٤٠٩٧ – حدثنا مسدد: حدثنا خالد: حدثنا بيان، عن قيس، عن جرير
⦗١٥٨٣⦘
قال:
كان بيت في الجاهلية يقال له ذو الخلصة، والكعبة اليمانية، والكعبة الشامية، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذي الخلصة). فنفرت في مائة وخمسين راكبا فكسرناه. وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فدعا لنا ولأحمس.
قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: (ألا تريحني من ذي الخلصة). وكان بيتا في خثعم، يسمى الكعبة اليمانية، فانطلقت في خسمين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل، فضرب صدري حتى رأيت أثر أصابعه فِي صَدْرِي وَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مهديا). فانطلق إليها فكسرها وحرقها، ثم بعث إلى رسول الله ﷺ، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال: فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألا ترحني من ذي الخلصة). فقلت: بلى، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده فِي صَدْرِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مهديا). قال: فما وقعت عن فرس بعد. قال: وكان ذو الخلصة بيتا باليمن لخثعم وبجيلة، فيه نصب تعبد، يقال له الكعبة، قال: فأتاها فحرقها بالنار وكسرها.
قال: ولما قدم جرير اليمن، وكان بها رجل يستقسم بالأزلام، فقيل له: إن رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ها هنا، فإن قدر عليك ضرب عنقك، قال: فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير، فقال: لتكسرنها ولتشهدن: أن لا إله إلا الله، أو لأضربن عنقك؟ قال: فكسرها وشهد، ثم بعث جرير رجلا من أحمس يكني أبا أرطاة إلى النبي ﷺ يبشره بذلك،⦗١٥٨٤⦘
فلما أتى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يَا رسول الله، والذي بعثك بالحق، ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال: فبرك النبي ﷺ على خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
[ر: ٢٨٥٧]
وهي غزوة لخم وجذام، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
وقال ابن إسحاق، عن يزيد، عن عروة: هي بلاد بلي، وعذرة وبني القين.
أن رسول الله ﷺ بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة). قلت: من الرجال؟ قال: (أبوها). قلت: ثم من؟ قال: (عمر). فعد رجالا، فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.
[ر: ٣٤٦٢]
كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا كلاع وذا عمرو، فجعلت أحدثهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقال لي ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك، لقد مر على أجله منذ ثلاث، وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق، رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم، فقالوا: قبض رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَاسْتُخْلِفَ أبو بكر، والناس صالحون. فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن، فأخبرت أبا بكر بحديثهم، قال: أفلا جئت بهم، فلما كان بعد قال لي ذو عمرو: يا جرير إن بك علي كرامة، وإني مخبرك خبرا: إنكم، معشر العرب، لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر، فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا، يغضبون غضب⦗١٥٨٥⦘
الملوك، ويرضون رضا الملوك.
لما بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بعثا قبل الساحل، وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا وكنا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بأزواد الجيش فجمع، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إلا تمرة تمرة، فقلت: ما تغني عنكم تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظرب، فأكل منها القوم ثمان عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثم مرت تحتهما فلم تصبهما.
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثلاثمائة راكب، أميرنا أبو عبيدة ابن الجراح، نرصد عير قريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّيَ ذلك الجيش جيش الخبط، فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، وادهنا من ودكه، حتى ثابت إلينا أجسامنا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ، فعمد إلى أطول رجل معه – قال سفيان مرة: ضلعا من أضلاعه فنصبه، وأخذ رجلا وبعيرا – فمر تحته.
قال جابر: وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم إن أبا عبيدة نهاه.⦗١٥٨٦⦘
وكان عمرو يقول: أخبرنا أبو صالح: أن قيس بن سعد قال لأبيه: كنت في الجيش فجاعوا، قال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال نحرت، قال ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نحرت، ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نهيت.
(نرصد) نقعد على الطريق ونراقب. (عير قريش) ابلا محملة بمال التجارة لقريش. (الخبط) ما يسقط من ورق الشجر إذا ضربتها بالعصا. (العنبر) اسم لنوع من الحيتان يتخذ من جلدها التروس. (ودكه) شحمه ودهنه. (ثابت) رجعت إلى ما كانت عليه من القوة والسمن.
فأخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابرا يقول:
قال أبو عبيدة: كلوا، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (كلوا، رزقا أخرجه الله، أطعمونا إن كان معكم). فأتاه بعضهم بعضو فأكله.
[ر: ٢٣٥١]
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بعثه، في الحجة التي أمره النبي ﷺ عليها قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يؤذن في الناس أَنْ: لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يطوفن بالبيت عريان.
[ر: ٣٦٢]
آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر سورة نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يفتيكم في الكلاله﴾.
[٤٣٢٩، ٤٣٧٧، ٦٣٦٣]
أتى نفر من بني تميم النبي ﷺ، فَقَالَ: (اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ). قَالُوا: يا رسول الله قد بشرتنا فأعطنا، فرئي ذلك في وجهه، فجاء نفر من اليمن، فقال: (اقبلوا البشرى اذ لم يقبلها بنو تميم). قالوا: قد قبلنا يا رسول الله.
قال ابن إسحاق: غزوة عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بني العنبر من بني تميم. بعثه النبي ﷺ إليهم، فأغار، وأصاب منهم ناسا، وسبى منهم نساء.
[ر: ٣٠١٨]
لَا أَزَالُ أحب بني تميم بعد ثلاث سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يقولها فيهم: (هم أشد أمتي على الدجال). وكانت منهم سبية عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ: (أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إسماعيل). وجاءت صدقاتهم، فقال: (هذه صدقات قوم، أو: قومي).
[ر: ٢٤٠٥]
أنه قدم ركب من بني تميم عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، قال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، قال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا﴾. حتى انقضت.
[٤٥٦٤، ٤٥٦٦، ٦٨٧٢]
إن لي جرة ينتبذ لي نبيذ فيها، فأشربه حلوا في جر، إن أكثرت منه فجالست القوم فأطلت الجلوس خشيت أن أفتضح، فَقَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقال: (مرحبا بالقوم، غير خزايا ولا الندامى). فقالوا: يا رسول الله إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لا نصل إليك إلا في أشهر الحرم، حدثنا بِجُمَلٍ مِنَ الْأَمْرِ: إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الجنة، وندعو به مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أربع، الإيمان بالله، هل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانِ بِاللَّهِ؟ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وأن تعطوا من المغانم الخمس. وأنهاكم عن أربع: ما انتبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت).
[ر: ٥٣]
أرسلوا إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالُوا: اقْرَأْ عليها السلام مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بعد العصر، فإنا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نهى عنهما.
قال ابن عباس: وكنت أضرب مع عمر الناس عنهما.
قال كريب فدخلت عليها وبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة، فأخبرتهم، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَنْهَى عنهما، وإنه صَلَّى الْعَصْرَ،
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ من بني حرام من الأنصار، فصلاهما، فأرسلت إليه الخادم، فقلت: قومي إلى جنبه، فقولي: تقول أم سلمة: يا رسول الله، ألم أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين؟ فأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري، فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: (يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني أناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هاتان).
[ر: ١١٧٦]
يعني قرية من البحرين.
[ر: ٨٥٢]
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ⦗١٥٩٠⦘
فَقَالَ: (مَا عندك يا ثمامة). فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل منه ما شئت. فترك حتى كان الغد، فقال: (ما عندك يا ثمامة). فقال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد
فقال: ما عندك يا ثمامة فقال: عندي ما قلت لك فَقَالَ: (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ). فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب دين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِمْرَةِ أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي ﷺ.
[ر: ٤٥٠]
(نخل) وفي نسخة (نجل) أي ماء. (صبوت) ملت إلى دين غير دينك ودين آبائك.
قدم مسيلمة الكذاب عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد رسول الله ﷺ قطعة جريد، حتى وقف عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: (لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت يجيبك عني). ثم انصرف عنه، قال ابن عباس: فسألت عن قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (إنك أرى الذي أريت فيه ما رأيت). فأخبرني أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في المنام: أن انفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي). أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة
[ر: ٣٤٢٤]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَا أَنَا نائم أتيت بخزائن الأرض، فوضع في كفي سواران من ذهب، فكبرا علي، فأوحي الي أن انفخهما، فنفختهما فذهبا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وصاحب اليمامة).
[٦٦٣٠، وانظر: ٣٤٢٤]
(سواران) مثنى سوار، وهو ما يوضع في معصم اليد من الحلي. (فكبر) عظم وثقل. (بينهما) من حيث المسكن والمنزل. (صاحب صنعاء) الأسود العنسي، وصنعاء عاصمة اليمن. (صاحب اليمامة) مسيلمة الكذاب، من بني حنيفة، واليمامة مقره، وهي على مرحلتين من الطائف.
كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به، فإذا دخل رجب قلنا: منصل الأسنة، فلا ندع رمحا فيه حديدة، ولا سهما فيه حديدة، إلا نزعناه وألقيناه شهر رجب.
وسمعت أبا رجاء يقول: كنت يوم بعث النبي ﷺ غلاما، أرعى الإبل على أهلي، فلما سمعنا بخروجه فررنا إلى النار، إلى مسيلمة الكذاب.
بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة، فنزل في دار بنت الحارث، وكان تحته بنت الحارث بن كريز، وهي أم عبد الله بن عامر، فأتاه رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهُ ثابت بن قيس بن شماس، وهو الذي يقال له: خطيب رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَفِي يد رسول الله ﷺ قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلمة: إن شئت خلينا بينك وبين الأمر،⦗١٥٩٢⦘
ثم جعلته لنا بعدك، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني). فانصرف النبي ﷺ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عن عبد الله بن عباس، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي ذَكَرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لي أن رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أريت أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ). فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب.
[ر: ٣٤٢٤]
جاء العاقب والسيد، صاحبا نجران، إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا. فقال: (لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين). فاستشرف له أصحاب رسول الله ﷺ، فقال: (قم يا أبا عبيدة بن الجراح). فلما قام، قال رسول الله ﷺ: (هذا أمين هذه الأمة).
جاء أهل نجران إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالُوا: ابعث لنا رجلا أمينا، فقال: (لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ). فَاسْتَشْرَفَ لها الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح.
[ر: ٣٥٣٥]
[ر: ٣٥٣٤]
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا). ثلاثا، فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله ﷺ، فلما قدم على أبي بكر أمر مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ دين أو عدة فليأتني، قال جابر: فجئت أبا بكر فأخبرته: أن النبي ﷺ قال: (لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا). ثلاثا، قال: فأعطاني. قال جابر: فلقيت أبا بكر بعد ذلك فسألته فلم يعطني، ثم أتيته فلم يعطني، ثم أتيته الثالثة فلم يعطني، فقلت له: قد أتيتك فلم تعطني، ثم أتيتك فلم تعطني، ثم أتيتك فلم تعطني، فإما أن تعطيني وإما أن تبخل عني. فقال: أقلت تبخل عني؟ وأي داء أدوأ من البخل، قالها ثلاثا، ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك.
وعن عمرو، عن محمد بن علي: سمعت جابر بن عبد الله يقول: جئته، فقال لي أبو بكر: عدها، فعددتها. فوجدتها خمسمائة، فقال: خذ مثلها مرتين.
[ر: ٢١٧٤]
وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (هم مني وأنا منهم).
[ر: ٢٣٥٤]
[ر: ٣٥٥٢]
٤١٢٤ – حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبد السلام، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ قال: لما قدم أبو موسى أكرم هذا الحي من جرم، وإنا لجلوس عنده، وهو يتغدى دجاجا، وفي القوم رجل جالس، فدعاه إلى الغذاء، فقال: إني رأيته يأكل شيئا فقذرته، فقال: هلم، فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يأكله، فقال: أني حلفت لا آكله، فقال: هلم أخبرك عن
⦗١٥٩٤⦘
يمينك، إنا أتينا النَّبِيِّ ﷺ نَفَرٌ مِنْ الأشعريين فاستحملناه، فأبى أن يحملنا، فاستحملناه فحلف أن لا يحملنا، ثم لم يلبث النبي ﷺ أن أتي بنهب إبل، فأمر لنا بخمس ذود، فلما قبضناها قلنا: تغفلنا النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، لَا نُفْلِحُ بعدها أبدا، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إنك حلفت أن لا تحملنا وقد حملتنا؟ قال: (أجل، ولكن لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها).
[ر: ٢٩٦٤]
[ر: ٣٠١٨]
أن النبي ﷺ قال: (الإيمان ها هنا – وأشار بيده إلى اليمن – والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين – عند أصول أذناب الإبل، من حيث يطلع قرنا الشيطان – ربيعة ومضر).
[ر: ٣١٢٦]
عن النبي ﷺ: (أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم).
وقال غندر، عن شعبة، عن سليمان: سمعت ذكوان، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
أن النبي ﷺ قال: (الإيمان يمان، والفتنة ها هنا، ها هنا يطلع قرن الشيطان).
عن النبي ﷺ قال: (أتاكم أهل اليمن، أضعف قلوبا، وأرق أفئدة، الفقه يمان الحكمة يمانية).
[ر: ٣١٢٥]
رواه غندر، عن شعبة.
جاء الطفيل بن عمرو إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إن دوسا قد هلكت، عصت وأبت، فادع الله عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَأْتِ بِهِمْ).
[ر: ٢٧٧٩]
لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قلت في الطريق:
يالية [يَا لَيْلَةً؟؟] مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا … عَلَى أَنَّهَا من دارة الكفر نجت.
وأبق غلام لي في الطريق، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فبايعته، فينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا أبا هريرة هذا غلامك). فقلت: هو لوجه الله، فأعتقته.
[ر: ٢٣٩٣]
أتينا عمر في وفد، فجعل يدعو رجلا رجلا ويسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى، أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا. فقال عدي: فلا أبالي إذا.
(فلا أبالي إذا) أي إذا كانت لي هذه الفضائل، وأكرمني الله بهذا السبق إلى الحق والخير، فلا أبالي بشيء بعده، ولا يغيرني: قدمت على غيري في المواطن أم لا.
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في حجة الوادع، فأهللنا بعمرة، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (من كان معه هدي فليهلل بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يحل منهما جميعا). فقدمت معه مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بين الصفا والمروة، فشكوت إلى رسول الله ﷺ فَقَالَ: (انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ،⦗١٥٩٧⦘
وَدَعِي العمرة). ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله ﷺ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي بر الصديق إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: (هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ). قالت: فطاف الذين أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا.
[ر: ٢٩٠]
٤١٣٥ – حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حدثنا ابن جريج قال: حدثني عطاء، عن ابن عباس: إذا طاف بالبيت فقد حل، فقلت: من أين قال هذا ابن عباس؟ قال: من قول الله تعالى: ﴿ثم محلها إلى البيت العتيق﴾. ومن أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ أن يحلوا في حجة الوادع. قلت: إنما كان ذلك بعد المعرف، قال: كان ابن عباس يراه قبل وبعد.
(طاف) طواف الإفاضة. (حل) تحلل من إحرامه وإن يسع ويحلق. (قال هذا) أخذه واستنبطه حتى قال به. (محلها ..) أي محل الناس من إحرامهم إذا وصلت الأنعام المهداة إلى الحرم مكان ذبحها – وهو عند البيت: أي الكعبة وما حولها – في وقته – وهو يوم النحر – ويكون ذلك بطواف الإفاضة، وهو الركن والزيارة. (العتيق) الموضوع قديما لعبادة الله عز وجل. /الحج: ٣٣/. (المعرف) موضع التعريف، والتعريف هو الوقوف في عرفات، يقال: عرف الناس، إذا شهدوا عرفة، فأطلق اسم المكان – وهو المعرف – على الفعل، وهو التعريف. (قبل وبعد) أي قبل الوقوف وبعده.
قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بالبطحاء، فقال: (أحججت). قلت: نعم، قال: (كيف أهللت). قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله ﷺ، قال: (طف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل). فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، وأتيت امرأة من قيس، ففلت رأسي.
[ر: ١٤٨٤]
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ أزواجه أن يحللن عام حجة الوادع، فقالت حفصة: فما يمنعك؟ فقال: (لبدت رأسي، وقلتدت هديي، فلست أحل حتى أنحر هديي).
[ر: ١٤٩١]
أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله ﷺ في حجة الوداع، والفضل بن عباس رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي أن أحج عنه؟ قال: (نعم).
[ر: ١٤٤٢]
أقبل النَّبِيُّ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ، وهو مردف أسامة على القصواء، ومعه بلال وعثمان بن طلحة، حتى أناخ عند البيت، ثم قال لعثمان: (ائتنا بالمفتاح). فجاءه بالمفتاح ففتح له الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسامة وبلال وعثمان، ثم أغلقوا عليهم الباب، فمكث نهارا طويلا، ثم خرج وابتدر الناس الدخول، فسبقتهم، فوجدت بلالا قائما من وراء الباب، فقلت له: أين صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقال: صلى بين ذينك العمودين المقدمين، وكان البيت على ستة أعمدة سطرين، صلى بين العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره، واستقبل بوجهه الذي يستقبلك حين تلج البيت، بينه وبين الجدار. وقال: ونسيت أن أسأله كم صلى، وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء.
[ر: ٣٨٨]
أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، حاضت في حجة الوداع، فقال النبي ﷺ: (أحابستنا هي). فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت، فقال النبي ﷺ: (فلتنفر).
[ر: ٣٢٢]
كنا تنحدث بحجة الوداع، والنبي ﷺ⦗١٥٩٩⦘
بين أظهرنا، ولا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره، وقال: (ما بعث الله من نبي إلا أنذره أمته، أنذره نوح والنبيون
من بعده، وإنه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يحفى عليكم: أن ربكم ليس على ما يخفى عليكم – ثلاثا – إن ربكم ليس بأعور، وإنه أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، ألا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شهركم هذا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ)، قَالُوا نَعَمْ، قَالَ: (اللَّهُمَّ اشهد – ثلاثا – ويلكم، أو ويحكم، انظروا، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعض).
[ر: ١٦٥٥]
أن النبي ﷺ غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حج بعد أن هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها، حجة الوداع. قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى.
[ر: ٣٧٣٣]
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قال في حجة الوداع لجرير: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ). فَقَالَ: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعض).
[ر: ١٢١]
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السماوات وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ. أَيُّ شَهْرٍ هَذَا). قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: (أَلَيْسَ ذا الحجة). قلنا: بلى، قال: (فأي بَلَدٍ هَذَا). قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ⦗١٦٠٠⦘
بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: (أليس البلدة). قلنا: بلى، قال: (فبأي يَوْمٍ هَذَا). قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: (أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ) قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ – قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم، فسيسألكم عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ). فَكَانَ محمد إذا ذكره يقول: صدق محمد ﷺ، ثُمَّ قَالَ: (أَلَا هل بلغت). مرتين.
[ر: ٦٧]
(البلدة) أي المحرمة وهي مكة.
[ر: ٤٥]
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بحجة، ومنا من أهل بحج وعمرة، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، أَوْ جَمَعَ الحج والعمرة، فلم يحلوا حتى يوم النحر.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وقال: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في حجة الوداع. حدثنا إسماعيل: حدثنا مالك: مثله.
[ر: ٢٩٠]
عادني النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الوداع، من وجع أَشْفَيْتُ⦗١٦٠١⦘
مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، بلغ بي من الوجع مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قال: (لا). قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: (لا). قلت: فالثلث؟ قال: (والثلث كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، ولست تُنْفِقَ نَفَقَةً
تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك). قلت: يا رسول الله، أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا ازددت به دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ). رثى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن توفي بمكة.
[ر: ٥٦]
أن رسول الله ﷺ حلق رأسه في حجة الوداع.
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ حلق في حجة الوداع، وأناس من أصحابه، وقصر بعضهم.
[ر: ١٦٣٩]
أنه أقبل يسير على حمار، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ بمنى في حجة الوداع يصلي بالناس، فسار الحمار بين يدي بعض الصف، ثم نزل عنه، فصف مع الناس.
[ر: ٧٦]
سئل أسامة، وأنا شاهد، عن سير النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّتِهِ؟ فقال: العنق، فإذا وجد فجوة نص.
[ر: ١٥٨٣]
أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في حجة الوداع المغرب والعشاء جميعا.
[ر: ١٥٩٠]
أرسلني أصحابي إلى رسول الله ﷺ أسأله الحملان لهم، إذ هم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك، فقلت: يا نبي الله، إن أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم، فَقَالَ: (وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ). وَوَافَقْتُهُ وهو غضبان ولا أشعر، ورجعت حزينا من منع النبي ﷺ، ومن مخافة أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ وجد في نفسه علي، فرجعت إلى أصحابي، فأخبرتهم الذي قال النبي ﷺ، فلم ألبث إلا سويعة إذ سمعت بلالا ينادي: أي عبد الله بن قيس، فأجبته، فقال: أجب رسول الله ﷺ يدعوك، فلما أتيته قال: (خذ هذين القرينين، وهذين القرينين – لستة أبعرة ابتاعهن حينئذ من سعد – فانطلق بهن إلى أصحابك، فقل: إن الله، أو قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يحملكم على هؤلاء فاركبوهن). فانطلقت إليهم بهن، فقلت: أن رسول الله ﷺ يحملكم على هؤلاء، ولكني والله لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لا تظنوا أني حدثتكم شيئا لم يقله رسول الله ﷺ، فقالوا لي: والله إنك عندنا لمصدق، ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم، حتى أتوا الذين سمعوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ منعه إياهم، ثم إعطاءهم بعد، فحدثوهم بمثل ما حدثهم به أبو موسى.
[ر: ٢٩٦٤]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خرج إلى تبوك، واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه ليس نبي بعدي).
وقال أبو داود: حدثنا شعبة، عن الحكم: سمعت مصعبا.
[ر: ٣٥٠٣]
(استخلف ..) تركه أميرا على من بقي في المدينة، كعادته ﷺ إذا خرج، وأكثرهم من النساء والصبيان.
غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ العسرة، قال: كان يعلى يقول: تلك الغزوة أوثق أعمالي عندي. قال عطاء: فقال صفوان: قال يعلى: فَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا على يد الآخر، قال عطاء: فلقد أخبرني صفوان: أيهما عض الآخر فنسيته، قال: فانتزع المعضوض يده من في العاض، فانتزع إحدى ثنيتيه، فأتيا النَّبِيِّ ﷺ فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ. قال عطاء: وحسبت أنه قال: قال النبي ﷺ: (أفيدع يده في فيك تقضمها، كأنها في في فحل يقضمها).
[ر: ٢١٤٦]
لم أتخلف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غزوة غزاها الإ في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت في بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عنها، إنما خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، كان من خبري: أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يريد غزوة إلا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، غزاها رسول الله ﷺ في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا، ومفازا وعدوا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كثير،⦗١٦٠٤⦘
ولا يجمعهم كتاب حافظ، يريد الديوان. قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي الله، وغزا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وتجهز رسول الله ﷺ والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقضى شيئا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه، فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول ﷺ والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئا، ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل فأدركهم، وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله ﷺ فطفت فيهم، أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله ﷺ حتى بلغ تبوك، فقال، وهو جالس في القوم بتبوك: (ما فعل كعب). فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه، ونظره في عطفيه. فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الإ خيرا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قال كعب بن مالك: فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بماذا أخرج من سخطه غدا، واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: أن رسول الله ﷺ قد أظل قادما زاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله ﷺ قادما، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، قلما فعل ذلك
⦗١٦٠٥⦘
جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فقبل منهم رسول الله ﷺ علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، فجئته، فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب، ثم قال: (تعال). فجئت أمشي حتى جلست يديه، فقال لي: (ما خلفك، ألم تكن قد ابتعت ظهرك). فقلت: بلى، إني والله – يا رسول الله – لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلا، ولكني والله، لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله، ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك). فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله ﷺ بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله ﷺ لك. فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك، فقلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين، قد شهدا بدرا، فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ
⦗١٦٠٦⦘
بِرَدِّ السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، فقلت: يا أبا قتادة، أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته، فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار.
قال: فبينا أنا أمشي بسوق المدينة، إذا نبطي من أنباط أهل الشأم، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدل على كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يأتيني فقال: إن رسول الله ﷺ يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر.
قال كعب: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: (لا، ولكن لا يقربك). قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في امرأتك، كما أذن لامرأة هلال بن أميه أن تخدمه؟ فقلت: والله لا أستأذن فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وما يدريني
⦗١٦٠٧⦘
ما يقول رسول الله ﷺ إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب؟ فلبثت بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن كلامنا، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سلع، بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض إلي رجل فرسا، وسعى ساع من أسلم، فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي، فكسوته إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله ﷺ، فيتلقاني الناس فوجا فوجا، يهونني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله عليك، قال كعب: حتى دخلت المسجد، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جالس حوله الناس، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله ﷺ، قال رسول الله ﷺ، وهو يبرق وجهه من السرور: (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك). قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: (لا، بل من عند الله). وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وإلى رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، فقلت: يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا مالقيت. فوالله ما أعلم أحدا من
⦗١٦٠٨⦘
المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى يومي هذا كذبا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت. وأنزل اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ: ﴿لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار – إلى قوله – وكونوا مع الصادقين﴾. فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط، بعد أن هداني للإسلام، أعظم في نفسي من صدقي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِنَّ لَا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا – حين أنزل الوحي – شر ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم – إلى قوله – فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين﴾.
⦗١٦٠٩⦘
قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله ﷺ أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله: ﴿وعلى الثلاثة الذين خلفوا﴾. وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، إنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا، عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.
[ر: ٢٦٠٦]
(قط) أي زمان مضى. (أقوى ولا أيسر) أكثر قوة ويسارا أي غنى. (راحلتان) مثنى راحلة، وهي ما يصلح للركوب والحمل في الأسفار من الإبل، ويصلح للسفر. (أهبة غزوهم) وفي نسخة (عدوهم) ما يحتاجون إليه في السفر والحرب. (طابت الثمار والظلال) نضجت الثمار ولذ للنفوس أكلها، وكثرت الظلال بتورق الأشجار ورغبت النفوس أن تتفيأ فيها. (فطفقت) أخذت وشرعت. (اشتد في الناس الجد) بلغوا غاية اجتهادهم في التجهيز للخروج. (جهازي) ما أحتاجه في سفري. (فصلوا) خرجوا من المدينة وفارقوها. (تفارط الغزو) فات وقته وتقدم. (مغموصا) محتقرا، مطعونا في دينه أو متهما بنفاق. (حبسه براده والنظر في عطفيه) أي منعه من الخروج إعجابه بنفسه ولباسه، وبراده مثنى برد وهو الكساء، وعطفيه: مثنى عطف وهو الجانب. (قافلا) راجعا من سفره إلى المدينة. (سخطه) غضبه، وعدم رضاه عما حصل مني. (أظل قادما) دنا قدومه إلى المدينة. (زاح عني الباطل) زال عني التفكير في الكذب والتماس الأعذار الباطلة. (فأجمعت صدقه) عزمت على أن أصدقه. (المخلفون) الذين لم يذهبوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وتخلفوا عنه. (علانيتهم) ظاهرهم. (سرائرهم) جمع سريرة وهي ما يكتم في النفوس. (ابتعت ظهرك) اشتريت راحلتك. (جدلا) فصاحة وقوة حجة وكلام. (تجد) تغضب. (كافيك ذنبك) يكفيك من ذنبك. (أسوة) قدوة. (تغيروا لنا) اختلفت أخلاقهم معنا عما كانت عليه من قبل من الود والألفة. (تنكرت) تغيرت. (فاستكانا) ذلا وخضعا وأصابهما السكون. (أطوف) أدور. (فأسارقه النظر) أنظر إليه خلسة. (تسورت) صعدت على سور الدار. (حائط) بستان من نخيل. (ففاضت عيناي) انهال دمعهما. (نبطي) فلاح. (دفع إلي) أعطاني. (جفاك) أعرض عنك وقاطعك. (هوان) ذل وصغار. (مضيعة) حيث يضيع حقك. (نواسك) من المواساة وهي التسلية عن المصيبة. (البلاء) الاختبار. (فتيممت) قصدت. (فسجرته) أوقدته بها. (تعتزل امرأتك) لا تجامعها، وهي عميرة بنت جبير الأنصارية رضي الله عنها. (ضائع) قاصر عن القيام بشؤون نفسه. (حركة إلى شيء) من جماع ومباشرة وغيرها. (الحال التي ذكر الله) في قوله تعالى: ﴿وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم ..﴾ /التوبة: ١١٨/. (أوفى) أشرف. (سلع) جبل معروف في المدينة. (فخررت) أسقطت نفسي على الأرض. (آذن) أعلم. (ركض) استحث، من الركض وهو الضرب بالرجل على بطن الفرس لتسرع.
(غيرهما) من جنس الثياب. (فوجا) جماعة. (لتهنك) من التهنئة، وهي المخاطبة بالأمر راجيا أن يكون مبعث سرور له. (أبلاه) أنعم عليه أو أختبره. (وأنزل الله) أي في توبتنا. (لقد تاب) عفا وصفح. (على النبي) في اذنه للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك. (والمهاجرين والأنصار) فيما وقع في قلوبهم من الميل إلى القعود وعدم الخروج إلى غزوة تبوك. (إلى قوله) تتمة الآيات: ﴿والأنصار الذي اتبعوه ساعة العسرة من بعد ما كاد أن يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم. وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إلى الله هو التواب الرحيم. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله﴾ /التوبة: ١١٧ – ١١٩/. (اتبعوه) اتبعوا أمره، ولبوا دعوته وخرجوا معه. (ساعة العسرة) وقت الضيق والشدة، فقد كانوا في قلة من المركب والطعام والشراب، إلى جانب شدة الحر وبعد المسافة وكثرة العدو، مع طيب الثمار والظلال في المدينة. (كاد يزيغ) قارب أن تميل قلوب بعضهم عن الحق فيقعدوا عن الْخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ولكنهم تداركتهم رحمة الله تعالى وعنايته فصبروا واحتسبوا أجرهم عند الله تعالى وندموا على ما هموا به.
(تاب عليهم) ألهمهم الإنابة والرجوع إليه سبحانه، لما علم من إخلاصهم وصدق إيمانهم وقبل توبتهم ومعذرتهم. (وعلى الثلاثة) وتاب على الثلاثة، وهم كعب وصاحباه رضي الله عنهم، (خلفوا) أخروا عن الحكم بأمرهم. (ضاقت ..) حاروا في أمرهم حتى أصبحوا وكأنهم لا يجدون مكانا في الأرض على سعتها يقرون فيه ويطمئنون. (وضاقت عليهم أنفسهم) اشتد كربهم وحزنهم حتى أصبحت نفوسهم لا تتسع لأنس ولا سرور. (ظنوا) علموا وأيقنوا. (لا ملجأ من الله إلا إليه) لا مفر من حكم الله تعالى ولا مجير من عذابه إلا اللجوء إلى استغفاره والتضرع بين يديه، والإنابة إليه، فذلوا له وخضعوا، واستغفروا وصبروا واحتسبوا. (تاب عليهم) عفا عنهم وقبل التجاءهم واستغفارهم. (ليتوبوا) ليكونوا دائما في جملة التوابين الذين يحبهم الله سبحانه وتعالى. (كونوا مع الصادقين) الزموا الصدق دائما في النية والقول والعمل. (انقلبتم) رجعتم. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم ..﴾ /التوبة: ٩٥ – ٩٦/. (لتعرضوا عنهم) لتتركوهم ولا تؤنبوهم بسبب تخلفهم. (فأعرضوا عنهم) لبو طلبهم ولا تعاتبوهم، ودعوهم وما اختاروا لأنفسهم من النفاق. (إنهم رجس) بواطنهم خبيثة وأعمالهم قبيحة، لا تنفع فيهم موعظة، ولا تصلحهم معاتبة، ولا تطهرهم طاعة ظاهرة. (مأواهم) مسكنهم. (يكسبون) من سوء الطوية وانحراف القصد وخبث العمل. (لترضوا عنهم) لتقبلوا معذرتهم وينالوا رضاكم فينتفعوا به في الدنيا. (فإن ترضوا عنهم) ظاهرا وتعاملوهم معاملة المسلمين. (فإن الله لا يرضى) عنهم حقيقة لما يعلم في قلوبهم من النفاق، فلا يخلصهم رضاكم عنهم في الدنيا من عذابه يوم القيامة. (الفاسقين) الخارجين عن طاعة الله تعالى ورسوله ﷺ. (تخلفنا .. أمر أولئك) أي تخلفنا عن الاعتذار مثلهم، فلم يقض فينا مثل ما قضى فيهم.
لما مر النبي ﷺ بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين). ثم قنع رأسه وأسرع السير، حتى أجاز الوادي.
قال رسول الله ﷺ لأصحاب الحجر: (لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم).
[ر: ٤٢٣]
ذهب النبي ﷺ لبعض حاجته، فقمت أسكب عليه الماء – لا أعلمه إلا قال: في غزوة تبوك – فغسل وجهه، وذهب يغسل ذراعيه، فضاق عليه كما الجبة، فأخرجهما من تحت جبته فغسلهما، ثم مسح على خفيه.
[ر: ١٨٠]
أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ من غزوة تبوك، حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: (هذه طابة، وهذا أحد، جبل يحبنا ونحبه).
[ر: ١٤١١]
أن رسول الله ﷺ رجع من غزوة بتوك، فدنا من المدينة، فقال: (إن بالمدينة أقواما، ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم). قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: (وهم بالمدينة، حبسهم العذر).
[ر: ٢٦٨٤]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعث بكتابه إلى كسرى، مع عبد الله ابن حذافة السهمي، فأمره أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَنْ يُمَزَّقُوا كل ممزق.
[ر: ٦٤]
لَقَدْ نَفَعَنِي الله بكلمة سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله ﷺ أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كِسْرَى، قَالَ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امرأة).
[٦٦٨٦]
أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع، نتلقى رسول الله ﷺ.⦗١٦١١⦘
وقال سفيان مرة: مع الصبيان.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن الزهري، عن السائب: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي ﷺ إلى ثنية الوداع، مقدمة غزوة تبوك.
[ر: ٢٩١٧]
وقوله تعالى: ﴿إنك ميت وإنهم ميتون. ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾ /الزمر: ٣٠ – ٣١/.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ في مرضه الذي مات فيه: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم).
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ في المغرب بالمرسلات عرفا، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله.
[ر: ٧٢٩]
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم: فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآيه: ﴿إذا جاء نصرالله والفتح﴾ فقال: أجل رسول الله ﷺ أعلمه إياه، فقال: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
[ر: ٣٤٢٨]
يوم الخميس، وما يوم الخميس؟! اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وجعه، فقال: (ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا). فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه، أهجر، استفهموه؟ فذهبوا يردون عليه، فقال: (دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه). وأوصاهم بثلاث، قال: (أخرجوا المشركين من الجزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم). وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها.
[ر: ١١٤]
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وفي البيت رجال، فقال النبي ﷺ: (هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده). فقال بعضهم: أن رسول الله ﷺ قد غلبه الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يكتب لكم كتابا لا تضلون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله ﷺ: (قُومُوا). قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ أن يكتب لهم ذلك الكتاب، لاختلافهم ولغطهم.
[ر: ١١٤]
(هلموا) تعالوا وأقبلوا علي. (بعضهم) هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
دعا النبي ﷺ فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت، فسألناها عن ذلك، فقالت سارني النبي صلى الله عليه سلم: أنه يقبض في وجعه الذي
توفي فيه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته يتبعه، فضحكت.
[ر: ٣٤٢٦]
كنت أسمع أنه: لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة،⦗١٦١٣⦘
فسمعت النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ فِي مرضه الذي مات فيه، وأخذته بحة، يقول: (﴿مع الذين أنعم الله عليهم﴾). الآية، فظننت أنه خير.
(يخير بين الدنيا والآخرة) يخير بين أن يؤجل في الحياة حتى يرى ما يفتح على أمته وما يكون لها من شأن في الدنيا، أو يعجل له الموت قبل ذلك. (بحة) شيء يعترض في مجاري التنفس فيتغير به الصوت ويغلظ. (الآية) /النساء: ٦٩/. وتتمتها: ﴿من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..﴾ أي رفقاء في الجنة في جوار الرحمن جل وعلا.
لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ ﷺ المرض الذي مات فيه، جعل يقول: (في الرفيق الأعلى).
ألحقني وأدخلني في جملة الرفقاء الذين خصصتهم بالمكانة الرفيعة في أعلى الجنان، وهم المذكورون في آية النساء السابقة.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو صحيح يقول: (إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مقعده في الجنة، ثم يحيا، أو يخير). فلما اشتكى وحضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة غشي عليه، فلما أفاق شخص بصره نحو سقف البيت ثم قال: (اللهم في الرفيق الأعلى). فقلت: إذا لا يجاورنا، فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح.
[٤١٧٦، ٤١٩٤، ٤٣١٠، ٥٣٥٠، ٥٩٨٨، ٦١٤٤، وانظر: ٨٥٠]
دخل عبد الرحمن بن أبي بكر عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله ﷺ بصره، فأخذت السواك فقضمته، ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي ﷺ فاستن به، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ استن استنانا قط أحسن منه، فما عدا أن فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رفع يده أو إصبعه⦗١٦١٤⦘
ثم قال: (في الرفيق الأعلى). ثلاثا، ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي.
[ر: ٨٥٠، وانظر: ٤١٧١]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه يبده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه، طفقت إنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي ﷺ عنه.
[٤٧٢٨، ٤٧٢٩، ٥٤٠٣، ٥٤١٦، ٥٤١٩، ٥٩٦٠]
(اشتكى) مرض. (نفث) تفل بريق خفيف أو بدونه. (بالمعوذات) بسورتي الفلق والناس. وقيل: يضم إليهما سورة الإخلاص.
[ر: ٤١٧١]
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ منه: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). قالت عائشة: لولا ذلك لأبرز قبره، خشي أن يتخذ مسجدا.
[ر: ٤٢٥]
لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وهو بين الرجلين تخط رجلاه في الأرض، بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخَرَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد الله بن عباس: هَلْ⦗١٦١٥⦘
تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تسم عائشة؟ قال: قلت: لا، قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب.
وكانت عائشة زوج النبي ﷺ تحدث: أن رسول الله ﷺ لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال: (هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس). فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده: (أن قد فعلتن). قالت: ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.
[ر: ١٩٥]
[ر: ٤٢٥]
لقد راجعت رسول الله ﷺ في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته الإ أنه لم يقع في قلبي: أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا، ولا كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله ﷺ عن أبي بكر.
رواه ابن عمر وأبو موسى وابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٩٥، ٦٤٦، ٦٥٠، ٦٥٥]
مات النبي ﷺ وانه لبين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي ﷺ.
[ر: ٨٥٠]
٤١٨٢ – حدثني إسحاق: أخبرنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تيب عليهم: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ علي بن أبي طالب رضي الله
⦗١٦١٦⦘
عنه خرج من عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يا أبا الحسن، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا، فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت والله بعد ثلاث عبد العصا، وأاني والله لَأُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سوف يتوفى من وجعه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، اذهب بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فلنسأله فيمن هذا الأمر، إن كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غيرنا علمناه، فأوصى بنا. فقال علي: إنا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده، واين والله لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
[٥٩١١]
أن المسلمين بينا هم في الصلاة الفجر من يوم الإثنين، وأبو بكر يصلي لهم، لم يفجأهم إلا ورسول الله ﷺ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يريد أن يخرج إلى الصلاة. فقال أنس: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ، فَرَحًا برسول الله ﷺ، فأشار إليهم بيده رسول الله ﷺ: (أن أتموا صلاتكم). ثم دخل الحجرة، وأرخى الستر.
[ر: ٦٤٨]
إن من نعم الله علي: أن رسول الله ﷺ توفي في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته: دخل علي عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَيْتُهُ ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: (أن نعم). فتناولته، فاشتد عليه، وقلت: الينه لك؟ فأشار برأسه: (أن نعم).⦗١٦١٧⦘
فلينته، فأمره، وبين يديه ركوة أو علبة – يشك عمر – فيها ماء، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وجهه، يقول: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ). ثم نصب يده، فجعل يقول: (اللهم فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى). حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.
أن رسول الله ﷺ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الذي مات فيه، يقول: (أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا). يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ ريقي. ثم قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فقضمته، ثُمَّ مَضَغْتُهُ،
فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فاستن به، وهو مستند إلى صدري.
(فقضمته) كسرت منه بأطراف أسناني من الجزء الذي كان يستاك به عبد الرحمن رضي الله عنه.
توفي النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِي وفي يومي، وبين سحري ونحري، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض، فذهبت أعوذه، فرفع رأسه إلى السماء وقال: (في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى). ومر عبد الرحمن بن أبي بكر، وفي يده جريدة رطبة، فنظر اليه النبي ﷺ، فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها، فمضغت رأسها، ونفضتها، فدفعنها إليه، فاستن بها كأحسن ما كان مستنا، ثم ناولنيها، فسقطت يده، أو: سقطت من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخرة.
[ر: ٨٥٠]
أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله ﷺ وهو مغشي بتوب جبرة، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، والله لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ التي كتبت عليك فقد متها.
قال الزهري: حدثني أبو سلمة، عن عبد الله بن عباس: أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. قال الله: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل – إلى قوله – الشاكرين﴾. وقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها.
فأخبرني سعيد بن المسيب: أن عمر قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ مات.
[ر: ١١٨٤]
أن أبا بكر رضي الله عنه قبل النبي ﷺ بعد موته.
[٥٣٨٢]
لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فلما أفاق قال: (ألم أنهكم يُشِيرُ إِلَيْنَا: أَنْ لَا تَلُدُّونِي: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: (أَلَمْ أَنْهَكُمْ⦗١٦١٩⦘
أَنْ تَلُدُّونِي). قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: (لا يبقى أحد في البيت إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا الْعَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لم يشهدكم).
رواه ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٥٣٨٢، ٦٤٩٢، ٦٥٠١]
(لددناه) جعلنا في جانب فمه دواء بغير اختباره، فهذا هو اللد، والاسم منه اللدود، والذي جعل في الحلق يسمى الوجور، والذي يجعل في الأنف السعوط. (كراهية المريض للدواء) أي يقول هذا كراهية للدواء كما يكرهه كل مريض
أن النبي ﷺ أوصى إلى علي، فقالت: من قاله، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وإني لمسندته إلى صدري، فدعا بالطست، فانحنث، فمات، فما شعرت، فكيف أوصى إلى علي؟
[ر: ٢٥٩٠]
أوصى النبي ﷺ؟ فقال: لا، فقلت: كيف كتب على الناس وصية، أو أمروا بها؟ قال: أوصى بكتاب الله.
[ر: ٢٥٨٩]
مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة.
[ر: ٢٥٨٨]
٤١٩٣ – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ جعل يتغشاه، فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم). فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله ﷺ التراب.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: (إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ
حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ). فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت، ثم قال: (اللهم الرفيق الأعلى). فقلت: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كان يحدثنا وهو صحيح، قالت: فكانت آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى).
[ر: ٤١٧١]
أن النبي ﷺ لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا.
[٤٦٩٤]
أن الرسول ﷺ توفي وهو ابن ثلاث وستين.
قال ابن شهاب: وأخبرني سعيد بن المسيب مثله.
[ر: ٣٣٤٣]
توفي النبي ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين. يعني صاعا من شعير.
[ر: ١٩٦٢]
استعمل النبي ﷺ أسامة، فقالوا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ بلغني أنكم قلتم في أسامة، وإنه أحب الناس إلي).
أن رسول الله ﷺ بعث بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس⦗١٦٢١⦘
في إمارته، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقال: (إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ في إمارة أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لخليفا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس لي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده).
[ر: ٣٥٤٢]
متى هاجرت؟ قال: خرجنا من اليمن مهاجرين، فقدمنا الجحفة، فأقبل راكب فقلت له: الخبر؟ فقال: دفنا النبي ﷺ منذ خمس، قلت: هل سمعت في ليلة القدر شيئا؟ قال: نعم، أخبرني بلال مؤذن النبي ﷺ: أنه سمع في السبع في العشر الأواخر.
كم غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قال: سبع عشرة، قلت: كم غزا النبي ﷺ؟ قال: تسع عشرة.
[ر: ٣٧٣٣]
غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ خمس عشرة.
غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ست عشرة غزوة.