٦٤ – كتاب الأنبياء -1-

١ – باب: خلق آدم صلوات الله عليه وذريته.
﴿صلصال﴾ /الحجر: ٢٦/: طين خلط برمل، فصلصل كما يصلصل الفخار، ويقال: منتن، يريدون به صل، كما يقال: صر الباب وصرصر عند الإغلاق، مثل كبكبته يعني كببته. ﴿فمرت به﴾ /الأعراف: ١٨٩/: استمر بها الحمل فأتمته. ﴿أن لا تسجد﴾ /الأعراف: ١٢/: أن تسجد.


(صلصال) الصلصال الصوت، وصلصل أخرج صوتا.
٣ ‏/ ١٢٠٩
٢ – باب: قول الله تعالى:
﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ /البقرة: ٣٠/.
قال ابن عباس: ﴿لما عليها حافظ﴾ /الطارق: ٤/: إلا عليها حافظ. ﴿في كبد﴾ /البلد: ٦/: في شدة خلق. ﴿ورياشا﴾ /الأعراف: ٢٦/: المال. وقال غيره: الرياش والريش واحد، وهو ما ظهر من اللباس. ﴿ما تمنون﴾ /الواقعة: ٥٨/: النطفة في أرحام النساء.
وقال مجاهد: ﴿إنه على رجعه لقادر﴾ /الطارق: ٨/: النطفة في الإحليل.
كل شيء خلقه فهو شفع، السماء شفع، والوتر الله عز وجل.
﴿في أحسن تقويم﴾ /التين: ٤/: في أحسن خلق. ﴿أسفل سافلين﴾ /التين: ٥/: إلا من

⦗١٢١٠⦘
آمن. ﴿خسر﴾ /العصر: ٢/: ضلال، ثم استثنى إلا من آمن. ﴿لازب﴾ /الصافات: ١١/: لازم. ﴿ننشئكم﴾ /الواقعة: ٦١/: في أي خلق نشاء. ﴿نسبح بحمدك﴾ /البقرة: ٣٠/: نعظمك.
وقال أبو العالية: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾ /البقرة: ٣٧/: فهو قوله: ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا﴾ /الأعراف: ٢٣/. ﴿فأزلهما﴾ /البقرة: ٣٦/: فاستنزلهما. ﴿يتسنه﴾ /البقرة: ٢٥٩/: يتغير. ﴿آسن﴾ /محمد: ١٥/: متغير. والمسنون المتغير. ﴿حمأ﴾ /الحجر: ٢٦/: جمع حمأة وهو الطين المتغير. ﴿يخصفان﴾ الأعراف: ٢٢/: أخذ الخصاف من ورق الجنة، يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض. ﴿سوآتهما﴾ /الأعراف: ٢٢/: كناية عن فرجهما. ﴿ومتاع إلى حين﴾ /الأعراف: ٢٤/: ها هنا إلى يوم القيامة، الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده. ﴿قبيله﴾ /الأعراف: ٢٧/: جيله الذي هو منهم.


(خليفة) خلقا يخلف بعضهم بعضا. (رياشا) قرأ بهذا الحسن البصري وغيره، وهي قراءة غير متواترة، فلا تقرأ قرآنا ولا تصح بها الصلاة، ويحتج بها في اللغة والأحكام. والقراءة المتواترة: ﴿ريشا﴾ والريش والرياش: اللباس الفاخر، والأثاث، والمال، والخصب، والحالة الجميلة. والريش أيضا: كسوة الطائر. (النطفة) أي لقادر على أن يرجع النطفة إلى الإحليل، وهو الذكر. (كل شيء خلقه ..) يشير بهذا إلى قوله تعالى: ﴿ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون﴾ /الذاريات: ٤٩/. والمعنى: جعلنا كل شيء نوعين وصنفين مختلفين، كالذكر والأنثى والليل والنهار ونحو ذلك لتعلموا أن خالق الأزواج فرد، لا نظير له ولا شريك معه. والشفع الزوج، والوتر الفرد. (لازب) شديد متماسك الأجزاء. (فأزلهما) دعاهما إلى الزلة، وهي الخطيئة.
٣ ‏/ ١٢٠٩
٣١٤٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك من الملائكة، فاستمع ما يحيونك، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن).
[٥٨٧٣]
أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: يدخل الجنة أقوام ..، رقم: ٢٨٤١. (تحيتك) أي ما يحيونك به هو تحيتك وتحية ذريتك من بعدك. (على صورة آدم) على هيئته في الطول والحسن والجمال، والسلامة من النقائص والعيوب. (ينقص) من حيث الطول، واستقر على القدر المألوف الآن.
٣ ‏/ ١٢١٠
٣١٤٩ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم

⦗١٢١١⦘
الألوة – الألنجوج، عود الطيب – وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء).
[ر: ٣٠٧٣]


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، وباب: في صفة الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا، رقم: ٢٨٣٤ (الألنجوج) تفسير للألوة، وقوله عود الطيب تفسير له، والظاهر أنه تفسير من أحد الرواة. (في السماء) أي علوا وارتفاعا.
٣ ‏/ ١٢١٠
٣١٥٠ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي من الحق، فهل على المرأة الغسل إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ). فضحكت أم سلمة، فقالت: تحتلم المرأة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فبم يشبه الولد).
[ر: ١٣٠]
٣ ‏/ ١٢١١
٣١٥١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ
رضي الله عنه قال:
بلغ عبد الله بن سلام مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ المدينة، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (خبرني بهن آنفا جبريل). قال: فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الشبه في الولد: فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها). قال: أشهد أنك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبد الله الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أي رجل فيكم عبد الله بن سلام). قالوا: أعلمنا، وابن أعلمنا، وأخيرنا، وابن أخيرنا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أفرأيتم إن أسلم عبد الله). قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله إليهم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ

⦗١٢١٢⦘
إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمدا رسول الله، فقالوا: شرنا، وابن شرنا، ووقعوا فيه.
[٣٦٩٩، ٣٧٢٣، ٤٢١٠]


(أشراط الساعة) علاماتها. (آنفا) الآن، وأول وقت يقرب مني مما مضى. (تحشر) تجمع. (فزيادة كبد الحوت) هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد، وهي أطيبها وألذها. (غشي المرأة) جامعها. (ماؤه) منيه. (بهت) جمع بهوت، وهو كثير البهتان، وهو أسوأ الكذب، أي: كذابون وممارون لا يرجعون إلى الحق. (ووقعوا فيه) أي ذموه وطعنوا فيه.
٣ ‏/ ١٢١١
٣١٥٢ – حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ نحوه. يعني: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها).
[٣٢١٨]
أخرجه مسلم في الرضاع، باب: لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر، رقم: ١٤٧٠. (يخنز اللحم) ينتن، وقيل: سبب ذلك: أنهم نهوا عن ادخار السلوى، فادخروه فأنتن، والله أعلم. (لولا حواء) أي أنها بدأت بالخيانة، وكانت خيانتها في دعوتها آدم عليه السلام إلى الأكل من الشجرة التي نهي عن الأكل منها.
٣ ‏/ ١٢١٢
٣١٥٣ – حدثنا أبو كريب وموسى بن حزام قالا: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن ميسرة الأشجعي، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء).
[٤٨٨٩، ٤٨٩٠، ٥٦٧٢، ٥٧٨٥، ٥٧٨٧، ٦١١٠]
(استوصوا بالنساء) تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن. (ضلع) أحد عظام الصدر، والمعنى: أن في خلقهن عوجا من أصل الخلقة. (أعوج شيء في الضلع أعلاه) أي وكذلك المرأة، عوجها الشديد في خلقها وفكرها. (تقيمه) تجعله مستقيما. (كسرته) أي وكذلك المرأة، إن أردت منها الاستقامة التامة في الخلق أدى الأمر إلى طلاقها.
٣ ‏/ ١٢١٢
٣١٥٤ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الأعمش: حدثنا زيد بن وهب: حدثنا عبد الله:
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو الصادق المصدوق: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يوما، ثم يكون عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات، فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فإن الرجل لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بينه وبينها إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهل الجنة فيدخل الجنة. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى ما يكون بينه وبينها إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهل النار، فيدخل النار).
[ر: ٣٠٣٦]
٣ ‏/ ١٢١٢
٣١٥٥ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (إن الله وكل في الرحم ملكا، فيقول: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رب مضغة، فإذا أراد أن يخلقها قال: يا رب أذكر، يا رب أنثى، يا رب شقي أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ، فَمَا الْأَجَلُ، فَيُكْتَبُ كذلك في بطن أمه).
[ر: ٣١٢]
٣ ‏/ ١٢١٣
٣١٥٦ – حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبي عمران الجوني، عن أنس يرفعه:
(أن الله يقول لأهون أهل النار عذابا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك).
[٦١٧٣، ٦١٨٩]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، رقم: ٢٨٠٥. (تفتدي به) من الافتداء، وهو خلاص نفسه من الهلاك الذي وقع فيه. (صلب آدم) ظهر، والصلب كل ظهر له فقار، والمراد: أنه أخذ عليه العهد منذ خلق أباه آدم. (فأبيت إلا الشرك) رفضت الأمر وأتيت بالشرك.
٣ ‏/ ١٢١٣
٣١٥٧ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أبي: حدثنا الأعمش قال: حدثني عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ: (لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كفل مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ).
[٦٤٧٣، ٦٨٩٠]
أخرجه مسلم في القسامة، باب: بيان إثم من سن القتل، رقم: ١٦٧٧. (كفل) جزء ونصيب من إثم قتلها. (سن القتل) ابتدع القتل على وجه الأرض.
٣ ‏/ ١٢١٣
٣ – باب: الأرواح جنود مجندة.
٣ ‏/ ١٢١٣
٣١٥٨ – قال: قال الليث، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف). وقال يحيى بن أيوب: حدثني يحيى ابن سعيد: بهذا.


(الأرواح) جمع روح، وهو الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة. (جنود مجندة) جموع مجتمعة وأنواع مختلفة. (تعارف) توافقت صفاتها وتناسبت في أخلاقها. (ائتلف) من الألفة وهي المحبة والمودة. (تناكر) تنافرت في طبائعها. (اختلف) تباعد وتباغض. انظر مسلم: البر والصلة، الأرواح جنود مجندة [٢٦٣٨]].
٣ ‏/ ١٢١٣
٤ – باب: قول الله عز وجل: ﴿ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه﴾ /هود: ٢٥/.
قال ابن عباس: ﴿بادئ الرأي﴾ /هود: ٢٧/: ما ظهر لنا. ﴿أقلعي﴾ /هود: ٤٤/: أمسكي. ﴿وفار التنور﴾ /هود: ٤٠/: نبع الماء، وقال عكرمة: وجه الأرض. وقال مجاهد: ﴿الجودي﴾ /هود: ٤٤/: جبل بالجزيرة. ﴿دأب﴾ /المؤمن: ٣١/: مثل حال.


(بادئ) هذه قراءة أبي عمرو البصري، وقراة حفص (بادي) وهما متواترتان، والمعنى: اتباعهم لك كان برأيهم الذي ظهر لهم دون تعمق وروية. (أقلعي) كفي عن المطر. (التنور) اسم فارسي معرب، وفسره عكرمة بوجه الأرض. (دأب) يفسر الدأب الوارد في قوله تعالى: ﴿مثل دأب قوم نوح﴾ بالحال، والدأب أيضا العادة.
٣ ‏/ ١٢١٤
٥ – باب: قول الله تعالى: ﴿إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم﴾ /نوح: ١/. إلى آخر السورة.
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وتذكيري بآيات الله – إلى قوله – من المسلمين﴾ /يونس: ٧١ – ٧٢/.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ من أجر إن أجري إلى عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. (نبأ نوح) خبره وقصته. (كبر) عظم وثقل. (مقامي) مكثي بينكم وقيامي فيكم واعظا وموجها ومذكرا بالله تعالى. (فأجمعوا أمركم) اعزموا على تدبيركم وما أنتم عليه من كيد ومكر بي وبأصحابي. (وشركاءكم) واجمعوا أنصاركم واستعينوا بآلهتكم. (غمة) خفيا وملتبسا. (اقضوا إلي) امضوا إلي بما في أنفسكم من مكروه، وما تتوعدون به من قتل وطرد. (تنظرون) تؤخرون. (توليتم) أعرضتم. (فما سألتكم من أجر) ما طلبت منكم عوضا على نصحي وتبليغي فأخاف أن يفوتني بإعراضكم.
٣ ‏/ ١٢١٤
٣١٥٩ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عن الزهري: قال سالم: وقال ابن عمر رضي الله عنهما:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: (إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ).
[٦٧٠٨، ٦٩٧٢، وانظر: ٢٨٩٢، ٣٢٥٦]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم: ١٦٩. (ذكر الدجال) أي ذكر بعد الفراغ من خطبته ما يكون من أمر الدجال وفتنته، والدجال من الدجل، وهو التلبيس والتمويه. (لأنذركموه) من الإنذار، وهو التحذير والتخويف.
٣ ‏/ ١٢١٤
٣١٦٠ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عن أبي سلمة: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (ألا أحدثكم حديثا عن الدجال، ما حدث به نبي قومه: إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه).
[٦٧١٢]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم: ٢٩٣٦.
٣ ‏/ ١٢١٥
٣١٦١ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن زياد: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يجيء نوح وأمته، فيقول الله تعالى: هل بلغت؟ فيقول: نعم أي رب، فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا ما جاءنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول محمد ﷺ وأمته، فنشهد أنه قد بلغ، وهو قوله جل ذكره: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس﴾). والوسط العدل.
[٤٢١٧، ٦٩١٧]
(أنه قد بلغ) أي قومه ما أرسل به إليهم. (وهو قوله) أي هذا هو مصداق قوله تعالى، أو هو المراد به. والآية من /البقرة: ١٤٣/.
٣ ‏/ ١٢١٥
٣١٦٢ – حدثنا إسحاق بن نصر: حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا أبو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في دعوة، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال: (أنا سيد القوم يوم القيامة، هل تدرون بم؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيقول بعض الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس: أبوكم آدم، فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربي غضب

⦗١٢١٦⦘
غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدا شكورا، أما ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي، ائتوا النبي ﷺ، فيأتوني فأسجد تحت العرش، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه). قال محمد بن عبيد: لا أحفظ سائره.
[٣١٨٢، ٤٤٣٥]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم: ١٩٤. (فنهس) من النهس وهو الأخذ بأطراف الأسنان. (صعيد) أرض واسعة مستوية. (تدنو) تقرب. (من روحه) جعل فيك الروح بقدرته وخلقك من دون أب، معجزة وإكراما وتشريفا. (غضب) المراد بالغضب إرادة الانتقام وإيصال العذاب لمن عصاه. (نفسي نفسي) أي أطلب منجاتها، لأنها تستحق أن يشفع لها. (سائره) أي باقي الحديث، لأنه مطول، علم من سائر الروايات.
٣ ‏/ ١٢١٥
٣١٦٣ – حدثنا نصر بن علي بن نصر: أخبرنا أبو أحمد: عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قرأ: ﴿فهل من مدكر﴾ مثل القراءة العامة.
[٣١٦٧، ٣١٩٦، ٤٥٨٨ – ٤٥٩٣]
(مدكر) متعظ معتبر يخاف العقوبة /القمر: ١٥/. (قراءة العامة) أي القراءة المشهورة التي يقرأ بها عامة القراء الذين رووا القراءات المتواترة.
٣ ‏/ ١٢١٦
٦ – باب:
﴿وإن إلياس لمن المرسلين. إذ قال لقومه ألا تتقون. أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين. الله ربكم ورب آبائكم الأولين. فكذبوه فإنهم لمحضرون. إلا عباد الله المخلصين. وتركنا عليه في الآخرين﴾ قال ابن عباس: يذكر بخير ﴿سلام على أهل ياسين. إنا كذلك نجزي المحسنين. إنه من عبادنا المؤمنين﴾ /الصافات: ١٢٣ – ١٣٢/.
يذكر عن ابن مسعود وابن عباس: أن إلياس هو إدريس.


(أتدعون بعلا) أتعبدون بعلا، وهو اسم لصنم كانوا يعبدونه، وقيل: البعل الرب بلغة أهل اليمن. (تذرون) تتركون عبادته. (لمحضرون) في العذاب بالنار. (آل ياسين) أي آل إلياس عليه السلام، وهي قراءة متواترة، وقراءة حفص (إل ياسين) قيل: هو لغة في إلياس مثل إسماعيل.
٣ ‏/ ١٢١٦
٧ – باب: ذكر إدريس عليه السلام
وهو جد أبي نوح، ويقال: جد نوح عليهما السلام.
وقول الله تعالى: ﴿ورفعناه مكانا عليا﴾ /مريم: ٥٧/.
٣ ‏/ ١٢١٦
٣١٦٤ – قال عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزهري (ح). حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عن ابن شهاب قال: قال أنس: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بيدي فعرج بي إلى السماء، فلما جاء إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قال: معك أحد؟ قال: معي محمد، قال: أرسل إليه؟ قال: نعم فافتح، فلما علونا إلى السماء إذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، فإذا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شماله بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قلت: من هذا يا جبريل؟ قَال: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وعن شماله نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شماله بكى، ثم عرج بي جبريل حتى أتى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ فَفَتَحَ).
قَالَ أنس: فذكر أنه وجد في السماوات إدريس وموسى وعيسى وإبراهيم،
ولم يثبت لي كيف منازلهم، غير أنه قد ذَكَرَ: أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وإبراهيم في السادسة. وقال أنس: (فلما مر جبريل بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مررت بموسى، ثم مررت بعيسى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: من هذا؟ قال: عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هذا إبراهيم).
قال: وأخبرني ابْنُ حَزْمٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ثُمَّ عُرِجَ بِي، حَتَّى ظَهَرْتُ لمستوى أسمع صَرِيفَ الْأَقْلَامِ).
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مالك رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ففرض الله علي

⦗١٢١٨⦘
خمسين صلاة، فرجعت بذلك، حتى أمر بموسى، فقال موسى: ما الذي فرض على أمتك؟ قلت: فرض عليهم خمسين صلاة، قال: فراجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فراجعت ربي فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، فقال: راجع ربك، فذكر مثله فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى فأخبرته فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذلك، فرجعت فراجعت ربي، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ ربك، فقلت: قد استحييت من ربي، ثم انطلق حتى أتى السدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم دخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك).
[ر: ٣٤٢]


(جنابذ) جمع جنبذة وهي القبة.
٣ ‏/ ١٢١٧
٨ – باب: قول الله تعالى: ﴿وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله﴾ /الأعراف: ٦٥/.
وقوله: ﴿إذ أنذر قومه بالأحقاف – إلى قوله – كذلك نجزي القوم المجرمين﴾ /الأحقاف: ٢١ – ٢٥/.
فيه: عن عطاء وسليمان، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٠٣٤، ٤٥٥١]


(وإلى عاد) أي: وأرسلنا إلى عاد. (أخاهم) واحدا منهم. (إلى قوله) والآيات بتمامها: ﴿واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلقه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون. فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين﴾. (بالأحقاف) جمع حقف، وهو رمل مستطيل مرتفع فيه اعوجاج. (خلت النذر) مضى المنذرون. (بين يديه) قبله. (خلفه) زمانه، أي وكلهم أنذر نحو إنذاره. (لتأفكنا) لتصرفنا. (العلم عند الله) بوقت مجيء العذاب لا عندي. (عارضا) يشبه سحابا عرض في أفق السماء. (ممطرنا) يحمل لنا المطر. (تدمر) تهلك. (لا يرى إلا مساكنهم) لأنها قائمة، وأما الناس فقد غطتها الرمال. (المجرمين) الذين يجرمون مثل جرمهم من كل أمة. (فيه) أي في هذا الباب الشامل على عذاب القوم بالريح، والتعوذ من ذلك.
٣ ‏/ ١٢١٨
٩ – باب: قول الله عز وجل:
﴿وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر﴾ شديدة ﴿عاتية﴾ قال ابن عيينة: عتت على الخزان

⦗١٢١٩⦘
﴿سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما﴾ متتابعة ﴿فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية﴾ أصولها ﴿فهل ترى لهم باقية﴾ بقية /الحاقة: ٦ – ٨/.


(عاتية) من عتا يعتو إذا جاوز الحد في الشيء. (الخزان) جمع خازن وهم الملائكة الموكلون بالريح، أي فلم تطعهم وجاوزت المقدار المحدد لها، بأمر الله تعالى وتسخيره. (سخرها) أرسلها وسلطها. (حسوما) من الحسم وهو القطع والمنع، أي قطعت الخير عنهم بتتابعها. (صرعى) جمع صريع وهو القتيل الملقى. (أعجاز نخل) أصولها وجزوعها. (خاوية) ساقطة، وشبهوا بالنخل لعظم أجسامهم وطولها.
٣ ‏/ ١٢١٨
٣١٦٥ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وأهلكت عاد بالدبور).
[ر: ٩٨٨]
٣ ‏/ ١٢١٩
٣١٦٦ – قال: وقال ابن كثير، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:
بعث علي رضي الله عنه إلى النبي ﷺ بذهبية، فقسمها بين الأربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، فغضبت قريش والأنصار، قالوا: يعطي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ: (إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ). فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق، فقال: اتق الله يا محمد، فقال: (من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني). فسأل رجل قتله – أحسبه خالد بن الوليد – فمنعه، فلما ولى قال: (إن من ضئضئ هذا، أو: في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الومية، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).
[ر: ٤٠٩٤]


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم: ١٠٦٤. (بذهبية) قطعة من ذهب. (صناديد) رؤساء، جمع صنديد. (غائر العنين) عيناه داخلتان في رأسه لاصقتان بقعر الحدقة، ضد الجاحظ. (مشرف الوجنتين) عاليهما، والوجنتان العظمان المشرفان على الخدين، وقيل لحم جلد الخدين. (كث اللحية) كثير شعرها. (ضئضئ) هو الأصل والعقب، وقيل: هو كثرة النسل. (لا يجاوز حناجرهم) لا يفقهون معناه ولا ينتفعون بتلاوته. (يمرقون) يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ من الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق بالسهم من دمه شيء. (الرمية) الصيد المرمي. (قتل عاد) أي أستأصلهم بالكلية بأي وجه، ولا أبقي أحدا منهم.
٣ ‏/ ١٢١٩
٣١٦٧ – حدثنا خالد بن يزيد: حدثنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ:

⦗١٢٢٠⦘
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]

٣ ‏/ ١٢١٩
١٠ – باب: قصة يأجوج ومأجوج،
وقول الله تعالى: ﴿قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض﴾.
قول الله تعالى: ﴿ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا. إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا. فأتبع سببا – إلى قوله – آتوني زبر الحديد﴾ واحدها زبرة وهي القطع ﴿حتى إذا ساوى بين الصدفين﴾ يقال عن ابن عباس: الجبلين، والسدين الجبلين ﴿خرجا﴾ أجرا ﴿قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا﴾ أصبب عليه رصاصا، ويقال: الحديد، ويقال: الصفر. وقال ابن عباس: النحاس. ﴿فما اسطاعوا أن يظهروه﴾ يعلوه، اسطاع استفعل، من طعت له، فلذلك فتح أسطاع يسطيع، وقال بعضهم: استطاع يستطيع. ﴿وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء﴾ ألزقه بالأرض، وناقة دكاء لا سنام لها، والدكداك من الأرض مثله، حتى صلب

⦗١٢٢١⦘
من الأرض وتلبد. ﴿وكان وعد ربي حقا. وتركنا لعضهم يومئذ يموج في بعض﴾ /الكهف: ٨٣ – ٩٩/. ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون﴾ /الأنبياء: ٩٦/. قال قتادة: حدب أكمة، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: رأيت السد مثل البرد المحبر، قال: (رأيته).


(يأجوج ومأجوج) قيل في بيانهما أقوال كثيرة، والظاهر – والله أعلم – أنهما أمتان من البشر، كثير عددهم، كبير شرهم وفسادهم، حبسهم الله عز وجل في جزء من أرضهم، رحمة ببقية خلقه، وسيخرجون في يوم من الأيام، ويكون خروجهم علامة من العلامات القريبة لقيام الساعة، أعاذنا الله تعالى من شرها وحمانا من ويلاتها، وحفظنا من المفسدين في الأرض في كل زمان ومكان.
(إلى قوله) وتتمة الآيات: ﴿حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما. قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا. قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا. ثم أتبع سببا. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا. ثم أتبع سببا.
حتى إذا بلغ بين السدين وجد دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا
يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما﴾. (يسألونك) أي اليهود، وقيل زعماء المشركين. (ذكرا) شيئا من خبره. (مكنا له) جعلنا له السلطان. (وآتيناه) سهلنا عليه أمر السير في الأرض وأعطيناه أسباب كل شيء أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه. (حمئة) حارة. (قلنا) أي ألهمه الله عز وجل ذلك. وقيل: كان نبيا، وكان ذلك القول وحيا له. (يسرا) قولا جميلا لينا. (سترا) أبنية يستترون فيها من الشمس، لأنهم كانوا في أرض لا يستقر عليها بناء. (بما لديه) من السلاح والعدة والعدد، أو بصلاحيته للحكم. (خبرا) علما. (يفقهون) يفهمون. (مكني) قواني به. (خير) أي مما ستعطونني. (ردما) سدا كبيرا وحاجزا منيعا. (الصدفين) طرفي الجبلين. (الصفر) الجيد من النحاس. (بعضهم) بعض الخلق، أو بعض يأجوج ومأجوج. (يومئذ) يوم القيامة، أو يوم فتح الردم. (يموج) يضطرب ويختلط وهم حيارى. (حدب) جانب وجهة. (ينسلون) يسرعون. (السد) سد يأجوج ومأجوج. (البرد) ثوب مخطط. (المحبر) له خطوط، خط أبيض وخط أسود أو أحمر.
٣ ‏/ ١٢٢٠
٣١٦٨ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبير: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بنت جحش رضي الله عنهن:
أن النبي ﷺ دخل عليها فَزِعًا يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ للعرب من شر اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مثل هذه). وحلق بإصبعه الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فقلت: يا رسول الله، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخبث).
[٣٤٠٣، ٦٦٥٠، ٦٧١٦]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، رقم: ٢٨٨٠. (ويل) كلمة تستعمل للحزن والهلاك والمشقة. (ردم) سد. (حلق بإصبعه الإبهام والتي تليها) يعني جعل الإصبع السبابه في أصل الإبهام وضمها حتى لم يبق بينهما إلا خلل يسير، والمعنى: أنه لم يبق لمجيء الشر إلا اليسير من الزمن. (الخبث) الفسوق والفجور والمعاصي.
٣ ‏/ ١٢٢١
٣١٦٩ – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا). وعقد بيده تسعين.
[٦٧١٧]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، رقم: ٢٨٨١. (تسعين) هو مثل قوله في الحديث قبله: حلق بإصبعه .. .
٣ ‏/ ١٢٢١
٣١٧٠ – حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يديك، فيقول: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ

⦗١٢٢٢⦘
النَّارِ؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد). قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال: (أبشروا، فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا. ثم قال: والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة). فكبرنا، فقال: (أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة). فكبرنا، فقال: (أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة). فكبرنا، فقال: (ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود).
[٤٤٦٤، ٦١٦٥، ٧٠٤٥]


(لبيك) أنا ملازم طاعتك لزوما بعد لزوم. (سعديك) أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة، وإسعادا بعد إسعاد. (بعث النار) حزبها وأهلها. (فعنده) أي عند قول الله تعالى لآدم عليه السلام. (سكارى) جمع سكران، وهو الذي غطى أثر الشراب عقله، أي هم أشبه بالسكارى من شدة الأهوال، وليسوا سكارى حقيقة.
٣ ‏/ ١٢٢١
١١ – باب: قول الله تعالى: ﴿واتخذ الله إبراهيم خليلا﴾ /النساء: ١٢٥/.
وقوله: ﴿إن إبراهيم كان أمة قانتا﴾ /النحل: ١٢٠/. وقوله: ﴿إن إبراهيم لأواه حليم﴾ /التوبة: ١١٤/. وقال أبو ميسرة: الرحيم بلسان أهل الحبشة.


(خليلا) شديد المحبة له. (أمة) إماما يقتدى به في الخير، أو: لأنه قد اجتمع فيه خصال من خصال الخير والأخلاق الحميدة ما يجتمع في أمة كاملة. (قانتا) يخضع لله تعالى ويواظب على طاعته وحده. (لأواه) متضرع كثير الدعاء والبكاء، وفسره أبو ميسرة بما ذكر.
٣ ‏/ ١٢٢٢
٣١٧١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا المغيرة بن النعمان قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (إنكم محشورون حفاة عراة غرلا، ثم قرأ: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين﴾. وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإن إناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ – إِلَى قَوْلِهِ – الْحَكِيمُ﴾).
[٣٢٦٣، ٤٣٤٩، ٤٣٥٠، ٤٤٦٣، ٦١٥٩ – ٦١٦١]
(محشورون) مجموعون يوم القيامة. (غرلا) جمع أغرل وهو الذي لم يختن، والمعنى: أنهم يحشرون كما خلقوا، لم يفقد منهم شيء، وليس معهم شيء. (فاعلين) قادرين أن نفعل ما نشاء، أو فاعلين ما وعدنا به الأنبياء /الأنبياء: ١٠٤/. (ذات الشمال) أي إلى النار. (مرتدين على أعقابهم) تاركين لأحكام الإسلام وشرائعه مهملين لها أو منكرين، وليس لهم من الإسلام إلا الاسم والانتساب. (العبد الصالح) عيسى عليه السلام. (شهيدا) أشهد على أعمالهم التي عملوها حين كنت بين أظهرهم. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ /المائدة: ١١٧، ١١٨/. (توفيتني) أخذتني إليك. (الرقيب) الراعي والحفيظ.
٣ ‏/ ١٢٢٢
٣١٧٢ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أخي عبد الحميد، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار).
[٤٤٩٠، ٤٤٩١]
(قترة) سواد الدخان، و(غبرة) غبار، ولا يرى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه، ولعل المراد هنا: ما يغشى الوجه من شدة الكرب، وما يعلوه من ظلمة الكفر. (الأبعد) أي من رحمة الله تعالى. (بذيخ) الذيخ ذكر الضبع الكثير الشعر، أري أباه على غير هيئته ومنظره، ليسرع إلى التبرء منه. (متلطخ) متلوث بالدم ونحوه.
٣ ‏/ ١٢٢٣
٣١٧٣ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: أخبرني عمرو: أن بكيرا حدثه، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قَالَ:
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ البيت، فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم، فقال: (أما لهم، فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، هذا إبراهيم مصور، فما له يستسقم).
٣ ‏/ ١٢٢٣
٣١٧٤ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اله عنهما:
أن النبي ﷺ لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت، ورأى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأيديهما الأزلام، فقال: (قاتلهم الله، والله إن استقسما بالأزلام قط).
[ر: ١٥٢٤]


(الأزلام) القداح، جمع زلم، وهي قطع خشبية مكتوب عليها افعل، لا تفعل، ونحو ذلك، كانوا يستقسمون بها في أمورهم، من الاستقسام وهو طلب معرفة ما قسم له مما لم يقسم. (إن استقسما) ما استقسما. (قط) في أي زمن مضى.
٣ ‏/ ١٢٢٣
٣١٧٥ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد: حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
قيل يا رسول الله، من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم). فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فيوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله). قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا).
قال أبو أسامة ومعتمر، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي ﷺ.
[٣١٩٤، ٣٢٠٣، ٣٣٠١، ٤٤١٢]
أخره مسلم في الفضائل، باب: من فضائل يوسف عليه السلام، رقم: ٢٣٧٨. (معادن العرب) أصولهم التي ينتسبون إليها ويتفاخرون بها. (فقهوا) فهموا وعلموا عملوا.
٣ ‏/ ١٢٢٤
٣١٧٦ – حدثنا مؤمل: حدثنا إسماعيل: حَدَّثَنَا عَوْفٌ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ قال:
قال رسول الله ﷺ: (أتاني الليلة آتيان، فأتينا على رَجُلٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا، وإنه إبراهيم ﷺ.
[ر: ٨٠٩]
٣ ‏/ ١٢٢٤
٣١٧٧ – حدثني بيان بن عمرو: حدثنا النضر: أخبرنا ابن عون، عن مجاهد: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
وذكروا له الدجال بين عينيه مكتوب كافر، أو ك ف ر، قال: لم أسمعه، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وأما موسى فجعد آدم، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إليه انحدر في الوادي).
[ر: ١٤٨٠]


(فانظروا إلى صاحبكم) يريد نفسه ﷺ، والمعنى: أنه شبيه بإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فإذا نظر إليه فكأنما رئي إبراهيم عليه السلام. (فجعد آدم) مكتنز اللحم، أسمر البشرة. (مخطوم) مزموم. (بخلبة) هي الليفة.
٣ ‏/ ١٢٢٤
٣١٧٨ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (اختتن إبراهيم

⦗١٢٢٥⦘
عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة، بالقدوم).
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد: (بالقدوم) مخففه. تابعه عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد. وتابعه عجلان، عن أبي هريرة. رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
[٥٩٤٠]


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل ﷺ، رقم: ٢٣٧٠. (اختتن) قطع قلفة الذكر، وهي الجلدة التي تغطي الحشفة قبل قطعها. (بالقدوم) آلة يستعملها النجارون.
٣ ‏/ ١٢٢٤
٣١٧٩ – حدثنا سعيد بن تليد الرعيني: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إلا ثلاثا).
حدثنا محمد بن محبوب: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: (لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، ثنتين
منهن في ذات الله عز وجل. قوله: ﴿إني سقيم﴾. وقوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا﴾. وقال: بينا هو ذات يوم وسارة، إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له: إن هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه فسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: أختي، فأتى سارة فقال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي، فلا تكذبيني، فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ، فقال: ادعي الله ولاأضرك، فدعت الله فأطلق. ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت فأطلق، فدعا بعض حجبته، فقال: إنكم لم تأتوني بإنسان، إنما أتيتموني بشيطان، فأخدمها هاجر، فأتته وهو يصلي، فأومأ بيده: مهيا، قالت: رد الله كيد الكافر، أو الفاجر، في نحره، وأخدم هاجر). قال أبو هريرة: تلك أمكم، يا بني ماء السماء.
[ر: ٢١٠٤]


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام، رقم: ٢٣٧١. (كذبات) أي فيما يظهر للناس وبالنسبة لفهم السامعين، وهي ليست كذبا في حقيقة الأمر لأنها من المعاريض. (ذات الله) أي لأجله. (سقيم) مريض، قال ذلك لقومه حتى لا يخرج معهم ويبقى ليكسر الأصنام /الصافات: ٨٩/، و/الأنبياء: ٦٣/. (فأخذ) اختنق حتى ضرب برجله الأرض كأنه مصروع. (مهيا) كلمة يستفهم بها، معناها: ما حالك وما شأنك. (تلك) أي هاجر عليها السلام. (بني ماء السماء) أراد بهم العرب، لأنهم يعيشون بالمطر، ويتبعون مواقع القطر في البوادي لأجل المواشي.
٣ ‏/ ١٢٢٥
٣١٨٠ – حدثنا عبيد الله بن موسى، أو ابن سلام عنه: أخبرنا ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، عن سعيد بن المسيب، عن أم شريك رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الوزغ. وقال: (كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام.
[ر: ٣١٣١]
٣ ‏/ ١٢٢٦
٣١٨١ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمانهم بظلم﴾. قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس كما تقولون ﴿لم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾ بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إن الشرك لظلم عظيم﴾).
[ر: ٣٢]
٣ ‏/ ١٢٢٦
١٢ – باب: ﴿يزفون﴾ /الصافات: ٩٤/: النسلان في المشي.


(يزفون) يسرعون في المشي، وهو معنى النسلان. وأشار بما ذكر إلى ما في قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه حين كسر أصنامهم، فجاؤوا إليه مسرعين يسألونه عنها.
٣ ‏/ ١٢٢٦
٣١٨٢ – حدثنا إسحاق بن إبراهيم بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
أتى النبي ﷺ يوما بلحم فقال: (إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس منهم – فذكر حديث الشفاعة – فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبي الله وخليله من الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ويقول: فذكر كذباته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى موسى).
تابعه أنس عن النبي ﷺ.
[ر: ٣١٦٢، ٤٢٠٦]


(ينفذهم البصر) يحيط بهم بصر الناظر، ويبلغ أولهم وآخرهم. (كذباته) انظر الحديث: ٣١٧٩.
٣ ‏/ ١٢٢٦
٣١٨٣ – حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (يرحم الله أم إسماعيل، لولا أنها عجلت، لكان زمزم عينا معينا).
قال الأنصاري: حدثنا ابن جريج قال: أما كثير بن كثير: فحدثني قال: إني وعثمان

⦗١٢٢٧⦘
بن أبي سليمان جلوس مع سعيد بن جبير، فقال: ما هكذا حدثني ابن عباس، ولكنه قال: أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمه عليهم وهي ترضعه، معها شنة – لم يرفعه – ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل.


(معينا) سائلا جاريا على وجه الأرض. (شنة) قربة يابسة بالية. (لم يرفعه) أي لم يرفع ابن عباس رضي الله عنه الحديث إلى النبي ﷺ.
٣ ‏/ ١٢٢٦
٣١٨٤ – وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أخبرنا معمر، عن أيوب، السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير: قال ابن عباس:
أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا، فتبعته أم إسماعيل، فقالت:
يا إيراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يتلفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذي زرع – حتى بلغ – يشكرون﴾. وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر

⦗١٢٢٨⦘
أحدا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فذلك سعي الناس بينهما). فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت صه – تريد نفسها – ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه، أو قال: بجناحه، حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف. قال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَرْحَمُ الله أم إسماعيل، لو كانت تَرَكَتْ زَمْزَمَ – أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ من الماء – لكانت زمزم عينا معينا). قال: فشربت وأرضعت ولدها، فال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله، يبني هذا الغلام وأبوه، وإن اله لا يضيع أهله. وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول، فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم، أو أهل بيت من جرهم، مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا، قال: وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء، قالوا: نعم. قال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس). فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام

⦗١٢٢٩⦘
وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه، قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له يغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عتبة بابك، قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك، فطلقها، وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه، فالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. قال: اللهم بارك في اللحم والماء. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَلَمْ يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه). قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه، فلم جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء، قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك، قال: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك، ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد،

⦗١٢٣٠⦘
ثم قال: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمر ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني بيتا ها هنا بيتا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر، فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: ﴿ربنا تقبل منا إنك السميع العليم﴾.


(المنطق) ما يشد به الوسط. (لتعفي أثرها) أي لتجره على الأرض وتخفي أثرها على سارة. (دوحة) شجرة كبيرة. (جرابا) ما يتخذ من الجلد لتوضع فيه الزوادة. (قفى) من التقفية وهي الإعراض والتولي، يعني ولى راجعا. (الثنية) الطريق العالي في الجبل. (الكلمات) الدعوات، أو الجمل التي أنزلها الله تعالى في كتابه على محمد ﷺ، وتتمتها: ﴿عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون﴾ /إبراهيم: ٣٧/. (بواد) هو مكة. (المحرم) الذي يحرم التعرض له والتهاون به. (أفئدة) جمع فؤاد وهو القلب، والمراد الناس أصحاب القلوب. (تهوي إليهم) تقصدهم وتسكن إليهم. (يتلوى) يتمرغ وينقلب ظهرا لبطن ويمينا وشمالا. (يتلبط) يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض، وقيل: يحرك لسانه وشفتيه كأنه يموت. (درعها) قميصها. (سعت) هرولت وأسرعت في خطاها. (المجهود) الذي أصابه الجهد وهو الأمر الشاق. (فذلك سعي الناس بينهما) أي سبب مشروعية السعي بين الصفا والمروة، لإحياء تلك الذكرى في النفوس، لتنشط في الالتجاء إلى الله عز وجل في كل حال. (صه) أي قالت لنفسها: اسكتي. (غواث) من الغوث، أي إن كان غوث فأغثني. (بالملك) أي جبريل عليه السلام. (فبحث بعقبه) البحث طلب الشيء في التراب، وكأنه حفر بطرف رجله. (تحوضه) يجعله كالحوض لئلا يذهب الماء. (تقول بيدها) هو حكاية لفعلها. (عائفا) هو الذي يتردد على الماء ويحوم ولا يمضي عنه، والعائف أيضا: الرجل الذي يعرف مواضع الماء من الأرض. (لعهدنا) لمعرفتنا صلتنا. (جريا) رسولا، ويطلق على الوكيل والأجير، وسمي بذلك لأنه يجري مجرى مرسله، أو لأنه يجري مسرع في حوائجه. (فألفى ذلك) فوجد الجرهمي. (الأنس) المؤانسة بالناس. (شب الغلام) نشأ إسماعيل عليه السلام. (أنفسهم) رغبهم فيه وفي مصاهرته. (يطالع تركته) يتفقد حال ما تركه هناك، والتركة بمعنى المتروكة، والمراد بها أهله، والمطالعة النظر في الأمور. (يبتغي لنا) يطل لنا الرزق، وكان عيشه من الصيد. (هيئتهم) حالتهم. (عتبة بابه) هي أسكفة الباب، وهي هنا كناية عن المرأة. (لا يخلو عليهما أحد) لا يعتمد أحد في طعامه على اللحم والماء فقط. (لم يوافقاه) أي لا يوافقان مزاجه، ويشتكي من بطنه ونحو ذلك، وأما في مكة فإن المداومة على أكلها لا تحدث شيئا، وهذا من بركة إبراهيم عليه السلام. (ربنا تقبل ..) /البقرة: ١٢٧/.
٣ ‏/ ١٢٢٧
٣١٨٥ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل، ومعهم شنة فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة، فيدر لبنها على صبيها، حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فاتبعته أم إسماعيل، حتى لما بلغوا كداء نادته من ورائه: يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله، قالت: رضيت بالله، قال: فرجعت فجعلت تشرب من الشنة ويدر لبنها على صبيها، حتى لما فني الماء، قالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا، قال: فذهبت فصعدت الصفا فنظرت، ونظرت هل تحس أحدا، فلم تحس أحدا، فلما بلغت الوادي سعت أتت المروة، ففعلت ذلك أشواطا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، تعني الصبي، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت، فلم تقرها نفسها، فقالت: لو ذهبت فنظرت، لعلي أحس أحدا، فذهبت فصعدت الصفا، فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا، حتى أتمت سبعا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت، فقالت: أغث إن كان عندك خير، فإذا جبريل، قال: فقال بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض، قال: فانبثق الماء، فدهشت أم إسماعيل،

⦗١٢٣١⦘
فجعلت تحفر، قال: فقال أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: (لَوْ تركته كان الماء ظاهرا). قال: فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها، قال: فمر ناس من جرهم ببطن الوادي، فإذا هم بطير، كأنهم أنكروا ذاك، وقالوا: ما يكون الطير إلا على ماء، فبعثوا رسولهم فنظر فإذا هم بالماء، فأتاهم فأخبرهم، فأتوا إليها فقالوا: يا أم إسماعيل، أتأذنين لنا أن نكون معك، أو نسكن معك، فبلغ ابنها فنكح فيهم امرأة، قال: ثم إنه بدا لإبراهيم، فقال لأهله: إني مطلع تركتي، قال: فجاء فسلم، فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد، قال: قولي له إذا جاء غير عتبة بابك، فلما جاء أخبرته، قال: أنت ذاك، فاذهبي إلى أهلك، قال: ثم إنه بدا لإبراهيم، فقال لأهله: إني مطلع تركتي. قال: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد، فقالت: ألا تنزل فتطعم وتشرب، فقال: وما طعامكم وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم وشرابنا الماء. قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم. قال: فقال أبو القاسم ﷺ: (بركة بدعوة إبراهيم). قال: ثم إنه بدا لإبراهيم، فقال لأهله: إني مطلع تركتي، فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلا له. فقال: يا إسماعيل، إن ربك أمرني أن أبني له بيتا. قال: أطع ربك، قال: إنه قد أمرني أن تعينني عليه، قال: إذن أفعل، أو كما قال، قال: فقاما فجعل إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. قال: حتى ارتفع البناء، وضعف الشيخ عن نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة ويقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
[ر: ٢٢٣٩]


(أهله) سارة عليها السلام. (ما كان) من خصومة معتادة بين الضرائر، وذلك حين ولدت هاجر عليها السلام إسماعيل عليه السلام وغارت منها سارة فكان منها ما كان. (أحس) أجد. (ينشغ) من النشغ، وهو الشهيق من الصدر حتى يكاد يبلغ به الغشي، أي يعلو نفسه من شدة ما يرد عليه. (غمز) عصر وكبس. (تحفر) وفي نسخة (تحفر) أي تسرع وتحث سيرها، وفي أخرى (تحفن) أي تملأ كفيها. (ظاهرا) أي يجري على وجه الأرض. (أنكروا ذلك) أي تعجبوا من وجود الطير واستغربوه، لعلمهم أنه لا يوجد ماء في هذا المكان. (بركة) أي في طعام مكة وشرابها.
٣ ‏/ ١٢٣٠
٣١٨٦ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حدثنا الأعمش: حدثنا إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: (المسجد الحرام). قال: قلت: ثم أي؟ قال: (المسجد الأقصى). قلت: كم كان بينهما؟ قال: (أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة

⦗١٢٣٢⦘
بعد فصله، فإن الفضل فيه).
[٣٢٤٣]


(أول) أي للصلاة فيه. (الأقصى) سمي بذلك لبعد المسافة بينه وبين الكعبة أو لبعده عن الأقذار والخبائث فإنه مقدس مطهر، وقيل: لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة. (بعد) أي بعد دخول وقت الصلاة. (فصله) أي فصل، والهاء هاء السكت. (فإن الفضل فيه) أي فعل الصلاة إذا حضر وقتها وفي أول الوقت.
٣ ‏/ ١٢٣١
٣١٨٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَالَ: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أحرم ما بين لابتيها).
رواه عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[انظر: ٢٠٢٢، ٢٧٣٢]
٣ ‏/ ١٢٣٢
٣١٨٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله: أن ابن أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّ رسول الله ﷺ قال: (أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال: (لولا حدثان قومك بالكفر).
فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ما أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إبراهيم.
وقال إسماعيل: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
[ر: ١٢٦]


(قال إسماعيل) هو عبد الله بن أبي أويس، ابن أخت مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وأشار البخاري بهذا إلى أن إسماعيل روى هذا الحديث، وبين أن ابن أبي بكر الذي فيه هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه.
٣ ‏/ ١٢٣٢
٣١٨٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ بن أنس، عن عبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ: أخبرني أبو حميد الساعدي رضي الله عنه أَنَّهُمْ قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى

⦗١٢٣٣⦘
مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنك حميد مجيد).
[٥٩٩٩]


أخرجه مسلم في الصلاة، بَاب: الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بعد التشهد، رقم: ٤٠٧. (صل على محمد) الصلاة من الله تعالى الرحمة المقرونة بالتعظيم، وقيل: معناه: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته. (ذريته) نسله. (بارك) من البركة وهي الزيادة والنماء، وأصله من برك البعير إذا أناخ في موضع ولزمه، وعليه يكون المعنى: أدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة. (حميد) محمود على كل حال، صيغة مبالغة من الحمد. (مجيد) صيغة مبالغة من المجد، وهو الشرف والعظمة.
٣ ‏/ ١٢٣٢
٣١٩٠ – حدثنا قيس بن حفص وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو قرة مسلم بن سالم الهمذاني قال: حدثني عبد الله ابن عيسى: سمع عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ:
لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هدية سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ؟ فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله ﷺ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال: (قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجي، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
[٤٥١٩، ٥٩٩٦]
أخرجه مسلم في الصلاة، بَاب: الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بعد التشهد، رقم: ٤٠٦.
٣ ‏/ ١٢٣٣
٣١٩١ – حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن منصور، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الل عَنْهُمَا قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يعوذ الحسن والحسين، ويقول: (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).


(يعوذ) من التعويذ وهو الالتجاء والاستجارة. (التامة) الكاملة في فضلها وبركتها ونفعها. (هامة) كل حشرة ذات سم، وقيل: مخلوق يهم بسوء. (لامة) العين التي تصيب بسوء، وتجمع الشر على المعيون. وقيل: هي كل داء وآفة تلم بالإنسان.
٣ ‏/ ١٢٣٣
١٣ – باب: قوله عز وجل: ﴿ونبئهم عن ضيف إبراهيم﴾ /الحجر: ٥١/.
قوله: ﴿ولكن ليطمئن قلبي﴾.


(نبئهم) أخبرهم. (ضيف إبراهيم) وهم الملائكة الذين أتوه على صورة البشر على أنهم ضيوف. وانظر الآيات: ٥١ – ٦٠ من سورة الحجر.
٣ ‏/ ١٢٣٣
٣١٩٢ – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ

⦗١٢٣٤⦘
شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: ﴿رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي﴾. ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبث في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي).
[٣١٩٥، ٣٢٠٧، ٤٢٦٣، ٤٤١٧، ٦٥٩١]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة. وفي الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل ﷺ، رقم: ١٥١. (أحق) أولى بالسؤال عن كيفية الإحياء أو الشك فيه لو كان سؤاله شكا، ولكنه طلب المزيد من اليقين والاطمئنان. (ليطمئن) ليسكن، ويصير علم اليقين عندي عين اليقين بالمشاهدة /البقرة: ٢٦٠/. (يأوي) يستند ويعتمد. (ركن شديد) قوي وعزيز يمتنع به ويستنصر بذلك ﷺ إلى قوله تعالى: ﴿لو كان أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد﴾ /هود: ٨٠/. قال العيني رحمه الله تعالى: وكأنه ﷺ استغرب ذلك القول وعده نادرا منه، إذ لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوي إليه. وقال النووي رحمه الله تعالى: يجوز أنه نسي الالتجاء إلى الله في حمايته الأضياف، أو أنه التجأ إلى الله فيما بينه وبين الله، وأظهر للأضياف العذر وضيق الصدر. (الداعي) الذي دعاه إلى الخروج من السجن، ولأسرعت في الخروج، يشير بذلك ﷺ إلى قوله تعالى: ﴿فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن﴾ /يوسف: ٥٠/. وقوله ﷺ ذلك تواضع منه، حيث إنه وصف يوسف عليه السلام بشدة الصبر، ولا يعني ذلك قلة صبره ﷺ، أو أنه ﷺ يشير إلى الأخذ بالأسهل فيما ليس فيه معصية.
٣ ‏/ ١٢٣٣
١٤ – باب: قول الله تعالى: ﴿واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد﴾ /مريم: ٥٤/.


(صادق الوعد) وفيا به، وقد وعد نفسه أن يصبر على الذبح، ووفى بذلك حين باشر أبوه بالتنفيذ، وقيل في معناه غير ذلك.
٣ ‏/ ١٢٣٤
٣١٩٣ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بن الأكوع رضي الله عنه قَالَ:
مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نفر من أسلم ينتضلون، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (رموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان). قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ما لكم لا ترمون). فقالوا: يا رسول الله نرمي وأنت معهم، قال: (ارموا وأنا معكم كلكم).
[ر: ٢٧٤٣]
٣ ‏/ ١٢٣٤
١٥ – باب: قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام.
فيه ابن عمر وأبو هريرة، عن النبي ﷺ.
[ر: ٣١٧٥، ٣٢٠٢]
٣ ‏/ ١٢٣٤
١٦ – باب: ﴿أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت – إلى قوله – ونحن له مسلمون﴾. /البقرة: ١٣٣/.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا﴾.
(أم كنتم شهداء ..) أي ما كنتم حاضرين، نزلت ردا على اليهود الذين ادعوا أن يعقوب عليه السلام وصى أبناءه باليهودية حين وفاته. (آبائك ..) اعتبر إسماعيل عليه السلام أبا مع أنه عمهم، لأن العرب تسمي العم أبا.
٣ ‏/ ١٢٣٥
٣١٩٤ – حدثنا إسحاق بن إبراهيم: سمع المعتمر، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ:
قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: من أكرم الناس؟ قال: (أكرهم أتقاهم). قالوا: يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك، قال: (فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله).قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فعن معادن العرب تسألونني). قالوا: نعم، قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، إذا فقهوا).
[ر: ٣١٧٥]
٣ ‏/ ١٢٣٥
١٧ – باب:
﴿ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون. أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون. فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون. فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين. وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين﴾ /النمل: ٥٤ – ٥٨/.


(الفاحشة) الفعلة القبيحة الشنيعة وهي اللواطة. (وأنتم تبصرون) والحال أنكم تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها، وقيل: يبصر بعضكم بعضا، لأنهم كانوا يفعلون ذلك في نواديهم مجاهرين بها لا يستترون، عتوا منهم وتمردا وخلاعة ومجانة. (شهوة) لأجل الشهوة. (تجهلون) عاقبة انحرافكم وجزاء عصيانكم. (يتطهرون) عن ارتكاب ما يفعل القوم، ويقولون ذلك استهزاء بهم وتهكما. (فأنجيناه وأهله) من العذاب الذي وقع في القوم. (قدرناها) جعلناها بتقديرنا وقضائنا. (الغابرين) الباقين في العذاب والهالكين.
٣ ‏/ ١٢٣٥
٣١٩٥ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ قال: (يغفر الله للوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد).
[ر: ٣١٩٢]
٣ ‏/ ١٢٣٥
١٨ – باب: ﴿فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون﴾ /الحجر: ٦٢/.
﴿بركنه﴾ /الذاريات: ٣٩/: بمن معه لأنهم قوته. ﴿تركنوا﴾ /هود: ١١٣/: تميلوا. فأنكرهم ونكرهم واستنكارهم واحد. ﴿يهرعون﴾ /هود: ٧٨/: يسرعون. ﴿دابر﴾ /الحجر: ٦٦/: آخر. ﴿صيحة﴾ /يس: ٢٩/: هلكة. ﴿للمتوسمين﴾ /الحجر: ٧٥/: للناظرين. ﴿لبسبيل﴾ /الحجر: ٧٦/: لبطريق.


(منكرون) غير معروفين لدي. (بركنه) بجانبه وجميع بدنه، كناية عن المبالغة في الإعراض. (فأنكرهم) يشير إلى ما في قوله تعالى: ﴿فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم﴾ /هود: ٧٠/.
٣ ‏/ ١٢٣٦
٣١٩٦ – حدثنا محمود: حدثنا أبو أحمد: حدثنا سفيان، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ: (فهل من مدكر).
[ر: ٣١٦٣]
٣ ‏/ ١٢٣٦
١٩ – باب: قول الله تعالى: ﴿وإلى ثمود أخاهم صالحا﴾ /هود: ٦١/.
﴿كذب أصحاب الحجر﴾ /الحجر: ٨٠/: موضع ثمود. وأما ﴿حرث حجر﴾ /الأنعام: ١٣٨/: حرام، وكل ممنوع فهو حجر محجور، والحجر كل بناء بنيته، وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر، ومنه سمي حطيم البيت حجرا، كأنه مشتق من محطوم، مثل قتيل من مقتول، ويقال للأنثى من الخيل الحجر، ويقال للعقل حجر وحجى، وأما حجر اليمامة فهو منزل.


(حطيم البيت) هو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة، ويسمى حجر إسماعيل عليه السلام. (حجر اليمامة) اليمامة: اسم البلد المشهور بين الحجاز واليمن، وحجر اليمامة مدينتها ووسطها.
٣ ‏/ ١٢٣٦
٣١٩٧ – حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زمعة قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وذكر الذي عقر الناقة، قال: (انتدب لها رجل ذو عز ومنعة في قومه كأبي زمعة).
[٤٦٥٨، ٤٩٠٨، ٥٦٩٥]
(عقر الناقة) ذبح ناقة صالح عليه السلام. (انتدب لها) من ندبه لأمر فانتدب، أي دعاه له فأجاب. (منعة) هي ما يمنع به الخصم أن يصل إلى خصمه الملتجيء.
٣ ‏/ ١٢٣٦
٣١٩٨ – حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن: حدثنا يحيى بن حسان بن حيان أبو زكرياء: حدثنا سليمان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن

⦗١٢٣٧⦘
رسول الله ﷺ، لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء.
ويروى عن سبرة بن معبد وأبي الشموس: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بإلقاء الطعام. وقال أبو ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (من
اعتجن بمائه).


أخرجه مسلم في الزهد والرقاق، باب: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، رقم: ٢٩٨١. (يطرحوا) يلقوا. (يهريقوا) يريقوا. (سبرة بن معبد) ليس له في البخاري سوى هذا الموضع. (من اعتجن بمائه) أي أمر من اعتجن بمائه أن يلقي عجينه.
٣ ‏/ ١٢٣٦
٣١٩٩ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره:
أن الناس نزلوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أرض ثمود، الحجر، فاستقوا من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله ﷺ أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
تابعه أسامة، عن نافع.
٣ ‏/ ١٢٣٧
٣٢٠٠ – حدثني محمد: أخبرنا عبد الله، عن معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله، عن أبيه رضي الله عنهم:
إن النبي ﷺ لما مر بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم ما أصابهم). ثم تقنع بردائه وهو على الرحل.


أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، رقم: ٢٩٨٠. (أن يصيبكم ما أصابهم) حذر أن يصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب. (تقنع) تستر. (الرحل) ما يوضع على البعير مثل السرج للفرس.
٣ ‏/ ١٢٣٧
٣٢٠١ – حدثني عبد الله: حدثنا وهب: حدثنا أبي: سمعت يونس، عن الزهري، عن سالم: أن ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم).
[ر: ٤٢٣].
٣ ‏/ ١٢٣٧
٢٠ – باب: ﴿أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت﴾ /البقرة: ١٣٣/.


(أم كنتم ..) انظر الباب: ١٦ من كتاب التفسير.
٣ ‏/ ١٢٣٧
٣٢٠٢ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد الله، عن أبيه، عن عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال: (الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم

⦗١٢٣٨⦘
السلام).
[٣٢١٠، ٤٤١١]

٣ ‏/ ١٢٣٧
٢١ – باب: قول الله تعالى: ﴿لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين﴾ /يوسف: ٧/.


(في يوسف وإخوته) في قصتهم وخبرهم. (آيات) عبر وعظات. (للسائلين) لمن سأل عن قصتهم.
٣ ‏/ ١٢٣٨
٣٢٠٣ – حدثني عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عبيد الله قال: أخبرني سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله). قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فعن معادن العرب تسألونني؟ الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا).
حدثني محمد: أخبرنا عبدة، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ بهذا.
[ر: ٣١٧٥]
٣ ‏/ ١٢٣٨
٣٢٠٤ – حدثنا بدل بن المحبر: أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي ﷺ قال لها: (مري أبا بكر يصلي بالناس). قالت: إنه رجل أسيف، متى يقم مقامك رق. فعاد فعادت. قال شعبة: فقال في الثالثة أو الرابعة: (إنكن صواحي يوسف، مروا أبا بكر).
[ر: ١٩٥]
٣ ‏/ ١٢٣٨
٣٢٠٥ – حدثنا الربيع بن يحيى البصري: حدثنا زائدة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قَالَ:
مَرِضَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ). فَقَالَتْ عائشة: إن أبا بكر رجل كذا، فقال مثله، فقالت مثله، فقال: (مروه، فإنكن صواحب يوسف). فأم أبو بكر في حياة رسول اله ﷺ. فقال حسين: عن زائدة: رجل رقيق.
[ر: ٦٤٦]
٣ ‏/ ١٢٣٨
٣٢٠٦ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سنين كسني يوسف).
[ر: ٩٦١]
٣ ‏/ ١٢٣٨
٣٢٠٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، هو ابن أخي جويرية: حدثنا جويرية عن أسماء، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المسيب وأبا عبيدة أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (يرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أتاني الداعي لأجبته).
[ر: ٣١٩٢]
٣ ‏/ ١٢٣٩
٣٢٠٨ – حدثنا محمد بن سلام: أخبرنا ابن فضيل: حدثنا حصين، عن سفيان، عن مسروق قال: سألت أم رومان، وهي أم عائشة، عما قيل فيها ما قيل، قالت:
بينما أنا مع عائشة جالستان، إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار، وهي تقول: فعل الله بفلان وفعل، قالت فقلت: لم؟ قالت: إنه نما ذكر الحديث، فقالت عائشة: أي حديث؟ فأخبرتها. قالت: فسمعه أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قالت: نعم، فخرت مغشيا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (ما لهذه). قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث به، فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني، ولئن اعتذرت لا تعذرونني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، فالله المستعان على ما تصفون. فانصرف النبي ﷺ، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها، فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد.
[ر: ٢٤٥٣]


(بفلان) أرادت مسطحا رضي الله عنه. (نما ذكر الحديث) رفع بخبره، وقيل: الأرجح هنا (نمى) لأن (نما) إذا بلغه على وجه الإصلاح، و(نمى) إذا بلغه على وجه الإفساد، وهو المتعين هنا. (حمى بنافض) أي حمى متلبسة بارتعاد، من النفض وهو التحريك.
٣ ‏/ ١٢٣٩
٣٢٠٩ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة:
أنه سأل عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ: أرأيت قوله: ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا﴾. أو كذبوا؟ قالت: بل كذبهم قومهم، فقلت: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن. فقالت: يا عرية لقد استيقنوا بذلك، قلت: فلعلها أو كذبوا، قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها. وأما هذه الآية،

⦗١٢٤٠⦘
قالت: هم أتباع الرسل، الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، وطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم، وظنوا أن أتباعهم كذبوهم، جاءهم نصر الله.
قال أبو عبد الله: ﴿استيأسوا﴾ افتعلوا، من يئست ﴿منه﴾ من يوسف. ﴿لا تيأسوا من روح الله﴾ معناه الرجاء.
[٤٢٥٢، ٤٤١٨، ٤٤١٩]


(استيأس) من اليأس وهو القنوط، أي قنطوا من إيمان أقوامهم. (ظنوا) أي ظن أتباع الرسل، كما فسرته عائشة رضي الله عنها. (كذبوا) كذبهم أقوامهم في الوعد بالعذاب من الله تعالى /يوسف: ١١٠/. (كذبوا) قيل معناه: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم أنهم ينصرون، وقيل: ظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر. وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها قراءة: (كذبوا) بالتخفيف، ولعلها لم تبلغها عمن يرجع إليه في ذلك، وهما قراءتان متواترتان. (عرية) تصغير عروة، وهو تصغير المحبة والدلال، وليس تصغير التحقير. (معاذ الله) أعتصم بالله وأستجير به من هذا القول. (تظن ذلك بربها) تظن أن يخلفها الله تعالى وعده. (وأما هذه الآية) أي فالمراد من الظانين فيها أتباع الرسل، لا الرسل. (استيأسوا) /يوسف: ٨٠/. (روح الله) رحمة الله تعالى /يوسف: ٨٧/.
٣ ‏/ ١٢٣٩
٣٢١٠ – أخبرني عبدة: حدثنا عبد الصمد، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
[ر: ٣٢٠٢]
٣ ‏/ ١٢٤٠
٢٢ – باب: قول الله تعالى:
﴿وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾ /الأنبياء: ٨٣/.
﴿اركض﴾ /ص: ٤٢/: اضرب. ﴿يركضون﴾ /الأنبياء: ١٢/: يعدون.


(نادى ربه) دعا ربه. (مسني) أصابني. (الضر) الضرر، من مرض أو نحوه.
٣ ‏/ ١٢٤٠
٣٢١١ – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذهب، فجعل يحثي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أكن أغنيك عَمَّا تَرَى، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لا غنى لي عن بركتك).
[ر: ٢٧٥]


(رجل جراد) جماعة من الجراد، وهو من أسماء الجماعات التي لا واحد لها من لفظها، مثل: سرب من الطير.
٣ ‏/ ١٢٤٠
٢٣ – باب: ﴿واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا. وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا﴾ كلمه ﴿ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا﴾ /مريم: ٥١ – ٥٣/.
يقال للواحد وللاثنين والجميع نجي، ويقال: ﴿خلصوا نجيا﴾ /يوسف: ٨٠/: اعتزلوا

⦗١٢٤١⦘
نجيا، والجميع أنجية يتناجون. ﴿تلقف﴾ /الأعراف: ١١٧/: تلقم.


(مخلصا) بفتح اللام وبكسرها، قراءتان متواتران، ومعناه: جعل نفسه خالصة في طاعة الله تعالى وطهرها من دنس المعصية، ولم يشرك بالله تعالى أحدا في اعتقاد أو قول أو فعل. (الطور) جبل بين مصر ومدين. (نجيا) حال كونه مناجيا، من ناجاه إذا كلمه سرا وخصه بالحديث. (وهبنا) جعلنا. (من رحمتنا) رحمة منا له. (خلصوا نجيا) خلا بعضهم إلى بعض يتكالمون ويتشاورون وليس فيهم أحد غيرهم. (تلقف) بفتح اللام وتشديد القاف، و(تلقف) بسكون اللام وفتح القاف دون تشديد، وهما قراءتان متواتران، والمشدد للمبالغة، والمعنى: من لقف الشيء إذا تناوله بسرعة وحذق بالفم أو اليد، واللفظ في /طه: ٦٩/ و/الشعراء: ٤٥/. (تلقم) تبتلع.
٣ ‏/ ١٢٤٠
٢٤ – باب: ﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون – إلى قوله – مسرف كذاب﴾ /غافر: ٢٨/.


(إلى قوله) وتتمة الآية: ﴿يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾. (من آل فرعون) قيل كان ابن عمه. (يكتم) يخفي ولا يظهر. (إيمانه) بما جاء به موسى عليه السلام من توحيد الله تعالى وعبادته. (أن يقول) لأنه قال كلمة التوحيد والحق. (بالبينات) بالمعجزات وخوارق العادات، التي تثبت صدقه في أنه نبي مرسل من الله عز وجل، ومؤيد برعايته وحفظه وعونه. (فعليه كذبه) لا يضركم العمل بما دعاكم إليه لأنه حق ويكون عليه وحده وبال الكذب على الله تعالى. (يصبكم بعض الذي يعدكم) إي إن كذبتموه، وهو صادق في واقع الحال، أصابكم ما يعدكم به من العذاب العاجل والآجل على تكذيبه. (يهدي) يرشد وينصر. (مسرف) متجاوز للحد. (كذاب) في ادعائه، ولا سيما على الله سبحانه.
٣ ‏/ ١٢٤١
٣٢١٢ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «فَرَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الْإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ:»وَرَقَةُ مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى وَإِنْ أَدْرَكَنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا
النَّامُوسُ: صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ
[ر: ٣]
٣ ‏/ ١٢٤١
٢٥ – باب: قول الله عز وجل: ﴿وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا – إلى قوله – بالواد المقدس طوى﴾ /طه: ٩ – ١٢/.
﴿آنست﴾ /طه: ١٠/: أبصرت.
قال ابن عباس: المقدس: المبارك، طوى: اسم الوادي. ﴿سيرتها﴾ /طه: ٢١/:

⦗١٢٤٢⦘
حالتها. والنهى التقى. ﴿بملكنا﴾ /طه: ٨٧/: بأمرنا. ﴿هوى﴾ /طه: ٨١/: شقي. ﴿فارغا﴾ /القصص: ١٠/: إلا من ذكر موسى. ﴿ردأ﴾ /القصص: ٣٤/: كي يصدقني، ويقال: مغيثا أو معينا. يبطش ويبطش. ﴿يأتمرون﴾ /القصص: ٢٠/: يتشارون. والجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس فيها لهب. ﴿سنشد﴾ /القصص: ٣٥/: سنعينك، كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا.
وقال غيره: كلما لم ينطق بحرف فيه تمتمة أو فأفأة فهي عقدة.
﴿أزري﴾ /طه: ٣١/: ظهري. ﴿فيسحتكم﴾ /طه: ٦١/: فيهلككم. ﴿المثلى﴾ /طه: ٦٣/: تأنيث الأمثل، يقول: بدينكم، يقال: خذ المثلى خذ الأمثل. ﴿ثم ائتوا صفا﴾ /طه: ٦٤/: يقال: هل أتيت الصف اليوم، يعني المصلى الذي يصلي فيه. ﴿فأوجس﴾ /طه: ٦٧/: أضمر خوفا، فذهبت الواو من ﴿خيفة﴾ لكسرة الخاء. ﴿في جذوع النخل﴾ /طه: ٧١/: على جذوع. ﴿خطبك﴾ /طه: ٩٥/: بالك. ﴿مساس﴾ /طه: ٩٧/: مصدر ماسه مساسا. ﴿لننسفنه﴾ /طه: ٩٧/: لنذرينه. الضحاء الحر. ﴿قصيه﴾ /القصص: ١١/: اتبعي أثره، وقد يكون

⦗١٢٤٣⦘
أن تقص الكلام. ﴿نحن نقص عليك﴾ /يوسف: ٣/. ﴿عن جنب﴾ /القصص: ١١/: عن بعد، وعن جنابة وعن اجتناب واحد.
قال مجاهد: ﴿على قدر﴾ /طه: ٤٠/: موعد. ﴿لا تنيا﴾ /طه: ٤٢/: لا تضعفا. ﴿مكانا سوى﴾ /طه: ٥٨/: منصف بينهم. ﴿يبسا﴾ /طه: ٧٧/: يابسا. ﴿من زينة القوم﴾ الحلي الذي استعاروا من آل فرعون. ﴿فقذفناها﴾ ألقيناها. ﴿ألقى﴾ /طه: ٨٧/: صنع. ﴿فنسي﴾ /طه: ٨٨/: موسى، هم يقولونه: أخطأ الرب. ﴿أن لا يرجع إليهم قولا﴾ /طه: ٨٩/: في العجل.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى. فلما أتاها نودي يا موسى. إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى﴾. (هل أتاك) قد أتاك عن طريق الوحي. (إذ رأى) حين رأى. (لأهله) لزوجه. (امكثوا) اجلسوا هنا وانتظروا. (بقبس) بشعلة من نار في طرف عود. (أو أجد على النار هدى) أي أجد عند النار من يدلني على الطريق. (النهى) أشار إلى قوله تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات لأولي النهى﴾ /طه: ٥٤/. أي لدلائل وعظات لأصحاب العقول والتقوى والورع. (بملكنا) بفتح الميم وبكسرها وبضمها، قراءات متواترة، أي باختيار وملك أمرنا. (ردءا) عونا. (يبطش) أشار إلى قوله تعالى: ﴿فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما﴾ /القصص: ١٩/. أي لما هم موسى بضرب القبطي الذي كان يعتدي على الإسرائيلي، ويبطش من البطش وهو الأخذ بعنف وشدة، ويصح فيه ضم الطاء وكسرها وضم الطاء قراءة أبي جعفر، وهي من الثلاثة فوق السبعة. (لهما) أي لموسى عليه السلام والإسرائيلي. (الجذوة) بفتح الجيم وكسرها وضمها، أشار بها إلى قوله تعالى: ﴿لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون﴾ /القصص: ٢٩/. (بخبر) عن الطريق. (جذوة) قطعة وشعلة من النار، أو الجمرة الملتهبة وقيل: هي العود الذي اشتعل بعضه. والظاهر أن تفسير البخاري رحمه الله تعالى له بما ذكره خاص بالجذوة، بكسر الجيم. (عززت) قويت. (عضدا) معينا وناصرا، والعضد ما بين المرفق والكتف، ويكنى بشده عن التقوية والإعانة والنصرة. (تمتمة) تردد في النطق بالتاء، و(فأفأة) تردد بالنطق بالفاء، وأشار بما ذكره إلى تفسير (عقدة) في قوله تعالى: ﴿واحلل عقدة من لساني﴾ /طه: ٢٧/. (الأمثل) ذو الفضل الذي يستحق أن يضرب به المثل. (بدينكم) تفسير لقوله تعالى: ﴿بطريقتكم المثلى﴾. (خطبك) حالك وشأنك الذي دعاك إلى ما صنعت وحملك عليه. (لنذرينه) من التذرية وهي جعل الشيء في مهب الريح لتفرقه. (الضحاء) في القاموس: الضحوة ارتفاع النهار، والضحى فويقه .. والضحاء بالمد إذا قرب انتصاف النهار، وبالضم والقصر الشمس، وأتيتك ضحوة ضحى. ولعل البخاري رحمه الله تعالى يشير إلى قوله تعالى: ﴿وأن يحشر الناس ضحى﴾ /طه: ٥٩/. أي يجمع الناس ليشاهدوا مبارزة موسى عليه السلام مع السحرة في وقت الضحوة. (تنيا) من الوني، وهو الضعف والفتور والتقصير. (سوى) بضم السين وكسرها، قراءتان متواتران. (منصف بينهم) أي مسافته مستوية بين الفريقين، وقيل: معناه: مستويا لا ساتر فيه. (الذي استعاروا ..) أي وبقيت معهم حين خرجوا من مصر. (فقذفناها) في الأصل: (فقذفتها ألقيتها) وما ذكرته رواية الكشميهيني، وهو الموافق للفظ القرآن. (فنسي موسى) أي قال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى، ولكن موسى نسي أن يقول لكم ذلك قبل أن يذهب. (هم) أي السامري ومن وافقه، يقولون: (أخطأ الرب) أي موسى أخطأ الرب وأضاعه، حيث تركه هنا وذهب إلى الطور يطلبه. (أن) مخففة من الثقيلة، والأصل: أنه. (لا يرجع إليهم قولا) لا يجيبهم إذا دعوه ولا يكلمهم. (في العجل) أي هذا القول مقول في شأن عبادتهم العجل والله أعلم.
٣ ‏/ ١٢٤١
٣٢١٣ – حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بن صعصعة:
أن رسول الله ﷺ حدثهم عن ليلة أسري به: (حتى إذا أتى السماء الخامسة، فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح).
تابعه ثابت، وعباد بن أبي علي، عن أنس، عن النبي ﷺ.
[ر: ٣٠٣٥]
٣ ‏/ ١٢٤٣
٢٦ – باب: قول الله تعالى: ﴿وهل أتاك حديث موسى﴾ /طه: ٩/.
﴿وكلم الله موسى تكليما﴾ /النساء: ١٦٤/.
٣ ‏/ ١٢٤٣
٣٢١٤ – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يوسف: أخبرنا معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

⦗١٢٤٤⦘
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَيْلَةً أسري بي: رأيت موسى، وإذا هو رجل ضرب رجل، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس، وأنا أشبه ولد إبراهيم به، ثم أتيت بإناءين: في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، فقال: اشرب أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته، فقيل: أخذت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك).
[٣٢٥٤، ٤٤٣٢، ٥٢٥٤، ٥٢٨١]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات. وفي: الأشربة، باب: جواز شرب اللبن، رقم: ١٦٨. (ضرب) نحيف خفيف اللحم. (رجل) شعره ليس شديد الجعودة ولا شديد السبوطة. (ربعة) لا طويل ولا قصير. (أحمر) أي لونه يميل إلى الحمرة. (ديماس) هو السرب، وقيل الكن، وقيل الحمام، أي كأنه لم ير شمسا، وهو في غاية الإشراق والنضارة. (الفطرة) الاستقامة، وهو دين الإسلام، وجعل اللبن علامة له لكونه سهلا طيبا نافعا سليم العاقبة. (غوت) انهمكت في الجهل والضلال.
٣ ‏/ ١٢٤٣
٣٢١٥ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن قتادة قال: سمعت أبا العالية: حدثنا ابن عم نبيكم، يعني ابن عباس،
عن النبي ﷺ قال: (لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى). وَنَسَبَهُ إِلَى أبيه، وذكر النبي ﷺ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فقال: (موسى آدم، طوال، كأنه من رجال شنوءة، وقال: عيسى جعد مربوع). وذكر مالكا خازن النار، وذكر الدجال.
[ر: ٣٠٦٧]


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في ذكر يونس عليه السلام، رقم: ٢٣٧٧. (لا ينبغي) ليس له ذلك ولا يليق. (خير) أي من حيث النبوة والرسالة، جميع الرسل من هذه الناحية سواء، وإن كان لكل منهم فضيلة من حيث أهمية ما كلف به. (ونسبه إلى أبيه) إشارة إلى أن متى اسم أبيه، وليس أمه كما قيل.
٣ ‏/ ١٢٤٤
٣٢١٦ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا أيوب السخيتاني، عن ابن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشواء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال: (أنا أولى بموسى منهم). فصامه، وأمر بصامه.
[ر: ١٩٠٠]
٣ ‏/ ١٢٤٤
٢٧ – باب: قول الله تعالى:
﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين. ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني – إلى قوله – وأنا أول المؤمنين﴾ /الأعراف: ١٤٣/.
يقال: دكه زلزله، ﴿فدكتا﴾ /الحاقة: ١٤/: فدككن، جعل الجبال كالواحدة، كما قال الله عز وجل: ﴿أن السماوات والأرض كانتا رتقا﴾ /الأنبياء: ٣٠/. ولم يقل كن، رتقا: ملتصقتين. ﴿أشربوا﴾ /البقرة: ٩٣/: ثوب مشرب مصبوغ.
قال ابن عباس: ﴿انبجست﴾ /الأعراف: ١٦٠/: انفجرت. ﴿وإذ نتفنا الجبل﴾ /الأعراف: ١٧١/: رفعنا.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك﴾. (وواعدنا موسى) من أجل مناجاتنا وإعطائه التوراة. (ثلاثين ليلة) وهي شهر ذي القعدة، قيل: أمر بصيامها، وكذلك العشر الأخرى، وكانت من ذي الحجة، وقيل: أمر في الثلاثين أن يتقرب إلى الله
تعالى بأنواع الطاعات، ثم كلمه وأعطاه الألواح في العشر التي زادها. (ميقات ربه) الوقت الذي عينه له والأجل الذي حدده. (اخلفني) كن أنت خليفتي فيهم حال غيابي. (لميقاتنا) للوقت الذي وقتنا له أن يأتي فيه لمناجاتنا. (أرني) ذاتك. (أنظر إليك) حتى أتمكن من النظر إليك. (لن تراني) أي في الدنيا. (تجلى ربه) ظهر نور ربه. (دكا) مستويا مع الأرض. (صعقا) مغشيا عليه. (أفاق) صحا من صعقته. (سبحانك) أنزهك عن كل نقص وما لا يليق بك. (أول المؤمنين) بعظمتك وجلالك وأنك تختلف في صفاتك عن خلقك. (فدكتا) أي الأرض والجبال. (رتقا) قيل: كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت، ففتق السماء أي شقها بالمطر، والأرض بالنبات. (ثوب ..) أشار بهذا إلى أن أشربوا في قوله تعالى: ﴿وأشربوا في قلوبهم العجل﴾ ليس من شرب الماء، بل بمعنى خالط، أي خالط حب العجل قلوبهم، كما يخالط الصبغ الثوب.
٣ ‏/ ١٢٤٥
٣٢١٧ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سعيد رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يفيق، فإذا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ).
[ر: ٢٢٨١]
٣ ‏/ ١٢٤٥
٣٢١٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النبي ﷺ: (لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر).
[ر: ٣١٥٢]
٣ ‏/ ١٢٤٥
٢٨ – باب: طوفان من السيل.
يقال للموت الكثير طوفان، القمل: الحمنان يشبه صغار الحلم. ﴿حقيق﴾ الأعراف: ١٠٥/: حق ﴿سقط﴾ /الأعراف: ١٤٩/: كل من ندم فقد سقط في يده.


(من السيل) أي يكون الطوفان من السيل الناشئ عن المطر الغالب الكثير. (الحمنان) قراد، واحده حمنانة. (الحلم) القراد الكبير، واحده حلمة. وقيل: القمل جمع قملة، وهي دابة صغيرة سوداء تكون في شعر الرأس وثنايا الجسم، بسبب الأوساخ وعدم النظافة. والبخاري رحمه الله تعالى يشير بهذه الألفاظ وشرحها إلى ما في قوله تعالى: ﴿فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين﴾ /الأعراف: ١٣٣/. (الضفادع) كثرت عليهم حتى كانوا يجدونها
في طعامهم وشرابهم. (الدم) أي أصابهم الرعاف وقيل: انقلبت مياههم دما. (آيات) دلائل. (مفصلات) واضحات لا يشكل على عاقل أنها من آيات الله تعالى، وقيل: مفرقات يتبع بعضها بعضا، وبين كل عذاب وآخر شهر. (فاستكبروا) عن الإيمان بموسى عليه السلام.
٣ ‏/ ١٢٤٦

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …