قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ انْضَافَ إلَى يَهُودَ، مِمَّنْ سُمِّيَ لَنَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مِنْ الْأَوْسِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي لَوْذَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: زُوَيُّ بْنُ الْحَارِثِ.
(من بنى حبيب):
وَمن بنى حبيب بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: جُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَخُوهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ.
(شَيْءٌ عَنْ جُلَاسَ):
وَجُلَاسُ الَّذِي قَالَ- وَكَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ- لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنْ الْحُمُرِ. فَرَفَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، أَحَدُهُمْ، وَكَانَ فِي حِجْرِ جُلَاسَ، خَلَفَ جُلَاسَ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ: وَاَللَّهِ يَا جُلَاسُ، إنَّكَ لَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، وَأَحْسَنُهُمْ عِنْدِي يَدًا، وَأَعَزُّهُمْ عَلَيَّ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلَقَدْ قُلْتَ مَقَالَةً لَئِنْ رَفَعْتُهَا عَلَيْكَ لَأَفْضَحَنَّكَ، وَلَئِنْ صَمَتُّ عَلَيْهَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَلِيمُ: الْمُوجِعُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إبِلًا:
وَتَرْفَعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلَاتٍ … يَصُكُّ وُجُوهَهَا وَهَجٌ [١] أَلِيمُ [٢] وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَزَعَمُوا أَنَّهُ تَابَ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، حَتَّى عُرِفَ مِنْهُ الْخَيْرُ وَالْإِسْلَامُ.
(شَيْءٌ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ):
وَأَخُوهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، الَّذِي قَتَلَ الْمُجَذَّرَ بْنَ ذِيَادٍ الْبَلَوِيَّ، وَقَيْسَ بْنَ زَيْدٍ، أَحَدَ بَنِي ضُبَيْعَةَ، يَوْمَ أُحُدٍ. خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مُنَافِقًا، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ عَدَا عَلَيْهِمَا، فَقَتَلَهُمَا ثُمَّ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ قَتَلَ سُوَيْدَ بْنَ صَامِتٍ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ طَلَبَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ غُرَّةَ الْمُجَذَّرِ بْنِ ذِيَادٍ، لِيَقْتُلهُ بِأَبِيهِ، فَقَتَلَهُ وَحْدَهُ، وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ قَيْسَ بْنَ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ إسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، قَتَلَ سُوَيْدَ بْنَ صَامِتٍ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ غِيلَةً، فِي غَيْرِ حَرْبٍ، رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ قَبْلَ يَوْمِ بُعَاثٍ.
[٢] فِي لِسَان الْعَرَب (مَادَّة ألم): «خدودها» .
(مِنْ بَنِي ضَبِيعَةَ):
وَمِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: بِجَادُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ.
(مِنْ بَنِي لَوْذَانَ):
وَمِنْ بَنِي لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيمَا بَلَغَنِي: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشَّيْطَانِ، فَلْيَنْظُرْ إلَى نَبْتَلَ بْنِ الْحَارِثِ، وَكَانَ رَجُلًا جَسِيمًا أَذْلَمَ [١] ثَائِرَ [٢] شَعْرِ الرَّأْسِ أَحْمَرَ.
الْعَيْنَيْنِ أَسْفَعَ [٣] الْخَدَّيْنِ وَكَانَ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتَحَدَّثُ إلَيْهِ فَيَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْقُلُ حَدِيثَهُ إلَى الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: إنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ، مَنْ حَدَّثَهُ شَيْئًا صَدَّقَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ٩: ٦١.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ رِجَالِ بَلْعِجْلَانَ أَنَّهُ حُدِّثَ: أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ إنَّهُ يَجْلِسُ إلَيْكَ رَجُلٌ أَذْلَمُ، ثَائِرُ شَعْرِ الرَّأْسِ، أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ أَحْمَرُ الْعَيْنَيْنِ، كَأَنَّهُمَا قِدْرَانِ مِنْ صُفْرٍ، كَبِدُهُ
[٢] ثَائِر شعر الرَّأْس: أَي مُرْتَفعَة منتزه.
[٣] السفعة: حمرَة تضرب إِلَى السوَاد.
(مِنْ بَنِي ضَبِيعَةَ):
وَمِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ [١]: أَبُو حَبِيبَةَ بْنُ الْأَزْعَرِ، وَكَانَ مِمَّنْ بَنَى مَسْجِدَ الضِّرَارِ وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ، وَمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَهُمَا اللَّذَانِ عَاهَدَا اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ، إلَخْ الْقِصَّةِ. وَمُعَتِّبٌ الَّذِي قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ ٣: ١٥٤ …
يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا ٣: ١٥٤ إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ. وَهُوَ الَّذِي قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَحَدُنَا لَا يَأْمَنُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْغَائِطِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ٣٣: ١٢ وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ.
(مُعَتِّبٌ وَابْنَا حَاطِبٍ بَدْرِيُّونَ وَلَيْسُوا مُنَافِقِينَ):
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَثَعْلَبَةُ وَالْحَارِثُ ابْنَا حَاطِبٍ، وَهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَيْسُوا مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَكَرَ لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ نَسَبَ ابْنُ إسْحَاقَ ثَعْلَبَةَ وَالْحَارِثَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ فِي أَسْمَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَعَبَّادُ بْنُ حُنَيْفٍ، أَخُو سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَبَحْزَجُ، وَهُمْ مِمَّنْ كَانَ بَنَى مَسْجِدَ الضِّرَارِ، وَعَمْرُو بْنُ خِذَامٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلَ.
(مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ):
وَمِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: جَارِيَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْعَطَّافِ، وَابْنَاهُ:
زَيْدٌ وَمُجَمَّعٌ، ابْنَا جَارِيَةَ، وَهُمْ مِمَّنْ اتَّخَذَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ. وَكَانَ مُجَمَّعٌ غُلَامًا حَدَثًا قَدْ جَمَعَ مِنْ الْقُرْآنِ أَكْثَرَهُ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِيهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا أُخْرِبَ الْمَسْجِدُ، وَذَهَبَ
فَزَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ تَرَكَهُ فَصَلَّى بِقَوْمِهِ.
(مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ):
وَمِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ: وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ مِمَّنْ بَنَى مَسْجِدَ الضِّرَارِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ ٩: ٦٥ … إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.
(مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ):
وَمِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ: خِذَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ الَّذِي أُخْرِجَ مَسْجِدُ الضِّرَارِ مِنْ دَارِهِ، وَبِشْرٌ وَرَافِعٌ، ابْنَا زَيْدٍ [١] .
(مِنْ بَنِي النَّبِيتِ):
وَمِنْ بَنِي النَّبِيتِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: النَّبِيتُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ- قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ: مِرْبَعُ بْنُ قَيْظِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَيْنَ أَجَازَ فِي حَائِطِهِ [٢] وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامِدٌ إلَى أُحُدٍ:
لَا أُحِلُّ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، إنْ كُنْتَ نَبِيًّا، أَنْ تَمُرَّ فِي حَائِطِي، وَأَخَذَ فِي يَدِهِ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَا أُصِيبُ بِهَذَا التُّرَابِ غَيْرَكَ لَرَمَيْتُكَ بِهِ، فَابْتَدَرَهُ الْقَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دَعُوهُ، فَهَذَا الْأَعْمَى، أَعْمَى الْقَلْبِ، أَعْمَى الْبَصِيرَةِ. فَضَرَبَهُ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ، أَخُو
[٢] الْحَائِط: الْبُسْتَان.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَوْرَةٌ، أَيْ مُعْوَرَةٌ لِلْعَدُوِّ وَضَائِعَةٌ، وَجَمْعُهَا: عَوْرَاتٌ.
قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
مَتَى تَلْقَهُمْ لَا تَلْقَ لِلْبَيْتِ عَوْرَةً … وَلَا الْجَارَ مَحْرُومًا وَلَا الْأَمْرَ ضَائِعًا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ. وَالْعَوْرَةُ (أَيْضًا): عَوْرَةُ الرَّجُلِ، وَهِيَ حُرْمَتُهُ.
وَالْعَوْرَةُ (أَيْضًا) السَّوْأَةُ.
(مِنْ بَنِي ظُفَرَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمِنْ بَنِي ظَفَرٍ، وَاسْمُ ظَفَرٍ: كَعْبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ حَاطِبُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ شَيْخًا جَسِيمًا قَدْ عَسَا [١] فِي جَاهِلِيَّتِهِ وَكَانَ لَهُ ابْنٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ. يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ حَاطِبٍ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى أَثَبَتَتْهُ الْجِرَاحَاتُ، فَحُمِلَ إلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ إلَيْهِ مَنْ بِهَا مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ وَنِسَائِهِمْ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ أَبْشِرْ يَا بن حَاطِبٍ بِالْجَنَّةِ. قَالَ فَنَجَمَ [٢] نِفَاقُهُ حِينَئِذٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ أَبُوهُ أَجَلْ جَنَّةٌ وَاَللَّهِ مِنْ حَرْمَلٍ، غَرَرْتُمْ وَاَللَّهِ هَذَا الْمِسْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَبُشَيْرُ [٣] بْنُ أُبَيْرِقٍ، وَهُوَ أَبُو طُعْمَةَ، سَارِقُ الدِّرْعَيْنِ، الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّانًا أَثِيمًا [٤] ٤: ١٠٧، وَقُزْمَانُ: حَلِيفٌ لَهُمْ.
[٢] نجم: ظهر.
[٣] قَالَ أَبُو ذَر: كَذَا وَقع هُنَا (بشير) بِفَتْح الْبَاء. وَقَالَ الدارقطنيّ: إِنَّمَا هُوَ (بشير) بِضَم الْبَاء.
[٤] وقصة ذَلِك: أَن بنى أُبَيْرِق، وَكَانُوا ثَلَاثَة: بشير ومبشر وَبشر، نقبوا مشربَة، أَو نقبها بشر وَحده، وَكَانَت الْمشْربَة لِرفَاعَة بن زيد، وسرقوا أدراعا لَهُ وَطَعَامًا، فعثر على ذَلِك، فجَاء ابْن أَخِيه قَتَادَة بن النُّعْمَان يشكوهم إِلَى رَسُول الله ﷺ، فجَاء أسيد بن عُرْوَة بن أُبَيْرِق إِلَى رَسُول
(مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ يَعْلَمُ، إلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ ثَابِتٍ، أَحَدِ بَنِي كَعْبٍ، رَهْطِ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ، قَدْ كَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَحُبِّ يَهُودَ.
قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
مَنْ مُبْلِغُ الضَّحَّاكَ أَنَّ عُرُوقَهُ … أَعْيَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنْ تَتَمَجَّدَا
وَمَا سَارِق الدرعين إِذْ كنت ذَاكِرًا … بِذِي كرم بَين الرِّجَال أوادعه
وَقد أنزلته بنت سعد فَأَصْبَحت … ينازعها جَار استها وتنازعه
ظننتم بِأَن يخفى الّذي قد صَنَعْتُم … وَفِيكُمْ نَبِي عِنْده الْوَحْي وَاضعه
فَقَالَت: إِنَّمَا أهديت لي شعر حسان، وَأخذت رَحْله، وطرحته خَارج الْمنزل، فهرب إِلَى خَيْبَر، ثمَّ إِنَّه نقب بَيْتا ذَات لَيْلَة، فَسقط الْحَائِط عَلَيْهِ فَمَاتَ.
