وقول الله تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ /البقرة: ١٨٣/.
أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رسول الله ﷺ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: (شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ: دَخَلَ الْجَنَّةَ إن صدق).
[ر: ٤٦]
صَامَ النَّبِيُّ ﷺ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يوافق صومه.
[١٨٩٦، ٤٢٣١]
أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أفطر).
[ر: ١٥١٥]
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ – مَرَّتَيْنِ – وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها).
[١٨٠٥، ٥٥٨٣، ٧٠٥٤، ٧١٠٠]
(جنة) وقاية وسترة من الوقوع في المعاصي التي تكون سببا في دخول النار، أو وقاية من دخول النار، لأنه إمساك عن الشهوات والنار قد خفت بها، وأيضا: الأعمال الصالحة تكفر الذنوب. (يرفث) من الرفث، وهو الكلام الفاحش، ويطلق أيضا على الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء. (لا يجهل) لا يفعل شيئا من الجهالة كالعياط والسفه والسخرية. (مرتين) يكرر ذلك مرتين. (لخلوف) تغير طعم الفم وريحه. (يترك) أي يقول الله تعالى: يترك الخ. (شهوته) شهوة الجماع وغيرها. (الصيام لي) عمل خالص من أجلي ليس فيه رياء. (أجزي به) جزاء غير محدود، يتناسب مع كرم الله سبحانه وفضله.
قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْفِتْنَةِ؟. قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ). قَالَ: لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَعَمْ، كما يعلم أن دون غد الليلة.
[ر: ٥٠٢]
عن النبي ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلن يدخل منه أحد).
[٣٠٨٤]
(الريان) صيغة مبالغة من الري وهو نقيض العطش.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ).
فَقَالَ أبو بكر رضي الله عنه: بأبي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟. قَالَ: (نعم، وأرجو أن تكون منهم).
[٣٤٦٦]
(أنفق زوجين) عمل صنفين من أعمال البر. (من أهل الصلاة) المكثرين لصلاة التطوع، وكذلك من ذكر من أهل الأعمال الأخرى، فالمراد: الملازمون لها المكثرون منها زيادة عن الواجبات. (بأبي أنت وأمي) أنت مفدى بهما. (من ضرورة) من مضرة، أي قد سعد من دعي من الأبواب جميعا، ودعوته منها جميعا أن يخير في الدخول من أيها شاء، وهذا مزيد تكريم وفضل.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ صام رمضان). [ر: ١٨٠٢]
وقال: (لا تقدموا رمضان). [ر: ١٨١٥]
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ).
[٣١٠٣]
(فتحت) المراد حقيقة الفتح، وقيل هو كناية عن كثرة الطاعات. (أبواب السماء) المراد بالسماء الجنة، لأنها يصعد منها إلى الجنة، لأنها فوق السماء وسقفها عرش الرحمن. (سلست الشياطين) شدت بالسلاسل، ومنعت من الوصول إلى بغيتها من إفساد المسلمين بالقدر الذي كانت تفعله في غير رمضان.
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يَقُولُ: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ).
وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ وَيُونُسُ: لِهِلَالِ رَمَضَانَ.
[١٨٠٧ – ١٨٠٩، ١٨١٤، ٤٩٩٦]
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ).
[ر: ٢٠٢١]
عن النبي ﷺ قَالَ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه).
[ر: ٣٥]
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ الْقُرْآنَ: فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
⦗٦٧٣⦘
السَّلَام، كَانَ أَجْوَدَ بالخير من الريح المرسلة.
[ر: ٦]
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشرابه).
[٥٧١٠]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).
[ر: ١٧٩٥]
(كل عمل ابن آدم له) أي يمكن أن يدخله حظ النفس. (يصخب) من الصخب وهو الخصام والصياح. (إذا أفطر فرح) بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وهذا أمر طبعي للإنسان الذي فطر على الحاجة للطعام والشراب، والسرور إذا حصلت له حاجته. وقيل: يفرح بإتمام صومه وعبادته. (فرح بصومه) بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه.
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ
⦗٦٧٤⦘
فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فعليه بالصوم، فإنه له وجاء).
[٤٧٧٨، ٤٧٧٩]
وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ: مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ.
أن رسول الله ﷺ ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ: (لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له).
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ: (الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا). وَخَنَسَ الْإِبْهَامَ في الثالثة.
[ر: ١٨٠١]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ).
(غبي) من الغباوة وهي عدم الفطنة، وهو استعارة لخفاء الهلال.
[٤٩٠٦]
آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟. فَقَالَ: (إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وعشرين).
[ر: ٣٧١]
قَالَ أَبُو عبد الله: قال إسحق: وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ تَمَامٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لا يجتمعان كلاهما ناقص.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (شَهْرَانِ لَا ينقصان، شهرا عيد: رمضان وذو الحجة).
(لا ينقصان) قيل في معناه أقوال، ولعل أحسنها ما ذكره البخاري عن إسحق: أنهما تامان في الأجر والثواب وإن نقصا في العدد. (شهرا عيد) فرمضان يعقبه عيد الفطر، وذو الحجة يكون عيد الأضحى خلال أيامه.
⦗٦٧٦⦘
أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هكذا هكذا). يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين.
[ر: ١٨٠١]
(أمة) جماعة العرب. (أمية) لا تقرأ ولا تكتب، نسبة إلى الأم، أي الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات. (لا نكتب) قليل فينا من يكتب. (ولا نحسب) لا نعرف حساب النجوم وتسييرها، فلم نكلف في مواقيت عباداتنا ما يحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة.
عن النبي ﷺ قال: (لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فليصم ذلك اليوم).
(يصوم صومه) كان له صوم نفل معتاد فوافق ذلك اليوم، أو كان عليه قضاء أو نذر فصامه.
كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟. قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
⦗٦٧٧⦘
الرَّفَثُ إلى نسائكم﴾. فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسود﴾.
[٤٢٣٨]
فِيهِ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٨١٦]
لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبيض من الخيط الأسود﴾. عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: (إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ).
[٤٢٣٩، ٤٢٤٠]
(عقال) الحبل الذي يعقل به البعير. (يستبين) يظهر. (فغدوت) ذهبت أول النهار. (ذلك) المذكور في الآية.
أُنْزِلَتْ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾ وَلَمْ يَنْزِلْ ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
[٤٢٤١]
[ر: ٥٩٦]
⦗٦٧٨⦘
ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ).
قَالَ الْقَاسِمُ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلَّا أَنْ يَرْقَى ذَا وينزل ذا.
[ر: ٥٩٧]
كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٥٥٢]
تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟. قال: قدر خمسين آية.
[ر: ٥٥٠]
لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا ولم يذكروا السحور.
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: (لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وأسقى).
[١٨٦١]
(واصل) تابع الصيام بين اليومين من غير إفطار بالليل. (لست كهيئتكم) ليس حالي مثل حالكم. (أظل) أبيت وأبقى.
⦗٦٧٩⦘
سَمِعْتُ أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (تَسَحَّرُوا، فإن في السحور بركة).
(تسحروا) من السحور، والأمر للندب. (بركة) دنيوية في التقوى على صيام النهار، وأخروية بمزيد الأجر والثواب.
وَقَالَتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا. وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ رضي الله عنهم.
أن النبي ﷺ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: (إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ، أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لم يأكل فلا يأكل).
[١٩٠٣، ٦٨٣٧]
أَن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.
وَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلَا مَرْوَانُ
⦗٦٨٠⦘
أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ، فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: كَذَلِكَ حدثني الفضل بن عباس، وهو أَعْلَمُ.
وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ، وَالْأَوَّلُ أَسْنَدُ.
[١٨٢٩، ١٨٣٠]
(وهو جنب من أهله) أي وقد أصابته جنابة من جماع إحدى زوجاته. (لتقرعن بها) لتعلمنه بهذه القصة التي تخالف فتواه إعلاما صريحا. (على المدينة) حاكما عليها وأميرا من قبل مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه. (فقال) أبو هريرة رضي الله عنه. (وهو أعلم) أي الفضل أعلم مني بما روى، والعهدة عليه في ذلك. (يأمر بالفطر) من أصبح جنبا. (والأول أسند) أي حديث أمهات المؤمنين أثبت، لأنه ناسخ لما رواه أبو هريرة عن الفضل رضي الله عنهم.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا.
كَانَ النبي ﷺ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ.
وَقَالَ: قَالَ ابْنُ عباس: ﴿مآرب﴾ حاجات. قَالَ طَاوُسٌ: ﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ الْأَحْمَقُ لَا حاجة له في النساء.
[١٨٢٧]
(يباشر) من المباشرة، وهي الملامسة، وأصله من لمس بشرة الرجل بشرة المرأة، وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج وخارجا منه، والمراد هنا غير الجماع. (أملككم لإربه) أقوى منكم في ضبط نفسه، والأمن من الوقوع فيما يتولد عن المباشرة من الإنزال، أو ما تجر إليه من الجماع. والإرب الحاجة، ويطلق على العضو. (مآرب) جمع مآرب وهو الحاجة. /طه: ١٨/. (أولي الإربة) أصحاب الحاجة. /النور: ٣١/.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ.
إِنْ كان رسول الله ﷺ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ ضَحِكَتْ.
[ر: ١٨٢٦]
بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ: (مَا لَكِ أَنَفِسْتِ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وهو صائم.
[ر: ٢٩٤]
وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ. وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ. وَقَالَ ابن مسعود: إذا كان صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا. وَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ، وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَلَا يَبْلَعُ رِيقَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لَا أَقُولُ يُفْطِرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ، قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ، قَالَ: وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ. وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسا.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رمضان من غير حلم، فيغتسل ويصوم.
[ر: ١٨٢٥]
كُنْتُ أَنَا وَأَبِي، فَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ
⦗٦٨٢⦘
جُنُبًا، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ. ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ مِثْلَ ذلك.
[ر: ١٨٢٥]
وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فلا شيء عليه.
عن النبي ﷺ قَالَ: (إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه).
[٦٢٩٢]
(فليتم صومه) فليبق ممسكا لأنه لم يفطر أصلا. (أطعمه الله وسقاه) أي بغير قصد منه ولا حيلة.
وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ، مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ). وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ). وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: يبتلع ريقه.
رَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلَاثًا،
⦗٦٨٣⦘
ثُمّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ نَحْوَ وَضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: (مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنبه).
[ر: ١٥٨]
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ الْمَاءِ لَا يَضِيرُهُ إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ، وَلَا يَمْضَغُ الْعِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ الْعِلْكِ لَا أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، فَإِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ لَا بأس، لم يملك.
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ). وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ: يَقْضِي يَوْمًا مكانه.
إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ. قال: (مالك). قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ، فَقَالَ: (أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ). قَالَ: أَنَا، قَالَ: (تَصَدَّقْ بهذا).
[٦٤٣٦]
بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، هلكت. قال: (مالك). قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا). قَالَ: لَا. قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). قَالَ: لَا. فَقَالَ: (فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ. فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ، قَالَ: (أَيْنَ السَّائِلُ). فَقَالَ: أَنَا. قال: (خذ هذا فَتَصَدَّقْ بِهِ). فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟. فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ، أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: (أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).
[١٨٣٥، ٢٤٦٠، ٥٠٥٣، ٥٧٣٧، ٥٨١٢، ٦٣٣١، ٦٣٣٣، ٦٤٣٥]
(هلكت) فعلت ما يستوجب الهلاك والعقوبة. (وقعت على امرأتي) جامعتها. (رقبة) عبد مملوكا أو أمة. (تعتقها) تحررها من الرق. (فمكث) جلس ينتظر. (الحرتين) مثنى حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء، والمدينة بين حرتين. (أنيابه) هي الأسنان الملاصقة للرباعيات، وهو علامة شدة ضحكه ﷺ، وكان ذلك منه تعجبا من حال الرجل، وسرورا من حسن توسله وتلطفه للوصول إلى مقصوده.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ الْأَخِرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ: (أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً). قَالَ: لَا. قَالَ: (فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). قَالَ: لَا. قَالَ: (أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: لَا. قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَهُوَ الزَّبِيلُ، قَالَ: (أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ). قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ: (فَأَطْعِمْهُ أهلك).
[ر: ١٨٣٤]
وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خرج.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ. وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا. وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: احْتَجَمُوا صِيَامًا. وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ: كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَى.
وَيُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا: فَقَالَ: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ). وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ: مِثْلَهُ. قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؟. قال: نعم، ثم قال: الله أعلم.
أن النبي ﷺ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.
احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ وهو صائم.
[ر: ١٧٣٨]
سمعت ثابتا البناني يسأل أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟. قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيُّ ﷺ.
⦗٦٨٦⦘
أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: (انزل فاجدع لِي). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الشَّمْسُ؟. قَالَ: (انزل فاجدع لِي). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ؟. قَالَ: (انزل فاجدع لي). فنزل فجدع له فشرب، ثم رمى بيده ها هنا، ثُمَّ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ).
تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سفر.
[١٨٥٤، ١٨٥٥، ١٨٥٧، ٤٩٩١]
(لرجل) هو بلال رضي الله عنه. (فاجدع) اخلط السويق بالماء، أو اللبن بالماء، وحركه حتى أفطر عليه. (الشمس) انظر الشمس، أو: هذه الشمس، فإن ضوءها ما زال ساطعا. (رمى بيده ها هنا) أشار بيده إلى جهة المشرق. (أفطر الصائم) دخل وقت إفطاره.
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أسرد الصوم.
(أسرد الصوم) أتابع بين الأيام في الصوم.
أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ، قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟. وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: (إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ).
أن رسول الله ﷺ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَالْكَدِيدُ ماء بين عسفان وقديد.
[١٨٤٦، ٢٧٩٤، ٤٠٢٦، ٤٠٢٩]
(عسفان) قرية بين مكة والمدينة. (قديد) موضع قريب من مكة.
⦗٦٨٧⦘
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وابن رواحة.
(إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وابن رواحة) أي ما وجد منهما، فإنهما كانا صائمين.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (مَا هَذَا). فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: (ليس من البر الصوم في السفر).
(زحاما) قوما مزحومين، أي يضايق بعضهم بعضا في موضع. (رجلا) قيل: هو أبو إسرائيل العامري. (البر) الطاعة والعبادة والإحسان والخير. (الصوم في السفر) إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ من المشقة.
كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، ولا المفطر على الصائم.
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَفْطَرَ، فمن شاء صام ومن شاء أفطر.
[ر: ١٨٤٢]
قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: ﴿شَهْرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن هُدًى
⦗٦٨٨⦘
لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هداكم ولعلكم تشكرون﴾. /البقرة: ١٨٥/.
نَزَلَ رَمَضَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَنَسَخَتْهَا: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم﴾. فأمروا بالصوم.
قرأ: ﴿فدية طعام مسكين﴾. قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ.
[٤٢٣٦]
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿فعدة من أيام أخر﴾.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فِي صَوْمِ الْعَشْرِ: لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ.
⦗٦٨٩⦘
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا.
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يُطْعِمُ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الْإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أيام أخر﴾.
كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.
قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ، أَوْ بِالنَّبِيِّ ﷺ.
(الشغل من النبي) أي الشغل هو المانع لها من القضاء، والمراد من الشغل: أنها كانت مهيئة نفسها لرسول الله ﷺ واستمتاعه بها في جميع الأوقات، شأن جميع أزواجه ﷺ ورضي الله عنهن، اللواتي كن حريصات على سروره وإرضائه، فكن لا يستأذنه بالصوم مخافة أن تكون له حاجة بإحداهن، ويأذن لها تلبية لرغبتها، فتفوت عليه رغبته ﷺ وحاجته، وأما في شعبان: فإنه ﷺ كان يصوم أكثر أيامه فتتفرغ إحداهن لصومها، أو تضطر لاستئذانه في الصوم لضيق الوقت عليها.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا عَلَى خِلَافِ الرَّأْيِ، فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنَ اتِّبَاعِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصيام ولا تقضي الصلاة.
⦗٦٩٠⦘
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، فَذَلِكَ نُقْصَانُ دينها).
[ر: ٢٩٨]
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جاز.
أن رسول الله ﷺ قال: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ).
تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ يَحْيَى بن أيوب، عن ابن أبي جعفر.
(عليه صيام) واجب، من قضاء أو نذر أو كفارة. (وليه) كل قريب له ولو كان غير وارث.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟. قَالَ: (نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).
قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقَالَ الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَا: سَمِعْنَا مُجَاهِدًا يَذْكُرُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْحَكَمِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَسَلَمَةِ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ.
وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نذر.
⦗٦٩١⦘
وقال أبو جرير: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَاتَتْ أُمِّي وعليها صوم خمسة عشر يوما.
(فدين الله) حق الله تعالى. (أحق أن يقضى) أولى بالقضاء والوفاء.
وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ.
قَالَ رسول الله ﷺ: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم).
(ها هنا) جهة المشرق. (أدبر) ذهب. (ها هنا) جهة المغرب. (أفطر الصائم) دخل وقت فطره.
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ: (يَا فُلَانُ قم فاجدع لَنَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟. قال: (انزل فاجدع لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟. قال: (انزل فاجدع لَنَا). قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: (انْزِلْ فاجدع لنا). فنزل فجدع لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هنا، فقد أفطر الصائم).
[ر: ١٨٣٩]
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ صَائِمٌ، فلما غربت الشمس قال: (انزل فاجدع لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟. قال: (انزل فاجدع لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نهارا، قال: (انزل فاجدع لنا). فنزل فجدع، ثُمَّ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ). وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ.
[ر: ١٨٣٩]
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفطر).
(لا يزال ..) أي يبقون في سعة وراحة إذا هم أفطروا عقب تحقق الغروب، لأنه أرفق بهم وأقوى لهم على العبادة، وكذلك يحصل لهم مزيد من الأجر والمثوبة لتمسكهم بسنة رسول الله ﷺ.
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أمسى، قال لرجل: (انزل فاجدع لنا). قَالَ: لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ، قَالَ: (انْزِلْ فاجدع لي، إذا رأيت الليل قد أقبل ها هنا، فقد أفطر الصائم).
[ر: ١٨٣٩]
أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قيل لهشام: فأمروا بالقضاء؟. قال: لابد مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا: لَا أدري أقضوا أم لا.
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فضربه.
أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: (مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ). قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ
⦗٦٩٣⦘
لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عند الإفطار.
(غداة عاشوراء) صبيحة اليوم العاشر من محرم. (فليتم بقية يومه) فليمسك عن الفطر بقية يومه. (العهن) الصوف، وقيل: الصوف المصبوغ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾. /البقرة: ١٨٧/.
وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَمَا يكره من التعمق.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَا تُوَاصِلُوا). قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: (لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى، أَوْ: إني أبيت أطعم وأسقى).
[٦٨١٤]
(لا تواصلوا) أي لا تتابعوا الصوم ليلا ونهارا دون أن تفطروا في الليل. (كأحد منكم) ليس حالي كحال أي أحد منكم.
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: (إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أطعم وأسقى).
[ر: ١٨٢٢]
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ). قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ).
[١٨٦٦]
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ،
⦗٦٩٤⦘
فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: (إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: لَمْ يَذْكُرْ عثمان: رحمة لهم.
رَوَاهُ أَنَسٌ، عن النبي ﷺ.
[ر: ٦٨١٤]
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (وَأَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ). فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ، فَقَالَ: (لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ). كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا.
(أبوا) لأنهم فهموا من النهي التنزيه لا التحريم. (رأوا الهلال) الظاهر أنه هلال شوال. (لزدتكم) أي في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتطلبوا التخفيف بتركه. (كالتنكيل لهم) أي خاطبهم بهذا على وجه الزجر لهم والتحذير من التشديد على أنفسهم في دين الله تعالى.
عن النبي ﷺ قال: (إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ). مَرَّتَيْنِ، قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ العمل ما تطيقون).
[٦٤٥٩، ٦٨١٥، ٦٨٦٩]
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ). قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ).
[ر: ١٨٦٢]
⦗٦٩٥⦘
أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟. قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صَدَقَ سلمان).
[٥٧٨٨]
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ.
(نقول لا يفطر) تكثر متابعة صومه الأيام بحيث نصبح نظن أنه لا يفطر، وكذلك متابعته الفطر. (استكمل صيام شهر) صامه كاملا أو أكثره.
لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: (خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا). وَأَحَبُّ
⦗٦٩٦⦘
الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صلى صلاة داوم عليها.
[ر: ٤٣]
(يصوم شعبان كله) أي كان يصوم أكثره، والعرب تطلق الكل على الأكثر. (تطيقون) تستطيعون المداومة عليه بدون ضرر. (لا يمل حتى تملوا) لا يقطع عنكم الثواب والفضل حتى تنقطعوا عن العمل الصالح.
مَا صَامَ النَّبِيُّ ﷺ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَصُومُ.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أنسا في الصوم.
[ر: ١٠٩٠]
سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه، عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مُفْطِرًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مَسِسْتُ خَزَّةً وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ١٠٩٠]
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ – يَعْنِي: (إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا). – فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: (نِصْفُ الدهر).
[ر: ١٠٧٩]
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ). فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ). فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً؟. قَالَ: (فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ). قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام؟. قَالَ: (نِصْفَ الدَّهْرِ). فكان عبد الله يقول بعدما كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٠٧٩]
(بحسبك) كافيك. (قبلت رخصة النبي) أي وأخذت بالأخف من أول الأمر.
أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ: (فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ). قُلْتُ: إِنِّي أطيق أفضل من ذلك، قال: (فصم صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ). فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا أَفْضَلَ من ذلك).
[ر: ١٠٧٩]
رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٨٦٧]
بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: (أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي وَلَا تَنَامُ؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا). قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عليه السلام. قَالَ: وَكَيْفَ؟. قَالَ: (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى). قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا صَامَ من صام الأبد). مرتين.
[ر: ١٠٧٩]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ). قَالَ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: (صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا). فَقَالَ: (اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ). قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قال: (في ثلاث).
[ر: ١٠٧٩]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ). قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عليه السلام، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، ولا يفر إذا لاقى).
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، وَصَارَتِ الوسادة بيني وبينه، فقال: (أما يكفيك كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (خَمْسًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (سَبْعًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (تِسْعًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (إِحْدَى عَشْرَةَ). ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ عليه السلام، شَطْرَ الدَّهَرِ، صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يوما).
[ر: ١٠٧٩]
أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلَاثٍ: (صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأن أوتر قبل أن أنام).
[ر: ١١٢٤]
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: (أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ). ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: (مَا هِيَ). قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: (اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا، وَوَلَدًا، وَبَارِكْ له). فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا. وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ.
⦗٧٠٠⦘
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أخبرنا يحيى قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٥٩٧٥، ٥٩٨٤، ٦٠١٧، ٦٠١٨]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ – سَأَلَهُ، أَوْ – سَأَلَ رَجُلًا، وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ: (يَا أَبَا فُلَانٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ). قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ، قَالَ الرَّجُلُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ). لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ثَابِتٌ، عن مطرف، عم عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (من سرر شعبان).
(سرر) آخر الشهر، سمي بذلك لاستسرار القمر فيه، أي استتاره. وقيل: هو وسط الشهر، وسرر كل شيء وسطه، والمراد الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بعده.
نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟. قَالَ: نعم. زاد غير أبي عاصم: أن ينفرد بصوم.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ
⦗٧٠١⦘
يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أو بعده).
(إلا يوما قبله أو بعده) أي إلا أن يصوم معه يوما قبله أو يوما بعده.
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: (أَصُمْتِ أَمْسِ). قَالَتْ: لَا، قَالَ: (تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا). قَالَتْ: لَا، قَالَ: (فَأَفْطِرِي).
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ: سَمِعَ قَتَادَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ: أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ.
قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْتَصُّ مِنَ الْأَيَّامِ شَيْئًا؟. قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يطيق.
[٦١٠١، وانظر: ١٨٦٩]
أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره، فشربه.
[ر: ١٥٧٥]
⦗٧٠٢⦘
عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلَابٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الْمَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والناس ينظرون.
(بحلاب) الإناء الذي يحلب فيه اللبن، وقيل هو اللبن المحلوب. (الموقف) في عرفة.
شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رسول الله ﷺ عن صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تأكلون فيه من نسككم.
[٥٢٥١]
(نسككم) أضحيتكم.
نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ والعصر.
[ر: ٣٦٠]
يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ، وَبَيْعَتَيْنِ: الفطر والنحر، والملامسة والمنابذة.
[ر: ٣٦١]
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، قال: أظنه قال: الاثنين، فوافق يَوْمَ عِيدٍ؟. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عن
⦗٧٠٣⦘
صوم هذا اليوم.
[٦٣٢٧، ٦٣٢٨]
(أمر الله بوفاء النذر) أي بقوله تعالى: ﴿وليوفوا نذورهم﴾. /الحج: ٢٩/. فيجب الوفاء به، ويمكن أن يقضى بعد يوم العيد المنهي عن صومه، عملا بقاعدة: (إذا اجتمع المانع والمقتضي قدم المانع) فيقدم المانع من الصوم وهو كون اليوم عيدا، على المقتضي وهو نذر صوم هذا اليوم.
سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَعْجَبْنَنِي، قَالَ: (لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا).
[ر: ١١٣٩]
قال أبو عبد الله: وَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي:
كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تصوم أيام منى، وكان أبوها يصومها.
لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يصمن، إلا لمن لم يجد الهدي.
الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب.
قَالَ النبي ﷺ يوم عاشوراء: (إن شاء صام).
[ر: ١٧٩٣]
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ ومن شاء تركه.
[ر: ١٥١٥]
أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما يوم عاشوراء عام الحج، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ ومن شاء فليفطر).
(أين علماؤكم) سؤاله هذا يحتمل أنه سمع من يقول عن صوم يوم عاشوراء خلاف ما علمه. (يكتب) يفرض. (وأنا صائم) تطوعا.
قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: (مَا هَذَا). قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صالح، هذا يوم نجى الله نبي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: (فَأَنَا أحق بموسى منكم). فصامه وأمر بصيامه.
[٣٢١٦، ٣٧٢٧، ٤٤٠٣، ٤٤٦٠]
(يوم صالح) وقع فيه خير وصلاح. (أحق بموسى) أولى بالفرح والابتهاج بنجاته.
كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ
⦗٧٠٥⦘
الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فصوموه أنتم).
[٣٧٢٦]
(فصوموه أنتم) معلنين أنكم تخالفونهم في اعتباره عيدا، لأنكم لا تصومون يوم العيد.
مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ، يَعْنِي شهر رمضان.
أمر النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ: (أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يوم عاشوراء).
[ر: ١٨٢٤]