٥٦ – كتاب الشهادات.

١ – بَاب: مَا جَاءَ فِي الْبَيِّنَةِ على المدعي.
لقوله تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يأب كاتب أن يكتب عما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإن لكم يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وأدنى أن لا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بينكم فليس عليكم جناح أن لا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عليم﴾ /البقرة: ٢٨٢/.
قوله تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بهما ولا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ /النساء: ١٣٥/.


(مسمى) معلوم. (بالعدل) بالحق والإنصاف، لا يزيد ولا ينقص، ولا يقدم ولا يؤخر. (ليملل) الإملال والإملاء بمعنى واحد وهو أن يقرأ على الكاتب ما يكتبه، ليكون إقرارا منه على نفسه بما عليه. (يبخس) ينقص. (سفيها) مبذرا محجورا عليه لعدم حسن تصرفه في المال. (ضعيفا) عن الإملاء لصغر أو كبر. (وليه) القائم بأمره من والد أو وصي. (تضل) تنسى. (تسأموا) من السآمة وهي الملل. (أقسط) أعدل. (أقوم) أعون على إقامتها. (أدنى أن لا ترتابوا) أقرب إلى عدم الشك في قدر الحق أو أجله. (قوامين بالقسط) قائمين بالعدل. (شهداء لله) تشهدون بالحق إرضاء لله تعالى. (الهوى) الرغبة النفسية. (أن تعدلوا) كراهة أن تعدلوا فتميلوا عن الحق. (تلووا) تحرفوا وتتعمدوا الكذب. (تعرضوا) تمتنعوا عن أداء ما عندكم من الشهادة.
٢ ‏/ ٩٣١
٢ – باب: إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا.
٢ ‏/ ٩٣٢
٢٤٩٤ – حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا ثوبان. قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أخبرني عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإفك:
فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَقَالَتْ بَرِيرَةُ: إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (من يعذرنا من رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا).
[ر: ٢٤٥٣]


(قال لها) قال عنها. (أهل الإفك) أصحابه الين تكلموا فيه، والإفك الكذب، والمراد هنا ما اتهمت به عائشة رضي الله عنها زورا وافتراء. (استلبث) من اللبث وهو الإبطاء والتأخر. (يستأمرهما) يشاورهما. (أهله) المراد عائشة نفسها. (أهلك) أي فكيف يطعن بها. (أغمصه) أعيبها به. (تنام عن عجين أهلها) تغفل عنه لبراءتها وطيب نفسها. (الداجن) الشاة التي ألفت البيوت. (يعذرنا) يلومه على فعله ولا يلومني إذا جازيته على صنعه. (رجل) هو رأس النفاق عبد الله بن أبي سلول، الذي تولى حديث الإفك وأذاع به. (ذكروا رجلا) اتهموه بالفاحشة، والمراد به صفوان بن المعطل رضي الله عنه.
٢ ‏/ ٩٣٢
٣ – بَاب: شَهَادَةِ الْمُخْتَبِي.
وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وابن سيرين وعطاء وقتادة: السمع شهادة.
وقال الْحَسَنُ: يَقُولُ: لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ، وَإِنِّي سمعت كذا وكذا.


(المختبي) المختفي عند تحمل الشهادة، إذا كان من عليه الحق لا يعترف به ظاهرا، فيمكن أن يختلي به صاحب الحق ويقرره، وهو لا يعلم أن هناك شهودا، فإذا أقر به، سمع الشهود المختبئون إقراره وشهدوا به عليه.
٢ ‏/ ٩٣٢
٢٤٩٥ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: قال سالم: سمعت عبد الله ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:
انْطَلَقَ رسول الله ﷺ وأبي بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ، يَؤُمَّانِ

⦗٩٣٣⦘
النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).
[ر: ١٢٨٩]


(يؤمان) يقصدان. (طفق) جعل. (فتناهى) انتهى عن زمزمته. (بين) لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم شأنه.
٢ ‏/ ٩٣٢
٢٤٩٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِّ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ: (أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ). وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ.
[٤٩٦٠، ٤٩٦١، ٤٩٦٤، ٥٠١١، ٥٤٥٦، ٥٤٨٧، ٥٧٣٤]
أخرجه مسلم في النكاح، باب: لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح ..، رقم: ١٤٣٣. (امرأة رفاعة) واسمها تميمة بنت وهب. (فأبت) من البت وهو القطع، أي قطع طلاقي قطعا كليا، والمراد: أنه طلقها الطلقة الثالثة التي تحصل بها البينونة الكبرى. (مثل هدبة الثوب) طرفه الذي لم ينسج، كنت بهذا عن استرخاء ذكره، وأنه لا يقدر على الوطء. (عسيلته) تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع، فقد شبه لذته بلذة العسل وحلاوته.
٢ ‏/ ٩٣٣
٤ – بَاب: إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ، أَوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ، فقال آخَرُونَ: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلَالٌ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْفَضْلُ: لَمْ يُصَلِّ، فَأَخَذَ الناس بشهادة بلال.
[ر: ٣٨٨، ٣٨٩، ١٤١٢]
كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فلان ألف درهم، وشهد آخران بألف وخمسمائة، يقضى بالزيادة.
٢ ‏/ ٩٣٣
٢٤٩٧ – حَدَّثَنَا حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ:
أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ). ففارقها ونكحت زوجا غيره.
[ر: ٨٨]
٢ ‏/ ٩٣٤
٥ – بَاب: الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ /الطلاق: ٢/. و﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ من الشهداء﴾ /البقرة: ٢٨٢/.


(ذوي عدل) صاحبي عدل، والعدل: عدم فعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة. (ممن ترضون ..) أي من ترضون دينه وعدالته.
٢ ‏/ ٩٣٤
٢٤٩٨ – حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:
إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة.


(يؤخذون بالوحي) ينزل الوحي بما يكشف حالهم وما يعاملون به. (قربناه) أكرمناه بما يستحق. (وليس ..) لا نعلم شيئا مما في نفسه، فلا نحاسبه عليه.
٢ ‏/ ٩٣٤
٦ – بَاب: تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ؟
٢ ‏/ ٩٣٤
٢٤٩٩ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ: (وَجَبَتْ). ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، أَوْ قَالَ: غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: (وَجَبَتْ). فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ وَلِهَذَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: (شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأرض).
[ر: ١٣٠١]


(شهادة القوم) أي مقبولة، وقد شهدوا بذلك).
٢ ‏/ ٩٣٤
٢٥٠٠ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ:
أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مر بأخرى فأثني خيرا فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ شَرًّا، فقال: وجبت، فقلت: ما وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ). قُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ، قَالَ: (وَثَلَاثَةٌ). قُلْتُ: وَاثْنَانِ، قَالَ: (وَاثْنَانِ). ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
[ر: ١٣٠٢]


(ذريعا) واسعا، أو سريعا. (خيرا) بخير.
٢ ‏/ ٩٣٥
٧ – بَاب: الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَنْسَابِ، وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ، وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أرضعتني وأبا سلمة ثويبة).
[ر: ٥٠٥٧]


(المستفيض) الشائع الذائع.
والتثبيت فيه.
٢ ‏/ ٩٣٥
٢٥٠١ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ، قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي. فَقَالَتْ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: (صدق أفلح، ائذني له).
[٤٥١٨، ٤٨١٥، ٤٩٤١، ٥٨٠٤]
أخرجه مسلم في الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل، رقم: ١٤٤٥. (صدق) أي في قوله: أنا عمك.
٢ ‏/ ٩٣٥
٢٥٠٢ – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: (لَا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنِ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنِ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرضاعة).
[٤٨١٢]
أخرجه مسلم في الرضاع، باب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، رقم: ١٤٤٧. (يحرم من الرضاع ..) أي يقوم الرضاع مقام النسب في التحريم في النكاح، إلا في بعض الصور تعرف في كتب الفقه.
٢ ‏/ ٩٣٥
٢٥٠٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهَا:
أَنَّ رسول الله ﷺ كان عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أُرَاهُ فُلَانًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ عائشة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُرَاهُ فُلَانًا). لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا – لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ – دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نَعَمْ، إِنَّ الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة).
[٢٩٣٨، ٤٨١١]
أخرجه مسلم في الرضاع، باب: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ، رقم: ١٤٤٤. (أراه) أظنه.
٢ ‏/ ٩٣٦
٢٥٠٤ – حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان بن أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
دَخَلَ على رسول الله ﷺ وَعِنْدِي رَجُلٌ، قَالَ: (يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا). قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَ: (يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ).
تابعه ابن مهدي، عن سفيان.
[٤٨١٤]
أخرجه مسلم في الرضاع، باب: إنما الرضاعة من المجاعة، رقم: ١٤٥٥. (انظرن) تأملن وتفكرن. (فإنما الرضاعة) التي تثبت بها الحرمة. (المجاعة) جوع الرضيع الذي يسده اللبن ولا يكون ذلك إلا في الصغر.
٢ ‏/ ٩٣٦
٨ – بَاب: شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلا الَّذِينَ تَابُوا﴾ /النور: ٤، ٥/.
وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ، ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ: مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ.
وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، وعمر بن الْعَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَشُرَيْحٌ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ.

⦗٩٣٧⦘
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ: إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِيَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ، ثُمّ قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ، وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ.
وَكَيْفَ تُعْرَفُ توبته.


(لهم) للقاذفين، وهم الذين يتهمون المؤمنين والمؤمنات بالزنا وليس لديهم بينة على ذلك. (أجازه) أي الحكم بقبول شهادة المحدود إن تاب. (استقضي) جعل قاضيا، فإذا قضى في شيء فقضاؤه صحيح ونافذ. (بعض الناس) أراد به أبا حنيفة رحمه الله تعالى. (وكيف تعرف توبته) أي كيف تعرف توبة القاذف، وقد اختلف الفقهاء في ذلك، فمنهم من قال: توبته أن يكذب نفسه فيما رمى به، ومنهم من قال: أن يحسن حاله ويزداد خيرا.
وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ ﷺ الزَّانِيَ سَنَةً. وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حتى مضى خمسون ليلة.
[ر: ٤١٥٦].
٢ ‏/ ٩٣٦
٢٥٠٥ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ. قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في غزوة الفتح، فأتي بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثم أمر فَقُطِعَتْ يَدُهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[٣٢٨٨، ٣٥٢٦، ٤٠٥٣، ٦٤٠٥، ٦٤٠٦، ٦٤١٥]
(امْرَأَةٌ) اسمها فاطمة بنت الأسود. (حسنت توبتها) استقام حالها ولم تسرق ثانية. (فأرفع حاجتها) أخبره بما جاءت تطلب.
٢ ‏/ ٩٣٧
٢٥٠٦ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ

⦗٩٣٨⦘
زَنَى ولم يحصن بجلد مائة، وتغريب عام.
[ر: ٢١٩٠]


(يحصن) يتزوج. (بجلد مائة) يضرب مائة جلدة. (تغريب عام) يبعد عن البلد التي زنا فيها سنة.
٢ ‏/ ٩٣٧
٩ – بَاب: لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أشهد.
٢ ‏/ ٩٣٨
٢٥٠٧ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ:
سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ، سَأَلَتْنِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ: (أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأُرَاهُ قال: (لا تشهدني شهادة جَوْرٍ). وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: (لَا أشهد على جور).
[ر: ٢٤٤٦]


(الموهبة) الهبة. (جور) هو الظلم والميل عن الحق.
٢ ‏/ ٩٣٨
٢٥٠٨ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ). قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ بعد قرنه قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، ويظهر فيهم السمن).
[٣٤٥٠، ٦٠٦٤، ٦٣١٧]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، رقم: ٢٥٣٥. (قرني) أهل قرني وهم أصحابي، والقرن مائة سنة، أو أهل زمان واحد، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود، وقيل غير ذلك. (يلونهم) يأتون بعدهم قربين منهم. (يظهر فيهم السمن) المعنى: أنهم يحبون التوسع في المآكل والمشارب التي هي أسباب السمن، وقيل غير ذلك.
٢ ‏/ ٩٣٨
٢٥٠٩ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ: تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد.
[٣٤٥١، ٦٠٦٥، ٦٢٨٢]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، رقم: ٢٥٣٣. (تسبق ..) كناية عن التسرع في الشهادة والحلف، والحرص عليها ولو لم يطلب إليها، وهو عنوان قلة الورع والمبالاة في الدين. (يضربوننا ..) يؤنبوننا بالضرب على التسرع بالشهادة والحلف حتى لا يصبح ذلك عادة لنا.
٢ ‏/ ٩٣٨
١٠ – بَاب: مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ.
لِقَوْلِ الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ /الفرقان: ٧٢/.
وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ.
﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ /البقرة: ٢٨٣/.
﴿تَلْوُوا﴾ /النساء: ١٣٥/: ألسنتكم بالشهادة.


(الزور) الكذب والباطل. (آثم قلبه) فاجر مليء بالإثم والذنب. (تلووا) تحرفوا.
٢ ‏/ ٩٣٩
٢٥١٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْكَبَائِرِ قَالَ: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ).
تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَأَبُو عَامِرٍ وَبَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ.
[٥٦٣٢، ٦٤٧٧]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم: ٨٨. (الكبائر) جمع كبيرة، وهي كل فعل قبيح نهى عنه الشرع وشدد النهي عنه وأعظم أمره. (عقوق) هو كل فعل يتأذى به الوالدان تأذيا شديدا، وهو ليس من الأفعال الواجبة شرعا، أصله من العق وهو القطع، لأن العاق يقطع ما بينه وبينهما من صلة. (الزور) الكذب والباطل.
٢ ‏/ ٩٣٩
٢٥١١ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ). ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ – أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ). قَالَ: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا عبد الرحمن.
[٥٦٣١، ٥٩١٨، ٦٥٢١]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم: ٨٧. (أنبئكم) أخبركم. (أكبر الكبائر) أشنعها أكثرها إثما. (ثلاثا) كرر الجملة ثلاث مرات.
٢ ‏/ ٩٣٩
١١ – بَاب: شَهَادَةِ الْأَعْمَى وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالْأَصْوَاتِ.
وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ.

⦗٩٤٠⦘
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلًا.
وَقَالَ الْحَكَمُ: رُبَّ شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ؟.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُ رَجُلًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الْفَجْرِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ طَلَعَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِي، قَالَتْ: سُلَيْمَانُ، ادْخُلْ، فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ.
وَأَجَازَ سَمُرَةُ بن جندب شهادة امرأة منتقبة.


(عاقلا) فطنا، يدرك الأمور بالقرائن. (رب ..) يتسامح بشهادة الأعمى في الأشياء التي يكون فيها التخفيف والمسامحة. (ابن عباس) أي بعد ما
عمي في آخر حياته. (ما بقي ..) أي من مال الكتابة، وهي أن يتعاقد المملوك مع سيده على أن يؤدي له قدرا من المال، فإذا أداه أصبح حرا. (منتقبة) قد وضعت النقاب على وجهها، والنقاب، ما يغطى به الوجه.
٢ ‏/ ٩٣٩
٢٥١٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: رحمه الله، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا).
وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: تَهَجَّدَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا). قلت: نعم، قال: (اللهم ارحم عبادا).
[٤٧٥٠، ٤٧٥١، ٤٧٥٥، ٥٩٧٦]
(أسقطتهن) نسيتهن. (عباد) بن بشر. (تهجد) من الهجود، وهو الصلاة في الليل بعد النوم، ويطلق الهجود على النوم وتركه.
٢ ‏/ ٩٤٠
٢٥١٣ – حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا – حَتَّى يُؤَذِّنَ، أَوْ قَالَ – حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ). وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يؤذن حتى يقول له الناس: أصبحت.
[ر: ٥٩٢]
٢ ‏/ ٩٤٠
٢٥١٤ – حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

⦗٩٤١⦘
بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما قال:
قدمت إلى النَّبِيِّ ﷺ أَقْبِيَةٌ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ، فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ صَوْتَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَمَعَهُ قَبَاءٌ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: (خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ).
[ر: ٢٤٥٩]

٢ ‏/ ٩٤٠
١٢ – بَاب: شَهَادَةِ النِّسَاءِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ /البقرة: ٢٨٢/.
٢ ‏/ ٩٤١
٢٥١٥ – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شهادة الرجل). قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان عقلها).
[ر: ٢٩٨]
٢ ‏/ ٩٤١
١٣ – بَاب: شَهَادَةِ الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ.
وَقَالَ أَنَسٌ: شَهَادَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا. وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إِلَّا الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ. وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ: كُلُّكُمْ بَنُو عبيد وإماء.


(جائزة) صحيحة. (عدلا) غير مرتكب لكبيرة أو مصر على صغيرة. (التافه) الذي لا يؤبه به والحقير من الأمور والأشياء. (بنو عبيد وإماء) لأن أباكم آدم عبد لله تعالى، وأمكم حواء أمه له تعالى.
٢ ‏/ ٩٤١
٢٥١٦ – حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن أبي ملكة، عن عقبة ابن الحارث. وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ:
أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ: قَالَ: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: (وَكَيْفَ وَقَدْ زعمت أن قد أرضعتكما). فنهاه عنها.
[ر: ٨٨]
٢ ‏/ ٩٤١
١٤ – بَاب: شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ.
٢ ‏/ ٩٤١
٢٥١٧ – حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ

⦗٩٤٢⦘
الْحَارِثِ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: (وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، دَعْهَا عنك). أو نحوه.
[ر: ٨٨]

٢ ‏/ ٩٤١
١٥ – بَاب: تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا.
٢ ‏/ ٩٤٢
٢٥١٨ – حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَأَفْهَمَنِي بعضه أحمد بن يونس: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، زَعَمُوا: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ، بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي، أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ

⦗٩٤٣⦘
عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ، حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يقود بي الراحلة، حتى أيتنا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، فقدمنا المدينة، فاشتكيت بها شهرا، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ، وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي: أَنِّي لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ ﷺ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى منه حين أمرض، وإنما يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: (كَيْفَ تِيكُمْ). لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ.
فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، مُتَبَرَّزُنَا، لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ، أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالُوا، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فازددت مرضا إلى مَرَضِي، فَلَمَّا

⦗٩٤٤⦘
رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمَ، فَقَالَ: (كَيْفَ تِيكُمْ). فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي إِلَى أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ، عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبِتُّ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أبي طالب وأسامة ابن زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بريرة، فقال: (يا بريرة، هل رأيت شَيْئًا يَرِيبُكِ). فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن العجين، فتأتي الدواجن فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ: إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سعد ابن عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذلك. فقام أسيد بن الحضير فقال: كذبت لعمر الله، والله لتقتلنه، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ:

⦗٩٤٥⦘
الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، إِذْ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَجَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِيَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: (يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ ألممت بشيء فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ).
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيمَا قَالَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَبَرِيئَةٌ، لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لي ولم مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون﴾. ثم تحولت إلى فِرَاشِي، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنِ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ

⦗٩٤٦⦘
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِي: (يَا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ، فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ). فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ، فأنزل الله تعالى: ﴿إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم﴾. الْآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ – إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: (يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ، مَا رَأَيْتِ). فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وعبد الله ابن الزُّبَيْرِ: مِثْلَهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: مثله.
[ر: ٢٤٥٣]


(طائفة) قطعة. (أوعى) أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث. (اقتصاصا) حفظا وتتبعا لأجزائه. (زعموا) قالوا، والزعم قد يراد به القول المحقق الصريح، وقد يراد به غير ذلك. (أنزل الحجاب) أنزلت الآيات التي تفرض الحجاب على زوجات النبي ﷺ وعلى النساء المؤمنات. (قفل) رجع. (آذن) أعلم. (جاوزت الجيش) خرجت من معسكرهم وابتعدت. (شأني) حاجتي التي خرجت من أجلها. (عقد) ما يوضع في العنق من الحلي والزينة. (جزع أظفار) خرز في سواده بياض كالعروق، نسبة إلى بلدة باليمن يؤتى به منها. (فالتمست) طلبت. (فحبسني ابتغاؤه) أخرني طلبه والبحث عنه. (لم يغشهن اللحم) لم يغط جسمهن، أي لم يكن سمينات. (العلقة) القليل من الطعام الذي يسد الجوع. (فلم يستنكر القوم) لم يشعروا بخفة الوزن، ولم يختلف عليهم وجودها فيه وعدمه. (استمر) ذهب ومضى. (فأممت منزلي) قصدت مكاني الذي كنت فيه. (باسترجاعه) بقوله: ﴿إنا لله وإنا إليه لراجعون﴾. (فوطئ يدها) وضع قدمه على يد الراحلة ليسهل الركوب عليها. (معرسين) من التعريس وهو النزول، ويغلب على النزول في آخر الليل. (نحر الظهيرة) النحر: أعلى الصدر أو أوله، ونحر كل شيء أوله أو أعلاه، والمراد بنحر الظهيرة وقت اشتداد الحر وبلوغ الشمس منتهاها في الارتفاع. (فهلك من هلك) تسبب بالهلاك لنفسه وبالحديث في شأني. (تولى الإفك) تصدى له وتصدر الحديث عنه، والإفك البهتان والكذب، والمراد افتراؤهم على أم المؤمنين رضي الله عنها الوقوع في الفاحشة. (فاشتكيت) مرضت. (يفيضون) يشيعون، من الإفاضة وهي التوسعة والتكثير. (يريبني) يشككني ويوهمني حصول أمر. (تيكم) إشارة للمؤنث. (بشيء من ذلك) الذي يقوله أهل الإفك. (نقهت) برئت من مرضي ولم يرجع لي كمال الصحة. (المناصع) مواضع خارج المدينة، كانوا يخرجون إليها لقضاء حاجتهم. (متبرزنا) الموضع الذي نتبرز فيه، من البراز وهو اسم لما يخرج من الإنسان من فضلات، وقد يطلق على الموضع الذي يتبرز فيه. (الكنف) جمع كنيف، وهو الساتر، سمي به المكان المتخذ لقضاء الحاجة، لأن قاضي الحاجة يستتر به. (البرية) الصحراء خارج المدينة. (التنزه) طلب النزاهة، أي البعد عن البيوت لإلقاء الفضلات. (مرطها) كساء من صوف أو غيره يلتحف به أو يؤتزر. (يا هنتاه) يا هذه، نداء للبعيد، خاطبتها بذلك لبعدها عما يخوض فيه الناس. (إلى أبوي) أن آتي أبوي. (أستيقن الخبر) أحصل على حقيقته. (وضيئة) جميلة حسنة، من الوضاءة وهي الحسن. (ضرائر) جمع ضرة، وهي من كانت تشاركها في زوجها أخرى أو زوجات، سميت بذلك لأنها تتضرر بغيرها بالغيرة والقسم ونحو ذلك. (أكثرن عليها) القول في عيبها ونقصها. (يرقأ) يتقطع. (لا أكتحل بنوم) استعارة لعدم النوم من كثرة الهم والحزن. (استلبث الوحي) أبطأ
نزوله وتأخر. (الود) الثقة بهم والمحبة لهم وحسن الصلة. (قبل ذلك) قبل أن يقول ما قاله الآن، ولا تعني نفي الصلاح عنه بعده، وإنما تعني أنه لم يسبق منه موقف يتعلق بالحمية لقومه. (احتملته الحمية) أغضبه التعصب لقومه وحمله على الجهالة. (هموا) تناهضوا للنزاع وقصدوا المحاربة. (فخفضهم) تلطف بهم حتى سكتوا. (فالق) من فلق إذا شق. (ألممت) فعلت ذنبا ليس من عادتك، من الإلمام وهو النزول النادر غير المتكرر. (قلص) انقبض وارتفع. (وقر) ثبت واستقر. (ما تصفون) ما تذكرون عني مما يعلم الله تعالى براءتي عنه. /يوسف: ١٨/. (ما رام مجلسه) ما فارقه ولا قام منه. (البرحاء) العرق الشديد، من البرح وهو شدة الحر، أو الكرب، أو غير ذلك من الشدائد. (ليتحدر) ينزل ويقطر. (الجمان) الؤلؤ، واحده جمانة. (سري) كشف وأزيل. (عصبة) جماعة من العشرة إلى الأربعين. (الآيات) النور: ١١ – ٢٠. (يأتل) يحلف. (أولو الفضل) أصحاب الإحسان والصدقة. (السعة) البحبوحة في العيش والمال. /النور: ٢٢/. (تساميني) تضاهيني بجمالها ومكانتها عند النبي ﷺ، من السمو وهو العلو والارتفاع. (فعصمها) حفظها ومنعها من الخوض في الباطل. (الورع) شدة المحافظة على الدين.
٢ ‏/ ٩٤٢
١٦ – بَاب: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ.
وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا، فَلَمَّا رَآنِي عُمَرُ قَالَ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا، كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي، قَالَ عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، قَالَ: كَذَاكَ، اذْهَبْ وعلينا نفقته.


(منبوذا) لقيطا، وهو الولد الصغير الذي لا يعرف له أب. (عسى الغوير أبؤسا ..) الغوير، تصغير غار، والأبؤس جمع بؤس، وهو الشدة، وهو مثل يضرب لكل من دخل في أمر لا يعرف عاقبته، وأصله: أنه كان أناس في غار فأتاهم عدو فقتلهم فيه. ومعنى تمثيل عمر رضي الله عنه به: أنه اتهمه أن يكون اللقيط ولده، فأتى به ووضعه ليأخذه على هيئة اللقيط، ليفرض له عطاء من بيت المال.
٢ ‏/ ٩٤٦
٢٥١٩ – حدثنا ابن سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

⦗٩٤٧⦘
بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: (وَيْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ). مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ: (مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه).
[٥٧١٤، ٥٨١٠]


أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، رقم: ٣٠٠٠. (أثنى) مدح. (ويلك) الويل الحزن والهلاك، ويستعمل بمعنى التفجع والتعجب. (قطعت عنق صاحبك) تسببت بهلاكه، لأنه ربما أخذه العجب بسبب مدحك له. (مرارا) أي كرر قوله مرات. (لا محالة) لا بد منه ألبتة. (أحسب) أظن. (حسيبه) كافيه. (لا أزكي على الله أحدا) لا أقطع له، ولا أجزم على عاقبة أحد بخير أو غيره.
٢ ‏/ ٩٤٦
١٧ – بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ، وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ.
٢ ‏/ ٩٤٧
٢٥٢٠ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زكرياء: حدثنا بريد ابن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ، وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ، فَقَالَ: (أَهْلَكْتُمْ – أَوْ: قطعتم ظهر الرجل).
[٥٧١٣]
أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، رقم: ٣٠٠١. (يطريه) من الإطراء وهو المبالغة في المدح. (قطعتم ظهر الرجل) أثقلتموه بالإثم، لأنه ربما حمله إطراؤهم له على العجب والكبر، وسلك سبيل المتكبرين، فيقع في الإثم الكبير الذي يقطع الظهر.
٢ ‏/ ٩٤٧
١٨ – باب: بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ /النور: ٥٩/.
وَقَالَ مُغِيرَةُ: احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ.
لِقَوْلِهِ عز وجل: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ – إِلَى قَوْلِهِ – أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ﴾ /الطلاق: ٤/.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً، بِنْتَ إحدى وعشرين سنة.


(الحلم) البلوغ مبلغ الرجال، ويكون ذلك بخروج مادة المني من الذكر، وبالحيض من الأنثى، أو ببلوغهما خمسة عشر عاما عند الشافعي رحمه الله تعالى. (فليستأذنوا) في الدخول عليكم في جميع الأوقات. (يئسن) انقطع حيضهن وليس لهن أمل أن يحضن بعده. وتتمة الآية: ﴿إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾. (ارتبتم) شككتم في عدتهن. (لم يحضن) لصغرهن. (أولات الأحمال) الحبالى صاحبات الحمل. (أجلهن) انقضاء عدتهن. (يضعن) يلدن.
٢ ‏/ ٩٤٧
٢٥٢١ – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عشرة سنة، فلم يجزه. ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عشرة، فَأَجَازَنِي. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خمس عشرة.
[٣٨٧١]
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان سن البلوغ، رقم: ١٨٦٨. (عرضه) استعرضه مع الجيش. (فلم يجزه) لم يأذن له بالخروج للمعركة لصغره، أو لم يقدر له عطاء كغيره لأنه لم يعتبره من المقاتلين. (يفرضوا) يقدروا لهم عطاء في ديوان الجند إذا حضروا المعارك.
٢ ‏/ ٩٤٨
٢٥٢٢ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كل محتلم).
[ر: ٨٢٠]
٢ ‏/ ٩٤٨
١٩ – بَاب: سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِيَ: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قبل اليمين.
٢ ‏/ ٩٤٨
٢٥٢٣ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهُوَ فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألك بينة). قال: لَا، قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: (احْلِفْ). قَالَ: قُلْتُ: يا رسول الله إذن يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قليلا﴾ إلى آخر الآية.
[ر: ٢٢٢٩]
٢ ‏/ ٩٤٨
٢٠ – بَاب: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (شَاهِدَاكَ أَوْ يمينه). [ر: ٢٥٢٥]
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ

⦗٩٤٩⦘
وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾ /البقرة: ٢٨٢/. قُلْتُ إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَمَا يحتاج أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بذكر هذه الأخرى.


(ممن ترضون) من حيث الدين والعدالة. (تضل) تنسى.
٢ ‏/ ٩٤٨
٢٥٢٤ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عليه.
[ر: ٢٣٧٩]
٢ ‏/ ٩٤٩
٢٥٢٥ – حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
(مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ – إِلَى – عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. ثُمَّ إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إلى رسول الله ﷺ، فَقَالَ: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ). فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إذن يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثم اقترأ هذه الآية.
[ر: ٢٢٢٩]
٢ ‏/ ٩٤٩
٢١ – بَاب: إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ.
٢ ‏/ ٩٤٩
٢٥٢٦ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ بشريك بن سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا، يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ: (الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ). فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ.
[٤٤٧٠، ٥٠٠١]
(قذف) رماها بالزنى واتهمها به. (البينة) أقم البينة، وهي أربعة شهود عدول من الرجال. (حد في ظهرك) جزاؤك حد القاذف، وهو ثمانون جلدة، على ظهرك وأعضائك إن لم تحضر البينة. (يلتمس) يطلب. (فذكر حديث اللعان) أي فذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما حديث اللعان، وهو الذي ذكره البخاري في تفسير سورة النور، رقم: ٤٤٧٠.
٢ ‏/ ٩٤٩
٢٢ – بَاب: الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥٢٧ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالح، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بها كذا وكذا، فأخذها).
[ر: ٢٢٣٠]
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٣ – بَاب: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ.
قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (شَاهِدَاكَ أَوْ يمينه). [ر: ٢٥٢٥]. فلم يخص مكانا دون مكان.


(يعجب منه) أي لم يأبى أن يحلف على المنبر، وكان امتناع زيد رضي الله عنه عن الحلف على المنبر حتى لا يتهاون الناس في الحلف عليه، وربما حلفوا كاذبين، فتذهب من نفوسهم هيبته ووقاره، وخاصة أنه مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥٢٨ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عليه غضبان).
[ر: ٢٢٢٩]
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٤ – باب: إذا تسارع قوم إلى اليمين.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥٢٩ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ: عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ: أيهم يحلف.


(فأسرعوا) إلى الحلف. (يسهم) يقرع. (أيهم يحلف) قبل الآخر.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥ – بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا﴾.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥٣٠ – حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يَقُولُ:
أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ،

⦗٩٥١⦘
فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهَا، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قليلا﴾. وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خائن.
[ر: ١٩٨٢]


(الناجش) هو الذي يزيد في ثمن السلعة لا بقصد الشراء، وإنما ليغري آخر بشرائها.
٢ ‏/ ٩٥٠
٢٥٣١ – حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (من حلف يمينا كاذبا، ليقطع مَالَ رَجُلٍ – أَوْ قَالَ أَخِيهِ – لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غضبان). وأنزل الله تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قليلا﴾. الآية، فَلَقِيَنِي الْأَشْعَثُ فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ.
[ر: ٢٢٢٩]
٢ ‏/ ٩٥١
٢٦ – باب: كيف يستحلف.
قال الله تَعَالَى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ﴾ /التوبة: ٦٢/. وَقَوْلُهُ عز وجل: ﴿ثم جاؤوك يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ /النساء: ٦٢/. يُقَالُ: بِاللَّهِ وَتَاللَّهِ وَوَاللَّهِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بعد العصر)
[ر: ٢٥٢٧]. وَلَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ.
٢ ‏/ ٩٥١
٢٥٣٢ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مالك، عن عمه أبي سهيل، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ). فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَصِيَامُ رَمَضَانَ). قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غيره؟ قال: (لا، إلا أن تطوع). قال: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ). فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أفلح إن صدق).
[ر: ٤٦]
٢ ‏/ ٩٥١
٢٥٣٣ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ: ذَكَرَ نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ قَالَ: (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ).
[٣٦٢٤، ٥٧٥٧، ٦٢٧٠ – ٦٢٧٢، ٦٩٦٦]
(حالفا) يريد أن يحلف. (ليصمت) ليسكت ولا يحلف أصلا.
٢ ‏/ ٩٥١
٢٧ – بَاب: مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَعَلَّ بَعْضَكُمْ ألحن بحجته من بعض)
[ر: ٢٥٣٤].
وَقَالَ طَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ من اليمين الفاجرة.


(البينة ..) أي إذا حلف المدعى عليه اليمين، ثم أقام المدعي البينة العادلة، قبلت بينته وردت يمين المدعى عليه، لأنه قد تبين كذبها بإقامة البينة العادلة.
٢ ‏/ ٩٥٢
٢٥٣٤ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً من النار، فلا يأخذها).
[ر: ٢٣٢٦]


(ألحن بحجته) أفطن وأفصح ببيان حجته وإظهار أن الحق له.
٢ ‏/ ٩٥٢
٢٨ – بَاب: مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ.
وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ. وذكر إسماعيل: ﴿إنه كان صادق الوعد﴾ /مريم: ٥٤/. وَقَضَى ابْنُ الْأَشْوَعِ بِالْوَعْدِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سمرة بن جندب. وقال المسور ابن مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، قَالَ: (وَعَدَنِي فَوَفَى لِي).
[ر: ٢٩٤٣]
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع.


(ذكر ..) أي ذكر الله تعالى في كتابه إسماعيل عليه السلام، ووصفه بالوفاء بالوعد. والمعنى: أنه لم يعد شيئا إلا أوفى به. (قضى) حكم بإنجاز الوعد.
٢ ‏/ ٩٥٢
٢٥٣٥ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ: أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قال: وهذه صفة نبي.
[ر: ٧]
٢ ‏/ ٩٥٢
٢٥٣٦ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ ابن أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وعد أخلف).
[ر: ٣٣]
٢ ‏/ ٩٥٢
٢٥٣٧ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابن جريج قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ:
لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. قَالَ جابر: وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِرٌ: فَعَدَّ فِي يَدِي خمسمائة، ثم خمسمائة، ثم خمسمائة.
[ر: ٢١٧٤]
٢ ‏/ ٩٥٣
٢٥٣٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:
سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ، فَقَدِمْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا قَالَ فعل.


(الأجلين) المشار إليهما بقوله تعالى: ﴿ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك﴾. /القصص: ٢٧/. (حبر العرب) المراد ابن عباس رضي الله عنهما، والحبر هو العالم في الدين. (رسول الله) المراد كل رسول، ويتناول هذا موسى عليه السلام بالأولى، لأن الكلام عنه.
٢ ‏/ ٩٥٣
٢٩ – بَاب: لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وغيرها.
وقال الشعبي: لا تجوز شهادة أهلل الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ /المائدة: ١٤/.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ﴿آمَنَّا بالله وما أنزل﴾. الآية)
[ر: ٤٢١٥]


(فأغرينا) أوقعنا وألصقنا بهم، بسبب تفرقهم واختلاف أهوائهم، فكل فرقة منهم تكفر الأخرى.
٢ ‏/ ٩٥٣
٢٥٣٩ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تقرؤونه لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، فَقَالُوا:

⦗٩٥٤⦘
هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أنزل عليكم.
[٦٩٢٩، ٧٠٨٤، ٧٠٨٥]


(كتابكم) القرآن. (أحدث الأخبار بالله) أقرب الكتب إليكم نزولا من عند الله عز وجل. (لم يشب) لم يخلط بشيء غيره، ولم يبدل ولم يغير. (ينهاكم) يكفيكم ويغنيكم.
٢ ‏/ ٩٥٣
٣٠ – باب: القرعة في المشكلات.
وقوله: ﴿إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ /آل عمران: ٤٤/. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الْأَقْلَامُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زكَرِيَّاءُ.
وَقَوْلِهِ: ﴿فَسَاهَمَ﴾ أَقْرَعَ ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ /الصافات: ١٤١/: مِنَ الْمَسْهُومِينَ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَرَضَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى قَوْمٍ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ.
[ر: ٢٥٢٩]


(أقلامهم) سهامهم، وسمي السهم قلما لأنه يقلم أي يبرى. (يكفل مريم) يضمها إلى نفسه ويربيها، رغبة في الأجر. (اقترعوا) ألقوا سهامهم في الماء ليروا من يكون أحق بكفالتها. (عال) غلب الجرية وارتفع ولم يجر مع الماء، وكان ذلك علامة الفوز وأنه صاحب الحق بكفالتها. (المسهومين) المغلوبين.
٢ ‏/ ٩٥٤
٢٥٤٠ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ، قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم).
[ر: ٢٣٦١]


(المدهن) المرائي المضيع للحقوق، والذي لا يغير المنكر، من الإدهان وهو المحاباة في غير حق. (ينقر) من النقر وهو الحفر في الخشب أو غيره.
٢ ‏/ ٩٥٤
٢٥٤١ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ:
أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ، امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ عثمان بن مظعون طار سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى، حِينَ أَقْرَعَتِ الْأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ، حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ

⦗٩٥٥⦘
اللَّهُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ). فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ). قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، قَالَتْ: فَنِمْتُ، فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فأخبرته، فقال: (ذلك عمله).
[ر: ١١٨٦]


(أحزني ذلك) أي قوله ﷺ، إشفاقا أن يكون معذبا. (عينا) عين ماء. (ذلك عمله) أي فسر العين التي تجري بأنها عمله الصالح الذي كان يعمله، وهو الرباط في سبيل الله تعالى، وثوابه مستمر إلى يوم القيامة.
٢ ‏/ ٩٥٤
٢٥٤٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ إذا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٢٤٥٣]
٢ ‏/ ٩٥٥
٢٥٤٣ – حدثنا إسماعيل قال: حدثنا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا).
[ر: ٥٩٠]

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …