مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي ﷺ منا، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي ﷺ وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال: فصعد المنبر، ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم).
[٣٥٩٠]
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أما بعد أيها الناس، فإن الناس يكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم).
[ر: ٨٨٥]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الأنصار كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم).
[ر: ٣٥٨٨]
⦗١٣٨٤⦘
سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يقول:
أهديت للنبي ﷺ حلة حرير، فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال: (أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ خير منها وألين).
رواه قتادة والزهري: سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٠٧٧]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ).
وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مثله. فقال رجل لجابر: فإن البراء يقول: (اهتز السرير). فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي ﷺ يقول: (اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ).
أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه فجاء على حمار، فلما بلغ قريبا من المسجد، قال النَّبِيُّ ﷺ: (قُومُوا إِلَى خيركم، أو سيدكم). فقال: (يا سعد إن هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ). قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فيهم أن تقاتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال: (حكمت بحكم الله، أو: بحكم الملك).
[ر: ٢٨٧٨]
أن رجلين خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ في ليلة مظلمة، وإذا نور بين
⦗١٣٨٥⦘
أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما.
وقال معمر، عن ثابت، عن أنس: إن أسيد بن خضير، ورجلا من الأنصار. وقال حماد: أخبرنا ثابت، عن أنس: كان أسيد بن حضير وعباد ابن بشر عند النبي ﷺ.
[ر: ٤٥٣]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي، ومعاذ بن جبل).
وقالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا صالحا.
[ر: ٤٤٧٣]
قال رسول الله: (خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير). فقال سعد بن عبادة، وكان ذا قدم في الإسلام: أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قد فضل علينا، فقيل له: قد فضلكم على ناس كثير.
[ر: ٣٥٧٨]
ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، سمعت النبي ﷺ يقول: (خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود – فبدأ به – وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب).
[ر: ٣٥٤٨]
⦗١٣٨٦⦘
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأبي: (إن الله يأمرني أن أقرأ عليك: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب﴾). قال: وسماني؟ قال: (نعم). فبكى.
[٤٦٧٦، ٤٦٧٧]
جمع القرآن عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت. قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.
[٤٧١٧، ٤٧١٨]
لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي ﷺ، وأبو طلحة بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ مجوب به عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد القد، يكسر يؤمئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل، فيقول: (انثرها لأبي طلحة). فأشرف النبي ﷺ ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما، تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيآن فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة،
⦗١٣٨٧⦘
إما مرتين وإما ثلاثا.
[ر: ٢٧٢٤]
ما سمعت النبي ﷺ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. قال: وفيه نزلت هذه الآية: ﴿وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله﴾. الآية، قال: لا أدري، قال مالك الآية، أو في الحديث.
كنت جالسا في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج، وتبعته فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة، قال: والله لا ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك: رأيت رؤيا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة – ذكر من سعتها وخضرتها – وسطها عمود من حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في اعلاه عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ، قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فأتاني منصف، فرفع ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلاها، فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك. فاستيقظت وإنها لفي يدي، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: (تلك الروضة الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ
⦗١٣٨٨⦘
الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت). وذلك الرجل عبد الله بن سلام.
وقال لي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: حدثنا قيس بن عباد، عن ابن سلام قال: وصيف مكان منصف.
[٦٦٠٨، ٦٦١٢]
أتيت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله عنه، فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا وتدخل في بيت، ثم قال: إنك بأرض الربا بها فاش، إذا كان لك على رجل حق، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو حمل قت، فلا تأخذه فإنه ربا.
ولم يذكر النضر وأبو داود ووهب، عن شعبة: البيت.
[٦٩١٠]
حَدَّثَنِي صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة).
[ر: ٣٢٤٩]
ما غرت على امرأة للنبي ﷺ ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان
⦗١٣٨٩⦘
ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن.
مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غرت على خديجة، من كثرة ذكر رسول الله ﷺ إياها، قالت: وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره ربه عز وجل، أو جبريل عليه السلام، أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ.
ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكْثِرُ ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: (إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد).
[٤٩٣١، ٥٦٥٨، ٧٠٤٦]
بشر النبي ﷺ خديجة؟ قال: نعم، بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
[ر: ١٥٢٣]
أتى جبريل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
[٧٠٥٨]
⦗١٣٩٠⦘
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة، على رسول الله ﷺ، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: (اللهم هالة). قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرا منها.
ما حجبني رسول الله ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رآني إلا ضحك.
وعن قَيْسٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلصة، وكان يقال له الكعبة اليمانية، أو: الكعبة الشأمية، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هل أنت مريحي من ذي الخلصة). قال: فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس، قال: فكسرنا، وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيناه فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس.
[ر: ٢٨٥٧]
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ هزيمة بينة، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أولاهم على أخراهم فاجتلدت أخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه، فنادى: أي عباد الله أبي أبي، فقالت: فوالله ما احتجزوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قال أبي: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خير حتى لقي الله عز وجل.
[ر: ٣١١٦]
⦗١٣٩١⦘
أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ما كان على ظهر الأرض من أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أهل خبائك، ثم أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وقال: (وأيضا، والذي نفسي بِيَدِهِ). قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ: (لَا أراه إلا بالمعروف).
[ر: ٢٠٩٧]
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بلدح، قبل أن ينزل على النبي ﷺ الوحي، فقدمت إلى النبي ﷺ سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولاآكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله. إنكارا لذلك وإعظاما له.
أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم، يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون
⦗١٣٩٢⦘
حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله. فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئا أبدا، وأنى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين
إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله. فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم.
[٥١٨٠]
رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما، مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معاشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري. وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيكها مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها.
لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ، ذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فقال عباس لِلنَّبِيِّ ﷺ: (اجْعَلْ إِزَارَكَ على رقبتك يقيك من الحجارة، فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثم أفاق فقال: (إزاري إزاري). فشد عليه إزاره.
[ر: ٣٥٧]
لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ حول البيت حائط، كانوا يصلون حول
⦗١٣٩٣⦘
البيت، حتى كان عمر، فبنى حوله حائطا. قال عبيد الله: جدره قصير، فبناه ابن الزبير.
كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي ﷺ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما نزل رمضان كان من شاء صامه، ومن شاء لا يصومه.
[ر: ١٥١٥]
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أشهر الحج من الفجور في الأرض، وكانوا
يسمون الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأثر، حلت العمرة لمن اعتمر. قال: فقدم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ رابعة مهلين بالحج، وأمرهم النبي ﷺ أن يجعلوها عمرة، قالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: (الحل كله).
[ر: ١٤٨٩]
جاء سيل في الجاهلية، فكسا ما بين الجبلين. قال سفيان: ويقول: إن هذا الحديث له شأن.
دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلم، فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة، قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت
⦗١٣٩٤⦘
بكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف، يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس.
أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب رَبِّنَا … أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي.
فلما أكثرت، قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحما، فأخذته، فاتهموني به فعذبوني، حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي، إذ أقبلت الحديا حتى وازت برؤوسنا، ثم ألقته، فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه برئية.
[ر: ٤٢٨]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله). فكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: (لا تحلفوا بآبائكم).
[ر: ٢٥٣٣]
أن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها، ويقولون إذا رأوها: كنت في أهلك ما أنت. مرتين.
قال عمر رضي الله عنه: إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير، فخالفهم النبي ﷺ فأفاض قبل أن تطلع الشمس.
[ر: ١٦٠٠]
﴿وكأسا دهاقا﴾. قال: ملأى متتابعة. قال: وقال ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية: اسقنا كأسا دهاقا.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ، وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يسلم).
[٥٧٩٥، ٦١٢٤]
كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه.
كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة. قال: وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ.
[ر: ٢٠٣٦]
كنا نأتي أنس بن مالك، فيحدثنا عن الأنصار، وكان يقول لي: فعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا، وفعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا.
[ر: ٣٥٦٥]
إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم، استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمر رجل به من بني هاشم، قد انقطعت عروة جوالقه، فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي، لا تنقر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير
لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال، قال: فأين عقاله؟ قال: فحذفه بعصا كان فيها أجله، فمر به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد، وربما شهدته، قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فكنت إذا أنت شهدت الموسم فناد: يا آل قريش، فإذا أجابوك فناد: يا آل بني هاشم، فإن أجابوك، فسل عن أبي طالب فأخبره: أن فلانا قتلني في عقال، ومات المستأجر، فلما قدم الذي استأجره، أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض، فأحسنت القيام عليه، فوليت دفنه، قال: قد كان أهل ذاك منك، فمكث حينا، ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم، فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش، قال: يا آل بني هاشم؟ قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة، أن فلانا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به، فأتى قومه فقالوا: نحلف، فأتته امرأة من بني هاشم، كانت تحت رجل منهم، قد ولدت له، فقالت: يا أبا طالب، أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تصبر
⦗١٣٩٧⦘
يمينه حيث تصبر الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران، فاقبلهما عني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان، فقبلهما، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا، قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول، ومن الثمانية والأربعين عين تطرف.
كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله ﷺ، فقدم رسول الله ﷺ وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، قدمه الله لرسوله ﷺ في دخولهم في الإسلام.
[ر: ٣٥٦٦]
لَيْسَ السعي ببطن الوادي بين الصفا والمروة سنة، إنما كان أهل الجاهلية يسعونها، ويقولون: لا نجيز البطحاء إلا شدا.
يا أيها الناس، اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس، من طاف بالبيت، فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا الحطيم، فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف، فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه.
⦗١٣٩٨⦘
رأيت في الجاهلية قردة اجتمع قردة، قد زنت، فرجموها، فرجمتها معهم.
خلال من خلال الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة، ونسي الثالثة، قال سفيان: ويقولون: إنها الاستسقاء بالأنواء.
محمد، بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة، فهاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين، ثم توفي ﷺ.
[٣٦٨٩، ٣٦٩٠]
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ متوسد بردة وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو الله، فقعد وهو محمر وجهه، فقال: (لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد، ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه، فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الركاب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله).
زاد بيان:
⦗١٣٩٩⦘
(والذئب على غنمه).
[ر: ٣٤١٦]
قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ النجم فسجد، فما بقي أحد إلا سجد، إلا رجل رأيته أخذ كفا من حصا فرفعه فسجد عليه، وقال: هذا يكفيني، فلقد رأيته بعد قتل كافرا بالله.
[ر: ١٠١٧]
بينا النبي ﷺ ساجد، وحوله ناس من قريش، جاء عقبة ابن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي ﷺ، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اللَّهُمَّ عليك الملأ من قريش، أبا جهل بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ ربيعة، وأمية بن خلف، أو أبي بن خلف). – شعبة الشاك – فرأيتهم قتلوا يوم بدر، فألقوا في بئر غير أمية أو أبي، تقطعت أوصاله، فلم يلق في البئر.
[ر: ٢٣٧]
أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال: سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما: ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق﴾. ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا﴾. فسألت ابن عباس فقال: لما أنزلت التي في الفرقان، قال مشركوا أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها آخر، وقد أتينا الفواحش، فأنزل الله: ﴿إلا من تاب وآمن﴾. فهذه لأولئك، وأما التي في النساء: الرجل إذا
⦗١٤٠٠⦘
عرف الإسلام وشرائعه، ثم قتل فجزاؤه جهنم. فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم.
[٤٣١٤، ٤٤٨٤ – ٤٤٨٨]
في التلاوة بتمامها والتي بعدها: ﴿والذين يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا﴾ /الفرقان: ٦٨، ٦٩/. (أثاما) عقوبة على فعله. (يخلد) يبقى باستمرار، أو إلى أمد طويل، حسب جريمته واعتقاده. (مهانا) ذليلا. (قال مشركو مكة ..) أي فلا يقبل منا توبة. (الآية) وتتمتها: ﴿وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾. /الفرقان: ٧٠/. (لأولئك) أي نزلت في حق المشركين وجوابا لهم، وبيانا أن الإسلام يسقط ما قبله من ذنب. (التي في النساء) وهي بتمامها: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾ /النساء: ٩٣/. (متعمدا) قاصدا قتله بغير حق. (خالدا فيها) لا يخرج منها إن استحل قتله، ويبقى فيها طويلا إن اعتقد حرمته. (لعنه) أبعده من رحمته ودخول جنته. (عرف الإسلام) أي أسلم وعرف حرمة قتل النفس في الإسلام. (من ندم) أي فلا يخلد في النار إن عذب فيها.
سألت ابن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي ﷺ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن ابي معيط، فوضع ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ﴿أتقتلون رجلا يقول ربي الله﴾. الآية.
تابعه ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عروة، عن عروة: قلت لعبد الله بن عمرو. وقال عبدة، عن هشام، عن أبيه: قيل لعمرو بن العاص. وقال محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة: حدثني عمرو بن العاص.
[ر: ٣٤٧٥]
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان، وأبو بكر.
[ر: ٣٤٦٠]
ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث الإسلام.
[ر: ٣٥٢٠].
وقول الله تعالى: ﴿قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن﴾ /الجن: ١/.
سألت مسروقا: من آذن النبي ﷺ بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك، يعني عبد الله: أنه آذنت بهم شجرة.
أَنَّهُ كان يحمل مع النبي ﷺ إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: (من هذا). فقال: أنا أبو هريرة، فقال: (ابغني أحجارا أستنفض بها، ولا تأتيني بعظم ولا بروثة). فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي، حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: (هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين، ونعم الجن، فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما).
[ر: ١٥٤]
لما بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوداي فاعلم لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نبي، يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني مما أردت، فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد فالتمس النبي ﷺ
⦗١٤٠٢⦘
ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، فرآه علي فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي ﷺ حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال: أما نال للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان اليوم الثالث، فعاد علي مثل ذلك، فأقام معه ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك، قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت، ففعل فأخبره، قال: فإنه حق، وهو رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا أصبحت فاتبعني، فإني رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل، فانطلق يقفوه حتى دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري). قال: والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ محمدا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه، قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجاركم إلى الشأم، فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه.
[ر: ٣٣٢٨]
والله لقد رأيتني، وإن عمر لموثقي على الإسلام، قبل أن يسلم عمر، ولو أن أحدا ارفض للذي صنعتم بعثمان لكان.
[٣٦٥٤، ٦٥٤٣]
ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
[ر: ٣٤٨١]
بينما هو في الدار خائفا، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك، بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ، قال: لا سبيل إليه، فكر الناس.
لما أسلم عمر، اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار، قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه، فلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل.
ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا
⦗١٤٠٤⦘
على دينه في الجاهلية، أو: لقد كان كاهنهم، علي الرجل، فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك، قال: بينما أنا يوما في السوق، جاءتني فيها الفزع، فقالت: ألن تر الجن وإبلاسها، ويأسها من بعد إنكاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها. قال عمر: صدق، بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا أنت، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي.
لو رأيتني موثقي عمر على الإسلام، أنا وأخته، وما أسلم، ولو أن أحدا انقض لما صنعتم بعثمان، لكان محقوقا أن ينقض.
[ر: ٣٦٤٩]
أن أهل مكة سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهما.
[ر: ٣٤٣٨]
انشق القمر وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بمنى، فقال: (اشهدوا).
⦗١٤٠٥⦘
وذهبت فرقة نحو الجبل.
وقال أبو الضحى، عن مسروق، عن عبد الله: انشق بمكة، وتابعه محمد بن مسلم، عن ابن نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله.
[ر: ٣٤٣٧]
أن القمر انشق على زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٤٣٩]
انشق القمر.
[ر: ٣٤٣٧]
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أريت دار هجرتكم، ذات نخل بين لابتين). فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة.
[ر: ٣٦٩٢]
فيه، عن أبي موسى، وأسماء، عن النبي ﷺ.
[ر: ٣٦٦٣، ٣٩٩٠]
وهي الأرض ذات الحجارة السوداء التي قد لبستها لكثرتها. (أسماء) بنت عميس رضي الله عنها.
ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد بن عقبة، وكان أكثر الناس فيما فعل به، قال عبيد الله: فانتصبت لعثمان حين خرج إلى الصلاة، فقلت له: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة، فقال: أيها المرء، أعوذ بالله منك، فانصرفت، فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى ابن عبد يغوث، فحدثتهما بالذي قلت لعثمان وقال لي، فقالا: قد قضيت الذي كان عليك، فبينما أنا جالس معهما، إذ جاءني رسول عثمان، فقالا لي: قد ابتلاك الله، فانطلقت حتى دخلت عليه، فقال: ما نصيحتك التي ذكرت آنفا؟ قال: فتشهدت، ثم قلت: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ وأنزل عليه الكتاب،
⦗١٤٠٦⦘
وكنت ممن استجاب لله ورسوله ﷺ وآمنت به، وهاجرت الهجرتين الأوليين، وصحبت رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَرَأَيْتُ هديه، وقد أكثر الناس في شأن الوليد بن عقبة، فحق عليك أن تقيم عليه الحد، فقال لي: يا ابن أختي، آدركت رسول الله ﷺ؟ قال: قلت: لا، ولكن قد خلص إلي من علمه إلى العذراء في سترها، قال: فتشهد عثمان فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ورسوله ﷺ، وآمنت بما بعث به محمد ﷺ، وهاجرت الهجرتين الأوليين، كما قلت، وصحبت رسول الله ﷺ وبايعته، والله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم استخلف الله أبا بكر، فوالله ما عصيته ولا غششته، ثم استخلف عمر، فوالله ما عصيته ولا غششته، ثم استخلفت، أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم علي؟ قال: بلى، قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ فأما ما ذكرت من شأن الوليد بن عقبة، فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق، قال: فجلد الوليد أربعين جلدة، وأمر عليا أن يجلده، وكان هو يجلده.
وقال يونس، وابن أخي الزهري، عن الزهري: أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم.
[ر: ٣٤٩٣]
قال أبو عبد الله: ﴿بلاء من ربكم﴾ /البقرة: ٤٩/ و/الأعراف: ١٤١/: ما ابتليتم به من شدة. وفي موضع: البلاء الابتلاء والتمحيص، من بلوته ومحصته، أي استخرجت ما عنده، يبلو، يختبر. ﴿مبتليكم﴾ /البقرة: ٢٤٩/: مختبركم. وأما قوله: بلاء عظيم: النعم، وهي من أبليته، وتلك من ابتليته.
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كان فيه مالرجل الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فيه تيك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).
[ر: ٤١٧]
قدمت من أرض الحبشة وأنا جويرية، فكساني رسول الله ﷺ خميصة لها أعلام، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يمسح الأعلام بيده ويقول: (سناه سناه).
قال الحميدي: يعني حسن حسن.
[ر: ٢٩٠٦]
كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يصلي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، إنا كنا نسلم عليك فترد علينا؟ قال: (إن في الصلاة شغلا). فقلت لإبراهيم: كيف تصنع أنت؟ قال: أرد في نفسي.
[ر: ١١٤١]
بلغنا مخرج النبي ﷺ ونحن باليمن فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي ﷺ حين افتتح خيبر، فقال النبي ﷺ: (لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان).
[ر: ٢٩٦٧]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ حين مات النجاشي: (مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا عل أخيكم أصحمة).
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ صلى على النجاشي، فصفنا وراءه، فكنت في الصف الثاني أو الثالث.
أن النبي ﷺ صلى على أصحمة النجاشي، فكبر عليه أربعا.
تابعه عبد الصمد.
[ر: ١٢٥٤]
أن رسول الله ﷺ نعى لهم النجاشي، صاحب الحبشة، في اليوم الذي مات فيه، وقال: (استغفروا لأخيكم).
أن رسول الله ﷺ صف بهم في المصلى، فصلى عليه، وكبر أربعا.
[ر: ١١٨٨]
قَالَ رسول الله ﷺ حين أراد حنينا: (مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حيث تقاسموا على الكفر).
[ر: ١٥١٢]
قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: (هو في ضحضاح من نار، ولولا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
[٥٨٥٥، ٦٢٠٣]
أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه النبي ﷺ وعنده أبو جهل، فقال: (أي عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنه). فنزلت: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾. ونزلت: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾.
[ر: ١٢٩٤]
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، وذكر عنده عمه، فَقَالَ: (لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي منه دماغه).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حازم والدراوردي، عن يزيد: بهذا. وقال: (تغلي منه أم دماغه).
[٦١٩٦]
وقول الله تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ /الإسراء: ١/.
⦗١٤١٠⦘
أبو سلمة بن عبد الرحمن: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (لما كذبني قريش، قمت في الحجر، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه).
[٤٤٣٣]
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حدثهم عن ليلة أسري به: (بينما أنا في الحطيم، وربما قال في الحجر، مضطجعا، إذ أتاني آت فقد – قال: وسمعته يقول: فشق – ما بين هذه إلى هذه – فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته، وسمعته يقول: من قصه إلى شعرته – فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشي ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض – فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم – يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت فإذا فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا
⦗١٤١١⦘
يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إلى إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي، حتى إذا أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ ﷺ، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى إذا أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه، قال: نعم، قال: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد السلام، قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك. ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علي
⦗١٤١٢⦘
الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، قال: فلما جاوزت نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي).
[ر: ٣٠٣٥]
في قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً للناس﴾. قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ: ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القرآن﴾. قال: هي شجرة الزقوم.
[٤٤٣٩، ٦٢٣٩]
⦗١٤١٣⦘
بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يحدث حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غزوة تبوك، بطوله. قال ابن بكير في حديثه: ولقد شهدت مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةً العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها.
[ر: ٢٦٠٦]
شهد بي خالاي العقبة. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أحدهما البراء
ابن معرور.
الذين جاؤوا إلى رسول الله ﷺ في غزوة تبوك، وطلبوا منه أن يعطيهم ما يستطيعون به الخروج إلى الجهاد، فقال: (لا أجد ما أحملكم عليه) فرجعوا وهم يبكون، حتى جهزهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم، وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون﴾ /التوبة: ٩٢/: أي لا إثم عليهم في عدم خروجهم للجهاد، لعدم تيسر النفقة لديهم، مع عزمهم على الخروج وصدق نيتهم فيه.
أن رسول الله ﷺ قال، وحوله عصابة من أصحابه: (تعالوا بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ، تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ به في الدنيا فهو له كفارة، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شاء عفا عنه). قال فبايعته على ذلك.
إِنِّي مِنْ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ الله ﷺ، وقال: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ التي حرم الله إلا بالحق، وَلَا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ قضاء ذلك إلى الله.
[ر: ١٨]
تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين.
[٤٨٤٠، ٤٨٤١، ٤٨٦١، ٤٨٦٣، ٤٨٦٥]
أن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا: (أريتك في المنام مرتين، أى أنك في سرقة من حرير، ويقال: هذا امرأتك، فاكشف عنها، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا من عند الله يمضه).
[٤٧٩٠، ٤٨٣٢، ٦٦٠٩، ٦٦١٠]
توفيت خديجة قبل مخرج النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة، وهي بنت ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين.
وقال عبد الله بن زيد، وأبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأنصار).
[ر: ٣٥٦٨، ٤٠٧٥]
وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يثرب).
[ر: ٣٤٢٥]
عُدْنَا خَبَّابًا، فَقَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يأخذ من أجره شيئا، منهم مصعب ابن عمير، قتل يوم أحد، وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رأسه، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ إذخر، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
[ر: ١٢١٧]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (الأعمال بالنية، فمن كان هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجر إليه، ومن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسوله).
[ر: ١]
لا هجرة بعد الفتح.
[٤٠٥٦، ٤٠٥٧]
زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي، فسألناها عن الهجرة فقالت: لا هجرة بعد اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله ﷺ، مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، والمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.
[ر: ٢٩١٤]
أَنَّ سعدا قال: اللهم إنك تعلم: أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك ﷺ وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم.
وقال أبان بن يزيد: حدثنا هشام، عن أبيه: أخبرتني عائشة: من قوم كذبوا نبيك وأخرجوه، من قريش.
[ر: ٤٥١]
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأربعين سنة، فمكث
⦗١٤١٧⦘
بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين.
مكث رسول الله ﷺ بمكة ثلاث عشرة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
[ر: ٣٦٣٨]
أن رسول الله ﷺ جلس على المنبر فقال: (إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده). فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله ﷺ عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لتخذت أبا بكر، إلا خلة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر).
[ر: ٤٥٤]
لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج، إنك تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك. فرجع وارتحل معه ابن الدغنة،
⦗١٤١٨⦘
فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، ويعين على نوائب الحق. فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ ربه في داره، فليصل فيها وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث بذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلي فيه، ويقرأ القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القرآن، وأفزع ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابن الدغنة فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أن يعلن بذلك، فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا قد كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وإما أن ترجع إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فقال النبي ﷺ للمسلمين: (إني أريت دار هجرتكم، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ). وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لي). فقال أبو بكر: وهل تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عنده ورق السمر، وهو الخبط، أربعة أشهر.
قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يوما جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظهيرة، قال قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا
⦗١٤١٩⦘
فِيهَا، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أمر. قالت: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاستأذن، فأذن له فدخل، فقال النبي ﷺ لأبي بكر: (أخرج من عندك). فقال أبو بكر: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخروج). فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نعم). قال أبو بكر: فَخُذْ – بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ – إِحْدَى راحلتي هاتين، قال رسول الله ﷺ: (بالثمن). قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر قطعة
من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين، قالت ثم لحق رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بن أبي بكر، وهو غلام شاب، ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أمرا يكتادان بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فيبيتان في رسل، وهو لبن منحتهما ورضيفهما، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأبو بكر رجلا من بني الديل، وهو مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيًا خِرِّيتًا، والخريت الماهر بالهداية، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ ليال، فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة، والدليل، فأخذ بهم طريق السواحل.
جاءنا رسل كفار قريش، يجعلون فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر، دية كل واحد منهما، لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج، أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال يا سراقة: إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا، انطلقوا بأعيينا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي، فخرجت به من ظهر البيت، فحططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها: أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني ولم يسألاني، إلا أن قال: (أخف
⦗١٤٢١⦘
عنا). فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله ﷺ.
أن رسول اله ﷺ لقي الزبير في ركب من المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشأم، فكسا الزبير رسول الله ﷺ وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم، لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق من جاء من الأنصار – ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَقْبَلَ أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف النَّاسُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذلك، فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر، لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين بركت به راحلته: (هذا إن شاء الله المنزل). ثم دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله
⦗١٤٢٢⦘
أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله ﷺ ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول، وهو ينقل اللبن: (هذا الحمال لا حمال خيبر، هذا أبر ربنا وأطهر. ويقول: اللهم إن الأجر أجر الآخره، فارحم الأنصار والمهاجره). فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي.
قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث: أن رسول الله ﷺ تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.
[ر: ٤٦٤]
صنعت سفرة لِلنَّبِيِّ ﷺ وأَبِي بَكْرٍ، حين أرادا المدينة، فقلت لأبي: ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي، قال: فشقيه، ففعلت، فسميت ذات النطاقين.
قال ابن عباس: أسماء ذات النطاق.
[ر: ٢٨١٧]
لما أقبل النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ تبعه سراقة بن مالك بن جعشم، فدعا عليه النبي ﷺ فساخت به فرسه، قال: ادع الله لي ولا أضرك، فدعا له، قال: فعطش رسول الله ﷺ فمر براع، قال أبو بكر: فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة من لبن، فأتيته فشرب حتى رضيت.
[ر: ٢٣٠٧]
أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي ﷺ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رسول الله ﷺ، ثم حنكه
⦗١٤٢٣⦘
بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود في الإسلام.
تابعه خالد بن مخلد، عن عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أسماء رضي الله عنها: أنها هاجرت إلى النبي ﷺ وهي حبلى.
[٥١٥٢]
أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي ﷺ، فأخذ النبي ﷺ تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل في بطنه ريق النبي ﷺ.
أقبل نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف، ونبي الله شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك، فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل. قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا. فالتفت نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: (اللهم اصرعه). فصرعه الفرس، ثم قامت تحمحم، فقال: يا نبي الله، مرني بما شئت، قال: (فقف مكانك، لا تتركن أحدا يلحق بنا). قال: فكان أول النهار جاهدا على نبي الله ﷺ، وكان آخر النهار مسلحة له، فنزل رسول الله ﷺ جانب الحرة، ثم بعث إلى الأنصار فجاؤوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر فسلموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وأبو بكر، وحفوا دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبي الله،
⦗١٤٢٤⦘
جاء نبي الله ﷺ، فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله، جاء نبي الله، فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام، وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أهله. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: (أي بيوت أهلنا أقرب). فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري وهذا بابي، قال: (فانطلق فهيئ لنا مقيلا). قال: قوما على بركة الله، فلما جاء نبي الله ﷺ جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في. فأرسل نبي الله ﷺ فأقبلوا فدخلوا عليه، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا). قالوا: ما نعلمه، قالوا للنبي ﷺ، قالها ثلاث مرار، قال: (فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام). قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (يا ابن سلام اخرج عليهم). فخرج فقال: يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله ﷺ.
[ر: ٣١٥١]
عليهم في سفر التجارة. (شاب) أي من حيث عدم انتشار الشيب في رأسه، وإلا فهو ﷺ أسن من أبي بكر رضي الله عنه. (لا يعرف) لم يعرفه الناس لعدم خروجه من مكة غالبا، وعدم التقائه بهم. (بفارس) هو سراقة بن مالك رضي الله عنه. (اصرعه) اطرحه على الأرض واكفنا شره. (تحمحم) من الحمحمة، وهي صوت الفرس. (مسلحة له) مراقبا يدفع عنه الأذى ويحول عنه العيون. (الحرة) أرض ذات حجارة سوداء. (حفوا) أحدقوا وأحاطوا. (فأشرفوا) اطلعوا من فوق السطوح ونحوها. (ليحدث أهله) لعل المراد بعض من حوله من أقاربه. (يخترف لهم) يجتني من الثمار. (أهلنا) قرابتنا، لأن جدته ﷺ من بني النجار. (مقيلا) مكانا يقيل فيه، من القيلولة وهي النوم وسط النهار. (ويلكم) وقع بكم الشر والعذاب.
كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه،
⦗١٤٢٥⦘
يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه.
وحدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن الأعمش قال: سمعت شفيق بن مسلمة قال: حدثنا خباب قَالَ:
هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نبتغي وجه الله، ووجب أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فلم نجد شيئا نكفنه فيه إلا نمرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، فإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن نغطي رأسه بها، ونجعل على رجليه من إذخر، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
[ر: ١٢١٧]
هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: قلت: لا، قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يسرك إسلامنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهجرتنا معه، وجهادنا معه، وعملنا كله معه، برد لنا، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس؟ فقال أبي: لا والله، قد جاهدنا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وصلينا، وصمنا، وعملنا خيرا كثيرا، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك. فقال أبي: لكني أنا، والذي نفس عمر بيده، لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس. فقلت: إن أباك والله خير من أبي.
هاجر قبل أبيه يغضب. قال: وقدمت أنا وعمر على رسول الله ﷺ، فوجدناه قائلا، فرجعنا إلى المنزل، فأرسلني
⦗١٤٢٦⦘
عمر وقال: اذهب فانظر هل استيقظ، فأتيته فدخلت عليه فبايعته، ثم انطلقت إلى عمر فأخبرته أنه استيقظ، فانطلقنا إليه نهرول هرولة، حتى دخل عليه فبايعه، ثم بايعته.
ابتاع أبو بكر من عازب رحلا، فحملته معه، قال: فسأله عازب عن مسير رسول الله ﷺ، قال: أخذ علينا بالرصد، فخرجنا ليلا، فأحثثنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، ثم رفعت لنا صخرة، فأتيناها ولها شيء من ظل، قال: ففرشت لرسول الله ﷺ فروة معي، ثم اضطجع عليها النبي ﷺ، فانطلقت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة يريد من الصخرة مثل الذي أردنا، فسألته: لمن أمن يا غلام؟ فقال: أنا لفلان، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت له: هل أنت حالب؟ قال: نعم، فأخذ شاة من غنمه، فقلت له: انفض الضرع، قال: فحلب كثبة من لبن، ومعي إداوة من ماء عليها خرقة، قد روأتها لرسول الله ﷺ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، ثم أتيت به النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يا رسول الله، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى رضيت، ثم ارتحلنا والطلب في إثرنا. قال البراء: فدخلت مع أبي بكر على أهله، فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها يقبل خدها وقال: كيف أنت يا بنية.
[ر: ٢٣٠٧]
قدم النبي ﷺ وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلفها بالحناء والكتم.
⦗١٤٢٧⦘
وقال دحيم: حدثنا الوليد: حدثنا الأوزاعي: حدثني أبو عبيد، عن عقبة بن وساج: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة، فكان أسن أصحابه أبو بكر، فغلفها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها.
أن أبا بكر رضي الله عنه تزوج امرأة من كلب يقال لها أم بكر، فلما هاجر أبو بكر طلقها، فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر، الذي قال هذه القصيدة، رثى كفار قريش:
وماذا بالقليب قليب بدر … من الشيزى تزين بالسنام
وماذا بالقليب قليب بدر … من القينات والشرب الكرام
تحيي بالسلامة أم بكر … وهل لي بعد قومي من سلام
يحدثنا الرسول بأن سنحيا … وكيف حياة أصداء، وهام
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في الغار، فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: (اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما).
[ر: ٣٤٥٣]
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: (وَيْحَكَ إن الهجرة شأنها شديد، فهل مِنْ إِبِلٍ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا).
⦗١٤٢٨⦘
قال: نعم، قال: (فهل تمنح منها). قال: نعم، قال: (فتحلبها يوم ورودها). قال: نعم، قال: (فاعمل من وراء البحاء، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).
[ر: ١٣٨٤]
أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن مكتوم، ثم قدم علينا عمار بن ياسر وبلال رضي الله عنهم.
أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، ثم قَدَمُ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى جعل الإماء يقلن: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فما قدم حتى قرأت: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾. في سور من المفصل.
[٤٦٥٧، ٤٧٠٩]
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ، وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ، قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ … وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ.
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يرفع عقيرته ويقول:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً … بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مجنة … وهل يبدون لي شامة وطفيل
⦗١٤٢٩⦘
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجحفة).
[ر: ١٧٩٠]
دخلت على عثمان، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإن اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بالحق، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن بما بعث به محمد ﷺ، ثم هاجرت هجرتين، نلت صهر رسول الله ﷺ، وبايعته، فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله.
تابعه إسحاق الكلبي: حدثني الزهري: مثله.
[ر: ٣٤٩٣]
أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى، في آخر حجة حجها عمر، فوجدني، فقال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإني أرى أن تمهل حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ والسلامة، وتخلص لأهل الفقه وأشراف الناس وذوي رأيهم. قال عمر: لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة.
[ر: ٢٣٣٠]
أَنَّ عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى، حين قترعت الأنصار على سكنى المهاجرين،
⦗١٤٣٠⦘
قالت أم العلاء: فاشتكى عثمان عندنا فمرضته، حتى توفي وجعلناه في أثوابه، فدخل علينا النبي ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عليك أبا السائب، شهادتي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أكرمه). قالت: قلت: لَا أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، فمن؟ قال: (أما هو فقد جاءه والله اليقين، والله إني لأرجو له الخير، وما أدري والله وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي). قَالَتْ: فوالله لا أزكي أحدا بعده. قالت: فأحزنني ذلك، فنمت، فأريت لعثمان ابن مظعون عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فأخبرته، فقال: (ذلك عمله).
[ر: ١١٨٦]
كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز وجل لرسوله ﷺ، فقدم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم، وقتلت سراتهم، في دخولهم في الإسلام.
[ر: ٣٥٦٦]
أَنَّ أبا بكر دخل عليها، والنبي ﷺ عندها، يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الشيطان؟ مرتين، فقال النبي ﷺ: (دعهما يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإن عيدنا اليوم).
[ر: ٤٤٣]
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة، نزل في علو الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بن عوف، قال: فأقام فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ملأ بني النجار، قال: فجاؤوا متلقدي سيوفهم، قال: وكأني أنظر إلى رسول الله ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قال: فكان يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغنم، قال: ثم أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى
⦗١٤٣١⦘
ملأ بني النجار فجاؤوا، فقال: (يا بني النجار، ثامنوني حائطم هذا). فقالوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله. قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد، قال: وجعلوا عضاديته حجارة، قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله ﷺ معهم، يقولون: (اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره، فانصر الأنصار والمهاجره).
[ر: ٤١٨]
قال رسول الله ﷺ: (ثلاث للمهاجر بعد الصدر).
ما عدوا من مبعث النبي ﷺ، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة.
فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي ﷺ ففرضت أربعا، وتركت صلاة السفر على الأول.
تابعه عبد الرزاق، عن معمر.
[ر: ٣٤٣]
ومرثتيه لمن مات بمكة.
⦗١٤٣٢⦘
مالك، عن أبيه قال:
عادني النبي ﷺ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ من مرض أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، بلغ بي من الوجع مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: (لا). قال: فأتصدق بشطره؟ قال: (لا). قال: (الثلث يا سعد، والثلث كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس).
قال أحمد بن يونس، عن إبراهيم: (أن تذر ورثتك، ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها، حتى اللقمة تجعلها في امرأتك). قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ به دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ على أعقابهم، ولكن الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ). يَرْثِي لَهُ رَسُولُ الله ﷺ أن توفي بمكة.
وقال أحمد بن يونس وموسى، عن إبراهيم: (أن تذر ورثتك).
[ر: ٥٦]
وقال عبد الرحمن بن عوف: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بن الربيع لما قدمنا المدينة.
[ر: ١٩٤٣]
وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سلمان وأبي الدرداء. [ر: ١٨٦٧]
قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سعد بن الربيع
⦗١٤٣٣⦘
الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق، فربح شيئا من أقط وسمن، فرآه النبي ﷺ بعد أيام وعليه وضر من صفرة، فقال النبي ﷺ: (مهيم يا عبد الرحمن). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأنصار، قال: (فما سقت فيها). فقال: وزن نواة مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بشاة).
[ر: ١٩٤٤]
أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي ﷺ المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: (أخبرني به جبريل آنفا). قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد). قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأنك رسول الله، قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت، فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي ﷺ: (أي رجل عبد الله بن سلام فيكم). قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا. فقال النبي ﷺ: (أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام). قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمدا رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقصوه، قال: هذا كنت أخاف يا رسول الله.
[ر: ٣١٥١]
باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة، فقلت: سبحان الله، أيصلح هذا؟ فقال: سبحان الله، والله لقد بعتها في السوق، فما عابها علي أحد، فسألت البراء بن عازب فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة ونحن نتبايع هذا البيع، فقال: (ما كان يد بيد
⦗١٤٣٤⦘
فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا يصلح). والق زيد بن أرقم فاسأله، فإنه كان أعظمنا تجارة، فسألت زيد بن أرقم فقال مثله.
وقال سفيان مرة: فقال: قدم علينا النبي ﷺ المدينة ونحن نتبايع، وقال: نسيئة إلى الموسم، أو الحج.
[ر: ١٩٥٥]
﴿هادوا﴾ /البقرة: ٦٢/: صاروا يهودا. وأما قوله: ﴿هدنا﴾ /الأعراف: ١٥٦/: تبنا، هائد تائب.
قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة، وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه، فقال النبي ﷺ: (نحن أحق بصومه). فأمر بصومه.
[ر: ١٩٠١]
لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيما لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نحن أولى بموسى منكم). ثم أمر بصومه.
[ر: ١٩٠٠]
أن النبي ﷺ كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم،
⦗١٤٣٥⦘
وكان النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أهل المتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق النبي ﷺ رأسه.
[ر: ٣٣٦٥]
هم أهل الكتاب، جزؤوه أجزاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. يعني: قول الله تعالى: ﴿الذين جعلوا القرآن عضين﴾.
[٤٤٢٨، ٤٤٢٩]
أنه تداوله بضعة عشر، من رب إلى رب.
سمعت سلمان رضي الله عنه يقول: أنا من رام هرمز.
فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة سنة.