٦٤ – كتاب الأنبياء -2-

٢٩ – باب: حديث الخضر مع موسى عليهما السلام.
٣ ‏/ ١٢٤٦
٣٢١٩ – حدثنا عمرو بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عن صالح، عن ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ تَمَارَى هو والحر بن قيس الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ،
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ منك؟ قال: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السبيل إليه، فجعل لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ من شأنهما الذي قص الله في كتابه).
[ر: ٧٤]
٣ ‏/ ١٢٤٦
٣٢٢٠ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا عمرو بن دينار قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ: أَنَّ موسى صاحب الخضر

⦗١٢٤٧⦘
ليس هو موسى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (أن موسى قام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أعلم؟ فقال: أنا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إليه، فقال له: بلى، لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال: أي رب ومن لي به؟ وربما قال سفيان، أي رب، وكيف لي به؟ قال: تأخذ حوتا، فتجعله في مكتل، حيثما فقدت الحوت فهو ثم، وربما قال: فهو ثمه، وأخذ حوتا فجعله في مكتل، ثم انطلق هو وفتاه يوسع بن نون، حتى أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما، فرقد موسى واضطرب الحوت فخرج، فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا، فأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار مثل الطاق، فقال: هكذا مثل الطاق، فانطلقا يمشيان بقية ليلتهما ويومهما، حتى إذا كان من الغد قال لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هذا نصبا، ولم يجد موسى النصب حتى جاوز حيث أمره الله، قال لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، واتخذ سبيله في البحر عجبا، فكان للحوت سربا ولهما عجبا، قال له مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثارهما قصصا، رجعا يقصان آثارهما، حتى انتهينا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب، فسلم موسى فرد عليه، فقال: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا، قال: يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ الله علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، قال: هل أتبعك؟ قال: ﴿إنك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا – إلى قوله – إمرا﴾. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينة كلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة جاء عصفور، فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة أو نقرتين، قال له الْخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر، إذ أخذ الفأس فنزع لوحا، قال: فلم يفجأ موسى إلا وقد قلع لوحا بالقدوم، فقال له موسى: ما صنعت؟ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا، قَالَ:

⦗١٢٤٨⦘
أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صبرا، قَالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي من أمري عسرا، فكانت الأولى من موسى نسيانا، فلما خرجا من البحر مروا بغلام يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه فقلعه بيده هكذا، وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئا، فقال له موسى: أقتلت نفسا زكية بغير نفس، لقد جئت شيئا نكرا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ معي صبرا، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يريد أن ينقض، مائلا، أومأ بيده هكذا، وأشار سفيان كأنه يمسح شيئا إلى فوق، فلم أسمع سفيان يذكر مائلا إلا مرة، قال: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، عمدت إلى حائطهم، لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: هَذَا فراق بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا. قال النبي ﷺ: وددنا أن موسى كا نصبر فقص الله علينا من خبرهما، قال سفيان: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَرْحَمُ الله موسى، لو كان صبر لقص علينا من أمرهما).
وقرأ ابن عباس: «أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا». «وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين».
ثم قال سفيان: سمعته منه مرتين، وحفظته منه، قيل لسفيان: حفظته قبل أن تسمعه من عمرو، أو تحفظه من إنسان؟ فقال: ممن أتحفظه؟ ورواه أحد عن عمرو غيري، سمعته منه مرتين، أو ثلاثا، وحفظته منه.
[ر: ٧٤]

٣ ‏/ ١٢٤٦
٣٢٢١ – حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني: أخبرنا ابن المبارك، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (إنما سمي الخضر أنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء).


(فروة) هي قشرة وجه الأرض. (بيضاء) يابسة ليس فيها نبت. (خضراء) لما نبت فيها من عشب أخضر.
٣ ‏/ ١٢٤٨
٣٢٢٢ – حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عن معمر، عن
همام بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قيل لبني إسرائيل: ﴿ادخلوا

⦗١٢٤٩⦘
الباب سجدا وقولوا حطة﴾. فبدلوا، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة).
[٤٢٠٩، ٤٣٦٥]


أخرجه مسلم في أول كتاب التفسير، رقم: ٣٠١٥. (سجدا) منحنين كهيئة من يريد السجود، خضوعا لله تعالى وشكرا. (حطة) حط عنا ذنوبنا واغفر لنا /البقرة: ٥٨/. (فبدلوا) غيروا لفظة حطة فقالوا: حنطا سمقاتا، أي حنطة حمراء، استخفافا بأمر الله تعالى. (أستاههم) جمع است وهو مقعدة الإنسان. (حبة في شعرة) ليس لهم غرض من هذا الكلام، لأنه لا
معنى له، وإنما قالوه استهزاء ومخالفة.
٣ ‏/ ١٢٤٨
٣٢٢٣ – حدثني إسحاق بن إبراهيم: حدثنا روح بن عبادة: حدثنا عوف، عن الحسن ومحمد وخلاس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (إن موسى كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستر، إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه، ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها﴾).
[ر: ٢٧٤]


(حييا) كثير الحياء. (ستيرا) من شأنه ودأبه حب الستر وصون نفسه عن رؤية أحد لعورته. (برص) بقع بياض تكون على الجلد. (أدرة) انتفاخ في الخصية. (آفة) عيب. (عدا) مشى مسرعا. (قام الحجر) وقف عن السير. (وجيها) ذا جاه ومنزلة، لا يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ /الأحزاب: ٦٩/.
٣ ‏/ ١٢٤٩
٣٢٢٤ – حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن الأعمش قال: سمعت أبا وائل قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ قَسْمًا، فقا رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وجه الله، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
[ر: ٢٩٨١]
٣ ‏/ ١٢٤٩
٣٠ – باب: ﴿يعكفون على أصنام لهم﴾ /الأعراف: ١٣٨/.
﴿متبر﴾ /الأعراف: ١٣/: خسران. ﴿وليتبروا﴾ يدمروا ﴿ما علوا﴾ /الإسراء: ٧/: ما غلبوا.


(يعكفون ..) أي يعبدونها. (متبر) من التتبير، وهو الإهلاك.
٣ ‏/ ١٢٥٠
٣٢٢٥ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يونس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نجني الكباث، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (عليكم بالأسود منه، فإنه أطيبه). قالوا: أكنت ترعى الغنم؟ قال: (وهل من نبي إلا وقد رعاها).
[٥١٣٨]
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث، رقم: ٢٠٥٠. (نجني) من الجني وهو أخذ الثمر من الشجر. (الكباث) ثمر الأراك، يشبه التين يأكله الناس وغيرهم.
٣ ‏/ ١٢٥٠
٣١ – باب: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أن تذبحوا بقرة﴾ الآية /البقرة: ٦٧ /.
قال أبو العالية: العوان: النصف بين البكر والهرمة. ﴿فاقع﴾ /البقرة: ٦٩/: صاف. ﴿لا ذلول﴾ لم يذللها العمل ﴿تثير الأرض﴾ /البقرة: ٧١/: ليست بذلول تثير الأرض ولا تعمل في الحرث. ﴿مسلمة﴾ من العيوب ﴿لاشية﴾ /البقرة: ٧١/: بياض. ﴿صفراء﴾ /البقرة: ٦٩/: إن شئت سوداء، ويقال: صفراء، كقوله: ﴿جمالات صفر﴾ /المرسلات: ٣٣/. ﴿فادارأتم﴾ /البقرة: ٧٢/: اختلفتم.


(الآية) وتتمتها: ﴿قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾. (أتتخذنا هزوا) أتهزأ بنا. (الجاهلين) الذين يهزؤون بالمؤمنين. (النصف) الوسط. (البكر) الصغيرة التي لم تلد بعد. وهو يفسر قوله تعالى: ﴿لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك﴾ /البقرة: ٦٨/. والفارض الهرمة المسنة التي لا تلد. (تثير الأرض) تقلبها للزراعة. (لا شية) لا علامة ولا لون فيها غير لونها. (جمالات) جمع جمالة، والجمالة جمع جمل. (صفر) جمع أصفر، ويقال للجمل الأسود أصفر، لأن الغالب أن يكون مشربا بصفرة.
٣ ‏/ ١٢٥٠
٣٢ – باب: وفاة موسى وذكره بعد.
٣ ‏/ ١٢٥٠
٣٢٢٦ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
(أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: ارجع إليه، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فله بما غطت يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ،

⦗١٢٥١⦘
ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، قال: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رمية بحجر). قال أبو هريرة: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لو كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تحت الكثيب الأحمر).
قال: وأخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: نحوه.
[ر: ١٢٧٤]

٣ ‏/ ١٢٥٠
٣٢٢٧ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وسعيد بن المسيب: أن أبا هريرة رضي الله عنه قَالَ:
اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدا ﷺ عَلَى الْعَالَمِينَ، فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ المسلم عند ذلك يده فلطم الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ الذي كان من أمره وأمر المسلم، فقال: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ).


(في قسم يقسم به) أي في أمر يحلف عليه.
٣ ‏/ ١٢٥١
٣٢٢٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ: (احتج آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك برسالاته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فحج آدم موسى). مرتين.
[٤٤٥٩، ٤٤٦١، ٦٢٤٠، ٧٠٧٧]
(احتج) أتى كل منهما بحجة على ما يقول. (اصطفاك) اختارك وجعلك خالصا صافيا عن كل شائبة لا تليق بك. (برسالاته) أسفار التوراة. (قدر علي) أي ظهر بعد الوقوع أن الله تعالى قدر علي أن أفعله لحكمة يعلمها، فليس لك أن تلومني على أمر ظهر أنه قدر الله تعالى، لا سيما وقد تبت وتاب الله علي، فلا يلام أحد شرعا بعد التوبة. (فحج) غلبه بالحجة وظهر عليه بها. (مرتين) أي كرر قوله ﷺ مرتين.
٣ ‏/ ١٢٥١
٣٢٢٩ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ

⦗١٢٥٢⦘
سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يوما، قال: (عرضت علي الأمم، ورأيت سوادا كثير الأفق، فقيل: هذا موسى في قومه).
[٥٣٧٨، ٥٤٢٠، ٦١٠٦، ٦١٧٥]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب، رقم: ٢٢٠. (عرضت علي الأمم) الظاهر أن هذا العرض كان في الرؤيا. (سوادا) كناية عن الجماعة الكثيرة. (الأفق) ناحية السماء.
٣ ‏/ ١٢٥١
٣٣ – باب: قول الله تعالى: ﴿وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون – إلى قوله – وكانت من القانتين﴾ /التحريم: ١١، ١٢/.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين. (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه﴾. (وضرب الله مثلا) مثل حال المؤمنين كيف أنهم يخرجون أحيانا من باطن الكفر، ولا يضرهم أن من لهم صلة بهم من الأقارب كفار، ولا يغير ذلك من ثباتهم وصدقهم، كما لا ينقص من ثوابهم وقربهم من الله عز وجل، وكان ذلك المثل بامرأة فرعون رضي الله عنها. (ومريم ..) أي وضرب مثلا أيضا لإعانة المؤمنين وما يؤتونه من الكرامات في الدنيا والآخرة بمريم عليها السلام. (أحصنت فرجها) حفظته من الرجال عامة ومن الفاحشة خاصة. (فنفخنا فيه من روحنا) جعلنا فيه مخلوقا حيا بأمرنا وقدرتنا. (بكلمات ربها وكتبه) بشرائعه المحكمة وكتبه المنزلة. (القانتين) المطيعين العابدين.
٣ ‏/ ١٢٥٢
٣٢٣٠ – حدثنا يحيى بن جعفر: حدثنا وكيع، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مرة الهمذاني، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساء: إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سائر الطعام).
[٣٢٥٠، ٣٥٥٨، ٥١٠٢]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣١. (كمل) تناهى في جميع الفضائل التي تكون للجنس عامة. (الثريد) الخبز المكسر الذي وضع عليه اللحم والمرق. (سائر) باقي الأنواع من الطعام.
٣ ‏/ ١٢٥٢
٣٤ – باب: ﴿إن قارون كان من قوم موسى﴾. الآية /القصص: ٧٦/.
﴿لتنوء﴾ لتثقل، قال ابن عباس: ﴿أولي القوة﴾ لا يرفعها العصبة من الرجال. يقال: ﴿الفرحين﴾ المرحين. ﴿ويكأن الله﴾ /القصص: ٨٢/: مثل: ألم تر أن الله. ﴿يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر﴾ /الرعد: ٢٦/: يوسع عليه ويضيق.


(الآية) وتتمتها: ﴿فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين﴾. (من قوم موسى) من عشيرته. (فبغى عليهم) ظلمهم وقد كان عاملا لفرعون. (الكنوز) الأموال المدخرة في الخزائن. (بالعصبة) بالجماعة الكثيرة. (لا تفرح) لا تبطر وتتكبر.
٣ ‏/ ١٢٥٢
٣٥ – باب: قول الله تعالى: ﴿وإلى مدين أخاهم شعيبا﴾ /هود: ٨٤/.
إلى أهل مدين، لأن مدين بلد، ومثله: ﴿واسأل القرية﴾ /يوسف: ٨٢/. واسأل ﴿العير﴾ /يوسف: ٨٢/: يعني أهل القرية وأهل العير. ﴿وراءكم ظهريا﴾ /هود: ٩٢/: لم تلتفتوا إليه. يقال إذا لم تقض حاجته، ظهرت حاجتي وجعلتني ظهريا.
قال: الظهري أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به. مكانتهم ومكانهم واحد. ﴿يغنوا﴾ /الأعراف: ٩٢/: يعيشوا. ﴿تأس﴾ /المائدة: ٢٦، ٦٨/: تحزن. ﴿آسى﴾ /الأعراف: ٩٣/: أحزن.
وقال الحسن: ﴿إنك لأنت الحليم الرشيد﴾ /هود: ٨٧/: يستهزؤون به.
وقال مجاهد: ليكة الأريكة. ﴿يوم الظلة﴾ /الشعراء: ١٨٩/: إظلال الغمام العذاب عليهم.


(قال) أي البخاري رحمه الله تعالى. (تستظهر به) تتقوى به. (مكانتهم) يشير إلى ما ورد في قصة شعيبب عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل﴾ /هود: ٩٣/. أي اعملوا بحسب ما تمليه عليكم حالكم في الكفر، أما أنا فسأعمل ما يقتضيه إيماني. أو إلى قوله تعالى: ﴿ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم﴾ /يس: ٦٧/. أي في مكانهم. (يستهزؤن به) أي بشعيب عبليه السلام، لأن غرضهم أن يقولوا: أنت السفيه الغوي. (ليكة ..) أشار إلى قوله تعالى: ﴿كذب أصحاب الأيكة المرسلين﴾ /الشعراء: ١٧٦/. والأيكة الشجرة الملتفة، وأصحاب الأيكة قوم شعيب عليه السلام، وكانت مساكنهم كثيفة الأشجار، وليكة بمعناها، وقرئ بهما، واللفظ متكرر في: /الحجر: ٧٨/ و/ص: ١٣/ و/ق: ١٤/. (إظلال الغمام) قيل: حبس عنهم الهواء وسلط عليهم الحر فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا إلى البرية، فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردا ونسيما، فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا جميعا.
٣ ‏/ ١٢٥٣
٣٦ – باب: قول الله تعالى: ﴿وإن يونس لمن المرسلين﴾.
إلى قوله: ﴿وهو مليم﴾. قال مجاهد: مذنب. المشحون: الموقر. ﴿فلولا أنه كان من

⦗١٢٥٤⦘
المسبحين﴾ الآية. ﴿فنبذناه بالعراء﴾ بوجه الأرض ﴿وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرة من يقطين﴾ من غير ذات أصل: الدباء ونحوه ﴿وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون. فآمنوا فمتعناهم إلى حين﴾ /الصافات: ١٣٩ – ١٤٨/. ﴿ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم﴾ /القلم: ٤٨/: كظيم، وهو مغموم.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿إذ أبق إلى الفلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمهم الحوت﴾. (أبق) هرب إلى حيث لا يهتدى إليه. (الفلك) السفينة. (فساهم) اشترك معهم في القرعة فيمن يلقى من السفينة لتخف حمولتها. (المدحضين) المغلوبين بالقرعة، فألقي في البحر. (فالتقمه) فابتلعه. (مليم) يستحق أن يلام، واللفظ في /الذاريات: ٤٠/. (الموقر) المملوء، والمشحون أيضا المجهز والمحمل. (المسبحين) الذاكرين الله تعالى كثيرا، وقوله: ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾. أو أنه كان من المصلين من قبل. (الآية) أي بعدها، وهي: ﴿للبث في بطنه إلى يوم يبعثون﴾ لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة. (سقيم) عليل مريض من أثر التقام الحوت له. (كصاحب الحوت) هو يونس عليه السلام، أي لا تكن كالذي التقمه الحوت، في الضجر والغضب والعجلة. (إذ نادى) حين دعا ربه تعالى في بطن الحوت. (كظيم) ملأه الغم والهم، ومكظوم بمعناه.
٣ ‏/ ١٢٥٣
٣٢٣١ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حدثني الأعمش. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لا يقولن أحدكم: إني خير من يونس). زاد مسدد: (يونس بن متى).
[٤٣٢٧، ٤٥٢٦]
٣ ‏/ ١٢٥٤
٣٢٣٢ – حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خَيْرٌ
مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى). وَنَسَبَهُ إِلَى أبيه.
[ر: ٣٠٦٧]
٣ ‏/ ١٢٥٤
٣٢٣٣ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بينما يهودي يعرض سلعته، أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي ﷺ بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي، فقال: (لم لطمت وجهه). فذكره، فغضب النبي ﷺ حتى رئي في وجهه، ثم قال: (لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثن ينفخ فيه أخرى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بالعرش،

⦗١٢٥٥⦘
فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور، أم بعث قبلي، ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى).
[ر: ٢٢٨٠]


(أحوسب) اعتبرت له إحدى الصعقتين التي يصعقهما كل إنسان أو مخلوق. (بصعقته يوم الطور) وهي المذكورة في قوله تعالى: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا﴾. انظر الباب: (٢٧) من هذا الكتاب.
٣ ‏/ ١٢٥٤
٣٢٣٤ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بن إبراهيم: سمعت حميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى).
[٤٣٢٨، ٣٤٥٥، ٤٥٢٧]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في ذكر يونس عليه السلام، رقم: ٢٣٧٦.
٣ ‏/ ١٢٥٥
٣٧ – باب:
﴿واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت﴾ يتعدون يجاوزون في السبت ﴿إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا﴾ شوارع، إلى قوله: ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ /الأعراف: ١٦٣ – ١٦٦/ ..


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون. فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون. فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾. (واسألهم) أي اسأل اليهود. (عن القرية) أي عن أهلها الذين خالفوا أمر الله تعالى ففاجأتهم نقمته. (حاضرة البحر) أي كانت على شاطئه، وهي أيلة، على ساحل البحر الأحمر، على طريق الحاج الذاهب من مصر إلى مكة. (يعدون) يعتدون ويخالفون أمر الله تعالى باصطيادهم يوم السبت وقد حرم عليهم ذلك. (سبتهم) قيامهم بما وجب عليهم من الراحة والسكون وقطع الأعمال وعدم الاصطياد ونحوه. (شرعا) ظاهرة على الماء. (كذلك نبلوهم) نختبرهم مثل هذا الاختبار الشديد. (بما كانوا يفسقون) بسبب خروجهم عن الطاعة. (أمة) جماعة من صلحاء القرية. (مهلكهم ..) دل على ذلك ما ظهر من حالهم من العناد، وأنه لا ينفع فيهم الوعظ والنصح. (معذرة إلى ربكم) حتى نعذر عند الله تعالى، ولا ننسب إلى التقصير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (نسوا ما ذكروا به) تركوا ما وعظوا به. (ظلموا) ارتكبوا المعصية. (بئيس) شديد وجيع، من البأس وهو الشدة. (عتوا عما نهوا عنه) أبوا أن يرجعوا عن المعصية وتمردوا واستمروا في مخالفتهم. (قلنا ..) مسخناهم وصيرناهم قردة، والجمهور: على أنهم بقوا ثلاثة أيام ينظر إليهم الناس ليعتبروا بهم، ثم ماتوا جميعا. (خاسئين) أذلاء صاغرين مبعدين من كل خير.
٣ ‏/ ١٢٥٥
٣٨ – باب: قول الله تعالى: ﴿آتينا داود زبورا﴾ /النساء: ١٦٣/.
الزبر الكتب، واحدها زبور، زبرت كتبت. ﴿ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه﴾. قال مجاهد: سبحي معه ﴿والطير وألنا له الحديد. أن اعمل سابغات﴾ الدروع ﴿وقدر في السرد﴾ المسامير والحلق، ولا تدق المسمار فيتسلسل، ولا تعظم فيفصم ﴿واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير﴾ /سبأ: ١٠ – ١١/.


(زبورا) هو اسم الكتاب المنزل على داود عليه السلام. واللفظ وارد أيضا في /الإسراء: ٥٥/. (الزبر) هذا اللفظ وارد بالمعنى الذي ذكره في القرآن الكريم في الآيات: /آل عمران: ١٨٤/ و/النحل: ٤٤/ و/فاطر: ٢٥/ و/القمر: ٤٣/. وبمعنى كتاب الملائكة الحفظة في قوله تعالى: ﴿وكل شيء فعلوه في الزبر﴾ /القمر: ٥٢/. أي مسجل فيه. (فضلا) نبوة وكتابا هو الزبور، وصوتا بديعا نديا، وقوة وقدرة، وتسخير الجبال والطير. (أوبي) رجعي معه في التسبيح. (والطير) منصوب على أنه مفعول معه، أي يا جبال سبحي معه ومعك الطير أيضا تسبح. (ألنا) جعلناه لينا يعمله بيده دون مطرقة ونحوها. (سابغات) جمع سابغ وهو الواسع الكامل. (قدر
في السرد) فسرت السرد بالمسامير والحلق، وتقديرها جعلها مناسبة، ليست دقيقة ولا غليظة. (تدق) تجعله دقيقا. (فيتسلسل) يصبح سهلا كثيرا. (فيفصم) فينكسر، من الفصم وهو القطع.
٣ ‏/ ١٢٥٦
٣٢٣٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (خفف على داود عليه السلام القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده).
رواه مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي ﷺ.
[ر: ١٩٦٧]


(خفف) سهل ويسر. (القرآن) قراءة الكتاب المنزل عليه والمكلف بالعمل به، ويطلق القرآن على القراءة. (فتسرج) يوضع عليها السرج، وهو ما يوضع على ظهر الفرس ونحوها تحت الراكب.
٣ ‏/ ١٢٥٦
٣٢٣٦ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّب أخبره، وأبا سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:
أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أني أقول: واله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أنت الذي تقول: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ). قلت: قد قلته، قال: (إنك لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر). فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك

⦗١٢٥٧⦘
يا رسول الله، قال: (فصم يوما وأفطر يومين). قال: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: (فصم يوما وأفطر يوما، وذلك صيام داود، وهو عدل الصيام). قلت: إني أطيق أفضل منه يا رسول الله، قال: (لا أفضل من ذلك).
[ر: ١٠٧٩]


(عدل الصيام) في نسخة (أعدل الصيام) أي خيره وأفضله، والمراد صيام التطوع.
٣ ‏/ ١٢٥٦
٣٢٣٧ – حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ: حَدَّثَنَا حبيب بن أبي ثابت، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألم أنبأ أنك تقوم الليل وتصوم النهار). فقلت: نعم، فقال: (فإنك إذا فعلت ذلك هجمت العين، ونفهت النفس، صم من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر، أو كصوم الدهر). قلت: إني أجد بي – قال مسعر: يعني قوة – قال: (فصم صوم داود عليه السلام، وكان يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لاقى).
[ر: ١٠٧٩]


(أنبأ) أخبر. (أجد بي) أجد في نفسي قدرة على ذلك. (هجمت العين) غارت وضعف بصرها. (نفهت) تعبت وكلت.
٣ ‏/ ١٢٥٧
٣٩ – باب: أحب الصلاة إلى اله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ. ويصوم يوما ويفطر يوما.
قال علي: وهو قول عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلا نائما.
[ر: ١٠٨٢]


(وهو ..) أي كونه ينام السدس الأخير من الليل موافق لقولها.
٣ ‏/ ١٢٥٧
٣٢٣٨ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس الثقفي: سمع عبد الله بن عمرو قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ).
[ر: ١٠٧٩]
٣ ‏/ ١٢٥٧
٤٠ – باب: ﴿واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب﴾.
إلى قوله: ﴿وفصل الخطاب﴾ /ص: ١٧ – ٢٠/. قال مجاهد: الفهم في القضاء.

⦗١٢٥٨⦘
﴿ولا تشطط﴾ لا تسرف ﴿واهدنا إلى سواء الصراط. إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة﴾ يقال للمرأة نعجة، ويقال لها أيضا شاة ﴿ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها﴾ مثل ﴿وكفلها زكرياء﴾ /آل عمران: ٣٧/: ضمنها ﴿وعزني﴾ غلبني، صار أعز مني، أعززته جعلته عزيزا ﴿في الخطاب﴾ يقال: المحاورة ﴿قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء﴾ الشركاء ﴿ليبغي – إلى قوله – أنما فتناه﴾. قال ابن عباس: اختبرناه، وقرأ عمر: فتناه، بتشديد التاء ﴿فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب﴾ /ص: ٢٢ – ٢٤/.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق. والطير محشورة كل له أواب. وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب﴾. (ذا الأيد) صاحب القوة. (أواب) كثير الرجوع إلى الله تعالى بالطاعة والعبادة وشدة البعد عن كل ما يكرهه الله عز وجل. (بالعشي) بآخر النهار. (الإشراق) أول النهار. (محشورة) مجموعة. (كل له أواب) أي كل من الجبال والطير مطيع لداود عليه السلام. (شددنا ملكه) قويناه بالحرس والجند. (الحكمة) النبوة وعلم الشرائع الإلهية والإصابة في الأمور. (ولا تشطط) ولا تجر في حكمك، من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطي الحق. (واهدنا إلى سواء الصراط) أرشدنا إلى الحق والصواب. (أخي) على ديني وطريقتي، لا من جهة النسب. (نعجة) امرأة، والعرب
تكني بالنعجة عن المرأة. (أكفلنيها) أي طلقها لأتزوجها وأضمها إلي. (وكفلها زكرياء) أي ضم زكرياء مريم عليهما السلام إلى نفسه، وفي قراءة: ﴿وكفلها زكرياء﴾. (ليبغي) ليظلم. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود﴾. (قليل ما هم) أي المؤمنون الصالحون الذين لا يظلمون قليلون. (ظن) أيقن وعلم. (اختبرناه) في أصول القضاء، فكانت منه عجلة حين حكم على أحد الخصمين بكونه ظالما بمجرد الدعوى، وقبل أن يسمع من الآخر. (فاستغفر ربه) سأله الغفران عن هذه الزلة التي هي من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وإلا فهي ليست زلة بحد ذاتها. (خر راكعا) سقط على وجهه ساجدا لله عز وجل، وعبر عن السجود بالركوع لما في كل منهما من الانحناء. (أناب) رجع إلى الله عز وجل متضرعا أن يقبل توبته عن هذه الهفوة، على ما سبق.
٣ ‏/ ١٢٥٧
٣٢٣٩ – حدثنا محمد: حدثنا سهل بن يوسف قال: سمعت العوام، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس:
أسجد في ﴿ص﴾؟ فقرأ: ﴿ومن ذريته داود وسليمان – حتى أتي – فبهداهم اقتده﴾. فقال: نبيكم ﷺ ممن أمر أن يقتدي بهم.
[٤٣٥٦، ٤٥٢٨، ٤٥٢٩، وانظر: ١٠١٩]
٣ ‏/ ١٢٥٨
٣٢٤٠ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
ليس ﴿ص﴾ من عزائم السجود، ورأيت النَّبِيَّ ﷺ يَسْجُدُ فِيهَا.
[ر: ١٠١٩]
٣ ‏/ ١٢٥٨
٤١ – باب: قول اله تعالى: ﴿ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب﴾ /ص: ٣٠/. الراجع المنيب.
وقوله: ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدي﴾ /ص: ٣٥/. وقوله: ﴿واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان﴾ /البقرة: ١٠٢/.
﴿ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر﴾ أذبنا له عين الحديد ﴿ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير. يعملون له ما يشاء من محاريب﴾ قال مجاهد: بنيان ما دون القصور ﴿وتماثيل وجفان كالجواب﴾ كالحياض للإبل، وقال ابن عباس: كالجوبة من الأرض ﴿وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور. فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض﴾ الأرضة ﴿تأكل منسأته﴾ عصاه ﴿فلما خر – إلى قوله – في العذاب المهين﴾ /سبأ: ١٢ – ١٤/.
﴿حب الخير عن ذكر ربي … فطفق مسحا بالسوق والأعناق﴾ /ص: ٣٢، ٣٣/: يمسح أعراف الخيل وعراقيبها. ﴿الأصفاد﴾ /ص: ٣٨/: الوثاق.
قال مجاهد: ﴿الصافنات﴾ صفن الفرس رفع إحدى رجليه حتى تكون على طرف الحافر ﴿الجياد﴾ /ص: ٣١/: ﴿جسدا﴾ /ص: ٣٤/: شيطانا. ﴿رخاء﴾ طيبة ﴿حيث أصاب﴾

⦗١٢٦٠⦘
/ص: ٣٦/: حيث شاء. ﴿فامنن﴾ أعط .. ﴿بغير حساب﴾ /ص: ٣٩/: بغير حرج.


(لا ينبغي ..) لا يكون مثيله لأحد بعدي. (واتبعوا) اليهود والكهان. (تتلو) تروي وتحدث. (على ملك) في ملك. (ولسليمان الريح) أي سخرناها. (غدوها) ذهابها به عليه السلام في وقت الصباح مسيرة شهر. (رواحها) عودها به آخر النهار. (بين يديه) أمامه. (بإذن ربه) بأمر ربه. (يزغ) يعدل ويمل. (أمرنا) بطاعة سليمان عليه السلام. (محاريب) مساكن أو مساجد. (تماثيل) صورا، وقد كانت مباحة في شريعته، ومنعت في شرعنا بالأدلة الصريحة الصحيحة. (جفان) جمع جفنة وهي القصعة الكبيرة. (الجوبة) الحفرة المستديرة الواسعة. (راسيات) ثابتات لا يحولن ولا يحركن لضخامتهن. (اعملوا) بطاعة الله تعالى. (شكرا) له سبحانه على عظيم نعمه. (الشكور) القائم بالشكر على الوجه الكامل بلسانه وقلبه وجوارحه. (قضينا) حكمنا. (خر) سقط ميتا. (إلى قوله) وتتمة الآية: ﴿تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب﴾. (تبينت) أيقنت وعلمت. (الغيب) ما خفي عنهم، وهو موت سليمان عليه السلام وهم يظنونه حيا. (لبثوا) استمروا وبقوا. (العذاب) التعب والعمل المرهق. (المهين) المذل للقائم به، لأنه تسخير له. (حب الخير) آثرت حب الخير على الذكر والعبادة. (فطفق) شرع. (أعراف) جمع عرف وهو الشعر النابت في محدب رقبتها، والمراد أنه نحرها. (الأصفاد) القيود. (جسدا) قيل هو الشق المذكور في الحديث الآتي (٣٢٤٢) ذكره النسفي في تفسير الآية، وقال: وأما ما يروي من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليه السلام فمن أباطيل اليهود.
٣ ‏/ ١٢٥٩
٣٢٤١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ: (إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: ﴿رب اغفر لي وهب لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾. فرددته خاسئا).
﴿عفريت﴾ متمرد من إنس أو جان، مثل زبنية جماعتها الزبانية.
[ر: ٤٤٩]


(عفريت) يشير إلى قوله تعالى: ﴿قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك﴾ /النمل: ٣٩/. (به) أي بعرش بلقيس. (مقامك) مجلس قضائك. (جماعتها) أي جمعها. قيل أشار بقوله (زبنية ..) إلى أنه قال في عفريت عفرية، ويجمع على عفارية.
٣ ‏/ ١٢٦٠
٣٢٤٢ – حدثنا خالد بن مخلد: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قال:
قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا، ساقطا أحد شقيه. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ قالها لجاهدوا في سبيل الله). قال شعيب وابن أبي ازناد: (تسعين). وهو الأصح.
[٤٩٤٤، ٦٢٦٣، ٦٣٤١، ٧٠٣١، وانظر: ٢٦٦٤]
أخرجه مسلم في الأيمان، باب: الاستثناء، رقم: ١٦٥٤.
٣ ‏/ ١٢٦٠
٣٢٤٣ – حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حدثنا إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أي مسجد وضع أول؟ قال: (المسجد الحرام). قلت: ثم أي؟ قال: (ثم المسجد الأقصى). قلت: كم كان بينهما؟ قال: (أربعون، ثم قال: حيثما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد).
[ر: ٣١٨٦]
٣ ‏/ ١٢٦٠
٣٢٤٤ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ:

⦗١٢٦١⦘
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فجعل الفراش وهذه الدواب تقع في النار. وقال: كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ: الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ داود فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إن سمعت بالسكين إِلَّا يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةَ.
[٦١١٨، ٦٣٨٨]


أخرجه مسلم في الأقضية، باب: بيان اختلاف المجتهدين، رقم: ١٧٢٠. (مثلي ومثل الناس) حالي وشأني في دعوتهم إلى الإسلام المنقذ لهم من النار، مع حالهم وشأنهم في إقبالهم على ما تزين لهم أنفسهم من التمادي في الباطل. (تقع في النار) أي وهو يحاول دفعهم عنها. (هو ابنها) قالت ذلك حتى لا يشقه، خوفا عليه لأنه ابنها في الحقيقة. (إن سمعت) ما سمعت.
٣ ‏/ ١٢٦٠
٤٢ – باب: قول الله تعالى: ﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله﴾.
إلى قوله: ﴿إن الله لا يحب كل مختال فخور﴾ /لقمان: ١٢ – ١٨/.
﴿ولا تصعر﴾: الإعراض بالوجه.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله
غني حميد. وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم. ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير. يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا﴾. (الحكمة) العقل والعلم والإصابة في القول والعمل، والجمهور على أن لقمان عليه السلام ليس بنبي. (لنفسه) لأن منفعة الشكر تعود عليه. (كفر) النعمة ولم يؤد شكرها تسوية بين المنعم المستحق للعبادة، وبين من لا نعمة له أصلا، فلا يستحق عبادة ولا تعظيما. (وهنا على وهن) شدة بعد شدة، تزيدها ضعفا بعد ضعف. (فصاله) فطامه ومدة رضاعه. (لي) بالعبادة والتوحيد. (ولوالديك) بالطاعة والبر والاحترام. (المصير) المرجع، وعلي الحساب. (جاهداك) بلغا وسعهما في حملك على الشرك ودعوتك له. (ما ليس لك به علم) ما تعلم أنه ليس بشيء، ولا تعلم له نعمة عليك ولا صفة يستحق بها أن يعبد، وهذا حال جميع المخلوقات. (معروفا) صحبة حسنة بالبر والصلة والاحتمال. (سبيل) دين. (أناب إلي) أقبل على طاعتي وعبادتي وهم المؤمنون أتباع الرسل. (إنها) أي المعصية والمخالفة. (مثقال) وزن أو حجم. (خردل) نبت صغير الحب، يضرب به المثل للتناهي في الصغر. (لطيف) يتوصل علمه إلى كل خفي. (المعروف) كل ما عرف من الشرع حسنه. (المنكر) كل ما عرف من الشرع قبحه. (ما أصابك) من الأذى في سبيل الأمر والنهي. (ذلك) أي ما وصيتك به. (عزم الأمور) الأمور التي أمر الله تعالى بها أمر حتم وإلزام، وقطع بها قطع إيجاب وفرض. (لا تصعر خدك للناس) لا تتكبر عليهم فتعرض عنهم بوجهك وتحتقرهم، إذا هم كلموك أو عاملوك. وتصعر من الصعر، وهو ميل في العنق وانقلاب في الوجه إلى أحد الشدقين، وربما كان الإنسان أصعر خلقة، أو صعره غيره بشيء يصيبه. وقيل: هو داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه. (مرحا) خيلاء. (مختال) متكبر في مشيه. (فخور) يفاخر الناس ويعدد مناقبه ليتطاول عليهم.
٣ ‏/ ١٢٦١
٣٢٤٥ – حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾. قال أصحاب النبي ﷺ: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فنزلت: ﴿لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
٣ ‏/ ١٢٦٢
٣٢٤٦ – حدثني إسحاق: أخبرنا عيسى بن يونس: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمانهم بظلم﴾. شق ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ
بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم﴾).
[ر: ٣٢]
٣ ‏/ ١٢٦٢
٤٣ – باب: ﴿واضرب لهم مثلا أصحاب القرية﴾ الآية /يس: ١٣/.
﴿فعززنا﴾ /يس: ١٤/: قال مجاهد: شددنا. وقال ابن عباس ﴿طائركم﴾ /يس: ١٩/: مصائبكم.


(القرية) هي أنطاكية. (الآية) وتتمتها: ﴿إذ جاءها المرسلون﴾ أي الذين أرسلهم عيسى عليه السلام. (فعززنا) فقوينا. (طائركم) شؤمكم، وهو هنا كفرهم بالله تعالى وتكذيبهم لرسله.
٣ ‏/ ١٢٦٢
٤٤ – باب: قول الله تعالى: ﴿ذكر رحمة ربك عبده زكرياء. إذ نادى
ربه نداء خفيا. قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا﴾.
إلى قوله: ﴿لم نجعل له من قبل سميا﴾. قال ابن عباس: مثلا، يقال: رضيا مرضيا.

⦗١٢٦٣⦘
﴿عتيا﴾ عصيا، عتا يعتو. ﴿قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا – إلى قوله – ثلاث ليال سويا﴾ ويقال: صحيحا. ﴿فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا﴾ فأوحى: فأشار: ﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة – إلى قوله – ويوم يبعث حيا﴾ /مريم: ٢ – ١٥/.
﴿حفيا﴾ /مريم: ٤٧/: لطيفا. ﴿عاقرا﴾ الذكر والأنثى سواء.


(زكرياء) وفي قراءة ﴿زكريا﴾ بالقصر. (خفيا) دعاه سرا في نفسه خفية من قومه. (وهن العظم) ضعف، وهو كناية عن ضعف البدن عامة وذهاب قوته، لأن العظم أقوى ما فيه، فإذا ضعف كان غيره أضعف. (اشتعل الرأس شيبا) كثر الشيب في شعر رأسي وفشا وانتشر، والشيب بياض الشعر، وغالبا ما يكون عند الطعن في السن. (إلى قوله) وتتمة الآيات: ﴿ولم أكن بدعائك رب شقيا. وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا. يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا. يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى﴾. (الموالي) هم بنو عمه، وخاف أن يغيروا الدين من بعده ويبدلوه، لما رأى من بني إسرائيل تبديلهم وتحريفهم للدين وقتلهم للأنبياء. (عاقرا) لا تلد. (من لدنك) من عندك منحة وعطية فوق الأسباب العادية. (وليا) ولدا يلي الأمر من بعدي. (يرثني) أي يرث النبوة والعلم والهدى والرشاد. (رضيا) ترضى عنه ويرضى بحكمك، ويرضى عنه العباد. (بغلام) ولد ذكر. (سميا) أي لم يسم أحد باسمه قبله. (عتيا) أي تجاوزت في السن حتى نحل عظمي ويبست مفاصلي، وعتا يعتو أسن وكبر. (عصيا) قال العيني: وذكره بالصاد المهملة والصواب بالسين المهملة. وفي القاموس المحيط: عسا الشيخ يعسو عسيا كبر. (أنى) من أين؟ وهو استكشاف عن الطريقة التي سيوهب بها الولد، لا استبعاد لذلك. (إلى قوله) وتتمة الآيات: ﴿قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا. قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس﴾. (آية) علامة على حمل امرأتي. (ألا تكلم) لا تستطيع الكلام. (سويا) حال كونك صحيحا سليم الأعضاء واللسان والحواس. (المحراب) الموضع الذي كان يصلي فيه. (سبحوا) صلوا لله تعالى. (بكرة وعشيا) صباحا ومساء، وقد كان يأمرهم بالصلاة في هذه الأوقات، فلما منع الكلام أمرهم بذلك إشارة. (بقوة) بجد واجتهاد مؤيدا بالتوفيق. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿وآتيناه الحكم صبيا. وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا. وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا. وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت﴾. (الحكم) الفهم والفقه في الدين، وقيل: النبوة. (صبيا) دون البلوغ. (حنانا) جعلنا لديه رحمة وشفقة لأبويه وغيرهما. (زكاة) طهارة وصلاحا. (تقيا) مخلصا في طاعته لله عز وجل، ولم يهم بخطيئة قط. (برا) لطيفا محسنا. (جبارا) متكبرا لا يرى لأحد حقا عليه. (عصيا) صيغة مبالغة من العصيان. (سلام عليه) أمان له من الله عز وجل. (يوم ولد) من مس الشيطان. (ويوم يموت) من فتنة القبر. (ويوم يبعث حيا) من عذاب يوم القيامة. (حفيا) من الحفاوة، وهي المبالغة في الإكرام والعناية بالأمر. (سواء) أي يقال للرجل الذي لا يلد عاقر، كما يقال للمرأة التي لا تلد عاقر.
٣ ‏/ ١٢٦٢
٣٢٤٧ – حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يحيى: حدثنا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ

⦗١٢٦٤⦘
مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بن صعصعة:
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حدثهم عن ليلة أسري به: (ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى، فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح).
[ر: ٣٠٣٥]

٣ ‏/ ١٢٦٣
٤٥ – باب: قول الله تعالى: ﴿واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا﴾ /مريم: ١٦/.
﴿إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة﴾ /آل عمران: ٤٥/. ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين – إلى قوله – يرزق من يشاء بغير حساب﴾ /آل عمران: ٣٣ – ٣٧/.
قال ابن عباس: وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد

⦗١٢٦٥⦘
ﷺ، يقول: ﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه﴾ /آل عمران: ٦٨/: وهم المؤمنون. ويقال: آل يعقوب أهل يعقوب، فإذا صغروا آل ثم ردوه إلى الأصل قالوا: أهيل.


(انتبذت) اعتزلت وانفردت للعبادة. (شرقيا) مما يلي شرقي بيت المقدس. (بكلمة منه) ببشرى من عنده، وهي أن يولد لك ولد من غير زوج. (اصطفى) اختار، من الصفوة وهي الخالص من كل شيء. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله ..﴾. (ذرية) اسم لنسل الإنس والجن، وتطلق على الآباء والأبناء ومن تناسل منهم. (نذرت) جعلته نذرا، والنذر ما يوجبه الإنسان على نفسه. (محررا) مفرغا خالصا لعبادة الله تعالى وخدمة بيته. (فتقبل) من التقبل وهو أخذ الشيء مع الرضا به. (وليس الذكر كالأنثى) أي في القيام على خدمة بيت الله تعالى ومن يأتونه للعبادة، فالذكر أقدر على ذلك، وهي تقول هذا اعتذارا إلى الله عز وجل، ظنا منها أنها تعرف أنها لم توف بنذرها على الوجه الأكمل، لأنه كان في نفسها أن يكون حملها ذكرا. (أعيذها) أجيرها وأحصنها. (الرجيم) الطريد من رحمة الله تعالى. (بقبول حسن) أي بجعلها فوق غيرها من أوليائه الصالحين، وسلك بها طريق السعداء. (أنبتها ..) أنشأها تنشئة طيبة وجعل منها ذرية مباركة إذ جعل منها عيسى عليه السلام. (كفلها) ضمها إليه ليقوم بأمرها. (المحراب) مكان عبادتها. (رزقا) فاكهة ونحوها في غير وقتها. (أنى) من أين. (آل عمران المؤمنون ..) أي المراد بآل عمران المصطفين المؤمنون منهم، وكذلك المؤمنون من آل إبراهيم، والمؤمنون من آل ياسين، والمؤمنون من آل محمد، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، فهو من العام الذي أريد به الخاص. (يقول) أي ابن عباس رضي الله عنهما. محتجا على تخصيصه الآل بالمؤمنين منهم، لأن غير المؤمنين منهم لم يتبعوه، فليسوا بأولى به، ولا يعدون من الآل.
٣ ‏/ ١٢٦٤
٣٢٤٨ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزهري قال: حدثني سعيد ابن المسيب قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: (ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان، غير مريم وابنها). ثم يقول أبو هريرة: ﴿وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم﴾.
[ر: ٣١١٢]


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم: ٢٣٦٦. (يمسه الشيطان) يناله بيده من غير حاجز. (فيستهل) يصوت عند ولادته. (أعيذها) أجيرها وأحصنها. (الرجيم) الطريد من رحمة الله تعالى /آل عمران: ٣٦/.
٣ ‏/ ١٢٦٥
٤٦ – باب:
﴿وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين. ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون﴾ /آل عمران: ٤٢ – ٤٤/. يقال: يكفل يضم، كفلها ضمها، مخففة، ليس من كفالة الديون وشبهها.


(اصطفاك) اختارك وخصك بفضل لم يكن لغيرك. (طهرك) من الأدناس المادية والمعنوية. (اصطفاك) فضلك على غيرك من النساء. (اقنتي) من القنوت وهو الطاعة. (اركعي مع الراكعين) كوني من المصلين المديمين للصلاة. (يلقون أقلامهم) يطرحونها مقترعين بها. (يكفل مريم) يقوم بحضانتها ورعايتها. (يختصمون) يتنافسون في شأنها رغبة في الأجر.
٣ ‏/ ١٢٦٥
٣٢٤٩ – حدثني أحمد بن أَبِي رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أخبرني أبي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سمعت عليا رضي الله عنه يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة).
[٣٦٠٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٠. (خير نسائها) أي نساء الدنيا في زمانها.
٣ ‏/ ١٢٦٥
٤٧ – باب: قوله تعالى: ﴿إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم﴾.
إلى قوله: ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾ /آل عمران: ٤٥ – ٤٧/: يبشرك ويبشرك واحد، ﴿وجيها﴾ شريفا.
وقال إبراهيم: ﴿المسيح﴾ الصديق. وقال مجاهد: الكهل الحليم، و﴿الأكمه﴾ /آل عمران: ٤٩/: من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. وقال غيره: من يولد أعمى.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين. ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين. قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا﴾. (يبشرك) من التبشير وهو الإخبار بما يسر من خير، ولا يستعمل في الشر إلا تهكما. (المسيح) قيل في معناه الكثير، منها: جميل الوجه، ومنها: لأنه ما كان يمسح ذا عاهة إلا برأ. (كهلا) هو في اللغة من قارب الأربعين، وقيل: من
جاوز الثلاثين. (أنى) كيف. (لم يمسسني بشر) لم يصبني ذكر. (قضى أمرا) أراد تكوينه ووجوده. (إبراهيم) النخعي.
٣ ‏/ ١٢٦٦
٣٢٥٠ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سمعت مرة الهمذاني يحدث: عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سائر الطعام، كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساء: إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون).
[ر: ٣٢٣٠]
٣ ‏/ ١٢٦٦
٣٢٥١ – وقال ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هريرة قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: (نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده). يقول أبو هريرة على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط.
تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي، عن الزهري.
[٤٧٩٤، ٥٠٥٠]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل نساء قريش، رقم: ٢٥٢٧. (ركبن الإبل) هو كناية عن نساء العرب. (أحناه) أشفقه وأعطفه. (أرعاه) أكثر رعاية وصيانة. (في ذات يده) ماله المضاف إليه.
٣ ‏/ ١٢٦٦
٤٨ – باب: قوله: ﴿يا أهل الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ …﴾
﴿… وَلا تَقُولُوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم روح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا﴾ /النساء: ١٧١/.
قال أبو عبيد: ﴿كلمته﴾ كن فكان. وقال غيره: ﴿وروح منه﴾ أحياه فجعله روحا. ﴿ولا تقولوا ثلاثة﴾.


(لا تغلوا) من الغلو وهو الإفراط ومجاوزة الحد. (روح منه) كسائر الأرواح التي خلقها سبحانه، وأضافه إليه تشرفيا وتكريما. (ولا تقولوا ثلاثة) أي في حق الله تعالى وعيسى وأمه عليهما السلام. (وكيلا) قائما بتدبير الخلق، غنيا عنهم.
٣ ‏/ ١٢٦٧
٣٢٥٢ – حدثنا صدقة بن الفضل: حدثنا الْوَلِيدُ، عَنْ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عن عبادة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمتة ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).
قال الوليد: حدثني ابن جابر، عن عمير، عن جنادة، وزاد: (من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء).


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، رقم: ٢٨. (حق) أمر ثابت وحاصل. (على ما كان من العمل) أي يكون دخوله الجنة على حسب ما قدم من أعمال في الدنيا، فإن لم تكن له ذنوب يعاقب عليها بالنار كان من السابقين، وإن كانت له ذنوب فأمره إلى الله تعالى، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، ثم كانت نهايته إلى الجنة.
٣ ‏/ ١٢٦٧
٤٩ – باب: ﴿واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها﴾ /مريم: ١٦/.
نبذناه: ألقيناه: اعتزلت. ﴿شرقيا﴾ /مريم: ١٦/: مما يلي الشرق. ﴿فأجاءها﴾ /مريم: ٢٣/: أفعلت من جئت، ويقال: ألجأها اضطرها. ﴿تساقط﴾ /مريم: ٢٥/:

⦗١٢٦٨⦘
تسقط. ﴿قصيا﴾ /مريم: ٢٢/: قاصيا. ﴿فريا﴾ /مريم: ٢٧/: عظيما.
قال ابن عباس: ﴿نسيا﴾ /مريم: ٢٣/: لم أكن شيئا. وقال غيره: النسي الحقير.
وقال أبو وائل: علمت مريم أن التقي ذو نهية حين قالت: ﴿إن كنت تقييا﴾ /مريم: ١٨/.
قال وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ: ﴿سريا﴾ /مريم: ٢٤/: نهر صغير بالسريانية.


(واذكر ..) انظر الباب (٤٥). (نبذناه) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فنبذناه بالعراء وهو سقيم﴾ /الصافات: ١٤٥/. (بالعراء) بالأرض الخالية عن الشجر والنبات، وكل ما تجرد مما يستره فهو عراء. (سقيم) مريض. (اعتزلت) تفسير لقوله تعالى: ﴿انتبذت﴾. (أفعلت ..) أي لفظ أجاء مزيد جاء، فوزن جاء فعل وهو لازم، فإذا عدي صار وزن أفعل وقلت: أجاء. (تساقط) وقرئ ﴿تساقط﴾ و﴿تساقط﴾. (قاصيا﴾ بعيدا. (فريا) منكرا هائلا، ومصنوعا مختلقا. (نسيا) وقرئ بفتح النون، قال النسفي: ومعناهما واحد،
وهو الشيء الذي حقه أن يطرح وينسى لحقارته. (ذو نهية) ذو عقل ينهاه عن فعل القبيح.
٣ ‏/ ١٢٦٧
٣٢٥٣ – حدثنا مسلم عن إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج، كان يصلي، جاءته أمه فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المومسات، وكان جريج في صومعته، فتعرضت له امرأة وكلمته فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غلاما، فقالت: من جريج، فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا
من طين. وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل، فمر بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها وأقبل على الراكب، فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه – قال أبو هريرة: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يمص إصبعه – ثم مر بأمة، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فقالت: لم ذاك؟ فقال: الراكب جبار من الجبابرة، وهذه الأمة يقولون: سرقت، زنيت، ولم تفعل).
[ر: ١١٤٨]


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة، رقم: ٢٥٥٠. (المهد) الفراش الذي يهيأ للصبي ليضجع فيه وينام، والمراد هنا: حال الصغر قبل أوان الكلام. (ذو شارة) ذو حسن وجمال، وقيل: صاحب هيئة وملبس حسن، يتعجب منه ويشار إليه. (أمة) امرأة مملوكة. (لم ذلك) أي سألته عن سبب دعائه أن يكون مثل الأمة ولا يكون مثل الرجل. (ولم تفعل) والحال أنها بريئة لم تسرق ولم تزن، وتلتجئ إلى الله تعالى أن يجيرها وأن يثيبها.
٣ ‏/ ١٢٦٨
٣٢٥٤ – حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ ليلة أسري بي: (لقيت موسى قال: فنعته، فإذا رجل – حسبته قال – مضطرب رجل الرأس، كأنه من رجال شنوءة، قال: ولقيت عيسى – فنعته النبي ﷺ فقال – ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس – يعني الحمام – ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به، قال: وأتيت بإناءين، أحدهما لبن والآخر فيه خمر، فقيل لي: خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته، فقيل لي: هديت الفطرة، أو: أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك).
[ر: ٣٢١٤]
٣ ‏/ ١٢٦٩
٣٢٥٥ – حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل: أخبرنا عثمان بن المغيرة، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (رَأَيْتُ عيسى وموسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فآدم جسيم سبط، كأنه من رجال الزط).


(فأحمر) أبيض مشرب بحمرة. (جعد) في شعره انثناء. (آدم) فيه سمرة. (جسيم) كثير اللحم، وقيل: الجسامة هنا باعتبار الطول. (سبط) هو خلاف الجعد. (الزط) جنس طوال من السودان.
٣ ‏/ ١٢٦٩
٣٢٥٦ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حدثنا موسى، عن نافع: قال عبد الله:
ذكر النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا بَيْنَ ظهري الناس المسيح الدجال، فقال: (إن الله ليس بأعور، ألا إن الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عنبة طافية، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل آدم، كأحسن ما يرى من أدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا المسيح بن مريم، ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا، أعور

⦗١٢٧٠⦘
العين اليمنى، كأشبه من رأيت بابن قطن، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال).
تابعه عبيد الله، عن نافع.


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال. وفي الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم: ١٧١. (بين ظهراني الناس) جالسا في وسط الناس، ظاهرا لهم لا مستخفيا عنهم. (عنبة طافية) ناتئة عن حد أختها، من الطفو، وهو أن يعلو الماء ما وقع فيه، والعنبة الطافية هي الحبة الكبيرة التي خرجت عن أخواتها. (لمته) هي الشعر إذا جاوز شحم الأذنين، سميت بذلك لأنها ألمت بالمنكبين. (قططا) شديد جعودة الشعر. (بابن قطن) هو عبد العزى بن قطن بن عمرو الجاهلي الخزاعي، وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها.
٣ ‏/ ١٢٦٩
٣٢٥٧ – حدثنا أحمد بن محمد المكي قال: سمعت إبراهيم بن سعد قال: حدثني الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:
لا والله، ما قال النبي ﷺ لعيسى أحمر، ولكن قال: (بينما أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سبط الشعر، يهادى بين رجلين، ينطف رأسه ماء، أو يهراق رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جعد الرأس، أعور عينه الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا الدجال، وأقرب الناس به شبها ابن قطن).
قال الزهري: رجل من خزاعة، هلك في الجاهلية.
[٥٥٦٢، ٦٥٩٨، ٦٦٢٣، ٦٧٠٩، وانظر: ٣١٥٩]
(ينطف) يقطر. (يهراق) يسيل منه الماء.
٣ ‏/ ١٢٧٠
٣٢٥٨ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي).


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم: ٢٣٦٥. (أولى الناس) أخص الناس به وأقربهم إليه، لأنه بشر به، أو لأنه لا نبي بينهما، فكأنهما في زمن واحد. (أولاد علات) هم الأخوة لأب واحد من أمهات مختلفة، والمعنى: أن شرائعهم متفقة من حيث الأصول وإن اختلفت من حيث الفروع، حسب الزمن، وحسب العموم والخصوص.
٣ ‏/ ١٢٧٠
٣٢٥٩ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سليمان: حدثنا هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي عمرة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد).
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ

⦗١٢٧١⦘
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ.


(شتى) مختلفة ومتعددة. (دينهم واحد) هو دين التوحيد، وهذا يفيد أن النسب الحقيقي هو نسب العقيدة والإيمان، وبه يكون التفاضل لا بالآباء.
٣ ‏/ ١٢٧٠
٣٢٦٠ – وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن النبي ﷺ قال: (رأى عيسى بن مريم رجلا يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله، وكذبت عيني).


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم: ٢٣٦٨. (آمنت بالله) صدقت من حلف به. (كذبت عيني) أي ما ظهر لي من كون المأخوذ سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ما له فيه حق، أو ما أذن له صاحبه في أخذه، ونحو ذلك. وقيل: قاله عليه السلام مبالغة في تصديق الحالف بالله تعالى.
٣ ‏/ ١٢٧١
٣٢٦١ – حدثنا الحميدي: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابن عباس: سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر:
سمعت النبي ﷺ يقول: (لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله).
[ر: ٢٣٣٠]


(لا تطروني) من الإطراء وهو الإفراط في المديح ومجاوزة الحد فيه، وقيل: هو المديح بالباطل والكذب فيه. (كما أطرت النصارى ابن مريم) أي بدعواهم فيه الألوهية وغير ذلك.
٣ ‏/ ١٢٧١
٣٢٦٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا صالح بن حي: أن رجلا من أهل خراسان قال للشعبي، فقال الشعبي: أخبرني أبو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (إذا أدب الرجل أمته فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فتزوجها كان له أجران، وإذا آمن بعيسى، ثم آمن بي فله أجران، والعبد إذا اتقى ربه وأطاع مواليه فله أجران).
[ر: ٩٧]
٣ ‏/ ١٢٧١
٣٢٦٣ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (تحشرون حفاة عراة غرلا، ثم قرأ: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين﴾. فأول من يكسى إبراهيم، ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول: أصحابي، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم:

⦗١٢٧٢⦘
﴿وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾).
قال محمد بن يوسف: ذكر عن أبي عبد الله، عن قبيصة قال: هم المرتدون الذين ارتدوا على عهد أبي بكر، فقاتلهم أبي بكر رضي الله عنه.
[ر: ٣١٧١]

٣ ‏/ ١٢٧١
٥٠ – باب: نزول عيسى بن مريم عليهما السلام.
٣ ‏/ ١٢٧٢
٣٢٦٤ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها). ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به من قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا﴾.
[ر: ٢١٠٩]


(إن شئتم) أن تتأكدوا من معنى وصدق ما أروي. (وإن من أهل الكتاب) وما من أحد من اليهود والنصارى. (به) بعيسى عليه السلام. (قبل موته) الموت العادي المألوف بعد نزوله عليه السلام /النساء: ١٥٩/.
٣ ‏/ ١٢٧٢
٣٢٦٥ – حدثنا ابن بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (كييف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم). تابعه عقيل والأوزاعي.


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد ﷺ، رقم: ١٥٥. (وإمامكم منكم) يصلي معكم بالجماعة والإمام من هذه الأمة، تكرمة لها. أو المراد: أنه يحكم بينكم بشرعكم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد ﷺ.
٣ ‏/ ١٢٧٢
٥١ – باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.
٣ ‏/ ١٢٧٢
٣٢٦٦ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حدثنا عبد الملك، عن ربعي بن حراش قال: قال عقبة بن عمرو لحذيفة:
ألا تحدثنا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قال إني سمعته يقول: (إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنها النار فماء بارد، وأما الذي يرى الناس أنه ماء بارد فنار تحرق، فمن أدرك منكم فليقع في الذي

⦗١٢٧٣⦘
يرى أنها نار، فإنه عذب بارد).
قال حذيفة وسمعته يقول: (إن رجلا كان فيمن كان قبلكم، أتاه الملك ليقبض روحه، فقيل له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم، قيل له: انظر، قال: ما أعلم شيئا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم، فأنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر، فأدخله الله الجنة).
قال وسمعته يقول: (إن رجلا حضره الموت، فلما يئس من الحياة أوصى أهله: إذا أنا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا، وأوقدوا فيه نارا، حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فامتحشت، فخذوها فاطحنوها، ثم انظروا يوما راحا فاذروه في اليم، ففعلوا، فجمعه الله فقال له: لم فعلت ذلك؟ قال: من خشيتك، فغفر الله له).
قال عقبة بن عمرو: وأنا سمعته يقول ذاك: (وكان نباشا).
[٦٧١١، وانظر: ٣٢٩٢]


أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم: ٢٩٣٤، ٢٩٣٥. (فمن أدرك منكم) أي خروج الدجال. (أجازيهم) أتقاضاهم الحق الذي لي عليهم. (فأنظر) أؤخر المطالبة بحقي. (فامتحشت) احترقت، من الامتحاش وأصله المحش وهو احتراق الجلد وظهور العظم. (راحا) شديد الريح. (نباشا) هو الذي يسرق ما في القبور.
٣ ‏/ ١٢٧٢
٣٢٦٧ – حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عبيد الله بن عبد الله: أن عائشة وابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَا:
لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، طَفِقَ يطرح خميصة عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). يُحَذِّرُ مَا صنعوا.
[ر: ٤٢٥]
٣ ‏/ ١٢٧٣
٣٢٦٨ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حدثنا شعبة، عن فرات القزاز قال: سمعت أبا حازم قال:
قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون). قالوا: فما تأمرنا؟ قال: (فوا ببيعة الأول فالأول،

⦗١٢٧٤⦘
أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم).


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، رقم: ١٨٤٢. (تسوسهم) تتولى أمورهم، والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه. (فيكثرون) أي يكون أكثر من حاكم واحد للمسلمين في زمن واحد. (فوا) من الوفاء. (ببيعة الأول فالأول) أي إن الذي تولى الأمر وبويع قبل غيره هو صاحب البيعة الصحيحة التي يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها مطلقا. (أعطوهم حقهم) أطيعوهم في غير معصية. (سائلهم) محاسبهم بالخير والشر عن حال رعيتهم.
٣ ‏/ ١٢٧٣
٣٢٦٩ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عطاء بن يسار، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه:
أَنَّ النبي ﷺ قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فمن).
[٦٨٨٩]
(سنن) سبل ومناهج وعادات. (شبرا بشبر) كناية عن شدة الموافقة لهم في عاداتهم، رغم ما فيها من سوء وشر، ومعصية لله تعالى ومخالفة لشرعه. (جحر ضب) ثقبه وحفرته التي يعيش فيها، والضب دويبة تشبه الحرذون تأكله العرب، والتشبيه بجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ونتن ريحه وخبثه، وما أروع هذا التشبيه الذي صدق معجزة لرسول الله ﷺ، فنحن نشاهد تقليد أجيال الأمة لأمم الكفر في الأرض، فيما هي عليه من أخلاق ذميمة وعادات فاسدة، تفوح منها رائحة النتن، وتمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة والإثم، وتنذر بشر مستطير. (فمن) أي يكون غيرهم إذا لم يكونوا هم، وهذا واضح أيضا، فإنهم المخططون لكل شر، والقدوة في كل رذيلة.
٣ ‏/ ١٢٧٤
٣٢٧٠ – حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلَالٌ: أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإقامة.
[ر: ٥٧٨]
٣ ‏/ ١٢٧٤
٣٢٧١ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائشة رضي الله عنها:
كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته، وتقول: إن اليهود تفعله. تابعه شعبة، عن الأعمش.


(أن يجعل) أي المصلي. (خاصرته) وسطه، تحت الأضلاع وفوق الورك.
٣ ‏/ ١٢٧٤
٣٢٧٢ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قال: (إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم، ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود وَالنَّصَارَى، كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط،

⦗١٢٧٥⦘
فعملت النصارى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين، ألا، فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس، على قيراطين قيراطين، ألا لكم الأجر مرتين، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قال: فإنه فضلي أعطيه من شئت).
[ر: ٥٣٢]


(خلا) مضى.
٣ ‏/ ١٢٧٤
٣٢٧٣ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قاتل الله فلانا، ألم يعلم أن النبي ﷺ قال: (لعن اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا).
تابعه جابر، وأبو هريرة، عن النبي ﷺ.
[٢١١٠، ٢١١١، ٢١٢١]
٣ ‏/ ١٢٧٥
٣٢٧٤ – حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ: أَخْبَرَنَا الأوزاعي: حدثنا حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قال: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار).


(حدثوا عن بني إسرائيل) أي عما وقع لهم من الأمور الغربية. (حرج) إثم أو ضيق. (كذب علي) نسب إلي شيئا لم أقله، مما يحدث عن بني إسرائيل أو غيرهم. (فليتبوأ) من التبوؤ وهو اتخاذ المباءة وهي المنزل.
٣ ‏/ ١٢٧٥
٣٢٧٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابن شهاب قال: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ الله ﷺ قال: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم).
[٥٥٥٩]
أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: في مخالفة اليهود في الصبغ، رقم: ٢١٠٣. (لا يصبغون) لا يغيرون لون الشيب. (فخالفوهم) بصبغ شعر الرأس واللحية، ولكن بغير السواد، وأما الصبغ بالسواد فقال بعض الفقهاء بتحريمه لما ثبت في ذلك من أحاديث صحيحة وحملها بعضهم على الكراهة، واستثنى بعضهم صبغ المرأة من أجل زوجها خاصة، فقال بإباحة السواد لها.
٣ ‏/ ١٢٧٥
٣٢٧٦ – حدثني محمد قال: حدثني حجاج: حدثنا جرير، عن الحسن: حدثنا جندب بن عبد الله في هذا المسجد، وما نسينا منذ حدثنا، وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله ﷺ، قال:
قال رسول الله ﷺ: (كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح،

⦗١٢٧٦⦘
فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة).
[ر: ١٢٩٨]


(في هذا المسجد) مسجد البصرة الجامع. (فجزع) لم يصبر على الألم. (فحز) قطع. (فما رقأ) لم ينقطع الدم ولم يسكن. (بادرني عبدي بنفسه) استعجل الموت.
٣ ‏/ ١٢٧٥
حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل.
٣ ‏/ ١٢٧٥
٣٢٧٧ – حدثني أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قال: حدثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ. وحدثني محمد: حدثنا عبد الله بن رجاء: أخبرنا همام، عن إسحاق بن عبد الله قال: أخبرني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ: أَنَّ أَبَا هريرة رضي الله عنه حدثه:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، فأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل – أو قال البقر، هو شك في ذلك: أن الأبرص والأقرع: قال أحدهما الإبل، وقال الأخر البقر – فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك لك فيها. وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب، وأعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، قال: فأعطاه بقرة حاملا، وقال يبارك لك فيها. وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري، فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة والدا، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من إبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثم إنه أتى

⦗١٢٧٧⦘
الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين، تقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري. فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا صيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، وتقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخدته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك).
[٦٢٧٧]


أخرجه مسلم في أوائل كتاب الزهد والرقائق، رقم: ٢٩٦٤. (بدا لله) أراد أن يظهر ما سبق في علمه. (يبتليهم) يختبرهم. (ملكا) أي بصورة إنسان. (هو شك) أي إسحاق بن عبد الله راوي الحديث. (عشراء) الحامل التي أتى على حملها عشرة أشهر من يوم طرق الفحل لها، ويقال لها ذلك إلى أن تلد وبعدما تضع، وهي من أنفس الأموال عند العرب. (والدا) ذات ولد، أو حاملا. (فأنتج هذان) أي صاحب الإبل والبقر، وأنتج من النتاج وهو ما تضعه البهائم. (صورته وهيئته) أي التي كان عليها. (الحبال) الأسباب التي يتعاطاها في طلب الرزق. (أتبلغ به) من البلغة وهي الكفاية. (لكابر عن كابر) وفي رواية شيبان: (وإنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر) أي ورثته عن آبائي وأجدادي حال كون كل واحد منهم كبيرا ورث عن كبير. (ابن سبيل) منقطع في سفره. (لا أجهدك) لا أشق عليك في منع شيء تطلبه مني أو تأخذه.
٣ ‏/ ١٢٧٦
٥٢ – باب: ﴿أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم﴾ /الكهف: ٩/.
الكهف الفتح في الجبل، والرقيم الكتاب. ﴿مرقوم﴾ /المطففين: ٩/: مكتوب، من الرقم. ﴿ربطنا على قلوبهم﴾ /الكهف: ١٤/: ألهمناهم صبرا. ﴿شططا﴾ /الكهف: ١٤/: إفراطا. الوصيد: الفناء، وجمعه وصائد ووصد، ويقال: الوصيد الباب. ﴿مؤصدة﴾ /البلد: ٢٠/ و/الهمزة: ٨/: مطبقة، آصد الباب وأوصد. ﴿بعثناهم﴾ /الكهف: ١٩/: أحييناهم. ﴿أزكى﴾ /الكهف: ١٩/: أكثر ريعا. فضرب الله على آذانهم فناموا. ﴿رجما

⦗١٢٧٨⦘
بالغيب﴾ /الكهف: ٢٢/: لم يستبن. وقال مجاهد: ﴿تقرضهم﴾ /الكهف: ١٧/: تتركهم.


(الرقيم) لوح كتبت فيه قصة أهل الكهف أو أسمائهم على باب الكهف، وقيل غير ذلك. (من الرقم) مشتق من الرقم وهو الكتابة. (إفراطا) أي في الظلم والبعد عن الحق. (الفناء) الساحة الممتدة أمام الباب، وقيل: الوصيد العتبة، وهو يشير إلى قوله تعالى: ﴿وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد﴾ /الكهف: ١٨/. (أوصد) أغلق وأطبق. (أزكى) أحل وأطيب. (ريعا) زيادة، والريع فضل كل شيء على أصله. (فضرب الله ..) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا﴾ /الكهف: ١١/. والمعنى: أنمناهم نومة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات. فناموا سنين كثيرة في كهفهم. (رجما بالغيب) قذفا بالظن، وحدسا من غير يقين.
حديث الغار.؟؟
٣ ‏/ ١٢٧٧
٣٢٧٨ – حدثنا إسماعيل بن خليل: أخبرنا علي بن مسهر، عن عبيد الله ابن عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون، إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء، لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه.
فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز، فذهب وتركه، وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا، وأنه أتاني يطب أجره، فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها، فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفرق، فساقها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساحت عنهم الصخرة.
فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم: كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عليهما ليلة، فجئت وقد رقدا، وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء.
فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم، من أحب الناس إلي، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتى قدرت، فأتيت بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، ففرج

⦗١٢٧٩⦘
الله عنهم فخرجوا).
[ر: ٢١٠٢]


(فأووا) التجؤوا ودخلوا. (فيستكنا) فيضعفا ويهرما لأنه عشاؤهما، وترك العشاء يهرم. (لشربتهما) بسبب عدم شربهما. (راودتها عن نفسها) طلبت منها الجماع وفعل الفاحشة.
٣ ‏/ ١٢٧٨
٣٢٧٩ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (بينا امرأة ترضع ابنها إذ مر بها راكب وهي ترضعه، فقالت: اللهم لا تمت ابني حتى يكون مثل هذا، فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم رجع في الثدي، ومر بامرأة تجرر ويلعب بها، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فقال: أما الراكب فإنه كافر، وأما المرأة فإنهم يقولون لها: تزني، وتقول: حسبي الله، ويقولون: تسرق، وتقول: حسبي الله).
[ر: ١١٤٨]


(تجرر ويلعب بها) تسحب وتهان. (حسبي الله) كافيني ومتولي أمري.
٣ ‏/ ١٢٧٩
٣٢٨٠ – حدثنا سعيد بن تليد: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عن أيوب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، فسقته فغفر لها به).
[٣١٤٣]
أخرجه مسلم في السلام، باب: فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، رقم: ٢٢٤٥. (بغي) زانية. (موقها) ما يلبس فوق الخف. (فغفر لها) ما سبق منها من الزنا. (به) بسبب سقيها له.
٣ ‏/ ١٢٧٩
٣٢٨١ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حج على المنبر، فتناول قصة من شعر، وكانت في يدي حرسي، فقال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: (إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتخذها نساؤهم).
[٣٢٩٩، ٥٥٨٨، ٥٥٩٤]
أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، رقم: ٢١٢٧. (قصة من شعر) قطعة شعر من جهة الناصية، وهي مقدمة الرأس. (حرسي) أحد الحرس، وهم الذين يحرسون الحاكم، وقد يراد به الجندي. (هلكت) كان ذلك سبب هلاكهم، إذ كان محرما فخالف النساء وفعلنه، وسكت الرجال فلم يمنعوهن. والمراد بالمنهي عنه وصل الشعر.
٣ ‏/ ١٢٧٩
٣٢٨٢ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (إنه كان قد كان فيما مضى قبلكم

⦗١٢٨٠⦘
من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب).
[٣٤٨٦]


(محدثون) جمع محدث، وهو الذي يجري الصواب على لسانه، أو يخطر بباله الشيء فيكون، بفضل من الله تعالى وتوفيق.
٣ ‏/ ١٢٧٩
٣٢٨٣ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبا فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لا. فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت، فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له).


أخرجه مسلم في التوبة، باب: قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم: ٢٧٦٦. (يسأل) عن طريق التوبة والاستغفار. (راهبا) هو المنقطع للعبادة. (فناء) مال إلى تلك القرية التي توجه إليها للتوبة والعبادة فيها. (فأوحى) أمر أمر تكوين، أي جعلها تبتعد وتقترب. (هذه) القرية المتوجه إليها. (هذه) القرية الخارج منها.
٣ ‏/ ١٢٨٠
٣٢٨٤ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صلاة الصبح، ثم أقبل على الناس فقال: (بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا للحرث). فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلم، فقال: (فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر – وما هما ثم – وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة، فطلب حتى كأنه استنقذها منه، فقال له الذئب هذا: استنقذتها مني، فمن لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غيري). فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم، قال: (فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر). وما هما ثم.
وحدثنا علي: حدثنا سفيان، عن مسعر، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، بمثله.
[ر: ٢١٩٩]


(الذئب هذا) أي هذا الذئب. (وما هما ثم) أي وليس أبو بكر وعمر رضي الله عنهما حاضرين هناك.
٣ ‏/ ١٢٨٠
٣٢٨٥ – حدثنا إسحاق بن نصر: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال النبي ﷺ: (اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنحكوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا).


أخرجه مسلم في الأقضية، باب: استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين، رقم: ١٧٢١. (عقارا) هو الأرض وما يتصل بها من مال، وقيل المنزل والضياع. (أبتع) أشتر. (غلام) ولد ذكر. (جارية) ولد أنثى.
٣ ‏/ ١٢٨١
٣٢٨٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حدثني مالك، عن محمد بن المنكدر، وعن أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عن أبيه: أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد: ماذا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الطاعون؟ فقال أسامة:
قال رسول الله ﷺ: (الطاعون رجس، أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو: على من كان قبلكم، فإذا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه). وقال أبو النضر: (لا يخرجكم إلا فرارا منه).
[٥٣٩٦، ٦٥٧٣]
أخرجه مسلم في السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، رقم: ٢٢١٨. (في الطاعون) في أمره وشأنه، وهو مرض عام يصيب الكثير من الناس في زمن واحد أو متقارب. (رجس) عذاب. (طائفة) جماعة. (فلا تقدموا عليه) لا تدخلوا الأرض التي انتشر فيها الطاعون. (فرارا منه) أي لأجل الفرار من الطاعون، أما لو خرج لحاجة عرضت له فلا بأس فيه، ولعل الحكمة في هذا الحديث عدم نقل المرض أو التعرض له عن طريق العدوى.
٣ ‏/ ١٢٨١
٣٢٨٧ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عن يحيى بن يعمر، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عن الطاعون، فأخبرني أنه: (عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ

⦗١٢٨٢⦘
لَا يُصِيبُهُ إِلَّا ما كتب الله له، إلا كان مثل أجر شهيد).
[٥٤٠٢، ٦٢٤٥]


(رحمة للمؤمنين) لأن من مات به كان شهيدا كما ثبت في الصحيح. (محتسبا) يطلب من الله دفع البلاء أو الأجر إن أصيب.
٣ ‏/ ١٢٨١
٣٢٨٨ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة ابن زَيْدٍ، حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فكلمه أسامة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ). ثُمَّ قام فاختطب ثم قال: (إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
[ر: ٢٥٠٥]


أخرجه مسلم في الحدود، باب: قطع السارق الشريف وغيره، رقم: ١٦٨٨. (أهمهم) أحزنهم وأثار اهتمامهم. (شأن ..) حالها وأمرها. (المخزومية) نسبة إلى بني مخزوم، واسمها فاطمة بنت الأسود، وكانت سرقت حليا يوم فتح مكة. (حب) محبوب. (أتشفع في حد) تتوسل أن لا يقام حد فرضه الله تعالى، والحد عقوبة مقدرة من المشرع. (الشريف) الذي له شأن في قومه بسبب مال أو نسب أو عشيرة. (الضعيف) من ليس له عشيرة أو وجاهة في قومه. (وايم الله) لفظ من ألفاظ القسم، أصلها: وأيمن الله، فحذفت النون تخفيفا، وقد تقطع الهمزة وقد توصل.
٣ ‏/ ١٢٨٢
٣٢٨٩ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بن ميسرة قال: سمعت النزال بن سبرة الهلالي، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:
سمعت رجلا قرأ آية، وسمعت النبي ﷺ يقرأ خلافها، فجئت به النبي ﷺ فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: (كلاكما محسن، ولا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا).
[ر: ٢٢٧٩]
٣ ‏/ ١٢٨٢
٣٢٩٠ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الأعمش قال: حدثني شقيق: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).
[٦٥٣٠]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، رقم: ١٧٩٢. (يحكي نبيا) يشبهه ويصفه بحاله، وقيل: المراد نبي من بني إسرائيل، وقيل: نوح عليه السلام، وقيل: النبي نفسه ﷺ. (فأدموه) أسالوا منه الدم.
٣ ‏/ ١٢٨٢
٣٢٩١ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ،

⦗١٢٨٣⦘
عَنْ أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي ﷺ: (أن رجلا كان قبلكم، رغسه الله مالا، فقال لبنيه لما حضر: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عز وجل فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته).
وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عقبة بن عبد الغافر: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٦١١٦، ٧٠٦٩، ٧٠٧٠]


أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: ٢٧٥٧. (رغسه) أعطاه وبارك له فيه، من الرغس وهو البركة والنماء والخير. (حضر) حضره الموت. (اسحقوني) من السحق وهو أشد الدق. (عاصف) شديد الريح.
٣ ‏/ ١٢٨٢
٣٢٩٢ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تحدثنا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قال: سمعته يقول: (إن رجلا حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا، ثم أوروا نارا، حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها فذروني في اليم في يوم حار، أو راح، فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: من خشيتك، فغفر له).
قال عقبة: وأنا سمعته يقول.
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الملك وقال: (في يوم راح).
[٦١١٥، وانظر: ٣٢٦٦]
(أوروا) أوقدوا. (خلصت) وصلت. (اليم) البحر. (راح) ذي ريح شديدة.
٣ ‏/ ١٢٨٣
٣٢٩٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ قال: (كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، قال: فلقي الله فتجاوز عنه).
[ر: ١٩٧٢]
٣ ‏/ ١٢٨٣
٣٢٩٤ – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (كان رجل

⦗١٢٨٤⦘
يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذ أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: مَا حَمَلكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رب خشيتك، فغفر له). وقال غيره: (مخافتك يا رب).
[٧٠٦٧]


أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: ٢٧٥٦. (يسرف على نفسه) يبالغ في المعاصي. (قدر علي ربي) حكم وقضى. (ذروني) انثروني وفرقوني.
٣ ‏/ ١٢٨٣
٣٢٩٥ – حدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).
[ر: ٢٢٣٦]
٣ ‏/ ١٢٨٤
٣٢٩٦ – حدثنا أحمد بن يونس، عن زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ: حدثنا أبو مسعود عقبة قال:
قال النبي ﷺ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ: إذا لم تستحي فافعل ما شئت).
حدثنا آدم: حدثنا شعبة، عن منصور قال: سمعت ربعي بن حراش يحدث، عن أبي مَسْعُودٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت).
[٥٧٦٩]
(أدرك الناس) بلغهم وعلموه. (كلام النبوة) من حكم الأنبياء وشرائعهم التي لم تنسخ، لاتفاق العقول عليه، ولذلك كان مما اتفق عليه الأنبياء جميعهم ودعوا إليه. (إذا لم تستحي) إذا لم يكن عندك حياء يمنعك من فعل القبيح، وقيل: إذا كان ما تفعله ليس مما يستحيا منه. (فافعل ما شئت) على المعنى الأول الأمر للتهديد، أي افعل ما بدا لك فإنك ستعاقب عليه، وعلى المعنى الثاني الأمر للإباحة، أي لك أن تفعل ما لا يعاب عليه أو يذم.
٣ ‏/ ١٢٨٤
٣٢٩٧ – حدثنا بشر بن محمد: أخبرنا عبيد اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أن ابن عُمَرَ حَدَّثَهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: (بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة).
تابعه عبد الرحمن بن خالد، عن الزهري.
[٥٤٥٣، ٥٤٥٤]
(الخيلاء) هي الكبر والتبختر مع الإعجاب بالنفس. (يتجلجل) يتحرك في أعماق الأرض، والجلجلة الحركة مع الصوت.
٣ ‏/ ١٢٨٥
٣٢٩٨ – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب قال: حدثني ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القيامة، بيد أن كل أمة أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتينا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فغدا لليهود وبعد غد للنصارى، على كل مسلم في كل سبعة أيام يوم يغسل رأسه وجسده).
[ر: ٨٣٦]


(بيد) معناه غير أو لكن وقيل: على أنه. (فهذا اليوم) أي يوم الجمعة. (على كل مسلم) يطلب من كل مسلم، طلب ندب واستحباب، أن يغتسل، والمراد يوم الجمعة، وقيل بوجوب ذلك.
٣ ‏/ ١٢٨٥
٣٢٩٩ – حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ:
قَدِمَ معاوية بن أبي سفيان الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً من شعر، فقال: ما كنت أرى أن أحدا يفعل هذا غير اليهود، وإن النَّبِيَّ ﷺ سَمَّاهُ الزُّورَ. يعني الوصال في الشهر.
تابعه غندر، عن شعبة.
[ر: ٣٢٨١]


(سماه الزور) أي سمى وصل الشعر زورا، والزور الكذب والتزيين بالباطل، والوصل داخل فيه.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …