٦١ – كتاب الخمس

١ – باب: فرض الخمس.
٣ ‏/ ١١٢٥
٢٩٢٥ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام أَخْبَرَهُ: أن عليا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الغنم يوم بدر، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أبيعه الصواغين، وأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، رجعت حين جمعت ما جمعت، فإذا شارفاي قد اجتب أسنمتهما، وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، فقلت: من فعل هذا؟ فقالوا: فعل حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، فانطلقت حتى أدخل على النبي ﷺ وعنده زيد ابن حارثة، فعرف النبي ﷺ الذي لقيت، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا لك). فقلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم قط، عدا حمزة على ناقتي فأجب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت
معه شرب، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِرِدَائِهِ فارتدى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فاستأذن فأذنوا لهم، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله ﷺ يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة قد ثمل، محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله ﷺ ثم صعد النظر، فنظر إلى ركبته، ثم صعد النظر، فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لأبي، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنه قد ثمل، فنكص رسول الله ﷺ على

⦗١١٢٦⦘
عقبيه القهقرى، وخرجنا معه.
[ر: ١٩٨٣]


أخرجه مسلم في الأشربة، باب: تحريم الخمور ..، رقم: ١٩٧٩. (اجتب) افتعل من الجب وهو القطع. (الذي لقيت) أثر ما أصابني من الحزن. (شرب) جمع شارب.
٣ ‏/ ١١٢٥
٢٩٢٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عائشة أم
المؤمنين رضي الله عنها أخبرته:
أن فاطمة عليها السلام، ابنة رسول الله ﷺ: سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله ﷺ: أن يقسم لها ميراثها، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِمَّا أفاء الله عليه، فقال أبو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فغضبت فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ستة أشهر، قالت: وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من خيبر وفدك، وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال: لست تاركا شيئا كان رسول الله ﷺ يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس، وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر وقال: هما صدقة رسول الله ﷺ، كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم.
[٣٥٠٨، ٣٨١٠، ٣٩٩٨، ٦٣٤٦، ٦٣٤٩]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي ﷺ: لا نورث ..، رقم: ١٧٥٩. (أفاء الله) من الفيء وهو يأخذه المسلمون من عدوهم بدون قتال. (فهجرت) أي لازمت بيتها ولم تلتق به. (فدك) مكان بينه وبين المدينة مرحلتان. (صدقته) أملاكه التي صارت بعده صدقة موقوفة. (فدفعها) سلمها إليهما ليتصرفا فيها، وينتفعا منها بقدر حقهما، كما كان يتصرف النبي ﷺ، لا على أنها ملك لهما. (تعروه) تنزل به وتنتابه. (نوائبه) جمع نائبة، وهي الحادثة التي تصيب الإنسان. (على ذلك) أي لم يغير حكمهما عما كان عليه زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
٣ ‏/ ١١٢٦
٢٩٢٧ – حدثنا إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بن جبير ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس، فسألته عن ذلك الحديث، فقال مالك:
بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال، إنه

⦗١١٢٧⦘
قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفا، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرا، ثُمّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ من بني النضير، فَقَالَ الرَّهْطُ، عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَفْسَهُ؟ قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ الله قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ ﷺ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غيره، ثم قرأ: ﴿وما أفاء الله على رسوله منهم – إلى قوله – قدير﴾. فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا استأثر بها عليكم، قد أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مجعل مال الله، فعمل رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ

⦗١١٢٨⦘
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَبَضَهَا أَبُو بكر، فعمل فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، والله يعلم: إنه فيها لصادق بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَا عمل فيها أبو بكر، والله يعلم: إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا – يريد عليا – يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: أن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتهما إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لتعملان فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.
[ر: ٢٧٤٨]


(ذكرا) شيئا منه. (متع النهار) ارتفع وطال ارتفاعه، وذلك قبل الزوال. (رمال سرير) ما ينسج من ورق النخيل ليضطجع عليه. (أدم) جلد. (يا مال) مرخم يا مالك، والترخيم: حذف آخر الاسم تخفيفا. (برضخ) عطية قليلة غير مقدرة. (هل لك في عثمان ..) هل لك إذن فيهم ورغبة في دخولهم. (تيدكم) اسم فعل بمعنى اصبروا واتئدوا. (أنشدكم) أسألكم. (هذا الأمر) هذه المسألة، وهي العمل في تركة رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. (قَرَأَ) أي عمر رضي الله عنه، وتتمة الآية: ﴿فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير﴾ /الحشر: ٦/. (أفاء) من الفيء وهو ما يغنمه المسلمون من أعدائهم بدون قتال. (أوجفتم) من الإيجاف وهو السير السريع. (ركاب) الإبل التي يركب عليها، أي فما حصلتموه بالقتال، ولكن الله تعالى سلط رسوله عليهم وهزمهم. (ما احتازها دونكم) ما جمعها واستأثر بها وحده، بل كان لكم منها نصيب. (استأثر) استبد وتخصص. (بثها فيكم) فرقها عليكم. (هذا المال) الذي هو نصيب رسول الله ﷺ. (ولي) وصيه الذي يتولى أموره من بعده. (بار) محسن صادق وفي، من البر وهو الإحسان. (فتلتمسان) تطلبان.
٣ ‏/ ١١٢٦
٢ – باب: أداء الخمس من الدين.
٣ ‏/ ١١٢٨
٢٩٢٨ – حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد، عن أبي حمزة الضبعي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يقول:
قدم وفد عبد القيس، فقالوا: يا رسول الله، إنا هذا الحي من ربيعة، بيننا وبينك كفار مضر، فلسنا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بأمر نأخذ به وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أربع، الْإِيمَانِ بِاللَّهِ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله – وعقد بيده – وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تؤدوا لله خمس ما غنمتم. وأنهاكم عن الدباء، والنقير، والحنتم، والمزفت).
[ر: ٥٣]


(عقد بيده) ثنى خنصره، أي كأنه يقول: هذه واحدة.
٣ ‏/ ١١٢٨
٣ – باب: نفقة نساء النبي ﷺ بعد وفاته.
٣ ‏/ ١١٢٨
٢٩٢٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

⦗١١٢٩⦘
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومؤونة عاملي فهو صدقة).
[ر: ٢٦٢٤]

٣ ‏/ ١١٢٨
٢٩٣٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وما في بيتي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا شَطْرُ من شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طال علي، فكلته ففني.
[٦٠٨٦]
أخرجه مسلم في أوائل الزهد والرقائق، رقم: ٢٩٧٣. (ذو كبد) حي من إنسان أو حيوان. (شطر شعير) شيء من شعير، وقيل نصف وسق منه، أو نصف صاع. (رف) شبه الطاقة، أو خشب يرفع عن الأرض إلى جنب الجدار، يوقى به ما يوضع عليه. (طال علي) زمن بقائه. (ففني) فرغ وانتهى ما فيه، قال العيني نقلا عن ابن بطال: كان الشعير الذي عند عائشة غير مكيل، فكانت البركة فيه من أجل جهلها بكيله، وكانت تظن في كل يوم أنه سيفنى لقلة كانت تتوهمها فيه، فلذلك طال عليها، فلما كالته علمت مدة بقائه، ففني عند تمام ذلك الأمد.
٣ ‏/ ١١٢٩
٢٩٣١ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إسحاق قال: سمعت عمرو بن الحارث قال:
مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ إلا سلاحه، وبغلته البيضاء، وأرضا تركها صدقة.
[ر: ٢٥٨٨]
٣ ‏/ ١١٢٩
٤ – باب: ما جاء في بيوت أزواج النبي ﷺ، وما نسب من البيوت إليهن.
وقول الله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن﴾ /الأحزاب: ٣٣/. و: ﴿ولا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ /الأحزاب: ٥٣/.


(وقرن ..) لا تخرجن من بيوتكن إلا لحاجة.
٣ ‏/ ١١٢٩
٢٩٣٢ – حدثنا حبان بن موسى ومحمد قالا: أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر ويونس، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ قَالَتْ:
لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ له.
[ر: ١٩٥]
٣ ‏/ ١١٢٩
٢٩٣٣ – حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا نافع: سمعت ابن أبي مليكة قال: قالت عَائِشَةَ رضي الله عنها:
تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِي، وفي نوبتي، وبين سحري ونحري، وجمع الله

⦗١١٣٠⦘
بين ريقي وريقه. قالت: دخل عبد الرحمن بسواك، فضعف النبي ﷺ عنه، فأخذته، فمضغته، ثم سننته به.
[ر: ٨٥٠]


(نوبتي) اليوم الذي يبيت فيه عندي حست قسمته قبل المرض. (سننته) سوكت النبي ﷺ به، من الاستنان وهو أن يمر شيئا على الأسنان.
٣ ‏/ ١١٢٩
٢٩٣٤ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حدثني عبد الرحمن ابن خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حسين: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ:
أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَزُورُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله ﷺ، حتى إذا بلغ قريبا من باب المسجد، عند باب أم سلمة زوج النبي ﷺ، مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ نَفَذَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (على رسلكما). قَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا).
[ر: ١٩٣٠]


(نفذا) مضيا في طريقهما وتجاوزاه. (شيئا) وسيأتي الحديث رقم (٣١٠٧) بلفظ «سوءا، أو قال: شيئا» وعند مسلم وأحمد: «شرا أو قال شيئا».
٣ ‏/ ١١٣٠
٢٩٣٥ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
ارتقيت فوق بيت حفصة، فرأيت النبي ﷺ يَقْضِي حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ القبلة، مستقبل الشأم.
[ر: ١٤٥]
٣ ‏/ ١١٣٠
٢٩٣٦ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لم تخرج من حجرتها.
[ر: ٥١٩]
٣ ‏/ ١١٣٠
٢٩٣٧ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نافع، عن عبد الله رضي الله عنه قَالَ:
قَامَ النَّبِيُّ ﷺ خطيبا، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: (هنا الفتنة – ثلاثا – من حيث يطلع قرن الشيطان).
[٣١٠٥، ٣٣٢٠، ٤٩٩٠، ٦٦٧٩، ٦٦٨٠، وانظر: ٩٩٠]
(هنا) أشار إلى جانب المشرق. (الفتنة) مثار الفتنة. (قرن الشيطان) جانب رأسه، والمعنى: يدني رأسه إلى الشمس وقت شروقها فيكون الساجدون للشمس ممن كان يعبدها كالساجدين له. وقيل: المراد بقرنه شيعته وأعوانه من الإنس.
٣ ‏/ ١١٣٠
٢٩٣٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهَا:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إنسان يستأذن في بيت حفصة، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ في بيتك، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أراه فلانا – لعم حفصة من الرضاعة – الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة).
[ر: ٢٥٠٣]
٣ ‏/ ١١٣١
٥ – باب: ما ذكر من درع النبي ﷺ وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم تذكر قسمته، ومن شعره ونعله وآنيته مما يتبرك به أصحابه وغيرهم بعد وفاته.
٣ ‏/ ١١٣١
٢٩٣٩ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا اسْتُخْلِفَ بعثه إلى البحرين، وكتب له هذا الكتاب وختمه بخاتم النبي ﷺ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، ورسول سطر، والله سطر.
[٥٥٤٠]
(هذا الكتاب) أي الذي ذكرت فيه فريضة الزكاة وما يتعلق بها، انظر: ١٣٨٦.
٣ ‏/ ١١٣١
٢٩٤٠ – حدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الأسدي: حدثنا عيسى بن طهمان قال:
أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان. فحدثني ثابت البناني بعد عن أنس: أنهما نعلا النبي ﷺ.
[٥٥١٩، ٥٥٢٠]
(جرداوين) تثنية جرداء مؤنث أجرد، أي البالي بحيث صار مجردا عن الشعر. (قبالان) تثنية قبال، وهو الزمام الذي بين الإصبع الوسطى والتي تليها، أو ما يشد به سير النعل.
٣ ‏/ ١١٣١
٢٩٤١ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أبي بردة قال:
أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كسادء ملبدا، وقالت: في هذا نزع روح النبي ﷺ. وزاد سليمان، عن حميد، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من هذه التي يدعونها الملبدة.
[٥٤٨٠]
(كساء) هو الثوب الذي يلبس. (ملبدا) مرقعا، أو الملبد الكساء الغليظ الذي يركب بعضه على بعض. (إزارا) ما يلبس على أسافل البدن.
٣ ‏/ ١١٣١
٢٩٤٢ – حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن عاصم، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ

⦗١١٣٢⦘
مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن قدح النبي ﷺ انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم: رأيت القدح وشربت فيه.
[٥٣١٥]


(قدح) إناء يشرب به. (الشعب) الصدع والشق.
٣ ‏/ ١١٣١
٢٩٤٣ – حدثنا سعيد بن محمد الْجَرْمِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي: أن الوليد بن كثير حدثه، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي حدثه: أن ابن شهاب حدثه: أن علي بن حسين حدثه:
أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية، مقتل حسين بن علي رحمه الله عليه، لقيه المسور بن مخرمة، فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ فقلت له: لا، فقال له: فهل أنت معطي سيف رسول الله ﷺ، فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى تبلغ نفسي، إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام، فسمعت رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال: (إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها). ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه. قال: (حدثني فصدقني، ووعدني فأوفى لي، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله ﷺ وبنت عدو الله أبدا).
[ر: ٨٨٤]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رقم: ٢٤٤٩. (أن يغلبك القوم عليه) يأخذوه منك بالقوة والاستيلاء. (وايم الله) يمين الله. (لا يخلص إليه) لا يصل إليه أحد أبدا. (تبلغ نفسي) تقبض روحي. (محتلم) بالغ. (تفتن في دينها) لا تصبر بسبب الغيرة فتفعل محرما في الدين. (صهرا له) هو أبو العاص بن الربيع زوج بنته زينب رضي الله عنهما، والصهر يطلق على الزوج وعلى أقاربه وعلى أقارب المرأة أيضا. (لست أحرم حلالا) أي لا أمنع عليا من الزواج، لأن هذا حلال له، كما أني لا أحرم عليه الجمع بين زوجتين، ولكني لا أحب أن يتزوج على فاطمة حتى لا يصيبها شيء يسيئها، فأنا لا أقول شيئا يخالف حكم الله تعالى، فلا أحرم ما أحله ولا أحل ما حرمه. (عدو الله) هو أبو جهل.
٣ ‏/ ١١٣٢
٢٩٤٤ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ محمد بن سوقة، عن منذر، عن ابن الحنفية قال:
لو كان علي رضي الله عنه ذاكرا عثمان رضي الله عنه ذكره يوم جاءه ناس، فشكوا سعاة عثمان، فقال لي علي: اذهب إلى عثمان فأخبره: أنها صدقة رسول الله

⦗١١٣٣⦘
ﷺ، فمر سعاتك يعملون فيها. فأتيته بها، فقال: أغنها عنا، فأتيت بها عليا فأخبرته، فقال: ضعها حيث أخذتها.
قال الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا محمد بن سوقة قال: سمعت منذرا الثوري، عن ابن الحنفية قال: أرسلني أبي: خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان، فإن فيه أمر النبي ﷺ في الصدقة.


(ذاكرا عثمان) أي بما لا يليق ولا يحسن. (سعاة) جمع ساع وهو العامل الذي يجمع أموال الزكاة. (اذهب إلى عثمان) أي بصحيفة فيها بيان أحكام الصدقات. (فيها) أي بما فيها. (أغنها عنا) اصرفها وكفها عنا. (ضعها) أي الصحيفة.
٣ ‏/ ١١٣٢
٦ – باب: الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله ﷺ والمساكين، وإيثار النبي ﷺ أهل الصفة والأرامل، حن سألته فاطمة وشكت إليه الطحن والرحى: أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله.
٣ ‏/ ١١٣٣
٢٩٤٥ – حدثنا بدل بن المحبر: أخبرنا شعبة قال: أخبرني الحكم قال: سمعت ابْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ:
أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن، فبلغها أن رسول الله ﷺ أتى بسبي، فأتته تسأله خادما فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ عائشة له، فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: (على مكانكما). حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: (ألا أدلكما على خير مما سألتماه، إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا الله ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، فإن ذلك خير لكما مما سألتماه).
[٣٥٠٢، ٥٠٤٦، ٥٠٤٧، ٥٩٥٩]
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: التسبيح أول النهار وعند النوم، رقم: ٢٧٢٧. (الرحى) الطاحون. (بسبي) ما يؤخذ من العدو في أرض المعركة من نساء ورجال وأولاد إذا جعلوا أرقاء، وقد تطلق عليهم وعلى الأموال. (فلم توافقه) فلم تصادفه ولم تجتمع به. (أخذنا مضاجعنا) اضطجعنا في فراشنا لننام.
٣ ‏/ ١١٣٣
٧ – باب: قول الله تعالى: ﴿فأن لله خمسه وللرسول﴾ /الأنفال: ٤١/.
يعني: للرسول قسم ذلك، قال رسول الله ﷺ: (إنما أنا قاسم وخازن، والله يعطي).


(خمسه) أي خمس الغنيمة. (إنما أنا ..) أي توزيع العطاء وتعيين مقاديره من الله سبحانه وتعالى، وأنا أخزن الأموال ثم أقسمها بين مستحقيها كما أمر الله عز وجل.
٣ ‏/ ١١٣٣
٢٩٤٦ – حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن سليمان ومنصور وقتادة: سمعوا

⦗١١٣٤⦘
سالم بن أبي الجعد، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
ولد لرجل منا من الأنصار غلام، فأراد أن يسميه محمدا. قال شعبة: في حديث منصور: إن الأنصاري قال: حملته على منقي فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. وفي حديث سليمان: ولد له غلام، فأراد أن يسميه محمدا، قال: (سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، فإني إنما جعلت قاسما أقسم بينكم). وقال حصين: (بعثت قاسما أقسم بينكم). قال عمرو: أخبرنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت سالما، عن جابر: أراد أن يسميه القاسم، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (سَمُّوا بِاسْمِي، ولا تكتنوا بكنيتي).


أخرجه مسلم في الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم ..، رقم: ٢١٣٣. (سموا باسمي) أي سموا أولادكم محمدا. (لا تكتنوا بكنيتي) لا يكتن أحدكم بأبي القاسم، والكنية كل مركب إضافي يصدر بأب وأم، وهي من أقسام العلم عند علماء العربية، والجمهور من الفقهاء على جواز التكنية بأبي القاسم، وأن الحديث إما منسوخ وإما خاص بذلك الرجل.
٣ ‏/ ١١٣٣
٢٩٤٧ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن الأعم، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله الأنصاري قَالَ:
وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ، فقالت الأنصار: لا نكنيك أبا الْقَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ولد لي غلام، فسميته القاسم، فقالت الأنصار: لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينا، فقال النبي ﷺ: (أحسنت الأنصار، سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم).
[٣٣٤٥، ٥٨٣٢، ٥٨٣٣، ٥٨٣٥، ٥٨٤٣]
(ولا ننعمك عينا) لا نقر عينك بذلك ولا نكرمك ولا ندعك تسر وتفرح به.
٣ ‏/ ١١٣٤
٢٩٤٨ – حدثنا حبان: أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ معاوية قال:
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدين، والله المعطي وأنا القاسم، ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظاهرون).
[ر: ٧١]


(ظاهرين) منتصرين وظافرين على عدوهم الذي يخالفهم في العقيدة والمنهج.
٣ ‏/ ١١٣٤
٢٩٤٩ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هلال، عن عبد الرحمن ابن أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (ما أعطيكم ولا أمنعكم، إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت).
٣ ‏/ ١١٣٤
٢٩٥٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عن ابن أبي عياش، واسمه نعمان، عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قَالَتْ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة).


(يتخوضون) من الخوض وهو المشي في الماء وتحريكه، والمراد هنا التخليط في المال وتحصيله من غير وجهه كيفما أمكن.
٣ ‏/ ١١٣٥
٨ – باب: قول النبي ﷺ: (أحلت لكم الغنائم).
وقال الله تعالى: ﴿وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه﴾ /الفتح: ٢٠/. وهي للعامة حتى يبينه الرسول ﷺ.


(هذه) غنائم خيبر. (وهي للعامة) أي إن الآية لم تخصص لمن تكون الغنائم، للغانمين أو غيرهم، حتى يأتي البيان، والله أعلم.
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥١ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عامر، عن عروة البارقي رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير، الأجر والمغنم إلى يوم القيامة).
[ر: ٢٦٩٥]
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥٢ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هلك قيصر فلا قيصر بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سبيل الله).
[ر: ٢٨٦٤]
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥٣ – حدثنا إسحاق: سمع جريرا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قيصر بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سبيل الله).
[٣٤٢٣، ٦٢٥٤]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: ٢٩١٩.
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥٤ – حدثنا محمد بن سنان: حدثنا هشيم: أخبرنا سيار: حدثنا يزيد الفقير: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (أحلت لي الغنائم).
[ر: ٣٢٨]
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥٥ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزناد، عن الأعرج، عن

⦗١١٣٦⦘
أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ ما نال من أجر أو غنيمة).
[ر: ٣٦]


أخرجه مسلم في الأمارة، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، رقم: ١٨٧٦. (تصديق كلماته) أي مصدقا بما وعد الله تعالى في كتابه من أجر على الجهاد.
٣ ‏/ ١١٣٥
٢٩٥٦ – حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام ابن مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات، وهو ينتظر ولادها، فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر، أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم فجاءت – يعني النار – لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعوها، فجاءت النار فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا).
[٤٨٦٢]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، رقم: ١٧٤٧. (ملك بضع امرأة) عقد عليها عقد زواجه وأصبح يملك أن يجامعها، ويطلق البضع على الجماع وعلى الفرج. (يبني بها) يدخل عليها وتزف إليه. (خلفات) جمع خلفة وهي الناقة الحامل. (مأمورة) بالغروب. (مأمور) بالقتال قبل الغروب، وكانت ليلة سبت، ومحرم عليهم القتال يوم السبت وليلته. (احبسها عنا) امنعها من الغروب. (تطعمها) أي تحرقها. (غلولا) خيانة في الغنيمة، أي إن أحدا أخذ منها بغير حق. (رأى ضعفنا وعجزنا) قلة مالنا عن سد حاجات الجهاد، فرحمنا بحلها لنا.
٣ ‏/ ١١٣٦
٩ – باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة.
٣ ‏/ ١١٣٦
٢٩٥٧ – حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خيبر.
[ر: ٢٢٠٩]
٣ ‏/ ١١٣٦
١٠ – باب: من قاتل للمغنم، هل ينقص من أجره؟
٣ ‏/ ١١٣٧
٢٩٥٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن عمرو قال: سمعت أبا وائل قال: حدثنا أبو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ أعرابي للنبي ﷺ: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، من في سبيل الله؟ فَقَالَ: (مَنْ قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فهو في سبيل الله).
[ر: ١٢٣]
٣ ‏/ ١١٣٧
١١ – باب: قسمة الإمام ما يقدم عليه، ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه.
٣ ‏/ ١١٣٧
٢٩٥٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حماد بن زيد، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ، مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا واحدا لمخرمة بن نوفل، فجاء ومعه ابنه المسور بن مخرمة، فقام على الباب فقال: ادعه لي، فسمع النبي ﷺ صوته، فأخذ قباء فتلقاه به، واستقبله بأزراره، فقال: (يا أبا المسور خبأت هذا لك، يا أبا المسور خبأت هذا لك). وكان في خلقه شدة.
ورواه ابن علية، عن أيوب. قال حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أقبية. تابعه الليث، عن ابن أبي مليكة.
[ر: ٢٤٥٩]


(مزررة بالذهب) لها أزرار من ذهب. (في خلقه شدة) أي كان نزقا وسريع الغضب.
٣ ‏/ ١١٣٧
١٢ – باب: كيف قسم النبي ﷺ قريظة والنضير، وما أعطى من ذلك في نوائبه.
٣ ‏/ ١١٣٧
٢٩٦٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا معتمر، عن أبيه قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يقول:
كان الرجل يجعل للنبي ﷺ النخلات، حتى افتتح قريظة والنضير، فكان بعد ذلك يرد عليهم.
[٣٨٠٦، ٣٨٩٤]
(النخلات) أي يخصصها له ليأخذ ثمارها. (يرد عليهم) نخيلهم وثمارهم.
٣ ‏/ ١١٣٧
١٣ – باب: بركة الغازي في ماله حيا وميتا، مع النبي ﷺ وولاة الأمر.
٣ ‏/ ١١٣٧
٢٩٦١ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أسامة: أحدثكم هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير قال:
لما وقف الزبير يوم الجمل، دعاني فقمت إلى جنبه،

⦗١١٣٨⦘
فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني بع مالنا فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه – يعني بني عبد الله بن الزبير – يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك، قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير، خبيب وعباد، وله يؤمئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه، فقتل الزبير رضي الله عنه ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين، منها الغابة وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي ﷺ، أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه، فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف،

⦗١١٣٩⦘
فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم، فقال عبد الله: لا، قال: قال: فاقطعوا لي قطعة، فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا، قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف، فكم بقي، قال: أربعة أسهم ونصف، قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف، قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف، قال: أخذته بخمسين ومائة ألف، قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: فكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف، ومائتا ألف.


(يوم الجمل) يوم وقعة الجمل سنة ست وثلاثين هجرية، التي وقعت بين طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم، وسميت يوم الجمل لأن عائشة رضي الله عنها كانت تركب على جمل في هودج وكانت هي التي خرجت بالناس، وكانت هي محور المعركة رضي الله عنها وعفا عنها وعمن شجعها وأغراها بهذا الموقف. (وثلثه لبنيه) أي أوصى بثلث الثلث لبني عبد الله خاصة. (وازى) حاذاهم وساواهم في السن. (الغابة) أرض شهيرة من عوالي المدينة كان الزبير قد اشتراها. (لا ولكنه سلف) أي لا أضعه عندي وديعة، ولكني آخذه دينا، وذلك حتى يكون مضمونا عليه إذا أصابه شيء من التلف. (فكتمه) كتم أصل الدين، حتى لا يستعظمه حكيم فينظر إليه بعين الاحتياج، ولكنه لما استعظم القليل أخبره بالحقيقة. (فليوافنا) فليأتنا. (بالموسم) موسم الحج، سمي بذلك لاجتماع الناس فيه، فهو معلم، مأخوذ من الوسم وهو العلامة.
٣ ‏/ ١١٣٧
١٤ – باب: إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له.
٣ ‏/ ١١٣٩
٢٩٦٢ – حدثنا موسى: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عثمان بن موهب، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
إنما تغيب عثمان عن بدر، فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكانت مريضة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه).
[٣٤٩٥، ٣٨٣٩]
(تحته) تحت عثمان، زوجة له. (بنت رسول الله) هي رقية رضي الله عنها.
٣ ‏/ ١١٣٩
١٥ – باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.
ما سأل هوازن النبي ﷺ برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يعد

⦗١١٤٠⦘
الناس أن يعطيهم من الفيء والأنفال من الخمس، وما أعطى الأنصار، وما أعطى جابر بن عبد الله تمر خيبر.


(برضاعه) بسبب رضاعه فيهم، لأن حليمة السعدية منهم. (فتحلل) طلب منهم أن ينزلوا عن حقوقهم أو يعوضهم عنها.
٣ ‏/ ١١٣٩
٢٩٦٣ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وزعم عروة: أن مروان بن الحكم ومسور بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ، حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ). وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ انتظر آخرهم بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قد جاؤونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد لهم سبيهم، من أحب أن يطيب فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ، حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طيبنا ذلك يا رسول الله لهم، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فأذنوا. فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن.
[ر: ٢١٨٤]


(يطيب) أن يطيب نفسه بدفع الشيء مجانا بغير عوض.
٣ ‏/ ١١٤٠
٢٩٦٤ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حماد: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: وحدثني القاسم بن عاصم الكليبي، وأنا لحديث القاسم أحفظ، عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فأتي – وذكر دجاجة – وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كأنه من الموالي، فدعاه للطعام، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لا آكل، فقال: هلم فلأحدثكم

⦗١١٤١⦘
عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي نفر من الأشعريين نستحمله، فَقَالَ: (وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أحملكم). وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: (أَيْنَ النَّفَرُ الْأَشْعَرِيُّونَ). فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فلما انطلقنا قلنا: ما صنعنا؟ لا يبارك لنا، فرجعنا إليه، فقلنا: إنا سألناك أن تحملنا، فحلفت أن لا تحملنا، أفنسيت؟ قال: (لست أنا حملتكم، ولكن اللَّهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا).
[٤١٢٤، ٤١٥٣، ٥١٩٨، ٥١٩٩، ٦٢٤٩، ٦٢٧٣، ٦٣٠٠، ٦٣٠٢، ٦٣٤٠، ٦٣٤٢، ٧١١٦]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها، رقم: ١٦٤٩. (فأتي وذكر ..) أي فأتي أبو موسى رضي الله عنه بطعام فيه لحم دجاج، والظاهر أن الراوي نسي كامل اللفظ وتذكر دجاجة فذكرها، ودجاجة واحدة الدجاج، هو نوع من الطيور الأليفة معروف، ويقع على الذكر والأنثى. (تيم الله) بطن من بني بكر، ومعنى تيم الله عبد الله. (أحمر) مقابل أسود. (كأنه من الموالي) أي كأنه من سبي الروم، لاختلاف لونه عن لون عامة العرب. (نستحمله) نطلب منه أن يعطينا ما نركب عليه ونحمل متاعنا. (بنهب الإبل) بغنيمة فيها إبل. (ذود) ما بين ثلاث إلى عشر من الإبل. (غر الذرى) الغر جمع أغر وهو الأبيض، والذرى جمع ذروة وهي من كل شيء أعلاه، والمراد أنها ذوات أسنمة بيض من سمنهن وكثرة شحومهن. (ما صنعنا) استنكار منهم لما فعلوه من مجيئهم وطلبهم وحملهم رسول الله ﷺ على الحلف، وخافوا أن يؤاخذوا على ذلك. (تحللتها) من التحلل وهو التخلص من عهدة اليمين بالكفارة ونحوها كالاستثناء عند الحلف.
٣ ‏/ ١١٤٠
٢٩٦٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا.
[٤٠٨٣]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: الأنفال، رقم: ١٧٣٩. (سرية قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة، وفي الاصطلاح: كل جيش لم يكن فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. (قبل نجد) ناحية نجد وجهتها. (سهامهم) جمع سهم وهو النصيب. (نفلوا) أي أعطاهم أمير السرية من الغنيمة قبل قسمتها، وأقره على ذلك رسول الله ﷺ، من النفل وهو الزيادة.
٣ ‏/ ١١٤١
٢٩٦٦ – أخبرنا يحيى بن بكير: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة، سوى قسم عامة الجيش.


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: الأنفال، رقم: ١٧٥٠. (ينفل) يعطي زيادة. (لأنفسهم خاصة) أي يخص بعضهم بشيء دون غيرهم، أو المراد أمراء الجيش. (قسم) هو الحصة والنصيب. (عامة الجيش) أي عامة المقاتلين الغانمين.
٣ ‏/ ١١٤١
٢٩٦٧ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
بلغنا مخرج النبي ﷺ ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: أن رسول الله ﷺ بعثناها هنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي ﷺ حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال: فأعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.
[٣٦٦٣، ٣٩٩٠ – ٣٩٩٢]
(بضع) من ثلاث إلى تسع.
٣ ‏/ ١١٤٢
٢٩٦٨ – حدثنا علي: حدثنا سفيان: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا). فلم يجيء حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مناديا فنادى: من كان له عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ دين أو عدة فليأتنا، فأتيته فقلت: أن رسول الله ﷺ قال لي كذا وكذا، فحثا لي ثلاثا. وجعل سفيان
يحثو بكفيه جميعا، ثم قال لنا: هكذا قال ابن المنكدر.
وقال مرة: فأتيت أبا بكر فسألت فلم يعطني، ثم أتيته فلم يعطني، ثم أيته الثالثة، فقلت: سألتك فلم تعطني، ثم سألتك فلم تعطني، ثم سألتك فلم تعطني، فإما أن تعطيني، وإما أن تبخل عني، قال: قلت تبخل عني؟ ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك.
قال سفيان: وحدثنا عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ: فحثا لي حيثة وقال: عدها، فوجدتها خمسمائة، قال: فخذ مثلها مرتين. وقال: يعني ابن المنكدر: وأي داء أدوأ من البخل.
[ر: ٢١٧٤]


(داء) مرض وعلة. (أدوأ) أكثر مرضا وأشد علة.
٣ ‏/ ١١٤٢
٢٩٦٩ – حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا قرة: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقسم غنيمة بالجعرانة، إذ قال له رجل: اعدل، فقال له: (لقد شقيت إن لم أعدل).


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم: ١٠٦٣. (بالجعرانة) اسم موضع خارج الحرم. (رجل) قيل: هو ذو الخويصرة حرقوص بن زهير، رأس الخوارج، قتل مع من قتل منهم يوم النهر.
٣ ‏/ ١١٤٣
١٦ – باب: ما من النبي ﷺ على الأسارى من غير أن يخمس.
٣ ‏/ ١١٤٣
٢٩٧٠ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن محمد بن جبير، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال في أسارى بدر: (لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له).
[٣٧٩٩]
(المطعم بن عدي) هو الذي سعى في نقض الصحيفة التي علقتها قريش على الكعبة، وفيها مقاطعة بني هاشم وبني المطلب، لأنهم نصروا النبي ﷺ. (كلمني) طلب مني وتشفع أن أطلقهم. (النتنى) جمع نتن، وهو ذو الرائحة الكريهة، والمراد هنا النتن المعنوي، وهو كفرهم وضلالهم.
٣ ‏/ ١١٤٣
١٧ – باب: ومن الدليل على أن الخمس للإمام، وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض: ما قسم النبي ﷺ لبني المطلب وبني هاشم من خمس خيبر.
قال عمر بن عبد العزيز: لم يعمهم بذلك، ولم يخص قريبا دون من هو أحوج إليه، وإن كان الذي أعطى لما يشكو إليه من الحاجة، ولما مسهم في جنبه، من قومهم وحلفائهم.


(لم يعمهم) لم يعم بني عبد مناف بما قسمه، أو قريشا. (مسهم) أصابهم بسبب الإسلام ونصرته، من أذى قومهم وأعوانهم.
٣ ‏/ ١١٤٣
٢٩٧١ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جبير بن مطعم قال:
مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله ﷺ، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد).
قال الليث: حدثني يونس، وزاد: قال جبير: ولم يقسم النبي ﷺ لبني عبد شمس

⦗١١٤٤⦘
ولا لبني نوفل. وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم.
[٣٣١١، ٣٩٨٩]


(بمنزلة واحدة) أي لأن الجميع من بني عبد مناف، ولكن عثمان رضي الله عنه من بني عبد شمس، وجبير رضي الله عنه من بني نوفل. (شيء واحد) في الاستحقاق لنصرتهم له ﷺ قبل إسلامهم وبعده.
٣ ‏/ ١١٤٣
١٨ – باب: من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه.
٣ ‏/ ١١٤٤
٢٩٧٢ – حدثنا مسدد: حدثنا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده قال:
بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَالَّذِي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الأخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا، إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله ﷺ فأخبراه، فقال: (أيكما قتله). قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: (هل مسحتما سيفيكما). قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: (كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح). وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح.
قال محمد: سمع يوسف صالحا، وإبراهيم أباه.
[٣٧٤٦، ٣٧٦٦]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم: ١٧٥٢. (حديثة أسنانهما) أي صغيرين. (أضلع) أشد وأقوى. (فغمزني) جسني بيده، والغمز أيضا الإشارة بالعين أو الحاجب أو نحوهما. (سوادي) شخصي. (الأعجل منا) الأقرب أجلا. (فابتدراه) أسرعا في ضربه وسبقاه. (فنظر في السيفين) ليرى مقدار عمق دخولهما في جسم المقتول، وأيهما أقوى تأثيرا في إزهاق روحه.
٣ ‏/ ١١٤٤
٢٩٧٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن يحيى بن سعيد، عن ابن أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عام حنين، فلما التقينا، كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من

⦗١١٤٥⦘
المسلمين، فاستدرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي ﷺ فقال: (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه). فقمت فقلت: من يشهد لي، ثم جلست، ثم قال: (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه). فقمت، فقلت: من يشهد لي، ثم جلست، ثم قال الثالثة مثله، فقمت، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ما بالك يا أبا قتادة). فاقتصصت عليه القصة، فقال رجل: صدق يا رسول الله، وسلبه عندي فأرضه عني، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله، إذا لا يعتمد إلى أسد مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ، يعطيك سلبه. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صَدَقَ). فأعطاه، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ.
[ر: ١٩٩٤]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم: ١٧٥١. (جولة) دوران واضطراب. (حبل عاتقه) هو موضع الرداء من العنق، أو هو عرق أو عصب في العنق. (ريح الموت) أي كدت أموت منها. (ما بال الناس) ما حالهم منهزمين. (أمر الله) قدره وإرادته، لحكمة يعلمها. (سلبه) ما على المقتول من سلاح وغيره. (بينة) علامة أو شهود. (من يشهد لي) أني قتلت ذلك الرجل المذكور أول الحديث. (لاها الله) لا والله لا يكون ذلك. (أسد) رجل كالأسد في الشجاعة، يقاتل في سبيل الله تعالى ونصرة دينه. (مخرفا): بستانا، لأنه يخترف منه الثمر، أي يجتنى. (تأثلته) تكلفت جمعه.
٣ ‏/ ١١٤٤
١٩ – باب: ما كان للنبي ﷺ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه.
رواه عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٠٧٥]
٣ ‏/ ١١٤٥
٢٩٧٤ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قَالَ:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بعثك بالحق، لا أزرأ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ

⦗١١٤٦⦘
الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفيء فيأبى أن يأخذه. فلم يزرأ حكيم أحدا من الناس شيئا بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى توفي.
[ر: ١٣٦١]


(بسخاوة نفس) منشرحا بدفعه، فالسخاوة راجعة إلى المعطي، أو ترجع إلى الآخذ، أي من أخذه بغير حرص وطمع. (بإشراف نفس) بأن تعرض له. (لا أزرأ) لا أنقص مال أحد بالأخذ منه.
٣ ‏/ ١١٤٥
٢٩٧٥ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن أيوب، عن نافع: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال:
يا رسول الله، إنه كان علي اعتكاف يوم في الجاهلية، فأمره أن يفي به، قال: وأصاب عمر جاريتين من سبي حنين، فوضعهما في بعض بيوت مكة، قال: فمن رسول الله ﷺ على سبي حنين، فجعلوا يسعون في السكك، فقال عمر: يا عبد الله، انظر ما هذا؟ فقال: مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ على السبي، قال: اذهب فأرسل الجاريتين.
قال نافع: ولم يعتمر رسول الله ﷺ من الجعرانة، ولو اعتمر لم يخف على عبد الله.
وزاد جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: من الخمس. ورواه معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر في النذر، ولم يقل: يوم.
[ر: ١٩٢٧]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: نذر الكافر وما يفعل إذا أسلم، رقم: ١٦٥٦. (أصاب) خرج في نصيبه. (جاريتين) مثنى جارية وهي المرأة المملوكة، وتطلق على البنت الصغيرة. (سبي حنين) ما أخذ من النساء والذرية من العدو في غزوة حنين. (فمن) أطلقهم دون مقابل. (يسعون) يمشون. (السكك) الطرق. (الجعرانة) اسم موضع خارج الحرم. (يوم) أي اعتكاف يوم.
٣ ‏/ ١١٤٦
٢٩٧٦ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حازم: حدثنا الحسن قال: حدثني عمرو بن تغلب رضي الله عنه قَالَ:
أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قوما ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه، فقال: (إني أعطي قوما أخاف ظلعهم وجزعهم، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قلوبهم من الخير والغناء، منهم عمرو بن تغلب). فقال عمرو
بن تغلب: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حمر النعم.
وزاد أبو عاصم، عن جرير قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أتي بمال أو بسبي فقسمه، بهذا.
[ر: ٨٨١]


(ظلعهم) أصل الظلع الاعوجاج والميل، والمراد هنا مرض القلب وضعف اليقين. (والغناء) وهو الكفاية، وفي رواية: (والغنى) ضد الفقر. (بهذا) الذي ذكر في الحديث.
٣ ‏/ ١١٤٦
٢٩٧٧ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
قال النبي ﷺ: (إني أعطي قريشا أتألفهم، لأنهم حديث عهد بجاهلية).


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم: ١٠٥٩. (أتألفهم) أطلب إلفهم وأجلبهم إلى الإسلام الحق. (حديث عهد) قريب العهد بالكفر، ولم يمض على إسلامهم زمن يتمكن فيه الإيمان في قلوبهم.
٣ ‏/ ١١٤٧
٢٩٧٨ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: حدثنا الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
أَنَّ أناسا من الأنصار قالوا لرسول الله ﷺ، حين أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ من أموال هوازن ما أفاء، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ، يعطي قريشا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدث رسول اله ﷺ بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله ﷺ فقال: (ما كان حديث بلغني عنكم). قال له فقهاؤهم: أما ذوو آرائنا يا رسول فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ، يعطي قريشا، ويترك الأنصار، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إني لأعطي رجالا حديث عهدهم بكفر، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله ﷺ، فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به). قالوا: بلى يا رسول الله رضينا، فقال لهم: (إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله تعالى ورسوله ﷺ على الحوض). قال أنس: فلم نصبر.
[٣٣٢٧، ٣٥٦٧، ٣٥٨٢، ٤٠٧٦ – ٤٠٧٩، ٤٠٨٢، ٥٥٢٢، ٦٣٨١، ٧٠٠٣]
(هوازن) هم القبيلة التي قاتلت المسلمين في غزوة حنين. (أفاء) من الفيء والمراد هنا الغنيمة. (فطفق) أخذ وشرع. (تقطر من دمائهم) أي لم يمض زمن على مقاتلتنا لهم على الشرك. (أدم) جلد مدبوغ. (أثرة) استبداد بالأموال وحرمانكم منها. (فلم نصبر) على الأثرة كما أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
٣ ‏/ ١١٤٧
٢٩٧٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عمر بن محمد بن مطعم: أن محمد بن جبير قال: أخبرني جبير بن مطعم:
أنه بينا هو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ومعه الناس، مقبلا من حنين، علقت رسول

⦗١١٤٨⦘
الله ﷺ الأعراب يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله ﷺ فقال: (أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا، ولا كذوبا، ولا جبانا).
[ر: ٢٦٦٦]


(اضطروه) ألجؤوه. (سمرة) شجرة لها زهر أصفر. (العضاه) شجر عظيم الشوك.
٣ ‏/ ١١٤٧
٢٩٨٠ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرت إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ ﷺ قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
[٥٤٧٢، ٥٧٣٨]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة، رقم: ١٠٥٧. (برد) نوع من الثياب. (نجراني) نسبة إلى نجران، بلد في اليمن. (الحاشية) الجانب، وحاشية الثوب جانبه، وكذلك الحاشية من كل شيء. (فجذبه) شده. (صفحة) صفحة كل شيء وجهه وجانبه وناحيته، ومثله الصفح. (عاتق) هو ما بين المنكب والعنق.
٣ ‏/ ١١٤٨
٢٩٨١ – حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين، آثر النبي ﷺ أناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب، فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله. فقلت: والله لأخبرن النبي ﷺ، فأتيته فأخبرته، فقال: (فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
[٣٢٢٤، ٤٠٨٠، ٤٠٨١، ٥٧١٢، ٥٧٤٩، ٥٩٣٣، ٥٩٧٧]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم: ١٠٦٢. (آثر أناسا) اختارهم وخصهم بشيء عن غيرهم. (القسمة) أي قسمة الغنيمة. (رجل) قيل: هو معتب بن قشير، وهو من المنافقين.
٣ ‏/ ١١٤٨
٢٩٨٢ – حدثنا محمود بن غيلان: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قالت:
كنت أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رسول الله ﷺ على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ. وقال أبو ضمرة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ: أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير.
[٤٩٢٦]
(النوى) عجم التمر، الواحدة عجمة، مثل قصب وقصبة. (أقطعه) أعطاه قطعة من الأرض.
٣ ‏/ ١١٤٩
٢٩٨٣ – حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سليمان: حدثنا موسى ابن عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن عمر بن الخطاب أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لما ظهر على أهل خيبر أراد أن يخرج اليهود منها، وكانت الأرض لما ظهر عليها لليهود وللرسول وللمسلمين، فسأل الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أن يتركهم على أن يكفوا العمل ولهم نصف الثمر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نقركم على ذلك ما شئنا). فأقروا حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء وأريحا.
[ر: ٢٢١٣]


(ظهر عليها) غلب أهلها. (لليهود وللرسول وللمسليمن) بعضها لليهود وبعضها للرسول ﷺ وبعضها للمسلمين. (تيماء) قرية على طريق المدينة إلى الشام، بينها وبين المدينة ٤٢٥ كم تقريبا. (أريحا) قرية في بلاد الشام، وهي تابعة الآن للأردن.
٣ ‏/ ١١٤٩
٢٠ – باب: ما يصيب من الطعام في أرض الحرب.
٣ ‏/ ١١٤٩
٢٩٨٤ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بن هلال، عن عبد الله ابن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ ﷺ فاستحييت منه.
[٣٩٧٧، ٥١٨٩]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب، رقم: ١٧٧٢. (بجراب) وعاء من جلد. (فنزوت) وثبت مسرعا.
٣ ‏/ ١١٤٩
٢٩٨٥ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه.


(لا نرفعه) لا نحمله للادخار، وقيل: لا نرفعه إلى متولي قسمة الغنائم.
٣ ‏/ ١١٤٩
٢٩٨٦ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حدثنا الشيباني قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يقول:
أصابنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله ﷺ: أكفئوا القدور، فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئا. قال عبد الله: فقلنا: نما نهى النبي ﷺ لأنها لم تخمس، قال: وقال آخرون: حرمها ألبتة، وسألت سعيد بن جبير فقال: حرمها ألبتة.
[٣٩٨٣ – ٣٩٨٦، ٥٢٠٥]
أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم: ١٩٣٧. (مجاعة) جوع شديد. (وقعنا في الحمر) ذبحناها لنطبخها ونأكلها. (أكفئوا) اقلبوها وأفرغوا ما فيها. (لم تخمس) لم توزع كما توزع الغنائم، فيخرج خمسها لله تعالى ويوزع كما بين في آية الأنفال بقوله تعالى: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ /٤١/. وأربعة أخماسها تقسم على الغانمين. (ألبتة) قطعا، من البت وهو القطع.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …