قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم﴾ /لقمان: ١٣/. و﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ ليحبطنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ /الزمر: ٦٥/.
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بظلم﴾. شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنه ليس بذلك، أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم﴾).
[ر: ٣٢]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ – ثَلَاثًا – أَوْ: قَوْلُ الزُّورِ). فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
[ر: ٢٥١١]
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ). قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (ثُمَّ عُقُوقُ الوالدين). قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ). قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (الْيَمِينُ الْغَمُوسُ). قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: (الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امرئ
⦗٢٥٣٦⦘
مسلم، هو فيها كاذب).
[ر: ٦٢٩٨]
قَالَ رَجُلٌ: يا رسول الله، أنؤاخذ بماعملنا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: (مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر).
(نؤاخذ) نعاقب. (أحسن في الإسلام) استمر على دينه وترك المعاصي.
(أساء) ارتد. (بالأول) بما عمل حال الكفر. (الآخر) ما اكتسبه من معصية بعد إسلامه.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ والزُهري وَإِبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ البيِّنات وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾ /آل عمران: ٨٦ – ٩٠/.
وقال: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يردُّوكم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ /آل عمران: ١٠٠/.
وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا﴾ /النساء: ١٣٧/.
وَقَالَ: ﴿مَنْ يرتدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أعزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ /المائدة: ٥٤/.
⦗٢٥٣٧⦘
﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الغافلون. لا جرم – يقول: حقًا – أنهم في الآخرة هم الخاسرون – إلى قوله – إن ربك من بعدها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ /النحل: ١٠٦ – ١١٠/.
﴿وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يردُّوكم عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النار هم فيها خالدون﴾ /البقرة: ٢١٧/.
أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (لَا تعذِّبوا بِعَذَابِ اللَّهِ). وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (من بدَّل دينه فاقتلوه).
[ر: ٢٨٥٤]
أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يستاك، فكلاهما سأل، فَقَالَ: (يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ). قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فَقَالَ: (لَنْ، أَوْ: لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، إِلَى الْيَمَنِ). ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، قَالَ:
⦗٢٥٣٨⦘
انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تهوَّد، قَالَ: اجْلِسْ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقتل، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو في قومتي.
[ر: ٢١٤٢]
(يستاك) يدلك أسنانه بالسواك. (سأل) طلب الولاية. (يا أبا موسى) أي ما تقول؟ وما هذا الطلب. (قلصت) انزوت وارتفعت. (موثق) مربوط بقيد.
(في نومتي) بسبب نومي. (ما أرجو في قومتي) مثل ما أرجو في قيامي بالليل من الأجر.
لمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لأقاتلنَّ مَنْ فرَّق بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنه الحق.
[ر: ١٣٣٥]
مرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَعَلَيْكَ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ قَالَ: (لَا، إِذَا سلَّم عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فقولوا: وعليكم).
اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: السام عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ). قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قالوا: قال: (قلت: وعليكم).
[ر: ٢٧٧٧]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سلَّموا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ: سَامٌ عَلَيْكَ، فقل: عليك).
[ر: ٥٩٠٢]
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: (رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
[ر: ٣٢٩٠]
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يبيِّن لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ /التوبة: ١١٥/.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَالَ: إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المؤمنين.
إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا، فَوَاللَّهِ لَأَنْ أخرَّ مِنَ السَّمَاءِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي
⦗٢٥٤٠⦘
وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خِدْعَةٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البريَّة، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرميَّة، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة).
[ر: ٣٤١٥]
أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عَنِ الحروريَّة: أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الحروريَّة؟ سمعت النبي ﷺ يقول: (يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ – وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا – قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، أَوْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرميَّة، فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ، إِلَى نَصْلِهِ، إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدم شيء).
[ر: ٣٤١٤]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السهم من الرميَّة).
(مروق السهم) كما يدخل السهم من جهة ويخرج من الأخرى. (الرميَّة) الهدف الذي يرمي.
بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَقْسِمُ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رسول الله، فقال: (ويحك، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ). قَالَ عُمَرُ بن الخطاب: ائذن لي فأضرب عُنُقَهُ، قَالَ: (دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ
⦗٢٥٤١⦘
صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرميَّة، يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شيء، ثم يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نضيِّه فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ، أَوْ قَالَ: ثَدْيَيْهِ، مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ قَالَ: مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ).
قَالَ أَبُو سَعِيد: أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ، وَأَنَا مَعَهُ، جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ ﷺ، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾.
[ر: ٣٤١٤]
هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ فِي الْخَوَارِجِ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ العراق: (يخرج منه قوم يقرؤون الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مروق السهم من الرميَّة).
(لا يجاوز تراقيهم) جمع ترقوة، وهي عظم في أعلى الصدر، والمراد: أنه لا يصل إلى قلوبهم. (يمرقون ..) انظر الحديث (٦٥٣٣).
قال رسول الله ﷺ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فئتان، دعواهما واحدة).
[ر: ٣٤١٣]
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
⦗٢٥٤٢⦘
فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سلَّم، ثُمَّ لبَّبْتُه بِرِدَائِهِ أَوْ بِرِدَائِي، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا، فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ). فَقَرَأَ عَلَيْهِ القراءة التي سمعته يقرؤها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَكَذَا أُنْزِلَتْ). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقْرَأْ يَا عُمَرُ). فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: (هَكَذَا أُنْزِلَتْ). ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه).
[ر: ٢٢٨٧]
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم). شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إن الشرك لظلم عظيم﴾).
[ر: ٣٢]
غَدَا عليَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فقال رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذَلِكَ مُنَافِقٌ، لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ النبي ﷺ: (ألا تقولونه: يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ). قَالَ: بَلَى، قَالَ: (فَإِنَّهُ لَا يُوَافَى عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ، إِلَّا حرَّم الله عليه النار).
[ر: ٤١٤]
⦗٢٥٤٣⦘
قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والزبير وَأَبَا مَرْثَدٍ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَالَ: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ حَاجٍ – قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: هَكَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: حَاجٍ – فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَأْتُونِي بِهَا). فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لها، وكان كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَقُلْنَا: أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وجدنا شيئًا، فقال صاحبي: مَا نَرَى مَعَهَا كِتَابًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثم حلف عليذ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، لتخرجنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأجرِّدنَّك، فَأَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتِ الصَّحِيفَةَ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا حَاطِبُ، مَا حَمَلكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يُدْفَعُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلَّا لَهُ هُنَالِكَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، قال: (صدق، ولا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا). قَالَ: فَعَادَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ ورسوله والمؤمنين، دعني فلأضرب عنقه، قال: (أو ليس مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلع عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمُ الْجَنَّةَ). فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: خَاخٍ أَصَحُّ، وَلَكِنْ كَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: حَاجٍ، وَحَاجٍ تَصْحِيفٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ، وَهُشَيْمٌ يَقُولُ: خَاخٍ.
[ر: ٢٨٤٥]
(قال: ماهو؟ قال: بعثني) أي قال حبَّان لأبي عبد الرحمن: ماهو؟ قال أبو عبد الرحمن: قال علي رضي الله عنه: بعثني .. فقال الثانية من عادتهم إسقاطها في الخط.
(قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: هَكَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: حاج) أبو سلمة هو موسى بن إسماعيل شيخ البخاري. قال النووي: قال العلماء: هو غلط من أبي عوانة، وكأنه اشتبه عليه بمكان آخر يقال له: ذات حاج، وهو موضع بين المدينة والشام يسلكه الحاج، وأما روضة خاخ فإنها بين مكة والمدينة بقرب المدينة، وهو المقصود هنا.
(تصحيف) صحف الكلمة كتبها أو قرأها على غير صحتها لاشتباه في الحروف، وتصحفت الكلمة تغيرت إلى خطأ.