وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين بالمعروف حقا على المتقين. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غفور رحيم﴾. /البقرة: ١٨٠ – ١٨٢ /. جنفا: ميلا. ﴿متجانف﴾ /المائدة: ٣/: مائل.
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ عمر، عن النبي ﷺ.
خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا، وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً،
⦗١٠٠٦⦘
وَلَا شَيْئًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وأرضا جعلها صدقة.
[٢٧١٨، ٢٧٥٥، ٢٩٣١، ٤١٩٢]
سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَوْصَى؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ أمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله.
[٤١٩١، ٤٧٣٤]
ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنهما كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ، وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي، أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟.
[٤١٩٠]
جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ: (يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: (فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى
⦗١٠٠٧⦘
اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ). وَلَمْ يَكُنْ له يومئذ إلا ابنة.
[ر: ٥٦]
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَصِيَّةٌ إِلَّا الثُّلُثَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ /المائدة: ٤٩/.
لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أو كبير).
مَرِضْتُ، فَعَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لي أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي، قَالَ: (لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا). قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ، قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: (النِّصْفُ كَثِيرٌ). قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ). قَالَ: فَأَوْصَى الناس بالثلث، فجاز ذلك لهم.
[ر: ٥٦]
دونه من الرواة.
⦗١٠٠٨⦘
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا قَالَتْ:
كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وليدة أبي، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هو لك يا عبد بن ومعة، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ). ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: (احْتَجِبِي مِنْهُ). لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
[ر: ١٩٤٨]
أن يهوديا رض جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلَانٌ، أَوْ فُلَانٌ، حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فَرُضَّ رَأْسُهُ بالحجارة.
[ر: ٢٢٨٢]
كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع.
[٤٣٠٢، ٦٣٥٨]
٢٥٩٧ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ،
⦗١٠٠٩⦘
وَلَا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان).
[ر: ١٣٥٣]
وَيُذْكَرُ: أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ: أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ.
وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بابها.
وقال الحسن: إذا قال للمملوكه عِنْدَ الْمَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ، جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ).
[ر: ٥٧١٩]
وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (آية المنافق ثلاث: إذا اتمن خَانَ). وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ /النساء: ٥٨/. فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وأتى البخاري بالحديثين والآية ليرد على القائلين بعدم جواز إقرار المريض، فإن رده لسوء الظن ممنوع، للنهي عن سوء الظن. وكذلك ترك الخيانة يوجب أن يقر بما عليه، وإذا أقر لابد من اعتبار إقراره. وكذلك الأمر بأداء الأمانة مطلقا يوجب ذلك.
ورد العيني على ما أورد البخاري: بأن الظن المنهي عنه هو الظن الفاسد، وأن الإقرار يعتبر حيث لا تهمة، والمريض متهم في إقراره بالمحاباة لبعض الورثة أو غيرهم، وأداء الأمانة مطلوب حيث يثبت أن الذمة مشغولة، ولا دليل على شغل ذمة المريض مع احتمال التهمة أيضا.
عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خان، وإذا وعد أخلف).
[ر: ٣٣]
وَيُذْكَرُ إن النبي ﷺ قضى بالدين قبل الوصية.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ /النساء: ٥٨/.
فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا صدقة إلا عن ظهر غنى).
[ر: ١٣٦٠، ١٣٦١]
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ).
[ر: ١٣٦١]
⦗١٠١١⦘
قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
سمعت رسول اله ﷺ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ ومسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ). قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: (والرجل راع في مال أبيه).
[ر: ٨٥٣]
وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ). فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ، قَالَ: (اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ). قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانٍ وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو
ابن مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ. وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبائه في الإسلام.
قال النبي ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عشيرتك الأقربين﴾. جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُنَادِي: (يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ). لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عشيرتك الأقربين﴾. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا معشر
⦗١٠١٢⦘
قريش).
[ر: ١٣٣٠، ١٣٩٢، ٢٦٠٢]
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾. قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا – اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئا، يا بني مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شهاب.
[٣٣٣٦، ٤٤٩٣]
وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَا جُنَاحَ عَلَى من وليه أن يأكل منها. [ر: ٢٥٨٦]
وقد يلي الواقف وغيره. وكذلك مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لم يشترط.
أن النبي ﷺ رأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ: (ارْكَبْهَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ فِي الثالثة أو الرابعة: (اركبها ويلك، أو: ويحك).
[ر: ١٦٠٥]
أن رسول الله ﷺ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: (ارْكَبْهَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: (اركبها ويلك). في الثانية أو الثالثة.
[ر: ١٦٠٤]
لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْقَفَ، وَقَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إن
⦗١٠١٣⦘
وليه عمر أو غيره.
[ر: ٢٥٨٦]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). فَقَالَ: أفعل، فقسمها في أقاربه وبني عمه.
[ر: ١٣٩٢]
وقال النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ ﷺ ذلك.
[ر: ١٣٩٢]
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ، والأول أصح.
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَإِنِّي أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها.
[٢٦١١، ٢٦١٨]
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ
⦗١٠١٤⦘
وإلى رسوله ﷺ؟ قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
[٢٧٨٧، ٢٧٩٠، ٢٩٢٢، ٣٣٦٣، ٣٦٧٦، ٣٧٣٥، ٣٧٦٨، ٤١٥٦، ٤٣٩٦، ٤٣٩٩ – ٤٤٠١، ٥٩٠٠، ٦٣١٢، ٦٧٩٨]
لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحبون﴾. جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي كِتَابِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ – قَالَ: وَكَانَتْ حَدِيقَةً، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا – فَهِيَ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الْأَقْرَبِينَ). فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ، قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ: وَبَاعَ حسان حصته منه إلى مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ؟ فَقَالَ: أَلَا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ. قَالَ: وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الَّذِي بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ.
[ر: ١٣٩٢]
/ النساء: ٨/.
إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ،
⦗١٠١٥⦘
وَلَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أن أعطيك.
[٤٣٠٠]
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، تَصَدَّقْ عنها).
[ر: ١٣٢٢]
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، استفتى رسول الله ﷺ فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال: (اقضه عنها).
[٦٣٢٠، ٦٥٥٨]
أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، أخا بني ساعدة، توفيت أمه وهو غائب عنها، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عنها، فهل ينفعها شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ). قال: فإني أشهدك أن حائطي بالمخراف صدقة عليها.
[ر: ٢٦٠٥]
﴿وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه
⦗١٠١٦⦘
كان حوبا كبيرا. وإن خفتم أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾ /النساء: ٢، ٣/.
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ﴿وَإِنْ خفتم أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾. قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النساء.
قالت عائشة: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعد، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾. قالت: فبين الله في هذه أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ ورغبوا في نكاحها، ولم يلحقوها بسنتها بإكمال الصداق، فإذا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قال: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يقسطوا لها الأوفى من الصداق، ويعطوها حقها.
[ر: ٢٣٦٢]
﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن يكن فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى
بالله حسيبا. للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا﴾ /النساء: ٦، ٧/. حسيبا: يعني كافيا.
أن عمر تصدق بمال له عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكان يقال له ثمغ، وكان نخلا، فقال عمر: يا رسول الله إني استفدت مالا، وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره). فتصدق به عمر، فصدقته ذلك في سبيل الله، وفي الرقاب، والمساكين، والضيف، وابن السبيل، ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف، أو أن يؤكل صديقه غير متمول به.
[ر: ٢٥٨٦]
﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فليأكل بالمعروف﴾. قالت: أنزلت في والي اليتيم: أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا، بقدر ماله بالمعروف.
[ر: ٢٠٩٨]
عن النبي ﷺ قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يوم الزحف، وقذف
⦗١٠١٨⦘
المحصنات المؤمنات الغافلات).
[٥٤٣١، ٦٤٦٥]
ما رمين به من الفجور.
﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم﴾ /البقرة: ٢٢٠/. لأعنتكم: لأحرجكم وضيق. ﴿وعنت﴾ /طه: ١١١/: خضعت.
وقال لنا سليمان: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: ما رد ابن عمر
على أحد وصية.
وكان ابن سيرين: أحب الأشياء إليه في مال اليتيم أن يجتمع إليه نصحاؤه وأولياؤه، فينظروا الذي هو خير له.
وكان طاوس: إذا سئل عن شيء من أمر اليتامى قرأ: ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾. وقال عطاء في يتامى الصغير والكبير: ينفق الولي على كل إنسان بقدره من حصته.
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة ليس له خادم، فأخذ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قال: فخدمته في السفر والحضر، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ تصنع هذا هكذا.
[٦٥١٣]
كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا من نخل، أحب ماله إليه بيرحاء، مستقبلة المسجد، وكان النبي ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحبون﴾. وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حيث أراك الله، فقال: (بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَوْ رَايِحٌ – شَكَّ ابن مسلمة – وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ يجعلها في الأقربين). قال أبو طلحة: أفعل ذلك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أقاربه وفي بني عمه.
وقال إسماعيل وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى، عن مالك: (رايح).
[ر: ١٣٩٢]
أن رجلا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إن أمه توفيت، أينفعها إن تصدق عنها؟ قال: (نعم). قال: فإن لي مخرافا، وأشهدك أني قد تصدقت به عنها.
[ر: ٢٦٠٥]
أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثمنه إلا إلى الله.
[ر: ٤١٨]
عَنْ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال:
أصاب عمر بخيبر أرضا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ منه، فكيف تأمرني بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا
⦗١٠٢٠⦘
وَتَصَدَّقْتَ بِهَا). فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ منها بالمعروف، أو يطعم صديقا غير متمول فيه.
[ر: ٢٥٨٦]
أن عمر رضي الله عنه وجد مالا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فأخبره، قال: (إن شئت تصدق بها). فتصدق بها في الفقراء والمساكين، وذي القربى، والضيف.
[ر: ٢٥٨٦]
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة أمر بالمسجد، وقال: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله.
[ر: ٤١٨]
قال الزهري: فيمن جعل ألف دينار في سبيل الله، ودفعها إلى غلام له تاجر يتجر بها، وجعل ربحه صدقة للمساكين والأقربين، هل للرجل أن يأكل من ربح ذلك الألف شيئا، وإن لم يكن جعل ربحها صدقة في المساكين؟ قال: ليس له أن يأكل منها.
أن عمر حمل على فرس له في سبيل الله، أعطاها رسول الله ﷺ ليحمل عليها رجلا، فأخبر عمر أنه قد وقفها يبيعها، فسأل رسول الله ﷺ أن يبتاعها، فقال: (لا تبتعها، ولا ترجعن
في صدقتك).
[ر: ١٤١٨]
⦗١٠٢١⦘
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومؤونة عاملي، فهو صدقة).
[٢٩٢٩، ٦٣٤٨]
أن عمر اشترط في وقفه: أن يأكل من وليه ويؤكل صديقه، غير متمول مالا.
[ر: ٢٥٨٦]
وأوقف أنس دارا، فكان إذا قدمها نزلها.
وتصدق الزبير بدوره، وقال للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها، فإن استغنت بزوج فليس لها حق.
وجعل ابن عمر نصيبه من دار سكنى لذوي الحاجة من آل عبد الله.
أن عثمان رضي الله عنه حيث حوصر، أشرف عليهم، وقال: أنشدكم بالله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي ﷺ، ألستم تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: (من حفر رومة فله الجنة). فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: (من جهز جيش العسرة فله الجنة). فجهزته، قال: فصدقوه بما قال.
وقال عمر في وقفه: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. [ر: ٢٥٨٦] وقد يليه الواقف وغيره، فهو واسع لكل.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ). قالوا: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله.
[ر: ٤١٨]
﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين. فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ /المائدة: ١٠٦ – ١٠٨/. عثر: ظهر. ﴿أعثرنا﴾ /الكهف: ٢١/: أظهرنا.
خَرَجَ رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي
⦗١٠٢٣⦘
بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب، فأحلفهما رسول الله ﷺ، ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أوليائه، فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم﴾.
أن أباه استشهد يوم أحد، وترك ست بنات، وترك عليه دينا، فلما أحضر جداد النخل، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقلت: يا رسول الله، قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد، وترك عليه دينا كثيرا، وإني أحب أن يراك الغرماء، قال: (اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته). ففعلت، ثم دعوته، فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: (ادع أصحابك). فما زال يكيل لهم حتى أدى أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى أخوتي بتمرة، فسلم والله البيادر كلها، حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كأنه لم ينقص تمرة واحدة.
قال أبو عبد الله: أغروا بي: يعني هيجوا بي. ﴿فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء﴾.
[ر: ٢٠٢٠]