إسْلَامُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَشَأْنُهُ

(نَسَبُهُ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَاسْمُهُ عَتِيقٌ، وَاسْمُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُ أَبِي بَكْرٍ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَتِيقٌ: لَقَبٌ لِحَسَنٍ وَجْهُهُ وَعِتْقُهُ [١]

(إِسْلَامُهُ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَظْهَرَ إسْلَامَهُ، وَدَعَا إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ.


[()] فكفوا من الوجد الّذي قد شجاكم … وَلَا تعملوا فِي الأَرْض نَص الأباعر
فإنّي بِحَمْد الله فِي خير أسرة … كرام معد كَابِرًا بعد كَابر
فَبلغ أَبَاهُ، فجَاء هُوَ وَعَمه كَعْب، حَتَّى وَقفا على رَسُول الله ﷺ بِمَكَّة، وَذَلِكَ قبل الْإِسْلَام، فَقَالَا لَهُ: يَا بن عبد الْمطلب: يَا بن سيد قومه، أَنْتُم جيران الله، وتفكون العاني، وتطعمون الجائع، وَقد جئْتُك فِي ابننا عَبدك، فتحسن إِلَيْنَا فِي فدائه، فَقَالَ: أوغير ذَلِك؟ فَقَالَا: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: أَدْعُوهُ، وأخيره، فَإِن اختاركما فَذَاك، وَإِن اختارني فو الله مَا أَنا بِالَّذِي أخْتَار على من اختارني أحدا، فَقَالَا لَهُ:
قد زِدْت على النّصْف، فَدَعَاهُ رَسُول الله ﷺ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: من هَذَانِ؟ فَقَالَ: هَذَا أَبى حَارِثَة بن شرَاحِيل، وَهَذَا عمى كَعْب بن شرَاحِيل، فَقَالَ: قد خيرتك: إِن شِئْت ذهبت مَعَهُمَا، وَإِن شِئْت أَقمت معى، فَقَالَ: بل أقيم مَعَك، فَقَالَ لَهُ أَبوهُ: يَا زيد، أتختار العبوديّة على أَبِيك وأمك وبلدك وقومك؟ فَقَالَ: إِنِّي قد رَأَيْت من هَذَا الرجل شَيْئا، وَمَا أَنا بِالَّذِي أفارقه أبدا، فَعِنْدَ ذَلِك أَخذ رَسُول الله ﷺ بِيَدِهِ، وَقَامَ بِهِ إِلَى الْمَلأ من قُرَيْش فَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا ابْني وَارِثا وموروثا.
فطابت نفس أَبِيه عِنْد ذَلِك، وَكَانَ يدعى زيد بن مُحَمَّد، حَتَّى أنزل الله تَعَالَى ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ٣٣: ٥.
[١] وَقيل سمى عتيقا، لِأَن أمه كَانَت لَا يعِيش لَهَا ولد، فنذرت إِن ولد لَهَا ولد أَن تسميه عبد الْكَعْبَة وَتَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهَا فَلَمَّا عَاشَ وشب سمى عتيقا كَأَنَّهُ أعتق من الْمَوْت، وَكَانَ يُسمى أَيْضا عبد الْكَعْبَة إِلَى أَن أسلم، فَسَماهُ رَسُول الله ﷺ: عبد الله. وَقيل سمى عتيقا، لِأَن رَسُول الله ﷺ قَالَ لَهُ حِين أسلم: أَنْت عَتيق من النَّار، وَقيل بل كَانَ لِأَبِيهِ ثَلَاثَة من الْوَلَد: مُعتق ومعيتق وعتيق، وَهُوَ أَبُو بكر.
١ ‏/ ٢٤٩
(مَنْزِلَتُهُ فِي قُرَيْشٍ، وَدَعْوَتُهُ لِلْإِسْلَامِ):
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ [١] رَجُلًا مَأْلَفًا [٢] لِقَوْمِهِ، مُحَبَّبًا سَهْلًا، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ، وَأَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِهَا، وَبِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَكَانَ رَجُلًا تَاجِرًا، ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ يَأْتُونَهُ وَيَأْلَفُونَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرِ، لِعِلْمِهِ وَتِجَارَتِهِ وَحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ، مِمَّنْ يَغْشَاهُ وَيَجْلِسُ إلَيْهِ.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

ذِكْرُ سَرْدِ النَّسَبِ الزَّكِيِّ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، إلَى آدَمَ عليه السلام -2

ذِكْرُ وَلَدِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ (أَوْلَادُهُ فِي رَأْيِ ابْنِ إسْحَاقَ وَابْنِ هِشَامٍ): قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …