٦٨ – كتاب التفسير1

٤٥٢١ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عبادة: حدثنا عوف، عن الحسن ومحمد وخلاس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
(إن موسى كان رجلا حييا، وذلك قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها﴾).
[ر: ٢٧٤]
٤ ‏/ ١٨٠٢
٢٨٤ – باب: تفسير سورة سبأ.
يقال: ﴿معاجزين﴾ /٥، ٣٨/: مسابقين. ﴿بمعجزين﴾ /الأنعام: ١٣٤/: بفائتين. ﴿سبقوا﴾ /الأنفال: ٥٩/: فاتوا. ﴿لا يعجزون﴾ /الأنفال: ٥٩/: لا يفوتون. ﴿يسبقونا﴾ /العنكبوت: ٤/: يعجزونا، ومعنى ﴿معاجزين﴾ مغالبين، يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه. ﴿معاشر﴾ /٤٥/: عشر. الأكل: الثمر. ﴿باعد﴾ /١٩/: وبعد واحد.
وقال مجاهد: ﴿لا يعزب﴾ /٣/: لا يغيب. ﴿العرم﴾ /١٦/: السد، ماء أحمر، أرسله الله في السد، فشقه وهدمه، وحفر الوادي، فارتفعت على الجنتين، وغاب عنهما الماء فيبستا، ولم يكن الماء الأحمر من السد، ولكن كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث شاء.
وقال عمرو بن شرحبيل: ﴿العرم﴾ المسناة بلحن أهل اليمن.
وقال غيره: العرم الوادي. السابغات: الدروع.
وقال مجاهد: ﴿يجازى﴾ /١٧/: يعاقب. ﴿أعظكم بواحدة﴾ /٤٦/: بطاعة الله. ﴿مثنى وفرادى﴾ /٤٦/: واحد واثنين. ﴿التناوش﴾ /٥٢/: الرد من الآخرة إلى الدنيا. ﴿وبين ما يشتهون﴾ /٥٤/: من مال أو ولد أو زهرة. ﴿بأشياعهم﴾ /٥٤/: بأمثالهم.
وقال ابن عباس: ﴿كالجواب﴾ /١٣/: كالجوبة من الأرض. الخمط: الأرك.⦗١٨٠٤⦘
والأثل: الطرفاء. ﴿العرم﴾: الشديد.


(معاجزين) ظانين التعجيز، وهذه قراءة الأكثرين، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿معجزين﴾ بدون مد بعد العين وبتشديد الجيم، ومعناها واحد. (الأكل) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل﴾ /سبأ: ١٦/. (جنتين) بستانين. (أكل) هو الثمر، وكل ما يؤكل، وقرأ نافع ومكي بتسكين الكاف. (خمط) كل نبت ذي طعم مر، وقيل: شجر الشوك. (أثل) شجر طويل مستقيم يعمر، جيد الخشب كثير الأغصان دقيق الورق. (سدر) نوع من الشجر ينتفع بورقه في الغسل. (العرم) السيل الشديد الذي لا يطاق، أو السد يعترض دون الوادي، أو اسم واد بعينه. (فارتفعت) المياه. (المسناة) ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض. (بلحن) بلغة. (غيره) وهو قول عطاء. (السابغات) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وألنا له الحديد. أن اعمل سابغات﴾ /سبأ: ١٠، ١١/: جمع سابغة، وهي الدرع التي تغطي المقاتل غطاء وافيا، والدرع القميص من حديد أو غيره. (يجازي) بالياء، وفي قراءة (نجازي) بالنون. (أعظكم بواحدة) آمركم بخصلة واحدة. (زهرة) زينة الحياة الدنيا ونضارتها وحسنها. (كالجواب) جمع جابية وهي الحوض الكبير الذي يجمع فيه الماء. (كالجوبة) الحفرة المستديرة الواسعة. (الأراك) الشجر الذي تستعمل عيدانه مساويك، جمع مسواك، وهو ما يدلك بطرفه الأسنان بعد دقه وتليينه. (الطرفاء) نوع من الشجر له صفات الأثل السابقة.
٤ ‏/ ١٨٠٣
٢٨٥ – باب ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ /٢٣/.:
٤ ‏/ ١٨٠٤
٤٥٢٢ – حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ على صفوان، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض – ووصف سفيان بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه – فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا: يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء).
[ر: ٤٤٢٤]
٤ ‏/ ١٨٠٤

٢٨٦ – باب: قوله: ﴿إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد﴾ /٤٦/.


(إن هو ..) ما محمد ﷺ إلا منذر ومحذر ومخوف، قدام عذاب شديد سيكون يوم القيامة.
٤ ‏/ ١٨٠٤
٤٥٢٣ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حازم: حدثنا الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الصفا ذات يوم، فقال: (يا صباحاه). فاجتمعت إليه قريش، قالوا: ما لك؟ قال: (أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم، أما كنتم تصدقونني). قالوا: بلى، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال أبو لهب: تبا لك، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾.
[ر: ١٣٣٠]


(يا صباحاه) كلمة تقال للإشعار بإغارة العدو، لأن الغالب في الإغارة أن تكون وقت الصباح، كما يقولها من أصابه شيء مكروه للاستغاثة.
٤ ‏/ ١٨٠٤
٢٨٧ – باب: تفسير سورة الملائكة. [فاطر]
قال مجاهد: القطمير: لفافة النواة. ﴿مثقلة﴾ /١٨/: مثقلة.
وقال غيره: ﴿الحرور﴾ /٢١/: بالنهار مع الشمس، وقال ابن عباس: الحرور: بالليل، والسموم بالنهار. ﴿وغرابيب﴾ /٢٧/: أشد سواد، الغربيب: الشديد السواد.


(لفافة ..) أي القشرة الرقيقة الملتفة على النواة، والقطمير: يضرب مثلا للتافه القليل القيمة، وهو يشير إلى قوله تعالى: ﴿والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير﴾ /فاطر: ١٣/: أي إن الأصنام التي تعبدونها من دون الله تعالى لا تملك شيئا من هذا الكون، فكيف تدعونها وتتوجهون إليها؟ (مثقلة) أي نفس مثقلة بالذنوب كثيرة الآثام. (بالنهار) أي الحرور هي الريح الحارة في النهار مع الشمس، وفسرها ابن عباس رضي الله عنهما بالريح الحارة في الليل، كما فسر السموم بالريح الحارة في النهار، وسميت السموم بذلك لأنها تنفذ في مسام الجسم، أو لأنها تؤثر فيه تأثير السم، ولفظ السموم وارد في قوله تعالى: ﴿والجان خلقناه من قبل من نار السموم﴾ /الحجر: ٢٧/. وفي قوله تعالى: ﴿فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم﴾ /الطور: ٢٧/. وفي قوله تعالى: ﴿سموم وحميم﴾ /الواقعة: ٤٢/. والمراد بها في الآيتين الأخيرتين جهنم، والحميم: هو الماء الشديد الحرارة. (غرابيب) جمع غربيب، يقال ذلك لشديد السواد، تشبيها له بالغراب، وهو الطائر الأسود.
٤ ‏/ ١٨٠٥
٢٨٨ – باب: تفسير سورة يس.
وقال مجاهد: ﴿فعززنا﴾ /١٤/: شددنا. ﴿يا حسرة على العباد﴾ /٣٠/: كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل. ﴿أن تدرك القمر﴾ /٤٠/: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك. ﴿سابق النهار﴾ /٤٠/: يتطالبان حثيثين. ﴿نسلخ﴾ /٣٧/: نخرج أحدهما من الآخر، ويجري كل واحد منهما. ﴿من مثله﴾ /٤٢/: من الأنعام. ﴿فكهون﴾ /٥٥/: معجبون. ﴿جند محضرون﴾ /٧٥/: عند الحساب.⦗١٨٠٦⦘
ويذكر عن عكرمة: ﴿المشحون﴾ /٤١/: الموقر. وقال ابن عباس: ﴿طائركم﴾ /١٩/: مصائبكم. ﴿ينسلون﴾ /٥١/: يخرجون. ﴿مرقدنا﴾ /٥٢/: مخرجنا. ﴿أحصيناه﴾ /١٢/: حفظناه. ﴿مكانتهم﴾ /٦٧/: ومكانهم واحد.


(فعززنا) من التعزيز، قوينا، وقرأ أبو بكر: ﴿فعززنا﴾ أي فغلبنا وقهرنا، من عزه يعزه إذا غلبه وقهره. (يا حسرة ..) الحسرة شدة الندم، والمعنى: أنهم يستحقون أن يتحسر عليهم، لما أصابهم بسبب كفرهم. (أن تدرك ..) أي لا يجتمع ضوؤهما في وقت واحد بحيث يداخل أحدهما الآخر ويطمس نوره، بل نور الشمس يسطع في النهار، ونور القمر سلطانه في الليل. أو المعنى: لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا الليل على النهار. (يتطالبان ..) يتعاقبان بانتظام وبحساب معلوم، وبدأب واستمرار، إلى يوم القيامة. (نسلخ) ننزع عنه ضياء النهار نزع القميص الأبيض عن البدن الأسود. (مثله) أي مثل الفلك المذكور في قوله تعالى: ﴿وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون﴾ أي لهم برهان ودليل على قدرة الخالق سبحانه ووحدانيته في تسيير السفن في البحار، تنقلهم من مكان إلى مكان، هم وأولادهم ومن يهتمون بأمرهم وهي ممتلئة بأمتعتهم وبضائعهم، تطفو على وجه الماء وتتوجه بتأثير الرياح. (الأنعام) المراد بها هنا الإبل، فإنها سفن البر. (فكهون) هذه قراءة يزيد، والقراءة المشهورة ﴿فاكهون﴾ كما جاء في روايات أخرى للبخاري رحمه الله تعالى، جمع فكه أو فاكه، والمعنى واحد، أي متنعمون متلذذون معجبون بما هم فيه. (جند ..) أي إن الأصنام تكون مهيأة ومعدة يوم القيامة كالجند، ليعذب بها من عبدها في الدنيا، والجميع حاضرون عند الحساب، لا يستطيع أن يدفع أحد منهم عن أحد. أو المراد: أن الكفار يقومون على خدمة الأصنام في الدنيا والدفاع عنها، وهي لا تستطيع أن تدفع عنهم شيئا يوم القيامة. (الموقر) المملوء بالبضائع والأمتعة ونحوها. (طائركم) شؤمكم وسببه، وهو معصيتكم وتكذيبكم. (مرقدنا) مضجعنا. (أحصيناه) علمناه وعددناه وثبتناه. (مكانتهم) منازلهم ومساكنهم التي عصوا الله تعالى فيها.
٤ ‏/ ١٨٠٥
٢٨٩ – باب: ﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم﴾ /٣٨/.
٤ ‏/ ١٨٠٦
٤٥٢٤ – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في المسجد عند غروب الشمس، فقال: (يا أبا ذر، أتدري أين تغرب الشمس). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: ﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم﴾)
٤ ‏/ ١٨٠٦
٤٥٢٥ – حدثنا الحميدي: حدثنا وكيع: حدثنا الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عن قوله تعالى: ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾. قال: (مستقرها تحت العرش).
[ر: ٣٠٢٧]
٤ ‏/ ١٨٠٦
٢٩٠ – باب: تفسير سورة الصافات.
وقال مجاهد: ﴿ويقذفون بالغيب من مكان بعيد﴾ /سبأ: ٥٣/: من كل مكان. ﴿ويقذفون من كل جانب﴾ /٨/: يرمون. ﴿واصب﴾ /٩/: دائم. ﴿لازب﴾ /١١/: لازم. ﴿تأتوننا⦗١٨٠٧⦘
عن اليمين﴾ /٢٨/: يعني الحق، الكفار تقوله للشيطان. ﴿غول﴾ /٤٧/: وجع بطن. ﴿ينزفون﴾ /٤٧/: لا تذهب عقولهم. ﴿قرين﴾ /٥١/: شيطان. ﴿يهرعون﴾ /٧٠/: كهيئة الهرولة. ﴿يزفون﴾ /٩٤/: النسلان في المشي. ﴿وبين الجنة نسبا﴾ /١٥٨/: قال كفار قريش: الملائكة بنات الله، وأمهاتهم بنات سروات الجن. وقال الله تعالى: ﴿ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون﴾ /١٥٨/: ستحضر للحساب.
وقال ابن عباس: ﴿لنحن الصافون﴾ /١٦٥/: الملائكة. ﴿صراط الجحيم﴾ /٢٣/: ﴿سواء الجحيم﴾ /٥٥/: ووسط الجحيم. ﴿لشوبا﴾ /٦٧/: يخلط طعامهم، ويساط بالحميم. ﴿مدحورا﴾ /الأعراف: ١٨/: مطرودا. ﴿بيض مكنون﴾ /٤٩/: اللؤلؤ المكنون. ﴿وتركنا عليه في الآخرين﴾ /٧٨، ١٠٨، ١٢٩/: يذكر بخير. ﴿يستسخرون﴾ /١٤/: يسخرون. ﴿بعلا﴾ /١٢٥/: ربا.


(ويقذفون ..) يتكلمون عما لا يعلمونه وما غاب عنهم غير مستندين إلى دليل، والقذف الرمي، ويستعمل في الأمور المادية والمعنوية. (لازم) أي
يلزم اليد ونحوها ويلصق بها. (تأتوننا …) فسر اليمين بالحق، والمعنى: أن الكفار تقول للشياطين يوم القيامة: إنكم كنتم تأتوننا من جهة الحق فتلبسونه علينا وتخلطونه لنا بالباطل. (غول) هو ما في خمر الدنيا مما يسبب فسادا في العقل والجسم، ويترتب عليه العقاب والإثم، من غاله يغوله غولا، إذا أهلكه وأفسده. (ينزفون) بكسر الزاي أنزف الرجل إذا ذهب عقله من السكر. وهذه قراءة حمزة والكسائي. وقرأ غيرهما ﴿ينزفون﴾ بضم أوله وفتح الزاي من نزف الرجل بمعنى سكر وذهب عقله. وقيل معناها: لا ينفد شرابهم. (قرين) ملازم لي ومصاحب. (يهرعون) يسرعون، والمراد هنا: بيان شدة تمسكهم بما كان عليه آباؤهم من الضلال. (النسلان) الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وقيل: يزفون يسعون ويسرعون، من الزفيف وهو الإسراع. (الجنة) أي الملائكة، وسموهم جنة لاجتنانهم أي خفائهم عن الأبصار. (سروات) خواص، جمع سراة، وسراة جمع سري وهو السيد الشريف والرئيس. (نسبا) صلة وقرابة. (إنهم) أي إن الكفار الذين أشركوا وقالوا هذا القول. (لمحضرون) في العذاب. (الصافون) نصف أقدامنا لعبادة الله تعالى، أو نصف حول العرش ندعو للمؤمنين. (صراط الجحيم) طريق النار. (يساط) يخلط بعضه ببعض. (الحميم) الماء الحار. (مدحورا) من دحره يدحره دحرا ودحورا، إذا طرده ودفعه وأبعده، واللفظ وارد أيضا في الإسراء: ١٨، ٣٩. والوارد في هذه السورة لفظ المصدر في قوله تعالى: ﴿دحورا ولهم عذاب واصب﴾ /٩/: وهو في معنى اسم المفعول أي مدحورين. (بيض ..) هو تشبيه لهن من حيث الصفاء واللين والصيانة، مكنون: مستور أو مصون، وكل شيء أضمرته أو أخفيته فقد أكننته. وقيل: المراد التشبيه ببيض النعام، والعرب تشبه المرأة به، لأن النعامة تكنه – أي تستره – بريشها، فيكون لونه أبيض مشوبا بصفرة، وهو لون محبب في النساء. (بعلا) اسم لصنم كان يعبده قوم إلياس عليه السلام، وقيل، البعل الرب بلغة أهل اليمن.
٤ ‏/ ١٨٠٦
٢٩١ – باب: ﴿وإن يونس لمن المرسلين﴾ /١٣٩/.
٤ ‏/ ١٨٠٨
٤٥٢٦ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
(ما ينبغي لأحد أن يكون خيرا من يونس بن متى).
[ر: ٣٢٣١]
٤ ‏/ ١٨٠٨
٤٥٢٧ – حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)
[ر: ٣٢٣٤]


(فقد كذب) أخبر بخلاف الحقيقة، والمراد أن الأنبياء عليهم السلام، من حيث كونهم أنبياء، فهم في منزلة واحدة من الخيرية.
٤ ‏/ ١٨٠٨
٢٩٢ – باب: تفسير سورة ص.
٤ ‏/ ١٨٠٨
٤٥٢٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن العوام قال:
سألت مجاهدا عن السجدة في ص، قال: سئل ابن عباس فقال: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾. وكان ابن عباس يسجد فيها.
٤ ‏/ ١٨٠٨
٤٥٢٩ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبيد الطنافسي، عن العوام قال:
سألت مجاهدا عن سجدة ص، فقال: سألت ابن عباس: من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ: ﴿ومن ذريته داود وسليمان﴾. ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾. فكان داود ممن أمر نبيكم ﷺ أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله ﷺ.
[ر: ٣٢٤٠]
﴿عجاب﴾ /٥/: عجيب. القط: الصحيفة، هو ها هنا صحيفة الحسنات.⦗١٨٠٩⦘
وقال مجاهد: ﴿في عزة﴾ /٢/: معازين. ﴿الملة الآخرة﴾ /٧/: ملة قريش. الاختلاق: الكذب. ﴿الأسباب﴾ /١٠/: طرق السماء في أبوابها. ﴿جند ما هنالك مهزوم﴾ /١١/: يعني قريشا. ﴿أولئك الأحزاب﴾ /١٣/: القرون الماضية. ﴿فواق﴾ /١٥/: رجوع. ﴿قطنا﴾ /١٦/: عذابنا. ﴿اتخذناهم سخريا﴾ /٦٣/: أحطنا بهم. ﴿أتراب﴾ /٥٢/: أمثال.
وقال ابن عباس: ﴿الأيد﴾ /١٧/: القوة في العبادة. ﴿الأبصار﴾ /٤٥/: البصر في أمرالله. ﴿حب الغير عن ذكر ربي﴾ /٣٢/: من ذكر. ﴿طفق مسحا﴾ /٣٣/: يمسح أعراف الخيل وعراقيبها. ﴿الأصفاد﴾ /٣٨/: الوثاق.


(القط) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب﴾ /ص: ١٦/. (وقالوا) أي المشركون. (قطنا) قيل: حظنا من الجنة، ويكون قولهم هذا استهزاء، وقيل: نصيبنا من العذاب، ويكون قولهم هذا عنادا. وقيل: القط الكتاب، ويطلق على الصحيفة لأنها جزء منه، وقالوا هذا الكلام استهزاء لما نزل قوله تعالى: ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه﴾ /الحاقة: ١٩/ و﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ /الحاقة: ٢٥/. أي عجل لنا كتابنا في الدنيا. وأصل القط القسط من الشيء لأنه قطعة منه، مأخوذ من القط وهو القطع. (الحسنات) في رواية (الحساب). (عزة) حمية وجاهلية وتكبر عن الحق. (معازين) مغالبين. (الملة) الدين، وقيل: المراد النصرانية لأنها آخر الملل قبل بعثة محمد ﷺ. (الاختلاق) يشير إلى قوله تعالى على لسان المشركين: ﴿إن هذا إلا اختلاق﴾ /ص: ٧/. (جند ..) أي إن الذين كفروا وعاندوا من جند الباطل، كقريش وغيرها، سيهزمون في المعارك الفاصلة بين الكفر والإيمان. (الأحزاب) الذين تحزبوا واجتمعوا على قتال الأنبياء ورد دعواتهم وإيذاء أتباعهم. (القرون) الأجيال والأمم. (رجوع) أي إلى الدنيا. (اتخذناهم) قرأ بهمزة الوصل عراقي غير عاصم. وقرأ غيرهم بهمزة القطع على الاستفهام. (أحطنا بهم) نهزأ بهم ونسخر منهم. (أتراب) متماثلات في السن، جمع ترب. (حب الخير ..) شغلني حب المال والنظر إليه – ومنه الخيل – عن الصلاة في أول وقتها. (طفق ..) شرع يقطع أعناق الخيل وسوقها ويذبحها تقربا إلى الله عز وجل، وأعراف جمع عرف وهو شعر عنق الفرس، وعراقيب جمع عرقوب، وهو عصب يكون خلف الكعبين، والمراد به هنا الساق. (الأصفاد) جمع صفد وهو القيد، ومثله الوثاق وهو ما يشد به من حبل وغيره.
٤ ‏/ ١٨٠٨
٢٩٣ – باب: قوله: ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدي إنك أنت الوهاب﴾ /٣٥/.
٤ ‏/ ١٨٠٩
٤٥٣٠ – حدثنا إسحاق بن إبراهيم: حدثنا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي ﷺ قال:
(إن عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ منه، وأردت أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أخي سليمان: ﴿رب اغفر لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾). قال روح: فرده خاسئا.
[ر: ٤٤٩]
٤ ‏/ ١٨٠٩

٢٩٤ – باب: قوله: ﴿وما أنا من المتكلفين﴾ /٧٦/.


(المتكلفين) المتقولين للقرآن من تلقاء نفسي، أو الذين يتصنعون وينتحلون ما ليس فيهم.
٤ ‏/ ١٨٠٩

٤٥٣١ – حدثنا قتيبة: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عَنْ مَسْرُوقٍ

⦗١٨١٠⦘
قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: يا أيها الناس، من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، قال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. وسأحدثكم عن الدخان، أن رسول الله ﷺ دعا قريشا إلى الإسلام فأبطؤوا عليه فقال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم سنة فحصت كل شيء، حتى أكلوا الميتة والجلود، حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع. قال الله عز وجل: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾. قال: فدعوا: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين. ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون. إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون﴾. أفيكشف العذاب يوم القيامة؟ قال: فكشف، ثم عادوا في كفرهم، فأخذهم الله يوم بدر، قال الله تعالى: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾.
[ر: ٩٦٢]


(يغشى الناس) يغيظهم ويعمهم. (أنى لهم الذكرى) من أين لهم أن ينفعهم الإيمان عند نزول العذاب. (مبين) بين الرسالة والدعوة، يحذرهم من العذاب /الدخان: ١٠، ١٦/.
٤ ‏/ ١٨٠٩
٢٩٥ – باب: تفسير سورة الزمر.
وقال مجاهد: ﴿أفمن يتقي بوجهه﴾ /٢٤/: يجر على وجهه في النار، وهو قوله تعالى: ﴿أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي يوم القيامة﴾ /فصلت: ٤٠/. ﴿ذي عوج﴾ /٢٨/: لبس. ﴿ورجلا سلما لرجل﴾ /٢٩/: مثل لآلهتهم الباطل والإله الحق. ﴿ويخوفونك بالذين⦗١٨١١⦘
من دونه﴾ /٣٦/: بالأوثان. خولنا: أعطينا. ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ الْقُرْآنُ ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ /٣٣/: الْمُؤْمِنُ يجيء يوم القيامة يقول: هذا الذي أعطيتني، عملت بما فيه. ﴿متشاكسون﴾ /٢٩/: الشكس: العسر لا يرضى بالإنصاف. ﴿ورجلا سلما﴾ /٢٩/: ويقال: سالما: صالحا. ﴿اشمأزت﴾ /٤٥/: نفرت. ﴿بمفازتهم﴾ /٦١/: من الفوز. ﴿حافين﴾ /٧٥/: أطافوا به، مطيفين بحفافيه: بجوانبه. ﴿متشابها﴾ /٢٣/: ليس من الاشتباه، ولكن يشبه بعضه بعضا في التصديق.


(يتقي بوجهه) يجعل وجهه وقاية للعذاب وحاجزا عنه. (وهو قوله) أي مثل قوله تعالى .. (سلما) وقرئ ﴿سلما﴾ و﴿سالما﴾. (مثل ..) أي مثل ضربه الله تعالى: للكافر الذي يعبد آلهة شتى، فهو مشتت تتقاذفه جهات متعددة يسعى لكسب رضاها وهي مختلفة الأهواء، والمؤمن الذي لا يعبد إلا الله عز وجل، فهو مستقيم الوجهة، يسعى لهدف واحد، مطمئن النفس مرتاح البال. ولقد عبر القرآن عن هذا أروع تعبير إذ قال: ﴿ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا﴾ [رجلا: مملوكا. متشاكسون: مختلفون متشاحون سيئة أخلاقهم. سلما: خالصا] فكما أن العبد المملوك لهذا العديد من النوع من المالكين يكون قلقا متعبا، فكذلك الكافر والمشرك الذي يعبد غير الله تعالى، وكما أن العبد الخاص بمالك واحد يكون مرتاحا ناعم البال، فكذلك المؤمن الذي يخلص وجهه لله عز وجل. (ويخوفونك ..) يخوفك المشركون أن تصيبك أصنامهم بسوء إذا لم تكف عن عيبها وذمها، وهذا عنوان ضلالتهم وجهلهم، إذ لم يدركوا أنها لا تملك ضرا ولا نفعا، بل الله تعالى هو القاهر فوق عباده، وهو يحميك من كل أذى وسوء (خولنا) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فإذا مس الإنسان الضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم﴾ /الزمر: ٤٩/: أي إن من خلق هذا الإنسان أن يضرع إلى الله تعالى عند الشدائد، ويتوجه إليه دون سواه، فإذا كشفنا عنه المصيبة وأجبنا دعاءه، وبدلنا النقمة عليه نعمة، إذا به ينكر فضل الله تبارك وتعالى، ويدعي أن ما هو فيه من نعمة حصله بجهده، وناله باستحقاق، لأنه أهل له. (مطيفين) من الإطافة وهي الدوران. (الاشتباه) الالتباس والاختلاط. (في التصديق) أي في تفسير بعضه بعضا].
٤ ‏/ ١٨١٠
٢٩٦ – باب: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم﴾ /٥٣/.
٤ ‏/ ١٨١١
٤٥٣٢ – حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أن ابن جريج أخبرهم: قال
يعلى: إن سعيد بن جبير أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أن أناسا من أهل الشرك، كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا ﷺ فقالوا: إن الذين تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق ولا يزنون﴾. ونزل: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا⦗١٨١٢⦘
على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾.


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: كون الإسلام يهدم ما قبله. رقم: ١٢٢.
(لما عملنا) في الجاهلية من آثام. (كفارة) ما يمحوه ويغطيه. (يدعون) يعبدون. (إلها) معبودا يجعلونه كالإله في التقدير والتعظيم /الفرقان: ٦٨ – ٧٠/. وتتمتها: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾. (أثاما) عقوبة جزاء إثمه، أي ذنبه. (مهانا) ذليلا. (يبدل الله ..) يوفقهم للعمل الصالح، فتنقلب أعمالهم من سوء إلى حسن، ويمحو الله تعالى ما سبق من زلاتهم بسبب استقامتهم. (أسرفوا على أنفسهم) جنوا عليها بتجاوزهم الحد وارتكابهم المعاصي والإفراط فيها. (لا تقنطوا) لا تيأسوا /الزمر: ٥٣/.
٤ ‏/ ١٨١١
٢٩٧ – باب: ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ /٦٧/.
٤ ‏/ ١٨١٢
٤٥٣٣ – حدثنا آدم: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إنا نجد: أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بدت
نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون﴾.
[٦٩٧٨، ٦٩٧٩، ٧٠١٣، ٧٠٧٥]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، رقم: ٢٧٨٦.
(حبر) عالم من علماء اليهود. (نجد) في التوراة. (إصبع) الله تعالى أعلم بها وبذلك الجعل. (الثرى) التراب المندى. (نواجذه) الأسنان التي تظهر عند الضحك وهي الأنياب. (تصديقا) موافقة. (ما قدروا الله حق قدره) ما عرفوه حق معرفته، وما عظموه التعظيم اللائق به، من التزام أمره واجتناب نهيه وعبادته وحده دون أن يشركوا به. (قبضته) مقبوضة له، في ملكه وتحت تصرفه لا ينازعه فيها أحد. (مطويات) مجموعات. (بيمينه) بقدرته تعالى، أو هي يمين له تعالى هو أعلم بها. (سبحانه) تنزيها له وتقديسا. (تعالى) ترفع وتعاظم /الزمر: ٦٧/.
٤ ‏/ ١٨١٢

٢٩٨ – باب: قوله: ﴿والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه﴾ /٦٧/.


لمعرفة معاني الآية وحديث الباب انظر الحديث السابق.
٤ ‏/ ١٨١٢
٤٥٣٤ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حدثني عبد الرحمن ابن خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبي سلمة: أن أبا هريرة قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يقبض الله الأرض، ويطوي السماوات بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأرض).
[٦١٥٤، ٦٩٤٧]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، رقم: ٢٧٨٧.
٤ ‏/ ١٨١٢

٢٩٩ – باب: ﴿ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون﴾ /٦٨/.


(الصور) البوق. (فصعق) فمات. (من شاء الله) تعالى أن لا يموتوا بهذه النفخة، وفي بيان هؤلاء الذين استثناهم الله تعالى أقوال، والله تعالى أعلم بمن استثنى. (هم) جميع المخلوقات الذين ماتوا. (قيام) من قبورهم.
٤ ‏/ ١٨١٣
٤٥٣٥ – حدثني الحسن: حدثنا إسماعيل بن خليل: أخبرنا عبد الرحيم، عن زكرياء ابن أبي زائدة، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النَّبِيُّ ﷺ قَالَ:
(إِنِّي أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش، فلا أدري أكذلك كان، أم بعد النفخة).
[ر: ٢٢٨٠]


(أكذلك كان) أي إنه لم يمت عند النفخة الأولى. (أم بعد النفخة) حيي قبلي بعد النفخة الثانية وتعلق بالعرش.
٤ ‏/ ١٨١٣
٤٥٣٦ – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال:
(بين النفختين أربعون). قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يوما؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. (ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، فيه يركب الخلق).
[٤٦٥١]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ما بين النفختين، رقم: ٢٩٥٥.
(أبيت) أمتنع من تعيين ذلك بالأيام والسنين والشهور، لأنه لم يكن عنده علم بذلك. (يبلى) يفنى. (عجب ذنبه) أصل الذنب، وهو عظم لطيف في أصل الصلب، وهو رأس العصعص. (يركب الخلق) يجعله الله تعالى سببا ظاهرا لإنشاء الخلق مرة أخرى، والله تعالى أعلم بحكمة ذلك.
٤ ‏/ ١٨١٣
٣٠٠ – باب: تفسير سورة المؤمن (غافر).
قال مجاهد: ﴿حم﴾ /١/: مجازها مجاز أوائل السور، ويقال: بل هو اسم، لقول شريح بن أبي أوفى العبسي:⦗١٨١٤⦘
يذكرني حاميم والرمح شاجر … فهلا تلا حاميم قبل التقدم
﴿الطول﴾ /٣/: التفضل. ﴿داخرين﴾ /٨٧/: خاضعين.
وقال مجاهد: ﴿إلى النجاة﴾ /٤١/: الإيمان. ﴿ليس له دعوة﴾ /٤٣/: يعني الوثن. ﴿يسجرون﴾ /٧٢/: توقد بهم النار. ﴿تمرحون﴾ /٧٥/: تبطرون.
وكان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس، والله عز وجل يقول: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ /الزمر: ٥٣/. ويقول: ﴿وأن المسرفين هم أصحاب النار﴾ /٤٣/؟ ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا ﷺ مبشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار من عصاه.


(مجازها ..) أي طريق تفسيرها هو طريق تفسير غيرها من الحروف المقطعة أوائل السور، وهو: أنها للتنبيه على أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف، فمن ادعى أنه من قول البشر فليأت بسورة من مثله. (لقول شريح ..) هو ابن أوفى العبسي، وكان شعار أصحاب علي رضي الله عنه يومئذ: حم، وقد طعن شريح يومها محمد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقال بعد ما طعنه: حم، فقال شريح هذا البيت … أي ما قال الشعار إلا بعد ما اختلط الرمح واشتبك بلحمه، فلو قال هذا قبل أن يتقدم لمقاتلتي أو لحرب علي رضي الله عنه. والشاهد في البيت: أن لفظ (حم) وقع منصوبا على المفعولية في موضعين، فدل على أنه اسم، والذين قالوا باسميته اختلفوا بمسماه، والله تعالى أعلم. (النجاة) السلامة من النار بسبب الإيمان. (ليس له دعوة) إن الأصنام التي تعبدونها لم تدعكم إلى عبادتها، ومن حق المعبود بحق أن يدعو الخلق إلى عبادته وطاعته. وكذلك هذه الأصنام لا تستجيب دعاء من دعاها وعبدها، ومن حق المعبود بحق أن يجيب دعاء من دعاه. (الوثن) الصنم. (تبطرون) تتكبرون عن الحق، ويأخذكم العجب والخيلاء. (يذكر النار) أي يذكر ما فيها من ألوان العذاب، وما يوصل إليها من سوء الأعمال. (تقنط الناس) توقعهم في اليأس الشديد من رحمة الله تعالى بسبب ما تذكر من الترهيب. (والله عز وجل يقول ..) أي والله عز وجل بين: أن باب المغفرة والرحمة مفتوح لمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأن من أصر على كفره ومعصيته مآله إلى النار. أي: فأنا أبلغ الناس ما جاء عن الله عز وجل، والله تعالى أعلم. (أسرفوا ..) أفرطوا في المعاصي فجنوا على أنفسهم وأرهقوها بالأوزار، وكذلك معنى المسرفين، وقد يراد بهم المشركون والكافرون.
٤ ‏/ ١٨١٣
٤٥٣٧ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم التيمي قال: حدثني عروة بن الزبير قال:
قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله ﷺ ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه⦗١٨١٥⦘
ودفع عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وقال:
﴿أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم﴾.
[ر: ٣٤٧٥]


(بفناء الكعبة) الساحة المتسعة إلى جانبها. (لوى ثوبه) فتله وثناه.
(بالبينات) المعجزات الظاهرات والدلائل الواضحات /المؤمن: ٢٨/. وأبو بكر رضي الله عنه يتمثل بقوله ما ذكره القرآن عن لسان مؤمن آل فرعون.
٤ ‏/ ١٨١٤
٣٠١ – باب: تفسير سورة حم السجدة (فصلت)
وقال طاوس، عن ابن عباس: ﴿ائتيا طوعا﴾ /١١/: اعطيا. ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ /١١/: أعطينا.


(ائتيا ..) جيئا بما خلقت فيكما من المنافع وأخرجاها لخلقي، طائعات ممتثلات. وهو مجاز عن تسخير الله تعالى السماء والأرض لمنافع الخلق.
٤ ‏/ ١٨١٥
٤٥٣٧ – (م) وقال المنهال، عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس:
إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي؟
قال: ﴿فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون﴾ /المؤمنون: ١٠١/. ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون﴾ /الصافات: ٢٧/. ﴿ولا يكتمون الله حديثا﴾ /النساء: ٤٢/. ﴿والله ربنا ما كنا مشركين﴾ /الأنعام: ٢٣/: فقد كتموا هذه الآية؟
وقال: ﴿أم السماء بناها – إلى قوله – دحاها﴾ /النازعات: ٢٧ – ٣٠/: فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: ﴿أئنكم لتفكرون بالذي خلق الأرض في يومين – إلى قوله – طائعين﴾ /٩ – ١١/: فذكر في هذه خلق الأرض قبل السماء؟⦗١٨١٦⦘
وقال: ﴿وكان الله غفورا رحيما﴾ /النساء: ٩٦/. ﴿عزيزا حكيما﴾ /النساء: ٥٦/.
﴿سميعا بصيرا﴾ /النساء: ٥٨/: فكأنه كان ثم مضى؟
فقال: ﴿فلا أنساب بينهم﴾ في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور: ﴿فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ /الزمر: ٦٨/: فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتسائلون، ثم في النفخة الآخرة: ﴿أقبل بعضهم على بعض يتسائلون﴾.
وأما قوله: ﴿ما كنا مشركين﴾. ﴿ولا يكتمون الله حديثا﴾: فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فقال المشركون: تعالوا نقول لم نكن مشركين، فختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثا، وعنده: ﴿يود الذين كفروا﴾ الآية /النساء: ٤٢/.
وخلق الأرض في يومين ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم دحا الأرض، ودحوها: أن أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: ﴿دحاها﴾. وقوله: ﴿خلق الأرض في يومين﴾. فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلقت السماوات في يومين.
﴿وكان الله غفورا رحيما﴾ سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله.
قال أبو عبد الله: حدثنيه يوسف بن عدي: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن⦗١٨١٧⦘
أبي أنيسة، عن المنهال، بهذا.
وقال مجاهد: ﴿لهم أجر غير ممنون﴾ /٨/: محسوب. ﴿أقواتها﴾ /١٠/: أرزاقها. ﴿في كل سماء أمرها﴾ /١٢/: مما أمر به. ﴿نحسات﴾ /١٦/: مشائيم. ﴿وقيضنا لهم قرناء﴾ /٢٥/: قرناهم بهم. ﴿تتنزل عليهم الملائكة﴾ /٣٠/: عند الموت. ﴿اهتزت﴾ بالنبات ﴿وربت﴾ /٣٩/: ارتفعت.
وقال غيره: ﴿من أكمامها﴾ /٤٧/: حين تطلع. ﴿ليقولن هذا لي﴾ /٥٠/: أي بعملي أنا محقوق بهذا. ﴿سواء للسائلين﴾ /١٠/: قدرها سواء. ﴿فهديناهم﴾ /١٧/: دللناهم على الخير والشر،
كقوله: ﴿وهديناه النجدين﴾ /البلد: ١٠/. وكقوله: ﴿هديناه السبيل﴾ /الإنسان: ٣/: والهدى الذي هو الإرشاد بمنزلة أصعدناه، من ذلك قوله: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾ /الأنعام: ٩٠/. ﴿يوزعون﴾ /١٩/: يكفون. ﴿من أكمامها﴾ /٤٧/: قشر الكفرى هي الكم. وقال غيره: ويقال للعنب إذا خرج أيضا كافور وكفرى. ﴿ولي حميم﴾ /٣٤/: قريب. ﴿من محيص﴾ /٤٨/: حاص حاد. ﴿مرية﴾ /٥٤/: ومرية واحد، أي امتراء.
وقال مجاهد: ﴿اعلموا ما شئتم﴾ /٤٠/: هي وعيد.⦗١٨١٨⦘
وقال ابن عباس: ﴿ادفع بالتي هي أحسن﴾ /٣٤/: الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوه عصمهم الله، وخضع لهم عدوهم: ﴿كأنه ولي حميم﴾.


(رجل) قيل: هو نافع بن الأزرق، الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة – وهي فرقة من الخوارج – وقد كان يجالس ابن عباس رضي الله عنهما في قلة ويعارضه. (تختلف ..) تشكل، وتظهر كأنها متعارضة. (فقد كتموا ..) أي أنهم كانوا مشركين.
(إلى قوله) وتتمتها: رفع ﴿سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها﴾ (رفع ..) جعل سقفها بعيدا عن الأرض، أو المسافة بينها وبين الأرض بعيدة مديدة. (دحاها) بسطها ومدها، وجعلها صالحة للسكنى والعيش عليها والتقلب في أقطارها. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين﴾. (أندادا) شركاء، جمع ند وهو المثل أو النظير. (رواسي) جبالا ثوابت، جمع راسية، من رسا الشيء إذا ثبت أصله ورسخ. (بارك فيها) بما يخرج منها من زرع وثمر، وما يعيش عليها من حيوان وما يحتاج إليه. (قدر ..) قسم أرزاق أهلها ومصالحهم ومعايشهم، وجعل في كل قسم منها ما ليس في الآخر، ليكون التبادل وتقوم التجارة. (سواء ..) مستوية ومتعادلة لا زيادة فيها ولا نقصان، جوابا لمن سأل: في كم خلقت الأرض والأقوات، وقيل: على قدر حاجة السائلين، وهم جميع البشر. (استوى إلى السماء) توجهت إرادته إلى خلقها. (وهي دخان) قيل: المراد بخار الماء وما هو على صورته. (كرها) ملجآت مقهورات، وانظر أول الباب. (فكأنه ..) أي فكأن الله تعالى كان متصفا بهذه الصفات في الزمن الماضي ثم تغير عن ذلك. (فقال) أي ابن عباس رضي الله عنهما، مجيبا للسائل المبتدع، ومفندا له ما التبس عليه، أو ما تتبعه من متشابه القرآن ابتغاء الفتنة. (فصعق) مات،
وانظر الباب (٢٩٩). (في النفخة ..) أجابه عن المسألة الأولى مبينا أن التساؤل بعد النفخة الثانية، ولكن ليوم القيامة أحوال ومواطن، قبل أن يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ففي موطن يشغل كل بنفسه ويبرأ من غيره، فلا تساؤل، وفي موطن يتلاوم أهل الباطل، ويتهم بعضهم بعضا بالإفساد والتضليل، فيكون التساؤل، وهكذا. (الآية) وتتمتها: ﴿وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا﴾ أي لا يقدرون على كتمان شيء، لأن جوارحهم تشهد عليهم. (تسوى بهم الأرض) يدفنون ويصيرون فيها فتسوى بهم كما تسوى بالموتى، أو: يتمنون أن لو لم يبعثوا. (الآكام) جمع أكمة، وهي الموضع المرتفع من الأرض كالتل والرابية.
(ممنون) مقطوع أو معدود. (مشائيم) لما فيها من العذاب لهم، جمع مشومة، من الشؤم وهو الشر. (قيضنا) هيأنا وأعددنا. (قرناء) شياطين ملازمين لهم.
(عليهم) على المؤمنين، تبشرهم بما سيلقون من جزاء عند الله تعالى بعد الموت. (اهتزت) تحركت تحريكا شديدا. (أكمامها) جمع كم، وهو الغلاف الذي يغطي الثمر والحب في الشجر والنخل والزرع. (محقوق) مستحق له. (النجدين) مثنى نجد، وهو ما ارتفع من الأرض من تل أو نحوه، ويقال النجد للطريق الواضح، وفسرا بطريقي الخير والشر، لوضوحهما واستبانة أمرهما. (والهدى ..) يشير إلى أن الهدى: يكون بمعنى الدلالة مطلقا كما في الآيات السابقة، ويكون بمعنى الدلالة الموصلة. (أولئك) إشارة إلى الأنبياء الذين سبق ذكرهم في الآيات قبلها. (فبهداهم) ما جاؤوا به من أصول الدين التي لا اختلاف فيها بين الأنبياء، وما سلكوه واتصفوا به من مكارم الأخلاق الفاضلة. (يكفون) أي يحبس أولهم ليلحق آخرهم، وقيل: معنى (يوزعون) يساقون ويدفعون. (الكفرى) هي الكم، وقد سبق بيانه، والكم بكسر الكاف، وقيل بضمها. (كافور) هو زهر النخيل. (حميم) هو القريب المشفق، لأن له في الإشفاق على قريبه حرارة وحدة. (محيص) محيد ومهرب من عذاب الله عز وجل. (واحد) أي من حيث المعنى وهو الامتراء، أي الشك. وقرأ الجمهور بالكسر، وقرأ الحسن البصري
بالضم. (هي ..) أي قوله: اعملوا أمر تهديد ووعيد، وليس أمر تخيير وتكريم. (عصمهم) حفظهم وحماهم.
٤ ‏/ ١٨١٥

٣٠٢ – باب: قوله: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ الله لا يعلم كثيرا مما تعملون﴾ /٢٢/.


(تستترون) تستخفون، وقيل: تظنون، وقيل: تتقون وتحذرون.
٤ ‏/ ١٨١٨
٤٥٣٨ – حدثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عن روح بن القاسم، عن مَنْصُورٌ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ ابن مسعود:
﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ﴾. الآية: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف، أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش، في بيت، فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله، فأنزلت: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبصاركم﴾.
الآية. [٤٥٣٩ – ٤٥٤٠ – ٧٠٨٣]
أخرجه مسلم في أوائل صفات المنافقين وأحكامهم، رقم: ٢٧٧٥.
(ختن) كل من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها فهو ختن، ويطلق أيضا على زوج البنت والأخت. (ثقيف) إحدى قبائل العرب، وكانت تسكن الطائف.
٤ ‏/ ١٨١٨

٣٠٣ – باب: قوله: ﴿وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين﴾ /٢٣/.


(أرادكم) أهلككم وكان سبب طرحكم في جهنم، لأنكم تجرأتم على المعصية والكفر بعد ظنكم هذا.
٤ ‏/ ١٨١٨
٤٥٣٩ – حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ الله عز وجل: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبصاركم ولا جلودكم﴾. الآية.
وكان سفيان يحدثنا بهذا فيقول: حدثنا منصور، أو ابن أبي نجيح، أو حميد، أحدهم⦗١٨١٩⦘
أو اثنان منهم، ثم ثبت على منصور، وترك ذلك مرارا غير واحدة.
قوله: ﴿فإن يصبروا فالنار مثوى لهم﴾. الآية.


(فإن يصبروا) على العذاب وما ينالهم في النار. (مثوى) مسكن ومنزل إقامة. (الآية) فصلت: ٥٤. وتتمتها: ﴿وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين﴾ (يستعتبوا) يطلبوا العتبى وهي الرضا. (المعتبين) المرضين الذين قبل عتابهم وأجيبوا إلى ما طلبوا.
٤ ‏/ ١٨١٨
٤٥٤٠ – حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ علي: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان الثوري قال: حدثني مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بنحوه.
[ر: ٤٥٣٨]
٤ ‏/ ١٨١٩
٣٠٤ – باب: تفسير سورة حم عسق (الشورى).
ويذكر عن ابن عباس: ﴿عقيما﴾ /٥٠/: لا تلد. ﴿روحا من أمرنا﴾ /٥٢/: القرآن.
وقال مجاهد: ﴿يذرؤكم فيه﴾ /١١/: نسل بعد نسل. ﴿لا حجة بيننا وبينكم﴾ /١٥/: لا خصومة بيننا وبينكم. ﴿من طرف خفي﴾ /٤٥/: ذليل.
وقال غيره: ﴿فيظللن رواكد على ظهره﴾ /٣٣/: يتحركن ولا يجرين في البحر. ﴿شرعوا﴾ /٢١/: ابتدعوا.


(عقيما) العقم اليبس، فكأن التي لاتلد قد يبست رحمها فوصفت به. (روحا) الروح: ما به حياة الأجسام، ويطلق على كل أمر خفي لطيف، كما يطلق على الوحي – أي ما يوحى به – والنبوة لما فيها من حياة النفوس وهداها، وهو المراد هنا، ويطلق على جبريل عليه السلام أيضا. (يذرؤكم) يخلقكم ويبثكم ويكثركم. (فيه) في جعلكم أزواجا من ذكر وأنثى. (لا حجة ..) لا خصومة ولا منازعة، لأن الحق قد ظهر وصرتم محجوجين به. (من طرف ..) الطرف هو تحريك الجفون، ويطلق على العين وعلى النظر، وخفي: ضعيف، أي يسارقون النظر إلى النار بذل وضعف وخوف. (فيظللن ..) أي تبقى السفن ثوابت وقوفا على ظهر الماء، بتسخير الله عز وجل.
٤ ‏/ ١٨١٩
٣٠٥ – باب: قوله: ﴿إلا المودة في القربى﴾ /٢٣/.
٤ ‏/ ١٨١٩
٤٥٤١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قال: سمعت طاوسا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سئل عن قوله: ﴿إلا المودة في القربى﴾. فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد ﷺ، فقال ابن عباس: عجلت، أن النبي ﷺ لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. فقال: (إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة).
[ر: ٣٣٠٦]


(عجلت ..) مراد ابن عباس رضي الله عنهما أن المقصود بالقربى في الآية جميع قريش،
لا بنو هاشم وبنو المطلب، كما يتبادر إلى الذهن، وهم الذين عناهم سعيد ابن جبير رحمه الله تعالى بقوله: قربى آل محمد ﷺ.
٤ ‏/ ١٨١٩
٣٠٦ – باب: تفسير سورة حم الزخرف.
وقال مجاهد: ﴿على أمة﴾ /٢٢، ٢٣/: على إمام. ﴿وقيله يا رب﴾ /٨٨/: تفسيره: أيحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، ولا نسمع قيلهم.
وقال ابن عباس: ﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة﴾ /٣٣/: لولا أن يجعل الناس كلهم كفارا، لجعلت لبيوت الكفار ﴿سقفا من فضة ومعارج﴾ من فضة، وهي درج، وسرر فضة. ﴿مقرنين﴾ /١٣/: مطيقين. ﴿آسفونا﴾ /٥٥/: أسخطونا. ﴿يعش﴾ /٣٦/: يعمى.
وقال مجاهد: ﴿أفنضرب عنكم الذكر﴾ /٥/: أي تكذبون بالقرآن، ثم لا تعاقبون عليه؟ ﴿ومضى مثل الأولين﴾ /٨/: سنة الأولين. ﴿وما كنا له مقرنين﴾ /١٣/: يعني الإبل والخيل والبغال والحمير. ﴿ينشأ في الحلية﴾ /١٨/: الجواري، يقول: جعلتموهن للرحمن ولدا،⦗١٨٢١⦘
فكيف تحكمون؟ ﴿لو شاء الرحمن ما عبدناهم﴾ /٢٠/: يعنون الأوثان، يقول الله تعالى: ﴿ما لهم بذلك من علم﴾ أي الأوثان، إنهم لا يعلمون. ﴿في عقبه﴾ /٢٨/: ولده. ﴿مقترنين﴾ /٥٣/: يمشون معا. ﴿سلفا﴾ /٥٦/: قوم فرعون سابقا لكفار أمة محمد ﷺ. ﴿ومثلا﴾ عبرة. ﴿يصدون﴾ /٥٧/: يضجون. ﴿مبرمون﴾ /٧٩/: مجمعون. ﴿أول العابدين﴾ /٨١/: أول المؤمنين.
وقال غيره: ﴿إنني براء مما تعبدون﴾ /٢٦/: العرب تقول: نحن منك البراء والخلاء، والواحد والاثنان والجميع، من المذكر والمؤنث، يقال فيه: براء، لأنه مصدر، ولو قال: بريء، لقيل في الاثنين: بريئان، وفي الجميع: بريئون، وقرأ عبد الله: ﴿إنني بريء﴾ بالياء. والزخرف: الذهب. ﴿ملائكة يخلفون﴾ /٦٠/: يخلف بعضهم بعضا.


(أمة) طريقة تؤم وتقصد، من الأم وهو القصد، أي دين وملة متمسكين بها فقلدناهم فيها. (وقيله) أي وقول النبي ﷺ شاكيا إلى
ربه عز وجل، والقيل والقول والقال والمقال واحد في المعنى. وتفسيره بما ذكر ظاهره عود الضمير على الكافرين المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون﴾ /الزخرف: ٨٠/. [نجواهم: ما يتكلمون به فيما بينهم. رسلنا: ملائكتنا الحفظة. لديهم: عندهم ملازمون لهم. يكتبون: يحصون عليهم أعمالهم ويسجلونها في صحفهم]. قال العيني: وبعضهم أنكر هذا التفسير فقال: إنما يصح لو كانت التلاوة: وقيلهم، وإنما الضمير فيه يرجع إلى النبي ﷺ. وقرأ عاصم وحمزة: ﴿قيله﴾ بكسر اللام، عطفا على لفظ الساعة في قوله تعالى: ﴿وعنده علم الساعة﴾ /الزخرف: ٨٥/. أي وعنده علم الساعة وعلم قيله. وقرأ الباقون: ﴿قيله﴾ بفتح اللام عطفا على محل الساعة، أي ويعلم قيله. (ولولا أن يكون ..) أي ولولا أن يصير الناس كلهم كفارا، فيجمعون على طريقة واحدة في الكفر ويرغبوا فيه، إذا رأوا الكفار في غاية من الترفه ومتع الدنيا وسعة العيش، لأعطينا الكفار من الدنيا ما ذكر وأكثر منه، لحقارة الدنيا عندنا، ولأنها عرض زائل وآيلة إلى الفناء، ولأنهم ليس لهم في الحياة الآخرة الباقية حظ ولا نصيب. (معارج) جمع معراج، وهو المصعد والسلم والدرج. (سرر) جمع سرير، واللفظ وارد في الآية نفسها. (يعش) يغفل ويعرض، وأصله من العشا وهو ضعف البصر. (أفنضرب ..) نمسك عن إنزال القرآن لأنكم لا تؤمنون به، أو نترككم على كفركم ولا نعاقبكم؟ (سنة ..) طريقة الأمم السابقة المكذبة في إنزال العقوبة فيهم. (يعني ..) أي الضمير في (له) يعود إلى الأنعام المذكورة في قوله تعالى: ﴿والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون﴾ /الزخرف: ١٢/. (الأزواج) الأصناف. (الفلك) السفن. وقيل: يعود الضمير إلى (ما) من قوله: ما تركبون. (ينشأ في الحلية ..) يتربى في الزينة، والمراد الإناث، أي وكيف جعلتم الملائكة إناثا، ونسبتموهن إلى الله عز وجل على أنهن بنات له، وأنتم تعتقدون النقص في الإناث، وأنهن من شأنهن الزينة والتنعم، وهما علامة الضعف والنقص؟ .. (لو شاء الرحمن ما عبدناهم) ظاهر السياق القرآني أن الضمير يعود على الملائكة في قوله تعالى: ﴿وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا﴾ /الزخرف: ١٩/. وحاصل قولهم هذا: أن الله تعالى لم يعجل لهم العقوبة على عبادتهم، فجعلوا هذا عنوان رضاه سبحانه وتعالى بذلك، ونزلوا الرضا منزلة المشيئة فقالوا .. (ما لهم بذلك ..) ليس لهم علم في قولهم هذا ولا حجة لديهم ولا برهان، فهم مفترون كاذبون على الله عز وجل. (مقترنين) مجتمعين مصطحبين. (سلفا) سابقين في الهلاك ليعتبر بهم من يجيء بعدهم. (عبد الله) أي ابن مسعود رضي الله عنه. (الزخرف) قيل: هو الزينة من كل شيء. (ملائكة ..) قيل: يخلفون بني آدم في الأرض بدلا عنهم].
٤ ‏/ ١٨٢٠

٣٠٧ – باب: قوله: ﴿ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون﴾ /٧٧/.


(نادوا) أي الكفار. (مالك) هو خازن النار. (ليقض …) ليمتنا حتى نستريح من عذاب جهنم. (ماكثون) مقيمون ومستمرون في العذاب.
٤ ‏/ ١٨٢١
٤٥٤٢ – حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ على المنبر: ﴿ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك﴾.
[ر: ٣٠٥٨]
وقال قتادة: ﴿مثلا للآخرين﴾ /٥٦/: عظة لمن بعدهم.
وقال غيره: ﴿مقرنين﴾ /١٣/: ضابطين، يقال: فلان مقرن لفلان ضابط له.
والأكواب: الأباريق التي لا خراطيم لها.⦗١٨٢٢⦘
﴿أول العابدين﴾ /٨١/: أي ما كان، فأنا أول الآنفين، وهما لغتان: رجل عابد وعبد.
وقرأ عبد الله: وقال الرسول يا رب.
ويقال: ﴿أول العابدين﴾ الجاحدين، من عبد يعبد.
وقال قتادة: ﴿في أم الكتاب﴾ /٤/: جملة الكتاب، أصل الكتاب. ﴿أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين﴾ /٥/: مشركين، والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الأمة لهلكوا. ﴿فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين﴾ /٨/: عقوبة الأولين. ﴿جزءا﴾ /١٥/: عدلا.


(الأكواب ..) يشير إلى قوله تعالى: ﴿يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب﴾ /الزخرف: ٧١/. (بصحاف) جمع صحفة، وهي القصعة الواسعة. (أكواب) جمع كوب وهو إناء مستدير بلا عروة، وهي ما يمسك منها. (الأباريق) جمع أبريق، وهو إناء له خرطوم وقد تكون له عروة، والخرطوم هو مخرج للشراب يشبه الأنف. (ما كان) أي ما كان لله تعالى ولد، وهو تفسير لقوله تعالى: ﴿قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين﴾. (الآنفين) الرافضين والمنكرين لما قلتم، وعليه: والعابدين مشتق من عبد إذا أنف واشتدت أنفته. (عابد وعبد) فالأول بمعنى المؤمن، والثاني بمعنى الآنف. (وقرأ عبد الله) أي ابن مسعود رضي الله عنه. (وقال الرسول) أي بدل: ﴿وقيله﴾ وهي قراءة شاذة. (أم الكتاب) اللوح المحفوظ، وتأتي كلمة أم
بمعنى أصل، وفسرها قتادة رحمه الله تعالى أيضا بالجملة، وهي الجماعة من كل شيء. (صفحا) إعراضا وإهمالا لكم. (أن كنتم) لأجل أن كنتم. (بطشا) قوة. (عدلا) نظيرا ومثيلا.
٤ ‏/ ١٨٢١
٣٠٨ – باب: تفسير سورة حم (الدخان)
وقال مجاهد: ﴿رهوا) /٢٤/: طريقا يابسا، ويقال: ﴿رهوا﴾ ساكنا. ﴿على علم على العالمين﴾ /٣٢/: على من بين ظهريه. ﴿فاعتلوه﴾ /٤٧/: ادفعوه. ﴿وزوجناهم بحور عين﴾ /٥٤/: أنكحناهم حورا عينا يحار فيها الطرف. ﴿ترجمون﴾ /٢٠/: القتل.
وقال ابن عباس: ﴿كالمهل﴾ /٤٥/: أسود كمهل الزيت.
وقال غيره: ﴿تبع﴾ /٣٧/: ملوك اليمن، كل واحد منهم يسمى تبعا، لأنه يتبع⦗١٨٢٣⦘
صاحبه، والظل يسمى تبعا، لأنه يتبع الشمس.


(من بين ظهريه) أهل عصره الذين كان بينهم. (فاعتلوه) سوقوه بعنف وغلظة. قرأ مكي ونافع وشامي وسهل ويعقوب: ﴿فاعتلوه﴾. (بحور) جمع حوراء، وهي شديدة البياض وصفاء اللون، وقيل: شديدة بياض العين وشديدة سوادها. (عين) جمع عيناء، وهي واسعة العين. (الطرف) تحريك الجفن والعين والنظر. (ترجمون) تقتلوني بالرجم، وهو الرمي بالحجارة،
وقيل: تشتمون. (كمهل الزيت) دردي الزيت، أي ما يرسب أسفله.
٤ ‏/ ١٨٢٢
٣٠٩ – باب: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾ /١٠/.
قال قتادة: فارتقب: فانتظر.


(فارتقب) فانتظر، ويقال هذا في المكروه، أي انتظر يا محمد ﷺ يوم يأتي العذاب هؤلاء، من القحط والجوع، حتى ينظر أحدهم إلى السماء فيراها وكأنها دخان ظاهر من شدة جوعه. وقيل: هو دخان يأتي من السماء قبل يوم القيامة، يدخل في أسماع الكفرة ويأخذ بأنفسهم، ويصيب المؤمن منه كالزكام.
٤ ‏/ ١٨٢٣
٤٥٤٣ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن مسلم، عن مسرق، عن عبد الله قال:
مضى خمس: الخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام.
[ر: ٩٦٢]
٤ ‏/ ١٨٢٣

٣١٠ – باب: ﴿يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾ /١١/.


(يغشى ..) يشملهم ويحيط بهم كالغطاء.
٤ ‏/ ١٨٢٣
٤٥٤٤ – حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله:
إنما كان هذا، لأن قريشا لما استعصوا على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾. قال: فأتى رسول الله ﷺ فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر، فإنها قد هلكت. قال: (لمضر؟ إنك لجريء). فاستسقى فسقوا. فنزلت: ﴿إنكم عائدون﴾. فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾. قال: يعني يوم بدر.
[ر: ٩٦٢]


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: الدخان، رقم: ٢٧٩٨.
(لمضر ..) أتأمرني أن استسقي لهم، مع ماهم عليه من المعصية لله تعالى والشرك به، وعدم الاستجابة لنبيه؟. (إنك لجريء) ذو جرأة، حيث إنك تشرك بالله تعالى وتطلب الرحمة منه لك ولمن على شاكلتك. (الرفاهية) التوسع والراحة.
٤ ‏/ ١٨٢٣

٣١١ – باب: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون﴾ /١٢/.


(اكشف ..) ارفعه وأزله. (مؤمنون) أي سنؤمن ونكون مؤمنين.
٤ ‏/ ١٨٢٣

٤٥٤٥ – حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ

⦗١٨٢٤⦘
قال:
دخلت على عبد الله فقال: إن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم، إن الله قال لنبيه ﷺ: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. إن قريشا لما غلبوا النبي ﷺ واستعصوا عليه، قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع قالوا: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون﴾. فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا، فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ – إِلَى قَوْلِهِ جل ذكره – إنا منتقمون﴾.
[ر: ٩٦٢]

٤ ‏/ ١٨٢٣
٣١٢ – باب: ﴿أنا لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين﴾ /١٣/.
الذكر والذكرى واحد.


(أنى لهم ..) كيف يتذكرون ويتعظون بعد نزول البلاء وحلول العذاب، وقد سبق لهم ما هو أدعى لحملهم على الطاعة، وهو رسول الله ﷺ، وما أيده به الله تعالى من المعجزات الظاهرة والآيات الباهرة الدالة على صدقه، ومع ذلك كذبوا وأعرضوا واتهموا؟.
٤ ‏/ ١٨٢٤
٤٥٤٦ – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا جرير بن حازم، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قال: دخلت على عبد الله، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لما دعا قريشا كذبوه واستعصوا عليه، فقال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأصابتهم سنة حصت – يعني – كل شيء، حتى كانوا يأكلوا الميتة، فكان يقوم أحدهم، فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع، ثم قرأ:
﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم – حتى بلغ – إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون﴾. قال عبد الله: أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ قال: والبطشة الكبرى يوم بدر.
[ر: ٩٦٢]
٤ ‏/ ١٨٢٤

٣١٣ – باب: ﴿ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون﴾ /١٤/.


(تولوا) أعرضوا. (معلم) يعلمه القرآن بشر. (مجنون) بادعائه النبوة.
٤ ‏/ ١٨٢٤
٤٥٤٧ – حدثنا بشر بن خالد: أخبرنا محمد، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضحى، عن مسروق قال: قال عبد الله:
إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ وقال: ﴿قل⦗١٨٢٥⦘
ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لما رأى قريشا استعصوا عليه قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء، حتى أكلوا العظام والجلود، فقال أحدهم: حتى أكلوا الجلود والميتة، وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله أن يكشف عنهم، فدعا، ثم قال: (تعودون بعد هذا). في حديث منصور: ثم قرأ: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ – إِلَى – عائدون﴾. أيكشف عذاب الآخرة؟ فقد مضى: الدخان، والبطشة، واللزام. وقال أحدهم: القمر. وقال الآخر: الروم.
[ر: ٩٦٢]
٤ ‏/ ١٨٢٤
٣١٤ – باب: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾ /١٦/.
٤ ‏/ ١٨٢٥
٤٥٤٨ – حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عبد الله قال:
خمس قد مضين: اللزام، والروم، والبطشة، والقمر، والدخان.
[ر: ٩٦٢]
٤ ‏/ ١٨٢٥
٣١٥ – باب: تفسير سورة حم (الجاثية).
﴿جاثية﴾ /٢٨/: مستوفزين على الركب.
وقال مجاهد: ﴿نستنسخ﴾ /٢٩/: نكتب. ﴿ننساكم﴾ /٣٤/: نترككم.


(مستوفزين) من استوفز في قعدته إذا قعد منتصبا غير مطمئن. (ننساكم) نترككم في العذاب ونبعدكم عن رحمتنا.
٤ ‏/ ١٨٢٥

٣١٦ – باب: ﴿وما يهلكنا إلا الدهر﴾ /٢٤/. الآية.


(الآية) وهي بتمامها: ﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون﴾. (وقالوا) أي قال منكرو البعث. (ما هي) أي الحياة بكاملها. (حياتنا الدنيا) التي نحن فيها. (نموت ونحيا) أي نحيا ثم نموت، أو يموت الآباء ويحيا الأبناء، وهكذا. (يهلكنا) يفنينا ويبلينا. (الدهر) مرور الأيام والليالي وطول الزمان.
والدهر في الأصل اسم لمدة العالم، ويعبر به عن كل مدة طويلة. (وما لهم ..) لم يقولوا ما قالوه عن علم حصل لديهم أو حجة أثبتوها، وإنما يقولون هذا حدسا وتخمينا، وجهلا وعنادا وتكذيبا.
٤ ‏/ ١٨٢٥

٤٥٤٩ – حدثنا الحميدي: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب،

⦗١٨٢٦⦘
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
(قال الله عز وجل: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار).
[٥٨٢٧ – ٥٨٢٩ – ٧٠٥٣]


أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، رقم: ٢٢٤٦.
(يؤذيني) ينسب إلي ما من شأنه أن يؤذي ويسيء. (يسب الدهر) بسبب ما يصيبه فيه من أمور، وأنا المدبر لكل ما يحصل لكم وتنسبونه إلى الدهر، فإذا سببتم الدهر لما يجري فيه كان السب في الحقيقة لي، لأني أنا المدبر المتصرف، والأمر كله بيدي، أي بإرادتي وقدرتي. (أقلب ..) أصرفهما وما يجري فيهما، والله تعالى أعلم.
٤ ‏/ ١٨٢٥
٣١٧ – باب: تفسير سورة حم (الأحقاف)
وقال مجاهد: ﴿تفيضون﴾ /٨/: تقولون.
وقال بعضهم: أثرة وأثرة و: ﴿أثارة﴾ /٤/: بقية.
وقال ابن عباس: ﴿بدعا من الرسل﴾ /٩/: لست بأول الرسل.
وقال غيره: ﴿أرأيتم﴾ /٤/: هذه الألف إنما هي توعد، إن صح ما تدعون لا يستحق أن يعبد، وليس قوله: ﴿أرأيتم﴾ برؤية العين، إنما هو: أتعلمون، أبلغكم أن ما تدعون من دون الله خلقوا شيئا؟


(الأحقاف) جمع حقف، وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء واعوجاج كهيئة الجبل، من احقوقف الشيء إذا اعوج. وقيل غير ذلك. (تفيضون)
تقولون باندفاع، من القدح والطعن والخوض في التكذيب والافتراء. (لست
بأول الرسل) أي حتى تنكروا رسالتي. (أرأيتم) أخبروني ماذا تقولون.
(توعد) لكفار مكة بالعذاب على عنادهم، حيث ادعوا صحة ما عبدوه من دون الله تعالى. (إن صح ..) أي على فرض صحة دعواكم فلا يستحق ما تدعون أن يعبد لأنه ليس بخالق، بل هو مخلوق، والذي يستحق أن يعبد هو الخالق سبحانه.
٤ ‏/ ١٨٢٦

٣١٨ – باب: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين﴾ /١٧/.


(والذي قال لوالديه) هو كل كافر عاق لوالديه يقع منه مثل هذا القول إذا دعاه أبواه إلى الدين الصحيح. (أف) كلمة كراهية يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد. (أخرج) من قبري وأحيا بعد فنائي وبلائي. (خلت ..) مضت الأجيال ولم يبعث منها أحد. (يستغيثان الله) يستجيران به من قوله ويستصرخان عليه. (ويلك ..) قائلين له: لك الهلاك إن لم تؤمن، وهو تحريض له على الإيمان. (أساطير الأولين) ما كتبه الأوائل وخطوه بأيديهم من تخيلات وأوهام، وأساطير: جمع أسطار، وهو جمع سطر، والسطر الخط والكتابة. أو جمع أسطورة وإسطاره، وهي الأحدوثة الباطلة.
٤ ‏/ ١٨٢٦
٤٥٥٠ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قال:
كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني﴾. فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري.


(على الحجاز) أميرا على المدينة. (استعمله) جعله عاملا له، أي أميرا من قبله. (يذكر يزيد ..) يثني عليه ويبين حسن اختيار معاوية رضي الله
عنه له. (شيئا) يسيئه ويقدح فيما يدعو إليه، وقيل: إنه قال له: سنة هرقل وقيصر، أي اتبعتم طريقتهما في إسناد الملك لأولاد المالكين، وخالفتم سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأصحابه من بعده، إذ إنهم لم يفعلوا ذلك. (فلم يقدروا) على إخراجه من بيتها وامتنعوا من دخوله إعظاما لشأنها. (فينا) آل أبي بكر وبنيه رضي الله عنهم. (عذري) أي براءتي مما اتهمني به أهل الإفك، وتعني ما نزل بشأنها من آيات في سورة النور، من قوله تعالى: ﴿إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم﴾ .. إلى قوله تعالى: ﴿أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم﴾ /النور: ١١ – ٢٦/.
٤ ‏/ ١٨٢٧
٣١٩ – باب: قوله: ﴿فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم﴾ /٢٤/.
قال ابن عباس: عارض: السحاب.


(رأوه) أي العذاب. (عارضا) سحابا عرض في أفق السماء، سمي السحاب بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
٤ ‏/ ١٨٢٧
٤٥٥١ – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو: أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ، قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يبتسم. قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه، قالت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا، رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: (يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا).


(لهواته) جمع لهاة، وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك، وترى عند الضحك الشديد. (عرف في وجهه) أي تغير وجهه وبدت عليه الكراهية والخوف.
٤ ‏/ ١٨٢٧
٣٢٠ – باب: تفسير سورة محمد ﷺ.
﴿أوزارها﴾ /٤/: آثامها، حتى لا يبقى مسلم. ﴿عرفها﴾ /٦/: بينها.
وقال مجاهد: ﴿مولى الذين آمنوا﴾ /١١/: وليهم. ﴿عزم الأمر﴾ /٢١/: جد الأمر. ﴿فلا تهنوا﴾ /٣٥/: لا تضعفوا.
وقال ابن عباس: ﴿أضغانهم﴾ /٢٩/: حسدهم. ﴿آسن﴾ /١٥/: متغير.


(أوزارها) اللفظ من قوله تعالى: ﴿حتى تضع الحرب أوزارها﴾ أي تنتهي، بأن يضع أهل الحرب أسلحتهم ويمسكوا عن القتال، وأوزارها: جمع وزر وهو الحمل الثقيل أو ما يحمله الإنسان، وأطلق هذا على السلاح لأنه يحمل وفيه ثقل، وعبر عن انقضاء الحرب بقولهم: وضعت الحرب أوزارها، لأن المتحاربين يضعون أسلحتهم عند ذلك. وقيل في تفسيرها
ما ذكره البخاري رحمه الله تعالى، والمعنى: يترك الكفار أهل الحرب آثامهم – أي كفرهم – بأن يسلموا، فيكف عن قتالهم وتنتهي الحرب. (أضغانهم) جمع ضغن وهو الحقد والحسد. (آسن) يقال: أسن الماء إذا تغير لونه وريحه وطعمه وأنتن.
٤ ‏/ ١٨٢٨
٣٢١ – باب: ﴿وتقطعوا أرحامكم﴾ /٢٢/.
٤ ‏/ ١٨٢٨
٤٥٥٢ – حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حدثني مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال له: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ القطيعة، قال: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فذاك). قال أبو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم﴾.
حدثنا إبراهيم بن حمزة: حدثنا حاتم، عن معاوية قال: حدثني عمي أبو الحباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة بهذا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقرؤوا إن شئتم: ﴿فهل⦗١٨٢٩⦘
عسيتم﴾).
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا معاوية بن أبي المزرد بهذا، قال رسول الله ﷺ: (واقرؤوا إن شئتم: ﴿فهل عسيتم﴾).
[٥٦٤١ – ٥٦٤٢ – ٧٠٦٣]
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطعها، رقم: ٢٥٥٤.
(الرحم) القرابة، مشتقة من الرحمة، قال العيني: وهي عرض جعلت في جسم، فلذلك قامت وتكلمت. (بحقو) الحقو هو الخصر وموضع شد الإزار، وهو الموضع الذي جرت عادة العرب بالاستجارة به، لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدافع. (فقال له مه) أي فقال الرحمن جل وعلا للرحم: اكفف وانزجر عما تفعل. (العائذ) المعتصم والمستجير. (توليتم) من الولاية، أي وليتم الحكم وأمر الناس. وقيل: من الإعراض، أي إن أعرضتم عن قبول الحق. (تفسدوا في الأرض) بالظلم والبغي وسفك الدماء. (تقطعوا أرحامكم) تقاتلوا أقرباءكم وتقتلوهم.
٤ ‏/ ١٨٢٨
٣٢٢ – باب: تفسير سورة الفتح.
وقال مجاهد: ﴿سيماهم في وجوههم﴾ /٢٩/: السحنة، وقال منصور، عن مجاهد: التواضع. ﴿شطأه﴾ /٢٩/: فراخه. ﴿فاستغلظ﴾ /٢٩/: غلظ. ﴿سوقه﴾ /٢٩/: الساق حاملة الشجرة.
ويقال: ﴿دائرة السوء﴾ /٦/: كقولك: رجل السوء، ودائرة السوء: العذاب. ﴿تعزروه﴾ /٩/: تنصروه. ﴿شطأه﴾ شطء السنبل، تنبت الحبة عشرا، أو ثمانيا، وسبعا، فيقوى بعضه ببعض، فذاك قوله تعالى: ﴿فآزره﴾ /٢٩/: قواه، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق، وهو مثل ضربه الله للنبي صلى الله
عليه وسلم إذ خرج وحده، ثم قواه بأصحابه، كما قوى الحبة بما ينبت منها.


(الفتح) سميت بذلك لقوله تعالى في أولها: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾ أي ظاهرا. ونزلت بعد الحديبية، والمراد بالفتح فتح مكة، وعد الله تعالى به نبيه ﷺ قبل حصوله، وعبر عنه بصيغة الماضي لأنه متحقق الوقوع. وقيل: المراد به صلح الحديبية نفسه، لأنه كان سبب استقرار المسلمين وأمن الناس، فانتشر الإسلام، وأقبلت وفود القبائل
على المدينة تعلن ولاءها لرسول الله ﷺ واعتناقها لدين الله عز وجل. (بورا) جمع بائر، أي فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم، لا خير فيكم ولا تصلحون لشيء، هالكين عند الله عز وجل مستحقين لسخطه وعقابه. (سيماهم) علامتهم. (السحنة) بشرة الوجه وهيأته وحاله. (شطأه) ما خرج منه وتفرع، وهو المراد بفراخه، وقبل تفرعه يقال له نبت.
(السوء) قرأ الجمهور بفتح السين، وقرأ أبو عمرو وابن كثير: ﴿السوء﴾ بضمها.
٤ ‏/ ١٨٢٩
٣٢٣ – باب: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾ /١/.
٤ ‏/ ١٨٢٩
٤٥٥٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن زيد بن أسلم، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يسير في بعض أسفاره، وعمر ابن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله ﷺ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلت أم عمر، نزرت رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثٌ مرات، كل ذلك⦗١٨٣٠⦘
لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فسلمت عليه، فقال: (لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾).
[ر: ٣٩٤٣]
٤ ‏/ ١٨٢٩
٤٥٥٤ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾. قال: الحديبة
[ر: ٣٩٣٩]
٤ ‏/ ١٨٣٠
٤٥٥٥ – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مغفل قَالَ:
قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها. قال معاوية: لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي ﷺ لفعلت.
[ر: ٤٠٣١]
٤ ‏/ ١٨٣٠

٣٢٤ – باب: قوله: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما﴾ /٢/.


(ما تقدم من ذنبك) المراد بذنبه ﷺ ما وقع منه خلاف الأولى وخطأ في تقدير الأمر قبل نزول الوحي، كاختياره فداء الأسرة وعبوسه في وجه ابن مكتوم رضي الله عنه، ونحو ذلك، من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وحاصله: إعلاء منزلته صلى
الله عليه وسلم فوق كل منزلة. (ويتم نعمته عليك) بإعلاء دينك ونصرتك والتمكين لك ولأتباعك. (يهديك ..) يثبتك على الحق والدين المرضي.
٤ ‏/ ١٨٣٠
٤٥٥٦ – حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حدثنا زياد، هو ابن علاقة: أنه المغيرة يَقُولُ:
قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قال: (أفلا أكون عبدا شكورا).
[ر: ١٠٧٨]
٤ ‏/ ١٨٣٠
٤٥٥٧ – حدثنا الحسن بن عبد العزيز: حدثنا عبد الله بن يحيى: أخبرنا حيوة، عن أبي الأسود: سمع عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قال: (أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا). فلما كثر لحمه صلى⦗١٨٣١⦘
جالسا، فإذا أراد أن يركع، قام فقرأ ثم ركع.


(تتفطر) تتشقق. (كثر لحمه) قال العيني: وأنكر الداودي هذه اللفظة، والحديث: (فلما بدن) أي كبر، فكأن الراوي تأوله على كثرة اللحم، وقال ابن الجوزي: لم يصفه أحد بالسمن، ولقد مات وما شبع من خبز الخمير في يوم مرتين، وأحسب بعض الرواة لما رأى (بدن) ظن كثر لحمه، وليس كذلك، وإنما هو: بدن تبدينا أي اسن. هذا كلام العيني، ولعل كلمة [الخمير] مصفحة عن كلمة الشعير، لأن هذا هو المشهور. وخبز الخمير هو الخبز الذي خمر عجينه، أي غطي وترك ليصير خبزه جيدا].
٤ ‏/ ١٨٣٠
٣٢٥ – باب: ﴿إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾ /٨/.
٤ ‏/ ١٨٣١
٤٥٥٨ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بن أبي سلمة، عن هلال بن أبي هلال، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أن هذه الآية التي فِي الْقُرْآنِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾. قال في التوراة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فيفتح
بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.
[ر: ٢٠١٨]
٤ ‏/ ١٨٣١

٣٢٦ – باب: ﴿هو الذي أنزل الكينة في قلوب المؤمنين﴾ /٤/.


(السكينة) الطمأنينة والثبات.
٤ ‏/ ١٨٣١
٤٥٥٩ – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:
بينما رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يقرأ، وفرس له مربوط في الدار، فجعل ينفر، فخرج الرجل فنظر فلم ير شيئا، وجعل ينفر، فلما أصبح ذكر ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (السكينة تنزلت بالقرآن)
[ر: ٣٤١٨]
٤ ‏/ ١٨٣١

٣٢٧ – باب: ﴿إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ /١٨/.


(إذ يبايعونك ..) وكان هذا في الحديبية، وسميت بيعة، وانظر الحديث: ٣٣٨٣.
٤ ‏/ ١٨٣١
٤٥٦٠ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عمرو، عن جابر قال:
كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة.
[ر: ٣٣٨٣]
٤ ‏/ ١٨٣١
٤٥٦١ – حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل المزني:
إني ممن شهد الشجرة، نهى النبي ﷺ عن⦗١٨٣٢⦘
الخذف.
وعن عقبة بن صهبان قال: سمعت عبد الله بن المغفل المزني: في البول في المغتسل.
[٥١٦٢، ٥٨٦٦]
(شهد الشجرة) حضر البيعة تحت الشجرة في الحديبية.
(الخذف) رمي الحصاة أو النواة من بين الأصبعين أو نحو ذلك. (في البول في المغتسل) أي سمعته يروي حديثا فيه النهي عن البول في المغتسل، أي أن يبول في المكان الذي يغتسل فيه، إذا لم يكن له مسلك يجري منه الماء.
٤ ‏/ ١٨٣١
٤٥٦٢ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضحاك رضي الله عنه، وكان من أصحاب الشجرة.
[ر: ٣٩٣٨]
٤ ‏/ ١٨٣٢
٤٥٦٣ – حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي: حدثنا يعلى: حدثنا عبد العزيز ابن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت قال:
أتيت أبا وائل أسأله. فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله، فقال علي: نعم، فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصلح الذي كان بين النبي ﷺ والمشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل، أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: (بلى). قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع، ولما يحكم الله بيننا؟ فقال: (يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدا). فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل، قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ﷺ ولن يضيعه الله أبدا، فنزلت سورة الفتح.
[ر: ٣٠١٠]
٤ ‏/ ١٨٣٢
٣٢٨ – باب: تفسير سورة الحجرات.
وقال مجاهد: ﴿لا تقدموا﴾ /١/: لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ حتى يقضي الله على لسانه. ﴿امتحن﴾ /٣/: أخلص. ﴿تنابزوا﴾ /١١/: يدعى بالكفر بعد الإسلام. ﴿يلتكم﴾⦗١٨٣٣⦘
/١٤/: ينقصكم. ألتنا: نقصنا.


(لا تفتاتوا ..) من الافتيات، وهو السبق إلى الشيء والاستبداد به دون أن يستشير من له الرأي فيه، والمعنى: لا تسبقوا رسول الله ﷺ في قول أو فعل، ولا تحكموا في أمر، قبل أن يأمركم هو به أو يحكم فيه. (تنابزوا) يدعو بعضكم بعضا بلقب سوء يكرهه، ومنها أن يقال للمسلم: يا كافر. (ألتنا) يشير إلى قوله تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين﴾ /الطور: ٢١/. (اتبعتهم ذريتهم ..) حكمنا بإسلام الأولاد وإيمانهم تبعا لإسلام وإيمان الآباء. (ألحقنا بهم ..) في الأجر ودخول الجنة. (وما ألتناهم ..) ما أنقصنا الآباء شيئا من ثواب أعمالهم. (رهين) مرتهن ومحتبس في عمله.
٤ ‏/ ١٨٣٢
٣٢٩ – باب: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ الآية /٢/.
﴿تشعرون﴾ تعلمون، ومنه الشاعر.


(لا ترفعوا ..) لا تجعلوا كلامكم عاليا أكثر من كلامه، بل ينبغي أن
يكون أخفض منه. (الآية) وتتمتها: ﴿ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون﴾. (ولا تجهروا ..) لا تنادوه بصوت مرتفع كما ينادي بعضكم بعضا. (أن تحبط ..) خشية أن تبطل أعمالكم ويذهب ثوابها. (ومنه الشاعر) أي من اشتقاق يشعرون، يقال: شعرت بالشيء أي فطنت له وعلمته، وسمي قائل الشعر شاعرا لفطنته وعلمه.
٤ ‏/ ١٨٣٣
٤٥٦٤ – حدثنا يسرة بن صفوان بن جميا اللخمي: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ملكية قَالَ:
كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وعمر رضي الله عنهما، رفعا أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال: أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم﴾. الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِي أَبَا بكر.
[ر: ٤١٠٩]


(نافع بن عمر) الجمحي. (الخيران) الفاعلان للخير الكثير. (يسمع) أي إذا حدثه يخفض صوته، حتى إنه ﷺ لا يكاد يسمعه. (يستفهمه) يستوضح منه ماذا قال. (ولم يذكر ذلك) أي رفع الصوت وخفضه عند الحديث مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (أبيه)
جده أبي أمه أسماء رضي الله عنها.
٤ ‏/ ١٨٣٣
٤٥٦٥ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بن سعد: أخبرنا ابن عون قال: أنبأني موسى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته، منكسا رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ، فقد حبط⦗١٨٣٤⦘
عمله، وهو من أهل النار. فأتى الرجل النبي ﷺ فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: (اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك
من أهل الجنة).
[ر: ٣٤١٧]
٤ ‏/ ١٨٣٣

٣٣٠ – باب: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون﴾ /٤/.


(من وراء الحجرات) من خارج غرفة ﷺ، نادوه: يا محمد أخرج إلينا. (لا يعقلون) لديهم سفه ونقص في عقولهم.
٤ ‏/ ١٨٣٤
٤٥٦٦ – حدثنا الحسن بن محمد: حدثنا حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ملكية: أن عبد الله بن الزبير أخبرهم:
أنه قدم ركب من بني تميم عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلى – أو: إلا – خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله﴾. حتى انقضت الآية.
[ر: ٤١٠٩]


(فتماريا) تجادلا وتخاصما. (انقضت الآية) الظاهر من طرق الحديث أنها نزلت والتي بعدها للسبب المذكور في الحديث.
٤ ‏/ ١٨٣٤

٣٣١ – باب: قوله: ﴿ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم﴾ /٥/.


(صبروا) حبسوا أنفسهم وانتظروا. (خيرا لهم) لما يحصلون من أجر بحسن أدبهم مع رسول الله ﷺ. وهذه الترجمة بغير حديث في جميع الروايات، قال العيني: والظاهر أنه أخلى موضع الحديث: فإما لم يظفر بشيء على شرطه، أو أدركه الموت.
٤ ‏/ ١٨٣٤
٣٣٢ – باب: تفسير سورة ق
﴿رجع بعيد﴾ /٣/: رد. ﴿فروج﴾ /٦/: فتوق، واحدها فرج. ﴿من حبل الوريد﴾ /١٦/: وريداه في حلقه، والحبل: حبل العاتق.
وقال مجاهد: ﴿ما تنقص الأرض﴾ /٤/: من عظامهم. ﴿تبصرة﴾ /٨/: بصيرة. ﴿حب الحصيد﴾ /٩/: الحنطة. ﴿باسقات﴾ /١٠/: الطوال. ﴿أفعيينا﴾ /١٥/: أفأعيا علينا،⦗١٨٣٥⦘
حين أنشأكم وأنشأ خلقكم. ﴿وقال قرينه﴾ /٢٣/: الشيطان الذي قيض له. ﴿فنقبوا﴾ /٣٦/: ضربوا. ﴿أو ألقى السمع﴾ /٣٧/:
لا يحدث نفسه بغيره. ﴿رقيب عتيد﴾ /١٨/: رصد. ﴿سائق وشهيد﴾ /٢١/: الملكان: كاتب وشهيد. ﴿شهيد﴾ /٣٧/: شاهد بالقلب. ﴿لغوب﴾ /٣٨/: نصب.
وقال غيره: ﴿نضيد﴾ /١٠/: الكفرى ما دام في أكمامه، ومعناه: منضود بعضه على بعض، فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد. ﴿وإدبار النجوم﴾ /الطور: ٤٩/. ﴿وأدبار السجود﴾ /٤٠/: كان عاصم يفتح التي في (ق) ويكسر التي في (الطور)، ويكسران جميعا وينصبان.
وقال ابن عباس: ﴿يوم الخروج﴾ /٤٢/: يوم يخرجون من القبور.


(حبل الوريد) المراد بالحبل العرق، وحبل الوريد: هو العرق الذي يجري فيه الدم ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن. (العاتق) المراد العنق، أي الرقبة، ويطلق العاتق على ما بين الرقبة والمنكب. (ما تنقض ..) ما تأكل من لحومهم وعظامهم وغير ذلك من أجزاء أبدانهم. (تبصرة) بيانا وتعليما وتوضيحا. (الحصيد) ما يحصد، كالشعير والحنطة ونحوهما. (أفعيينا) أفعجزنا وتعذر علينا. (حين ..) هذه الجملة وقعت في الأصل متأخرة عن هذا الموضع، وحقها أن تذكر هنا كما ذكر الشراح، وهي تفسير لقوله تعالى: ﴿أفعيينا بالخلق الأول﴾. (بغيره) بغير القرآن حين يتلى عليه. (رقيب) حافظ. (عتيد) حاضر. (رصد) هو الذي يرصد، أي يراقب
وينظر. (سائق) يسوقها. (شهيد) يشهد عليها. (شاهد ..) حاضر يقظ. (الكفر) الطلع، وهو غلاف يشبه الكوز، ينفتح عن حب منضود، أي مضموم بعضه إلى بعض بالتساق. (عاصم) أحد القراء السبعة. (يفتح .. ويكسر) أي الهمزة، فيقرأ: ﴿إدبار النجوم﴾ و﴿أدبار السجود﴾. (يكسران) تكسر الهمزة في الموضعين. (ينصبان) أي يفتحان في الموضعين.
والإدبار – بالكسر – مصدر أدبر يدبر، والأدبار – بالفتح – جميع دبر وهو الآخر والعقب من كل شيء، والمعنيان هنا متقاربان. والمراد التسبيح عقب الصلوات، وفي وقت الصباح بعدما تغيب النجوم، وقيل: ركعتا سنة الفجر وركعتا سنة المغرب، وقيل غير ذلك.
٤ ‏/ ١٨٣٤

٣٣٣ – باب: قوله: ﴿وتقول هل من مزيد﴾ /٣٠/.


(تقول) الله تعالى أعلم بحقيقة قولها. (مزيد) زيادة.
٤ ‏/ ١٨٣٥
٤٥٦٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا حرمي بن عمارة: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(يلقى في النار وتقول: هل من مزيد، حتى يضع قدمه، فتقول: قط قط).
[٦٢٨٤ – ٦٩٤٩]
(يضع قدمه) الله تعالى أعلم بحقيقة ذلك، وقيل: المعنى: يذللها تذليل من يوضع تحت الرجل، والعرب تضرب الأمثال بالأعضاء ولا تريد أعيانها، كقولهم للنادم: يعض أصبعه، ولو لم يفعل ذلك. (قط قط) حسبي وكفاني.
٤ ‏/ ١٨٣٥

٤٥٦٨ – حدثنا محمد بن موسى القطان: حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد

⦗١٨٣٦⦘
بن يحيى بن مهدي: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رفعه، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان:
(يقال لجهنم: هل امتلأت، وتقول: هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قط قط).

٤ ‏/ ١٨٣٥
٤٥٦٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة: فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا).
[٧٠١١]
أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون ..، رقم: ٢٨٤٦.
(تحاجت) تخاصمت، والله تعالى أعلم بذلك التخاصم. (أوثرت) اختصصت. (المتجبرين) جمع متجبر، وهو المتعاظم بما ليس فيه، والذي لا يكترث بأمره. (سقطهم) الساقطون من أعين الناس والمحتقرون لديهم، لفقرهم وضعفهم وقلة منزلتهم. (من أشاء) ممن استحق العقوبة واكتسب أسبابها.
٤ ‏/ ١٨٣٦
٣٣٤ – باب: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغروب﴾ /٣٩/.
٤ ‏/ ١٨٣٦
٤٥٧٠ – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إسماعيل، عن قيس ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال:
كنا جلوسا ليلة مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَظَرَ إِلَى القمر ليلة أربع عشرة، فَقَالَ:
(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾).
[ر: ٥٢٩]
٤ ‏/ ١٨٣٦
٤٥٧١ – حدثنا آدم: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: قال ابن عباس:
أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها، يعني قوله: ﴿وأدبار السجود﴾.


(أدبار السجود) انظر الكلام عنها عند شرح الألفاظ في الباب [٣٣٢].]
٤ ‏/ ١٨٣٦
٣٣٥ – باب: تفسير سورة: ﴿والذاريات﴾ /١/.
قال علي عليه السلام: الذاريات الرياح.
وقال غيره: ﴿تذروه﴾ /الكهف: ٤٥/: تفرقه. ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ /٢١/: تأكل وتشرب في مدخل واحد، ويخرج من موضعين. ﴿فراغ﴾ /٢٦/: فرجع. ﴿فصكت﴾ /٢٩/: فجمعت أصابعها، فضربت جبهتها. والرميم: نبات الأرض إذا يبس وديس. ﴿لموسعون﴾ /٤٧/: أي
لذوو سعة، وكذلك ﴿على الموسع قدره﴾ /البقرة: ٢٣٦/: يعني القوي. ﴿خلقنا زوجين﴾ /٤٩/: الذكر والأنثى، واختلاف الألوان: حلو وحامض، فهما زوجان. ﴿ففروا إلى الله﴾ /٥٠/: معناه: من الله إليه. ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ /٥٦/: ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين إلا ليوحدون، وقال بعضهم: خلقهم ليفعلوا، ففعل بعض وترك بعض، وليس فيه حجة لأهل القدر. والذنوب: الدلو العظيم.
وقال مجاهد: ﴿صرة﴾ /٢٩/: صيحة. ﴿ذنوبا﴾ /٥٩: سبيلا. ﴿العقيم﴾: التي لا تلد.⦗١٨٣٨⦘
وقال ابن عباس: والحبك: استواؤها وحسنها. ﴿في غمرة﴾ /١١/: في ضلالتهم يتمادون.
وقال غيره: ﴿تواصوا﴾ /٥٣/: تواطؤوا. وقال: ﴿مسومة﴾ /٣٤/: معلمة، من السيما.
﴿قتل الخراصون﴾ /١٠/: لعنوا.


(الذاريات) فسرت بالرياح، لأنها تذر التراب وغيره، أي تنثره وتفرقه عند هبوبها. (وفي أنفسكم) أي دلائل على الصانع جل وعلا ووحدانيته وقدرته، ومن ذلك: أنها تأكل وتشرب … وهذا أمر عظيم وبديع. (تبصرون ..) بعين الاعتبار. (فراغ) عدل ومال. (الرميم) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم. ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم﴾ /الذاريات: ٤١، ٤٢/. (العقيم) التي لا خير فيها من إنزال مطر أو إلقاح شجر، بل هي ريح هلاك. (تذر) تترك. (وكذلك) أي وحاصل معنى هذا الأشتقاق السعة والقدرة. (الموسع) الموسر. (قدره) ما يتناسب مع قدرته من النفقة. (زوجين) صنفين ونوعين. (من الله إليه) من معصيته إلى طاعته، ومن عذابه إلى رحمته وثوابه. (الفريقين) الجن
والإنس. (خلقهم ليفعلوا) أي خلقهم ولديهم استعداد أن يوحدوا الله تعالى ويخصوه بالعبادة والطاعة، وكلفهم بذلك. (وليس فيه ..) أي المعتزلة الذين قالوا: إن إرادة الله تعالى لا تتعلق إلا بالخير، وأما الشر فليس مرادا له، واحتجوا بهذه الآية. وقولهم هذا مردود، لأن تعليل الأمر بشيء لا يلزم منه أن يكون هو أو غيره مرادا. (الذنوب) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون﴾. (للذين ظلموا) للذين كفروا من أهل مكة. (ذنوبا) هي في اللغة الدلو الكبير المملوء ماء، وفسر في الآية بالحظ والنصيب من العذاب، وبالسبيل، أي طريقا في الكفر والضلال. (أصحابهم) من سبقهم من الأمم التي أهلكها الله عز وجل وأوقع فيها العذاب. (العقيم) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وقالت عجوز عقيم﴾ /الذاريات: ٢٩/. (الحبك) يشير إلى قوله تعالى: ﴿والسماء ذات الحبك﴾ /الذاريات: ٧/. جمع حبيكة: وهي الطريقة التي تخلفها الرياح الهادئة في الرمال أو المياه، أو هي المحبوكة، أي المتقنة، من قولهم ثوب حبيك ومحبوك أي محكم النسيج، وفسرت الآية بكلا المعنيين: أي ذات الطرائق الحسنة ولكنها لا ترى من البعد، أو ذات الخلق الحسن السوي. «غمرة) غفلة وجهالة، وشبهة وعمى وضلالة. (يتمادون) يتطاولون ويبلغون الغاية في الضلالة. «تواصوا ..) أوصى بعضهم بعضا بالتكذيب واتفقوا عليه. (السيما) من السومة وهي العلامة. (الخراصون) الكذابون، وقيل:
المرتابون، وقيل: الكهنة الذين يقدرون ما لا يصح. من الخرص، وهو القول عن ظن وتخمين دون علم ويقين.
٤ ‏/ ١٨٣٧
٣٣٦ – باب: تفسير سورة: ﴿والطور﴾ /١/.
وقال قتادة: ﴿مسطور﴾ /٢/: مكتوب.
وقال مجاهد: الطور: الجبل بالسرياينية. ﴿رق منشور﴾ /٣/: صحيفة. ﴿والسقف المرفوع﴾ /٥/: سماء. ﴿المسجور﴾ /٦/: الموقد، وقال الحسن: تسجر حتى يذهب ماؤها فلا يبقى فيها قطرة.
وقال مجاهد: ﴿ألتناهم﴾ /٢١/: نقصناهم.
وقال غيره: ﴿تمور﴾ /٩/: تدور. ﴿أحلامهم﴾ /٣٢/: العقول.
وقال ابن عباس: ﴿البر﴾ /٢٨/: اللطيف. ﴿كسفا﴾ /٤٤/: قطعا. ﴿المنون﴾ /٣٠/: الموت.
وقال غيره: ﴿يتنازعون﴾ /٢٣/: يتعاطون.


(والطور) اسم للجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام، وقيل: الطور الجبل مطلقا، وغلب على طور سيناء. (رق) هو الجلد الذي يكتب عليه، وقيل: المراد اللوح المحفوظ، وقيل غير ذلك. (منشور) مبسوط مفتوح لائح للأنظار. (السقف ..) السماء، سميت بذلك لأنها للأرض كالسقف للبيت. (المسجور) المملوء، من سجر النهر إذا ملأه، أو الموقد من سجرت التنور إذا أوقدتها وملأتها وقودا، وعليه تفسير الحسن البصري رحمه الله تعالى. (ألتناهم) انظر الباب (٣١٧). (تمور) تموج وتضطرب. (البر) المحسن الذي عم إحسانه جميع خلقه. (قطعا) جزءا.
٤ ‏/ ١٨٣٨
٤٥٧٢ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي إلى جنب البيت، يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
[ر: ٤٥٢]
٤ ‏/ ١٨٣٩
٤٥٧٣ – حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان قال: حدثوني عن الزهري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أبيه رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون﴾. كاد قلبي أن يطير.
قال سفيان: فأما أنا، فإنما سمعت الزهري يحدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أبيه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ في المغرب بالطور. لم أسمعه زاد الذي قالوا لي.
[ر: ٧٣١]


(لا يوقنون) لا يصدقون، وإنما يكابرون ويعاندون. (عندهم خزائن ربك) يملكون خزائن الله تعالى، من الرزق والنبوة وغيرهما، فيخصون من شاؤوا بما شاؤوا. (المسيطرون) الجبارون المتسلطون /الطور: ٣٦، ٣٧/. (كاد قلبي أن يطير) قارب قلبي الطيران، لما سمع هذه الآية، مما تضمنته من بليغ الحجة. والقائل هو جبير بن مطعم رضي الله عنه، وكان سماعه لهذه الآية من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام.
٤ ‏/ ١٨٣٩
٣٣٧ – باب: تفسير سورة ﴿والنجم﴾ /١/.
وقال مجاهد: ﴿ذو مرة﴾ /٦/: ذو قوة. ﴿قاب قوسين﴾ /٩/: حيث الوتر من القوس. ﴿ضيزى﴾ /٢٢/: عوجاء. ﴿وأكدى﴾ /٣٤/: قطع عطاءه. ﴿رب الشعرى﴾ /٤٩/: هو مرزم الجوزاء. ﴿الذي وفى﴾ /٣٧/: وفى ما فرض عليه. ﴿أزفت الآزفة﴾ /٥٧/: اقتربت الساعة. ﴿سامدون﴾ /٦١/: البرطمة، وقال عكرمة: يتغنون، بالحميرية.
وقال إبراهيم: ﴿أفتمارونه﴾ /١٢/: أفتجادلونه، ومن قرأ: ﴿أفتمرونه﴾ يعني أفتجحدونه.⦗١٨٤٠⦘
﴿ما زاغ البصر﴾ /١٧/: بصر محمد ﷺ. ﴿وما طغى﴾ ولا جاوز ما رأى. ﴿فتماروا﴾ /القمر: ٣٦/: كذبوا.
وقال الحسن: ﴿إذ هوى﴾ /١/: غاب.
وقال ابن عباس: ﴿أغنى وأقنى﴾ /٤٨/: أعطى فأرضى.


(قاب ..) قدر قرب الوتر من القوس. (ضيزى) غير عادلة. (أكدى) أصله من الكدية وهي حجر يظهر في البئر فيمنع من الحفر ويوئس من الماء. (مرزم ..) الكوكب الذي يطلع وراء الجوزاء. (الآزفة) الموصوفة بالقرب. (سامدون) لاهون لاعبون غافلون. (البرطمة) وفي نسخة (البراطمة) ومعناها الإعراض مع الغضب، قال ابن عيينة: البرطمة هكذا، ووضع ذقنه في صدره. [عيني]. (بالحميرية) لغة تخالف اللغة العربية في كثير من ألفاظها. (أفتمرونه) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف ويعقوب. (ما زاغ) ما مال وما عدل عما أمر برؤيته من العجائب ومكن منه. (ما طغى) ما زاد وما تجاوز الحد. (هوى) سقط للغروب. (أقنى) أعطى القنية، وهي أصول الأموال وما يدخر بعد الكفاية، وقيل غير ذلك].
٤ ‏/ ١٨٣٩
٤٥٧٤ – حدثنا يحيى: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق قال:
قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد ﷺ ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث، من حدثكهن فقد كذب: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت: ﴿لا تركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾. ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب﴾. ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: ﴿يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾. الآية، ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.
[ر: ٣٠٦٢]


(قف شعري) قام من الفزع والخوف من هيبة الله عز وجل. (أين أنت) أين فهمك. (من ثلاث) من استحضار ثلاثة أشياء ينبغي أن لا تغيب عنك. (لا تدركه) لا تحيط به، وفهمت عائشة رضي الله عنها من هذا نفي الرؤية /الأنعام: ١٠٣/. (وحيا) بأن يلقي في روعه – نفسه – أو رؤيا في المنام، ورؤيا الأنبياء حق. (من وراء حجاب) أي يكلمه من غير واسطة بحيث يسمع كلامه ولا يراه /الشورى: ٥١/. (تكسب غدا) ما يقع منها ولها في اليوم الذي يلي يومها، أو في مستقبل الزمان /لقمان: ٣٤/
٤ ‏/ ١٨٤٠
٣٣٨ – باب: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى﴾ /٩/. حيث الوتر من القوس.
٤ ‏/ ١٨٤٠
٤٥٧٥ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ زرا عن عبد الله:
﴿فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾. قال: حدثنا ابن مسعود: أنه رأى جبريل له ستمائة جناح.
[ر: ٣٠٦٠]
٤ ‏/ ١٨٤٠
٣٣٩ – باب: قوله: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ /١٠/.
٤ ‏/ ١٨٤١
٤٥٧٦ – حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ الشيباني قال:
سألت زرا؟؟ عن قوله تعالى: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾. قال: أخبرنا عبد الله: أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى جبريل له ستمائة جناح.
[ر: ٣٠٦٠]
٤ ‏/ ١٨٤١
٣٤٠ – باب: ﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ /١٨/.
٤ ‏/ ١٨٤١
٤٥٧٧ – حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾. قال: رأى رفرفا أخضر قد سد الأفق.
[ر: ٣٠٦١]
٤ ‏/ ١٨٤١
٣٤١ – باب: ﴿أفرأيتم اللات والعزى﴾ /١٩/.
٤ ‏/ ١٨٤١
٤٥٧٨ – حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبو الأشهب: حدثنا أبو الجوزاء، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
فِي قوله: ﴿اللات والعزى﴾ كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.


(العزى) شجرة لغطفان كانوا يعبدونها /النجم: ١٩/. (رجلا) أي كان نصبا أقيم في الأصل إحياء لذكرى ذاك الرجل، ثم عبد كباقي الأصنام. (يلت ..) يخلطه بالعسل ونحوه. (سويق) هو دقيق الحنطة أو الشعير.
٤ ‏/ ١٨٤١
٤٥٧٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد: أخبرنا هشام بن يوسف: أخبرنا معمر، عن الزهري، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(مَنْ حَلَفَ فقال في حلفه: واللات وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق).
[٥٧٥٦، ٥٩٤٢، ٦٢٧٤]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: من حلف باللات والعزى …، رقم: ١٦٤٧.
(حلفه) يمينه. (فليقل) فليتدارك نفسه وليقل كلمة التوحيد، بعد أن بدر منه ما ظاهره الشرك.
(أقامرك) ألعب معك القمار، وهو: أن يتغالب اثنان فأكثر، في قول أو فعل، على أن يكون للغالب جعل معين من مال ونحوه، وهو حرام بالإجماع. (فليتصدق) ليكفر ذنب ما تكلم به من المعصية، فضلا عن الفعل.
٤ ‏/ ١٨٤١
٣٤٢ – باب: ﴿ومناة الثالثة الأخرى﴾ /٢٠/.
٤ ‏/ ١٨٤١

٤٥٨٠ – حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا الزهري: سمعت عروة: قلت

⦗١٨٤٢⦘
لعائشة رضي الله عنها، فقالت:
إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصفا والمروة من شعائر الله﴾. فطاف رسول الله ﷺ والمسلمون.
قال سفيان: مناة بالمشلل من قديد.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شهاب. قال عروة: قالت عائشة: نزلت في الأنصار، كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة، مثله.
وقال مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة، ومناة صنم بين مكة والمدينة، قالوا يا نبي الله، كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، نحوه.
[ر: ١٥٦١]

٤ ‏/ ١٨٤١
٣٤٣ – باب: ﴿فاسجدوا لله واعبدوا﴾ /٦٢/.
٤ ‏/ ١٨٤٢
٤٥٨١ – حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
سجد النبي ﷺ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ.
تابعه ابن طهمان، عن أيوب، ولم يذكر ابن علية ابن عباس.
[ر: ١٠٢١]


(سجد …) عند الانتهاء من قراءتها. (المشركون) سجدوا معارضة للمسلمين إذ إنهم سجدوا لمعبودهم، أو أنهم سجدوا بلا قصد، أو خافوا من مخالفة المسلمين في ذاك المجلس. (الجن والإنس) أي لم يكن السجود خاصا بالإنس بلا قصد.
٤ ‏/ ١٨٤٢
٤٥٨٢ – حدثنا نصر بن علي: أخبرني أبو أحمد: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
أول سورة أنزلت فيها سجدة ﴿والنجم﴾ قال: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وسجد من خلفه إلا رجلا، رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف.
[ر: ١٠١٧]
٤ ‏/ ١٨٤٢
٣٤٤ – باب: تفسير سورة (القمر): ﴿اقتربت الساعة﴾ /١/.
قال مجاهد: ﴿مستمر﴾ /٢/: ذاهب. ﴿مزدجر﴾ /٤/: متناه. ﴿وازدجر﴾ /٩/:⦗١٨٤٣⦘
فاستطير جنونا. ﴿دسر﴾ /١٣/: أضلاع السفينة. ﴿لمن كان كفر﴾ /١٤/: يقول: كفر له جزاء من الله. ﴿محتضر﴾ /٢٨/: يحضرون الماء.
وقال ابن جبير: ﴿مهطعين﴾ /٨/: النسلان: الخبب السراع.
وقال غيره: ﴿فتعاطى﴾ /٢٩/: فعاطها بيده فعقرها. ﴿المحتظر﴾ /٣١/: كحظار من الشجر محترق. ﴿ازدجر﴾ /٩/: افتعل من زجرت. ﴿كفر﴾ /١٤/: فعلنا به وبهم ما فعلنا جزاء لما صنع بنوح وأصحابه. ﴿مستقر﴾ /٣/: عذاب حق. يقال: الأشر المرح والتجبر.


(مستمر) دائم عام مطرد، ومحكم قوي. (متناه) غاية في الزجر. (ازدجر) زجروه عن دعوته بالشتم وهددوه بالقتل. (فاستطير ..) صرع. (دسر) قيل: جمع دسار وهو المسمار، وقيل: الدسر صدر السفينة، وقيل غير ذلك. (كفر له …) حاصل المعنى: أن الله تعالى أغرق من أغرق جزاء لهم لكفرهم بنوح عليه السلام، ونجى نوحا عليه السلام ومن معه جزاء على صبرهم وتحملهم. (محتضر) يحضر القوم يوم شربهم. (مهطعين) مسرعين، من الإهطاع، وفسره بالنسلان، وفسر النسلان بالخبب وهو نوع من العدو، ووصفه بالسراع من المسارعة.
(فعاطها) فتناولها. (فعقرها) قطع إحدى قوائمها لتسقط على الأرض ويتمكن من ذبحها. (كحظار) هو ما يحظر للغنم ونحوه، كالحظيرة. (الأشر) يشير إلى قوله تعالى: ﴿أألقي عليه الذكر من بيننا بل هو كذاب أشر﴾ /القمر: ٢٥/. (الذكر) الوحي وما نزل به. (أشر بطر متكبر يريد أن يتعاظم علينا. (المرح) العجب والاختيال.
٤ ‏/ ١٨٤٢

٣٤٥ – باب: ﴿وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا﴾ /١، ٢/.


(آية) معجزة وأمرا خارقا للعادة، تأييد لرسول الله ﷺ فيما يدعو إليه.
٤ ‏/ ١٨٤٣
٤٥٨٣ – حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبة، وسفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال:
انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اشهدوا).
٤ ‏/ ١٨٤٣
٤٥٨٤ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أخبرنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله قال:
انشق القمر وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فصار فرقتين، فقال لنا: (اشهدوا اشهدوا).
[ر: ٣٤٣٧]
٤ ‏/ ١٨٤٣
٤٥٨٥ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ، عن جعفر، عن عراك بن مالك، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
انشق⦗١٨٤٤⦘
القمر فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٤٣٩]
٤ ‏/ ١٨٤٣
٤٥٨٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن محمد: حدثنا شيبان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
سأل أهل مكة أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر.
٤ ‏/ ١٨٤٤
٤٥٨٧ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قتادة، عن أنس قال:
انشق القمر فرقتين.
[ر: ٣٤٣٨]
٤ ‏/ ١٨٤٤
٣٤٦ – باب: ﴿تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر. ولقد تركناها آية فهل من مدكر﴾ /١٤، ١٥/.
قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الامة.


(بأعيننا) بحفظنا وأمرنا وعلى مرأى منا. (آية) عبرة وعظة. (مدكر) متعظ معتبر.
٤ ‏/ ١٨٤٤
٤٥٨٨ – حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يقرأ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: ما يتعلق بالقراءات، رقم: ٨٢٣.
٤ ‏/ ١٨٤٤
٣٤٧ – باب: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ /١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠/.
قال مجاهد: يسرنا: هونا قراءته.


(للذكر) للحفظ، والتفكر فيه والاعتبار به.
٤ ‏/ ١٨٤٤
٤٥٨٩ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّهُ كَانَ يقرأ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]
٤ ‏/ ١٨٤٤

٣٤٨ – باب: ﴿أعجاز نخل منقعر. فكيف كان عذابي ونذر﴾ /٢٠، ٢١/.


(أعجاز ..) جمع عجز وهو مؤخر الشيء، وأعجاز النخل: أصولها، ومنقعر: منقلع عن مغارسه، وهو تشبيه لأجسادهم التي انقطعت رؤوسها وتمددت على الأرض جثثا هامدة. (نذر) إنذاري بالعذاب.
٤ ‏/ ١٨٤٤
٤٥٩٠ – حدثنا أبو نعيم: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق:
أنه سمع رجلا سأل الأسود: ﴿فهل من مدكر﴾ أو ﴿مذكر﴾؟ فقال: سمعت عبد الله يقرؤها: ﴿فهل من مدكر﴾. قال: وسمعت النبي ﷺ يقرؤها: ﴿فهل من مدكر﴾. دالا.
[ر: ٣١٦٣]
٤ ‏/ ١٨٤٤

٣٤٩ – باب: ﴿فكانوا كهشيم المحتظر. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ /٣١، ٣٢/.


(كهشيم …) الشجر اليابس المنكسر والمتخلف مما جمعه صاحب الحظيرة، أي المحتظر وهو صانع الحظيرة، وهي البناء المتخذ من الشجر، لتقي الإبل والدواب البرد والريح.
٤ ‏/ ١٨٤٥
٤٥٩١ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النبي ﷺ قرأ:
﴿فهل من مدكر﴾. الآية.
[ر: ٣١٦٣]
٤ ‏/ ١٨٤٥

٣٥٠ – باب: ﴿ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر. فذوقوا عذابي ونذر﴾ إلى: ﴿فهل من مدكر﴾ /٣٨ – ٤٠/.


(صبحهم بكرة) جاءهم وقت الصبح أول النهار. (مستقر) عام ودائم، يستقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة. (إلى) وتتمتها: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر﴾.
٤ ‏/ ١٨٤٥
٤٥٩٢ – حدثنا محمد: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قرأ:
﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]
٤ ‏/ ١٨٤٥

٣٥١ – باب: ﴿ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر﴾ /٥١/.


(أشياعكم) أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم السالفة.
٤ ‏/ ١٨٤٥
٤٥٩٣ – حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بن يزيد، عن عبد الله قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿فهل من مذكر﴾. فقال النبي ﷺ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]
٤ ‏/ ١٨٤٥

٣٥٢ – باب: قوله: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ /٤٥/.


(الجمع) كفار مكة الذين ادعوا أنهم جماعة أمرها مجتمع فلا تهزم. (يولون الدبر) يعطون ظهورهم وهم منهزمون.
٤ ‏/ ١٨٤٥
٤٥٩٤ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابن عباس. وحدثني محمد: حدثنا عفان بن مسلم، عن وهيب: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال وهو في قبة يوم بدر:
(اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم). فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك، وهو يثب في الدرع، فخرج وهو يقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾.
[ر: ٢٧٥٨]
٤ ‏/ ١٨٤٥
٣٥٣ – باب: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾ /٤٦/.
يعني من المرارة.
٤ ‏/ ١٨٤٦
٤٥٩٥ – حدثنا إبراهيم بن موسى: حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قال: أخبرني يوسف بن ماهك قال:
إني عند عائشة أم المؤمنين، قالت: لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة، وإني لجارية ألعب: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرا﴾.
[٤٧٠٧]
(لجارية) حديثة السن. (الساعة) يوم القيامة. (موعدهم) موعد عذابهم. (والساعة) أي عذابها. (أدهى) أشد وأفظع. (أمر) أعظم بلية وأشد مرارة من الهزيمة والقتل والأسر في الدنيا. /القمر: ٤٦/.
٤ ‏/ ١٨٤٦
٤٥٩٦ – حدثني إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن النبي ﷺ قال، وهو في قبة له يوم بدر:
(أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا). فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو في الدرع، فخرج وهو يقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾.
[ر: ٢٧٥٨]


(خالد عن خالد) الأول هو ابن الطحان، والثاني هو ابن مهران الحذاء.
٤ ‏/ ١٨٤٦
٣٥٤ – باب: تفسير سورة الرحمن.
وقال مجاهد: ﴿بحسبان﴾ /٥/: كحسبان الرحى.
وقال غيره: ﴿وأقيموا الوزن﴾ /٩/: يريد لسان الميزان. والعصف: بقل الزرع إذا قطع منه شيء قبل أن يدرك فذلك العصف، والريحان: رزقه والحب الذي يؤكل منه، والريحان: في كلام العرب الرزق. وقال بعضهم: والعصف يريد: المأكول من الحب، والريحان: النضيج الذي لم يؤكل. وقال غيره: العصف ورق الحنطة. وقال الضحاك: العصف التبن. وقال أبو مالك: العصف أول ما ينبت، تسميه النبط: هبورا. وقال مجاهد:⦗١٨٤٧⦘
العصف ورق الحنطة، والريحان الرزق، والمارج: اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.
وقال بعضهم عن مجاهد: ﴿رب المشرقين﴾ /١٧/: للشمس: في الشتاء مشرق، ومشرق في الصيف ﴿ورب المغربين﴾ مغربها في الشتاء والصيف. ﴿لا يبغيان﴾ /٢٠/: لا يختلطان. ﴿المنشآت﴾ /٢٤/: ما رفع قلعه من السفن، فأما ما لم يرفع قلعه فليس بمنشأة.
وقال مجاهد: ﴿كالفخار﴾ /١٤/: كما يصنع الفخار. الشواظ: لهب من نار. ﴿ونحاس﴾ /٣٥/: الصفر يصب على رؤوسهم، فيعذبون به. ﴿خاف مقام ربه﴾ /٤٦/: يهم بالمعصية فيذكر الله عز وجل فيتركها. ﴿مدهامتان﴾ /٦٤/: سوداوان من الري. ﴿صلصال﴾ /١٤/: طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار، ويقال: منتن، يريدون به: صل، يقال: صلصال، كما يقال: صر الباب عند الإغلاق وصرصر، مثل: كبكبته يعني كببته. ﴿فاكهة ونخل ورمان﴾ /٦٨/: وقال بعضهم: ليس الرمان والنخل بالفاكهة، وأما العرب فإنها تعدها فاكهة، كقوله عز وجل: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ /البقرة: ٢٣٨/: فأمرهم بالمحافظة على كل الصلوات، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كما أعيد النخل والرمان، ومثلها: ﴿ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض﴾ /الحج: ١٨/: ثم قال: ﴿وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب﴾ /الحج: ١٨/: وقد ذكرهم الله عز وجل في أول قوله: ﴿من في السماوات ومن في الأرض﴾.
وقال غيره: ﴿أفنان﴾ /٤٨/: أغصان. ﴿وجنى الجنتين دان﴾ /٥٤/: ما يجتنى قريب.⦗١٨٤٨⦘
وقال الحسن: ﴿فبأي آلاء﴾ /١٣/: نعمه.
وقال قتادة: ﴿ربكما﴾ /١٣/: يعني الجن والإنس.
وقال أبو الدرداء: ﴿كل يوم هو في شأن﴾ /٢٩/: يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين.
وقال ابن عباس: ﴿برزخ﴾ /٢٠/: حاجز. الأنام: الخلق. ﴿نضاختان﴾ /٦٦/: فياضتان. ﴿ذو الجلال﴾ /٧٨/: ذو العظمة.
وقال غيره: ﴿مارج﴾ /١٥/: خالص من النار، يقال: مرج الأمير رعيته إذا خلاهم يعدو بعضهم على بعض، من مرجت دابتك تركتها، ويقال: مرج أمر الناس: ﴿مريج﴾ /ق: ٥/: ملتبس. ﴿مرج﴾ /١٩/: اختلط البحران. ﴿سنفرغ لكم﴾ /٣١/: سنحاسبكم، لا يشغله شيء عن شيء، وهو معروف في كلام العرب، يقال: لأتفرغن لك، وما به شغل، يقول: لآخذنك على غرتك.


(بحسبان) بحساب معلوم وتقدير سوي، يجريان في بروجهما ومنازلهما، وفي ذلك من تحقيق المنافع للناس ما فيه. (كحسبان الرحى) هو ما يدور حجر الرحى – أي الطاحونة – بدورانه، أي يدوران بحركة مقدرة ومنتظمة. (أقيموا …) ليكن وزنكم عادلا وتاما. (العصف .. الريحان .. الحب) هذه الألفاظ واردة في قوله تعالى: ﴿والحب ذو العصف والريحان﴾ /الرحمن: ١٢/. (رزقه) تقول العرب: خرجنا نطلب ريحان الله، أي رزقه. وفي نسخة (ورقه). (النضيج) الذي أدرك وبلغ الغاية في النضج. (التبن) ما تهشم من سيقان القمح والشعير بعد درسه، تعلفه الماشية، ويستعمل في الطين. (أبو مالك) قيل: اسمه غزوان، وهو كوفي تابعي ثقة. (النبط) هم أهل الفلاحة من الأعاجم. (هبورا) معناه بالنبطية: دقاق الزرع. (المارج) تفسير لقوله تعالى: ﴿وخلق الجان من مارج من نار﴾ /الرحمن: ١٥/. (قلعه) شراعه. (الفخار) الطين المطبوخ بالنار. (الشواظ) يفسر قوله تعالى: ﴿يرسل عليكما شواظ من نار﴾ /الرحمن: ٣٥/.
(من الري) السقي، فتشتد خضرته، والخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد. (صلصل) أخرج صوتا إذا ضرب أو مسته الرياح. (صل) يقال: صل اللحم يصل صلولا إذا أنتن، مطبوخا كان أم نيئا. (يقال صلصال ..) أي يضاعف صل فيقال صلصل، كما يضاعف صر فيقال صرصر،
وكب فيقال كبكب. (صر) صوت. (كببته) ألقيته لوجهه. (كقوله …) حاصله: أن عطف النخل والرمان على فاكهة من باب عطف الخاص على العام، كما عطفت الصلاة الوسطى على الصلوات، وكثير من الناس على من في الأرض. (ما يجتنى) ما يؤخذ من ثمارها.
(يعني الجن ..) هو تفسير للضمير في ربكما. (الأنام) يفسر قوله تعالى: ﴿والأرض وضعها للأنام﴾ /الرحمن: ١٠/. (نضاختان) أصل النضخ الرش، أي ممتلئتان تفيضان بالماء لا تنقطعان. (ذو الجلال) قرأ شامي بالرفع على أنه صفة لاسم، وقرأ غيره: ﴿ذي الجلال﴾ بالجر على أنه صفة لرب. (خلاهم) تركهم. (يعدو) يستطيل ويظلم. (من مرجت …) هذه الجملة متأخرة في الأصل عن هذا الموضع، والأولى وضعها هنا، كما ذكر الشراح. (مرج) اختلط واضطرب. (لا يشغله …) هو بيان أن المقصود: سنفرغ لكم سنحاسبكم لأنه تعالى لا يشغله شيء، وقيل: هو تهديد ووعيد من الله عز وجل، كقول القائل: لأتفرغن … (غرتك) على غفلة منك.
٤ ‏/ ١٨٤٦
٣٥٥ – باب: قوله: ﴿ومن دونهما جنتان﴾ /٦٢/.
٤ ‏/ ١٨٤٨
٤٥٩٧ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي: حدثنا أبو عمران الجوني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ في جنة عدن).
[ر: ٣٠٧١]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، رقم: ١٨٠.
(آنيتهما) أوعيتهما. (وما فيهما) من الأشياء التي يرتفق بها. (القوم) المسلمون الذين دخلوا الجنة. (رداء الكبر على وجهه) الله تعالى أعلم بهذا، أو كناية عن عظمة ذاته سبحانه. (جنة عدن) إقامة واستقرار واطمئنان.
٤ ‏/ ١٨٤٨
٣٥٦ – باب: ﴿حور مقصورات في الخيام﴾ /٧٢/.
وقال ابن عباس: حور: سود الحدق. وقال مجاهد: مقصورات: محبوسات، قصر طرفهن وأنفسهن على أزواجهن. ﴿قاصرات﴾ /٥٦/: لا يبغين غير أزواجهن.


(الحدق) جمع حدقة، أي حدقة العين. (قاصرات) الطرف، نساء قصرت أبصارهن على أزواجهن، فلا ينظرون إلى غيرهم.
٤ ‏/ ١٨٤٩
٤٥٩٨ – حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد: حدثنا أبو عمران الجوني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال:
(إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون، وجنتان مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كذا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ على وجهه في جنة عدن).
[ر: ٣٠٧١]
٤ ‏/ ١٨٤٩
٣٥٧ – باب: تفسير سورة الواقعة.
وقال مجاهد: ﴿رجت﴾ /٤/: زلزلت. ﴿بست﴾ /٥/: فتت ولتت كما يلت السويق. المخضود: الموقر حملا، ويقال أيضا: لا شوك له. ﴿منضود﴾ /٢٩/: الموز. والعرب: المحببات إلى أزواجهن. ﴿ثلة﴾ /١٢، ٣٩، ٤٠/: أمة. ﴿يحموم﴾ /٤٣/: دخان أسود. ﴿يصرون﴾ /٤٦/: يديمون. ﴿الهيم﴾ /٥٥/: الإبل الظماء. ﴿لمغرمون﴾ /٦٦/: لملزمون. ﴿فروح﴾⦗١٨٥٠⦘
/٨٩/: جنة ورخاء. ﴿وريحان﴾ /٨٩/: الرزق. ﴿وننشئكم فيما لا تعلمون﴾ /٦١/: في أي خلق نشاء.
وقال غيره: ﴿تفكهون﴾ /٦٥/: تعجبون. ﴿عربا﴾ /٣٧/: مثقلة، واحدها عروب، مثل صبور وصبر، يسميها أهل مكة العربة، وأهل المدينة الغنجة، وأهل العراق الشكلة.
وقال في: ﴿خافضة﴾ /٣/: لقوم إلى النار. ﴿رافعة﴾ /٣/: إلى الجنة. ﴿موضونة﴾ /١٥/: منسوجة، ومنه: وضين الناقة. والكوب: لا آذان له ولا عروة. والأباريق: ذوات الآذان والعرى. ﴿مسكوب﴾ /٣١/: جار. ﴿وفرش مرفوعة﴾ /٣٤/: بعضها فوق بعض. ﴿مترفين﴾ /٤٥/: متنعمين.
﴿ما تمنون﴾ /٥٨/: هي النطفة في أرحام النساء. ﴿للمقوين﴾ /٧٣/: للمسافرين، والقي القفز. ﴿بمواقع النجوم﴾ /٧٥/: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النجوم إذا سقطن، ومواقع وموقع واحد. ﴿مدهنون﴾ /٨١/: مكذبون، مثل: ﴿لو تدهن فيدهنون﴾ /القلم: ٩/. ﴿فسلام لك﴾ /٩١/: أي مسلم لك: إنك من أصحاب اليمين، وألغيت إن وهو معناها، كما تقول: أنت مصدق، مسافر عن قليل، إذا كان قد قال: إني مسافر عن قليل، وقد يكون كالدعاء له، كقولك: فسقيا من الرجال، إن رفعت السلام، فهو من الدعاء.⦗١٨٥١⦘
﴿تورون﴾ /٧١/: تستخرجون، أوريت: أوقدت. ﴿لغوا﴾ /٢٥/: باطلا. ﴿تأثيما﴾ /٢٥/: كذبا.


(رجت) حركت تحريكا شديدا واهتزت واضطربت، وأصل الرج التحريك. (بست ..) صارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول. وقيل: سيقت، من بس الغنم إذا ساقها. (المخضود) يشير إلى قوله تعالى: ﴿في سدر مخضود﴾ /الواقعة: ٢٨/: أي شجر لا شوك فيه، من الخضد وهو القطع، فكأنه قطع شوكه فقيل له: مخضود، وفسر بالموقر حملا: أي الممتلئ ثمرا. (منضود) قد نض بالحمل المتراكم من أسفله إلى أعلاه بحيث لا يظهر له ساق، وقوله (الموز) تفسير للطلح في قوله تعالى: ﴿وطلح منضود﴾. وقيل: الطلح شجر له ظل بارد ورائحته طيبة. (العرب) من قوله تعالى: ﴿عربا أترابا﴾ /الواقعة: ٣٧/: جمع عروب وعروبة، وأترابا: جمع ترب، وهن المستويات في السن. (ثلة) فرقة وجماعة. (لمغرمون) قيل: من الغرام وهو العذاب. (فروح) فراحة، وفسر بالجنة لأن فيها الراحة للمؤمنين. (ريحان) مستراح، وفسر بالرزق لأن العرب تقول: خرجنا نطلب ريحان الله أي رزقه. (لا تعلمون) من الصور والصفات والأخلاق. (تعجبون) مما نزل بكم في زرعكم، وقيل: (تفكهون) تندمون وتحزنون على ما فاتكم، وتفكه من الأضداد، يقال: تفكه تنعم، وتفكه حزن. (عربا مثقلة) أي مضمومة الراء وليست مخففة بتسكينها. وعرب جمع عروب، وهي المتحببة لزوجها المبينة له عن ذلك أو العاشقة له. (خافضة) أي يوم القيامة، من الخفض وهو الحط من العلو. (موضونة) منسوجة بالذهب، ومشبكة بالدر والياقوت، وقيل: مصفوفة. (وضين الناقة) هو بطان منسوج بعضه على بعض،
يشد به الرحل على البعير كالحزام للسرج. (الكوب … والأباريق) يشير إلى قوله تعالى: ﴿بأكواب وأباريق وكأس من معين﴾ /الواقعة: ١٨/: خمر تجري من عيون لا تنقطع، والآذان هي الحلق التي تمسك منها، وكذلك العرى. (مسكوب) مصبوب، يجري دائما دون انقطاع. (القفر) الأرض الخالية، البعيدة من العمران والأهلين. (مواقع النجوم) منازلها، وفسر بمحكم القرآن، وهو ما ثبت منه واستقر ولم ينسخ، لأنه نزل منجما، أي مفرقا. (تدهن) تلين فيما تدعو إليه وتتساهل، أو تظهر خلاف ما تبطن مصانعة لهم وتقربا. (وهو معناها) أي معناها مراد وإن حذفت. (قليل) قريب. (له) أي لمن خاطبه من أصحاب اليمين. (إن رفعت ..) وهو مرفوع، ولم يقرأ منصوبا، وذكره لبيان أن السلام يكون دعاء بالرفع، بخلاف سقيا فإنه يكون
دعاء بالنصب. (تستخرجون) من الزناد، وهو نوع من الشجر إذا ضرب ببعضه أخرج شررا توقد النار.
٤ ‏/ ١٨٤٩

٣٥٨ – باب: قوله: ﴿وظل ممدود﴾ /٣٠/.


(ممدود) ممتد منبسط دائم لا تنسخه شمس.
٤ ‏/ ١٨٥١
٤٥٩٩ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
(إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شجرة، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لَا يقطعها، واقرؤا إن شئتم: ﴿وظل ممدود﴾).
[ر: ٣٠٨٠]
٤ ‏/ ١٨٥١
٣٥٩ – باب: تفسير سورة الحديد.
قال مجاهد: ﴿جعلكم مستخلفين﴾ /٧/: معمرين فيه. ﴿من الظلمات إلى النور﴾ /٩/: من الضلالة إلى الهدى. ﴿فيه بأس شديد ومنافع للناس﴾ /٢٥/: جنة وسلاح. ﴿مولاكم﴾ /١٥/: أولى بكم. ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب﴾ /٢٩/: ليعلم أهل الكتاب، يقال: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كل شيء علما. ﴿أنظرونا﴾ /١٣/: انتظرونا.


(مستخلفين) فيه من الأموال، التي هي في الحقيقة أموال الله تعالى، لأنه منشئها والخالق لها، وأنتم خلفاء عنه في التصرف بها. (معمرين) مملكين. (بأس) قوة. (منافع …) مما يستعملونه في مصالحهم ومعايشهم، إذ هو آلة لكل صنعة. (جنة) ستر ووقاية أثناء الحروب، إذ تصنع منه الدروع. (يقال الظاهر …) يفسر قوله تعالى: ﴿هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم﴾ /الحديد: ٣/. (أنظرونا) قرأ حمزة والأعمش ويحيى بن وثاب بقطع الألف وكسر الظاء، وقرأ غيرهم بالوصل وضم الظاء.
٤ ‏/ ١٨٥١
٣٦٠ – باب: تفسير سورة المجادلة.
وقال مجاهد: ﴿يحادون﴾ /٢٠/: يشاقون الله. ﴿كبتوا﴾ /٥/: أخزوا، من الخزي. ﴿استحوذ﴾ /١٩/: غلب.


(المجادلة) أي التي تذكر فيها قصة المرأة التي جادلت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَيُّ حاورته في شأنها، وهي خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنهما، وكان قد ظاهر منها، أي قال لها: أنت كظهر أمي، وكان هذا يعد طلاقا، فنزل فيها قوله تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله …﴾. (يشاقون الله) يعادونه بمخالفة أمره. (الخزي) وهو الذل والإهانة. (استحوذ) استولى.
٤ ‏/ ١٨٥١
٣٦١ – باب: تفسير سورة الحشر.
﴿الجلاء﴾ /٣/: الإخراج من أرض إلى أرض.
٤ ‏/ ١٨٥٢
٤٦٠٠ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن سليمان: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال:
قلت لابن عباس: سورة التوبة، قال: التوبة هي الفاضحة، ما زلت تنزل، ومنهم ومنهم، حتى ظنوا أنها لن تبقي أحدا منهم إلا ذكر فيها، قال: قلت: سورة الأنفال، قال: نزلت في بدر، قال: قلت: سورة الحشر، قال: نزلت في بني النضير.


أخرجه مسلم في التفسير، باب: في سورة براءة والأنفال والحشر، رقم: ٣٠٣١.
(الفاضحة) سميت بذلك لأنها فضحت المنافقين وكشفت معايبهم.
٤ ‏/ ١٨٥٢
٤٦٠١ – حدثنا الحسن بن مدرك: حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد قال:
قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الحشر، قال: قل: سورة النضير.
[ر: ٣٨٠٥]


(قل سورة النضير) قال العيني: كأنه كره تسميتها بالحشر، لكي لا يظن أن المراد بالحشر يوم القيامة. إذ المراد هنا إخراج بني النضير.
٤ ‏/ ١٨٥٢
٣٦٢ – باب: ﴿ما قطعتم من لينة﴾ /٥/.
نخلة، ما لم تكن عجوة أو برنية.


(ما لم تكن …) أي جميع ألوان النخل تسمى لينة إلا العجوة والبرنية، وهما نوعان من التمر.
٤ ‏/ ١٨٥٢
٤٦٠٢ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ، فأنزل الله تعالى: ﴿ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين﴾.
[ر: ٢٢٠١]
٤ ‏/ ١٨٥٢

٣٦٣ – باب: قوله: ﴿ما أفاء الله على رسوله﴾ /٦، ٧/.


(ما أفاء …) ما رد الله تعالى عليه ورجع إليه، والفيء: كل ما يغنمه المسلمون من أموال الكفار بدون نشوب قتال ولا قيام معركة.
٤ ‏/ ١٨٥٢
٤٦٠٣ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، غير مرة، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول⦗١٨٥٣⦘
الله ﷺ خاصة، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله.
[ر: ٢٧٤٨]
٤ ‏/ ١٨٥٢

٣٦٤ – باب: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾ /٧/.


(وما آتاكم …) ما أمركم به الرسول ﷺ فافعلوه، وما شرعه لكم فالتزموه.
٤ ‏/ ١٨٥٣
٤٦٠٤ – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال:
(لعن الله الواشمات والمتوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله).
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا﴾. قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئا، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتنا.


أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة …، رقم: ٢١٢٥.
(الواشمات) جمع واشمة اسم فاعلة من الوشم، وهو غرز إبرة أو نحوها في الجلد حتى يسيل منه الدم، ثم يحشى الموضع بكحل أو نحوه، فيتلون الجلد ولا يزول بعد ذلك أبدا. (الموتشمات) جمع موتشمة وهي التي يفعل فيها الوشم. (المتنمصات) جمع متنمصة وهي التي تطلب إزالة شعر وجهها ونتفه، والتي تزيله وتنتفه تسمى نامصة. (المتفلجات) جمع متفلجة، وهي التي تبرد أسنانها لتفترق عن بعضها. (للحسن) لأجل الجمال. (المغيرات خلق الله) بما سبق ذكره، لأنه تغيير وتزوير. (كيت وكيت) كناية عن كلام قيل. (ما بين اللوحين) أي القرآن المكتوب ما بين دفتي المصحف. (آتاكم) أمركم به. /الحشر: ٧/. (فلم تر من حاجتها) لم تشاهد أم يعقوب من الذي ظنته في زوج ابن مسعود رضي الله عنهما شيئا. (ما جامعتنا) ما صاحبتنا بل كنا نطلقها ونفارقها، وفي نسخة (ما جامعتها) والمعنى واحد.
٤ ‏/ ١٨٥٣
٤٦٠٥ – حدثنا علي: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان قال: ذكرت لعبد الرحمن بن عباس حَدِيثَ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الواصلة. فقال: سمعته من امرأة يقال لها أُمِّ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَ حَدِيثِ منصور.
[٥٥٨٧، ٥٥٩٥، ٥٥٩٩، ٥٦٠٤]
٤ ‏/ ١٨٥٣

٣٦٥ – باب: ﴿والذين تبوؤوا الدار والإيمان﴾ /٩/.


(تبوؤوا ..) استوطنوا المدينة وسكنوها، واتخذوها دار هجرة وإيمان، وهم الأنصار.
٤ ‏/ ١٨٥٤
٤٦٠٦ – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، يعني: ابن عياش، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر رضي الله عنه:
أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين: أن يعرف لهم حقهم، وأوصي الخليفة بالأنصار، الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي ﷺ: أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم.
[ر: ١٣٢٨]
٤ ‏/ ١٨٥٤
٣٦٦ – باب: ﴿ويؤثرون على أنفسهم﴾. الآية /٩/.
الخصاصة: الفاقة. ﴿المفلحون﴾: الفائزون بالخلود، الفلاح: البقاء، حي على الفلاح: عجل. وقال الحسن: ﴿حاجة﴾ /٩/: حسدا.


(يؤثرون ..) من الإيثار، وهو تفضيل المرء غيره على نفسه. (الآية) وتتمتها: ﴿ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾. (يوق شح نفسه) يحفظ ويطهر من البخل والحرص الذي تميل إليه النفس.
٤ ‏/ ١٨٥٤
٤٦٠٧ – حدثني يعقوب بن إبراهيم بن كثير: حدثنا أبو أسامة: حدثنا فضيل بن غزوان: حدثنا أبو حازم الأشجعي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألا رجل يضيفه هذه الليلة، يرحمه الله). فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول الله ﷺ، لا تدخريه شيئا، قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي، فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله ﷺ، فقال: (لقد عجب الله عز وجل، أو: ضحك من فلان وفلانة). فأنزل الله عز وجل: ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾.
[ر: ٣٥٨٧]


(الجهد) المشقة من الجوع. (لاتدخريه) لا تمسكي عنه.
٤ ‏/ ١٨٥٤
٣٦٧ – باب: تفسير سورة الممتحنة.
وقال مجاهد: ﴿لا تجعلنا فتنة﴾ /٥/: لا تعذبنا بأيديهم، فيقولون: لو كان هؤلاء على⦗١٨٥٥⦘
الحق ما أصابهم هذا. ﴿بعصم الكوافر﴾ /١٠/: أمر أصحاب النبي ﷺ بفراق نسائهم، كن كوافر بمكة.


(الممتحنة) سميت بذلك لأن فيها بيان امتحان – أي اختبار – من هاجر ضمن المؤمنات. (لا تجعلنا فتنة) للذين كفروا، أي لا تسلطهم علينا فيفتوننا بعذاب لا طاقة لنا به، ولاتعذبنا …. (بعصم) جمع عصمة وهي ما يتمسك به، والمراد عقود زواجهما. (الكوافر) جمع كافرة.
٤ ‏/ ١٨٥٤
٣٦٨ – باب: ﴿لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾ /١/.
٤ ‏/ ١٨٥٥
٤٦٠٨ – حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دينار قال: حدثني الحسن بن محمد بن علي: أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنا والزبير والمقداد، فَقَالَ: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها). فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي ﷺ فإذا فيه: من حاطب ابن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة، يخبرهم ببعض أمر النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ما هذا يا حاطب). قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ من قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم، أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا، ولا ارتدادا عن ديني. فقال النَّبِيِّ ﷺ: (إِنَّهُ قَدْ صدقكم). فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال: (إنه شهد بدرا، وما يدريك؟ لعل الله عز وجل اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتم فقد غفرت لكم). قال عمرو: ونزلت فيه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾. قال: لا أدري الآية في الحديث، أو قول عمرو.
حدثنا علي: قيل لسفيان في هذا، فنزلت: ﴿لا تتخذوا عدوي﴾. قال سفيان: هذا في حديث الناس، حفظته من عمرو، ما تركت منه حرفا، وما أرى أحدا حفظه غيري.
[ر: ٢٨٤٥]


(عقاصها) جمع عقيصة وهي الشعر الذي يلوى ويدخل أطرافه في أصوله، والعقاص أيضا: خيط يجمع به أطراف الذوائب وتشد، والذوائب: جمع ذؤابة وهي الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة، فإن كانت ملتوية فهي عقيصة.
٤ ‏/ ١٨٥٥

٣٦٩ – باب: ﴿إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات﴾ /١٠/.


(مهاجرات) من مكة إلى المدينة، نزلت بعد صلح الحديبية تستثني النساء من شرط رد من جاء من قريش إلى المسلمين.
٤ ‏/ ١٨٥٦
٤٦٠٩ – حدثنا إسحاق: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ:
أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك – إلى قوله – غفور رحيم﴾. قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرأ بهذا الشرط من المؤمنات، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قد بايعتك). كلاما، ولا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: (قد بايعتك على ذلك). تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري. وقال إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، وعمرة.
[٤٩٨٣، ٦٧٨٨]
(يمتحن) يختبر، واختبارهن كان: أن يستحلفن ما خرجن من بغض زوج ونحوه، وما خرجن إلا حبا لله تعالى ورسوله ﷺ، ورغبة في دين الله عز وجل. (يبايعنك) يعاهدنك ويعاقدنك على الإسلام. /الممتحنة: ١٢/. وتتمتها: ﴿على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا
يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم﴾. (ببهتان يفترينه) بولد ينسبنه إلى الزوج وهو ليس منه. (بين أيديهن وأرجلهن) وصف لحال الولد عندما يولد، أو هو كناية عن البطن الذي تحمله فيه وهو بين يديها، والفرج الذي تلده به وهو بين رجليها. (معروف) هو كل ما وافق طاعة الله تعالى وشرعه. (الشرط) وهو ما ذكر في الآية. (كلاما) أي يبايعها بالكلام، ولا يصافحها باليد كما كان يبايع الرجال.
٤ ‏/ ١٨٥٦
٣٧٠ – باب: ﴿إذا جاءك المؤمنات يبايعنك﴾ /١٢/.
٤ ‏/ ١٨٥٦
٤٦١٠ – حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أيوب، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قالت:
بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَرَأَ عَلَيْنَا: ﴿أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾. ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي ﷺ شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها.
[ر: ١٢٤٤]


(امرأة) قيل: هي أم عطية نفسها رضي الله عنها. (أسعدتني) قامت معي في نياحة لي.
٤ ‏/ ١٨٥٦
٤٦١١ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الزبير، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ولا يعصينك في معروف﴾. قال:
إنما هو شرط شرطه الله للنساء.


(للنساء) أي نزل في شأنهن، ولا يعني أن الرجال غير مطالبين بذلك.
٤ ‏/ ١٨٥٧
٤٦١٢ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قال الزهري: حدثناه، قال: حدثني أبو إدريس: سمع عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فقال: (أتبايعونني عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تزنوا، ولا تسرقوا – وقرأ آية النساء، وأكثر لفظ سليمان: قرأ الآية – فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غفر له).
تابعه عبد الرزاق عن معمر في الآية.
[ر: ١٨]


(آية النساء) أي الآية التي فيها بيعة النساء. انظر: ٤٦٠٩. (أصاب منها) أي من الأشياء التي توجب الحد.
٤ ‏/ ١٨٥٧
٤٦١٣ – حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبد الله بن وهب قال: وأخبرني ابن جريج: أن الحسن بن مسلم أخبره،
عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
شهدت الصلاة يوم الفطر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد، فنزل نبي الله ﷺ، فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال، فقال: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن﴾. حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ: (أنتن على ذلك). وقالت امرأة واحدة، لم يجبه غيرها: نعم يا رسول الله. لا يدري الحسن من هي. قال: (فتصدقن). وبسط بلال ثوبه، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ.
[ر: ٩٨]


انظر في شرح الآية: ٤٦٠٩.
٤ ‏/ ١٨٥٧

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …