كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أنت قيم السماوات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ ملك السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَوْ: لاإله غَيْرُكَ).
قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: (وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ). قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ: سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ.
[٥٩٥٨، ٦٩٥٠، ٧٠٠٤، ٧٠٦٠]
كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ إذا رأى رُؤْيَا، فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخر، قال لِي: لَمْ تُرَعْ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ). فَكَانَ بَعْدُ لَا ينام من الليل إلا قليلا.
[ر: ٤٢٩]
(مطوية) مبنية الجوانب. (قرنان) جانبان. (لم ترع) لاخوف عليك.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى يأتيه المنادي للصلاة.
[١٠٨٨، ١٠٨٩، ١١٠٧، ١١١٦، ١١١٧، ١١١٨، وأنظر: ٩٤٩، ١٠٩٦]
اشْتَكَى النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أو ليلتين.
⦗٣٧٩⦘
جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
احْتَبَسَ جِبْرِيلُ ﷺ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا ودعك ربك وما قلى﴾.
[٤٦٦٧، ٤٦٦٨، ٤٦٩٨]
وَطَرَقَ النَّبِيُّ ﷺ فَاطِمَةَ وعليا عليهما السلام ليلة للصلاة.
[ر: ١٠٧٥]
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً، فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ؟ يارب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).
[ر: ١١٥]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عليه السلام لَيْلَةً، فَقَالَ: (أَلَا تُصَلِّيَانِ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ، يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شيء جدلا﴾.
[٤٤٤٧، ٦٩١٥، ٧٠٢٧]
(طرقه) أتاه ليلا. (أنفسنا بيد الله) أي نحن معذورون بعدم القيام، لأننا نائمون، ولا نملك أمرنا. (يبعثنا) يوقظنا. (ولم يرجع إلي) لم يجنبني بشيء. (يضرب فخذه) متعجبا من سرعة جوابه. (جدلا) مجادلة. /الكهف: ٥٤/.
إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيَدَعُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سبحة الضحى قط،
⦗٣٨٠⦘
وإني لأسبحها.
[١١٢٣]
(سبح) تنفل. (سبحة الضحى) صلاة الضحى. (لأسبحها) لأصليها، لأنها ترى أنه ﷺ لم يصليها – حسب علمها – تخفيفا على الأمة.
أن رسول ﷺ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رسول الله ﷺ، فلما أَصْبَحَ قَالَ: (قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يمنعني من الخروج إليكم إلا أنني خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ). وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
[ر: ٦٩٦]
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: حتى تتفطر قدماه.
[ر: ٤٥٥٧] والفطور الشقوق. ﴿انفطرت﴾ /الانفطار: ١/: انشقت.
إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ، أَوْ سَاقَاهُ. فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: (أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
[٤٥٥٦، ٦١٠٦]
(ترم) تنتفخ. (فيقال له) لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك. (شكورا) أبالغ في شكر الله تعالى على غفرانه لي.
أن رسول الله ﷺ قَالَ لَهُ: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السلام، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يوما).
[١١٠١، ١١٠٢، ١٨٧٣ – ١٨٧٩، ٣٢٣٦ – ٣٢٣٨، ٤٧٦٥، ٤٧٦٧، ٤٩٠٣، ٥٧٨٣، ٥٩٢١]
(أحب الصلاة) الصلاة المحبوبة من النوافل. (أحب الصيام) الصيام المحبوب من التطوع.
أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَتْ: الدَّائِمُ، قُلْتُ: مَتَى كَانَ يقوم؟ قالت: يقوم إذا سمع الصراخ.
(الصارخ) الديك، لأنه يكثر الصياح في الليل، وقيل: أول ما يصيح نصف الليل غالبا.
[٦٠٩٦، ٦٠٩٧]
مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا. تَعْنِي النبي ﷺ.
(ما ألفاه السحر ..) ألفاه: وجده، والسحر وقت قبيل طلوع الفجر، والمعنى: ما أتى عليه السحر عندي وما صادفه إلا وهو نائم. (نائما) ليستريح من تعب القيام، أو المراد: اضطجاعه ﷺ بعد ركعتي سنة الفجر، ونسبته إلى السحر لقربه منه.
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى.
قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خمسين آية.
[ر: ٥٥١]
(هممت) عزمت وقصدت. (بأمر سوء) مخالفت للأدب. (أقعده وأذر النبي) أتركه قائما وأصلي معه قاعدا.
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ، يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ.
[ر: ٢٤٢]
إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ: قَالَ: (مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة).
[ر: ٤٥٠]
كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ ثلاثة عسرة ركعة، يعني بالليل.
[ر: ٩٤٧]
سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عشرة، وسوى ركعتي الفجر.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يصلي من الليل ثلاثة عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر.
[ر: ١٠٧١]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يا أيها الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الققرآن تَرْتِيلا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا. إِنَّ ناشئة الليل هي أشد وطاء وَأَقْوَمُ قِيلا.
⦗٣٨٣⦘
إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا﴾ /المزمل: ١ – ٧/.
وَقَوْلُهُ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتو الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خيرا وأعظم أجرا﴾ /المزمل: ٢٠/.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: نَشَأَ: قَامَ، بِالْحَبَشِيَّةِ. «وِطَاءً» قَالَ: مُوَاطَأَةَ الْقُرْآنِ، أَشَدُّ موافقة لسمعته وبصره وقلبه. ﴿ليواطئوا﴾ /التوبة: ٣٧/: ليوافقوا.
تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عن حميد.
[١٨٧١، ١٨٧٢]
(يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كل عقدة: عليك ليل طويل فاقد، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ
⦗٣٨٤⦘
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النفس كسلان).
[٣٠٩٦]
(يعقد) يربط، فيثقل عليه النومه. (قافية) مؤخرة العنق أو القفا. (يضرب كل عقدة) يحكم عقدة ويؤكده. (فارقد) فنم ولا تعجل بالقيام. (طيب النفس) مرتاح النفس، لما وفقه الله تعالى إليه من القيام. (خبيث النفس) مكتئبا يلوم نفسه على تقصيره في ترك الخير والقيام في الليل.
عن النبي ﷺ فِي الرُّؤْيَا، قَالَ: (أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ).
[ر: ٨٠٩]
ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (بَالَ الشيطان في أذنه).
[٣٠٩٧]
(ما قام إلى الصلاة) صلاة الفجر، أو مطلق الصلاة. (بال الشيطان) قيل: هو على الحقيقة، أي بال فعلا، وقيل: هو المجاز، والمراد: تثقيله نومه وانقياده له وتحكمه فيه.
وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿كانوا قليلا من الليل ما يهجعون﴾: أي ما ينامون. ﴿وبالأسحار هم يستغفرون﴾ /الذاريات: ١٧ – ١٨/.
(يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي
⦗٣٨٥⦘
فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ له).
[٥٩٦٢، ٧٠٥٦]
(ينزل ربنا) هذا النزول من المتشابه الذي يفوض علم حقيقته إلى الله تعالى، أو المراد: ينزل أمره ورحمته ولطفه ومغفرته، أو المراد: تنزل الملائكته بأمر منه. (السماء الدنيا) الأولى، وسميت الدنيا لقربها من أهل الأرض.
وَقَالَ سَلْمَانُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما: نم، فلما كان آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ: قُمْ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صَدَقَ سَلْمَانُ).
[ر: ١٨٦٧]
سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كيف صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ بِاللَّيْلِ؟. قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ، وَيَقُومُ آخِرَهُ، فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلَّا توضأ وخرج.
(أذن المؤذن) لصلاة الفجر. (وثب) نهض. (فإن كانت به حاجة) أي إلى اغتسال من جنابة.
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كان رسول الله ﷺ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. قالت عائشة: فقلت: يارسول اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟. فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي).
[١٩٠٩، ٣٣٧٦، وانظر: ١٠٧١]
(فلا تسل عن حسنهن وطولهن) أي لكمال حسنهن وطولهن مستغنيات عن السؤال عن وصفهن. (أن توتر) تصلي الوتر. (ولا ينام قلبي) بل هو يقظ حاضر مع الله عز وجل، فأملك القيام في أي وقت، وأنتبه قبل فوات وقت الوتر.
مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ، فَقَرَأَهُنَّ ثم ركع.
[ر: ١٠٦٧]
أن النبي ﷺ قال لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: (يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ). قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ.
قَالَ أَبُو عبد الله: دف نعليك، يعني تحريك.
(بأرجى) بعمل عملته، وأنت ترجو به الثواب أكثر من غيره من أعمالك. (بين يدي) قدامي. (أتطهر طهورا) من وضوء أو غسل. (ما كتب) ما قدر لي وتيسر من فرض أو نفل.
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ، فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: (مَا هَذَا الْحَبْلُ). قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ).
(الساريتين) مثنى سارية، وهي الأسطوانة والدعامة التي يقوم عليها السقف. (ما هذا الحبل) أي لماذا هو ممدود ومشدود هكذا. (لزينب) بنت جحش، إحدى زوجاته ﷺ. (فإذا فترت) كسلت عن القيام. (تعلقت به) حتى تتابع قيامها ولا تنام. (نشاطه) حال نشاطه ووقته.
كَانَتْ عِنْدِي امرأة منن بَنِي أَسَدٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: (مَنْ هَذِهِ). قُلْتُ: فلانة، لا تنام بالليل، تذكر صَلَاتِهَا، فَقَالَ: (مَهْ، عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا).
[ر: ٤٣]
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ).
وَقَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنَا ابن أبي العشرين: حدثنا الأوزعي قال: حدثني يحيى، عن عمر ابن الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: مِثْلَهُ.
وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأوزعي.
قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ). قُلْتُ: إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ: (فَإِنَّكَ إذا فعلت ذلك هجمت عينك، نفهت نفسك، وإن لنفسك حقا، ولأهلك حقا، فصم وأفطر، وقم ونم).
[ر: ١٠٧٩]
(مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ توضأ وصلى قبلت صلاته).
⦗٣٨٨⦘
أَخْبَرَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وهو يقصص فِي قَصَصِهِ، وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ). يَعْنِي بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ … إِذَا انْشَقَّ معروف من الفجر ساطع
أرنا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا … بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ … إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ وَالْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
[٥٧٩٩]
رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّي لَا أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي، أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ: لَمْ تُرَعْ، خَلِّيَا عَنْهُ. فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِحْدَى رُؤْيَايَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ). فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ.
وَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ الرُّؤْيَا: أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أرى رؤياكم قد تواطت فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا من العشر الأواخر).
[ر: ٤٢٩]
(رأيت) من الرؤيا في النوم. (استبرق) الحرير الغليظ. (أنها) أي ليلة القدر. (تواطت) في نسخة (تواطأت) توافقت. (متحريها) قاصدها ومجتهد في طلبها.
صَلَّى
⦗٣٨٩⦘
النَّبِيُّ ﷺ الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا، وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدَعْهُمَا أَبَدًا.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ على شقه الأيمن.
[ر: ١٠٧١]
(ركعتي الفجر) أي سنة الفجر. (اضطجع) في منزله وليس بين المصلين في المسجد.
أن النبي ﷺ كَانَ إِذَا صَلَّى: فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يؤذن بالصلاة.
[ر: ١٠٦٧]