أن النبي ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ، إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ). ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: (أَوْ يفعل هكذا).
[٤٠٢، ٤٠٣، ٤٠٧، ٥٠٨، ١١٥٦، وانظر: ٢٣٨، ٥٠٩].
(نخامة) ما يخرج من الصدر، وقيل غير ذلك. (رئي في وجهه) شوهد أثر الغضب في وجهه. (يناجي ربه) من المناجاة، وأصلها الكلام بين اثنين سرا، والمراد: أنه ينبغي التزام الأدب في هذه الحال، لأن المصلي كالمناجي لله عز وجل. (بينه وبين القبلة) أي متوجه إليه، مقبل عليه، يسمع دعاءه ويجيب سؤله. (قبل) جهة.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ، فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ الله قبل وجهه إذا صلى).
[٧٢٠، ١١٥٥، ٥٧٦٠].
أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ رَأَى فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ مُخَاطًا، أَوْ بُصَاقًا، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ.
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا، فَقَالَ: (إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى).
[٤٠١، ٤٠٤، ٤٠٦].
في المسجد، رقم: ٥٤٨.
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَصَاةً فَحَتَّهَا، ثُمَّ قَالَ: (إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى).
[ر: ٤٠٠].
قال النبي ﷺ: (لَا يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ).
[ر: ٣٩٧].
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ).
[ر: ٣٩٧].
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أبصر نخامة في قبلة المسجد، فحكها بعصاة، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى.
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ حُمَيْدًا، عن أبي سعيد: نحوه.
[ر: ٤٠٠].
في المسجد، رقم: ٥٥٢.
(خطيئة) إثم وذنب. (كفارتها) ما يمحوها. (دفنها) في تراب المسجد ورمله إن كان، وإلا فينبغي إخراجها منه.
سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (إذا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا).
[ر: ٤٠٠].
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي القبلة، فحكها بيده، ورئي منه كراهة، أَوْ رُئِيَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ، وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: (إن أحدكم إذا قم فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ). ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَزَقَ فِيهِ، وَرَدَّ بَعْضَهُ على بعض، قال: (أو يفعل هكذا).
[ر: ٣٩٧].
أن رسول الله ﷺ قال: (هل ترون قبلتي ههنا، فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ، وإني لأراكم من وراء ظهري).
[٧٠٨].
(هل ترون ..) أي أتحسبون أني لا أرى إلا ما في هذه الجهة. (لأراكم من وراء ظهري) أي رؤية حقيقية، وهو من معجزاته وخوارق العادة له ﷺ، وقيل غير ذلك.
صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةً، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الرُّكُوعِ: (إِنِّي لأراكم من ورائي كما أراكم).
[٧٠٩، ٧١٦، ٦١٠٣، ٦٢٦٨].
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ: مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فيمن سابق بها.
[٢٧١٣ – ٢٧١٥، ٦٩٠٥].
(سابق) من المسابقة، وهي السبق الذي يشترك فيه اثنان فأكثر، على جائزة أو بدونها. (اضمرت) من الإضمار والضمور وهو الهزال، والخيل المضمرة هي التي ذهب رهلها فقوي لحمها واشتد جريها. (الحفياء) موضع بقرب المدينة. (أمدها) غايتها ونهاية المسافة التي تسابق إليها. (ثنية الوداع) الثنية هي الطريق في الجبل، وبين ثنية الوداع وبين الحفياء خمسة أميال أو أكثر. (بني زريق) أضيف ألمسجد إليهم إضافة تمييز لا ملك.
أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: (انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ). وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى الصلاة ولم يلتف إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (خُذْ). فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يستطع، فقال: يا رسول الله، مر بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ: (لَا). قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: (لَا). فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذهب يقله، فقال: يا رسول الله، مر بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ: (لَا). قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: (لَا). فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ،
⦗١٦٣⦘
ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وثم منها درهم.
[٢٨٨٤، ٢٩٩٤].
سَمِعَ أَنَسًا قَالَ: وَجَدْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ معه ناس، فقمت، فقال لي: (أرسلك أَبُو طَلْحَةَ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: (لِطَعَامٍ). قُلْتُ: نعم، فقال لِمَنْ مَعَهُ: (قُومُوا). فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
[٣٣٨٥، ٥٠٦٦، ٥١٣٥، ٦٣١٠].
أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا شاهد.
[٤٤٦٨، ٤٤٦٩، ٤٩٥٩، ٥٠٠٢، ٥٠٠٣، ٦٤٦٢، ٦٧٤٥، ٦٧٦٤، ٧٨٧٤].
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: (أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ). قَالَ: فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى مَكَانٍ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ ﷺ، وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
[٤١٥، ٦٣٦، ٦٥٤، ٨٠٣، ٨٠٤، ١١٣٠، ٤٧٨٧، ٥٠٨٦، ٦٠٥٩، ٦٥٣٩].
وَصَلَّى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فِي مَسْجِدِهِ فِي دَارِهِ جَمَاعَةً.
أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإِذَا كَانَتِ الْأَمْطَارُ، سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ). قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: (أَيْنَ تُحِبُّ أن أصلي من بيتك). قال: فأشرت إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فكبر، فقمنا فصصفنا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ: وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ، قَالَ: فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مالك بن الدخيش أو ابن الدخيش؟ فقال بعضه: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ رسول الله ﷺ: (لا تَقُلْ ذَلِكَ، أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ). قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّا نَرَى وجهه ونصحيته إِلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ).
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ، وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حديث محمود بن الربيع، فصدقه بذلك.
[ر: ٤١٤].
(أنكرت بصري) ضغف بصري، أو المراد أنه عمي. (سال الوادي) جرى فيه الماء. (خزيرة) لحم يقطع قطعا صغيرة ويطبخ بالماء، ثم يذر عليه بعد النضج دقيق. (فثاب) جاء. (نرى وجهه) توجهه. (سراتهم) خيارهم، جمع سري وهو المرتفع القدر.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ، فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طهوره وترجله وتنعله.
[ر: ١٦٦].
لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مساجد).
[ر: ١٣٢٤].
وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْقُبُورِ.
وَرَأَى عمر وأنس بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: الْقَبْرَ القبر، ولم يأمره بالإعادة.
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ: ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ، إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شرار الخلق عند الله يوم القيامة).
[٤٢٤، ١٢٧٦، ٣٦٦٠].
(كنيسة) هي معبد النصارى وقيل: هي معبد اليهود.
قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إلى بني النجار، فجاؤوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَ: (يَا بَنِي النَّجَّارِ ثامنوني بحائطكم هذا). قالو: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ،
⦗١٦٦⦘
وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقُبُورِ المشركين فنشبت، ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلا خير الآخرة … فاغفر للأنصار والمهاجرة.
[١٧٦٩، ٢٠٠٠، ٢٦١٩، ٢٦٢٢، ٢٦٢٧، ٣٧١٧].
(متقلدي السيوف) جعلوا حمائلها في أعناقهم كالقلائد، خوفا من اليهود عليه، وليروه استعدادهم لنصرته ﷺ. (ردفه) راكب خلفه. (بفناء) بناحية متسعة أمام الدار. (مرابض) جمع مربض، وهو مأوى الغنم أو غيرها. (ثامنوني بحائطكم) ساوموني ببستانكم وخذوا ثمنه. (خرب) جمع خربة، وهي ما تهدم من البناء. (فنبشت) كشفت وغيبت عظامها في التراب. (عضادتيه) مثنى عضادة، وهما الخشبتان المنصوبتان على يمين الداخل منه وشماله، وأعضاد كل شيء ما يشده حواليه من البناء. (يرتجزون) يقولون الرجز، وهو نوع من الكلام الموزون يشبه الشعر.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي مرابض الغنم، ثم سمعته يَقُولُ: كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَبْلَ أن يبنى المسجد.
[ر: ٢٣٢].
رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي إِلَى بَعِيرِهِ. وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يفعله.
[٤٨٥].
وقال الزهري: أخبرني أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (عرضت علي النار وأنا أصلي).
[ر: ٩٣].
انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثم قال: (رأيت النار، فلم أر منظر كاليوم قط أفظع).
[ر: ٢٩].
⦗١٦٧⦘
عن النبي ﷺ قال:
(اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قبورا).
[١١٣١].
(اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم) صلوا فيها بعض صلواتكم، وهي النوافل. (ولا تتخذوها قبورا) لا تجعلوها مهجورة من الصلاة كالقبور.
وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَرِهَ الصَّلَاةَ بخسف بابل.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ).
[٣١٩٨ – ٣٢٠١، ٤١٥٧، ٤١٥٨، ٤٤٢٥].
(هؤلاء المعذبين) أي لا تدخلوا ديارهم، وهم ثمود قوم صالح عليه السلام، وهم أصحاب الحجر، وهو واد بين المدينة والشام.
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ، مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا، الصُّوَرُ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي الْبِيعَةِ، إِلَّا بِيعَةً فِيهَا تماثيل.
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الْعَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عند الله).
[ر: ٤١٧].
أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عباس قالا: لما نزل رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مساجد). يحذر ما صعنوا.
[١٢٦٥، ١٣٢٤، ٣٢٦٧، ٤١٧٧، ٤١٧٩، ٥٤٧٨].
(نزل) أي نزلت به سكرات الموت. (طفق) جعل وشرع. (يطرح خميصة) يلقي كساء مربعا أسود له أعلام، أي خطوط. (اغتم) تسخن وأخذ بنفسه من شدة الحر. (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) صاروا يصلون إليها، (يحذر ما صنعوا) يحذر أمته أن يصنعوا بقبره مثل ما صنعوا.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا، لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ).
[ر: ٣٢٨].
(أدركته الصلاة) حان عليه وقتها في مكان ما. (أعطيت الشفاعة) العظمة أو غيرها مما اختص به.
أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا فَكَانَتْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ، عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ، قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ، أَوْ وَقَعَ مِنْهَا، فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ
⦗١٦٩⦘
مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ، قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، قَالَتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ، قَالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ، حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا، قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ، إِذْ مَرَّتِ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ، قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ، زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ، قَالَتْ: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَسْلَمَتْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي، قَالَتْ: فَلَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا، إِلَّا قَالَتْ:
وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا … أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ، لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إِلَّا قُلْتِ هَذَا؟ قَالَتْ: فحدثتني بهذا الحديث.
[٣٦٢٣].
وَقَالَ أَبُو قلابة، عن أنس: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ، عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فكانوا في الصفة.
[ر: ٦٤١٩].
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: كان أصحاب الصفة الفقراء.
[ر: ٥٧٧].
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ، وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ.
[١٠٧٠، ١١٠٥، ٣٥٣٠، ٣٥٣١، ٦٦١٣، ٦٦٢٥، ٦٦٢٦].
جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ:
⦗١٧٠⦘
(أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ). قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِإِنْسَانٍ: (انْظُرْ أَيْنَ هُوَ). فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: (قم أبا تراب، قم أبا تراب).
[٣٥٠٠، ٥٨٥١، ٥٩٢٤].
(يقل) من القيلولة، وهي النوم نصف النهار. (لإنسان) قال في فتح الباري: يظهر لي أنه سهل راوي الحديث، لأنه لم يذكر أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غيره. (راقد) نائم. (شقه) جانبه.
رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رجل إلا عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ، كراهية أن ترى عورته.
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأَ بالمسجد فصلى فيه.
[ر: ٤١٥٦].
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ضُحًى، فَقَالَ: (صَلِّ رَكْعَتَيْنِ). وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي.
[١٩٩١، ٢١٨٥، ٢٢٥٥، ٢٢٦٤، ٢٣٣٨، ٢٤٦٣، ٢٥٦٩، ٢٧٠٦، ٢٨٠٥، ٢٩٢١، ٢٩٢٣، ٢٩٢٤، ٣٨٢٦، ٤٧٩١، ٤٧٩٢، ٤٩٤٧ – ٤٩٤٩، ٥٠٥٢، ٦٠٢٤].
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ).
[١١١٠].
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مالم يحدث فيه، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
[٦٢٨، ٣٠٥٧].
(تصلي) تدعو له بالرحمة. (ما لم يحدث) ما لم يحصل منه ما ينقض الوضوء، أو يمنع من الصلاة.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زخرفت اليهود والنصارى.
أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حجارة منقوشة، وسقفه بالساج.
وقول الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ، إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
⦗١٧٢⦘
وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ /التوبة: ١٧، ١٨/.
عَنْ عِكْرِمَةَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْنَا، فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فرآه النَّبِيُّ ﷺ، فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: (وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ). قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بالله من الفتن.
[٢٦٥٧].
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى امْرَأَةٍ: (مُرِي غلامك النجار، يعمل لي أعواد، أجلس عليهن).
[ر: ٣٧٠].
أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتِ). فَعَمِلَتِ الْمِنْبَرَ.
[٨٧٦، ١٩٨٩، ٣٣٩١، ٣٣٩٢].
أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ، عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ ﷺ: إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:
⦗١٧٣⦘
(مَنْ بَنَى مَسْجِدًا – قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ).
(بنى مسجد الرسول) بالحجارة وغيرها كما مر. (أكثرتم) الكلام في الإنكار على ما فعلته.
أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أمسك بنصالها).
[٦٦٦٢، ٦٦٦٣].
(امسك بنصالها) ضع يدك على نصالها، جمع نصل، وهو ما يجرح منها، والغرض حتى لا يخدش بها أحدا دون قصد.
سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا، أَوْ أَسْوَاقِنَا، بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لَا يَعْقِرْ بكفه مسلما).
[٦٦٦٤].
أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نعم.
[٣٠٤٠، ٥٨٠٠].
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا
⦗١٧٤⦘
عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ. زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ.
[٩٠٧، ٩٠٩، ٩٤٤، ٢٧٥٠، ٣٣٣٧، ٣٧١٦، ٤٨٩٤، ٤٩٣٨].
(الحبشة) هم جنس من السودان مشهور. (بحرابهم) جمع حربة وهي رمح صغير عريض النصل.
أتت بريرة تسألها في متابها، فقالت: ‘ن شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي، وَقَالَ أَهْلُهَا: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ – وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا – وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذكرته ذلك، فقال: (ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ). ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ – وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ – فَقَالَ: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ).
قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى، وَعَبْدُ الوهاب، عن يحيى، عن عمرة. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سمعت عمرة قالت: سمعت عائشة. رواه مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ: أَنَّ بَرِيرَةَ، ولم يذكر: صعد المنبر.
[١٤٢٢، ٢٠٤٧، ٢٠٦٠، ٢٣٩٩، ٢٤٢١، ٢٤٢٢، ٢٤٢٤ – ٢٤٢٦، ٢٤٣٩، ٢٥٦٨، ٢٥٧٦، ٢٥٧٩، ٢٥٨٤، ٤٩٨٠، ٦٣٣٩، ٦٣٧٠، ٦٣٧٣، ٦٣٧٧، ٦٣٧٩].
⦗١٧٥⦘
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ:
أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: (يَا كَعْبُ). قَالَ: (لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا). وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: (قم فاقضه).
[٤٥٩، ٢٢٨٦، ٢٢٩٢، ٢٥٥٩، ٢٥٦٣].
(تقاضى) طلب بالوفاء. (سجف) ستر، وقيل: الستران المقرونان بينهما فرجة. (أومأ) أشار. (الشطر) النصف.
أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ، أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ، كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: (أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، أَوْ قَالَ قَبْرِهَا). فَأَتَى قَبْرَهَا فصلى عليها.
[٤٤٨، ١٢٧٢].
(امرأة سوداء) ورد أن اسمها أم محجن. (يقم المسجد) يكنسه ويلتقط منه الأوساخ. (آذنتموني) أعلمتموني حتى أصلي عليه.
لَمَّا نزلت الْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ.
[١٩٧٨، ٢١١٣، ٤٢٦٦ – ٤٢٦٩].
(الآيات) من قوله تعالى: ﴿الذين يأكلون الربا … إلى قوله: لا تظلمون ولا تظلمون﴾ /٢٧٥ – ٢٧٩/.
(حرم تجارة الخمر) لأنها نوع من التعامل بالمحرم، ووسيلة من وسائل الوقوع فيه. والظاهر أن تحريم التجارة بالخمر لم تكن مقارنة لتحريم شربه.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بطني محررا﴾ /آل عمران: ٣٥/: للمسجد يخدمه.
أَنَّ امْرَأَةً، أَوْ رَجُلًا، كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، وَلَا أُرَاهُ إِلَّا امْرَأَةً، فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ صَلَّى على قبره.
[ر: ٤٤٦].
(إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا – لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سليمان: ﴿رب اغفر لي وهب لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾). قال روح: فرده خاسئا.
[١١٥٢، ٣١١٠، ٣٢٤١، ٤٥٣٠].
(تفلت) عرض لي فلتة، أي بغتة في سرعة. (البارحة) هي أقرب ليلة مضت. (سارية) أسطوانة ودعامة. (فذكرت ..) أي فتركته ولم أربطه لما ذكرت ذلك. (لا ينبغي لأحد) لا يكون لأحد من البشر /ص: ٣٥/. (خاسئا) مطرودا ذليلا.
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ.
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ). فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ محمدا رسول الله.
[٤٥٧، ٢٢٩٠، ٢٢٩١، ٤١١٤].
أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ، وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قبلكم؟ فإذا سعد يغدو جرحه دما، فمات فيها.
[٣٦٨٨، ٣٨٩٦].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ على بعير.
[ر: ١٥٣٠].
شَكَوْتُ إِلَى رسول الله ﷺ أني أَشْتَكِي، قَالَ: (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). فَطُفْتُ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي إلى جنب البيت، يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
[١٥٤٠، ١٥٤٦، ١٥٥٢، ٤٥٧٢].
(أشتكي) أتوجع. (يقرأ بالطور) أي بسورة الطور التي تبدأ بهذه الجمل.
أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ، يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا، صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ منهما واحد، حتى أتى أهله.
[٣٤٤٠، ٣٥٩٤].
خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ
⦗١٧٨⦘
خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عند الله). فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وماله أبي بكر، ولو كنت متخذ خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ).
[٣٤٥٤، ٣٦٩١].
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مات فيه، عاصبا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، غَيْرَ خوخة أبي بكر).
[٣٤٥٦، ٣٤٥٧، ٦٣٥٧].
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قال لي ابن ملكية: يَا عَبْدَ الْمَلِكِ، لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عباس وأبوابها.
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِمَ مَكَّةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَفَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ، وَبِلَالٌ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعُثْمَانُ بن أبي طَلْحَةَ، ثُمَّ أَغْلَقَ الْبَابَ، فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجُوا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلَالًا، فَقَالَ: صَلَّى فِيهِ، فَقُلْتُ: فِي أَيٍّ؟ قال: بين الأسطوانتين. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كم صلى.
[ر: ٣٨٨].
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فربطوه بسارية من سواري المسجد.
[ر: ٤٥٠].
كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ، فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا، أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى: (يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يَا كَعْبُ). قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ: (ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ). قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قم فاقضه).
[ر: ٤٤٥].
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: (مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى). وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اجْعَلُوا
⦗١٨٠⦘
آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمر به.
(ما ترى) أعلمني عن حالها وحكمها. (مثنى مثنى) ركعتين ركعتين. (خشي الصبح) خلف طلوع الفجر. (فأوترت) جعلته وترا، والوتر الفرد. (آخر صلاتكم) أي قبل النوم أو قبل طلوع الفجر.
أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: (مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ).
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.
[٩٤٦، ٩٤٨، ٩٥٠، ١٠٨٦].
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَهَبَ وَاحِدٌ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فَجَلَسَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ).
[ر: ٦٦].
أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يفعلان ذلك.
[٥٦٢٤، ٥٩٢٩].
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ.
أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذلك أشراف قريش من المشركين.
[٢٠٣١، ٢١٤٤، ٢١٤٥، ٢١٧٥، ٣٦٩٢ – ٣٨٩٤، ٣٨٦٦، ٣٨٦٧، ٥٤٧٠، ٥٧٢٩].
وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ الباب.
(صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى الْمَسْجِدَ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رفعه الله بها درحة، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي – يَعْنِي – عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ).
[٦٢٠، ٢٠١٣، وانظر: ٦٢١].
(الجميع) الجماعة، وهي في المسجد أفضل. (صلاته في بيته) منفردا. (فأحسن) أسبغ الوضوء وأتى بسننه وآدابه. (حط) محي عنه. (تحبسه) تمنعه من الخروج من المسجد.
شَبَكَ النَّبِيُّ ﷺ أَصَابِعَهُ.
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي، فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِي وَاقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر، كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ الناس). بهذا.
(إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا). وشبك أصابعه.
[١٣٦٥، ٢٣١٤، ٥٦٨٠، ٥٦٨١، ٧٠٣٨].
(المؤمن للمؤمن) أي حال المؤمن في تعاونه مع المؤمن.
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ – قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا – قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: (لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ). فَقَالَ: (أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ). فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ
⦗١٨٣⦘
رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثم سلم.
[٦٨٢، ٦٨٣، ١١٦٩ – ١١٧٢، ٥٧٠٤، ٦٨٢٣].
(صلاتي العشي) هو من أول الزوال إلى الغروب أي صلاة الظهر أو العصر. (فاتكأ) اعتمد. (السرعان) أوائل الناس الذين يتسارعون في الخروج. (فربما سألوه) أي سألوا ابن سيرين: هل في الحديث: ثم سلم. (فيقول) أي ابن سيرين.
رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ.
وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ. وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا، إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مسجد بشرف الروحاء.
أَنّ رسول الله ﷺ، كان يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ، تَحْتَ سَمُرَةٍ، فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ، كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ، وَلَا عَلَى الْأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ، الَّذِي كَانَ عَبْدُ الله يصلي فيه.
⦗١٨٤⦘
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ، الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ، يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ، حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الذي عند منتصف الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ، دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مسجد، فلم يكن عبد الله يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ. وكان عبد الله بروح مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ، أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ، عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، كان يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ، دُونَ الرُّوَيْثَةِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ، فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الوريثة بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا، وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، صلى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ، عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أو ثلاثة، على القبور ضم مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ، بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ،
⦗١٨٥⦘
فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ، هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ، وَهِيَ أطولهن.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ، حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ، يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رمية بحجر.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى، وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ، الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الْأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ ﷺ أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الْأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجبل الذي بينك وبين الكعبة.
[١٤٤٣].
(بذي الحليفة) اسم موضع قريب من المدينة، ويسمى الآن آبار علي، وهو ميقات أهل المدينة. (سمرة) شجرة ذات شوك. (بطن واد) وادي العقيق. (بالبطحاء) المسيل الواسع المجتمع فيه صغار الحصى من سيل الماء. (شفير) طرف. (فعرس ثم) نزل آخر الليل ليستريح ونام هناك. (المسجد الذي بحجارة) على تل من حجر. (الأكمة) الموضع المرتفع عما حوله. (خليج) واد له عمق. (كثب) جمع كثيب، وهو رمل مجتمع. (فدحا السيل) دفع فيه، من الدحو وهو البسط. (العرق) الجبل الصغير، أو اسم لواد معروف بعرق الظبية. (منصرف الروحاء) آخرها. (السحر) وقت ما بين الفجر الكاذب والفجر الصادق. (سرحة) شجرة. (الرويثة) قرية على طريق مكة من المدينة. (وجاه الطريق) مقابلها. (بطح) واسع. (دوين الرويث) تصغير دون، تحتها أو قريب منها. (تلعة) أرض مرتفعة عريضة يتردد فيها السيل، والتلعة أيضا مجرى السيل من أعلى الوادي، وما انهبط من الأرض. (العرج) قرية على الطريق بين مكة والمدينة. (هضبة) فوق الكثيب في الاتفارع دون الجبل. (رضم) صخور بعضها فوق بعض. (سلمات) صخرات، وبفتح اللام: شجرات يدبغ بورقها الجلد. (هرشي) جبل على ملتقى طريق المدينة والشام، قريب من الجحفة وهي اليوم [رابغ]. (بكراع) بطرف. (غلوة) غاية بلوغ السهم. (مر الظهران) واد تسمية العامة بطن مرو، قريب من عرفة. (الصفراوات) جمع صفراء، وهي الأودية أو الجبال التي بعد مر الظهران. (بذي طوى) اسم موضع بمكة. (فرضتي) مثنى فرضة، وهي مدخل الطريق إلى الجبل].