[١] عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ الظفري أَبُو عَمْرو الْمدنِي. وَثَّقَهُ ابْن معِين وَابْن سعد وَقَالَ: كَانَ لَهُ علم بالسيرة توفى، سنة عشْرين وَمِائَة، أَو سبع وَعشْرين أَو تسع وَعشْرين.
[٢] فِي أ: «تِسْعَة» .
[٣] الرواهش: عصب ظَاهر الْيَد وعروق فِي بطن الذِّرَاع «التَّاج» .
دِينًا لَعَمْرِي لَا يُوَافِقُ دِينَنَا … مَا اسْتَنَّ آلٌ فِي الْفَضَاءِ وَخَوَّدَا
وَكَانَ جُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ قَبْلَ تَوْبَتِهِ- فِيمَا بَلَغَنِي- وَمُعَتِّبُ ابْن قُشَيْرٍ، وَرَافِعُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِشْرٌ، وَكَانُوا يُدْعَوْنَ بِالْإِسْلَامِ، فَدَعَاهُمْ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَدَعَوْهُمْ إلَى الْكُهَّانِ، حُكَّامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِمْ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا ٤: ٦٠ … إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.
(مِنَ الْخَزْرَجِ):
وَمِنْ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: رَافِعُ بْنُ وَدِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، وَقَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ.
(مِنْ بَنِي جُشَمَ):
وَمِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، ائْذَنْ لِي، وَلَا تَفْتِنِّي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي، وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ … ٩: ٤٩. إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.
(مِنْ بَنِي عَوْفٍ):
وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَكَانَ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ وَإِلَيْهِ يَجْتَمِعُونَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. وَفِي قَوْلِهِ ذَلِكَ، نَزَلَتْ سُورَةُ الْمُنَافِقِينَ بِأَسْرِهَا. وَفِيهِ وَفِي وَدِيعَةَ- رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَوْفٍ- وَمَالِكِ بْنِ أَبِي قَوْقَلَ، وَسُوَيْدٍ، وَدَاعِسٌ، وَهُمْ مِنْ رَهْطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ. فَهَؤُلَاءِ النَّفَرُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَدُسُّونَ إلَى بَنِي النَّضِيرِ حَيْنَ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَن اثبتوا، فو الله لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا
مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ نِفَاقًا
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ [١]: وَكَانَ مِمَّنْ تَعَوَّذَ بِالْإِسْلَامِ، وَدَخَلَ فِيهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَظْهَرَهُ وَهُوَ مُنَافِقٌ، مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ.
(مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ):
مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ: سَعْدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ، وَنُعْمَانُ بْنُ أَوْفَى بْنُ عَمْرٍو، وَعُثْمَانُ بْنُ أَوْفَى. وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ، الَّذِي قَاتَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ، حَيْنَ ضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَجَاءَهُ الْخَبَرُ بِمَا قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ فِي رَحْلِهِ، وَدَلَّ اللَّهُ تبارك وتعالى رَسُولَهُ ﷺ عَلَى نَاقَتِهِ «إنَّ قَائِلًا قَالَ:
يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ، وَلَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ؟ وَإِنِّي وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُ إلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ، وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، فَهِيَ فِي هَذَا الشِّعْبِ، قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا، فَذَهَبَ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدُوهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَكَمَا وَصَفَ. وَرَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ الرَّسُولُ ﷺ فِيمَا بَلَغَنَا- حَيْنَ مَاتَ: قَدْ مَاتَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ، وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَيْنَ
(طَرْدُ الْمُنَافِقِينَ مِنْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ ﷺ:
وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ يَحْضُرُونَ الْمَسْجِدَ فَيَسْتَمِعُونَ أَحَادِيثَ الْمُسلمين، ويسخرون ويستهزءون بِدِينِهِمْ، فَاجْتَمَعَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْهُمْ نَاسٌ، فَرَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، خَافِضِي أَصْوَاتَهُمْ، قَدْ لَصِقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأُخْرِجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ، خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْب، إِلَى عمر بْنِ قَيْسٍ، أَحَدِ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ- كَانَ صَاحِبَ آلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَحَبَهُ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتُخْرِجُنِي يَا أَبَا أَيُّوبَ مِنْ مِرْبَدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ أَيْضًا إلَى رَافِعِ بْنِ وَدِيعَةَ، أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ فَلَبَّبَهُ بِرِدَائِهِ ثمَ نَتَرَهُ [١] نَتْرًا شَدِيدًا، وَلَطَمَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَبُو أَيُّوبَ يَقُولُ لَهُ: أُفٍّ لَكَ مُنَافِقًا خَبِيثًا: أَدْرَاجَكَ يَا مُنَافِقُ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَيْ ارْجِعْ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي جِئْتَ مِنْهَا. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَوَلَّى وَأَدْبَرَ أَدْرَاجَهُ … وَقَدْ بَاءَ بِالظُّلْمِ مَنْ كَانَ ثَمَّ [٢]
وَقَامَ عِمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ إلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَادَهُ بِهَا قَوْدًا عَنِيفًا حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ جَمَعَ عِمَارَةُ يَدَيْهِ فَلَدَمَهُ بِهِمَا فِي صَدْرِهِ لَدْمَةً خَرَّ مِنْهَا. قَالَ: يَقُولُ: خَدَشْتَنِي يَا عِمَارَةُ، قَالَ:
[٢] هَذِه الْعبارَة من قَوْله: قَالَ ابْن هِشَام، إِلَى آخر الْبَيْت، سَاقِطَة فِي أ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اللَّدْمُ: الضَّرْبُ بِبَطْنِ الْكَفِّ. قَالَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ:
وَلِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ … لَدْمَ الْوَلِيدِ وَرَاءَ الْغَيْبِ بِالْحَجَرِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْغَيْبُ: مَا انْخَفَضَ مِنْ الْأَرْضِ. وَالْأَبْهَرُ: عِرْقُ الْقَلْبِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، كَانَ بَدْرِيًّا، وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَصْرَمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ إلَى قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، وَكَانَ قَيْسٌ غُلَامًا شَابًّا، وَكَانَ لَا يُعْلَمُ فِي الْمُنَافِقِينَ شَابٌّ غَيْرُهُ، فَجَعَلَ يَدْفَعُ فِي قَفَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ.
وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَلْخُدْرَةَ [١] بْنِ الْخَزْرَجِ، رَهْطِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يُقَالُ لَهُ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، حَيْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِإِخْرَاجِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ، فَأَخَذَ بِجُمَّتِهِ فَسَحَبَهُ بِهَا سَحْبًا عَنِيفًا، عَلَى مَا مَرَّ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ. قَالَ:
يَقُولُ الْمُنَافِقُ: لَقَدْ أَغْلَظْتَ يَا بن الْحَارِثِ، فَقَالَ لَهُ، إنَّكَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، أَيْ عَدُوُّ اللَّهِ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّكَ نَجِسٌ.
وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى أَخِيهِ زُوَيِّ بْنِ الْحَارِثِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، وَأَفَّفَ [٢] مِنْهُ، وَقَالَ: غَلَبَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ وَأَمْرُهُ.
فَهَؤُلَاءِ مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ يَوْمئِذٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِإِخْرَاجِهِمْ.
«وَقَامَ رجل من بلبجرة، صَوَابه: من بلأبجر، يُرِيد بنى الأبجر، فَحذف، كَمَا يُقَال فِي بنى الْحَارِث:
بلحارث. وَقد يخرج مَا ذكر على نقل الْحَرَكَة. وَرَوَاهُ بَعضهم بلخدرة، يُرِيد بنى الخدرة» .
[٢] أفف مِنْهُ، أَي قَالَ لَهُ: أُفٍّ.
٣٤- سيرة ابْن هِشَام- ١