٥٧ – كتاب الصلح.

١ – بَاب: مَا جَاءَ فِي الْإِصْلَاحِ بين الناس.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما﴾ /النساء: ١١٤/.


(نجواهم) ما يتحدث به الناس فيما بينهم. (معروف) اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله عز وجل، وكل ما ندب الشرع إليه.
وَخُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بأصحابه.
٢ ‏/ ٩٥٧
٢٥٤٤ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غسان قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:
أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ ﷺ، فَجَاءَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ ﷺ، فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وراءه، فأشار له بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أبو بكر يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ما لكم إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ). فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٦٥٢]
٢ ‏/ ٩٥٧
٢٥٤٥ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:
قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أتاه النبي ﷺ قال: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَتَمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أنها نزلت: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾.


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ وصبره على أذى المنافقين، رقم: ١٧٩٩. (لو أتيت عبد الله) أي فعرضت عليه الإسلام. (سبخة) أرض تعلوها ملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. (إليك عني) تنح وابتعد. (نتن) رائحته الكريهة. (رجل) قيل: هو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه. (بالجريد) أغصان النخل المجردة من ورقه. (طائفتان) جماعتان. /الحجرات: ٩/.
٢ ‏/ ٩٥٨
٢ – بَاب: لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ.
٢ ‏/ ٩٥٨
٢٥٤٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شِهَابٍ: أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ:
أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الناس، فينمي خيرا أو يقول خيرا).


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه، رقم: ٢٦٠٥. (فينمي خيرا) من نمى الحديث إذا رفعه وبلغه
على وجه الإصلاح وطلب الخير.
٢ ‏/ ٩٥٨
٣ – بَاب: قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ.
٢ ‏/ ٩٥٨
٢٥٤٧ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:
أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ، فَقَالَ: (اذْهَبُوا بِنَا نصلح بينهم).
[ر: ٦٥٢]
٢ ‏/ ٩٥٨
٤ – باب: قول الله تعالى: ﴿أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير﴾ /النساء: ١٢٨/.


(يصالحا) أصله: يتصالحا، أي الزوج والزوجة، وفي قراءة: ﴿يصلحا﴾ وهما متواتران. (خير) من الفراق أو الإعراض.
٢ ‏/ ٩٥٨
٢٥٤٨ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة

⦗٩٥٩⦘
رضي الله عنها:
﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بعلها نشوزا أو إعراضا﴾. قَالَتْ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنَ امْرَأَتِهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ، كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ، قَالَتْ: فلا بأس إذا تراضيا.
[ر: ٢٣١٨]

٢ ‏/ ٩٥٨
٥ – بَاب: إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مردود.


(جور) ظلم، أي شيء مخالف للشرع.
٢ ‏/ ٩٥٩
٢٥٤٩ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالَا:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ – لِرَجُلٍ – فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا). فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فرجمها.
[ر: ٢١٩٠]


(الأعرابي) أرى أن هذه الكلمة زائدة، لأن هذا كلام الخصم. (عسيفا) أجيرا. (وليدة) جارية مملوكة. (أهل العلم) الصحابة الذين كانوا يفتون في عهده ﷺ. (فرد عليك) ترد عليك.
٢ ‏/ ٩٥٩
٢٥٥٠ – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ).
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبراهيم.


أخرجه مسلم في الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم: ١٧١٨. (أحدث) اخترع. (أمرنا هذا) ديننا هذا وهو الإسلام. (ما ليس فيه) مما لا يوجد في الكتاب أو السنة، ولا يندرج تحت حكم فيهما، أو يتعارض مع أحكامها، وفي بعض النسخ: (ما ليس منه). (رد) باطل ومردود لا يعتد به.
٢ ‏/ ٩٥٩
٦ – بَاب: كَيْفَ يُكْتَبُ: هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْن فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْن فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ.
٢ ‏/ ٩٥٩
٢٥٥١ – حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: قال شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

⦗٩٦٠⦘
قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أهل الحديبية، كتب علي بينهم كتابا، فكتب: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: (امْحُهُ). فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فيه.


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية في الحديبية، رقم: ١٧٨٣. (لو كنت رسولا) أي لو كنا نعلم ونسلم أنك رسول. (القراب) شيء يخرز من الجلد، يضع فيه الراكب سلاحه أو نحوه، ويعلقه في الرحل، وقيل: هو غمد السيف.
٢ ‏/ ٩٥٩
٢٥٥٢ – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:
اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رسول الله ﷺ، فقالوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله ما منعاك، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: (أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ). ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: (امْحُ: رَسُولُ اللَّهِ). قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكِتَابَ، فَكَتَبَ: (هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا). فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فتناولها علي، فأخذها بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عمك احملها، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: (الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ). وَقَالَ لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ). وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: (أَشْبَهْتَ

⦗٩٦١⦘
خَلْقِي وَخُلُقِي). وَقَالَ لِزَيْدٍ: (أَنْتَ أخونا ومولانا).
[ر: ١٦٨٩]


(فكتب) أي أمر عليا رضي الله عنه فكتب، كقولك: ضرب الأمير، أي أمر بالضرب. (ابنة حمزة) هي أمامة، وقيل: عمارة، وأمها سلمى بنت عميس. (يا عم) نادته بذلك لأنه أخو أبيها من الرضاع). (دونك) أي خذيها. (فاختصم) اختلفوا فيمن تكون عنده. (تحتي) زوجتي. (ابنة أخي) في الإسلام، لأنه ﷺ آخى بين زيد وحمزة رضي الله عنهما. (أنت مني وأنا منك) أي في النسب والمحبة وغيرهما. (مولانا) عتيقنا الذي نتولى أمره ويتولى أمرنا.
٢ ‏/ ٩٦٠
٧ – بَاب: الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ.
فِيهِ عَنْ أَبِي سفيان. [ر: ٧] وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ وبين بني الأصفر)
[ر: ٣٠٠٥].
وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَأَسْمَاءُ، وَالْمِسْوَرُ، عَنِ النبي ﷺ [ر: ٣٠١٠، ٢٤٧٧، ٢٥٦٤].


(هدنة) صلح. (بني الأصفر) الروم.
٢ ‏/ ٩٦١
٢٥٥٣ – وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
صَالَحَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ على ثلاثة أشياء: على مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يدخلها من قابل، ويقيم يها ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ: السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ.
فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ في قيوده، فرده إليهم.
قال: لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ: أَبَا جَنْدَلٍ، وقال إلا بجلب السلاح.
[ر: ١٦٨٩]


(يحجل) يمشي مشي الحجلة، وهي طائر معروف، والمراد أنه يقارب الخطى، وهي مشية المقيد.
٢ ‏/ ٩٦١
٢٥٥٤ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى: أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إِلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا إِلَّا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يخرج فخرج.
[٤٠٠٦]
٢ ‏/ ٩٦١
٢٥٥٥ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ:
انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ.
[٣٠٠٢، ٥٧٩١، ٦٥٠٢، ٦٧٦٩]
٢ ‏/ ٩٦١
٨ – بَاب: الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ.
٢ ‏/ ٩٦١
٢٥٥٦ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ:

⦗٩٦٢⦘
أَنَّ الرُّبَيِّعَ، وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الْأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ ابن النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ: (يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ). فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ).
زَادَ الْفَزَارِيُّ: عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الْأَرْشَ.
[٤٢٢٩، ٤٢٣٠، ٤٣٣٥، ٦٤٩٩، وانظر: ٢٦٥١]


أخرجه مسلم في القسامة، باب، إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها، رقم: ١٦٧٥. (ثنية) مفرد ثنايا وهي مقدم الأسنان. (جارية) هي المرأة الشابة هنا، لا الأمة. (الأرش) دية الجراحة أو الأطراف. (العفو) النزول عن حقهم، وعدم أخذ الدية أو غيرها. (كتاب الله القصاص) حكم كتاب الله تعالى القصاص، وهو أن تكسر السن مقابل السن. (لأبره) لصدقه وحقق رغبته، لما يعلم من صدقه وإخلاصه.
٢ ‏/ ٩٦١
٩ – باب: قول النبي ﷺ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما:
(ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ).
وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿فَأَصْلِحُوا بينهما﴾ /الحجرات: ٩/.
٢ ‏/ ٩٦٢
٢٥٥٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:
استقبل والله الحسن بن علي بن معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو ابن الْعَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تقتل أقرانها، فقال له معاوية – وكان الله خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ – أَيْ عَمْرُو، إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، من لي بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولَا لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ. فَأَتَيَاهُ فَدَخَلَا عَلَيْهِ، فَتَكَلَّمَا وَقَالَا لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فقال لهما الحسن ابن عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو

⦗٩٦٣⦘
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا. قَالَا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ، قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ. فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ من المسلمين).
قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بهذا الحديث.
[٣٤٣٠، ٣٥٣٦، ٦٦٩٢]


(بكتائب) جمع كتيبة وهي الجيش، ويقال: الكتيبة ما جمع بعضها إلى بعض. (أقرانها) جمع قرن وهو الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. (خير الرجلين) من كلام الحسن البصري، وقع معترضا بين قوله: قال له معاوية، وبين قوله: أي عمرو، وأراد بالرجلين معاوية وعمرا، وأراد بخيرهما معاوية، وقال ذلك لأن عمرا كان أشد من معاوية في الخلاف مع الحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين. (بضيعتهم) أي من يقوم بأطفالهم وضعفائهم، الذين لو تركوا بحالهم لضاعوا، لعدم قدرتهم على الاستقلال بالمعاش. (أصبنا من هذا المال) أي أيام الخلافة حصل لدينا مال كثير، وصارت عادتنا الإنفاق على الأهل والحاشية، فإن تركنا هذا الأمر قطعنا عادتنا. (عاثت) قتل بعضها بعضا، فلا يكفون إلا بالمال. (فمن لي بهذا) يتكفل لي بالذي تذكرانه. (ابني) المراد ابن ابنته، ويطلق على ولد الولد أنه ابن.
٢ ‏/ ٩٦٢
١٠ – بَاب: هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ.
٢ ‏/ ٩٦٣
٢٥٥٨ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:
سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ، عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: (أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ). فَقَالَ: أَنَا يَا رسول الله، وله أي ذلك أحب.


أخرجه مسلم في المساقاة، باب: استحباب الوضع من الدين، رقم: ١٥٥٧. (يستوضع) يطلب منه أن يضع ويحط عنه شيئا من دينه. (يسترفقه) يطلب منه أن يرفق به في الاستيفاء والمطالبة. (المتألي) الحالف المبالغ في اليمين. (المعروف) الخير والإحسان. (وله أي ذلك أحب) لخصمي ما رغب وأحب من الحط أو الرفق.
٢ ‏/ ٩٦٣
٢٥٥٩ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النبي ﷺ، فقال:

⦗٩٦٤⦘
(يا كَعْبُ). فَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ، فَأَخَذَ نصف ما عليه وترك نصفا.
[ر: ٤٤٥]

٢ ‏/ ٩٦٣
١١ – بَاب: فَضْلِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ.
٢ ‏/ ٩٦٤
٢٥٦٠ – حدثنا إسحاق: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صدقة).
[٢٧٣٤، ٢٨٢٧]
(سلامى) مفصل. (يعدل بين اثنين) إذا احتكما إليه.
٢ ‏/ ٩٦٤
١٢ – بَاب: إِذَا أَشَارَ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى، حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّنِ.
٢ ‏/ ٩٦٤
٢٥٦١ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يُحَدِّثُ:
أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ للزبير: (أسق يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ). فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: (اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ). فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قبل ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فيما شجر بينهم﴾. الآية.
[ر: ٢٢٣١]


(أحفظ) أغضبه، والحفيظة الغضب.
٢ ‏/ ٩٦٤
١٣ – بَاب: الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ وَالْمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صاحبه.


(المجازفة) المساهلة وعدم التدقيق في الكيل أو الوزن. (يتخارج ..) أن يقتسما المدينين، فيأخذ كل منهما بعض في حصته، ويطالبه بما عليه. وفي القاموس: التخارج أن يأخذ بعض الشركاء الدار بعضهم الأرض. (توي) هلك واضمحل شيء من نصيبه.
٢ ‏/ ٩٦٤
٢٥٦٢ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ

⦗٩٦٥⦘
كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ فَأَبَوْا، وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ آذنت رسول ﷺ. فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قال: (ادع غرمائك فَأَوْفِهِمْ). فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا، سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ وَسِتَّةٌ لَوْنٌ، أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ، فَقَالَ: (ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا). فَقَالَا: لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ.
وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ، وَلَا ضَحِكَ، وَقَالَ: وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا دَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ، عن جابر: صلاة الظهر.
[ر: ٢٠٢٠]


(المربد) الموضع الذي يجفف فيه التمر. (آذنت) أعلمت. (لون) نوع من التمر.
٢ ‏/ ٩٦٤
١٤ – بَاب: الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ.
٢ ‏/ ٩٦٥
٢٥٦٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ:
أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: (يَا كَعْبُ) فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ: أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قُمْ فَاقْضِهِ).

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …