٥٩ – كتاب الوصايا.

١ – بَاب: الْوَصَايَا، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين بالمعروف حقا على المتقين. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غفور رحيم﴾. /البقرة: ١٨٠ – ١٨٢ /. جنفا: ميلا. ﴿متجانف﴾ /المائدة: ٣/: مائل.


(كتب) فرض. (الموت) أي أسبابه. (خيرا) مالا. (الوصية) فعليه الوصية، وهي في اللغة: طلب فعل من غيره، ليفعله حال حياته أو بعد وفاته. وفي الشرع: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع. (بالمعروف) بالرفق والإحسان، وذلك بأن لا يجحف بورثته، وبدون إسراف ولا تقتير. (حقا) واجبا. وكان ذلك قبل أن تفرض المواريث وتبين، وبعد نزول آيات المواريث نسخ حكم وجوب الوصية، وبقيت مندوبة في حق غير الوارثين من الأقرباء وغيرهم. (بدله) زاد أو نقص فيما علم من الوصية. (إثمه) إثم تبديل الإيصاء. (الذين يبدلونه) من الأوصياء، أو الشهود على الوصية، أو غيرهم. (جنفا) ميلا عن الحق خطأ. (إثما) تعمد الميل. (بينهم) بين الموصي والموصى له.
٣ ‏/ ١٠٠٥
٢٥٨٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن نافع، عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ عمر، عن النبي ﷺ.


أخرجه مسلم في أول كتاب الوصية، رقم: ١٦٢٧. (ما حق) لا ينبغي له وليس من حقه. (شيء يوصي فيه) مال يمكن أن يوصي بجزء منه.
٣ ‏/ ١٠٠٥
٢٥٨٨ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ،
خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا، وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً،

⦗١٠٠٦⦘
وَلَا شَيْئًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وأرضا جعلها صدقة.
[٢٧١٨، ٢٧٥٥، ٢٩٣١، ٤١٩٢]


(ختن) كل من كان من قبل الزوجة كأبيها وأخيها، وقد يطلق على زوج البنت. (أمة) مملوكة. (جعلها صدقة) يصدق بها على سبيل الوقف.
٣ ‏/ ١٠٠٥
٢٥٨٩ – حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، هُوَ ابن مغول: حدثنا طلحة ابن مُصَرِّفٍ قَالَ:
سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَوْصَى؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ أمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله.
[٤١٩١، ٤٧٣٤]
أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم: ١٦٣٤. (أوصى بكتاب الله) أي أوصى بالعمل بما فيه، والالتزام بمقتضاه.
٣ ‏/ ١٠٠٦
٢٥٩٠ – حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ:
ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنهما كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ، وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي، أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟.
[٤١٩٠]
أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم: ١٦٣٦. (وصيا) أي على الخلافة بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (حجري) حضني. (انخنث) انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت.
٣ ‏/ ١٠٠٦
٢ – بَاب: أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ.
٣ ‏/ ١٠٠٦
٢٥٩١ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ ابن سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ: (يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: (فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى

⦗١٠٠٧⦘
اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ). وَلَمْ يَكُنْ له يومئذ إلا ابنة.
[ر: ٥٦]


(وهو) أي رسول الله ﷺ، وقيل: سعد رضي الله عنه. (ابن عفراء) هو سعد بن خولة، ويحتمل أن ابن عفراء لقب له، وقيل غير ذلك. (تدع) تترك. (عالة) فقراء، جمع عائل وهو الفقير. (يتكففون) من التكفف وهو بسط الكف للسؤال، أو سؤال الناس كفافا من الطعام. (يرفعك) يطيل عمرك. (فينتفع بك ناس) من المسلمين، بالغنائم التي ستغنم مما يفتح الله على يديك من بلاد الشرك. (ويضر بك آخرون) وهم الذين سيهلكون على يديك من أهل الباطل والشرك. وهذا معجزة من معجزاته ﷺ، حيث أخبر عنه قبل وقوعه، ووقع كما أخبر به، فقد فتح الله تعالى على يديه بلاد العراق.
٣ ‏/ ١٠٠٦
٣ – بَاب: الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَصِيَّةٌ إِلَّا الثُّلُثَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ /المائدة: ٤٩/.


(الحسن) البصري رحمه الله تعالى. (لا يجوز ..) أي إذا أوصى بما يزيد عن الثلث لا تنفذ وصيته إلا في حدود الثلث، ولو لم يكن له ورثة، أو كان له ورثة وأجازوا ذلك. (بينهم) أي بين الذميين من أهل الكتاب، إذا تحاكموا إلينا في الميراث وغيره.
٣ ‏/ ١٠٠٧
٢٥٩٢ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أو كبير).


أخرجه مسلم في الوصية، باب: الوصية بالثلث، رقم: ١٦٢٩. (غض الناس ..) نقضوا في وصاياهم عن الثلث، واكتفوا بالربع.
٣ ‏/ ١٠٠٧
٢٥٩٣ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:
مَرِضْتُ، فَعَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لي أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي، قَالَ: (لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا). قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ، قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: (النِّصْفُ كَثِيرٌ). قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ). قَالَ: فَأَوْصَى الناس بالثلث، فجاز ذلك لهم.
[ر: ٥٦]


(لا يردني على عقبي) لا يميتني في البلد التي هاجرت منها وهي مكة. (قال فأوصى الناس) ظاهره أنه كلام سعد، ويحتمل أن يكون من كلام من
دونه من الرواة.
٣ ‏/ ١٠٠٧
٤ – بَاب: قَوْلِ الْمُوصِي لِوَصِيِّهِ: تَعَاهَدْ وَلَدِي، وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ مِنَ الدَّعْوَى.
٣ ‏/ ١٠٠٧
٢٥٩٤ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن ابن شهاب، عن عروة ابن الزبير،

⦗١٠٠٨⦘
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا قَالَتْ:
كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وليدة أبي، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هو لك يا عبد بن ومعة، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ). ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: (احْتَجِبِي مِنْهُ). لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
[ر: ١٩٤٨]

٣ ‏/ ١٠٠٧
٥ – بَاب: إِذَا أَوْمَأَ الْمَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جازت.
٣ ‏/ ١٠٠٨
٢٥٩٥ – حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن يهوديا رض جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلَانٌ، أَوْ فُلَانٌ، حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فَرُضَّ رَأْسُهُ بالحجارة.
[ر: ٢٢٨٢]
٣ ‏/ ١٠٠٨
٦ – باب: لا وصية لوارث.
٣ ‏/ ١٠٠٨
٢٥٩٦ – حدثن مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع.
[٤٣٠٢، ٦٣٥٨]
(كان المال للولد) أي كان الحكم في أول الأمر: إذا مات الشخص فماله لولده. (ما أحب) ما أراد. (حظ) نصيب. (الثمن) عند وجود ولد للمتوفى، والربع عند عدمه. (الشطر) النصف عند عدم الولد، والربع عند وجوده.
٣ ‏/ ١٠٠٨
٧ – بَاب: الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ.
٢٥٩٧ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ،

⦗١٠٠٩⦘
وَلَا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان).
[ر: ١٣٥٣]

٣ ‏/ ١٠٠٨
٨ – بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ /النساء: ١١/.
وَيُذْكَرُ: أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ: أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ.
وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بابها.
وقال الحسن: إذا قال للمملوكه عِنْدَ الْمَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ، جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ).
[ر: ٥٧١٩]
وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (آية المنافق ثلاث: إذا اتمن خَانَ). وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ /النساء: ٥٨/. فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.


(المريض) أي مريضا يخاف عليه من الموت فيه، وقيل في بيانه: هو المرض الذي يتصل به الموت ولا يستمر أكثر من سنة. (برئ) أي إذا أبرأ المريض مرض الموت وارثه من الدين الذي له عليه، برئ الوارث. قال العيني: الظاهر أن المراد منه: أن المرأة بعد موت زوجها لا يتعرض لها، فإن جميع ما في بيته لها، وهذا إذا لم يكن ما في بيتها من أمتعة الرجال، وإن لم يشهد لها زوجها بذلك. (جاز) أي نفذ العتق من جميع المال، لا من الثلث فقط. (قضاني) أداني حقي، وقوله (جاز) أي صح إقرارها. (بعض الناس) مراده ببعض الناس أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه. (إقراره) أي المريض مرضا يخاف منه الموت. (البضاعة) الأموال المعدة للتجارة. (إياكم والظن) احذروا الظن السيء. (أكذب الحديث) أي يكون الكذب فيه أكثر من غيره، ويخطئ الإنسان فيه الحقيقة أكثر من أي قول يحدث به (الأمانات) كل ما يؤتمن عليه من الحقوق. (أهلها) أصحابها.
وأتى البخاري بالحديثين والآية ليرد على القائلين بعدم جواز إقرار المريض، فإن رده لسوء الظن ممنوع، للنهي عن سوء الظن. وكذلك ترك الخيانة يوجب أن يقر بما عليه، وإذا أقر لابد من اعتبار إقراره. وكذلك الأمر بأداء الأمانة مطلقا يوجب ذلك.
ورد العيني على ما أورد البخاري: بأن الظن المنهي عنه هو الظن الفاسد، وأن الإقرار يعتبر حيث لا تهمة، والمريض متهم في إقراره بالمحاباة لبعض الورثة أو غيرهم، وأداء الأمانة مطلوب حيث يثبت أن الذمة مشغولة، ولا دليل على شغل ذمة المريض مع احتمال التهمة أيضا.
٣ ‏/ ١٠٠٩
٢٥٩٨ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خان، وإذا وعد أخلف).
[ر: ٣٣]
٣ ‏/ ١٠١٠
٩ – بَاب: تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ /النساء: ١١/.
وَيُذْكَرُ إن النبي ﷺ قضى بالدين قبل الوصية.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ /النساء: ٥٨/.
فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا صدقة إلا عن ظهر غنى).
[ر: ١٣٦٠، ١٣٦١]
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ).
٣ ‏/ ١٠١٠
٢٥٩٩ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فأبى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى تُوُفِّيَ رحمه الله.
[ر: ١٣٦١]
٣ ‏/ ١٠١٠
٢٦٠٠ – حدثنا بشر بن محمد السخيتاني: أخبرنا عبد الله: أخبرنا يونس، عن الزهري

⦗١٠١١⦘
قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
سمعت رسول اله ﷺ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ ومسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ). قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: (والرجل راع في مال أبيه).
[ر: ٨٥٣]

٣ ‏/ ١٠١٠
١٠ – بَاب: إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ، وَمَنِ الْأَقَارِبُ.
وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ). فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ، قَالَ: (اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ). قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانٍ وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو
ابن مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ. وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبائه في الإسلام.


(الأنصاري) هو محمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أنس بن مالك رضي الله عنه. (بعضهم) أراد أبا يوسف صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى.
٣ ‏/ ١٠١١
٢٦٠١ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن إسحاق بن عبد الله ابن أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:
قال النبي ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عشيرتك الأقربين﴾. جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُنَادِي: (يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ). لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عشيرتك الأقربين﴾. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا معشر

⦗١٠١٢⦘
قريش).
[ر: ١٣٣٠، ١٣٩٢، ٢٦٠٢]

٣ ‏/ ١٠١١
١١ – بَاب: هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِي الْأَقَارِبِ.
٣ ‏/ ١٠١٢
٢٦٠٢ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزهري قال: أخبرني سعيد ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾. قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا – اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئا، يا بني مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شهاب.
[٣٣٣٦، ٤٤٩٣]
أخرجه مسلم في الأيمان، باب: في قوله تعالى: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾، رقم: ٢٠٤. (عشيرتك) قومك وقبيلتك. (الأقربين) وهم بنو هاشم وبنو المطلب /الشعراء: ٢١٤/. (اشتروا أنفسكم) أنقذوها من النار بالإيمان والعمل الصالح. (لا أغني عنكم) لا أنفعكم شيئا، ولا أستطيع أن أدفع عنكم عذاب الله عز وجل إن لم تؤمنوا.
٣ ‏/ ١٠١٢
١٢ – بَاب: هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ.
وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَا جُنَاحَ عَلَى من وليه أن يأكل منها. [ر: ٢٥٨٦]
وقد يلي الواقف وغيره. وكذلك مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لم يشترط.
٣ ‏/ ١٠١٢
٢٦٠٣ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ رأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ: (ارْكَبْهَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ فِي الثالثة أو الرابعة: (اركبها ويلك، أو: ويحك).
[ر: ١٦٠٥]
٣ ‏/ ١٠١٢
٢٦٠٤ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: (ارْكَبْهَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: (اركبها ويلك). في الثانية أو الثالثة.
[ر: ١٦٠٤]
٣ ‏/ ١٠١٢
١٣ – باب: إذا وقف شيئا فلم يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ.
لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْقَفَ، وَقَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إن

⦗١٠١٣⦘
وليه عمر أو غيره.
[ر: ٢٥٨٦]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). فَقَالَ: أفعل، فقسمها في أقاربه وبني عمه.
[ر: ١٣٩٢]

٣ ‏/ ١٠١٢
١٤ – بَاب: إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا في الأقربين أو حيث أراد.
وقال النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ ﷺ ذلك.
[ر: ١٣٩٢]
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ، والأول أصح.


(بعضهم) المراد الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فنقل عنه قول: إن الوقف لا يصح حتى يعين جهة مصرفه، فإن لم يعين بقي الموقوف على ملك الواقف. والقول الآخر يصح وإن لم يعين. [عيني]].
٣ ‏/ ١٠١٣
١٥ – باب: أرضي أو بستاني صدقة عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لمن ذلك.
٣ ‏/ ١٠١٣
٢٦٠٥ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى: أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَإِنِّي أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها.
[٢٦١١، ٢٦١٨]
(أمه) عمرة بنت مسعود. (حائطي) هو البستان من النخل إذا كان له جدار. (المخراف) اسم لحائطه، والمخراف الشجرة وقيل ثمرها.
٣ ‏/ ١٠١٣
١٦ – بَاب: إِذَا تَصَدَّقَ، أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ، أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ.
٣ ‏/ ١٠١٣
٢٦٠٦ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بن مالك رضي الله عنه يقول:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ

⦗١٠١٤⦘
وإلى رسوله ﷺ؟ قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
[٢٧٨٧، ٢٧٩٠، ٢٩٢٢، ٣٣٦٣، ٣٦٧٦، ٣٧٣٥، ٣٧٦٨، ٤١٥٦، ٤٣٩٦، ٤٣٩٩ – ٤٤٠١، ٥٩٠٠، ٦٣١٢، ٦٧٩٨]


(أنخلع ..) أخرج منه جميعه وأتصق به وأعرى منه، كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه. (سهمي) نصيبي الذي أملكه.
٣ ‏/ ١٠١٣
١٧ – بَاب: مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ، ثُمَّ رَدَّ الوكيل إليه.
٣ ‏/ ١٠١٤
٢٦٠٧ – وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحبون﴾. جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي كِتَابِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ – قَالَ: وَكَانَتْ حَدِيقَةً، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا – فَهِيَ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الْأَقْرَبِينَ). فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ، قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ: وَبَاعَ حسان حصته منه إلى مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ؟ فَقَالَ: أَلَا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ. قَالَ: وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الَّذِي بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ.
[ر: ١٣٩٢]


(تبيع صدقة أبي طلحة) أي كيف تبيعها وقد تصدق بها عليكم على سبيل الوقف. (ألا أبيع ..) أي لا فرق بين هذا وهذا. (بنو حديلة) بطن من الأنصار.
٣ ‏/ ١٠١٤
١٨ – بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه﴾
/ النساء: ٨/.


(القسمة) الميراث. (أولوا القربى) الأقرباء غير الوارثين. (فارزقوهم منه) أعطوهم نصيبا من التركة.
٣ ‏/ ١٠١٤
٢٦٠٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ،

⦗١٠١٥⦘
وَلَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أن أعطيك.
[٤٣٠٠]


(هذه الآية) قوله تعالى: ﴿وإذا حضر القسمة﴾. (نسخت) نسخ حكمها وقد كان واجبا في ابتداء التشريع على قول من يقول بالنسخ. (ولكنها مما تهاون الناس) ولكن مقتضى الآية مما تهاون الناس فيه ولم يعملوا به. (هما) المتصرفان في التركة والمتوليان أمرها. (يرزق) يعطي من حضر ممن ذكر في الآية. (يقول بالمعروف) يعتذر بلطف عن الإعطاء لمن حضر، كما أمره تعالى بقوله: ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾ /النساء: ٨/.
٣ ‏/ ١٠١٤
١٩ – باب: ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت.
٣ ‏/ ١٠١٥
٢٦٠٩ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، تَصَدَّقْ عنها).
[ر: ١٣٢٢]
٣ ‏/ ١٠١٥
٢٦١٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، استفتى رسول الله ﷺ فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال: (اقضه عنها).
[٦٣٢٠، ٦٥٥٨]
أخرجه مسلم في النذر، باب: الأمر بقضاء النذر، رقم: ١٦٣٨
٣ ‏/ ١٠١٥
٢٠ – باب: الإشهاد في الوقف والصدقة.
٣ ‏/ ١٠١٥
٢٦١١ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يعلى: أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول: أنبأنا ابن عباس:
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، أخا بني ساعدة، توفيت أمه وهو غائب عنها، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عنها، فهل ينفعها شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ). قال: فإني أشهدك أن حائطي بالمخراف صدقة عليها.
[ر: ٢٦٠٥]
٣ ‏/ ١٠١٥
٢١ – باب: قول الله تعالى:
﴿وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه

⦗١٠١٦⦘
كان حوبا كبيرا. وإن خفتم أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾ /النساء: ٢، ٣/.


(آتوا) أعطوا. (اليتامى) الصغار الذين لا أب لهم. (أموالهم) التي كانت في أيديكم وتحت وصايتكم، وذلك إذا بلغوا الحلم راشدين. (تتبدلوا الخبيث بالطيب) لا تأخذوا الحرام بدل الحلال، وذلك بأخذكم الجيد من مال اليتيم، وإعطائكم بدله الردئ من أموالكم. (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) لا تخلطوها بها فتأكلوها جميعا. (حوبا) ذنبا. (تقسطوا) تعدلوا. (في اليتامى) في الزواج باليتيمات. (فانكحوا ما طاب لكم) فاتركوا الزواج باليتيمات، وتزوجوا من حلت لكم ومن رغبتم من غيرهن من النساء.
٣ ‏/ ١٠١٥
٢٦١٢ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزهري قال: كان عروة بن الزبير يحدث:
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ﴿وَإِنْ خفتم أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾. قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النساء.
قالت عائشة: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعد، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾. قالت: فبين الله في هذه أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ ورغبوا في نكاحها، ولم يلحقوها بسنتها بإكمال الصداق، فإذا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قال: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يقسطوا لها الأوفى من الصداق، ويعطوها حقها.
[ر: ٢٣٦٢]
٣ ‏/ ١٠١٦
٢٢ – باب: قول الله تعالى:
﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن يكن فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى
بالله حسيبا. للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا﴾ /النساء: ٦، ٧/. حسيبا: يعني كافيا.


(ابتلوا) اختبروا. (بلغوا النكاح) صاروا أهلا له، بالاحتلام أو بالسن. (آنستم) أبصرتم وشعرتم. (رشدا) صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم. (إسرافا) مسرفين بمالهم من غير حاجة ضرورية. (بدارا) مبادرين إلى إنفاقها. (أن يكبروا) حذرا من أن يبلغوا ويلزموكم تسليم أموالهم إليهم. (بالمعروف) بقدر أجرة عمله المتعارف عليها. (مفروضا) مقدرا أو محتما إعطاؤه لمن يستحقه.
٣ ‏/ ١٠١٦
٢٣ – باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم، وما يأكل منه بقدر عمالته.
٣ ‏/ ١٠١٧
٢٦١٣ – حدثنا هارون: حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم: حدثنا صخر ابن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن عمر تصدق بمال له عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكان يقال له ثمغ، وكان نخلا، فقال عمر: يا رسول الله إني استفدت مالا، وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره). فتصدق به عمر، فصدقته ذلك في سبيل الله، وفي الرقاب، والمساكين، والضيف، وابن السبيل، ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف، أو أن يؤكل صديقه غير متمول به.
[ر: ٢٥٨٦]


(ثمغ) أرض تلقاء المدينة، كانت لعمر رضي الله عنه. (استفدت) حصلت وملكت. (نفيس) جيد، وسمي نفيسا لأنه يأخذ بالنفس.
٣ ‏/ ١٠١٧
٢٦١٤ – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فليأكل بالمعروف﴾. قالت: أنزلت في والي اليتيم: أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا، بقدر ماله بالمعروف.
[ر: ٢٠٩٨]
٣ ‏/ ١٠١٧
٢٤ – باب: قول الله تعالى: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا﴾. /النساء: ١٠/.


(ظلما) بغير حق. (نارا) ما يؤول بهم إلى النار. (سيصلون) يدخلون. (سعيرا) نارا شديدة يحترقون فيها.
٣ ‏/ ١٠١٧
٢٦١٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ المدني، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يوم الزحف، وقذف

⦗١٠١٨⦘
المحصنات المؤمنات الغافلات).
[٥٤٣١، ٦٤٦٥]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم: ٨٩. (اجتنبوا) ابتعدوا. (الموبقات) المهلكات. (السحر) هو في اللغة: عبارة عما لطف وخفي سببه، وبمعنى صرف الشيء عن وجهه، ويستعمل بمعنى الخداع. والمراد هنا: ما يفعله المشعوذون من تخييلات وتمويه، تأخذ أبصار المشاهدين، وتوهمهم الإتيان بحقيقة أو تغييرها. (بالحق) كالقتل قصاصا. (التولي يوم الزحف) الفرار عن القتال يوم ملاقاة الكفار، والزحف في الأصل الجماعة الذين يزحفون إلى العدو، أي يمشون إليهم بمشقة، مأخوذ من زحف الصبي إذا مشى على مقعدته. (قذف) هو الاتهام والرمي بالزنا. (المحصنات) جمع محصنة، وهي العفيفة التي حفظت فرجها، وصانها الله من الزنا. (الغافلات) البريئات اللواتي لا يفطن إلى
ما رمين به من الفجور.
٣ ‏/ ١٠١٧
٢٥ – باب: قول الله تعالى:
﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم﴾ /البقرة: ٢٢٠/. لأعنتكم: لأحرجكم وضيق. ﴿وعنت﴾ /طه: ١١١/: خضعت.
وقال لنا سليمان: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: ما رد ابن عمر
على أحد وصية.
وكان ابن سيرين: أحب الأشياء إليه في مال اليتيم أن يجتمع إليه نصحاؤه وأولياؤه، فينظروا الذي هو خير له.
وكان طاوس: إذا سئل عن شيء من أمر اليتامى قرأ: ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾. وقال عطاء في يتامى الصغير والكبير: ينفق الولي على كل إنسان بقدره من حصته.


(عن اليتامى) عن كفية معاملتهم والتصرف في مالهم. (إصلاح لهم) بتنمية أموالهم والقيام عليهم. (تخالطوهم) أي في الطعام والشراب والنفقة. (فإخوانكم) في الدين، ومن شأن الأخ أن يخالط أخاه، فلا حرج عليكم في ذلك. (الصغير والكبير) أي الوضيع والشريف. (بقدره) أي بالقدر اللائق به.
٣ ‏/ ١٠١٨
٢٦ – باب: استخدام اليتيم في السفر والحضر، إذا كان صلاحا له، ونظر الأم وزوجها لليتيم.
٣ ‏/ ١٠١٨
٢٦١٦ – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا ابن علية: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة ليس له خادم، فأخذ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قال: فخدمته في السفر والحضر، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ تصنع هذا هكذا.
[٦٥١٣]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كان رسول الله ﷺ أحسن الناس خلقا، رقم: ٢٣٠٩. (كيس) عاقل ومتزن، وهو ضد الأحمق.
٣ ‏/ ١٠١٨
٢٧ – باب: إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة.
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٦١٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا من نخل، أحب ماله إليه بيرحاء، مستقبلة المسجد، وكان النبي ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحبون﴾. وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حيث أراك الله، فقال: (بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَوْ رَايِحٌ – شَكَّ ابن مسلمة – وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ يجعلها في الأقربين). قال أبو طلحة: أفعل ذلك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أقاربه وفي بني عمه.
وقال إسماعيل وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى، عن مالك: (رايح).
[ر: ١٣٩٢]
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٦١٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بن عبادة: حدثنا زكرياء بن إسحاق قال: حدثني عمرو بن دنيار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن رجلا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إن أمه توفيت، أينفعها إن تصدق عنها؟ قال: (نعم). قال: فإن لي مخرافا، وأشهدك أني قد تصدقت به عنها.
[ر: ٢٦٠٥]
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٨ – باب: إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز.
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٦١٩ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ:
أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثمنه إلا إلى الله.
[ر: ٤١٨]
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٩ – باب: الوقف كيف يكتب.
٣ ‏/ ١٠١٩
٢٦٢٠ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال:
أصاب عمر بخيبر أرضا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ منه، فكيف تأمرني بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا

⦗١٠٢٠⦘
وَتَصَدَّقْتَ بِهَا). فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ منها بالمعروف، أو يطعم صديقا غير متمول فيه.
[ر: ٢٥٨٦]

٣ ‏/ ١٠١٩
٣٠ – باب: الوقف للغني والفقير والضيف.
٣ ‏/ ١٠٢٠
٢٦٢١ – حدثنا أبو عاصم: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عمر:
أن عمر رضي الله عنه وجد مالا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فأخبره، قال: (إن شئت تصدق بها). فتصدق بها في الفقراء والمساكين، وذي القربى، والضيف.
[ر: ٢٥٨٦]
٣ ‏/ ١٠٢٠
٣١ – باب: وقف الأرض للمسجد.
٣ ‏/ ١٠٢٠
٢٦٢٢ – حدثنا إسحاق: حدثنا عبد الصمد قال: سمعت أبي: حدثنا أبو التياح قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة أمر بالمسجد، وقال: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله.
[ر: ٤١٨]
٣ ‏/ ١٠٢٠
٣٢ – باب: وقف الدواب والكراع والعروض والصامت.
قال الزهري: فيمن جعل ألف دينار في سبيل الله، ودفعها إلى غلام له تاجر يتجر بها، وجعل ربحه صدقة للمساكين والأقربين، هل للرجل أن يأكل من ربح ذلك الألف شيئا، وإن لم يكن جعل ربحها صدقة في المساكين؟ قال: ليس له أن يأكل منها.


(الكراع) الخيل المرصدة للجهاد. (العروض) الأمتعة. (الصامت) ضد الناطق، والمراد النقد في المال.
٣ ‏/ ١٠٢٠
٢٦٢٣ – حدثنا مسدد: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن عمر حمل على فرس له في سبيل الله، أعطاها رسول الله ﷺ ليحمل عليها رجلا، فأخبر عمر أنه قد وقفها يبيعها، فسأل رسول الله ﷺ أن يبتاعها، فقال: (لا تبتعها، ولا ترجعن
في صدقتك).
[ر: ١٤١٨]
٣ ‏/ ١٠٢٠
٣٣ – باب: نفقة القيم للوقف.
٣ ‏/ ١٠٢٠
٢٦٢٤ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

⦗١٠٢١⦘
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومؤونة عاملي، فهو صدقة).
[٢٩٢٩، ٦٣٤٨]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي ﷺ: «لا نورث ما تركنا صدقة»، رقم: ١٧٦٠. (مؤونة عاملي) نفقة عمالي، من قيم على وقف أو أجير أو وكيل.
٣ ‏/ ١٠٢٠
٢٦٢٥ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن عمر اشترط في وقفه: أن يأكل من وليه ويؤكل صديقه، غير متمول مالا.
[ر: ٢٥٨٦]
٣ ‏/ ١٠٢١
٣٤ – باب: إذا وقف أرضا أو بئرا، واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين.
وأوقف أنس دارا، فكان إذا قدمها نزلها.
وتصدق الزبير بدوره، وقال للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها، فإن استغنت بزوج فليس لها حق.
وجعل ابن عمر نصيبه من دار سكنى لذوي الحاجة من آل عبد الله.


(واشترط ..) أي اشترط الواقف أن ينتفع بالموقوف كما ينتفع غيره من المسلمين به، والدلاء جمع دلو، وهو وعاء يستخرج به الماء من البئر، والمعنى: أنه يأخذ بدلو كدلوهم ولا يتميز عنهم. (للمردودة) المطلقة. (تسكن) في الدور التي تصدق بها، أي أوقفها على بنيه والمطلقات من بناته، لا تباع ولا توهب.
٣ ‏/ ١٠٢١
٢٦٢٦ – وقال عبدان: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن أبي عبد الرحمن:
أن عثمان رضي الله عنه حيث حوصر، أشرف عليهم، وقال: أنشدكم بالله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي ﷺ، ألستم تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: (من حفر رومة فله الجنة). فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: (من جهز جيش العسرة فله الجنة). فجهزته، قال: فصدقوه بما قال.
وقال عمر في وقفه: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. [ر: ٢٥٨٦] وقد يليه الواقف وغيره، فهو واسع لكل.


(من حفر رومة) اشترى بئر رومة ووسعها وبنى حول فمها، فنسب حفرها إليه، وهذه البئر كانت ليهودي يبيع ماءها للمسلمين كل قربة بدرهم، فاشتراها عثمان رضي الله عنه وأوقفها للمسلمين على أن له أن يشرب منها كما يشربون. (جيش العسرة) جيش غزوة تبوك، وسمي جيش العسرة لأنها كانت زمن عسر ومشقة. (واسع لكل) أي قول عمر رضي الله عنه: من وليه، يتناول الواقف وغيره.
٣ ‏/ ١٠٢١
٣٥ – باب: إذا قال الواقف: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز.
٣ ‏/ ١٠٢٢
٢٦٢٧ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ). قالوا: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله.
[ر: ٤١٨]
٣ ‏/ ١٠٢٢
٣٦ – باب: قول الله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين. فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ /المائدة: ١٠٦ – ١٠٨/. عثر: ظهر. ﴿أعثرنا﴾ /الكهف: ٢١/: أظهرنا.


(شهادة بينكم) ليشهد بينكم. (حضر أحدكم الموت) حضرته أسبابه. (ذوا عدل) عادلان. (منكم) من المسلمين. (من غيركم) من غير المسلمين. (ضربتم في الأرض) سافرتم. (أصابتكم مصيبة الموت) نزلت فيكم أسبابه. (تحبسونهما) توقفونهما. (ارتبتم) شككتم أنهما خانا. (لا نشتري به) لا نعتاض بالقسم. (ثمنا) عوضا نأخذه من أعراض الدنيا. (ولو كان ذا قربى) ولو كان المشهود عليه قريبا منا فإننا لا نحابيه. (عثر) اطلع بعد حلفهما. (إثما) فعل ما يوجب الإثم من خيانة أو كذب في الشهادة. (يقومان مقامهما) في توجيه اليمين عليهما. (من الذين استحق عليهم) من الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعشيرته. (الأوليان) أي هما الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما الذين يستحقون الوصية. (ذلك) الذي تقدم من بيان الحكم. (أدنى) أقرب أن يأتي الشهداء أو الأوصياء. (على وجهها) حقيقتها التي تحملوها عليها، من غير تحريف ولا خيانة. (ترد أيمان) تكرر أيمان بشهود آخرين، فيفتضحوا بظهور كذبهم.
٣ ‏/ ١٠٢٢
٢٦٢٨ – وقال لي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدم: حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
خَرَجَ رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي

⦗١٠٢٣⦘
بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب، فأحلفهما رسول الله ﷺ، ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أوليائه، فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم﴾.


(تميم .. عدي) كانا نصرانيين عندما حدثت القصة المذكورة في الحديث، وتميم أسلم بعد ذلك رضي الله عنه، وأما عدي فلم يسلم. (جاما) كأسا. (مخوصا) منقوشا فيه خطوط دقيقة طويلة كالخوص، وهو ورق النخل. (أوليائه) من أولياء السهمي، والرجلان هما: عمرو بن العاص والآخر قيل: هو المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنهما.
٣ ‏/ ١٠٢٢
٣٧ – باب: قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة.
٣ ‏/ ١٠٢٣
٢٦٢٩ – حدثنا محمد بن سابق، أو الفضل بن يعقوب عنه: حدثنا شيبان أبو معاوية، عن فراس قال: قال الشعبي: حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما:
أن أباه استشهد يوم أحد، وترك ست بنات، وترك عليه دينا، فلما أحضر جداد النخل، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقلت: يا رسول الله، قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد، وترك عليه دينا كثيرا، وإني أحب أن يراك الغرماء، قال: (اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته). ففعلت، ثم دعوته، فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: (ادع أصحابك). فما زال يكيل لهم حتى أدى أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى أخوتي بتمرة، فسلم والله البيادر كلها، حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كأنه لم ينقص تمرة واحدة.
قال أبو عبد الله: أغروا بي: يعني هيجوا بي. ﴿فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء﴾.
[ر: ٢٠٢٠]


(فبيدر) اجعل كل صنف في بيدر يخصه، والبيدر المكان الذي يجعل فيه التمر المقطوع، والذي يداس فيه الزرع. (أغروا بي) لجوا في مطالبتي وألحوا. (فأغرينا بينهم ..) أثرنا وألقينا حتى أصبحت كأنها لازقة بهم، والمراد: النصارى المصرح بهم في أول الآية بقوله تعالى: ﴿ومن الذين قالوا إنا نصارى﴾ /المائدة: ١٤/.
٣ ‏/ ١٠٢٣

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …