قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ).
قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: مثله.
عن النبي ﷺ قال: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَأَصْلِحْ الأنصار والمهاجرة).
[ر: ٢٦٧٩]
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَنْدَقِ، وَهُوَ يَحْفِرُ ونحن ننقل التراب، وبصر بِنَا، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ). تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مثله.
[ر: ٣٥٨٦]
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أنَّما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ
⦗٢٣٥٨⦘
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا متاع الغرور﴾ /الحديد: ٢٠/.
(حطامًا) يابسًا متكسرًا. (متاع) متعة يتمتع بها وينتفع لأمد قليل. (الغرور) تخدع من تعلق بها ومال إليها واستكان.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها).
[ر: ٢٦٤١]
أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ). وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومن حياتك لموتك.
(خذ من صحتك لمرضك) اشتغل حال الصحة بالطاعات، بقدر يسد الخلل والنقص الحاصل بسبب المرض، الذي قد يقعد عنها. (من حياتك لموتك) اغتنم أيام حياتك بالأعمال التي تنفعك عند الله تعالى بعد موتك.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الغُرور﴾ /آل عمران: ١٨٥/.
⦗٢٣٥٩⦘
وَقَوْلِهِ: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ /الحجر: ٣/.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ ولا عمل.
﴿بمزحزحه﴾ /البقرة: ٩٦/: بمباعده.
(مقبلة) بما فيها من أهوال وحشر وحساب، ونعيم خالد أو جحيم مقيم.
(بنون) متعلقون بها تعلق الأبناء بالآباء، راغبون فيها ومقبلون عليها، لا يلتفتون إلى غيرها. (اليوم) في الدنيا. (غدًا) في الآخرة.
خَطَّ النَّبِيُّ ﷺ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ، وَقَالَ: (هَذَا الْإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ – أَوْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِ – وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا).
خَطَّ النَّبِيُّ ﷺ خُطُوطًا، فَقَالَ: (هَذَا الْأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الْأَقْرَبُ).
لِقَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ نعمِّركم مَا يتذكَّر فِيهِ مَنْ تذكَّر وَجَاءَكُمُ النَّذير﴾ /فاطر: ٣٧/: يعني
⦗٢٣٦٠⦘
الشيب.
عن النبي ﷺ قَالَ: (أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أخَّر أَجَلَهُ حَتَّى بلَّغه سِتِّينَ سَنَةً).
تَابَعَهُ أَبُو حازم وابن عجلان، عن المقبري.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ).
قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ وَابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أخبرني سعيد وأبو سلمة.
(شابًا) قويا لاستحكام المحبة لما ذكر في قلبه. (الأمل) طول العمر.
قال رسول الله ﷺ: (يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثنتان: حبُّ الْمَالِ وَطُولُ الْعُمُرِ). رَوَاهُ شُعبة، عَنْ قتادة.
(يكبر) يطعن في السن. (يكبر معه) يعظم عنده.
فيه سعد.
[ر: ١٢٣٣]
غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: (لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إلا الله، يبتغي بها وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ).
[ر: ٤١٤]
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صفيَّه مِنْ أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة).
أن رسول الله ﷺ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وأمَّر عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين رَآهُمْ وَقَالَ: (أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ). قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَأَبْشِرُوا وأمِّلوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيَكُمْ كما ألهتهم).
[ر: ٢٩٨٨]
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: (إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أن تنافسوا فيها).
[ر: ١٢٧٩]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ). قِيلَ: وَمَا بَرَكَاتُ الْأَرْضِ؟ قَالَ: (زَهْرَةُ الدُّنْيَا). فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِيُّ ﷺ حتى ظننت أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ، فَقَالَ: (أَيْنَ السَّائِلُ). قَالَ: أَنَا. قَالَ أبو سعيد: لقد حمدناه حين طلع لذلك. قَالَ: (لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكلة الخضر، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امتدَّت خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فاجْتَرَّت وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بحَقِّه وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ).
[ر: ٨٧٩]
(حمدناه حين طلع ذلك) حمدنا الرجل حين ظهر هكذا، لأن سؤاله صار سببًا لاستفادتنا منه ﷺ، وفي نسخة (اطلع لذلك). (الخضر) وفي بعض النسخ (الخضرة). (يفون) وفي بعض النسخ (يوفون).
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ – قَالَ عِمْرَانُ: فَمَا أَدْرِي: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ، ويظهر فيهم السِّمَن).
[ر: ٢٥٠٨]
عن النبي ﷺ قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ: تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ، وَأَيْمَانُهُمْ شهادتهم).
[ر: ٢٥٠٩]
سَمِعْتُ خبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أن رسول الله ﷺ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِالْمَوْتِ، إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ مَضَوْا، وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ،
⦗٢٣٦٣⦘
وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلَّا التراب.
أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ مَضَوْا لَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ شَيْئًا، لَا نَجِدُ لَهُ موضعًا إلا التراب.
[ر: ٥٣٤٨]
[ر: ١٢١٧]
جَمْعُهُ سعر، قال مجاهد: الغَرور: الشيطان.
أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يتوضأ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: (مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تغترُّوا).
[ر: ١٥٨]
ويقال: الذهاب المطر.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ، أَوِ التَّمْرِ، لَا يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: يقال حفالة وحثالة.
[ر: ٣٩٢٥]
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ /التغابن: ١٥/.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رضي، وإن لم يعط لم يرض).
[ر: ٢٧٣٠]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى من تاب).
(واديان) أي ما يملؤهما، وهو للمبالغة في الكثرة. (لابتغى) لطلب. (يملأ الجوف) كناية عن الموت، فهو يستلزم الامتلاء، فكأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت. وعليه تحمل العبارات في الأحاديث الآتية، فالغرض منها واحد، واختلافها تفنن في الكلام وبلاغة وفصاحة. والجوف: البطن، وخص بالذكر، لأن المال أكثر ما يطلب لتحصيل المستلذات، وأكثرها تكرارًا الأكل والشرب. (يتوب الله) يعفو ويصفح ويوفق للطاعة. (من تاب) من المعصية ورجع عنها.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا أَدْرِي مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ على المنبر.
سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: (لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ واديًا ملأى مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى من تاب).
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ).
وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حمَّاد بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ، حتى نزلت: ﴿ألهاكم التكاثر﴾.
(نرى) نظن أو نعتقد. (هذا) أي الحديث المذكور. (حتى نزلت) أي هذه السورة التي بمعنى الحديث، فحين المقايسة بينهما أعلمنا رسول الله ﷺ إنه ليس بقرآن. وقيل: كان قرآنًا فنسخ بنزول السورة، اكتفاءً بما هو في معناه. (ألهاكم) شغلكم. (التكاثر) المباراة في كثرة الأموال وغيرها والتفاخر بتلك الأموال.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهب والفضَّة وَالْخَيْلِ المسوَّمة وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ /آل عمران: ١٤/.
قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إِلَّا أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إني أسألك أن أنفقه في حقه.
(المسوَّمة) المعلَّمة. (الأنعام) الإبل والبقر والغنم. (الحرث) الأراضي المتخذة للزراعة. (متاع) ما ينتفع به في الدنيا لأمد قليل. (قال عمر) أي عند سماع الآية. (بما زينته لنا) مما ذكر في الآية. (حقه) طرقه المشروعة.
سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: (هَذَا الْمَالُ). وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ لِي: (يَا حَكِيمُ،
⦗٢٣٦٦⦘
إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليد السفلى).
[ر: ١٣٦١]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ: (فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أخر).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يعملون﴾ /هود: ١٥ – ١٦/.
خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَالَ: (مَنْ هَذَا). قُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قال: (يا أبا ذر تعال). قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ: (إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا). قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ لِي: (اجْلِسْ هَا هُنَا). قَالَ: فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ،
⦗٢٣٦٧⦘
فَقَالَ لِي: (اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ). قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ وَهُوَ يَقُولُ: (وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى). قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: (ذَلِكَ جِبْرِيلُ عليه السلام، عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ). قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ).
قَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعبة، وحدثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ: بِهَذَا.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أردنا للمعرفة، والصحيح حديث أبي ذر.
قيل لأبي عبد الله: حديث عطاء بن يسار، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَ: مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا: إِذَا مَاتَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عِنْدَ الْمَوْتِ.
[ر: ٢٢٥٨]
كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا). عَنْ يَمِينِهِ، وعن شماله، ومن خلفه، ثم مشى ثم قال: (إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا – عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ – وَقَلِيلٌ مَا هُمْ). ثُمَّ قَالَ لِي: (مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ). ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يكون أحد عَرَضَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَأَرَدْتُ أَنْ
⦗٢٣٦٨⦘
آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي: (لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ). فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَتَانِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: (وَهَلْ سَمِعْتَهُ). قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ).
[ر: ٢٢٥٨]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَسَرَّنِي أَنْ لَا تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَعِنْدِي منه شيء، إلا شيئًا أرصده لدين).
[ر: ٢٢٥٩]
وقال الله تعالى: ﴿أيحسبون أن ما نُمِدُّهم به من مال وبنين – إلى قوله تعالى – هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ /المؤمنون: ٥٥ – ٦٣ /.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَعْمَلُوهَا، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا.
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، ولكنَّ الغنى غنى
⦗٢٣٦٩⦘
النفس).
(الغنى) الحقيقي الذي يملأ نفس الإنسان، ويكفه عن حاجة غيره. (كثرة العرض) حطام الدنيا من الأمتعة ونحوها، أو ما يصيبه الإنسان من حظوظ الدنيا.
مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رسول الله ﷺ، فقال لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: (مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا). فَقَالَ: (رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حريُّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنكح، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّع، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثم مر رجل، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حريُّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنكح، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّع، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسمع لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَذَا خَيْرٌ مِنْ ملء الأرض مثل هذا).
[ر: ٤٨٠٣]
هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ ونجعل على رجليه مِنَ الْإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
[ر: ١٢١٧]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (اطَّلعت فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، واطَّلعت فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ).
تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ. وَقَالَ صَخْرٌ وحمَّاد بْنُ نَجِيحٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عن ابن عباس.
[ر: ٣٠٦٩]
لَمْ يَأْكُلِ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مات.
لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَمَا فِي رفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، حتى طال علي، فكلته ففني.
[ر: ٢٩٣٠]
أَللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ: (يَا أَبَا هِرٍّ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (الحق). ومضى فاتَّبعته، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: (مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ). قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ، قَالَ: (أَبَا هِرٍّ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي). قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ على أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ ﷺ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ،
⦗٢٣٧١⦘
قَالَ: (يَا أَبَا هِرٍّ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (خُذْ فَأَعْطِهِمْ). قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إليَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: (أَبَا هِرٍّ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ). قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (اقْعُدْ فَاشْرَبْ). فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: (اشْرَبْ). فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: (اشْرَبْ). حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: (فَأَرِنِي). فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ.
[ر: ٥٨٩٢]
(أضياف الإسلام) ضيوف المسلمين. (يأوون) ينزلون ويلتجئون. (فساءني ذلك) أهمني وأحزنني. (جاء ..) أي الذي أمرني بدعوته وهم أهل الصفة.
إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ، وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تعزِّرني عَلَى الْإِسْلَامِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سعيي.
[ر: ٣٥٢٢]
(الحبلة) شجر له شوك. (السمر) نوع من الشجر. (ليضع) يتغوط. (ما له خلط) لا يختلط بعضه ببعض لجفافه وشدة يبسه، الناشيء عن خشونة العيش. (تعزرني على الإسلام) تقومني وتعلمني أحكامه. (خبت إذًا) إذا كان حالي كذلك فقد خسرت. (ضل سعيي) ضاع عملي من قبل.
مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ ليال تباعًا، حتى قبض.
[ر: ٥١٠٠]
مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إِلَّا إِحْدَاهُمَا تمر.
⦗٢٣٧٢⦘
عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَدَمٍ، وحشوه من ليف.
كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وخبَّازه قَائِمٌ، وَقَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلَا رَأَى شاة سميطًا بعينه قط.
[ر: ٥٠٧٠]
كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إلا أن نؤتى باللُّحَيم.
إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَارٌ، فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ من أبياتهم فيسقيناه.
[ر: ٢٤٢٨]
(من أبياتهم) أي يبعثون بشيء من بيوتهم.
قال رسول الله ﷺ: (اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا).
(قوتًا) ما يسد حاجتهم من طعام وشراب ولباس ونحو ذلك.
أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَتْ: الدَّائِمُ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا سمع الصارخ.
كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.
[ر: ١٠٨٠]
قال رسول الله ﷺ: (لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ). قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشئ من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا).
[ر: ٥٣٤٩]
(اغدوا) من الغدو وهو السير أول النهار. (روحوا) من الرواح وهو السير في النصف الثاني من النهار. (الدلجة) السير آخر الليل. (القصد) الزموا الوسط المعتدل في الأمور. (تبلغوا) مقصدكم وبغيتكم.
أَنّ رسول الله ﷺ قال: (سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لَنْ يُدخل أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأعمال أدومها إلى الله وإن قل).
[٦١٠٢]
(سددوا) افعلوا السداد، وهو الاعتدال في القول والعمل واختيار الصواب منهما. (قاربوا) تقربوا من الغاية ولا تفرطوا. (أحب الأعمال) أكثرها قبولًا.
(أدومها) ما استمر منها وواظب عليه فاعله.
سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الأعمال أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ). وقال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون).
سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ ﷺ، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يستطيع.
[ر: ١٨٨٦]
عن النبي ﷺ قال: (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا،
⦗٢٣٧٤⦘
فَإِنَّهُ لَا يُدخل أَحَدًا الجنةَ عملُه). قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ).
قَالَ: أَظُنُّهُ: عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا).
[ر: ٦٠٩٩]
وقال مجاهد: ﴿سديدًا﴾ /النساء: ٩/: سدادًا: صدقًا.
(يتغمدني) يسترني. (سديدًا) اللفظ: أيضا في /الأحزاب: ٧٠/. والسداد: الصواب من القول. والسديد: ما أصاب الفصل والقصد، ووافق العدل والشرع.
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلَاةَ، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: (قَدْ أُرِيتُ الْآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلَاةَ، الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ والشر).
[ر: ٤٠٩]
وَقَالَ سُفْيَانُ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: ﴿لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أنزل إليكم من ربكم﴾ /المائدة: ٦٨/.
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لم ييأس
⦗٢٣٧٥⦘
مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النار).
[ر: ٥٦٥٤]
وَقَوْلِهِ عز وجل: ﴿إِنَّمَا يوفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ /الزمر: ١٠/.
وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ.
إِنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ: (مَا يكون عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لَا أدَّخره عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يستعفَّ يعفَّه اللَّهُ، وَمَنْ يتصبَّر يصبِّره اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عطاء خيرًا وأوسع من الصبر).
[ر: ١٤٠٠]
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ، أَوْ تَنْتَفِخَ، قَدَمَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: (أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
[ر: ١٠٧٨]
وقال الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ على الناس.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لَا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون).
[ر: ٣٢٢٩]
⦗٢٣٧٦⦘
وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ ورَّاد، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ:
إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كل شئ قَدِيرٌ). ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ.
وَعَنْ هُشَيْمٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ورَّادًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ النبي ﷺ.
[ر: ٨٠٨]
(إضاعة المال) صرفه في غير حقه ومحله. (منع وهات) منع ما وجب من الحقوق وطلب ما ليس بحق. (عقوق الأمهات) الإساءة إليهن وقطع الصلة بهن وعدم الإحسان إليهن، والعقوق من العق وهو الشق. (وأد البنات) دفنهن وهن أحياء.
وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عتيد﴾ /ق: ١٨/.
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ له الجنة).
[٦٤٢٢]
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضيفه).
[ر: ٣١٥٣]
⦗٢٣٧٧⦘
قَالَ: سَمِعَ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي:
النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، جَائِزَتُهُ). قِيلَ: مَا جَائِزَتُهُ؟ قَالَ: (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو ليسكت).
[ر: ٥٦٧٣]
سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا في النار أبعد مما بين المشرق).
(ما يتبين فيها) لا يتدبرها ولا يتفكر في قبحها وما يترتب عليها. (يزل بها) ينزلق بسببها ويقرب من دخول النار. (أبعد مما ..) وفي بعض النسخ (أبعد ما) كناية عن عظمها ووسعها، كذا في جميع نسخ البخاري (أبعد مما بين المشرق). وفي مسلم (أبعد ما بين المشرق والمغرب).
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بالًا، يرفع اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يهوي بها في جهنم).
عن النبي ﷺ قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ: رجل ذكر الله ففاضت عيناه).
[ر: ٦٢٩]
⦗٢٣٧٨⦘
إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِي فذرُّوني فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ قَالَ: ما حملني إلا مخافتك، فغفر له).
[ر: ٣٢٩٢]
(فذرُّوني) فرِّقوا أعضائي وألقوها، أو: فرِّقوا رمادي بعد حرقي. (صائف) شديد الحر حتى تتمزق أعضاؤه وتتبعثر، أو تفرِّق الريح رماده بشدة.
فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ: (فَأَذْرُونِي فِي الْبَحْرِ). أَوْ كَمَا حَدَّثَ.
وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٢٩١]
قَالَ رسول الله ﷺ: (مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وإني أنا النذير العُريان، فالنجاء النجاء، فأطاعه
⦗٢٣٧٩⦘
طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فصبَّحهم الجيش فاجتاحهم).
[٦٨٥٤]
(الجيش) عسكر العدو مغيرًا. (العريان) الذي تجرد من ثوبه ورفعه بيده إعلامًا لقومه بالغارة عليهم. ضرب به النبي ﷺ المثل لأمته لأنه تجرد لإنذارهم. (فالنجاء النجاء) انجوا بأنفسكم وأسرعوا بالهرب.
(فأدلجوا) من الإدلاج، وهو السير في الليل أو أوله. (مهلهم) تأنيهم وسكينتهم. (فصبَّحهم) أتاهم صباحًا، أي بغتة. (فاجتاحهم) استأصلهم وأهلكهم.
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحَّمون فيها).
[ر: ٣٢٤٤]
(التي تقع في النار) ما يتهافت في النار من الحشرات الطيارات. (ينزعهن) يدفعهن ويمنعهن. (فيقتحمن) يهجمن ويرمين بأنفسهن. (آخذ) أمسك بشدة.
(بحجزكم) جمع حجزة، وهي معقد الإزار، وهو كناية عن حرصه ﷺ على منع أمته عن الإتيان بالمعاصي التي تؤدي بهم إلى الدخول في النار. (وأنتم تقحَّمون) أصلها: تتقحمون، فحذفت إحدى التائين تخفيفًا. وفي رواية (وهم يقتحمون).
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ).
[ر: ١٠]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كثيرًا).
[٦٢٦١]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كثيرًا).
[ر: ٤٣٤٥]
⦗٢٣٨٠⦘
أبي هريرة:
أن رسول الله ﷺ قال: (حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره).
(حجبت) غطيت. (بالشهوات) الملذات التي منع الشرع من تعاطيها، أو التي قد تؤدي إلى ترك الواجبات أو الوقوع في المحرمات. (بالمكاره) المشاق التي تستلزمها الطاعات وترك المحرمات. قال في الفتح: وهذا من جوامع كلمه ﷺ وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس، والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشق عليها.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ).
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الله باطل).
[ر: ٣٦٢٨]
(فضل عليه) أعطي أكثر مما أعطي. (الخلق) الصورة، أو الأولاد والأتباع وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا. (أسفل منه) أقل منه متاعًا ومالًا.
⦗٢٣٨١⦘
قَالَ: قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بيَّن ذَلِكَ، فَمَنْ همَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ همَّ بِهَا وعملها كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سبعمائة ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ همَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ همَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله له سيئة واحدة).
[ر: ٧٠٦٢]
(كتب) قدر. (بيَّن ذلك) وضحها وكشف اللبس عنها، وفصل حكمها. (همَّ) قصد وحدَّث نفسه. (فلم يعملها) أي الحسنة، لعائق حال بينه وبين فعلها، أو السيئة، خوفًا من الله عز وجل. (ضعف) مثل. (كاملة) أي لم تنقص بسبب الهم والقصد إلى فعلها.
إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا، هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْمُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عبد الله: يعني بذلك المهلكات.
نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ، فَقَالَ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا). فَتَبِعَهُ رَجُلٌ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فقال النبي ﷺ: (إن الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ، فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ، فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها).
[ر: ٢٧٤٢]
⦗٢٣٨٢⦘
أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الزُهري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ: يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ).
تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَالنُّعْمَانُ، عَنِ الزُهري.
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهري، عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
[ر: ٢٦٣٤]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يفرُّ بدينه من الفتن).
[ر: ١٩]
قال رسول الله ﷺ: (إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ). قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ الساعة).
[ر: ٥٩]
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ: (أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ).
وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: (يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ
⦗٢٣٨٣⦘
أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ).
وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا.
قَالَ الفِرَبري: قَال أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثْتُ أَبَا عَبْد اللَّهِ فَقَالَ: سمعت أبا أحمد بن عاصم يقول: سمعت أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولً: قَالَ الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا: جَذْرُ قُلُوبِ الرَّجَالِ: الْجَذْرُ الأَصْلُ مِنْ كل شيء، والوكت أَثَرُ الشَّيْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ، وَالْمَجْلُ أَثَرُ الْعَمَلِ في الكف إذا غلظ.
[٦٦٧٥ – ٦٨٤٨]
(الأمانة) الطاعة والتزام الأمر والنهي. (جذر) هو الأصل من كل شيء.
(علموا) أي الأمانة. (الوكت) أثر النار ونحوها. (المجل) التنفط الذي يحصل في اليد من أثر العمل بالفأس ونحوه، أو من مس النار، وهو ماء يجتمع بين الجلد واللحم. (منتبرًا) مرتفعا. (ما أظرفه) ما أحسنه. (ما أجلده) ما أقواه وما أصبره. (مثقال) وزن. (خردل) نبت صغير الحب يضرب به المثل في الصغر. (أتى علي زمان) مر علي من قبل. (وما أبالي) لا أبحث عن حال من أبايع لثقتي بأمانته. (ساعيه) الوالي عليه، يقوم بالأمانة في ولايته، فينصفني ويستخرج حقي منه. (فلانًا وفلانًا) يعني أفرادًا من الناس قلائل أعرفهم وأثق بأمانتهم. (الفربري) أحد رواة الصحيح عن البخاري رحمه الله تعالى. (أبو جعفر) هو ورَّاق البخاري وكاتبه. (أبو عبد الله) البخاري نفسه.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا تكاد تجد فيها راحلة).
(راحلة) الجمل النجيب الذي يصلح لسير الأسفار ولحمل الأثقال. ومعنى الحديث: يأتي زمان يكون الناس فيه كثيرين، ولكن المرضي منهم والذي يلتزم شرع الله عز وجل قليل، شأن الإبل الكثيرة التي تبلغ المائة، ولا تكاد توجد منها واحدة تصلح للركوب والانتفاع بها. أو المراد: أن الناس دائمًا شأنهم هكذا، الصالح فيهم قليل.
⦗٢٣٨٤⦘
وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ سَمَّع سَمَّع اللَّهُ به، ومن يرائي يرائي الله به).
[٦٧٣٣]
(سَمَّع) شهَّر بنفسه وأذاع ذكره، وقيل: عمل عملًا على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه. (سَمَّع الله به) كشفه على حقيقته وفضح أمره.
(يرائي) يطلع الناس على عمله بقصد الثناء منهم. (يرائي الله به) يطلع الناس على حقيقته، وأنه لا يعمل لوجه الله تعالى، فيذمه الناس، مع استحقاق سخط الله تعالى عليه.
بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ ﷺ، ليس بيني وبينه إلا أخرة الرحل، فقال: (يا معاذ). قلت: لبيك يا رسول الله وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذُ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا). ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يعذبهم).
[ر: ٢٧٠١]
قَالَ: وحدثني مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لَا تُسبَق، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: سُبِقَت الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرفع شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وضعه).
[ر: ٢٧١٦]
⦗٢٣٨٥⦘
بْنُ بِلَالٍ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعطينَّه، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأعيذنَّه، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يكره الموت وأنا أكره مساءته).
(ما ترددت) كناية عن اللطف والشفقة، وعدم الإسراع بقبض روحه.
(مساءته) إساءته بفعل ما يكره.
﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ الله على كل شئ قدير﴾ /النحل: ٧٧/.
قال رسول الله ﷺ: (بعثت أنا والساعة كهاتين). يشير بإصبعيه فيمدهما.
[ر: ٤٦٥٢]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ).
(كهاتين) كما بينهما من فرق في الطول. وقيل: ليس بينه وبينها شيء، وحاصل المعنى: تقريب وقت قيام الساعة وبيان سرعة مجيئها.
تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾. ولتقومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلَا يَطْوِيَانِهِ، ولتقومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقحته فَلَا يَطْعَمُهُ، ولتقومَنَّ السَّاعَةُ وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يطعمها).
[ر: ٤٣٥٩]
(نشر الرجلان ثوبهما) ليتبايعاه. (لقحته) هي الناقة الحلوب. (يليط) يصلح ويطين. (أكلته) لقمته. (فلا يطعمها) فلا يأكلها، ويحول بينه وبين أكلها قيام الساعة فجأة، وبأسرع من دفع اللقمة إلى الفم.
قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ، قَالَ: (لَيْسَ ذَاكِ، ولكنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّر بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّر بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مما أمامه، فكره لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ).
اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(ليس ذاك) أي ليس المراد بلقاء الله تعالى الموت، لأن الموت يكرهه كل إنسان بطبعه. (حضر) حضره النزع للموت.
[ر: ٧٠٦٥]
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: (إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخيَّر). فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى). قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ قَوْلُهُ: (اللهم الرفيق الأعلى).
[ر: ٤١٧١]
إِنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، أَوْ: عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ – يَشُكُّ عمر – فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ). ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: (فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى). حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: الْعُلْبَةُ مِنَ الْخَشَبِ، والركوة من الأدم.
[ر: ٨٥٠]
كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأَعْرَابِ جُفَاةً، يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ فَيَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: (إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ). قَالَ هِشَامٌ:
⦗٢٣٨٨⦘
يعني موتهم.
(جفاة) غليظون في طبعهم لقلة مخالطة الناس. (لا يدركه الهرم) لا يبلغ في حياته الهرم، وهو الشيخوخة ونهاية العمر. (موتهم) أي فسر ساعتهم بموتهم وانقراض عصرهم، لأن من مات فقد قامت قيامته.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: (الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العباد والبلاد، والشجر والدواب).
(نصب الدنيا) تعبها ومشاقها وما فيها من عناء.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عمله).
(يتبع الميت) حقيقة كالأهل، ومجازًا كالمال والعمل.
قال رسول الله ﷺ: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عرض عليه مقعده، غدوة وعشية، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الْجَنَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حتى تبعث إليه).
[ر: ١٣١٣]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تسبُّوا الْأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قدَّموا).
[ر: ١٣٢٩]
قَالَ مُجَاهِدٌ: الصُّورُ كَهَيْئَةِ البوق. ﴿زجرة﴾ /الصافات: ١٩/: صيحة.
⦗٢٣٨٩⦘
وقال ابن عباس: ﴿الناقور﴾ /المدثر: ٨/: الصور. ﴿الراجفة﴾ /النازعات: ٦/: النفخة الأولى، و﴿الرادفة﴾ النازعات: ٧/: النفخة الثانية.
اسْتَبَّ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ من اليهود، فقال الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، قَالَ: فَغَضِبَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَا تُخَيِّروني عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ فِي أَوَّلِ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مُوسَى فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنْ استثنى الله).
[ر: ٢٢٨٠]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَصْعَقُ النَّاسُ حِينَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ قَامَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَمَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ).
رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٢٢٨٠ – ٢٢٨١]
رَوَاهُ نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.
[ر: ٦٩٧٧]
[ر: ٤٥٣٤]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يتَكَفَّؤُها الجبَّار بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ،
⦗٢٣٩٠⦘
نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ). فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: (بَلَى). قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامٌ وَنُونٌ، قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سبعون ألفا.
(خبزة) قطعة عجينة مخبوزة، وهي الرغيف. (يتكفؤها) يميلها ويقلبها. والمعنى: أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف الكبير يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم حتى يفرغ من الحساب، والله تعالى قادر على كل شيء.
(نزلًا) ضيافة. (نواجذه) أواخر أسنانه. (بالام) كلمة عبرانية معناها بالعربية الثور. (نون) حوت. (زائدة كبدهما) القطعة المتعلقة بالكبد، وهي أطيبه وألذه.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ). قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: (لَيْسَ فِيهَا معلم لأحد).
(عفراء) بيضاء مشوبة بحمرة. (كقرصة نقي) كرغيف مصنوع من دقيق خالص من الغش والنخالة. (معلم) علامة يستدل بها، أي مستوية لا حدب فيها ولا بناء عليها ولا شيء سواه.
عن النبي ﷺ قَالَ: (يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بعير. وتحشر بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وتمسي معهم حيث أمسوا).
(يحشر الناس) أي قبيل قيام الساعة، يجمع الأحياء إلى بقعة من بقاع الأرض، وورد أنها الشام. (طرائق) فرق. (راغبين) بهذا الحشر وهم السابقون. (راهبين) خائفين، وهم عامة المؤمنين. (تقيل) تقف معهم وسط النهار.
أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ
⦗٢٣٩١⦘
الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَالَ: (أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ قتادة: بلى وعزة ربنا.
[ر: ٤٤٨٢]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّكُمْ ملاقوا اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا).
قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِمَّا نعدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ من النبي ﷺ.
(نعد ..) أي سمعه بالمباشرة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لا من غيره من الصحابة عن رسول الله ﷺ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يقول: (إنكم ملاقوا اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا).
قَامَ فِينَا النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ فَقَالَ: (إنكم تحشرون حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نعيده﴾. الْآيَةَ، وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا ربَّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: (وكنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دمتُ فِيهِمْ – إِلَى قَوْلِهِ – الْحَكِيمُ). قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أعقابهم).
[ر: ٣١٧١]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا). قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: (الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ).
(حفاة) بلا خف ولا نعل. (عراة) بلا ثياب تستر أجسامكم. (غرلًا) جمع أغرل وهو الذي لم تقطع منه قلفة الذكر، وهي الجلدة التي تقطع عند الختان، ومثلها كل عضو قطع من الإنسان فإنه يرجع على حاله. (الأمر) الحال والموقف. (ذاك) نظر بعضهم إلى عورة بعض.
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قبَّة، فَقَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثور الأحمر).
[٦٢٦٦]
(شطر) نصف. (كالشعرة ..) بيان لقلة المسلمين بالنسبة لغيرهم.
أن النبي ﷺ قال: (أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: (إِنَّ أُمَّتِي فِي الْأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثور الأسود).
﴿أزفت الآزفة﴾ /النجم: ٥٧/. ﴿اقتربت الساعة﴾ /القمر: ١/.
(عظيم) مخيف وذو هول كبير. (أزفت ..) قربت، والآزفة القيامة، سميت بذلك لقربها ودنو وقتها.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، قَالَ: يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: من كل
⦗٢٣٩٣⦘
ألف تسعمائة وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى، ولكنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ). فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: (أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يأجوج ومأجوج ألفًا ومنكم رجلًا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). قَالَ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وكبَّرنا، ثُمَّ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الْأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار).
[ر: ٣١٧٠]
(فذاك حين ..) أي من شأنه أن يشيب الصغير لو وجد، وتضع الحامل لو كانت. (وترى الناس سكرى وما هم بسكرى) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف، وقراءة حفص ﴿سكارى﴾ في الموضعين. (الرقمة) الخط، والرقمتان في الحمار هما الأثران اللذان في باطن عضديه، والغاية: بيان قلة عدد المؤمنين بالنسبة إلى الكافرين وأنهم غاية في القلة.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وتقطَّعت بهم الأسباب﴾ /البقرة: ١٦٦/: قال: الوُصُلات في الدنيا.
(الوُصُلات) التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من نسب وتبعية وغيرها، جمع وُصلة، وهي الاتصال وكل ما يصل بين شيئين.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لرب العالمين). قَالَ: يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أذنيه).
[ر: ٤٦٥٤]
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حتى يبلغ آذانهم).
(يلجمهم) يبلغ أفواههم كاللجام.
وَهِيَ الحاقَّة، لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وحواقَّ الْأُمُورِ. الحقَّة والحاقَّة وَاحِدٌ، وَالْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ والصَّاخَّة، والتَّغابن: غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أهلَ النار.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ).
[٦٤٧١]
(يقضى) يحكم ويفصل. (بالدماء) أي النفوس التي قتلت ظلمًا في الدنيا.
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه).
[ر: ٢٣١٧]
قال رسول الله ﷺ: (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كان في الدنيا).
[ر: ٢٣٠٨]
⦗٢٣٩٥⦘
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾. قَالَ: (ذَلِكِ الْعَرْضُ).
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حدثنا يحيى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ: مِثْلَهُ.
وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَيُّوبُ، وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٠٣]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَيْسَ أَحَدٌ يُحاسَب يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يوم القيامة إلا عُذِّب).
[ر: ١٠٣]
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: (يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ كُنْتَ سُئِلت مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ).
[ر: ٣١٥٦]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ).
قَالَ الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو، عَنْ خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: قال النَّبِيُّ ﷺ: (اتَّقُوا النَّارَ). ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ). ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلَاثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).
[ر: ١٣٤٧]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (عرضت علي الأمم، فأجد النبي يمر معه الأمة، النبي يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، هَؤُلَاءِ أُمَّتِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامهم لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشة بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ). ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قال: (سبقك بها عُكَّاشة).
[ر: ٣٢٢٩]
سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ: (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ). وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَامَ عكَّاشة بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ). ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: (سبقك عكَّاشة).
[ر: ٥٤٧٤]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ليدخلنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ ألفًا، أو سبعمائة أَلْفٍ – شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا – مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الْجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ على ضوء القمر ليلة البدر).
[ر: ٣٠٧٥]
عن النبي ﷺ قال: (يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ
⦗٢٣٩٧⦘
وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ، خلود).
[٦١٨٢]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يُقَالُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَلِأَهْلِ النَّارِ: يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لا موت).
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ).
[ر: ٦١٥٥]
﴿عدن﴾ /التوبة: ٧٢/: خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ. ﴿فِي مقعد صدق﴾ /القمر: ٥٥/: في منبت صدق.
(مقعد صدق) مكان رفيع في الجنة اختير لجلوسهم وإقامتهم.
[ر: ٣٠٦٩]
[ر: ٤٩٠٠]
قال رسول الله ﷺ: (إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ
⦗٢٣٩٨⦘
أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إلى حزنهم).
[ر: ٦١٧٨]
(جئ بالموت) يجسد على شكل كبش ثم يجاء به ويذبح، إشارة إلى الخلود ودوام الحياة.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا).
[٧٠٨٠]
(أحل) أنزل وأوجب.
أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وإن تكن الأخرى تر مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: (وَيْحَكِ، أوَهَبِلْتِ، أوَجَنَّة وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الفردوس).
[ر: ٢٦٥٤]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثلاثة أيام للراكب المسرع).
(منكبي) مثنى منكب، وهو مجتمع العضد والكتف. (مسيرة) مسافة يستغرق سيرها ما ذكر.
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا).
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (إن فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ المضَمَّر السريع مائة عام ما يقطعها).
(الجواد) الفرس البين الجودة. (المضَمَّر) هو الذي ينقص علفه بعد سمنه لينقص لحمه ويزداد جريه.
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (ليدخلنَّ الجنة من أمتي سبعون ألفًا، أو سبعمائة أَلْفٍ – لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ – مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ ليلة البدر).
[ر: ٣٠٧٥]
قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أبا سعيد يحدثه وَيَزِيدُ فِيهِ: (كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَارِبَ فِي الأفق: الشرقي والغربي).
(ليتراءون الغرف) ينظرون إلى مساكنهم. (قال أبي) القائل هو عبد العزيز.
(الكوكب الغارب) النجم الذاهب. (الأفق) ناحية السماء.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، فأبيت إلا أن تشرك بي).
[ر: ٣١٥٦]
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (يَخْرُجُ مِنَ النار بالشفاعة كأنهم الثعارير). قلت: وما الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: الضَّغَابِيسُ، وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ، فقلت لعمرو بن دينار: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ). قَالَ: نعم.
(الثعارير) قثاء صغار. (الضغابيس) جمع ضغبوس، نبت يخرج في أصول الشجر والإذخر، لا ورق له وفيه حموضة، وقيل: نبت يشبه الهليون، يسلق ثم يؤكل بالزيت والخل. (سقط فمه) ذهبت أسنانه، أي فينطق الثعارير بالثاء وهي الشعارير بالشين. (فقلت) القائل هو حماد.
⦗٢٤٠٠⦘
عن النبي ﷺ قَالَ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة: الجهنميين).
[٧٠١٢]
أن النبي ﷺ قَالَ: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدِ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ قَالَ: حَمِيَّةِ السَّيْلِ – وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ألم تروا أنها تخرج صفراء ملتوية).
[ر: ٢٢]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قدميه جمرة، يغلي منها دماغه).
(أخمص قدميه) المتجافي عن الأرض من الرجل عند المشي. (جمرة) قطعة من النار ملتهبة.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يغلي المرجل بالقمقم).
أن النبي ﷺ ذكر النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يجد فبكلمة طيبة).
[ر: ١٣٤٧]
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ،
⦗٢٤٠١⦘
وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: (لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يغلي منه أم دماغه).
[ر: ٣٦٧٢]
قال رسول الله ﷺ: (يجمع اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، وَيَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا ﷺ، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ: سَلْ تُعطه، وَقُلْ يُسمع، وَاشْفَعْ تُشَفَّع، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ في الثالثة، أو الرابعة، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ). وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: أي وجب عليه الخلود.
[ر: ٤٢٠٦]
أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رسول الله ﷺ، وقد هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ لَهَا: (هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إنها جنان كثيرة، وإنه لفي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى).
وَقَالَ: (غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ،
⦗٢٤٠٢⦘
أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا – يَعْنِي الْخِمَارَ – خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).
[٢٦٣٩ – ٢٦٥٤]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ لَوْ أحسن، ليكون عليه حسرة).
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نفسه).
[ر: ٩٩]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دخولًا، رجل يخرج من النار حبوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا ربي وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا، أَوْ: إِنَّ لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر مِنِّي، أَوْ: تَضْحَكُ مِنِّي وَأَنْتَ الْمَلِكُ). فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضحك حتى بدت نواجذه، وكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة.
[٧٠٧٣]
(حبوًا) زحفًا. (مثل الدنيا) أي أرضها، من حيث السعة والنفع. (تسخر مني أو تضحك مني) تفعل بي ما يفعله الضاحك والساخر، وقال ذلك حين استخفه الفرح وأدهشه. (بدت نواجذه) ظهرت أواخر أسنانه. (أدنى) أقل. (منزلة) مكانًا ومنزلًا.
⦗٢٤٠٣⦘
ابن نَوْفَلٍ، عَنْ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه:
أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: هَلْ نفعت أبا طالب بشيء.
[ر: ٣٦٧٠]
وحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُهري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ). قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ). قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فليتَّبعه، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ، ويتَّبع مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ الله في غيرالصورة الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَبِهِ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ). قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ،
⦗٢٤٠٤⦘
فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السيل، ويبقى رجل مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ، فَيَقُولُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا رَبِّ قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، فَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فيها قيل: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الْأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ).
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجنة دخولًا.
قال: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يغيِّر عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: (هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ). قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ: (مِثْلُهُ مَعَهُ).
[ر: ٧٧٣]
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ /الكوثر: ١/.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اصبروا حتى تلقوني على الحوض).
[ر: ٤٠٧٥]
⦗٢٤٠٥⦘
وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحوض، وليرفعنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ ليختلجنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ).
تَابَعَهُ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ.
وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عن النبي ﷺ.
[٦٦٤٢]
(فرطكم) هو الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها من أمور الاستقاء. (ليرفعنَّ) يظهرهم الله تعالى لي حتى أراهم. (ليختلجنَّ) يعدل بهم عن الحوض ويجذبون من عندي. (دوني) قبل أن يصلوا إلي. (ما أحدثوا) من بدعة وفتنة ومعصية.
(جرباء وأذرح) موضعان، وقيل: هما قريتان بالشام. والمراد: ضرب المثل لبعد أقطار الحوض وسعته، فكان ﷺ يشبه ذلك بالبلاد التي ينأى بعضها عن بعض، ولا يراد بذلك حقيقة المسافة بين هذه البلاد.
الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الخير الذي أعطاه الله إياه.
[ر: ٤٦٨٢]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فلا يظمأ أبدًا).
(مسيرة) أي طول حافته تحتاج إلى السير هذه المدة. (كيزانه) جمع كوز، والتشبيه بالنجوم من حيث الكثرة والضياء. (يظمأ) يعطش.
⦗٢٤٠٦⦘
حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (إنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وصَنْعَاءَ مِنْ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نجوم السماء).
(قدر حوضي) طول شاطئه. (أيلة) مدينة كانت عامرة، وهي بطرف البحر الأحمر من ناحية الشام. (صنعاء) البلد المعروف في اليمن. (الأباريق) جمع إبريق.
عن النبي ﷺ قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ، أَوْ طِيبُهُ، مِسْكٌ أَذْفَرُ). شَكَّ هدبة.
[ر: ٤٦٨٠]
(أصحابي) أي ممن كان يصاحبني. (اختلجوا) جذبوا وأبعدوا. (ما أحدثوا) من معصية توجب حرمانهم الشرب من الحوض.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أبدا، ليردنَّ علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ).
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا: (فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غيَّر بَعْدِي).
[٦٦٤٣] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿سُحْقًا﴾ /الملك: ١١/: بعدًا، يقال: ﴿سحيق﴾ /الحج: ٣١/:
⦗٢٤٠٧⦘
بعيد، سحقه وأسحقه أبعده.
(فرطكم) الفرط الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم حياض المياه ونحو ذلك.
(يحال ..) يمنعون من الورود والشرب.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عَنِ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى).
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: (يرد علي الحوض رجال من أصحابي، فيحلَّؤون عَنْهُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى).
وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنْ الزُهري: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (فَيُجْلَوْنَ). وَقَالَ عُقَيْلٌ: (فيحلَّؤون).
وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ الزُهري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رياض الجنة، ومنبري على حوضي).
[ر: ١١٣٨]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (أَنَا فرطكم على الحوض).
(أنا فرطكم ..) انظر: ٦٢٠٥ – ٦٢١٢.
أن النبي ﷺ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: (إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا).
[ر: ١٢٧٩]
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ الْحَوْضَ فَقَالَ: (كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ).
وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ قَوْلَهُ: (حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ).
فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ؟ قَالَ: الْأَوَانِي؟ قَالَ: لَا، قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ: (تُرَى فيه الآنية مثل الكواكب).
(كما بين .. ما بين) المراد بيان سعته وطول أبعاده، كما مر في الحديث [٦٢٠٢]. (الأواني) جمع آنية، والآنية جمع إناء، وهو الوعاء، والمراد: الكؤوس التي يشرب بها من الحوض. (مثل الكواكب) النجوم في السماء، كثرة وضياء].
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ). فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا، أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا.
[٦٦٤١] ﴿أَعْقَابِكُمْ تنكصون﴾ /المؤمنون: ٦٦/: ترجعون على العقب.
(سيؤخذ ناس) يبعدون. (دوني) بالقرب مني. (شعرت) علمت. (ما برحوا) ما زالوا. (أعقابكم تنكصون) في الآية: ﴿على أعقابكم ..﴾ أي ترجعون عن الحق. وتدبر ما أنزل من آياته.