عليه وسلم – أحدًا، وأنه غير مُسْتَخْلِفٍ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في
إسناده: حدثنا محمد بن داود بن سفيان وسلمة قالا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط، للشيخين؛ غير سلمة – وهو ابن شبيب النيسابوري – فإنه من رجال وشيوخ مسلم وحده؛ وقد أخرجه عن غيره كما يأتي.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٥/ ٤٤٨) … بإسناده؛ مع زيادة على متنه في أوله.
وكذلك رواه أحمد (١/ ٤٧) عنه.
ومسلم (٦/ ٥)، وأبو عوانة (٤/ ٤٠٣ – ٤٠٤)، والبيهقي (٨/ ١٤٨ – ١٤٩) من طرق عنه.
وأخرجه الترمذي (٢٢٢٦) من طريق أخرى عن عبد الرزاق … به كرواية المؤلف؛ دون قوله: فو الله … وقال:
«وفي الحديث قصة، وهذا حديث صحيح. وقد روي من غير وجه عن ابن عمر».
قلت: من ذلك: طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر … به: أخرجه البخاري (٧٢١٨)، ومسلم وأبو عوانة والبيهقي وأحمد (١/ ٤٣)؛ وليس عنده – ولا البخاري – قوله: فو الله …
٢٦٠٦ – عن ابن عمر قال:
كنَّا نبايع النبي – صلي الله عليه وسلم – على السمع والطاعة، ويلقِّننا: «فيما استطعت».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى». وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حفص بن عمر – وهو الحوضي -، فإنه على شرط البخاري، وقد توبع عنده وعند غيره كما يأتي.
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٨٨٠) قال: حدثنا شعبة … به.
وقال أحمد (٢/ ٩)، والحميدي في «مسنده» (٢/ ٢٨٥/ ٦٤٠): ثنا سفيان عن عبد لله بن دينار … به.
وسندهما ثلاثي.
وقال مالك في «الموطأ» (٣/ ١٤٧): عن عبد الله بن دينار … به.
وعنه وعن غيره: أخرجه البخاري (٧٢٠٢)، ومسلم (٦/ ٢٩)، وأبو عوانة (٤/ ٤٩٥)، والترمذي (١٥٩٣) – وقال: «حسن صحيح» -، والنسائي (٢/ ١٨٤)، وابن الجارود (١٠٩٦)، والبيهقي (٨/ ١٤٥)، وأحمد أيضًا (٢/ ٨١ و١٠١ و١٣٩).
وله شاهد – عنده وعند الشيخين وغيرهما – من حديث جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ.
وهو في «الإيمان» من «صحيح مسلم» (١/ ٥٤).
٢٦٠٧ – عن عروة:
أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء، قالت:
ما مسَّ رسولُ الله ﷺ يَدَ امرأةٍ قَطُّ، إلا أَنْ يَأْخُذَ عليها، فإذا أَخَذَ عليها فأعْطَتْهُ؟ قال:
«اذهبي؛ فقد بايعتك».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بنحوه، ومسلم وأبو عوانة بلفظه).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري؛ وهو من شيوخه الحفاظ؛ وقد أخرجه من غير طريقه بنحوه.
والحديث أخرجه مسلم (٦/ ٢٩)، وأبو عوانه (٤/ ٤٩٦) من طرق أخرى عن ابن وهب … به.
والبخاري (٢٥٨٨)، ومسلم أيضًا، وأبو عوانة وابن ماجه (٢٨٧٥)، والبيهقي (٨/ ١٤٧ – ١٤٨)، وأحمد أيضًا (٦/ ١٥٣ و٢٧٠) من طرق أخرى عن الزهري … به نحوه.
وعزاه المنذري في «مختصره» (٤/ ٢٠٠) للنسائي أيضًا!
وإنما هو في «الكبرى» له. والله سبحانه وتعالى أعلم.
٢٦٠٨ – عن أبي عَقِيلٍ زُهْرَةَ بن مَعْبَدٍ عن جده عبد الله بن هشام – وكان قد أدرك النبي – صلي الله عليه وسلم -، وذهبت أمُّه زينب بنت حميد إلى رسول الله – صلي الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! بايعه! فقال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -:
«هو صغير»؛ فمسح رأسه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو عَقِيلٍ زهرة بن معبد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ سوى زهرة بن معبد، فهو من رجال البخاري فقط؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٣٣): ثنا عبد الله بن يزيد … به.
ومن هذا الوجه أخرجه البخاري (٧٢١٠)، والبيهقي (٨/ ١٤٨).
٢٦٠٩ – عن بُريدَةَ عن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال:
«من استعملناه على عمل، فرزَقَناه رِزْقًا؛ فما أَخَذَ بعد ذلك؛ فهو غُلُولٌ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا زيد بن أَخْزَمَ أبو طالب: ثنا أبو عاصم عن عبد الوارث بن سعيد عن حسين المُعَلِّم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو على شرطهما، وقد صُحِّحَ كذلك كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (١/ ٣٥٥)، وعنه البيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ٣٥٥) من طريق أخرى عن أبي عاصم … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
٢٦١٠ – عن ابن الساعدي قال:
استعملني عُمَرُ على الصدقة، فلما فرغتُ؛ أَمَرَ لي بعُمالةٍ، فقلت: إنما عَمِلْتُ لله!
قال: خُذْ ما أُعْطِيتَ؛ فإني قد عَمِلْتُ على عهد رسول الله – صلي الله عليه وسلم -؛ فَعَمَّلني.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وتقدم في «الزكاة» (١٤٥٣) بإسناده ومتنه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٥٤) من طريق المؤلف.
وقد مضى في «الزكاة» (١٤٥٣) بإسناده ومتنه وتخريجه.
٢٦١١ – عن المُسْتَوْرِدِ بن شَدَّاد قال: سمعت النبي – صلي الله عليه وسلم – يقول:
«من كان لنا عاملًا؛ فَلْيَكتَسِبْ زَوْجَةً، فإن لم يكن له خادمٌ، فليكتسبْ خادمًا، فإن لم يكن له مسكن، فَلْيَكْتَسِبْ مسكنًا».
قال: قال أبو بكر: أُخْبِرْتُ أن النبي ﷺ قال:
«مَنِ اتَّخَذَ غير ذلك، فهو غَالٌّ أو سارقٌ».
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا موسى بن مروان الرَّقِّيْ ثنا المعَافَى: ثنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن المستورد بن شداد.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد أُعِلَّ بما لا يقدح في صحة الحديث كما يأتي بيانه.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٥٥) من طريق المؤلف.
ثم أخرجه من طريق الحاكم، وهذا في «المستدرك» (١/ ٤٠٦) … بإسناده عن محمد بن عبد الله بن عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ: ثنا المُعَافَى بن عمران … فذكره؛ إلا أنه قال: عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفَيْرٍ عن المستورد. وقال في آخره: –
»صحيح على شرط البخاري«! ووافقه الذهبي!
وأقول: الحارث بن يزيد – هنا -: هو الحضرمي، وهو الذي يروي عنه الأوزاعي، ولم يرو له البخاري؛ وإنما مسلم. والذي روى له الشيخان؛ إنما هو الحارث بن يزيد العُكْلِيُّ التيمي، وليس هو راويَ هذا الحديث، فهو صحيح فقط؛ ليس على شرط أحدهما.
ثم أن الظاهر مما سبق: أن ابن عمار الموصلي – وهو تقة حافظ – هو الذي خالف شيخ المؤلف موسى بن مروان الرّقي في إسناده، وأن الخطأ من موسى هذا!
وليس الأمر كذلك؛ فقد ذكر الحفاظ أن الخطأ من المؤلف نفسه عليه؛ قال الحافظ المزي في»التحفة«(٨/ ٣٧٧) – وقد ساق الحديث -:
»رواه جعفر بن محمد الفريابي عن موسى بن مروان فقال: عن عبد الرحمن بن جبير«.. بدل: جبير بن نفير. وهو أشبه بالصواب».
وأقرَّه الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (١/ ٤٢١ – آل عمران).
وجزم بذلك الذهبي في «الرد على ابن القطان» رقم (٥٩)؛ فراجعه إن شئت.
وقد رواه النسائي أيضًا في «كتاب الجهاد» – كما في «النكت الظراف» للعسقلاني – من رواية ابن الأحمر: عن يحيى بن مَخْلَدٍ عن موسى بن مروان … مثل رواية الفريابي.
ومما يؤيدها: قول ابن لهيعة: ثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير:
أنه كان في مجلس فيه المستورد بن شداد … فسمع المستورد يقول … فذكره.
أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٩)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في «الأموال» (٢٦٥/ ٦٥٢ و٦٥٣)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (٢٦١) – وليس عنده: عبد الله بن هبيرة -؛ أخرجوه من طرق عنه.
وابن لهيعة – وإن كان ضعيفًا من قِبَلِ حفظه -، فهو صدوق يُستَشْهدُ به. والله أعلم.
(تنبيه): عبد الرحمن بن جبير؛ هكذا وقع في رواية ابن لهيعة في كل الطرق عنه: في «مسند أحمد» وغيره. وذكر الحافظ في «النكت» أنه عند أحمد: عبد الرحمن بن جبير بن نفير؛ بزيادة: ابن نفير! وقال:
«إن ذكر»نفير«في هذا الإسناد غلط؛ فإن الذي جده (نفير) شامي، وصاحب هذا الحديث مصري، والمستورد أيضًا مصري».
فأقول: نعم هو خطأ بلا شك؛ لكن ليس هو في «مسند أحمد»! وهو المتبادر عند إطلاق العزو إليه، ولذلك أضاف محققه الفاضل عبد الصمد شرف الدين بيانًا من عنده قوله: «في»مسنده«(ج ٤/ ص ٢٢٩)»!
فوافق الحافظ في عزوه الخطأ إلى أحمد؛ فإنه ليس في الصفحة التي أشار إليها زيادة: (نفير) إطلاقًا، ولا عند غير أحمد أيضًا ممن ذكرنا. والله أعلم.
ثم رأيت ابن خزيمة قد أخرج الحديث في «صحيحه» (٢٣٧٠) من طريق أخرى عن ابن عمران الموصلي … به مثل رواية ابن عمار الحافظ. وقال ابن خزيمة – في تفسير قوله في آخر الحديث: قال أبو بكر … -:
«يعني: المعافى …».
«يشبه أن يكون أبا بكر الصديق رضي الله عنه»!
١١ – باب في هدايا العمال
٢٦١٢ – عن أبي حُمَيْدٍ الساعدي:
أن النبي – صلي الله عليه وسلم – استعمل رجلًا من الأزد، يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة – قال ابن السرح: ابن الأُتبية – على الصدقة، فجاء فقال: هذا لكم، وهذا أهدي لي. فقام النبي – صلي الله عليه وسلم – على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
«ما بال العامل نبعثه، فَيَجِيءُ فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي؟ ألا جلس في بيت أمِّه أو أبيه، فينظرَ أيهدى له أم لا؟ ! لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك، إلا جاء به يوم القيامة؛ إن كان بعيرًا [فله] رغاء، أو بقرة فلها خُوارٌ، أو شاة تَيْعَرُ».
ثم رفع يديه – حتى رأينا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ – ثم قال:
«اللهم! هل بَلَّغْتُ؟ اللهم! هل بَلَّغْتُ؟».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا ابن السرح وابن أبي خلف – لفظه – قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن السرح
والحديث أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٣)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٤٩٤)، والحميدي (٢/ ٣٧٠/ ٤٨٠) قالوا: ثنا سفيان … به.
وأخرجه البخاري (٥/ ٢٢٠/ ٢٥٩٧ و١٣/ ١٦٤/ ٧١٧٤)، ومسلم (٦/ ١١) من طرق أخرى عن سفيان … به.
ثم أخرجه البخاري (١٥٠٠ و٦٦٣٦ و٦٩٧٩)، ومسلم أيضًا، والدارمي (١/ ٣٩٤ و٢/ ٢٣٢)، وأبو عبيد في «الأموال» (٤٦٥/ ٦٥٤) من طرق أخرى عن الزهري … به.
وابن أبي شيبة أيضًا (١٢/ ٤٩٣)، وعبد الرزاق (٤/ ٥٤ و٥٥).
١٢ – باب في غُلُولِ الصدقة
٢٦١٣ – عن أبي مسعود الأنصاري قال:
بعثني النبيُّ ﷺ ساعيًا، ثم قال:
«انطلق أبا مسعود! ولا أُلْفِيَنَّكَ يوم القيامة تَجِيءُ؛ على ظهرك بعيرٌ من إبل الصدقة له رُغَاءٌ قد غَلَلْتَهُ».
قال: إذًا لا أَنْطَلِقُ.
قال: «إذًا لا أُكْرِهُكَ».
(قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: «حسن»).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي الجهم – واسمه: سليمان بن الجهم -، وهو ثقة كما في «التقريب».
والحديث قال المنذري في «مختصر السنن» (٤/ ٢٠٣).
«حسن».
١٣ – باب فيما يَلْزَمُ الإمامَ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ والحجَبة عنه
٢٦١٤ – عن أبي مريم الأَزْدِيِّ قال:
دخلت على معاوية فقال: ما أنْعَمَنا بك أبا فلان! – وهي كلمة تقولها العرب – فقلت: حديثًا سمعته أخبرك به، سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«مَنْ وَلاه الله شيئًا من أمر المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخَلَّتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخَلَّتِهِ وفقره».
قال: فجعل رجلًا على حوائج الناس.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي: ثنا يحيى بن حمزة: حدثني ابن أبي مريم أن القاسم بن مُخَيْمِرَةَ أخبره أن أبا مريم الأزدي أخبره قال …
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير القاسم بن مُخَيْمرة، فمن رجال مسلم؛ وأخرج له البخاري تعليقًا.
(*) عن أبي هريرة: قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -:
«ما أُوتيكم من شيء وما أمنعكموه! إنْ أنا إلا خازنٌ؛ أَضَعُ حيثُ أمِرتُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه البخاري في «صحيحه» بسند آخر عنه).
إسناده: حدثنا سَلَمَةُ بن شَبِيبٍ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَرٌ عن هَمّامِ بن مُنَبِّهٍ قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سلمة بن شبيب، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع.
والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٣١٢ و٣١٤): ثنا عبد الرزاق بن همام … به.
وأخرجه البخاري (٦/ ٢١٧/ ٣١١٧) من طريق فُلَيْحٍ: حدثنا هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة … به.
ورواه البغوي في «شرح السنة» (١١/ ٩٤ – ٩٦) من طريق أحمد بن يوسف السُّلَمِيِّ: نا عبد الرزاق … به.
وعزاه للشيخين من هذا الوجه!
وهو وهم؛ فمسلم لم يروه مطلقًا، والبخاري رواه من الوجه الآخر.
ذكر عمرُ بن الخطاب – يومًا – الفَيْءَ، فقال:
ما أنا بأحقَّ بهذا الفيْءِ منكم، وما أحدّ منا بأحقَّ به من أَحَدٍ؛ إلَّا أنَّا على منازلنا من كتاب الله عز وجل، وقَسْمِ رسول الله ﷺ: الرَّجُلُ وقِدَمُهُ، والرَّجُلُ وبَلاؤُهُ، والرَّجُلُ وعيالُهُ، والرَّجُلُ وحاجتُهُ.
(قلت: حديثه حسن موقوف، قال أبو عبيد: «هو مشهور عن عمر، وجاء عنه الرجوع عنه إلى التسوية». ورواه الضياء في «المختارة»).
إسناده: حَدَّثَنَا النفيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن مالك بن أوس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكن له شاهد يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وأما الشيخ أحمد شاكر؛ فصححه في تعليقه على «المسند» (١/ ٢٨١)؛ ذهابًا منه إلى عدم الاعتداد بالكلام الذي فيه!
ونحن نرى رأيه؛ إلَّا فيما قيل فيه من التدليس؛ فهو مقبول، فنردُّ حديثه المعنعن. والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤٦)، والضياء المقدسي في «المختارة» (٢٦٢) من طريق المؤلف.
وأخرجه أحمد (١/ ٤٢) من طريق أخرى عن محمد بن إسحاق … به.
لما توفي رسول الله ﷺ … الحديث مطولًا، وفيه: كان لأبي بكر رضي الله عنه في هذا المال رأي، ولي رأي آخر: رأى أبو بكر أن يقسم بالسَّوِيَّة، ورأيت أن أُفَضِّلَ المهاجرين والأنصار، ولا أَجْعَلُ مَنْ قاتل رسول الله ﷺ كمن قَاتل معه، ففضَّل المهاجرين والأنصار، فجعل لمن شهد بدرًا منهم خمسة آلاف … وللناس على قدر إسلامهم ومنازلهم .. الحديث.
رواه الطحاوي في «شرح المعاني» (٢/ ١٨٠ – ١٨١).
وسنده مرسل ضعيف.
ورواه البزار (٢/ ٢٩٢/ ١٧٣٦).
وأعلَّه الهيثمي (٦/ ٦) بأبي معشر فقط!
ورواه البيهقي (٦/ ٣٥٠) من هذا الوجه؛ لكنه قال: «عمر مولى غفرة وغيره».
وروى أبو عبيد في «الأموال» (٢٢٣ – ٢٣٢) آثارًا كثيرة يشهد مجموعها لأثر ابن إسحاق هذا. ولذلك قال أبو عبيد رحمه الله (ص ٢٦٤):
«وقد كان رأيُ عمرَ الأولُ التفضيلَ على السوابق والغَنَاءِ عن الإسلام، وهذا هو المشهور من رأيه، وكان رأي أبي بكر التسوية. ثم قد جاء عن عمر شيء شبيه بالرجوع إلى رأي أبي بكر».
ثم روى (٢٦٣) بسند صحيح عن عمر خطبته بـ (الجابية) قال:
أما بعد؛ فإن هذا الفَيْءَ شَيْءٌ أفاءَه اللهُ عليكم؛ الرفيعُ فيه بمنزلة الوضيع … إلخ.
وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر يقول:
وسنده حسن.
وذكر عن شيخه عبد الرَّحمن بن مهدي قال: بيانًا واحدًا؛ أي: شيئًا واحدًا.
١٤ – باب في قَسْمِ الفَيْءِ
٢٦١٥ – عن زيد بن أسلم:
أن عبد الله بن عمر دخل على معاوية، فقال: حَاجَتَكَ يا أبا عبد الرَّحمن!
فقال:
عطاءُ المُحَرَّرِينَ، فإني رأيت رسول الله ﷺ: أَوَّلَ ما جاءه شيءٌ – بدأ بالمُحَرَّرِيِنَ.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حَدَّثَنَا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي: ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم.
قلت: إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على خلاف في هشام معروفٍ لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤٩) من طريق عبد الله بن نافع: ثنا هشام بن سعد … به.
أن النَّبِيّ ﷺ أتي بِظَبْيَةٍ فيها خَرَزٌ، فَقَسَمهَا للحُرَّةِ والأَمَةِ.
قالت عائشة: كان أبي رضي الله عنه يَقْسِمُ للحُرِّ والعَبْدِ.
(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن نيار عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وعيسى: هو ابن يونس، وقد توبع.
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٤٣٥): حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب … به.
وأخرجه أحمد (٦/ ١٥٦ و١٥٩ و٢٣٨)، والحاكم (٢/ ١٣٧)، والبيهقي (٦/ ٣٤٧)، وأبو عبيد في «الأموال» (٢٤٢/ ٦٠٣)، وكذا ابن زنجويه (٢/ ٥٤٠/ ٨٨٤) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي.
٢٦١٧ – عن عوف بن مالك:
أن رسول الله ﷺ كان إذا أتاه الفيء؛ قَسَمَهُ في يومه؛ فأعطى الآهِلَ حَظَّيْن، وأعطى العَزَبَ حَظًّا، (زاد ابن المُصَفَّى: فدُعِينا)، – وكنت أُدْعى قَبْلَ عَمَّارٍ -، فأعطاني حَظَّيْن، وكان لي أهل، ثم دعا بعدي عَمَّارَ بْنَ ياسرٍ، فأعطى له حَظًّا واحدًا.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وحسَّنه
إسناده: حَدَّثَنَا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن المبارك. وثنا ابن المُصَفَّى قال: ثنا أبو الغيرة – جميعًا – عن صفوان بن عمرو عن عبد الرَّحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن أبيه عن عوف بن مالك.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وهو على شرط مسلم من الطريق الأولى عن صفوان.
والحديث أخرجه ابن حبان (١٦٧٣ – موارد)، وأحمد (٦/ ٢٩) من طريق ابن المبارك … دون زيادة ابن المصفى.
وكذلك أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في «الأموال» (٢٤١/ ٥٩٩)، والحاكم (٢/ ١٤٠)، والبيهقي (٦/ ٣٤٦)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١٨/ ٨٠) من طرق أخرى عن صفوان … به.
ثم رواه أحمد (٦/ ٢٥): ثنا أبو المغيرة قال: ثنا صفوان … به؛ وزاد:
فبقيت قطعةُ سلسلةٍ من ذهب، فجعل النَّبِيّ ﷺ يرفعها بِطَرَفِ عصاه، فتسقط، ثم رفعها وهو يقول:
«كيف أنتم يَوْمَ يَكْثرُ لكم من هذا؟ !».
وأخرجه الطبراني من هذا الوجه؛ وزاد:
فلم يُجِبْهُ أحد، فقال عمار بن ياسر: ودَدْنا – والله – لو أكثر لنا! فصبر من صبر، وفتن من فتن، فقال له رسول الله ﷺ:
«لعلك تكون فيه شَرَّ مفتون».
«رواه الطبراني، ورجاله رجال»الصحيح«، ومتنه منكر؛ فإن النَّبِيّ ﷺ لا يقول ذلك لرجل من أهل بدر. والله أعلم».
قلت: وفي رواية أخرى للطبراني من طريق معاوية بن صالح: حدثني عبد الرَّحمن بن جبير بن نفير … به نحوه، وفيه:
فقال رجل من أصحاب رسول الله ﷺ …
وهذه أَوْلى من الأُولى. والله أعلم.
والحديث قال أحمد:
«حديث حسن». كذا في «الفتاوى» لابن تيمية (٤/ …).
١٥ – باب في أرزاق الذُّرِّيَّةِ
٢٦١٨ – عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله ﷺ يقول:
«أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ من ترك مالًا؛ فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضَياعًا؛ فإليّ وعليّ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن جعفر عن أبيه عن جابر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
وهو طرف حديث خرجته في «إرواء الغليل» (٦٠٨ و٥/ ٢٤٩)، و«أحكام الجنائز» (ص ١٨).
٢٦١٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«من ترك مالًا؛ فلورثته، ومن ترك كَلًّا؛ فإلينا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حَدَّثَنَا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عَدِي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، غير حفص بن عمر – وهو الحَوْضِيُّ -، فهو على شرط مسلم.
والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة في حديث له، خرجته في «أحكام الجنائز» (٨٦)، و«الإرواء» (١٤٣٣).
٢٦٢٠ – عن جابر بن عبد الله عن النَّبِيّ ﷺ: كان يقول:
«أنا أولى بكل مؤمن من نفسه؛ فأيما رجل مات وترك دينًا؛ فإليَّ، ومن ترك مالًا؛ فلورثته».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وله إسناد آخر تقدم قريبًا، وصححه ابن حبان).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث في «مسند أحمد» (٣/ ٢٩٦) … بإسناده ومتنه، وهو عنده أتم.
وكذلك هو في «مصنف عبد الرزاق» (٨/ ٢٨٩ – ٢٩٠). وعزاه المعلق عليه للشيخين!
وهو من أوهامه؛ وإنما أخرجاه عن أبي هريرة كما تقدم قريبًا.
ورواه آخرون، وهو مخرج في «الإرواء» (١٤١٦).
١٦ – باب متى يُفرضُ للرجل في المقاتلة؟
٢٦٢١ – عن ابن عمر:
أنَّ النَّبِيَّ ﷺ عُرِضَهُ يومَ أُحُدٍ وهو ابنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ؛ فلم يُجِزْهُ، وعُرِضَهُ يَوْمَ الخندقِ وهو ابنُ خمسَ عَشْرَةَ؛ فأجازه.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرني نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي (*).
والحديث في «المسند» (٢/ ١٧) … إسنادًا ومتنًا.
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. انظر «الضعيف»)]
١٨ – باب في تدوين العطاء
٢٦٢٢ – عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري:
أن جيشًا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم، وكان عمَرُ يُعْقِبُ الجيوش في كلّ عام، فَشُغِلَ عنهم عمر. فلما مَرَّ الأجلُ؛ قَفَلَ أهل ذلك الثَّغْر، فاشتدَّ عليهم وتواعَدَ هم، وهم أصحاب رسول الله ﷺ، فقالوا: يا عمر! إنك غَفَلْتَ عَنَّا، وتركت فينا الذي أمر به رسول الله ﷺ من إعقاب بعض الغَزِيَّةِ بعضًا.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود).
إسناده حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل: ثنا إبراهيم – يعني ابن سعد -: ثنا ابن شهاب عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وظاهره الإرسال؛ لأنَّ عبد الله بن كعب تابعي، لكن في «التهذيب» عن البخاري: أنه روى عن عمر رضي الله عنه، فالظاهر أنه أدرك القصة. والله أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي في «سننه» (٩/ ٢٩) من طريق المؤلف.
وابن الجارود في «المنتقى» (١٠٩٥) من طريق أخرى عن إبراهيم بن سعد.
«إن الله وَضَعَ الحقَّ على لسانِ عُمَرَ؛ يقول به».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن غُضَيْفِ بن الحارث عن أبي ذر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة مكحول وابن إسحاق، وهما مدلسان، لكنهما قد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (٣/ ٨٦ – ٨٧) من طريق أبي خالد الأحمر عن هشام بن الغاز وابن عجلان ومحمد بن إسحاق عن مكحول … به؛ وفيه قصة. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط الشيخين»! وقال الذهبي:
«على شرط مسلم»!
وأقول: كلّ ذلك وهم؛ فإن غُضَيْفًا لَمْ يخرج له الشيخان؛ إلَّا البخاري في «الأدب الفرد».
والثلاثة الذين دونه من رجال مسلم؛ على تفصيل معروف عنهم.
ورواه أحمد (٥/ ١٦٥ و١٧٧)، وابن سعد (٢/ ٣٣٥) من طرق أخرى عن محمد بن إسحاق عن مكحول … به.
وتابعه عُبَادَةُ بن نُسَيٍّ عن غضيف بن الحارث:
أنه مَرَّ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: نِعْمَ الفَتَى غُضَيْفٌ، فلَقِيَهُ أبو ذر
«إن الله عز وجل ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه». وفي رواية: «على لسان عمر يَقُولُ به».
أخرجه أحمد (٥/ ١٤٥)؛ وإسناده صحيح.
ويزداد الحديث قوة بشواهد له، أخرج بعضها ابن حبان في «صحيحه» (٢١٨٤ و٢١٨٥) عن أبي هريرة – وسنده صحيح -، وابن عمر – وسنده حسن -.
١٩ – باب في صَفَايا رسول الله ﷺ من الأموال
٢٦٢٤ – عن مالك بن أوس بن الحَدَثَانِ قال:
أرسل إليَّ عمرُ حين تعالى النهار، فجئته، فوجدته جالسًا على سريرٍ مُفْضِيًا إلى رِمَالِه، فقال حين دخلتُ عليه: يا مَال! إنه قد دَفَّ أهلُ أبياتٍ من قومك، وقد أَمَرْتُ فيهم بشيء، فاقْسِمْ فيهم. قلت: لو أَمَرْتَ غيري بذلك! فقال: خُذْهُ. فجاءه (يَرْفَا)، فقال: يا أمير المؤمنين! هل لك في عثمان بن عفّان وعبد الرَّحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؟ قال: نعم، فَأَذِنَ لهم فدخلوا. ثم جاءه (يرفا)، فقال: يا أمير المؤمنين! هل لك في العباس وعلي؟ قال: نعم، فَأَذِنَ لهم فد خلوا، فقال العباس: يا أمير المؤمنين! اقْضِ بيني وبين هذا – يعني: عليًّا -. فقال بعضهم: أجلْ يا أمير المؤمنين! اقض بينهما وَأَرِحْهُمَا.
«لا نورَثُ. ما تركنا صدقةٌ»؟ قالوا: نعم.
ثم أقبل على عليٍّ والعباس رضي الله عنهما فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض؛ هل تعلمان أن رسول الله ﷺ قال:
«لا نورث. ما تركنا صدقة»؟ فقالا: نعم. قال: فإن الله خَصَّ رسولَهُ ﷺ بخاصة لَمْ يَخصَّ بها أحدًا من الناس، فقال الله: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فكان الله أفاءَ على رسولِهِ بني النضير، فو الله ما استأثر بها عليكم، ولا أخذها دونكم، فكان رسول الله ﷺ يأخذ منها نفقة سنةٍ – أو نفقته ونفقة أهله سنةً -، ويجعل ما بقي أُسْوَةَ المالِ.
ثم أقبل على ذلك الرهط، فقال: أنْشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم.
ثم أقبل على العباس وعلي رضي الله عنهما، فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم. فلما توفي رسول الله ﷺ قال أبو بكر: أنا وَلِيُّ رسول الله ﷺ، فجئتَ أنتَ وهذا إلى أبي بكر تَطْلُبُ أنتَ ميراثَك من ابن اختك، ويطلب هذا ميراثَ امرأته من أبيها. فقال أبو بكر رحمه الله: قال رسول الله ﷺ:
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن حبان).
إسناده: حَدَّثَنَا الحسن بن عليّ ومحمد بن يحيى بن فارس – المعنى – قالا: ثنا بشر بن عمر الزَّهْرَاني: حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحَدَثَانِ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٣٠٩٤)، ومسلم (٥/ ١٥١ – ١٥٣)، والترمذي (١٦١٠) – وقال: «حسن صحيح غريب» -، والبيهقي (٦/ ٢٩٧ – ٢٩٨) من طرق عن مالك بن أنس … به.
وليس هو في «الموطأ»!
وتابعه معمر عن الزهري … به نحوه:
أخرجه مسلم وابن حبان (٦٥٧٤ – الإحسان)، والبيهقي (٢٩٨)، وأحمد (١/ ٦٥) كلهم من طريق عبد الرزاق عنه … به، وهو في «مصنفه» (٩٧٧٢).
أخرجه البخاري (رقم ٤٠٣٤)، والبيهقي (٦/ ٢٩٨ – ٢٩٩).
وتابعه عُقَيْلٌ عنه: عند البخاري (٥٣٥٨ و٦٧٢٨ و٧٣٠٥).
وتابع عبدَ الرزاق: محمدُ بن ثور الصنعانيُّ في الرواية الآتية.
٢٦٢٥ – وفي رواية عن مالك بن أوس … بهذه القصة، قال: وهما – يعني: عليًّا والعباس رضي الله عنهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النَّضِيرِ.
قال أبو داود (المصنِّف): «أراد أن لا يوقع عليه اسْمَ قَسْمٍ».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان في «صحيحيهما» بتمامه).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن عُبَيْد: ثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن مالك بن أوس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن ثور – وهو الصنعاني -، وهو ثقة اتفاقًا.
وتابعه عبد الرزاق، كما تقدم في تخريج ما قبله.
ومحمد بن عُبَيْدٍ: هو ابن حِسَابٍ الغُبَرِيُّ البصريُّ.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٢٩٦)، عن المؤلف؛ وتقدم تخريجه في الذي قبله.
كانت أموال بني النَّضِيرِ مما أفاء الله على رسوله، مما لَمْ يُوجِفِ المسلمون عليه بِخَيْلٍ ولا رِكَابٍ، كانت لرسول الله ﷺ خالصًا، يُنْفِقُ على أهل بَيْتِه، (وفي رواية: ينفق على أهله) قُوتَ سنة، فما بقي جُعِلَ في الكُراع، وعُدَّةً في سبيل الله عز وجل (وفي الرواية الأخرى: في الكُرَاعِ والسِّلاحِ).
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود).
إسناده: حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شيجة وأحمد بن عَبْدَةَ – المعنى – أن سفيان بن عيينة أخبرهم عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدَثان عن عمر.
قلت: وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعلى شرط مسلم من طريق الشيخ الثاني أحمد بن عبدة – وهو الضَّبِّيُّ البصري -.
والحديث أخرجد البخاري (٢٩٠٥ و٤٨٨٥)، ومسلم (٥/ ١٥١)، وابن الجارود (١٠٩٧)، والبيهقي (٦/ ٢٩٥ – ٢٩٦) من طرق أخرى عن ابن عيينة … به.
٢٦٢٧ – عن الزهري قال: قال عمر:
﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾؛ قال الزهري: قال عمر: هذه لرسول الله ﷺ خاصةً: قُرَى عُرَيْنة: فَدَكَ، وكذا وكذا؛ ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا مسدد: ثنا إسماعيل بن إبراهيم: أخبرنا أيوب عن الزهري.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ إلَّا أنه منقطع. وبه أعله المنذري، فقال (٤/ ٢١٤):
«الزهري لَمْ يسمع من عمر».
وأقول: لكن بينهما مالك بن أوس، فقد روى الشافعي، وعنه البيهقي من طريق عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس أن عمر قال:
ما أَحَدٌ إلَّا وله في هذا المال حق أُعْطِيَهُ أو مُنِعه، إلَّا ما ملكت أيمانكم.
وإسناده صحيح.
وتابعه عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس عن عمر … بتمامه نحو رواية الكتاب: أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٢١٣/ ٥٢٥)، والبيهقي بسند صحيح أيضًا. وهما مخرجان في «الإرواء» (١٢٤٥)، مع طريق أخرى عن عمر، بسند حسن.
كان فيما احتجَّ به عمر رضي الله عنه أنه قال:
كانت لرسول الله ﷺ ثلاثُ صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفَدَكُ. فأما بنو النضير؛ فكانت حُبُسًا لنوائبه. وأما فَدَكُ؛ فكانت حُبُسًا لأبناء السبيل. وأما خيبر؛ فَجَزَّأَها رسول الله ﷺ ثلاثة أجزاء: جُزْءَيْنِ بين المسلمين، وجزءًا نفقةً لأهله، فما فَضَلَ عن نفقة أهله! جعله بين فقراء المهاجرين.
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حَدَّثَنَا هشام بن عمار: ثنا حام بن إسماعيل. وثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عبد العزيز بن محمد. وثنا نصر بن عليّ: ثنا صفوان بن عيسى – وهذا لفظ حديثه – كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري عن مالك بن أوس.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في أسامة بن زيد – وهو الليثي -.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٢٩٦) من طريق حاتم … وهو أتم. ويأتي في الكتاب.
٢٦٢٩ – عن عائشة زوج النَّبِيّ ﷺ:
أن فاطمة بنت رسول، الله ﷺ أَرْسَلَتْ إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، تسأله ميراثها من رسول الله ﷺ مما أفاء الله عليه بالمدينة وفَدَكَ، وما بَقِيَ من خُمُسِ خيبر! فقال أبو بكر: إن رسول الله ﷺ قال:
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان في «صحيحيهما»، وكذا ابن الجارود وابن حبان).
إسناده: حَدَّثَنَا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوْهَبٍ الهَمْدَانِيُّ: ثنا الليث بن سعد عن عُقَيْلِ بن خالد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النَّبِيّ ﷺ أنَّها أخبرته: أن فاطمة …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقالت رجال الشيحين؛ غير يزيد هذا، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٦٥٧٣ – الإحسان) من طريق أخرى عن يزيد … به.
وأخرجه البخاري (٤٢٤٠ و٢٢٤١)، ومسلم (٥/ ١٥٣ – ١٥٤) من طريقين آخرين عن الليث بن سعد .. به.
وأحمد (١/ ٩).
وتابعه معمر وصالح عن الزهري … به.
رواه البخاري (٣٠٩٢ و٦٧٢٥ و٦٧٢٦)، ومسلم (٥/ ١٥٥ – ١٥٦)، والبيهقي
وتابعهما شعيب بن أبي حمزة؛ وهي الرواية التالية:
٢٦٣٠ – وفي رواية عنها … بهذا الحديث؛ قال:
وفاطمة عليها السلام حينئذٍ تَطْلُبُ صدقةَ رسول الله ﷺ التي بالمدينة وفدكَ، وما بقي من خُمُسِ خَيبر! قالت عائشة رضي الله عنها: فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن رسول الله ﷺ قال:
«لا نورث. ما تركنا صدقةٌ؛ وإنما يأكل آل محمد في هذا المال – يعني. مال الله -؛ ليس لهم أن يزيدوا على المأكل».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري وابن الجارود).
إسناده: حَدَّثَنَا عمرو بن عثمان الحِمْصِيُّ: ثنا أبي: ثنا شعيب بن أبي حَمْزة عن الزهري: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النَّبِيّ ﷺ أخبرته … بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان وأبيه، وهما ثقتان، وقد توبعا كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن حبان (٤٨٠٣ – الإحسان) من طريق أخرى عن عمرو بن عثمان.
وتابعه محمد بن عوف الطائي عن عثمان: عند ابن الجارود (١٠٩٨).
وهو، والبخاري (٣٧١١)، والبيهقي (٦/ ٣٠٠) عن شعيب … به.
فأبى أبو بكر رضي الله عنه عليها ذلك، وقال: لستُ تاركًا شيئًا كان رسول الله ﷺ يعمل به إلَّا عملت به! إني أخشى – إن تركت شيئًا من أمره – أن أَزِيغَ! فأما صدقته بالمدينة؛ فدفعها عمر إلى علي وعباس رضي الله عنهم، فغلبه عليٌّ عليها. وأما خيبر وفدكُ؛ فأمسكها عمر، وقال: هما صدقة رسول الله ﷺ؛ كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وَأَمْرُهُما إلى من وَلِيَ الأمر. قال: فَهُمَا على ذلك إلى اليوم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري).
إسناده: حَدَّثَنَا حجاج بن أبي يعقوب: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته … بهذا الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حجاج بن أبي يعقوب – واسم أبيه: يوسف بن حجاج الثقفي: ابن الشاعر -، وهو ثقة من شيوخ مسلم.
والحديث أخرجه مسلم (٥/ ١٥٥) من طرق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم.
والبخاري (٣٠٩٢) من طريق آخر عن إبراهيم بن سعد … به.
٢٦٣٢ – عن أبي الطُّفَيْلِ قال:
جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر رضي الله عنه؛ تطلب ميراثها من النَّبِيِّ ﷺ! قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن الفُضَيْل عن الوليد بن جُمَيْعٍ عن أبي الطفيل.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الوليد بن جُمَيْعٍ – وهو الوليد بن عبد الله بن جُمَيْعٍ -، فمن رجال مسلم، لكن تكلم بعضهم فيه من قبل حفظه. وقال الحافظ:
«صدوق يهم»؛ كما ذكرت في «إرواء الغليل» (٥/ ٧٦ – ٧٧). وقال الذهبي في «الكاشف»:
«وثقوه. وقال أبو حاتم: صالح الحديث».
قلت: فمثله حسن الحديث إذا لَمْ يخالف؛ ولذلك حسنته في المصدر المذكور آنفًا، وخرجته هناك فلا أعيده. لكن أزيد هنا فأقول:
أخرجه البيهقي أيضًا (٦/ ٣٠٣) من الوجه المذكور بزيادة في آخره … بلفظ:
فلما وَلِيتُ؛ رأيت أن أَرُدَّهُ على المسلمين. قالت: أنتَ ورسولُ اللهِ ﷺ أعلمُ! ثم رَجَعَتْ.
وانظر تعليق الحافظ ابن كثير على قول فاطمة هذا رضي الله عنها؛ في المصدر المشار إليه آنفًا.
«لا تقتسمُ وَرَثَتِي دينارًا. ما تركتُ – بعدَ نفقةِ نسائي، ومُؤْنَةِ عاملي -؛ فهو صدقة».
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٣/ ١٥٥) … بإسناده ومتنه.
ومن طريقه أيضًا: البخاري (٢٧٧٦ و٣٠٩٦ و٦٧٢٩)، ومسلم (٥/ ١٥٦)، وابن حبان (٦٥٧٦).
وتابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد … به.
أخرجه مسلم وابن حبان (٦٥٧٥)، والبيهقي (٧/ ٦٥)، وأحمد (٢/ ٢٤٢)، والحميدي (١١٣٤).
وابن عجلان: عند ابن حبان (٦٥٧٨).
وسفيان الثوري: عند أحمد (٢/ ٣٧٦ و٤٦٤)، كلهم عن أبي الزناد … به.
دخل العباس وعَلِيٌّ على عمر – وعنده طلحةُ والزبيرُ وعبدُ الرحمنِ وسعدٌ – وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرَّحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول الله ﷺ قال:
«كلُّ مالِ النبيِّ ﷺ صدقةٌ؛ إلَّا ما أطعمه أهلَه وكساهم، إنا لا نورَث»؟ .
قالوا: بلى. قال: فكان رسول الله ﷺ يُنْفِقُ من ماله على أهله، ويتصدَّق بِفَضْلِه، ثم توفي رسول الله ﷺ، فوليها أبو بكر سنتين، فكان يصنع الذي كان يصنع رسول الله ﷺ … ثم ذكر شيئًا من حديث مالك بن أوس.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن أبي البَخْتري.
قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لَمْ يُسَمَّ. وبه أعله المنذري؛ لكنه قواه بقوله:
«غير أن له شواهد صحيحة».
قلت: منها حديث مالك بن أوس المتقدم (٢٦٢٤)، وحديث عائشة الآتي بعده، ولذلك خرجته في «الصحيحة» (٢٥٣٨).
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (رقم ٦٢): حَدَّثَنَا شعبة … به.
وأخرجه البيهقي (٦/ ٢٩٩ – ٣٠٠) من طريق المؤلف والطيالسي.
٢٦٣٥ – عن عائشة؛ أنَّها قالت:
إن أزواج النَّبِيِّ ﷺ – حين تُوُفِّيَ رسول الله ﷺ – أَرَدْنَ أن يَبْعَثْنَ عثمان بن عفّان إلى أبي بكر الصديق؛ فيسألْنَهُ ثُمُنَهُنَّ من النَّبِيِّ ﷺ، فقالت لهن عائشة أليس: قد قال رسول الله ﷺ:
«لا نورَث. ما تركنا؛ فهو صدقةٌ»؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وابن حبان في «صحاحهم»).
إسناده: حَدَّثَنَا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث في «الموطأ» (٣/ ١٥٤ – ١٥٥) عن ابن شهاب … به.
وأخرجه البخاري (٦٧٣٠) … بإسناد المؤلف.
ومسلم (٥/ ١٥٣)، وابن حبان (٦٥٧٧)، والبيهقي (٦/ ٣٠١) من طرق أخرى عن مالك … به.
وتابعه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري … به، وزاد في آخره:
فانتهى أزواج النَّبِيّ ﷺ إلى ما أخبرتْهُنَّ.
وله متابع آخر، وهو:
٢٦٣٦ – وفي رواية … بإسناده نحوه:
قلتُ: ألا تتقين الله؟ ! ألم تسمعْنَ رسول الله ﷺ يقول:
«لا نورث. ما تركنا؛ فهو صدقةٌ، وإنما هذا المالُ لآل محمدٍ؛ لنائبتهم ولضيفهم، فإذا مِتُّ؛ فهو إلى وَلِيِّ الأمر من بعدي»؟ !
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان مختصرًا كما في الذي قبله).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا إبراهيم بن حمزة: ثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب … بإسناده نحوه.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ لحال أسامة بن زيد، كما سبق بيانه مرارًا، آخرها تحت الحديث (٢٦٢٨).
وقد توبع عليه مختصرًا، كما تقدم بيانه في تخريج ما قبله.
٢٠ – باب في بيان مواضع قَسْمِ الخُمُسِ وَسَهْمِ ذي القُرْبى
٢٦٣٧ – عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ:
أنه جاء هو وعثمان بن عفّان، يُكَلِّمان رسولَ الله ﷺ فيما قَسَمَ من الخُمُسِ بين بني هاشم وبني المطلب. فقلت: يا رسول الله! قَسَمْتَ لإخواننا بني المطَّلب ولم تُعْطِنا شيئًا، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة؟ فقال
«إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد».
قال جبير: ولم يَقْسِمْ لبني عبد شمس، ولا لبني نَوْفَلٍ من ذلك الخُمُسِ كما قَسَمَ لبني هاشم وبني المطلب.
قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رسول الله ﷺ؛ غيرَ أنه لَمْ يَكُنْ يعطي قُرْبَى رسول الله ﷺ ما كان النَّبِيّ ﷺ يعطيهم.
قال: وكان عمر بن الخطاب يُعْطِيهم منه، وعثمان من بَعْدِهِ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، دون قوله: قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس … وهي زيادة صحيحة؛ خلافًا للبيهقي والحافظ).
إسناده: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا عبد الرَّحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري: أخبرني سعيد بن المسيَّب: أخبرني جُبَيْرُ بن مُطْعِمٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٨٥): ثنا عبد الرَّحمن بن مهدي … به؛ دون قوله: قال: وكان أبو بكر يقسم … إلخ.
وكذلك أخرجه البخاري (٣١٤٠ و٤٢٢٩) دونها. قال الحافظ في «الفتح» (٦/ ٢٤٥):
قلت: وهي الآتية في الكتاب عقب هذه من رواية عثمان بن عمر … به.
قلت: فقد اتفق عثمان مع ابن المبارك على رواية الزيادة المذكورة؛ على أنَّها من الحديث وليست مدرجة فيه؛ لقوله في الجملة التي قبلها.
قال جبير … ثم قال:
قال: وكان أبو بكر …
فالقائل ثانيًا؛ هو جبير القائل أولًا، وهذا ظاهر كما قال ابن التركماني (٦/ ٣٤٣)؛ ردًّا على البيهقي الذي حكى كلام الذهلي الذي ذكره الحافظ، ثم جزم البيهقي بأنه من كلام الزهري.
وقد وجدت – فيما حكاه البيهقي عن الذهلي – أن التفصيل الذي عزاه إليه الحافظ إنما هو من رواية أبي صالح عن الليث بن سعد عن يونس.
فتعجبت منه كيف يعتمد على أبي صالح في إعلاله تلك الزيادة بالإدراج، وقد وصلها الثقتان ابن المبارك وعثمان بن عمر عن يونس؟
ثم رأيت رواية أبي صالح قد أخرجها أبو عبيد في «الأموال» (ص ٣٣١) مصرحًا بقوله:
قال: وقال ابن شهاب: وكان أبو بكر …
فقوله: وقال ابن شهاب … منكر من أبي صالح؛ لضعفه ومخالفته للثقتين.
وقد أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤٢) من طريق المؤلف.
ومن طريق غيره عن محمد بن أبي بكر عن ابن مهدي.
٢٦٣٨ – وفي رواية عنه:
أن رسول الله ﷺ لَمْ يَقْسِمْ لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخُمُسِ شيئًا، كما قَسَمَ لبني هاشم وبني المطلب.
قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخمُسَ نحو قَسْمِ رسول الله ﷺ؛ غير أنه لَمْ يكن يعطي قربى رسول الله ﷺ كما كان يعطيهم رسول الله ﷺ.
وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منهم.
(قلت: إسناده صحيح أيضًا على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري على ما تقدم بيانه آنفًا).
إسناده: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر: ثنا عثمان: أخبرني يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيَّب: ثنا جبير بن مطعم …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كالذي قبله.
والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٨٣): ثنا عثمان به عمر … به؛ وفيه الزيادة التي أعلها الحافظ بالإدراج، كما تقدم في الذي قبله.
لما كان يومُ خيبر؛ وضع رسول الله ﷺ سَهْمَ ذي القربى في بني هاشم وبني المطَّلب، وتَرَكَ بني نَوْفَل وبني عَبْدِ شَمْس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفّان، حتى أتينا النَّبِيّ ﷺ، فقلنا: يا رسوَل الله! هؤلاء بنو هاشم لا نُنْكِرُ فَضْلَهُم؛ للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابَتُنا واحدة؟ ! فقال رسول الله ﷺ:
«إنا وبنو المطَّلِبِ لا نفترق في جاهلية ولا إسلام؛ وإنما نحن وهم شيء واحد»، وشبك بين أصابعه.
(قلت: حديث حسن. وبعضه عند البخاري والمؤلف في رواية كما تقدم (٢٦٣٧».
إسناده: حَدَّثَنَا مسدد: ثنا هُشَيْمٌ عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيَّب: أخبرني جبير بن مطعم …
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة هشيم وابن إسحاق.
أما هشيم؛ فقد توبع، فقال أحمد (٤/ ٨١): ثنا يزيد بن هارون قال: أنا محمد بن إسحاق … به.
وكذلك رواه أبو عبيد في «الأموال» (٨٤٢)، والنسائي (٢/ ١٧٨).
وتابعه يونس بن بُكَيْرِ عن محمد بن إسحاق: أخبرني الزهري … به.
أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤١)، وإسناده حسن.
وأصله في «البخاري». كما تقدم.
هم بنو عبد المطلب.
(قلت: حديث صحيح مقطوع).
إسناده: حَدَّثَنَا حسين بن عليّ العِجْلِيُّ: ثنا وَكِيعٌ عن الحسن بن صالح عن السُّدِّيِّ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مع كونه مقطوعًا موقوفًا على السُّدِّيِّ – وهو إسماعيل بن عبد الرَّحمن – وعلته: الحسين بن عليّ العجلي، قال الحافظ:
«صدوق يخطئ كثيرًا، لَمْ يثبت أن أبا داود روى عنه»!
كذا قال! ولعله يعني: حديثًا مرفوعًا؛ وإلا فهذا الأثر أمامك، ويأتي له حديث (٢٦٦٣).
ثم إنه في نفسه صحيح، تشهد له أحاديث الباب.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (١٢/ ٤٧٢): حَدَّثَنَا وكيع … به.
٢٦٤١ – عن يزيد بن هُرْمُزٍ:
أنَّ نَجْدَةَ الحَرُورِيَّ – حين حَجَّ في فتنة ابن الزبير – أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم (ذي القربى)؛ ويقول: لمن تراه؟
قال ابن عباس: لِقُرْبى رسول الله ﷺ، قَسَمَهُ لهم رسول الله ﷺ، وقد كان عمر عَرَضَ علينا من ذلك عَرْضًا، رأيناه دون حقنا، فرددناه عليه، وأبينا أن نَقْبَلَهُ.
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب: أخبرني يزيد بن هرمز …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن هرمز، فهو من رجال مسلم.
ويونس: هو ابن يزيد الأَيْلِيُّ، وهو عَمُّ عنبسة – وهو ابن خالد الأيلي -.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤٤) من طريق المؤلف.
وأخرجه أبو عوانة (٤/ ٣٢٩)، والنسائي (٨/ ١٢٨)، وابن حبان (٤٨٠٤)، والبيهقي أيضًا، وأحمد (١/ ٣٢٠) من طريقين آخرين عن يونس … به.
وأخرجه مسلم والدارمي (٢/ ٢٢٥)، والطحاوي (٢/ ١٧٩) من طرق أخرى عن يزيد بن هرمز … به؛ ولفظ مسلم مطول.
وروى بعضَهُ المؤلفُ فيما تقدم (٢٤٣٨).
٢٦٤٢ – عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب:
أن أباه ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس:
ائْتِيَا رسول الله ﷺ، فقولا له: يا رسول الله! قد بَلَغْنَا من السِّنِّ ما ترى، وأحبننا أن نتزوَّج، وأنت يا رسول الله! أَبَرُّ الناس وأَوْصَلُهم، وليس عند أبوينا ما يُصْدِقانِ عنَّا، فاستَعْمِلْنا يا رسول الله! على الصدقات، فلنؤدِّ
«لا والله؛ لا نستعمل منكم أحدًا على الصدقة».
فقال له ربيعة: هذا مِنْ أَمْرِك! قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رسول الله ﷺ؛ فلم نَحْسُدْكَ عليه، فألقى عليٌّ رداءه، ثم اضْطَجَعَ عليه؛ فقال: أنا أبو حسن القَرْمُ، والله لا أَرِيمُ حتى يرجع إليكما ابناكما بجواب ما بَعَثْتُما به إلى النَّبِيّ ﷺ! قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النَّبِيّ ﷺ حتى نوافقَ صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حُجْرَةِ النَّبِيّ ﷺ – وهو يومئذ عند زينب بنت جحش -، فقمنا على الباب، حتى أتى رسول الله ﷺ، فأخذ بأُذُنِي وأُذُنِ الفضل، ثم قال:
«أخرجا ما تُصَرِّرانِ».
ثم دخل، فأَذِنَ لي وللفضل، فدخلنا، فتواكلنا الكلام قليلًا، ثم كلَّمته أو كلَّمه الفَضْلُ – قد شك في ذلك عبد الله – قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله ﷺ ساعة، ورفع بصره قِبَلَ سَقْفِ البيت؛ حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئًا، حتى رأينا زينب تُلْمِعُ مِنْ وراءِ الحجاب بيدها؛ تريد: أن لا تعجلا، وأن رسول الله في أمرنا، ثم خفض رسول الله ﷺ رأسه، فقال لنا:
«إن هذه الصدقة إنما هي أوساخُ الناس، وإنها لا تَحِلُّ لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ، ادْعُوا لي نَوْفَلَ بن الحارث».
«يا نوفل! أَنْكِحْ عبد المطلب».
فأنكحني نوفل. ثم قال النَّبِيّ ﷺ«:
»ادعوا لي مَحْمِيَةَ بن جَزْءٍ – وهو رجل من بني زُبَيْدٍ، كان رسول الله ﷺ استعمله على الأخماس – فقال لمحمية:
«أنكح الفضل».
فأنكحه. ثم قال رسول الله ﷺ:
«قم فأصْدِقْ عنهما من الخُمُسِ كذا وكذا» – لَمْ يسمه لي عبد الله بن الحارث -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الصحيح. وقد أخرجه مسلم وابن خزيمة في «صحيحيهما»، وابن الجارود – مختصرًا -).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب: أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره: أن أباه … الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ غير عبد المطلب بن ربيعة، فهو على شرط مسلم، وهو صحابي؛ وقد أخرجه في «صحيحه» كما يأتي.
وعنبسة: هو ابن خالد الأَيْلي.
والحديث أخرجه مسلم وغيره من طرق أخرى عن يونس – وهو ابن يزيد الأيلي -. وقد تابعه – عندهم – مالك وغيره.
وأزيد هنا فأقول: أخرجه ابن خزيمة أيضًا في «صحيحه» (٤/ ٥٥/ ٢٣٤٢)، وابن زنجويه في «الأموال» (٢/ ٧٢٥/ ١٢٤١) من طريقين آخرين عن يونس … به.
وابن الجارود (١١١٣) من طريق صالح عن ابن شهاب … مختصرًا.
٢٦٤٣ – عن علي بن أبي طالب قال:
كانت لي شارِفٌ من نصيبي من المغنم يومَ بدرٍ، وكَان رسول الله أعطاني شارفًا من الخُمُسِ يومئذ، فلما أردتُ أن أَبْنِيَ بفاطمة بنت رسول الله ﷺ؛ واعدتُ رجلًا صَوَّاعًا – من بني قَيْنُقَاع – أن يرتحل معي، فنأتي بإذخر أردْتُ أن أبيعه من الصوَّاغين، فأستعين به في وليمة عُرْسِي. فبينا أنا أجمع لشارفي متاعًا من الأقتاب والغرائر والحبال – وشارفاي مناخان إلى جنب حُجْرَةِ رجل من الأنصار – أقبلتُ حين جمعت ما جمعت؛ فإذا بشارفي قد اجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهما، وبُقِرَتْ خواصِرُهما، وأُخِذَ من أكبادهما، فلم أملك عَيْنَيَّ حين رأَيت ذلك المنظر، فقلت: مَن فعل هذا؟ ! قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت، في شرْبٍ من الأنصار، غَنَّتْهُ قينةٌ وأصحابَه، فقالت في غنائها:
ألا يا حمزُ للشُّرُفِ النواءِ
فوثب إلى السيف، فاجْتَبَّ أسنمتهما، وبَقَرَ خواصرهما، وأخَذَ من أكبادهما. قال علي:
فانطلقت حتى أدخلَ على رسول الله ﷺ – وعنده زيد بن حارثة -،
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وبه أخرجه في «صحيحه»، وأخرجه مسلم وأبو عوانة).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة بن خالد: ثنا يونس عن ابن شهاب: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن عليّ أخبره أن علي بن أبي طالب قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي، ومسلم أيضًا.
والحديث أخرجه البخاري (٤٠٠٣) … بإسناد المؤلف ومتنه.
ثم أخرجه هو (٣٠٩١)، ومسلم (٦/ ٨٦)، وأبو عوانة (٥/ ٢٤٩)، والبيهقي (٦/ ٣٤١ – ٣٤٢) من طرق أخرى عن يونس – وهو ابن يزيد الأيلي – … به.
وذلك قبل تحريم الخمر.
أخرجه البخاري (٢٣٧٥)، ومسلم وأحمد (١/ ١٤٢)، وأبو يعلى في «مسنده» (١/ ٤١٦/ ٥٤٧) من طرق عنه.
٢٦٤٤ – عن أم الحَكَم – أو ضُبَاعة؛ ابنتي الزبير -: أنَّها قالت:
أصاب رسولُ الله ﷺ سَبْيًا، فذهبتُ أنا وأختي وفاطمة بنت رسول الله ﷺ، فشكونا إليه ما نحن فيه … (١)
٢١ – باب ما جاء في سهم الصَّفِيِّ
٢٦٤٥ – عن عامر الشعبي قال:
كان للنبيِّ ﷺ سَهْمٌ؛ يدعى الصَّفِيَّ؛ إن شاء عبدًا، وإن شاء أَمَةً؛ وإن شاء فرسًا، يختاره قبل الخُمُسِ.
(قلت: حديث صحيح بما يأتي، وإسناده مرسل صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن مُطَّرِّف عن عامر الشعبي.
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد، رجاله رجال الشيخين، ومتنه صحيح بأحاديث الباب الآتية.
والحديث رواه البيهقي (٦/ ٣٠٤)، من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن أبي شيبة (١٢/ ٤٣٣ / ١٥١٥٧)، وأبو عبيد في «الأموال» (١١/ ٢٩) من طريق أخرى عن مطرِّف بن طريف عن الشعبي.
٢٦٤٦ – عن ابن عون قال:
سألت محمدًا عن سهم النَّبِيّ ﷺ والصفي؟ قال:
كان يُضْرَبُ له سَهْمٌ مع المسلمين؛ وإن لَمْ يشهد، والصَّفِيّ يُؤْخَذُ له رأس من الخُمُسِ قبل كلّ شيء.
(قلت: حديث صحيح بأحاديث الباب، وهو مرسل صحيح الإسناد).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن بشار: ثنا أبو عاصم وأزهر قالا: ثنا ابن عون …
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد، والقول فيه كالقول في الذي قبله.
والحديث رواه البيهقي (٦/ ٣٥٤) من طريق المؤلف.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنّف» (٤٣٤/ ١٢/ ١٥١٦٠): حَدَّثَنَا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ عن ابن عون … به.
وابن زنجويه في «الأموال» (١/ ٩٨/ ٦٨): أنا النَّضر بن شُمَيْلٍ: أخبرنا ابن عون … به.
كان رسول الله ﷺ إذا غزا؛ كان له سهم صَافٍ، يأخذه من حيث شاءه، فكانت صَفيَّةُ من ذلك السهم، وكان إذا لَمْ يَغْزُ بنفسه؛ ضُرِبَ له بسهم ولم يَخْتَرْ (١).
(قلت: حديث صحيح؛ إلَّا قوله: ولم يختر …).
إسناده: حَدَّثَنَا محمود بن خالد السُّلَمِي: ثنا عمر – يعني: ابن عبد الواحد – عن سعيد – يعني: ابن بَشِيرٍ – عن قتادة.
قلت: وهذا إسناد مرسل، ورجاله ثقات؛ غير سعيد بن بشير؛ فهو ضعيف، لكن يشهد له ما قبله وما بعده؛ إلَّا قوله: ولم يختر … فإني لَمْ أجد له شاهدًا.
والحديث رواه البيهقي (٦/ ٣٠٤) من طريق المؤلف.
ورواه ابن أبي شعيبة في «المصنّف» (١٢/ ٤٢٢/ ١٥١٥٥) من طريق أشعث عن محمد قال:
خُمُسُ الله، وسَهْمُ النَّبِيّ ﷺ، والصفيُّ؛ كان يُصْطَفَى له من المغنم خيرُ رأسٍ من السبي إن كان سبيٌ؛ وإلا غيره بعد الخمس، ثم يُضْرَبُ له بسهم – شَهِدَ أو غاب – مع المسلمين بعد الصفي. قال: واصطفى صفية بنت حُيَيٍّ يوم خيبر.
قلت: وهذا مرسل ضعيف الإسناد؛ محمد: هو ابن سيرين.
وأشعث: هو ابن سَوّار الكوفي، وهو ضعيف كما قال أحمد وغيره، روى له البخاري في «الأدب المفرد»، ومسلم في المتابعات، كما قال المزي في «تهذيبه».
كانت صَفِيَّةُ من الصَّفِيِّ.
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان).
إسناده: حَدَّثَنَا نصر بن عليّ: ثنا أبو أحمد: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه ابن حبان (٢٢٤٧ – موارد) من طريق أخرى عن نصر بن علي الجَهْضَمِيِّ … به.
وأخرجه الحاكم (٣/ ٣٩) من طريق أحمد: ثنا أبو أحمد … به.
ولم أره في «مسنده»!
ثم أخراجه (٢/ ١٢٨)، وعنه البيهقي (٦/ ٣٠٤) من طريقين آخرين عن سفيان … به. وقال الحاكم في الموضعين:
«صحيح على شرط الشيخين»، ووافقه الذهبي.
٢٦٤٩ – عن أنس بن مالك قال:
قَدِمْنا خيبرَ؛ فلمَّا فتح الله تعالى الحِصْنَ؛ ذُكِرَ له جمالُ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ؛ وقد قُتِلَ زوجُها، وكانت عَرُوسًا فاصطفاها رسول ﷺ لنفسه، فخرج بها، حتى بلغنا سُدَّ الصهباء حلّتْ، فبنى بها.
إسناده: حَدَّثَنَا سعيد بن منصور: ثنا يعقوب بن عبد الرَّحمن الزهري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ٣٠٤) من طريق محمد بن إسحاق الصَّغَانِيِّ: ثنا سعيد بن منصور … به أتم منه.
ثم أخرجه هو، والبخاري (٢٨٩٣) من طريق قتيبة بن سعيد: حَدَّثَنَا يعقوب … به.
وتابعه عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمر … به نحوه.
أخرجه الحاكم (٤/ ٢٨)، وسكت عنه هو والذهبي!
وإسناده جيد.
٢٦٥٠ – ومن طريق ثانية عنه قال:
صارت صفية لِدِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، ثم صارت لرسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في «صحيحيهما»، ويأتي بعد حديث بأتم منه).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد – وهو ابن مُسَرْهَدٍ -، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٢٢٢٨)، وابن ماجة (١٩٥٧) من طريقين آخرين عن حماد بن زيد … به.
وتابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ قال: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن صهيب … به أتم منه: أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو الآتي بعد حديث.
٢٦٥١ – ومن طريق ثالثة عنه قال:
وقع في سهم دِحْيَةَ جاريةٌ جميلةٌ، فاشتراها رسول الله ﷺ بسبعة أَرْؤُسٍ، ثم دفعها إلى أم سليم؛ تُصَنِّعُها وتُهَيِّئُها: – قال حماد: وأحسبه قال: -، وتعتدُّ في بيتها: صفِيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن خَلاد البَاهِليُّ: ثنا بَهْزُ بن أَسَدٍ: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٤/ ١٤٦ – ١٤٧) – مطولًا -، وابن أبي شيبة في «المصنّف» (١٤/ ٤٦١)، والبيهقي (٦/ ٣٠٤)، وأحمد (٦/ ١٦٣ و٢٤٦)، وابن سعد في «الطبقات» (٨/ ١٢٢) من طرق عن حماد بن سلمة … به.
جُمعَ السَّبْيُ – يعني – بخيبر؛ فجاء دحية فقال: يا رسول الله! أَعْطِني جاريةً من السَّبْيِ! قال:
«اذهب فخذ جارية»، فأخذ صفيةَ بنْتَ حُيَيٍّ، فجاء رجل إلى النَّبِيّ ﷺ، فقال: يا نبي الله! أَعْطَيْتَ دحية – قال يعقوب – صفيةَ بنت حُيَيٍّ – سيِّدةَ قُريظَةَ والنَّضِيرِ -؟ ! ما تصلح إلَّا لك! قال: «ادعوه بها». فلما نظر إليها النَّبِيُّ ﷺ؛ قال له:
«خذ جارية من السبي غيرَها». وإن النَّبِيّ ﷺ أعتقها وتزوجها.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذ اأبو عوانة في «صحاحهم»).
إسناده؛ حَدَّثَنَا داود بن معاذ: ثنا عبد الوارث. (ح) وثنا يعقوب بن إبراهيم – المعنى – قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين، وهو على شرط الشيخين من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (٤/ ٣٥٩ – ٣٦٢) من طريق أخرى عن عبد الوارث … به مطولًا.
وأخرجه أحمد (٣/ ١٠١ – ١٠٢): ثنا إسماعيل … به.
وأخرجه البخاري (٣٧١) … بإسناد المصنّف الآخر.
ومسلم (٤/ ١٤٥): حدثني زهير بن حَرْبٍ: حَدَّثَنَا إسماعيل – يعني: ابنَ
٢٦٥٣ – عن يزيد بن عبد الله قال:
كنا بالمِرْبَد، فجاء رجل أشعثُ الرأسِ؛ بيده قطعة أديمٍ أحمرَ. فقلنا: كأنَّكَ من أهل البادية؟ فقال: أجل، فقلنا: نَاوِلْنا هذه القطعةَ الأديمِ التي في يدك! فناوَلَنَاها، فقرأناها فإذا فيها:
«من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أُقَيْش: إنكم إن شهدتم أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأدَّيتم الخُمُس من المَغْنَم، وسَهْمَ النَّبِيّ ﷺ، وسهم الصَّفِيِّ: أنتم آمنون بأمان الله ورسوله».
فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ قال: رسول الله ﷺ.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وابن الجارود).
إسناده: حَدَّثَنَا مسلم بن إبراهيم: ثنا قُرَّةُ قال: سمعت يزيد بن عبد الله …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الصحابي؛ فإنه لَمْ يُسَمَّ، والصحابة كلهم عدول كما هو معلوم.
والحديث أخرجه ابن حبان (٩٤٩) من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم … به.
وأبو عبيد (١١/ ٣٠)، وابن زنجويه (١/ ١٠٦/ ٨٠)، والطحاوي (٢/ ١٧٩)، وابن الجارود (١٠٩٩)، والبيهقي (٦/ ٣٠٧ و٩/ ١٣)، وأحمد (٥/ ٧٧) من طريق سعيد الجُريري عن يزيد … به.
٢٦٥٤ – عن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه – وكان أحد الثلاثة الذين تِيْبَ عليهم -، وكان كعب بن الأشرف يهجو النَّبِيّ ﷺ، وَيُحَرِّضُ عليه كفار قريش، وكان النَّبِيّ ﷺ حين قدم المدينة وأهلُها أخلاطٌ منهم المسلمون، والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود، وكانوا يؤذون النَّبِيّ ﷺ وأصحابه، فأمر الله نبيَّهُ بالصبر والعفو، ففيهم أنزل الله: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ….﴾ الآية. فلما أبي كعبُ بن الأشرف أن ينزع عن أذى النَّبِيِّ ﷺ؛ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ سعدَ بنَ معاذٍ أن يبعث رهَطًا يقتلونه، فبعث محمد بن مسلمة – وذكر قصة قتله -، فَلَمَّا قتلوه فزعت اليهود والمشركون، فَغَدَوْا على النَّبِيّ ﷺ، فقالوا: طُرِقَ صاحبنا فَقُتِلَ! فذكر لهم النَّبِيّ ﷺ الذي كان يقول، ودعاهم النَّبِيّ ﷺ إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابًا ينتهون إلى ما فيه. فكتب النبيُّ ﷺ بينه وبينهم وبين المسلمين عامةً صحيفةً.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ على اعتبار أن المراد بقوله: (أبيه)؛ أي: جده؛ كما هو ظاهر قوله: وكان أحد الثلاثة …
والحديث أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣/ ١٩٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه من طريق أخرى عن شعيب … به أتم منه؛ إلَّا أنه ليس صريحًا في
وقد رواه عبد الرزاق (٥/ ٢٠٣) من طريق معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك: أن كعب بن الأشرف …
وهذا مرسل.
ورواه ابن سعد (٢/ ٣٣) من طريق محمد بن حُمَيْدٍ – وهو اليَشْكُرِيُّ؛ ثقة – عن معمر عن أيوب عن عكرمة … مرسلًا نحوه.
وقصة قتل كعب بن الأشرف تقدمت من حديث جابر برقم (٢٤٧٣).
٢٦٥٥ – عن أبي هريرة؛ أنه قال:
بينا نحن في المسجد؛ إذ خرج إلينا رسول الله ﷺ، فقال: «انطلقوا إلى يهود». فخرجنا معه حتى جئناهم، فقام رسول الله ﷺ فناداهم فقال:
«يا معشر يهود! أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا».
فقالوا: قد بلَّغت يا أبا القاسم! فقال لهم رسول الله ﷺ: «ذلك أريد». ثم قالها الثالثة:
«اعلموا أنما الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أُجْلِيَكُمْ من هذه الأرض. فمن وجد منكم بمالِهِ شيئًا؛ فَلْيَبِعْهُ؛»إلا فاعلموا أنما الأرض لله ولرسوله ﷺ”.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنّف، وأبو عوانة).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٧٣٤٨)، ومسلم (٥/ ١٥٩) … بإسناد المصنّف.
ثم أخرجه البخاري (٣١٦٧ و٦٩٤٤)، وأبو عوانة (٤/ ١٦٢)، والبيهقي في «السن» (٩/ ٢٠٨)، وأحمد في «المسند» (٢/ ٤٥١) من طرق أخرى عن الليث بن سعد … به.
٢٣ – باب في خبر النَّضِيرِ
٢٦٥٦ – عن رجل من أصحاب النَّبِيّ ﷺ:
أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أُبَيٍّ – ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج -، ورسولُ الله ﷺ يومئذ بالمدينة قَبْلَ وقعة بَدْرٍ:
إنكم آوتيم صاحبنا، دهانا نقسم بالله لتُقَاتِلُنَّهُ، أو لَتُخْرِجُنَّهُ، أو لَنَسِيرَنَّ إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتِلَتَكم، ونستبيحَ نساءكم! فلما بلغ ذلك عبد الله بن أُبَيٍّ ومن كان معه من عبدة الأوثان؛ اجتمعوا لقتال النَّبِيّ ﷺ. فلما بلغ ذلك النَّبِيّ ﷺ؛ لقيهم فقال:
«لقد بلغ وعيدُ قريشٍ منكم المبالغَ؛ ما كانت تكيدُكم بأكثرَ مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءَكم وإخوانَكم؟ !».
فلما سمعوا ذلك من النَّبِيّ تفرقوا. فبلغ ذلك كفارَ قريشٍ، فكتبت كفارُ قريش – بعد وقعة بدر إلى اليهود -: إنكم أهلُ الحَلْقَةِ والحُصُون،
فلما كان الغد؛ غدا عليهم رسول الله ﷺ بالكتائب، فحصرهم، فقال لهم:
«إنكم – والله – لا تأمنون عندي؛ إلَّا بعهد تعاهدوني عليه».
فأبَوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغدَ علي بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا على بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فَجَلَتْ بنو النضير، واحتملوا ما أقلَّتِ الإبلُ من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول الله خاصة؛ أعطاه الله إياها، وخصَّه بها؛ فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ
مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾؛ يقول: بغير قتال، فأعطى النَّبِيّ ﷺ أكثرَها للمهاجرين، وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار؛ وكانا ذَوَيْ حاجة، ولم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقةُ رسول الله ﷺ في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن داود بن سفيان: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن سفيان؛ فلم يرو عنه غير أبي داود.
لكن تابعه الدَّبَرِيُّ: في «مصنف عبد الرزاق» (٥/ ٣٥٨ – ٣٦١).
٢٦٥٧ – عن ابن عمر:
أن يهود بني النَّضِيرِ وقُريظَةَ حاربوا رسول الله ﷺ، فأَجْلَى رسول الله ﷺ بني النضير، وأقرَّ قريظة ومَنَّ عليهم، حتى حاربتْ قريظةُ بعد ذلك، فَقَتَلَ رجالَهم، وقَسَمَ نساءَهم وأولادَهم وأموالَهم بين المسلمين؛ إلَّا بعضهم لحقوا برسول الله ﷺ، فأمَّنهم وأسلموا، وأجلى رسول الله ﷺ يهود المدينة كلُّهم: بني قَيْنُقَاعٍ – وهم قوم عبد الله بن سلام -، ويهود بني حارثة، وكلَّ يَهْودِيٍّ كان بالمدينة.
(قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في «صحاحهم»، وابن الجارود في «المنتقى»).
إسناده: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين مع عنعنة ابن جريج، لكنه قد توبع كما يأتي بإذن الله تعالى.
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٦/ ٥٤ – ٥٥) بإسناده ومتنه. ومن طريقه أخرجه البخاري (٤٠٢٨)، ومسلم (٥/ ١٥٩)، وأبو عوانة (٤/ ١٦٤).
وأخرجه هو (٩/ ٢٠٨)، ومسلم وأبو عوانة من طريق حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة … به نحوه.
٢٤ – باب ما جاء في حكم أرض خيبر
٢٦٥٨ – عن ابن عمر:
أن النَّبِيّ ﷺ قاتل أهل خيبر، فَغَلَبَ على النخل والأرض، فألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أنَّ لرسول الله ﷺ الصَّفْرَاءَ والبَيْضَاءَ والحَلْقَةَ، ولهم ما حملت رِكَابُهم؛ على أنَّ لا يكتموا ولا يُغَيِّبُوا شيئًا، فإن فعلوا؛ فلا ذِمَّةَ لهم ولا عَهْدَ. فغيَّبوا مَسْكًا لُحِيَيِّ بنِ أَخْطَبَ – وقد كان قُتِلَ قَبْلَ خيبر – كان احتمله معه يوم بني النَّضِيرِ حين أُجْلِيَتَ النضير؛ فيه حُلِيُّهم. قال: فقال النَّبِيّ ﷺ لـ (سَعْيَةَ):
«أين مَسْكُ حُيَيِّ بن أَخْطَبَ» قال: أذهبَتْهُ الحروبُ والنفقاتُ! فوجدوا المَسْكَ، فَقَتَلَ ابنَ أبي الحُقَيْق، وَسَبى نساءَهم وذراريَّهم، وأراد أن يُجْلِيَهم، فقالوا: يا محمد! دَعْنَا نعملْ في هذه الأرض، ولنا الشطرُ ما بدا لك، ولكم الشطرُ! وكان رسول الله ﷺ يعطي كُلّ امرأة من نسائه ثمانين وَسْقًا من تمر، وعشرين وَسْقًا من شعير.
(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان. وعلقه البخاري).
إسناده: حَدَّثَنَا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي: ثنا حماد بن سلمة
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات كلهم؛ وفي حماد بن سلمة كلام معروف في روايته عن غير ثابت البُنَاني، وهو ثقة إمام.
والحديث أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (١٦٩٧ – موارد)، والبيهقي في «السنن» (٦/ ١١٤)، و«دلائل النبوة» (٤/ ٢٢٩ – ٢٣١) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة … به أتم منه.
وعلقه البخاري (٢٧٣٠) على حماد بن سلمة؛ ولم يَسُقْ لفظه.
٢٦٥٩ – وعنه: أن عمر قال:
أيها الناسُ! إن رسول الله ﷺ كان عَامَلَ يهودَ خيبرَ، على أنَّا نُخْرِجهم إذا شئنا، فمن كان له مالٌ فَلْيَلْحَقْ به، فإني مُخْرِجٌ يهودَ! فأخرجهم.
(قلت: إسناده حسن صحيح. ورواه البخاري بنحوه).
إسناده: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، فهو من رجال مسلم – مقرونًا أو متابعة -، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث كما هنا.
وقد تابعه أسامة بن زيد الليثي؛ كما في الحديث الآتي بعده.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ١٥) … بهذا الإسناد أتم منه.
وتابعه مالك عن نافع … به نحوه: أخرجه البخاري (٢٧٣٠)، والبيهقي (٩/ ٢٠٧) وفي «دلائل النبوة» (٤/ ٢٣٤).
٢٦٦٠ – وعنه قال:
لما افْتُتِحَتْ خيبرُ؛ سألت يهودُ رسولَ الله – صلي الله عليه وسلم – أن يُقِرَّهُمْ؛ على أن يعملوا على النصف مما خرج منها. فقال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -:
«أُقِرُّكم فيها على ذلك ما شِئْنَا».
فكانوا على ذلك، وكان التمر يُقْسَمُ على السُّهْمَانِ من نصف خيبر، ويأخذ رسولُ الله – صلي الله عليه وسلم – الخُمُسَ.
وكان رسول الله – صلي الله عليه وسلم – أَطْعَمِ كلَّ امرأة من أزواجه – من الخُمُس – مِئَةَ وَسْقٍ تمرًا، وعشرين وَسْقًا شعيرًا. فلما أراد عمر إخراج اليهود؛ أرسل إلى أزواج النبي – صلي الله عليه وسلم -، فقال لهن:
«مَنْ أحبَّ منكن أن أَقْسمَ نخلًا بخَرْصها مئة وَسْق، فيكونَ لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزرع مزرعة خَرْصٍ عِشرينَ وَسْقًا، فعلنا ومَنْ أحبَّ أن نَعْزِلَ الذي لها في الخُمُسِ كما هو؛ فعلَنا».
(قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه دون قضية أزواجه، وكذا ابن الجارود، وأخرجه الشيخان بنحوه).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني أسامة بن زيدٍ اللَّيْثِيُّ عن نافع عن عبد الله بن عمر.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣٤٠) من طريق المؤلف.
وأخرجه هو (٦/ ١١٤)، ومسلم (٥/ ٢٦ – ٢٧)، وابن الجارود (١١٠٢) من طرق أخرى عن ابن وهب … به؛ دون قضية الأزواج.
وأخرجه البخاري (٢٣٢٨)، ومسلم وأحمد (٢/ ٢٢ و٣٧) من طريق آخر عن نافع … به نحوه.
٢٦٦١ – عن أنس:
أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – غزا خيبر، فأصبناها عَنْوَةً، فَجَمَعَ السَّبْيَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه مطولًا).
إسناده: حدثنا داود بن معاذ: ثنا عبد الوارث. (ح) وثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم، وهو على شرط الشيخين من طريق يعقوب بن إبراهيم – وهو الدَّوْرَقِيّ البغدادي الحافظ -.
وإسماعيل: هو ابن علَيَّةَ.
والحديث أخرجه أحمد في «مسنده» (٣/ ١٠١ – ١٠٢): ثنا إسماعيل … به، مطولًا في قصة فتح خيبر واصطفائه صفية، وعتقه إياها وتزوُّجها.
وكذلك أخرجه البخاري (٣٧١) من طريق الدَّوْرَقِيِّ … مطولًا.
وأخرجه البيهقي (٢/ ٢٢٩ – ٢٣٠) من طريق يعقوب.
و(٧/ ٢٥٩) من طريق أحمد، ولكنه لم يسُقِ الحديث بتمامه عنهما -.
٢٦٦٢ – عن بُشَيْر بن يسار عن سهل بن أبي حَثْمة قال:
قَسَمَ رسولُ الله – صلي الله عليه وسلم – خَيْبَرَ نصفين: نصفًا لنوائيه وحاجته، ونصفًا بين المسلمين، قَسَمَها بينهم على ثمانيةَ عَشَرَ سَهْمًا.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه العسقلاني).
إسناده: حدثنا الربيع بن سليمان المؤذِّنُ: ثنا أَسَد بن موسى: ثنا يحيى بن زكريا: حدثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار عن سهل.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي أسد بن موسى كلام لا يضر، وبعضهم يصحح حديثه كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣١٧) من طريق المؤلف. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (٢٠٩) – بعد أن عزاه إليه: –
«إسناده صحيح إلى سهل بن أبي حثمة».
قلت: وسهل هذا صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة – كما في «التقريب» -؛ فهو مرسل؛ لأنه لم يدرك القصة، لكن مرسل الصحابي حجة، ولا سيما وقد قرن معه غيره في الرواية الآتية.
أنه سمع نفرًا من أصحاب النبي – صلي الله عليه وسلم – قالوا … فذكر هذا الحديث؛ قال: فكان النصفُ سِهَامَ المسلمين وسَهْمَ رسول الله – صلي الله عليه وسلم -، وعَزَلَ النصفَ للمسلمين؛ لما ينوبه من الأمور والنوائب.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا حسين بن عليِ بن الأسود: أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن بُشيْر بن يسار: أنه سمع نفرًا من أصحاب النبي – صلي الله عليه وسلم – ﷺ قالوا …
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير حسين بن علي – وهو العجلي -، وفيه ضعف، وقد تقدم في أثر له برقم (٢٦٤٠).
لكن الحديث صحيح؛ لأنه قد توبع كما يأتي، ويشهد له ما قبله وما بعده.
ورواية المؤلف هذا الحديث – والذي بعده – مما يَرُدُّ قول الحافظ في ترجمة ابن الأسود هذا: أن أبا داود لم يرو عنه، فإنه لا يروي إلا عن ثقة عنده!
هذا؛ وقد تابعه الحسن – وهو ابن علي بن عفان العِجْلِيُّ – عن يحيى بن آدم، وهو راوي «كتاب الخراج» عنه رقم (٩٤)، وعنه البيهقي (٦/ ٣١٧).
فصح الحديث؛ والحمد لله.
وأبو شهاب: اسمه عبد ربه بن نافع الكِنَاني.
أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – لمَّا ظهر على خيبر؛ قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كلُّ سهمٍ مئة سهم، فكان لرسول الله – صلي الله عليه وسلم – وللمسلمين النصفُ من ذلك، وعزل النصفَ الباقيَ لمن نزل به من الوُفودِ والأمور، ونوائب الناس.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا حسين بن علي: ثنا محمد بن فضَيْلٍ عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار مولى الأنصار.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كالذي قبله، رواه علي بن الحسين عن شيخ آخر له: محمد بن فضيل … به.
وقد تابعه يحيى بن آدم في «الخراج» (رقم ٩٥)، ومن طريقه: البيهقي (٦/ ٣١٧).
ورواه في «الدلائل» (٤/ ٢٣٥) من طريق المؤلف.
٢٦٦٥ – وفي رابعة عنه قال:
لما أفاء الله على نبيِّهِ ﷺ خيبرَ؛ قسمها على ستة وثلاثين سهمًا؛ جَمَعَ كلُّ سهم مِئة سهم، فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به: الوَطِيحَةَ والكُتَيْبَةَ وما أُحِيزَ معهما. وعَزَلَ النصفَ الآخرَ؛ فقسمه بين المسلمين: الشَّقَّ والنَّطَاةَ وما أُحيز معهما. وكان سهم رسول الله – صلي الله عليه وسلم – فيما أحِيزَ معهما.
(قلت: حديث صحيح).
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، والحديث صحيح بما قبله من الموصول.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ٣١٧) من طريق المؤلف.
٢٦٦٦ – وفي خامسة عنه:
أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – لمَّا أفاء الله عليه خيبرَ؛ قسمها ستة وثلاثين سهمًا – جَمْعُ -؛ فعزل للمسلمين الشَّطْرَ ثمانيةَ عَشَرَ سهمًا، يَجْمَعُ كُلُّ سهم مئةً، النبي – صلي الله عليه وسلم – معهم، له سَهْمٌ كسهم أحدهم، وعَزَلَ رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ثمانيةَ عَشَرَ سهمًا – وهو الشطر – لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين. فكان ذلك: الوَطِيحَ والكتَيْبَةَ والسَّلالِمَ وتوابِعَها. فلما صارت الأموالُ بيد النبي ﷺ والمسلمين؛ لم يكن لهم عمَّالٌ يكفونهم عَمَلَها، فدعا رسول الله – صلي الله عليه وسلم – اليهودَ، فعاملهم.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن مِسْكِين اليَمَامِيُّ: ثنا يحيى بن حسان: ثنا سليمان – يعني: ابن بلال – عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد مضى موصولًا قريبًا.
وأخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٥٦/ ١٤٢): حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا يحيى بن سعيد … به.
وكذلك أخرجه ابن زنجويه (١/ ١٨٨)، وابن سعد (٢/ ١١٣).
٢٦٦٧ – عن ابن شهاب قال:
بلغني أن رسول الله ﷺ افتتح خيبر عَنْوَةً بعد القتال، وترك مَنْ ترك مِنْ أهلها على الجلاء بعد القتال.
(قلت: حديث صحيح على إرساله، يشهد له أحاديث الباب، ولطرفه الأول: حديث أنس (رقم ٢٦٦١».
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات، ومتنه صحيح؛ لما ذكرته أعلاه.
والحديث أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٥٥/ ١٤١)، وكذا ابن زنجويه (١/ ١٨٨/ ٢١٨) من طريق عبد الله بن صالح عن ليث بن سعد عن يونس بن يزيد الأيلي … به أتم منه.
وتابعه محمد بن إسحاق: أخبرني ابن شهاب … به مطولًا.
أخرجه في «السيرة» (٣/ ٤١١ – ٤١٢).
خَمَّس رسول الله – صلي الله عليه وسلم – خيبر، ثم قَسَمَ سائرها على مَنْ شهدها، ومَنْ غاب عنها من أهل الحديبية.
(حديث حسن على إرساله).
إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب.
قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل؛ لكن له شاهد يتقوى به كما يأتي.
والحديث أعله المنذري بالإرسال.
ويشهد له حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن أبي عمار قال:
ما شهدت مع رسول الله – صلي الله عليه وسلم – مغنمًا قَطُّ، إلا قسم لي؛ إلا خيبر، فإنها كانت لأهل الحديبيَّة خاصةً، وكان أبو هريرة وأبو موسى جاءا بين الحديبية وخيبر.
أخرجه الطيالسي (٢٤٧٥)، وأحمد (٢/ ٥٣٥)، والدارمي (٢/ ٢٢٦).
ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير علي بن زيد – وهو ابن جدعان -، وهو سيئ الحفظ كما قال الهيثمي (٦/ ١٥٥).
وله شاهد آخر في «ضعيف أبي داود» (٥٢٥).
وثالث عن الزهري … مرسلًا. في «مصنف عبد الرزاق» (٥/ ٣٧٢/ ٩٧٣٨).
لولا آخِرُ المسلمين، ما فَتَحْتُ قريةً إلا قَسَمْتها كما قَسَمَ رسول الله ﷺ خَيْبَرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ٤٠) … بإسناده ومتنه.
وبه: أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٥٦/ ١٤٣).
وأخرجه البخاري (٢٣٣٤ و٣١٢٥ و٤٢٣٦) من طرق أخرى عن ابن مهدي … به.
وكذلك أخرجه البيهقي (٦/ ٣١٧).
وتابعه عبد الله بن إدريس عن مالك … به.
أخرجه يحيى بن آدم في «الخراج» (١٠٧).
وتابع مالكًا: محمد بن جعفر: عند البخاري (٤٢٣٥)، وابن زنجويه (١/ ١٩٠/ ٢٢٢)، والبيهقي.
وهشام بن سعد: عند يحيى (١٠٦)، وأحمد (١/ ٣١ – ٣٢).
٢٦٧٠ – عن ابن عباس:
أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – – عامَ الفتح – جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب، فأسلم بِـ (مَرِّ الظَّهْرَان)، فقال له العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يُحِبُّ هذا الفخر، فلو جعلت له شيئًا؟ قال:
«نعم. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن».
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يحيى بن آدم: ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس.
قلت: إسناده حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، ولكنه قد صرح بالتحديث كما يأتي. والحديث صحيح بشواهده.
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٩/ ١١٨)، و«الدلائل» (٥/ ٣١) من طريق المؤلف.
ثم رواه البيهقي في «الدلائل» من طريق أخرى عن محمد بن إسحاق … به.
ثم أخرجه من طريق يونس بن بُكَيْرِ عن ابن إسحاق قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس … به مطولًا.
قلت: والحسين هذا ضعيف، كما في «الجرح والتعديل» (١/ ٢/ ٥٧).
وقد أعله البيهقي بالإرسال، فقال عقبه (٥/ ٣٥):
«هذا لفظ حديث حسين بن عبد الله. وأما أيوب؛ فإنه لم يجاوز به عكرمة».
«وله شواهد في عقد الأمان لأهل مكة بما قال الرسول؛ من جهة سائر أهل المغازي».
ثم ذكر بعضها مطولًا؛ فليراجعها من شاء.
وقد ساق الحديثَ بطوله: ابنُ هشام في «السيرة» (٤/ ١٧ – ٢٤) عن ابن إسحاق: حدثني الزهري … بسنده عند المؤلف.
وهذا إسناد حسن.
وبعضه في «المستدرك» (٣/ ٤٣ – ٤٥)، وصححه هو والذهبي!
والحديث مخرج في «الصحيحة» (٣٣٤١).
٢٦٧١ – وفي رواية عنه قال:
لما نَزَلَ رسولُ الله ﷺ (مَرَّ الظَّهْرَانِ) قال العباس: قلت: والله! لئن دخل رسول الله ﷺ مكة عَنْوَةً – قبل أن يأتوه فيستأمنوه -؛ إنه لَهَلاكُ قريش! فجلست على بغلة رسول الله ﷺ، فقلت: لَعَلِّي أَجِدُ ذا حاجة، يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله ﷺ؛ ليخرجوا إليه ويستأمنوه! فإني لأَسِيرُ؛ إذْ سمعت كلام أبي سفيان وبُديْلِ بن وَرْقَاءَ، فقلت: يا أبا حنظلة! فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. قال: ما لك فِدَاكَ أبي وأمي! ! قلت: هذا رسول الله ﷺ والناسُ! قال: فما الحيلةُ؟ قال: فركب خلفي، ورجع صاحبه. فلما أصبح؛ غدوت به على رسول الله ﷺ فأسلم. قلت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يُحِبُّ هذا الفخر؛ فاجعل
«نعم. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن».
قال: فتفرَّق الناسُ إلى دُورِهم وإلى المسجد.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازيُّ: ثنا سَلَمَةُ بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن العباس بن عبد الله بن مَعْبَدٍ عن بعض أهله عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ غير بعض أهل العباس بن عبد الله بن معبد؛ فإنه لم يُسَمَّ.
لكن لابن إسحاق إسناد آخر عن ابن عباس من طرق عنه، بعضها حسن كما تقدم في تخريج الرواية التي قبلها.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١١٨ – ١١٩) من طريق المؤلف.
وللطرف الآخير منه شاهد من حديث أبي هريرة: عند مسلم وغيره، وهو الآتي بعده بحديث.
٢٦٧٢ – عن وهب (هو ابن مُنبِّه) قال:
سألت جابرًا: هل غَنِمُوا يومَ الفتح شيئًا؟ قال: لا.
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الحافظ).
إسناده: حدثنا الحسن بن الصَّبَّاح: ثنا إسماعيل يعني: ابن عبد الكريم -: حدثني إبراهيم بن عَقِيلِ بن مَعْقِل عن أبيه عن وهب.
«إسناده حسن»!
وسكت عنه المنذري!
والحديث أخرجه اِلبيهقي (٩/ ١٢١) من طريق المؤلف.
٢٦٧٣ – عن أبي هريرة:
أن النبي ﷺ لمَّا دخل مكة؛ سَرَّحَ الزبيرَ بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل، وقال:
«يا أبا هريرة! اهْتِفْ بالأنصار». قال: اسْلُكوا هذا الطريق؛ فلا يُشْرِفَنَّ لكم أحد إلا أَنَمْتُمُوُه«.
فنادى منادٍ: لا قريش بعد اليوم! فقال رسول الله ﷺ:
»من دخل دارًا فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن«.
وعَمَدَ صناديدُ قريش، فدخلوا الكعبة، فَغَصَّ بهم.
وطاف النبي ﷺ، وصلَّى خلف المقام، ثم أخذ بِجَنَبَتَي الباب، فخرجوا فبايعوا النبي ﷺ على الإسلام.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في»صحيحيهما” – مطولًا -).
إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا سَلام بن مِسْكِينٍ: ثنا ثابت عن عبد الله بن رَبَاح الأنصاري عن أبي هريرة.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١١٨) من طريق المؤلف.
وأخرجه هو (٦/ ٣٤)، وفي «الدلائل» (٥/ ٥٥ – ٥٧)، ومسلم (٥/ ١٧٠ – ١٧٣)، وأبو عوانة (٤/ ٢٢٩ – ٢٣٣)، والطيالسي (٢٤٣٢)، وأحمد (٢/ ٢٩٢) من طرق أخرى عن ثابت … به مطولًا ومختصرًا؛ وكلهم قالوا:
«من دخل دار أبي سفيان … [ومن أغلق بابه فهو آمن]». وزاد مسلم في رواية:
«فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم».
٢٦ – باب ما جاء في خبر الطائف
٢٦٧٤ – عن وهب (هو ابن مُنَبِّهٍ) قال:
سألت جابرًا عن شأن ثَقِيفٍ إذ بايعت؟ قال:
اشترطتْ على النبيِّ ﷺ أنْ لا صدقةَ عليها، ولا جهادَ. وأَنه سمع النبي ﷺ بعد ذلك – يقول:
«سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا».
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا الحسن بن الصَّبَّاح: ثنا إسماعيل – يعني: ابن عبد الكريم -: حدثني إبراهيم بن مُنَبِّهٍ عن أبيه عن وَهْبٍ.
قلت: وهذا إسناد صحيح كما تقدم في حديث آخر قبل هذا بحديث،
ووهب هو ابن منبه كما ذكرت آنفًا.
وقد تابعه أبو الزبير قال: أخبرني جابر … فذكره مفرقًا في موضعين. وهو مخرج في «الصحيحة» (١٨٨٨).
٢٧ – باب ما جاء في حكم أرض اليمن
[ليس تحته حديث على شرطِ كتابنا هذا. (انظر «الضعيف»)]
٢٨ – باب إخراج اليهود من جزيرة العرب
٢٦٧٥ – عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ أوصى بثلاثة؛ فقال:
«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم».
قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة – أو قال: فأُنسيتها -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث: أخرجه مسلم (٥/ ٧٥) … بإسناد المصنف.
وأخرجه البخاري (٣٠٥٣ و٣١٦٨ و٤٤٣١)، ومسلم أيضًا، والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤/ ١٦)، والبيهقي (٩/ ٢٠٧)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٤٠٩) من طرق عن سفيان … به.
٢٦٧٦ – عن عمر بن الخطاب؛ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
«لأخرجَنَّ اليهودَ والنصارى من جزيرة العرب؛ فلا أَتْرُكُ فيها إلا مسلمًا».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن الجارود في «صحاحهم»).
إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم وعبد الرزاق قالا: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب …
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن البخاري روى لأبي الزبير مقرونًا بعطاء؛ كما في «مقدمة الفتح» (٤٤٢).
والحديث في «مصنف عبد الرزاق» (٦/ ٥٤/ ٩٩٨٥) … بإسناده ومتنه.
وأخرجه الترمذي (١٦٠٧) … بإسناد المصنف.
وأحمد (١/ ٢٩): ثنا عبد الرزاق … به.
وأخرجه مسلم (٥/ ١٦٠)، وأبو عوانة (٤/ ١٦٥)، وابن الجارود (٣٧٢/ ١١٠٣) من طرق عن عبد الرزاق … به.
٢٦٧٧ – وفي رواية عنه قال:
قال رسول الله ﷺ … بمعناه، والأول أتم.
(قلت: حديث صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله: ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن عمر.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم، ولم أصححه؛ لعنعنة أبي الزبير، ولكنه قد صرح بالتحديث في رواية ابن جريج التي قبلها؛ فالحديث صحيح.
والحديث في «مسند أحمد» (١/ ٣٢) … بإسناده المذكور ومتنه، ولكنه وقع فيه موقوفًا غير مرفوع!
ثم رواه – من طريقين آخرين -، وابن زنجويه (٤١٦) – من أحدهما – عن سفيان الثوري … به مرفوعًا.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٥٨١١ – الاحسان) … موقوفًا.
والحاكم (٤/ ٢٧٤) مرفوعًا من طريق أبي أحمد … به. وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»! ووافقه الذهبي!
فوهما في الاستدراك على مسلم، وقد بينت عذره في ذلك في «الصحيحة» برقم (١١٣٤).
والصواب أنه من (مسند عمر) … مرفوعًا، رواه عنه جابر.
٢٦٧٨ – عن سعيد – يعني: ابن عبد العزيز -:
جزيرة العرب: ما بين الوادي إلى أقصى اليَمَنِ إلى تُخُومِ العراق إلى البحر.
(قلت: مقطوع صحيح الإسناد).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا عمر – يعني: ابن عبد الواحد – قال: قال سعيد – يعني: ابن عبد العزيز – …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ ولكنه مقطوع.
٢٩ – باب في إيقاف أرض السواد وأرض العَنْوَةِ
٢٦٧٩ – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«مَنَعَتِ العراقُ قَفِيزَها وَدِرْهَمَهَا. ومَنَعَت الشّامُ مُدْيَها ودِينارَها. ومَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّها ودِينارَها. ثم عُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأتُم».
قالها زهير ثلاث مرات -، شهد على ذلك لَحْمُ أبي هريرةَ ودَمُهُ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في «صحيحه»، وابن الجارود في «المنتقى»).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث أخرجه أبو عبيد (٧١/ ١٨٢)، وعنه ابن زنجويه (١/ ٢١٧/ ٢٧٤) … بإسناد المؤلف ومتنه.
وتابع أحمدَ بنَ عبد الله بن يونس: يحيى بنُ آدم فقال: حدثنا زهير بن معاوية … به: أخرجه في كتاب «الخراج» (٧١/ ٢٢٧)، ومن طريقه مسلم (٨/ ١٧٥)، وابن الجارود في «المنتقى» (١١٠٨)، والبيهقي (٩/ ١٣٧) كلهم عن يحيى … به.
وله متابع آخر، فقال أحمد (٢/ ٢٦٢): ثنا أبو كامل: ثنا زهير … به.
وأبو كامل هذا ثقة متقن، واسمه: مُظَفَّرُ بن مُدْرَكٍ الخرَاسَانِيُّ.
وتابع زهيرًا: عياش بن عباس عن سهيل … به: علقه ابن عدي (ق ١/ ١٧٩).
وأخرجه ابن زنجويه (١/ ٢١٧/ ٢٧٥) من طريق ابن لهيعة عنه.
وله شاهد من حديث جابر … نحوه: رواه مسلم (٨/ ١٨٥)، وأحمد (٣/ ٣١٧).
٢٦٨٠ – وعنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«أيُّما قريةٍ أتيتموها، وأقمتم فيها؛ فسهمكم فيها. وأيُّما قرية عَصَتِ اللهَ ورسولَه؛ فإن خُمُسَها لله وللرسول، ثُمَّ هي لكم».
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن همام بن منبه
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في «مسند أحمد» (٢/ ٣١٧) … بإسناده ومتنه.
وكذلك هو في «مصنف عبد الرزاق» (٦/ ١٠٤/ ١٠١٣٧).
ومن طريقه: أخرجه مسلم (٥/ ١٥١)، والبيهقي (٦/ ٣١٨) من طرق – أحدها عند مسلم من طريق أحمد عنه -.
وله طريق أخرى، يرويها العباس بن محمد الدوري: ثنا قُرَادٌ أبو نوح: ثنا المُرَجَّى بن رجاء عن أبي سلمة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة: أخرجه البيهقي (٩/ ١٣٩)، وقال:
«قال أبو الفضل الدُّوري: أبو سلمة هذا: هو – عندي – صاحب الطعام؛ أو حماد بن سلمة».
قلت: والمُرَجَّى مختلف فيه، وفي «التقريب»:
«صدوق له أوهام».
٣٠ – باب في أخذ الجزية
٢٦٨١ – عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان:
أن النبي ﷺ بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِر دُومَة، فأُخِذَ، فأتوه به، فَحَقَنَ له دَمَهُ، وصالحه على الجزية.
(قلت: حديث صحيح).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في ابن إسحاق، فالسند حسن لولا أنه قد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث في رواية كما يأتي، فالحديث حسن، والحمد لله.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ١٨٦) من طريق أخرى عن العباس بن محمد: ثنا سهل بن عثمان العَسْكَرِيُّ: ثنا يحيى بن زكريا: ثنا محمد بن إسحاق … به.
وأخرجه ابن هشام في «السيرة» (٤/ ١٨١ – ١٨٢) من رواية ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة … به مطولًا، ولكنه لم يذكر قوله: وعن عثمان بن أبي سليمان.
وهو القرشي النوفلي، وهو تابع تابعي ثقة، فروايته معضلة.
ثم ساق له البيهقي شاهدًا من طريق ابن إسحاق – أيضًا -: حدثنا يزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر … مرسلًا.
وذكر له في «الدلائل» (٥/ ٢٥١) شاهدًا آخر من حديث عروة … مرسلًا.
فالحديث بذلك صحيح. والله أعلم.
٢٦٨٢ – عن معاذ:
أن النبي ﷺ لمَّا وجَّهه إلى اليمن؛ أمره أن يأخذ من كل حَالِمٍ – يعني: محتلمًا – دينارًا، أو عِدْلَهُ من المَعَافِرِيِّ – ثياب تكون باليمن -.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد مضى بأتم منه برقم (١٤٠٨».
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير النفيلي، فهو من رجال البخاري وحده.
وله عن الأعمش إسنادان كما ترى:
أحدهما: عن أبي وائل عن معاذ.
والآخر: عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ.
وقد تابعه الثوري وغيره على الوجه الأول، لكنه أدخل بين أبي وائل – واسمه شقيق – وبين معاذ: مسروقًا.
أخرجه المؤلف في «الزكاة»؛ وقد مضى (١٤٠٨) فراجعه.
٣١ – باب في أخذ الجزية من المجوس
٢٦٨٣ – عن ابن عباس قال:
إن أهل فارس لمَّا مات نبيُّهم؛ كتب لهم إبليسُ المجوسيَّةَ.
(قلت: إسناده حسن موقوف).
إسناده: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي: ثنا محمد بن بلال عن عمران القَطَّان عن أبي جَمْرَةَ عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في عمران القطان – وهو ابن دَاوَر -.
وبقية الرجال من رجال الشيخين.
وأبو جمرة: اسمه نصر بن عمران.
والحديث أخرجه البيهقي في «السنن» (٩/ ١٩٢) من طريق المؤلف.
٢٦٨٤ – عن عمرو بن دينار سمع بَجَالَةَ يُحدِّث عَمْرَو بنَ أوس وأبا الشعثاء قال:
كنت كاتبًا لِجَزْء بن معاوية – عم الأحنف بن قيس -؛ إذ جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة: اقتُلوا كُلَّ ساحر، وفرِّقوا بين كل ذي مَحْرَمٍ من المجوس، وانهَوْهم عن الزَّمْزَمَةِ. فقتلنا في يوم ثلاثةَ سَوَاحِرٍ، وفرَّقنا بين كل رجل من المجوس وحَريمِه في كتاب الله. وصنع طعامًا كثيرًا، فدعاهم، فعرَّض السَّيْفَ على فَخِذِه، فأكلوا؛ ولم يُزَمْزِمُوا، وألْقَوْا وِقْر بَغْل أو بَغْلَيْنِ من الوَرِق، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس؛ حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ﷺ أخذها من مجوس هَجَرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في «صحيحه» – باختصار -. وصححه الترمذي وابن الجارود – بتمامه -).
إسناده: حدثنا مسدد بن مسرهد: ثنا سفيان عن عَمرو بن دينار.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو من شيوخ البخاري فقط، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ١٩٠ – ١٩١)، وأبو عبيد (٣١/ ٧٧) وسعيد بن
وعنه أيضًا: الطيالسي (٢٢٥)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٢٤٣/ ١٢٦٩٤) … مختصرًا؛ دون قصة كتاب عمر.
وكذلك أخرجه الحميدي (٦٤).
وأخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (١١٠٥)، وأبو يعلى في «مسنده» (٨٦٠ – ٨٦١) من طرق عن سفيان بن عيينة … بتمامه.
والبخاري (٣١٥٦ – ٣١٥٧)، والترمذي (١٥٨٧)، والبيهقي (٩/ ١٨٩) من طرق أخرى عنه … مختصرًا، ولفظ البخاري أتم. وقال الترمذي:
«حديث حسن صحيح».
وتابعه ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار … به مختصرًا.
أخرجه عبد الرزاق (٦/ ٦٨ و١٠/ ٣٢٧)، وعنه أحمد (١/ ١٩٢).
٣٢ – باب في التشديد في جِبَايَةِ الجِزيَةِ
٢٦٨٥ – عن عروة بن الزبير:
أن هشام بن حَكِيم بن حِزَام وجد رجلًا – وهو على حمص – يُشَمِّسُ ناسًا من القِبْطِ في أداءِ الجزية. فقال: ما هذا؟ ! سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الله يعذِّبُ الذين يعذِّبون الناسَ في الدنيا».
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن الجارود وابن حبان في «صحاحهم»).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه مسلم (٨/ ٣٣)، والبيهقي (٩/ ٢٠٥) من طريقين آخرين عن ابن وهب … به.
وأخرجه مسلم وابن حبان (٥٥٨٣ – ٥٥٨٤)، وأبو عبيد (٤٣/ ١١٠ – ١١٢)، وابن زنجويه (١/ ١٦٤)، وعبد الرزاق (١١/ ٢٤٥/ ٢٥٤٤٣)، وعنه ابن الجارود (١١٠٦)، وأحمد (٣/ ٤٠٣ و٤٠٤ و٤٦٨) من طرق أخرى عن هشام بن عروة … به. وسمى أحمدُ الرجلَ: عُمَيْرَ بن سعد.
وفي رواية له ولمسلم: قال:
وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين، فدخل (يعني: هشامًا) عليه فحدثه، فأمر بهم فخُلُّوا.
وفي رواية لابن حبان:
أنه عِيَاضُ بن غَنْم وهو على حمص.
وهي رواية ابن زنجويه.
وسندها صحيح.
وله شاهد من رواية شُرَيْحِ بن عُبَيْد الحضرمي وغيره قال:
جلد عياضُ بن غنمٍ … فأغلظ له هشام بن حكيم القول … الحديث.
ومن الظاهر: أن القصة وقعت لهشام مع كل من الأميرين – عمير وعياض – كما وقع ذلك لغيره مع غيرهما! كما قال أخوه خالد بن حَكِيم بن حِزَامٍ:
تناول أبو عبيدة بن الجراح رجلًا من أهل الأرض بشيء، فكلَّمه خالد بن الوليد، فقيل له: أغضبت الأمير! فقال خالد: إني لم أُرِدْ أن أُغْضِبَهُ، ولكن سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«أشدُّ الناس عذابًا عند الله يومَ القيامة: أشدُّهم عذابًا للناس في الدنيا».
أخرجه البخاري في «التاريخ» (٢/ ١/ ١٤٣)، وابن زنجويه (١/ ١٧١/ ١٦٥) وغيرهم بسند صحيح، وهو مخرج في «الصحيحة» (١٤٤٢).
(تنبيه): وقع في «صحيح ابن حبان» – في الرواية الأخرى له -: أن حكيم بن حزام … بدل: هشام بن حكيم بن حزام … فقال ابن حبان:
«سمع هذا الخبرَ عروةُ عن هشام بن حكيم بن حزام؛ وهو يعاتب عياض بن غنم على هذا الفعل. وسمعه أيضًا من حكيم بن حزام؛ حيث عاتب عمير بن سعد على هذا الفعل سواءً، فالطريقان جميعًا محفوظان»!
قلت: في الطريق الأخرى حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، وحماد – مع جلالته – فيه كلام فيما يرويه عن غير ثابت، فأرى أنه وهم في ذلك؛ والمحفوظ رواية الزهري عن عروة، ورواية الجماعة عن هشام بن عروة. والله أعلم.
٢٦٨٦ – عن العِرْباضِ بن سَارِيةَ السُّلَمِيِّ قال:
نزلنا مع النبي ﷺ خيبرَ؛ ومعه مَنْ معه مِنْ أصحابه، وكان صاحب خيبر رجلًا ماردًا منكرًا، فأقبل إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا محمد! ألكم أن تذبحوا حُمُرَنَا، وتأكلوا ثَمَرَنا، وتضربوا نساءنا؟ ! فغضب – يعني: النبي ﷺ وقال:
«يا ابن عوف! ارْكَبْ فَرَسَكَ، ثم نادِ: ألا إنَّ الجنةَ لا تَحِلُّ إلا لمؤمن، وأَنِ اجْتَمِعُوا للصلاة». قال: فاجتمعوا، ثم صلَّى بهم النبيُّ ﷺ، ثم قام فقال:
«أيحسب أحدكم مُتَّكِئًا على أريكته؛ قد يظن أن الله لم يحرم شيئًا إلا ما في هذا القرآن! ألا وإني – والله – قد أَمَرْتُ وَوَعَظْتُ ونَهَيْتُ عن أشياء؛ إنها لَمِثْلُ هذا القرآنِ أو أكثرُ، وإن الله لم يُحِلَّ لكم أن تَدْخُلوا بيوتَ أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضَرْبَ نسائهم، ولا أَكْلَ ثمارِهم إذا أَعْطَوْكُمُ الذي عليهم».
(قلت: إسناده حسن).
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أشعث بن شعبة: ثنا أرطاة بن المنذر قال: سمعت حَكِيمَ بن عُمَيْرٍ أبا الأحوص يحدث عن العرباض بن سارية السُّلَمِيِّ.
قلت: هذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات؛ غير أشعث بن شعبة؛ فإنه وسط، قال أبو زرعة:
وذكره ابن حبان في «الثقات» (٨/ ١٢٩). وقال الحافظ في «التقريب»:
«مقبول».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٠٤) من طريق المؤلف.
والخطيب في «باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله ﷺ في وجوب العمل ولزوم التكليف» من «الكفاية في علم الرواية» (ص ٩) من طريق أخرى عن محمد بن عيسى – يعني: الطَّبَّاعَ – … به.
وذكر له شواهد، وهي مخرجة في «المشكاة» (١٦١ – ١٦٤).
ولبعضه طريق آخر من رواية أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها:
أن رسول الله ﷺ حَرَّمَ يومَ خيبر كُل ذي مِخْلَبٍ من الطير، ولحوم الحمر الأهلية … الحديث.
أخرجه أحمد (٤/ ١٢٧)، والترمذي (١٤٧٤)، وانظر «صحيح الترمذي» (١١٩٠ – تخريجي).
٢٦٨٧ – عن عِدَّةِ من أبناء أصحاب رسول الله ﷺ عن آبائهم – دِنْيَةً – عن رسول الله ﷺ قال:
«ألا مَنْ ظَلَمَ معاهدًا، أَوِ انتقصَهُ، أو كَلَّفَهُ فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا حَجِيجُهُ يومَ القيامة».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال العراقي: «إسناده جيد»، وقال السخاوي: «لا بأس به»).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله موثقون؛ غير أبناء الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم لم يُسَمَّوا، ولكنهم جمع تنجبر به جهالتهم، كما قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (٣٩٢/ ١٠٤٤). ولذلك قال:
«لا بأس بسنده». وسبقه إلى ذلك الحافظ العراقي، فقال:
«وإسناده جيد، وإن كان فيهم من لم يُسَمَّ؛ فإنهم عدة من أبناء الصحابة، يبلغون حد التواتر الذي لا يُشْتَرَطُ فيه العدالة».
نقله ابن عراق في «تنزيه الشريعة» (٢/ ١٨٢)؛ وأقرَّهُ.
وأبو صخر المديني: اسمه حُمَيْدُ بن زياد، وهو من رجال مسلم، وفيه كلام لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن.
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢٠٥) من طريق أخرى عن ابن وهب … به.
وقال: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله ﷺ … قال السخاوي:
«وله شواهد أفردتها في جزء».
قلت: منها في «الخراج» (٧٥/ ٢٣٥).
٣٤ – باب في الذمي يُسْلم في بعض السنة؛ هل عليه جزية؟
٢٦٨٧/ م – حدثنا محمد بن كثير قال:
سئل سفيان عن تفسير هذا؟ فقال:
إذا أسلم، فلا جزية عليه.
إسناده: مقطوع صحيح. وقال البيهقي (٩/ ١٩٩) عقب الحديث:
«وهذا – إن صح – إنما هو في تعشير أموالهم إذا اختلفوا بالتجارة، فإذا أسلموا رفع ذلك عنهم».
٣٥ – باب في الإمام يَقْبَلُ هَدَايا المشركين
٢٦٨٨ – عن عبد الله الهَوْزَنِيِّ قال:
لقيت بلالًا مؤذِّنَ رسول الله ﷺ بـ (حلب)، فقلت: يا بلال! حدِّثني كيف كانت نفقةُ رسول الله ﷺ؟ قال:
ما كان له شيء، كنتُ أنا الذي أَلِي ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن تُوُفِّيَ، وكان إذا أتاه الإنسان مسلمًا، فرآه عاريًا؛ يأمرني فأنطلق، فأستقرض فأشتري له البُرْدَةَ؛ فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين، فقال: يا بلال! إن عندي سَعَةً؛ فلا تستقرض من أحد إلا منِّي! ففعلت. فلما أن كان ذاتَ يوم؛ توضأت ثم قمت لأُؤذِّن بالصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عِصَابةٍ من التُّجَّار، فلما رآني قال: يا حَبَشِي! قلت: يا لَبَّاهْ! فتجهَّمني، وقال لي قولًا غليظًا، وقال لي: أتدري كَمْ بينك وبين الشهر؟ قال: قلت: قريب. قال: إنما بينك. وبينه أربعٌ، فآخذُك بالذي عليك فأردُّك ترعى الغنم كما كنت قيل ذلك! فأخذ في نفسي ما يأخذ في أَنْفُس الناس، حتى إذا صَلَّيْتُ العَتَمَةَ، رجع رسول الله ﷺ إلى أهله، فاستأذنت عليه؟ فأَذِنَ لي، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت! إن المشرك الذي
فخرجت حتى إذا أتيت منزلي؛ فجعلت سيفي وجِرابي ونَعْلَيَّ ومِجَنِّي عند رأسي، حتى إذا انشق عَمُودُ الصبح الأول؛ أردْتُ أن أنطلق؛ فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال! أَجِبْ رسول الله ﷺ، فانطلقت حتى أتيته، فإذا أَرْبَعُ ركائبَ مُناخَاتٍ؛ عليهن أحمالُهُنَّ، فاستأذنت، فقال لي رسول الله ﷺ:
«أبشر! فقد جاءك الله بقضائك»، ثم قال:
«ألم ترَ الركائبَ المُناخاتِ الأربعَ؟»، فقلت: بلى. فقال:
«إن لك رقابَهُنَّ وما عليهن؛ فإن عليهن كُسْوَةً وطعامًا؛ أهداهنَّ إليَّ عظيم (فَدَكَ)، فاقْبِضْهُنَّ واقْضِ دَيْنَكَ». ففعلت (فذكر الحديث)، ثم انطلقت إلى المسجد؛ فإذا رسول الله ﷺ قاعد في المسجد، فسلمت عليه، فقال:
«ما فعل ما قِبَلَكَ؟».
قلت: قد قضى الله كلَّ شيء كان على رسول الله ﷺ، فلم يَبْقَ شيء. قال:
«أَفَضَلَ شيء؟». قلت: نعم. قال:
“انظر أن تريحني منه؛ فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى
فلما صلى رسول الله ﷺ العتمةَ دعاني، فقال:
«ما فعل الذي قِبَلَك؟».
قال: قلت: هو معي، لم يأتنا أحد! فبات رسول الله ﷺ في المسجد (وقص الحديث)، حتى إذا صلى العتمة – يعني: من الغد – دعاني فقال: «ما فعل الذي قِبَلَكَ؟».
قال: قلت: قد أراحك الله منه يا رسول الله ﷺ! فَكَبَّرَ وحَمِدَ الله؛ شفقًا من أن يدركه الموتُ وعنده ذلك، ثم اتَّبَعْتُهُ حتى جاء أزواجَهُ فسلم على امرأةًا مرأةٍ، حتى أتى مَبِيتَهُ.
فهذا الذي سألتني عنه.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا أبو توبة الرَّبِيعُ بن نافع: ثنا معاوية – يعني: ابن سَلام – عن زيد أنه سمع أبا سَلام قال: حدثني عبد الله الهَوْزَنِيُّ …
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الله هذا، وهو ثقة مخضرم، كما في «التقريب».
والحديث أخرجه البيهقي (٩/ ٢١٥) من طريق المؤلف … مختصرًا.
ثم أخرجه (٦/ ٨٠ – ٨١) من طريق أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي: ثنا أبو توبة … به أتم منه؛ فإنه ساق القدر الذي اختصره المؤلف؛ وأشار إليه بقوله: «فذكر الحديث»، و«قص الحديث».
٢٦٨٩ – وفي رواية:
بمعنى الذي قبله، قال – عند قوله: ما تقضي عني -: فسكت عَنِّي رسول الله ﷺ، فاغتمزتها.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان بن محمد: ثنا معاوية … بمعنى إسناد أبي توبة وحديثه؛ قال …
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضًا؛ ومروان بن محمد: هو الطَّاطَرِيُّ، فهو متابع قوي لأبي توبة.
٢٦٩٠ – عن عياض بن حِمَارٍ قال:
أهْديتُ للنبي ﷺ ناقةً، فقال:
«أسلمتَ؟». فقلت: لا. فقال النبي ﷺ:
«إني نُهيتُ عن زبْدِ المشركين».
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا أبو داود: ثنا عمران عن قتادة عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّيرِ عن عياض بن حمار.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير عمران – وهو ابن دَاوَر القطان -، وهو وسط، قال في «الكاشف»:
«صدوق يهم».
وأبو داود: هو الطيالسي؛ وقد أخرجه.
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٠٨٣): حدثنا عمران … به.
ومن طريقه: أخرجه الترمذي أيضًا (١٥٧٧)، والبيهقي (٩/ ٢١٦). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
وتابعه عمرو بن مرزوق: نا عمران القطان … به.
أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (١١١٠)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١٧/ ٣٦٤/ ٩٩٩).
وتابعه الحسن عن عياض بن حمار … به نحوه: أخرجه الطيالسي أيضًا (١٠٨٢)، وأبو عبيد (٢٥٦/ ٦٢٦)، وابن زنجويه (٢/ ٥٨٨/ ٩٦٥ و٩٦٦)، وأحمد (٤/ ١٦٢)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (٣/ ٢٣٢)، والطبراني (١٧/ ٣٦٤/ ٩٩٨)، والبيهقي من طرق عنه.
ورجاله ثقات، لكن الحسن – وهو البصري – مدلس؛ وقد عنعنه. ووقع في «أبي عبيد»: الحسن رضي الله عنه …
فأوهم أنه الحسن بن علي رضي الله عنهما! وليس به.
وله شاهد مرسل بسند صحيح: عند أبي عبيد.
وصرح الحسن بالتحديث في رواية أخرى لأحمد (٤/ ٢٦٦)؛ لكن فيها حكيم الأثرم؛ وفيه لين.
٢٦٩١ – عن وائل:
أن النبي ﷺ أَقْطَعَهُ أرضًا بـ (حَضْرَ مَوْتَ).
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»).
إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن سِمَاك عن علقمة بن وائل عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم رجال مسلم؛ غير عمرو بن مرزوق، فهو من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي.
وقد أعله بعض المعاصرين بالانقطاع؛ مستندًا إلى قول ابن حجر في «التقريب» أن علقمة لم يسمع من أبيه!
وهو مردود بثبوت سماعه منه في «صحيح مسلم» وغيره، كما تقدم بيانه تحت الحديث (٧١٤).
ولعل هذا هو وجه من اقتصر على تحسينه من المعاصرين!
والحديث أخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٠١٧): أنا شعبة … به.
ومن طريقه: أخرجه الترمذي (١٣٨١)، وقال:
«حديث حسن صحيح».
وأخرجه الدارمي (٢/ ٢٦٨)، وابن زنجويه (٢/ ٢١٩/ ١٠١٨ و١٠١٩)، والبيهقي (٦/ ١٤٤)، وأحمد (٦/ ٣٩٩)، والطبراني (٢٢/ ١٣/ ١٢ و١٣) من طرق – بعضهم مطولًا – عن شعبة … به.
أخرجه الطبراني (٢٢/ ٩/ ٤).
٢٦٩٢ – عن عمرو بن عوف المُزَنِيِّ وابن عباس … مثله:
أن النبي ﷺ أقطع بلال بن الحارث المُزَنِيَّ معادنَ القَبَليَّةِ: جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها – وفي رواية: جَلْسَها وغَوْرَها -، وحيث يصلح الزرع من قُدْسٍ، ولم يُعْطِهِ حَقَّ مسلمٍ، وكتب له النبي ﷺ:
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى محمد رسول الله ﷺ بلال بن الحارث المزني: أعطاه معادن القَبَلِيَّة: جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها – وفي الرواية الأخرى: جَلْسَها وغَوْرَها -، وحيث يَصْلُح الزرع من قُدْسٍ، ولم يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ».
(قلت: إسناده حسن عن ابن عباس، والرواية الأخرى في حديثه).
إسناده: حدثنا العباس بن محمد بن حاتم وغيره – قال العباس -: ثنا الحسين بن محمد: أخبرنا أبو أويس: ثنا كَثِيرُ بن عبد الله بن عوف المزني عن أبيه عن جده.
قال أبو أويس: وحدثني ثور بن زيد مولى بني الدِّيل بن بكر بن كِنَانَةَ عن عكرمة عن ابن عباس … مثله.
قلت: هو من الوجه الأول ضعيف جدًّا؛ كثير بن عبد الله – وهو ابن عمرو بن عوف – متروك، وقال الذهبي:
«أحد التلفاء».
وأبوه عبد الله بن عمرو: مجهول، كما يشير إلى ذلك قول الذهبي:
وهو من الوجه الآخر حسن، رجاله ثقات؛ وأبو أويس: اسمه عبد الله بن عبد الله الأصبحي المدني، قال الحافظ:
«صدوق يهم».
وهو من رجال مسلم؛ لكن ذكر المنذري عنه أنه أخرج له في الشواهد! وغيره أطلق العزو إليه. والله تعالى أعلم.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٠٦): حدثنا حسين … به على الوجهين.
وكذلك أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٥) من طريق أخرى عن حسين بن محمد … به.
وأخرج الوجه الثاني منه: ابن زنجويه في «الأموال» (٢/ ٦١٥): ثنا ابن أبي أويس: حدثني أبي عن ثور بن زيد … به؛ إلا أنه لم يذكر الكتاب.
٢٦٩٣ – وفي رواية عنهما:
أن النبي ﷺ أقطع بلال بن الحارث المُزَنِيَّ معادن القَبَلِيَّةِ: جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها – زاد في رواية – وجرسيها وذات النُّصُبِ؛ وحيث يصلح الزرع من قُدْس، ولم يُعْطِ بلال بن الحارث حَقَّ مُسْلِمٍ؛ وكتب له النبي ﷺ:
«هذا ما أعطى رسولُ الله ﷺ بلالَ بن الحارث المزنيَّ: أعطاه معادن القَبَلِيَّة: جَلْسَها وغَوْرَها، وحيث يصلح الزرع من قُدْس، ولم يُعْطِهِ حَقَّ مسلم -». زاد في الرواية الأخرى: «وكتَبَ أُبَيُّ بن كعبٍ».
(قلت: إسناده حسن عن ابن عباس).
والرواية الأخرى له: قال أبو أويس: حدثنى ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي ﷺ … زاد ابن النضر: وكتب أبي بن كعب.
قلت: والكلام على هذين الإسنادين تقدم في الذي قبله؛ إلا أن ابن النضر هذا – واسمه: محمد بن النضر، وهو ابن مُسَاوِرٍ المَرْوَزِيُّ – لم يقع له ذكر في إسناد هذا الحديث، وإنما في إسناد حديث آخر؛ هو في الأصل قبل هذا مقطوعًا، وهو في الكتاب الآخر (٥٤٧/ ١).
وابن النضر هذا ثقة، فلعله، من جملة الذين رووا الحديث عن حسين بن محمد.
وقد رواه عنه: أحمد والبيهقي كما ذكرنا في تخريج الذي قبله، ولكن ليس عندهما زيادة ابن النضر: وكتب أبي … والله أعلم.
٢٦٩٤ – عن أَبيَضَ بن حَمَّالٍ:
أنه وَفَدَ إلى رسول الله ﷺ، فاستقطعه المِلْحَ [الذي بِمَأْرِبَ]، فقطعه له. فلما أن ولَّى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العِدَّ! قال: فانتزع منه.
قال: وسألته عَمَّا يُحْمَى من الأراك؟ قال:
«ما لم تَنَلْهُ خِفافُ (وفي رواية: أخفاف) الإبل».
(قلت: حديث حسن؛ دون جملة الخفاف، وصححه ابن حبان).
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي ومحمد بن المُتَوكِّل العسقلاني – المعنى
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شُمَيْرُ بن عبد المَدَانِ، وسُمَيُّ بن قيس، وثُمَامَةُ بن شَراحِيلَ ثلاثتهم مجاهيل؛ لم يوثقهم غير ابن حبان؛ إلا الأول منهم، فقال الدارقطني: «لا بأس به، شيخ مُقِلٌّ». وقال الحافظ:
«مقبول».
ومحمد بن يحيى بن قيس المازني (*) لين الحديث.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٩) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي (١٣٨٠)، وابن ماجه (٢٤٧٥)، وأبو عبيد في «الأموال» (٢٧٦/ ٦٨٤)، وابن زنجويه (٢/ ٦١٨/ ١٠١٧)، وابن حبان في «صحيحه» (رقم ١١٤٠ – موارد)، وابن سعد في «الطبقات» (٥/ ٥٢٣)، والدارقطني في «سننه» (٤/ ٦٥/٢٢١)، والطبراني في «الكبير» (١/ ٢٧٨/ ٨٠٩)، وابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢٣٤) من طرق عن محمد بن يحيى بن قيس … به. وقال الترمذي:
«حديث غريب».
وخالفهم إسماعيل بن عياش فقال: عن محمد (الأصل: عمر) بن يحيى بن قيس المازني عن أبيه عَمَّنْ حدثه عن أبيض بن حَمَّال .. رواه أبو عبيد (٦٨٣).
وتابعه معمر عن يحيى بن قيس عن رجل عن أبيض بن حمال … به؛ دون قصة الأراك.
حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن رجل من أهل اليمن عن النبي ﷺ … نحوه.
وبالجملة؛ فالحديث ضعيف الإسناد؛ لأن مداره على مجاهيل من أهل اليمن؛ على الخلاف في إسناده.
لكن الحديث حسن بحديث فَرَجِ بن سعيد، الآتي ذكره في الذي بعده.
وقد ذكر الشوكاني في «النيل» (٥/ ٢٦٢) عن الترمذي أنه حسنه!
وما أراه يصح عن الترمذي؛ فقد ذكرنا عنه آنفًا أنه استغربه. والله أعلم.
وذكر الحافظ في «التلخيص» (٣/ ٦٤) أنه صححه ابن حبان، وضعفه ابن القطان، وعزاه للأربعة من طريق محمد بن يحيى المازني؛ ولم يذكر تحسين الترمذي إياه.
والنسائي إنما رواه في «الكبرى» له.
٢٦٩٥ – ومن طريق أخرى عنه:
أنه سأل رسول الله ﷺ عن حِمَى الأراك؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا حمى في الأراك».
فقال: أراكة في حِظَاري؟ فقال النبي ﷺ:
«لا حِمَى في الأراك».
قال فرج: يعني: بـ (حِظَاري): الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها.
(قلت: حديث حسن).
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ثابت بن سعيد وأبيه، كما تقدم بيانه في حديث آخر لهما في «الضعيف» (٥٣١)، فلا نعيد الكلام عليه.
والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١/ ٢٧٨/ ٨٠٨) من طريق أخرى عن فرج بن سعيد … به مطولًا؛ وفيه ما في الطريق الأولى عند المؤلف من الاستقطاع والحمى؛ دون قوله: «ما لم تنله خفاف الإبل».
فهو على الضعف.
وكذلك روى هذا القدرَ: الدارميُّ (٢/ ٢٦٨)، وابن سعد (٥/ ٥٢٣) من طريق عبد الله بن الزبير الحميدي … به.
ورواه الدارقطني (٤/ ٦٤/٢٢١) من الطريق التي عند الطبراني.
ويشهد للحديث: ما سيأتي عند المصنف – بعد بابين – من حديث الصَّعْبِ بن جَثَّامة … مرفوعًا:
«لا حمى إلا لله ولرسوله».
وأخرجه البخاري.
٢٦٩٦ – عن أسماء بنت أبي بكر:
أن رسول الله ﷺ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلًا.
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان بنحوه).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي بكر بن عياش، فهو من أفراد البخاري، وفيه كلام لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن، وقد توبع؛ فهو صحيح كما يأتي.
والحديث أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (٣/ ١٠٣ – ١٠٤) من طريق أخرى عن يحيى بن آدم … به.
ولم أره في كتاب «الخراج» ليحيى!
ثم أخرجه من طريقين آخرين عن هشام بن عروة عن أبيه … مرسلًا؛ لم يذكر أسماء.
وعلق البخاري (٣١٥١) أحدهما.
لكن وصله هو قُبَيْلَ هذا المعلق، وفي «النكاح» رقم (٥٢٢٤)، ومسلم (٧/ ١١)، والبيهقي (٧/ ٢٩٣)، وأحمد (٦/ ٢٤٧) من طريق أبي أسامة: ثنا هشام … به موصولًا نحوه مطولًا.
وخفي هذا الموصول على المعلق على «شرح السنة» (٨/ ٢٨٢)!
٢٦٩٧ – عن قَيْلَةَ بنتِ مَخْرَمَةَ قالت:
قَدِمْنا على رسول الله ﷺ، قالت: تَقَدَّم صاحِبي – تعني: حريثَ بنَ حسان؛ وافد بكر بن وائل -، فبايعه على الإسلام – عليه وعلى قومه -، ثم قال: يا رسول الله! اكتب بيننا وبين بني تميم بالدَّهْنَاءِ: لا يجاوزها إلينا
»اكتب له يا غلامُ! بالدهناء«.
فلما رأيته قد أَمَرَ له بها؛ شُخِصَ بي – وهي وطني وداري -، فقلت: يا رسول الله! إنه لم يسألْكَ السَّوِيَّةَ من الأرض إذ سألك؛ إنما هي هذه الدهناء عندك مُقَيَّدُ الجمل، ومَرْعَى الغنم، ونساء تميم وأبناؤها وراء ذلك!
فقال:
»أَمْسِكْ يا غلام! صَدَقَتِ المسكينةُ: المسلم أخو المسلم؛ يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ، ويتعاونان على الفُتَّانِ«.
(قلت: إسناده حسن، وقال ابن عبد البر:»حديث حسن،، وأقره ابن حجر).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيل – المعنى واحد – قالا: ثنا عبد الله بن حَسَّانَ العَنْبَرِيُّ: حدثتني جدتاي صفية وَدُحَيْبَةُ ابنتا عُلَيْبَةَ، – وكانتا رَبِيبَتَيْ قَيْلَةَ بنت مخرمة، وكانت جدة أبيهما -: أنها أخبرتهما؛ قالت …
قلت: وهذا إسناد حسن فيما بدا لي أخيرًا؛ فقد كنت ضَعَّفته في بعض مؤلفاتي، منها «مختصر الشمائل» (٥٣)، وكانت حجتي يومئذ أن عبد الله بن حسان هذا لم يذكر الحافظ في «التهذيب» توثيقه عن أحد من المتقدمين! وقال في «التقريب»:
وفي «مختصر المنذري»: (مجاوز) بالزاي، وكذا في نسخة «عون المعبود»؛ وقال:
«يعني: لا بدَّ من تجاوزهما؛ لكن لا تصرفًا بل مرورًا».
ثم ظهر لي أن ابن حبان قد أورده في «الثقات» (٨/ ٣٣٧)؛ على ما حققته في كتابي الجديد: «تيسير انتفاع الخلان بـ (ثقات ابن حبان)»، يسر الله لي إتمامه، وكنت ذكرت في «المختصر» أنه روى عنه جمع من الثقات، وأزيد الآن فأقول:
وفيهم بعض الحفاظ، كالطيالسي في «مسنده» (١٦٥٨) وعفان بن مسلم: عند الترمذي في «السنن» (٢٨١٥)، و«الشمائل» (١/ ١٤٤)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٥/ ٧/ ١) وغيرهما، فانظر «التيسير».
فلما وقفت على ذلك – مع توثيق الذهبي إياه – اطمأنت نفسي لتحسين حديثه، وازددت اطمئنانًا حين رأيت ابن عبد البر – في ترجمة قيلة هذه من «الاستيعاب» – قد قال في حديثها هذا: إنه:
«حديث حسن».
وأقره الحافظ في «الإصابة». بل نقل الشيخ على القارئ في «شرح الشمائل» (١/ ١٤٦ – ١٤٧) عن ابن حجر أنه قال:
«رواه الطبراني بسند لا بأس به».
وأما صفية ودُحَيْبَة ابنتا عُليبة؛ فقد ذكرهما ابن حبان في «الثقات» في «أتباع التابعين» (٦/ ٢٩٥ و٤٨٠) برواية أخرى غير رواية حسان هذا، وهي رواية كثير بن قيس بن الصَّلْتِ العنبري عنهما عن جدتهما زَيْدَة بنت قيلة عن أمها قيلة بنت مخرمة.
وهذا خلاف ما عزاه إليه الحافظ في «التهذيب»، فراجعه! وقال في «التقريب» في كل منهما:
ففيه إشارة قوية إلى قبول حديثهما، وأنه في مرتبة الحسن. والله سبحانه وتعالى أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ١٥٠) من طريق المؤلف.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٢٥/ ٧ – ١١) من طريق حفص بن عمر أبي عمر الضرير الحوضي – شيخ المصنف – وغيره من الثقات – منهم عفان بن مسلم – كلهم من طريق عبد الله بن حسان … به مطولًا جدًّا، وما ذكره المؤلف طرف منه.
وقال الحافظ في «الإصابة»:
«قال أبو عمر – هو ابن عبد البر -: هو حديث طويل فصيح حسن، وقد شرحه أهل العلم بالغريب».
قلت: وقد روى طرفًا منه: الترمذي في «الشمائل» في بابين منه، (حديث رقم ٥٣ و١٠١ – مختصره)، والمؤلف فيما يأتي في «الأدب» برقم (…) [٢٥ – باب في جلوس الرجل].
وجملة: «صدقت .. المسلم أخو المسلم»؛ لها شاهد يأتي (الأيمان/ ٨ – المعاريض).
٣٧ – باب في إحياء الموات
٢٦٩٨ – عن سعيد بن زيد عن النبي ﷺ قال:
«من أحيا أرضًا مَيْتَةً فهي له، وليس لِعِرْق ظالمٍ حَقٌّ».
(قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي، وقوَّاه الحافظ).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
لكن رواه مالك وغيره عن هشام … به مرسلًا؛ لم يذكر: سعيدًا.
لكن له شاهدان يتقوى بهما، خرجتهما في «الإرواء» (٥/ ٣٥٤)، أحدهما عن عائشة، والآخر يأتي بعده.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٢) من طريق المؤلف.
وأخرجه الترمذي، فقال (١٣٧٨): حدثنا محمد بن بشار: أخبرنا عبد الوهاب الثقفي … به، وقال:
«حديث حسن غريب. وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي ﷺ … مرسلًا».
قلت: وهو أقوى؛ فقد أخرجه يحيى بن آدم في «الخراج» (ص ٨٤/ ٢٦٦ – ٢٦٨)، وأبو عبيد (٢٨٦/ ٧٠١ – ٧٠٣) من طرق عن هشام … به مرسلًا.
لكن يقويه ما تقدمت الإشارة إليه؛ ومنه الآتي بعده.
٢٦٩٩ – وفي رواية عن عروة، أن رسول الله ﷺ قال:
«مَنْ أحيا أرضًا ميتة؛ فهي له …» وذكر مثله؛ قال: فلقد خبّرني الذي حدثني هذا الحديث (وفي رواية: فقال رجل من أصحاب النبي ﷺ، وأكثر ظَنِّي أنه أبو سعيد الخدري):
أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ، غَرَسَ أحدهما نخلًا في
(قلت: حديث صحيح؛ دون قصة الاختصام، وحسن إسنادَهُ الحافظُ ابن حجر).
إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّرِيِّ: ثنا عَبْدَةُ عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه. حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي: ثنا وهب عن أبيه عن ابن إسحاق … بإسناده ومعناه؟ إلا أنه قال – مكان (الذي حدثني هذا) -: فقال رجل …
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، ولعله لذلك سكت عنه الحافظ في «الفتح» (٥/ ١٩)!
ومع ذلك حسن إسناده في «البلوغ» كما في «الإرواء»!
فالقصة بحاجة إلى شاهد يقويها، ويأخذ بعضدها، وهذا ما لم نعثر عليه.
والحديث أخرجه يحيى بن آدم في «الخراج» (٨٦/ ٢٧٤)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ١٤٢)، وأبو عبيد (٢٨٦/ ٧٠٥)، وابن زنجويه (٢/ ٦٣٩/ ١٠٥٤) من طرق عن محمد بن إسحاق … به.
٢٧٠٠ – وفي رواية ثالثة عنه قال:
أشهد أن رسول الله ﷺ قضى أَنَّ الأرضَ أرضُ الله، والعبادَ عبادُ الله، ومَنْ أحيا مواتًا، فهو أحقُّ به. جاءنا بهذا عن النبي ﷺ الذين جاؤوا بالصلوات عنه.
(قلت: إسناده صحيح).
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الآملي هذا، فقد ترجمه في «التهذيب» برواية الترمذي أيضًا عنه، والفضل بن محمد بن علي، ولم يذكر فيه توثيقًا! وقال في «التقريب» – تبعًا للذهبي في «الكاشف» -:
«صدوق».
قلت: ويحتمل عندي أنه الذي في «ثقات ابن حبان» (٨/ ٥):
«أحمد بن عَبْدَوَيْهِ المروزي. روى عن خارجة وابن المبارك. روى عنه أهل بلده».
وابن أبي مليكة: اسمه عبد الله بن عبيد الله.
وابن عثمان: هو ابن جَبَلَةَ المروزي، ثقة حافظ.
والحديث أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٢) من طريق المؤلف.
وأخرجه يحيى في «الخراج» (٩١/ ٢٨٩): حدثنا ابن المبارك … فذكره معضلًا؛ وفيه زيادة مفيدة؛ فلنذكرها بلفظها:
أن رجلًا تَحَجَّرَ على أرض، ثم عَطَّلَها، فجاء آخر فأحياها، فاختصما إلى عبد الملك، فقال: ما أرى أحدًا أحقَّ بهذه الأرض من أمير المؤمنين! ثم التفت إلى عروة بن الزبير؛ قال: فقال: ما تقول؟ قال: أقول: إن أَبْعَدَ الثلاثة من هذه الأرض أميرُ المؤمنين! قال: ولِمَ؟ قال: لأن رسول الله ﷺ قال:
«العبادُ عبادُ الله، والبلاد بلادُ الله، ومَنْ أحيا أرضًا ميتة؛ فهي له».
قال: فقال عروة: أفأكفر أو أكذب مما لم أسمع منه؟ ! أسمعته يقول: الظهر أربع، والعصر كذا، والمغرب كذا؟ ! إن الذين جاؤونا بهذا جاؤونا بهذا!
٢٧٠١ – عن مالك: قال هشام (هو ابن عروة):
(العرق الظالم): أن يغرس الرجل في أرض غيره، فيستحقَّها بذلك.
قال مالك:
و(العرق الظالم): كلُّ ما أُخِذَ واحتُفِرَ وغُرِسَ بغير حَقٍّ.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع).
إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك …
قلت: وهذا إسناد صحيح مقطوع، موقوف على هشام وعلى مالك.
وقد رواه يحيى في «الخراج» (٨٦/ ٢٧٢)، وعنه البيهقي (٦/ ١٤٢) من طريق آخر عن هشام.
٢٧٠٢ – عن أبي حُمَيْدٍ الساعدي قال:
غزوتُ مع رسول الله ﷺ تَبُوكَ، فلما أتى وَادِيَ القُرَى؛ إذا امرأةٌ في حديقة لها، فقال رسول الله ﷺ لأصحابه:
«اخْرُصوا».
«أحْصِي ما يخرج منها».
فأتينا تبوك، فأهدى ملك (أَيْلَةَ) إلى رسول الله ﷺ بَغْلَةً بيضاءَ، وكساه بُرْدَةً، وكتب له يعني: بِبَحْرِهِ. قال:
فلما أتينا (واديَ القُرَى)؛ قال للمرأة:
«كم كانت حديقتك؟».
قالت: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ؛ خَرْصَ رسول الله ﷺ. فقال رسول الله ﷺ:
«إني متعجل إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجَّل معي؛ فليتعجَّلْ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وبه أخرجه في «صحيحه»، وأخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا سَهْل بن بَكَّارٍ: ثنا وُهَيْبٌ بن خالد عن عمرو بن يحيى عن العباس الساعدي – يعني: ابن سهل بن سعد – عن أبي حميد الساعدي.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سهل بن بكار، فهو من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (١٤٨١) … بإسناد المصنف ومتنه أتم منه.
وأخرجه أحمد (٥/ ٤٢٤): ثنا عفان: ثنا وُهَيْبُ بن خالد … به.
ومسلم (٧/ ٦١)، والبيهقي (٤/ ١٢٢) من طريق سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى … به.
أنها كانت تَفْلِي رأس رسول الله ﷺ؛ وعنده امرأة عثمان بن عفان، ونساءٌ من المهاجرات، وهنَّ يشتكين منازِلَهُنَّ أنها تَضِيقُ عليهن، ويُخْرَجْنَ منها! فأمر رسول الله ﷺ أن تُوَرَّثَ دُورُ المهاجرينَ النساءَ، فمات عبد الله بن مسعود؛ فَوُرِّثَتْهُ امرأتُهُ دارًا بالمدينة.
(قلنا: إسناده صحيح، وزينب هذه قال المنذري: «يظن أنها امرأة عبد الله بن مسعود». وفي مسندها ساق الحديث الإمام أحمد، وأما الطبراني فأورده في (مسند زينب بنت جحش)، وعليه جرى الحافظ في «التهذيب»، وقال المزي: «وهو الأشبه»).
إسناده: حدثنا عبد الواحد بن غياث: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الأعمش عن جامع بن شَدَّادٍ عن كلثوم عن زينب.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ وكلثوم: هو ابن علقمة بن ناجية بن المصطلق – ويقال: كلثوم بن عامر بن الحارث بن أبي ضرار بن المصطلق – الخُزَاعي، وهو ثقة كما قال الحافظ في «التقريب».
وهو الصواب، وهو وإن كان لم يوثقه أحد غير ابن حبان (٥/ ٣٣٥ و٣٣٦)؛ فقد روى عنه جمع من الثقات، مع كونه تابعيًا، بل قيل بصحبته. فقول الذهبي في الكاشف«:
»وُثِّقَ”!
غير دقيق!
وأحمد (٦/ ٣٦٣): ثنا عفان: ثنا عبد الواحد بن زياد … به.
وتابعه شَرِيك عن الأعمش … به مختصرًا جدًّا؛ بلفظ:
أن النبي ﷺ وَرَّثَ النساءَ خِطَطَهُنَّ.
أخرجه أحمد والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٤/ ٥٦/ ١٤٦).
(تنبيه): اختلفت آراء العلماء في زينب هذه من تكون؟
فذهب أحمد إلى أنها امرأة عبد الله بن مسعود؛ فإنه أورد الحديث في مسندها. ولعل ذلك مستند قول الحافظ ابن عساكر – وتبعه المنذري في «مختصره» -:
«وأظنها امرأة ابن مسعود». حكاه الحافظ المزي في «التحفة» (١١/ ٣٣٠)، ثم رَدَّهُ بقوله:
«فهو بعيد جدًّا؛ لأنه ليس بينها وبين النبي ﷺ محرمية، فكيف تَفْلِي رأسه؟ ! والأشبه أنها زينب بنت جحش زوج النبي ﷺ.
قلت: وكان هذا ملحظ الطبراني؛ حين أورد الحديث في ترجمة بنت جحش، والحافظ في»التهذيب«؛ حين ذكرها فيمن روى عنهم كلثوم – دون امرأة ابن مسعود -. والله أعلم.
٣٨ – باب ما جاء في الدخول في أرض الخراج
[ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر»الضعيف”)]
٢٧٠٤ – عن الصَّعْبِ بن جَثَّامةَ؛ أن رسول الله ﷺ قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله».
قال ابن شهاب:
وبلغني أن رسول الله ﷺ حَمَى (النَّقِيعَ) (١).
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري وابن حبان في «صحيحيهما»).
إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جَثَّامة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح – وهو أحمد بن عمرو -، فهو على شرط مسلم وحده، وقد تقدم هذا الإسناد بمتن آخر (٢٣٩٧)، هذا تمامه؛ وقد أخرجه البخاري في بعض الروايات عنده بتمامه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (٢٣٧٠)، وأبو عبيد في «الأموال» (٢٩٤/ ٧٢٧)، والبيهقي (٦/ ١٤٦) من طرق أخرى عن يونس … به.
وتابعه سفيان بن عيينة، فقال أحمد (٤/ ٣٧)، والحميدي) (٧٨١ – ٧٨٣): ثنا سفيان عن الزهري … بالتمام المشار إليه آنفًا.
ورواه عبد الله بن أحمد (٤/ ٧١)، وابن حبان (١/ ١٧٣/ ١٣٦ – الإحسان) من طريق أخرى عن سفيان … به.
ثم أخرجه من طريق حماد بن زيد قال: ثنا عمرو بن دينار … به مختصرًا؛ دون قول ابن شهاب: وبلغني …
وهذا البلاغ قد جاء عنه موصولًا في الرواية التالية.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة – بإسناد صحيح -: عند ابن حبان في «صحيحه» (٤٦٦٦ – الإحسان)، والطبراني في «الأوسط» (٤٨٠٦ – بترقيمي)، والبزار (١٣٢٣).
٢٧٠٥ – وفي رواية عنه: أن النبي ﷺ حَمَى النَّقِيعَ (١)، وقال: «لا حِمَى إلا لله عز وجل».
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان من حديث ابن عمر).
إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن
«صدوق له أوهام».
قلت: وله شاهد، يستدل به على أنه حفظ ولم يَهَمْ؛ خلافًا لمن وَهَّمَهُ فيه كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (٢/ ٦١)، وعنه البيهقي (٦/ ١٤٦) من طريق آخر عن سعيد بن منصور … به. وقال الحاكم:
«صحيح الإسناد»! ووافقه الذهبي!
وأما البيهقي فقال:
«قال البخاري: هذا وهم»! وأقره البيهقي، ثم الحافظ (٥/ ٤٥).
قلت: وذلك هو الظاهر؛ لمخالفته الثقات الذين رووا من الحديث جملة النقيع عن ابن شهاب بلاغًا، كما في الحديث الذي قبله.
لكن لها شاهد يدل على أن لها أصلًا، وهو من حديث عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن نافع عن ابن عمر:
أن النبي ﷺ حَمَى (النقيع) لخيل المسلمين، ترعى فيه.
أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٦)، وأحمد (٢/ ٩١ و١٥٥ و١٥٧).
وابن حفص هذا – وهو العمري -؛ قال الحافظ في «الفتح» (٥/ ٤٥)، و«التقريب»:
«ضعيف …». وقال الهيثمي (٤/ ١٥٨) – بعد أن عزاه لأحمد -:
وتساهل الشيخ أحمد شاكر؛ فصححه في تعليقه على «المسند» (٨/ ٥١)!
لكن تقويه متابعة أخيه عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر … بها: أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٤٦٦٤ – الإحسان).
ثم إن الحديث أخرجه أحمد (٤/ ٧١) من طريق أخرى عن عبد العزيز بن محمد … به.
٤٠ – باب ما جاء في الرِّكاز وما فيه
٢٧٠٦ – عن أبي هريرة؛ أن النبي ﷺ قال:
«في الرِّكازِ الخُمُسُ».
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وسيأتي في «الدِّيَاتِ» بزيادة في المتن).
إسناده: قلت هو قطعة من حديث، سيأتي بتمامه في آخر «الديات».
٢٧٠٧ – عن الحسن قال:
الركاز: الكَنْزُ العادي.
(قلت: إسناده صحيح مقطوع).
إسناده: حدثنا يحيى بن أيوب: ثنا عَبَّادُ بن العَوَّامِ عن هشام عن الحسن.
قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح؛ والحسن: هو البصري.
والحديث علقه البيهقي (٤/ ١٥٥)، فقال:
«وروى أبو داود عن يحيى بن أيوب … وسقط ذلك من كتابي».
قلت: وكذلك لم يرد في «مختصر المنذري». قال في «عون المعبود»:
«(الكنز العادي)؛ أي: الجاهلي، ويقال لكل قديم: عادي، ينسبونه إلى (عاد)؛ وإن لم يدركهم. وتفسير الحسن هذا ليس في رواية اللؤلؤي. وذكر المزي في»الأطراف«أنه في رواية ابن داسة».
قلت: والنفي المذكور لعله في بعض نسخ الكتاب من رواية اللؤلؤي؛ وإلا فهو في نسختنا التي قُدِّر لنا العمل عليها؛ وهي من رواية اللؤلؤي؛ كما جاء في أول الكتاب؛ الطبعة التازية. والله أعلم.
٤١ – باب نبش القبور العادية يكون فيها المال
[تحته حديث واحد. انظره في «الضعيف»]