٦٧ – كتاب المغازي 2

٣٦ – باب: غزوة خيبر.
٤ ‏/ ١٥٣٧
٣٩٥٩ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يسار: أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ:
أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَامَ خيبر، حتى أذا كنا بالصهباء، وهي من أدنى خيبر، صلى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بالسويق، فأمر به فثري، فأكل وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثم صلى ولم يتوضأ.
[ر: ٢٠٦]
٤ ‏/ ١٥٣٧
٣٩٦٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر، يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا حداء، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا … وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فداء لك ما اتقينا … وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … إنا إذا صيح بنا أبينا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ هَذَا السَّائِقُ). قَالُوا: عامر بن الأكوع، قال: (يرحمه⦗١٥٣٨⦘
الله). قال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لولا أمتعتنا به؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء الْيَوْمَ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ). قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: (عَلَى أَيِّ لَحْمٍ). قَالُوا: لحم حمر الإنسية، قال النبي ﷺ: (أهريقوها واكسروها). قال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: (أَوْ ذَاكَ). فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سيف عمر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو آخذ بيدي قال: (مالك). قلت له: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عمله؟ قال النبي ﷺ: (كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ – وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ – إِنَّهُ لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله). حدثنا قتيبة: حدثنا حاتم، قال: (نشأ بها).
[ر: ٢٣٤٥]


(هنيهاتك) جمع هنيهة، مصغر هنة، وفي نسخة: هنياتك. جمع هنية، وهي كناية عن كل شيء لا تذكره باسمه ولا تخص به شيئا من غيره، وقيل معناها الأراجيز، جمع أرجوزة، وهي القصيدة من بحر الرجز. (يحدو) من الحدو، وهو الغناء للإبل عند سوقها. (فاغفر .. ما اتقينا) ما تركناه من الأوامر. في نسخة (ما أبقينا) أي خلفنا وراءنا مما اكتسبنا من الآثام، وما أبقيناه وراءنا من الذنوب فلم نتب منه. (صيح بنا) دعينا إلى غير الحق. (أبينا) امتنعنا من دعوة غير الحق، وفي نسخة: (أتينا) أي إذا دعينا إلى القتال أو الحق جئنا إليه. (عولوا) قصدوا واستغاثوا. (وجبت) ثبتت له الشهادة التي يعقبها دخول الجنة ببركة دعائك. (امتعتنا به) هلا أبقيته لنا لنتمتع بشجاعته. (مخمصة) مجاعة. (تصاف القوم) تقابلوا صفوفا للقتال. (ذباب سيفه) حده. (حبط علمه) أي بطل عمل عامر، لأنه قتل نفسه بسيفه. (لجاهد) يجهد نفسه بالطاعة. (مجاهد) في سبيل الله تعالى. (بها) بهذه الخصلة الحميدة، وهي الجهاد مع الجهد. (نشأ) شب وكبر.
٤ ‏/ ١٥٣٧
٣٩٦١ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ أتى خيبر ليلا، وكان إذا أتى قوما بليل لم يغز بهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالو: محمد والله، محمد والخميس. فقال النبي ﷺ: (خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بسحة القوم فساء صباح المنذرين).


(لم يغر بهم) من الإغارة، وفي نسخة: (لم يقربهم).
٤ ‏/ ١٥٣٨
٣٩٦٢ – أخبرنا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا أيوب، عن محمد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
صبحنا خيبر بكرة، فخرج أهلها بالمساحي، فلما بصروا بالنبي ﷺ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، محمد والخميس. فقال النبي ﷺ:⦗١٥٣٩⦘
(اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بساحة قوم فساء صباح المنذرين). فأصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي ﷺ: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس).
[ر: ٣٦٤]


(رجس) قذر ونتن.
٤ ‏/ ١٥٣٨
٣٩٦٣ – حدثناعبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الحمر، فسكت، ثم أتاه الثانية فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثالثة فَقَالَ: أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحمر الأهلية). فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم.
[٥٢٠٨، وانظر: ٣٦٤]
(أفنيت) أنهي وجودها من كثرة ما ذبح منها. (فأكفئت) قلبت وألقي ما فيها. (لتفور) يشتد غليانها.
٤ ‏/ ١٥٣٩
٣٩٦٤ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الصبح قريبا من خيبر بغلس، ثم قَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نزلنا بساحة القوم فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ). فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فقتل النبي ﷺ المقاتلة وسبى الذرية، وكان فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فجعل عتقها صداقها. فقال: عبد العزيز بن صهيب لثابت: يا أبا محمد، آنت قلت لأنس: ما أصدقها؟ فحرك ثابت رأسه تصديقا له.


(بغلس) ظلمة الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.
٤ ‏/ ١٥٣٩
٣٩٦٥ – حدثنا آدم: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يقول: سبى النبي ﷺ صفية، فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها، فأعتقها.
[ر: ٣٦٤]
٤ ‏/ ١٥٣٩
٣٩٦٦ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله ﷺ إلى عسكره ومال الأخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله ﷺ رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فُلَانٌ،⦗١٥٤٠⦘
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أما إنه من أهل النار). فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه لكما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فخرج الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله ﷺ فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: (وما ذاك). قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عند ذلك: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار. إن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).
[ر: ٢٧٤٢]


(رجل) اسمه قزمان الظفري، يكنى أبا الغيداق. (رجل) هو أكثم بن أبي الجون، رضي الله عنه.
٤ ‏/ ١٥٣٩
٣٩٦٧ – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: شهدنا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ: (هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ). فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة، فكاد بعض الناس يرتاب، فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه، فاشتد رجال من المسلمين فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انتحر فلان فقتل نفسه، فقال: (قم يا فلان، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر).
تابعه معمر، عن الزهري. وقال شبيب، عن يونس، عن ابن شهاب: أخبرني ابن المسيب، وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ أبا هريرة قال: شهدنا مع النبي ﷺ خيبر. وقال ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. تابعه صالح عن الزهري. وقال الزبيدي: أخبرني الزهري: أن عبد الرحمن بن كعب أخبره: أن عبيد الله بن كعب قال: أخبرني من شهد مع النبي ﷺ خيبر.
وقال الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وسعيد، عن النبي ﷺ.
[ر: ٢٨٩٧]


(كنانته) الكنانة جعبة صغيرة من جلد يوضع فيها النبل. (فاشتد) أسرع في الجري. (فلان) هو بلال رضي الله عنه.
٤ ‏/ ١٥٤٠
٣٩٦٨ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال:
لما غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ، أو قال: لما توجه رسول الله ﷺ، أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر الله أكبر، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم). وأنا خلف دابة رسول الله ﷺ، فسمعني وأنا أقول: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ لي: (يا عبد الله بن قيس). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة). قلت: بلى يا رسول الله، فداك أبي وأمي، قَالَ: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ).
[ر: ٢٨٣٠]


(حول) قدرة على دقة التصرف في الأمور. (كنز من كنوز الجنة) أي أجرها مدخر لقائلها والمتصف بها كما يدخر الكنز، وهو المال المجموع المحرز.
٤ ‏/ ١٥٤١

٣٩٦٩ – حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي ﷺ فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة.


(فنفث) من النفث، وهو فوق النفخ ودون التفل، وقد يكون بريق خفيف وبغير ريق. (اشتكيتها) تألمت منها وتوجعت. (حتى الساعة) أي فما اشتكيتها في زمن مضى حتى ساعتي هذه.
٤ ‏/ ١٥٤١

٣٩٧٠ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ: التقى النبي ﷺ والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركون شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه، فقيل: يا رسول الله، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان، فقال: (إنه من أهل النار). فقالوا: أينا من أهل الجنة، إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: لأتبعنه، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جرح، فاستعجل الموت، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فجاء الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: (وَمَا ذاك). فأخبره، فقال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنه، فيما يبدو للناس،

⦗١٥٤٢⦘
وإنه من أهل النار. ويعمل بعمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).
[ر: ٢٧٤٢]

٤ ‏/ ١٥٤١

٣٩٧١ – حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي: حدثنا زياد بن الربيع، عن أبي عمران قال: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر.


(طيالسة) جمع طيلسان، وهو نوع من الثياب الأعجمية كان يلبسها اليهود، ولعلها نوع من الأوسمة توضع على الكتف وهي بدون خياطة. (الساعة) هذا الوقت، على حالهم هذه يشبهون يهود خيبر.
٤ ‏/ ١٥٤٢
٣٩٧٢ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قال:
كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي ﷺ، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت، قال: (لأعطين الراية غدا، أو: ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه). فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه.
[ر: ٢٨١٢]
٤ ‏/ ١٥٤٢
٣٩٧٣ – حدثنا قتيبة قن سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبي حازم قال: أخبرني سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رسول الله ﷺ قال يوم خيبر: (لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله ﷺ كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: (أين علي ابن أبي طالب). فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: (فأرسلوا إليه). فأتي به فبصق رسول الله ﷺ في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحد، خير لك من أن يكون لك حمر النعم).
[ر: ٢٧٨٣]
٤ ‏/ ١٥٤٢
٣٩٧٤ – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن عبد الرحمن (ح). وحدثني أحمد بن عيسى: حدثنا وهب قال: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
قدمنا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ⦗١٥٤٣⦘
عَلَيْهِ الْحِصْنَ، ذُكِرَ له جمال صفية بنت حيي ابن أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النبي ﷺ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حتى بلغنا سد الصهباء حلت، فبنى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قال: (آذن من حولك). فكانت تلك وليمته على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيت النبي ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب.

٤ ‏/ ١٥٤٢
٣٩٧٥ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عن يحيى، عن حميد لطويل: سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام، حتى أعرس بها، وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب.


(أقام) في المنزل الذي أعرس فيه، وأعرس من الإعراس، وهو الدخول بالمرأة. (فيمن ضرب عليها الحجاب) أي كانت من أمهات المؤمنين زوجات رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لَأَنْ ضرب الحجاب كان على الزوجات، اللاتي لا يكن إلا حرائر بالنسبة له ﷺ.
٤ ‏/ ١٥٤٣
٣٩٧٦ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يقول:
أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفيه، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالا بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالْأَقِطُ وَالسَّمْنُ، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا ملكت يمينه. فلما ارتحل وطأ لها خلفه، ومد الحجاب.
[ر: ٣٦٤]


(وطأ لها خلفه) أصلح لها مكانا على الراحلة لتركب عليها. (مد الحجاب) مد عليها ما يحجبها.
٤ ‏/ ١٥٤٣
٣٩٧٧ – حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة. وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن حيمد بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قال:
كنا محاصري خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ ﷺ فاستحييت.
[ر: ٢٩٨٤]
٤ ‏/ ١٥٤٣
٣٩٧٨ – حدثني عبيد الله بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عن نافع وسالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى يوم خيبر عن أكل الثوم، وعن لحوم⦗١٥٤٤⦘
الحمر الأهلية.
نهى عن أكل الثوم: هو عن نافع وحده. ولحوم الحمر الأهلية: عن سالم.
[٣٩٨٠، ٣٩٨١، ٥٢٠٢، وانظر: ٨١٥]
٤ ‏/ ١٥٤٣
٣٩٧٩ – حدثني يحيى بن قزعة: حدثنا ملك، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
[٤٨٢٥، ٥٢٠٣، ٦٥٦٠]
أخرجه مسلم في النكاح، باب: نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ. وفي الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم: ١٤٠٧ (متعة النساء) زواج المرأة لمدة معينة، بلفظ التمتع، على قدر من المال. كان مباحا ثم حرم باتفاق من يعتد به من علماء المسلمين.
٤ ‏/ ١٥٤٤
٣٩٨٠ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: حدثنا عبيد الله ابن عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية.


أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم: ٥٦١).
٤ ‏/ ١٥٤٤
٣٩٨١ – حدثني إسحاق بن نصر: حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا عبيد الله، عن نافع وسالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن أكل لحوم الحمر الأهلية.
[ر: ٣٩٧٨]
٤ ‏/ ١٥٤٤
٣٩٨٢ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله رضي الله عنهما قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، ورخص في الخيل.
[٥٢٠١، ٥٢٠٤]
أخرجه مسلم في الصيد والذبائح باب: في أكل لحم الخيل، رقم: ١٩٤١).
٤ ‏/ ١٥٤٤
٣٩٨٣ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ الشيباني قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يقول:
أصابتنا مجاعة يوم خيبر، فإن القدور لتغلي، وقال: وبعضها نضجت، فجاء منادي النبي ﷺ: (لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا، وأهريقوها). قال ابن أبي أفى: فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس، وقال بعضهم، نهى عنها ألبتة، لأنها كانت تأكل العذرة.


(ألبتة) قطعا، من البت وهو القطع، والأشهر أن همزتها قطع. (العذرة) النجاسة.
٤ ‏/ ١٥٤٤
٣٩٨٤ – حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أخبرني عدي بن ثابت، عن البراء وعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهم:
أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فأصابوا حمرا فطبخوها، فنادى منادي رسول الله ﷺ: (أكفئوا القدور).


أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم: ١٩٣٨).
٤ ‏/ ١٥٤٥
٣٩٨٥ – حدثني إسحاق: حدثنا عبد الصمد: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْتُ الْبَرَاءِ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهم يحدثان،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قال يوم خيبر، وقد نصبوا القدور: (أكفئوا القدور).
حدثنا مسلم: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ البراء قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، نحوه.
٤ ‏/ ١٥٤٥
٣٩٨٦ – حدثني إبراهيم بن موسى: أخبرنا ابن أبي زائدة: أخبرنا عاصم، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ في غزوة خيبر: أن نلقي الحمر الأهلية نيئة ونضيجة، ثم لم يأمرنا بأكله بعد.
[ر: ٢٩٨٦]
٤ ‏/ ١٥٤٥
٣٩٨٧ – حدثني محمد بن أبي الحسين: حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي، عن عاصم، عن عامر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لا أدري أنهى عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرمه في خيبر: لحم الحمر الأهلية.


أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم ١٩٣٩.
(حمولة الناس) يحمل عليها الناس أمتعتهم، والحمولة كل ما يحمل عليه من الدواب. (لحم الحمر) بيان للضمير في قوله (حرمه) أي حرم لحم الحمر الأهلية. (لحم) منصوب بفعل تقديره أعني.
٤ ‏/ ١٥٤٥
٣٩٨٨ – حدثنا الحسن بن إسحاق: حدثنا محمد بن سابق: حدثنا زائدة، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما. قال: فسره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم.
[ر: ٢٧٠٨]
٤ ‏/ ١٥٤٥

٣٩٨٩ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ

⦗١٥٤٦⦘
بْنِ المسيب: أن جبير بن مطعم أخبره قال:
مشيت أنا وعثمان بن عفان إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقُلْنَا أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن بمنزلة واحدة منك. فقال: (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد). وقال جبير: ولم يقسم النبي ﷺ لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا.
[ر: ٢٩٧١]

٤ ‏/ ١٥٤٥
٣٩٩٠ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حدثنا يزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أبي موسى رضي الله عنه قال:
بلغنا مخرج النبي مخرج النبي ﷺ ونحن باليمن، فخرجنا إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو: اثنين وخمسين رجلا في قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي ﷺ حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا، يعني لأهل السفينة: سبقناكم بالهجرة. ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة زوج النبي ﷺ زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: آلحبشية هذه، آلبحرية هذه؟ قالت أسماء: نعم، قال: سبقانكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم، فغضبت وقالت: كلا والله، كنتم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار – أو في أرض – البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله ورسوله ﷺ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا، حتى أذكر ما قلت لرسول الله ﷺ، ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي ﷺ⦗١٥٤٧⦘
وأسأله، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه. فلما جاء النبي ﷺ قالت: يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا؟ قال: (فما قلت له). قالت: قلت له كذا وكذا، قال: (ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم – أهل السفينة – هجرتان). قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا، يسألونني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ أَبُو بردة: قالت أسماء: رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم رضي الله عنهم، رقم: ٢٥٠٢، ٢٥٠٣.
(من هذه) فيه دلالة على أنها كانت مستورة الوجه، إذ لو كانت مكشوفة لعرفها بمجرد رؤيتها، ولما احتاج أن يستفسر عنها. وهذا دليل على أن حجاب المرأة المسلمة يشمل الوجه، وان هذا كان شائعا مألوفا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهو الذي فهمه زوجات أصحابه، رضوان الله عليهم وعليهن، من آيات الله عز وجل وبيان رسوله ﷺ. (آلحبشية) نسبها إلى الحبشة لأنها هاجرت إليها وسكنت فيها. (آلبحرية) أي التي ركبت البحر عند هجرتها. (البعداء) عن الدين، جمع بعيد. (البغضاء) للدين، جمع بغيض. (في الله) في سبيله وطلب رضاه. (وايم الله) أيمن الله، وهو من صيغ القسم. (أزيغ) أميل عن الحق وأبتعد عنه.
٤ ‏/ ١٥٤٦
٣٩٩١ – وقال أبو بردة، عن أبي مُوسَى:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار، ومنهم حكيم، إذا لقي الخيل، أو قال: العدو، قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم).


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأشعريين رضي الله عنهم، رقم: ٢٤٩٩.
(حكيم) أي رجل ذو حكمة وشجاعة. (تنظروهم) وفي نسخة (تنتظروهم) أي إن هذا الحكيم يقول للعدو إذا واجهه: إن أصحابي يحبون القتال في سبيل الله، لا يبالون بما يصيبهم في ذلك، فانتظروهم حتى يأتوكم. وعلى رواية (لقي الخيل) يحتمل أن يكون خيل المسلمين. ومعناه: أن أصحابه كانوا رجالة على أقدامهم، فكان يأمر الفرسان أن ينتظروهم ليسيروا معهم إلى العدو.
٤ ‏/ ١٥٤٧
٣٩٩٢ – حدثني إسحاق بن إبراهيم: سمع حفص بن غياث: حدثنا بريد ابن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي موسى قَالَ:
قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا.
[ر: ٢٩٦٧]
٤ ‏/ ١٥٤٧
٣٩٩٣ – حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عمرو: حدثنا أبو إسحاق، عن مالك بن أنس قال: حدثني ثور قال: حدثني سالم مولى بن مطيع: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يقول:
افتتحنا خيبر، ولم نغنم ذهبا أو فضة، انما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط، ثم انصرفنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى وادي القرى، ومعه عبد له يقال له مدعم،⦗١٥٤٨⦘
أهداه له أحد بني الضباب، فبينما هو يحط رحل رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ جاءه سهم عائر، حتى أصاب ذلك العبد، فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بل، والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أصابها يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لتشتعل عليه نارا) فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي ﷺ بشراك أو بشراكين، فقال: هذا شيء كنت أصبته، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (شراك، – أو شراكان – من نار).
[٦٣٢٩]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، رقم: ١١٥.
(المتاع) كل ما ينتفع به ويرغب في اقتنائه من طعام وأثاث وسلع وأموال ونحوها. (الحوائط) جمع حائط، وهو البستان من النخيل. (وادي القرى) اسم موضع بقرب المدينة. (أحد بني الضباب) هو رفاعة بن زيد، وبنو الضباب قبيلة، والضباب جمع ضب، وهو دويبة معروفة في الحجاز. (رحل) ما يوضع على البعير ليركب عليه. (عائر) حائد عن قصده، لا يدري من أين أتى. (أصابها) أخذها ونالها. (لم تصبها المقاسم) أي قسمة الغنائم المشروعة، لأنه أخذها قبل قسمة الغنيمة، فهي غلول أي خيانة. (بشراك) هو سير النعل على ظهر القدم.
٤ ‏/ ١٥٤٧
٣٩٩٤ – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن جعفر قال: أخبرني زيد، عن أبيه: أنه سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:
أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء، ما فتحت علي قرية إلا قسمتها، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها.


(ببانا) فقراء معدمين لا شيء لهم، متساوين في الفقر. (خزانة لهم) كالخزانة يقتسمون ما فيها كل وقت.
٤ ‏/ ١٥٤٨
٣٩٩٥ – حدثني محمد بن المثنى: حدثنا ابن مهدي، عن مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قال:
لولا آخر المسلمين، ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها، كما قسم النبي صلى الله ﷺ خيبر.
[ر: ٢٢٠٩]
٤ ‏/ ١٥٤٨
٣٩٩٦ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: سمعت الزهري، وسأله إسماعيل بن أمية، قال: أخبرني عنبسة بن سعيد:
أن أبا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فسأله، قال له بعض بني سعيد بن العاص: لا تعطه، فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقل، فقال: واعجباه لوبر، تدلى من قدوم الضأن.
ويذكر الزبيدي، عن الزهري قال: أخبرني عنبية بن سعيد:
أنه سمع أبا هريرة يخبر سعيد بن العاص قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبان على سرية من المدينة قبل نجد، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على النبي ﷺ بخيبر بعد ما افتتحها، وإن حزم خيلهم، وإن حزم خيلهم لليف.⦗١٥٤٩⦘
قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، لاتقسم لهم، قال أبان: وأنت بهذا يا وبر، تحدر من رأس ضأن. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا أبان اجلس). فلم يقسم لهم.

٤ ‏/ ١٥٤٨
٣٩٩٧ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يحيى بن سعيد قال: أخبرني جدي،
أن أبان بن سعيد أقبل إلى النبي ﷺ فسلم عليه، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، هذا قاتل ابن قوقل، فقال أبان لأبي هريرة: واعجبا لك، وبر تدأدأ من قدوم ضأن، ينعى علي امرأ أكرمه الله بيدي، ومنعه أن يهينني بيده.
[ر: ٢٦٧٢]


(تدأدأ) أقبل علينا مسرعا.
٤ ‏/ ١٥٤٩
٣٩٩٨ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة:
أن فاطمة عليها السلام، بنت النبي ﷺ، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خبير، فقال أبو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آل محمد ﷺ فِي هَذَا الْمَالِ). وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله ﷺ عن حالها التي كانت عليها فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ولأعملن فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ﷺ ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك، كراهية لمحضر عمر، فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسيتهم أن يفعلوا بي، والله لآتيهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي، فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نصيبا، حتى فاضت عينا⦗١٥٥٠⦘
أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال، فلم آل فيها عن الخير، ولم أترك أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يصنعه فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر، فتشهد، وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر وتشهد علي، فعظم حق أبي بكر، وحدث: أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر، ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا، فوجدنا في أنفسنا. فسر بذلك المسلمون وقالوا: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا، حين راجع الأمر المعروف.
[ر: ٢٩٢٦]


(فوجدت) من الموجدة وهي الغض، وحصل ذلك لها على مقتضى البشرية، ثم سكن بعد ذلك لما علمت وجه الحق. (فهجرته) لم تلتق به. (يؤذن) يعلم. (وجه) عذر في عدم مبايعته، لاشتغاله ببنت رسول الله ﷺ وتسلية خاطرها. (استنكر ..) رآها متغيرة وكأنها تنكر عليه. (كراهية لمحضر عمر) أي مخافة أن يحضر عمر رضي الله عنه معه، وإنما كره ذلك لأن حضوره قد يكثر المعاتبة. (لم ننفس) لم نحسدك على الخلافة. (استبددت) من الاستبداد، وهو الاستقلال بالشيء، أي لم تعطنا شيئا من الإمارة أو الولاية، ولم تأخذ رأينا فيها. (بالأمر) بأمر الخلافة. (فلم آل) أقصر. (عذره) قبل عذره. (قريبا) قريبين منه ومجيبين له ومقدرين. (راجع الأمر المعروف) أي رجع إلى ما هو حق وخير ومطابق لشرع الله عز وجل، ووافق الصحابة رضي الله عنهم بالمبايعة للخلافة.
٤ ‏/ ١٥٤٩
٣٩٩٩ – حدثني محمد بن بشار: حدثنا حرمي: حدثنا شعبة قال: أخبرني عمارة، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع التمر.
٤ ‏/ ١٥٥٠
٤٠٠٠ – حدثنا الحسن: حدثنا قرة بن حبيب: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر.
٤ ‏/ ١٥٥٠
٣٧ – باب: استعمال النبي صلى الله عليه على أهل خيبر.
٤ ‏/ ١٥٥٠
٤٠٠١ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ المجيد بن سهيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري وأبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هكذا). فقال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ لاصاع من هذا بالصاعين، بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ: (لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا).
وقال عبد العزيز بن محمد: عن عبد المجيد، عن سعيد: ان أبا سعيد وأبا هريرة حدثاه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ أخا بني عدي من الأنصار إلى خيبر، فأمره عليها.
وعن عبد المجيد، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وأبي سعيد: مثله.
[ر: ٢٠٨٩]
٤ ‏/ ١٥٥٠
٣٨ – باب: معاملة النبي ﷺ أهل خيبر.
٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠٠٢ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نافع، عن عبد الله رضي الله عنه قال:
أَعْطَى النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ الْيَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يخرج منها.
[ر: ٢١٦٥]
٤ ‏/ ١٥٥١
٣٩ – باب: الشاة التي سمت للنبي ﷺ بخيبر.
رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠٠٣ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حدثني سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ.
[ر: ٢٩٩٨]
٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠ – باب: غزوة زيد بن حارثه.
٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠٠٤ – حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا سفيان بن سعيد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ:
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أسامه على قوم فطعنوا في إمارته، فقال: (إن تطعنوا في إمارته، فقد طعنتم فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لقد كان خليفا للإمارة، وإن كان من أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ الناس إلي بعده).
[ر: ٣٥٢٤]


(فطعنوا …) عابوا، وقالوا: لا يصلح للإمارة، ونحو ذلك. (وايم الله) صيغة من صيغ القسم. (خليقا) جديرا.
٤ ‏/ ١٥٥١
٤١ – باب: عمرة القضاء.
ذكره أنس، عن النبي ﷺ.
٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠٠٥ – حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:
لما اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا، ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: (أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله). ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (امح رسول الله). قال علي: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ⦗١٥٥٢⦘
رَسُولُ الله ﷺ الكتاب، وليس يحسن يكتب، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله، لا يدخل مكة السلاح إلا السيف فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يمنع من أصحابه أحدا إن أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ، فتبعته ابنة حمزة، تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابنة عمك احمليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، قال علي: أنا أخذتها، وهي بنت عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: (الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ). وَقَالَ لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ). وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: (أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي). وَقَالَ لزيد: (أنت أخونا ومولانا). وقال علي: ألا تتزوج بنت حَمْزَةَ؟ قَالَ: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ).
[ر: ١٦٨٩]

٤ ‏/ ١٥٥١
٤٠٠٦ – حدثني محمد هو ابن رافع: حدثنا سريج: حدثنا فليح (ح). قال: وحدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم قال: حدثني أبي: حدثنا فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إِلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا إِلَّا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ المقبل، فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن أقام به ثلاثا، أمروه أن يخرج فخرج.
[ر: ٢٥٥٤]
٤ ‏/ ١٥٥٢
٤٠٠٧ – حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عائشة، ثم قال: كَمْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ، قال: أربعا، ثم سمعنا استنان عائشة، قال عروة: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أبو عبد الرحمن: إن النبي ﷺ اعتمر أربع عمر، فقالت: ما اعتمر النبي ﷺ عمرة إلا هو شاهده، وما اعتمر رجب قط.
[ر: ١٦٦٥]
٤ ‏/ ١٥٥٢

٤٠٠٨ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن إسماعيل بن أبي خالد: سمع ابن

⦗١٥٥٣⦘
أبي أوفى يقول:
لما اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سترناه من غلمان المشركين ومنهم، أن يؤذوا رسول الله ﷺ.
[ر: ١٥٢٣]

٤ ‏/ ١٥٥٢
٤٠٠٩ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وفد وهنتهم حمى يثرب، وأمرهم النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.
وزاد ابن سلمة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ لعامه الذي استأمن، قال: (أرملوا). ليرى المشركون قوتهم، والمشركون من قبل قعيقعان.
[ر: ١٥٢٥]


(لعامه الذي استأمن) عام عمرة القضاء، حيث أمنته قريش حتى يدخل مكة ويعتمر. (من قبل) من جهة. (قعيقعان) جبل في مكة كانت قريش مشرفة من عليه.
٤ ‏/ ١٥٥٣
٤٠١٠ – حدثني محمد، عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرٌو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
إنما سعى النبي ﷺ بالبيت، وَبَيْنَ الصَّفَا والمروة، ليري المشركين قوته.
[ر: ١٥٦٦]
٤ ‏/ ١٥٥٣
٤٠١١ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
تزوج النبي ﷺ ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف.
وزاد ابن إسحاق: حدثني ابن أبي نجيح وأبان بن صالح، عن عطاء ومجاهد، عن ابن عباس قال: تزوج النبي ﷺ ميمونة في عمرة القضاء.
[ر: ١٧٤٠]


(تزوج) عقد عقده. (بنى بها) دخل بها. (ماتت) أي حين ماتت، لا في نفس تلك العمرة. (بسرف) موضع على ستة أميال من مكة.
٤ ‏/ ١٥٥٣
٤٢ – باب: غزوة مؤتة من أرض الشام.
٤ ‏/ ١٥٥٣

٤٠١٢ – حدثنا أحمد: حدثنا ابن وهب، عن عمرو، عن ابن أبي هلال

⦗١٥٥٤⦘
قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر أخبره: أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دبره. يعني في ظهره.


(يومئذ) يوم مؤته، ومؤته اسم للمكان وقعت فيه المعركة يومها. (طعنة) برمح. (ضربة) بسيف. (دبره) ظهره، أي إنه لم يول ظهره للعدو لشجاعته وإقدامه، وتولية الظهر كناية عن الفرار والجبن.
٤ ‏/ ١٥٥٣
٤٠١٣ – أخبرنا أحمد بن أبي بكر: حدثنا مغيرة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعيد، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة). قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين، من طعنة ورمية.


(بضعا) من ثلاث الى تسع. (رمية) بسهم.
٤ ‏/ ١٥٥٤
٤٠١٤ – حدثنا أحمد بن واقد: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد بن هلاب، عن أنس رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب). وعيناه تذرفان: (حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم).
[ر: ١١٨٩]
٤ ‏/ ١٥٥٤
٤٠١٥ – حدثنا قتيبة: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ:
سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابن حارثة، وجعفر ابن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يعرف فيه الحزن، قالت عائشة: وأنا أطلع من صائب الباب، تعني من شق الباب، فأتاه رجل، فقال: أي رسول الله إن نساء جعفر، قالت: وذكر بكاءهن، فأمره أن ينهاهن، قال: فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وذكر أنهن لم يطعنه، قال: فأمر أيضا، فذهب ثم أتى فقال: والله لقد غلبننا، فزعمت أن رسول الله ﷺ قال: (فاحث في أفواههن من التراب). قالت عائشة: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ تفعل، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ⦗١٥٥٥⦘
من العناء.
[ر: ١٢٣٧]


(صائر الباب) الرواية هكذا بفتح الصاد بعد ألف، والصواب: صير، بكسر الصاد بعدها ياء. [عسقلاني وقسطلاني]].
٤ ‏/ ١٥٥٤
٤٠١٦ – حدثني محمد بن أبي بكر، حدثنا عرم بن علي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر قال: كان ابن عمر إذا حيا ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين،.
[ر: ٣٥٠٦]
٤ ‏/ ١٥٥٥
٤٠١٧ – حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لعد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية.
٤ ‏/ ١٥٥٥

٤٠١٨ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قال: حدثني قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية.


(دق) كسر قطعا قطعا. (صبرت) بقيت، لم تنقطع ولم تكسر. (صفيحة لي يمانية) سيف عريض النصل من صنع اليمن.
٤ ‏/ ١٥٥٥

٤٠١٩ – حدثني عمران بن ميسرة: حدثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن عامر، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: وا جبلاه، وا كذا وكذا، تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي: آنت كذلك.


(أغمي) مرض وحصل له الإغماء من شدة المرض. (واجبلاه) من صيغ الندبة، وهي تعداد محاسن الميت. (تعدد عليه) تذكر محاسنه أثناء البكاء، ومثل هذا منهي عنه، لأن معناه: يا من كان سندنا ومعتمدنا، والسند والمعتمد هو الله عز وجل، لذلك قيل له: آنت؟. والظاهر: أن القائل هم الملائكة. (آنت كذلك) استفهام إنكاري، أي لم يقولون هذا وأنت لست كذلك؟.
٤ ‏/ ١٥٥٥
٤٠٢٠ – حدثنا قتيبة: حدثنا عبثر، عن حصين، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير قال: أغمي على عبد الله بن رواحة: بهذا، فلما مات لم تبك عليه.
٤ ‏/ ١٥٥٥
٤٣ – بَاب: بَعْثِ النَّبِيِّ ﷺ أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهنية.
٤ ‏/ ١٥٥٥

٤٠٢١ – حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا حصين: أخبرنا أَبُو ظَبْيَانَ

⦗١٥٥٦⦘
قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ رضي الله عنهما يقول: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ: فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فكف الأنصاري عنه، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي ﷺ فقال: (يا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إلا الله). قلت: كان متعوذا، فما زال يكررها، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلك اليوم.
[٦٤٧٨]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، رقم: ٩٦.
(الحرقة) قبيلة من جهينة. (رجلا) هو مرادس بن نهيك. (متعوذا) مستجيرا من القتل. (يكررها) أي يكرر إنكاره عليه وقوله.
٤ ‏/ ١٥٥٥
٤٠٢٢ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد قال: سمعت سلمة بن الأكوع يقول: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غزوات، وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات، مرة علينا أبو بكر، ومرة علينا أسامة.
وقال عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عن يزيد بن أبي عبيد قال: سمعت سلمة يقول: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غزوات، وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات، علينا مرة أبو بكر، ومرة أسامة.


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: عدد غزوات النبي صلى الله
عليه وسلم، رقم ١٨١٥.
(البعوث) جمع بعث، وهو الجيش الذي يبعثه رسول الله ﷺ إلى العدو ولا يخرج فيه.
٤ ‏/ ١٥٥٦

٤٠٢٣ – حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، بن الأكوع رضي الله عنه قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غزوات، وغزوت مع ابن حارثة، استعمله علينا.


(ابن حارثة) هو زيد رضي الله عنه. (استعمله) جعله أميرا، والظاهر أن هذا في غزوة مؤتة.
٤ ‏/ ١٥٥٦

٤٠٢٤ – حدثنا محمد بن عبد الله: حدثنا حماد بن مسعدة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بن الأكوع قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غزوات، فذكر خيبر، والحديبية، ويوم حنين، ويوم القرد، قال يزيد: ونسيت بقيتهم.


(يوم القرد) انظر الحديث: [٣٩٥٨]].
٤ ‏/ ١٥٥٦
٤٤ – باب: غزوة الفتح.
وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النَّبِيِّ ﷺ.
٤ ‏/ ١٥٥٧
٤٠٢٥ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عمرو بن دينار قال: أخبرني الحسن بن محمد: أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنا والزبير والمقداد، فَقَالَ: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها). قال: فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا لها: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، فقلنا، لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب، قال: فأخرجته من عقاصها، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة، إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يا حاطب، ما هذا؟). قال: يا رسول الله، لا تعجل علي، إني كنت امرءا ملصقا في قريش، يقول: كنت حليفا، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين، من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الْإِسْلَامِ. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أما إنه قد صدقكم). فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: (إنه قد شهد بدرا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى من شهد بدرا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). فأنزل الله السورة: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق – إلى قوله – فقد ضل سواء السبيل﴾.
[ر: ٢٨٤٥]


(تعادى بنا خيلنا) أسرعت بنا وتعدت عن مشيتها المتعادة. (السورة) التي تبدأ بهذه الآية المذكورة، وهي سورة الممتحنة. (أولياء) حلفاء ونصراء. (بالمودة) النصيحة. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم من يفعله منكم ..﴾ (أن تؤمنوا) لإيمانكم. (إن كنتم) أي إذا كنتم كذلك فلا تلقوا إليهم بالمودة. (ابتغاء مرضاتي) من أجل الحصول على رضواني. (تسرون إليهم بالمودة) تبعثون إليهم ينصحكم سرا. (ضل سواء السبيل) أخطأ الصواب وابتعد عن طريق الهدى.
٤ ‏/ ١٥٥٧
٤٥ – باب: غزوة الفتح في رمضان.
٤ ‏/ ١٥٥٨
٤٠٢٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة: أن ابن عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غزا غزوة الفتح في رمضان.
قال: وسمعت سعيد بن المسيب يقول مثل ذلك.
وعن عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابن عباس رضي الله عنهما قال:
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حتى إذا بلغ الكديد – الماء الذي بين قديد وعسفان – أفطر، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر.
٤ ‏/ ١٥٥٨
٤٠٢٧ – حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف في مقدمة المدينة، فسار هو من معه من المسلمين إلى مكة، يصوم يصومون، حتى بلغ الكديد، وهو ماء بين عسفان وقديد، أفطر وأفطروا.
قال الزهري: إنما يؤخذ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الآخر فالآخر.


(من أمر رسول الله) من بيانه وسنته. (الآخر فالآخر) أي يجعل ما ثبت أخيرا ناسخا للسابق، ويعمل به.
٤ ‏/ ١٥٥٨
٤٠٢٨ – حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ في رمضان إلى حنين، والناس مختلفون، فصائم ومفطر، فلما استوى على راحلته، دعا بإناء من لبن أو ماء، فوضعته على راحته، أو: على راحلته، ثم نظر إلى الناس، فقال المفطرون للصوام: أفطروا.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: خرج النَّبِيُّ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ.
وقال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ.


(نظر إلى الناس) ليروه وهو يفطر.
٤ ‏/ ١٥٥٨
٤٠٢٩ – حدثنا علي عبد الله: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس قال:
سافر رسول الله ﷺ في رمضان، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء من ماء، فشرب نهارا ليراه الناس، فأفطر حتى قدم مكة.
وقال: وكان ابن عباس يقول: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في السفر وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
[ر: ١٨٤٢]
٤ ‏/ ١٥٥٩
٤٦ – باب: أين ركز النبي ﷺ الراية يوم الفتح.
٤ ‏/ ١٥٥٩
٤٠٣٠ – حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه قال:
لما سار النَّبِيُّ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ، فبلغ ذلك قريشا، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، يلتمسون الخبر عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ماهذه، لكأنها نيران عرفة؟ فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله ﷺ فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأُسَلِّمُ أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: (احبس أبا سفيان عند خطم الجبل، حتى ينظر إلى المسلمين). فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي ﷺ، تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة، قال: يا عباس من هذه؟ قال: هذه غفار، قال: مالي ولغفار، ثم مرت جهينة، قال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم، فقال مثل ذلك، ومرت سليم، فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار، عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكبعة. فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الدمار. ثم جاءت كتيبة⦗١٥٦٠⦘
وهي أقل الكتائب، فيهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وراية النبي ﷺ مع الزبير بن العوام، فلما مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: (ما قال). قال: كذا وكذا، فقال: (كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تكسى فيه الكعبة). قال: وأمر رسول الله ﷺ أن تركز رايته بالحجون.
قال عروة: وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد الله، ها هنا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن تركز الراية؟
قال: وأمر رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل النبي ﷺ من كدا، فقتل من خيل الوليد رضي الله عنه يومئذ رجلان: حبيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري.
[ر: ٢٨١٣]


(أبيه) عروة بن الزبير رحمه الله تعالى. (مر الظهران) موضع قرب مكة. (نيران عرافة) التي كانوا يوقدونها فيها، وكانت عادتهم أن يكثروا منها. (حرس) المكلفون الحراسة والحفظ. (احبس ..) أوقفه. (خطم الجبل) أي أنفه البارز منه حيث يضيق الطريق، فيرى الجيش كله ويكثر في عينه، فينبعث في قلبه الشعور بقوتهم وشأنهم، فيكف عن عداوة المسلمين والتفكير في حربهم، ويتمكن الإسلام في قلبه. وفي نسخة (خطم الخيل) أي ازدحامها. (كتيبة) القطعة المجتمعة من الجيش. (الملحمة) يوم القتل، وقيل يوم حرب لا يوجد فيه مخلص. (تستحل الكعبة) يصبح القتال فيها حلالا. (حبذا) يقال: حبذا الأمر هو حبيب ومفضل، وأصلها حب وذا، فجعلتا كلمة واحدة. (يوم الذمار) يوم الغضب للمحارم والأهل. أو يلزمك فيه حفظي من أن ينالني مكروه. (كذب) أخطأ الصواب. (بالحجون) موضع قريب من مقبرة مكة. (كداء) أعلى مكة. (كدا) أسفل مكة.
٤ ‏/ ١٥٥٩
٤٠٣١ – حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يوم فتح مكة على ناقته، وهو يقرأ سورة الفتح يرجع، وقال: لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع.
[٤٥٥٥، ٤٧٤٧، ٤٧٦٠، ٧١٠٢]
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: ذكر قراءة النبي ﷺ سورة الفتح، رقم: ٧٩٤.
(يرجع) من الترجيع، وهو ترديد القارئ الحرف من الحلق. (قال) القائل هو معاوية بن قرة، رحمه الله تعالى، رواي الحديث. (كما رجع) أي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه.
٤ ‏/ ١٥٦٠
٤٠٣٢ – حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا سعدان بن يحيى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عن أسامة بن زيد: أنه قال زمن الفتح:
يا رسول الله، أين تنزل غدا؟ قال النبي ﷺ: (وهل ترك لنا عقيل من منزل). ثم قال: (لا يرث المؤمن الكافر، ولا يرث الكافر المؤمن).
قيل للزهري: ومن ورث أبا طالب؟ قال: ورثه عقيل وطالب.
قال معمر، عن الزهري: أين تنزل غدا؟ في حجته، ولم يقل يونس: حجته، ولا زمن الفتح.
[ر: ١٥١١]
٤ ‏/ ١٥٦٠
٤٠٣٣ – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (منزلنا – إن شاء الله، إذا فتح الله – الخيف، حيث تقاسموا على الكفر).
٤ ‏/ ١٥٦١
٤٠٣٤ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد: أخبرنا شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ حين أراد حنينا: (مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حيث تقاسموا على الكفر).
[ر: ١٥١٢]
٤ ‏/ ١٥٦١
٤٠٣٥ – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ دخل مكة يوم الفتح على رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: (اقتله). قال مالك: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ فيما نرى – والله أعلم – يومئذ محرما.
[ر: ١٧٤٩]
٤ ‏/ ١٥٦١
٤٠٣٦ – حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه قال:
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ يوم الفتح، وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: (﴿جاء الحق وزهق الباطل﴾. ﴿جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد﴾).
[ر: ٢٣٤٦]


(يبدئ) يخلق أحدا ابتداء. (يعيد) يبعثه ويرجعهه إذا مات. /سبأ: ٤٩/ ومعنى الآية: ذهب الباطل وتلاشى، ولم تبق منه بقية تبدئ شيئا أو تعيده.
٤ ‏/ ١٥٦١
٤٠٣٧ – حدثني إسحاق: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ لما قدم مكة، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بها فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام، فقال النبي ﷺ: (قاتلهم الله، لقد علموا: ما استقسما بها قط). ثم دخل البيت، فكبر في نواحي البيت، وخرج ولم يصل فيه.
تابعه معمر، عن أيوب.
وقال وهيب: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٥٢٤]
٤ ‏/ ١٥٦١
٤٧ – باب: دخول النبي ﷺ من أعلى مكة.
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٣٨ – وقال الليث: حدثني يونس قال: أخبرني نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته، مردفأ أسامة بن زيد، ومعه بلال، ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة، حتى أناخ في المسجد، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فمكث فيه نهارا طويلا، ثم خرج فاستبق الناس، فكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالا وراء الباب قائما، فسأله: أين صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فأشار إلى المكان الذي صلى فيه. قال عبد الله: فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة.
[ر: ٣٨٨]
(الحجبة) جمع حاجب، وهم الذين يتولون حفظظ الكعبة وفي أيديهم مفتاحها. (سجدة) ركعة، وأطلقت عليها من تسمية الكل بالجزء.)
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٣٩ – حدثنا الهيثم بن خارجة: حدثنا حفص بن ميسرة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عائشة رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة.
تابعه أسامة ووهيب في كداء.
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٤٠ – حدثنا عبيد بن إسماعيل: حدثنا أسامة، عن هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عام الفتح من أعلى مكة من كداء.
[ر: ١٥٠٢]
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٨ – باب: منزل النبي ﷺ يوم الفتح.
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٤١ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عن ابن أبي ليلى: مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هانئ، فإنها ذكرت:
أنه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، ثم صلى ثماني ركعات، قالت، لم أره صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الركوع والسجود.
[ر: ١٠٥٢]
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٤٢ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغفر لي).
[ر: ٧٦١]
٤ ‏/ ١٥٦٢
٤٠٤٣ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا﴾ حتى ختم السورة، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم، لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئا، فقال لي: يا ابن عباس، أكذلك قولك؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله ﷺ أعلمه الله له: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾ فتح مكة، فذاك علامة أجلك: ﴿فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا﴾. قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
[ر: ٣٤٢٨]


(ليريهم مني) بعض فضلي، وسر تقديمي على غيري.
٤ ‏/ ١٥٦٣
٤٠٤٤ – حدثنا سعيد بن شرحبيل: حدثنا الليث، عن الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا
قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: أنه حمد الله وأنثى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، ولم يحرمها الناس، لا يحل لامرئ يؤمن الله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يعضد بها شجرا، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيها، فقالو له: إن الله أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لي فيها سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كحرمتها بالأمسن وليبلغ الشاهد الغائب). فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فارا بدم ولا فارا بخربة.
قال أبو عبد الله: الخربة: البلية.
[ر: ١٠٤].
٤ ‏/ ١٥٦٣
٤٠٤٥ – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر).
[ر: ٢١٢١].
٤ ‏/ ١٥٦٣
٤٩ – باب: مقام النبي ﷺ زمن الفتح.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٤٦ – حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان: وحدثنا قبيضة: حدثنا سفيان، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس رضي الله عنه قال: أقمنا مع النبي ﷺ عشرا نقصر الصلاة.
[ر: ١٠٣١]
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٤٧ – حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بمكة تسعة عشر يوم يصلي ركعتين.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٤٨ – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
أقمنا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سفر تسع عشرة نقصر الصلاة. قال ابن عباس: ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة، فإذا زدنا أتممنا.
[ر: ١٠٣٠]
٤ ‏/ ١٥٦٤

٥٠ – باب: من شهد الفتح.


في الاصل كلمة (باب) بدون ترجمة، والترجمة المذكورة في اختيار صاحب الفتح، فإنه قال: ولعله كان قد بيض له ليكتب له ترجمة فلم يتفق، والمناسب لترجمته: من شهد الفتح.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٤٩ – وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ مسح وجهه عام الفتح.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٥٠ – حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن الزهري، عن سنين أبي جميلة قال: أخبرنا ونحن مع ابن المسيب، قال:
وزعم أبو جميلة أنه أدرك النبي ﷺ وخرج معه عام الفتح.


(زعم) بمعنى قال، وذهب جمهور الأصوليين إلى إن العدل المعاصر للرسول اللَّهِ ﷺ إِذَا قَالَ: أنا صحابي، يصدق فيه ظاهرا، أي يقبل قوله، إلا إذا ثبت ما يخالفه.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٥١ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عمرو بن سلمة.
قال: قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال فلقيته فسألته فقال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم⦗١٥٦٥⦘
أن الله أرسله، أوحى إليه. أو: أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ حقا، فقال: (صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا). فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.


(قال) أيوب. (تلقاه) أي تلقى عمرو بن سلمة رضي الله عنه. (بماء) اسم منزل ينزل فيه الناس. (ممر الناس) موضع مرورهم. (يقر) من القرار، وفي رواية: (يغرى) أي يلصق بالغراء. (تلوم بإسلام الفتح) تنتظر فتح مكة حتى تعلن إسلامها. (تقلصت) انجمعت وانضمت. (است) هو مقعدة الإنسان. (فاشتروا) ثوبا.
٤ ‏/ ١٥٦٤
٤٠٥٢ – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أخيه سعد: أن يقبض ابن وليدة زمعة، وقال عتبة: إنه ابني، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ في الفتح، أخذ سعد بن أبي وقاص ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عبد بن زمعة، فقال سعد بن أبي وقاص: هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. قال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أخي، هذا ابن زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زمعة، فإذا أشبه الناس بعتبة ابن أبي وقاص، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هو لك، هو أخوك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ). مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ). لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص.
قال ابن شهاب: قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (الولد للفراش وللعاهر الحجر). وقال ابن شهاب: وكان أبو هريرة يصيح بذلك.
[ر: ١٩٤٨]
٤ ‏/ ١٥٦٥
٤٠٥٣ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بن الزبير:
أن امرأة سرقت فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أًسامة بن زيد يستشفعونه. قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها تلون وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقال: (أتكلمني في حد من حدود الله). قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قال: (أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بتلك المرأة فقطعت يدها، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: فكانت تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ الله ﷺ.
[ر: ٢٥٠٥]
٤ ‏/ ١٥٦٦
٤٠٥٤ – حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قال: حدثني مجاشع قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ بأخي بعد الفتح، قلت: يا رسول الله، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة. قال: (ذهب أهل الهجرة بما فيها). فقلت: على أي شيء تبايعه؟ قال: (أبايعه على الإسلام، والإيمان، والجهاد). فلقيت أبا معبد بعد، وكان أكبرهما، فسألته فقال: صدق مجاشع.
٤ ‏/ ١٥٦٦
٤٠٥٥ – حدثنا محمد ين أبي بكر: حدثنا الفضيل بن سليمان: حدثنا عاصم، عن أبي عثمان النهدي، عن مجاشع بن مسعود:
انطلقت بأبي معبد إلى النبي ﷺ ليبايعه على الهجرة، قال: (مضت الهجرة لأهلها، أبايعه على الإسلام والجهاد). فلقيت أبا معبد فسألته، فقال: صدق مجاشع. وقال لخالد، عن أبي عثمان، عن مجاشع: أنه جاء بأخيه مجالد.
[ر: ٢٨٠٢]
٤ ‏/ ١٥٦٦
٤٠٥٦ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي بشر، عن مجاهد، قلت لابن عمر رضي الله عنهما: إني أريد أن أهاجر إلى الشأم، قال: لا هجرة، ولكن جهاد، فانطلق فاعرض نفسك، فإن وجدت شيئا وإلا رجعت.
وقال النضر: أخبرنا شعبة: أخبرنا أبو بشر: سمعت مجاهدا: قلت لابن عمر، فقال:⦗١٥٦٧⦘
لا هجرة اليوم، أو: بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مثله.

٤ ‏/ ١٥٦٦
٤٠٥٧ – حدثني إسحاق بن يزيد: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني أبو عمرو الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن مجاهد بن جبر المكي:
أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: لا هجرة بعد الفتح.
[ر: ٣٦٨٦]
٤ ‏/ ١٥٦٧
٤٠٥٨ – حدثنا إسحاق بن يزيد: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح قال: زرت عائشة مع عبيد بن عمير، فسألها عن الهجرة، فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمن يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله ﷺ، مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.
[ر: ٢٩١٤]
٤ ‏/ ١٥٦٧
٤٠٥٩ – حدثنا إسحاق: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أخبرني حسن بن مسلم، عن مجاهد:
أن رسول الله ﷺ قام يوم الفتح فقال: (أن الله حرم مكة يوم خلق السماوات الأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، ولم تحلل لي إلا ساعة من الدهر، لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد). فقال العباس بن عبد المطلب: ألا الإذخر يا رسول الله، فإنه لا بد منه للقين والبيوت، فسكت ثم قال: (إلا الإذخر، فإنه حلال).
وعن ابن جريج: أخبرني عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس: بمثل هذا أو نحو هذا. رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٢٨٤]
٤ ‏/ ١٥٦٧

٥١ – باب: قول الله تعالى: ﴿يوم حنين إذ أعجبكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل الله سكينته – إلى قوله – غفور رحيم﴾ /التوبة: ٢٥ – ٢٧/.


(يوم حنين) أي واذكروا يوم حنين، أو: ونصركم أيضا يوم حنين، وحنين اسم واد بين مكة والطائف، حصلت فيه وقعة بين المسلمين وبين هوازن وثقيف. (أعجبتكم كثرتكم) سررتم بها واعتمدتم عليها، وغفلتم عن أن الناصر هو الله عز وجل، لا كثرة العدد والعدد، وقد كانوا يومئذ اثني عشر ألفا، وعدوهم أربعة الآف، فقالوا: لن نغلب اليوم من قلة. (بما رحبت) أي على سعتها وفضائها. (مدبرين) منهزمين. (سكينة) أمنه وطمأنينته وتثبيته. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين. ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم﴾. (جنودا) ملائكة. (وعذب ..) في الدنيا بالقتل والأسر وأخذ المال والذرية. (يتوب ..) يغفر لمن تاب واهتدى إلى الإسلام ممن بقي ولم يقتل.
٤ ‏/ ١٥٦٧

٤٠٦٠ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا إسماعيل: رأيت بيد ابن أبي أوفى ضربة، قال: ضربتها مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ حنين، قلت: شهدت حنينا؟ قال: قبل ذلك.


(شهدت حنينا) حضرت غزوة حنين. (قبل ذلك) أراد: حضرت مشاهد قبلها، وهي الحديبية، وهو ممن بايع تحت الشجرة.
٤ ‏/ ١٥٦٨
٤٠٦١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه، وجاءه رجل، فقال:
يا أبا عمارة، أتوليت يوم حنين؟ فقال: أما أنا فأشهد عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لم يول، ولكن عجل سرعان القوم، فرشقتهم هوزان، وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء، يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب).
٤ ‏/ ١٥٦٨
٤٠٦٢ – حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحاق: قيل للبراء، وأنا أسمع: أوليتم مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ حنين؟ فقال: أما النبي ﷺ فلا، كانوا رماة، فقال: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب).
٤ ‏/ ١٥٦٨
٤٠٦٣ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي إسحاق: سمع البراء، وسأله رجل من قيس:
أفررتم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يوم حنين؟ فقال: لكن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يفر، كانت هوازن رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلنا بالسهام، ولقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها، وهو يقول: (أنا النبي لا كذب).
قال إسرائيل وزهير: نزل النبي ﷺ عن بغلته.
[ر: ٢٧٠٩]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة حنين، رقم ١٧٧٦.
(فأكببنا) وقعنا على الغنائم، لا نلتفت إلى شيء سواها، وكأن وجوهنا مكبوبة عليها. (بزمامها) هو اللجام الذي نقاد به.
٤ ‏/ ١٥٦٨
٤٠٦٤ – حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني ليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب. وحدثني إسحاق: حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْن شهاب: قال محمد بن شهاب: وزعم عروة بن الزبير: أن مروان والمسور ابن مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وقد كنت استأنيت بكم). وكان أنظرهم رسول الله ﷺ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طيبنا ذلك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله صلى وَسَلَّمَ: (إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وأذنوا. هذا الذي بلغني عن سبي هوازن.
[ر: ٢١٨٤]
٤ ‏/ ١٥٦٩
٤٠٦٥ – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن أيوب، عن نافع: أن عمر قال: يا رسول الله.
وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
لما قفلنا في حنين، سأل عمر النبي ﷺ عن نذر كان نذره في الجاهلية، اعتكاف، فأمره النبي ﷺ بوفائه.
وقال بعضهم: حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عمر.
ورواه جرير بن حازم، وحماد بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر، عن النبي ﷺ.
[ر: ١٩٢٧]
٤ ‏/ ١٥٦٩
٤٠٦٦ – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبي قتادة، عن أبي قتادة قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله عز وجل. ثم رجعوا، وجلس النبي ﷺ فقال: (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه). فقلت: من يشهد لي، ثم جلست، قال: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ مثله، فقمت، فقلت: من يشهد لي، ثم جلست، قال: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ مثله، فقمت، فقال: (ما لك يا أبا قتادة). فأخبرته، فقال رجل: صدق، وسلبه عندي، فأرضه منه. فقال أبو بكر: لاها الله إذا، لا يعمد إلى أسد مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ فيعطيك سلبه. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صَدَقَ، فأعطه). فأعطانيه، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأول مال تأثلته في الإسلام.
٤ ‏/ ١٥٧٠

٤٠٦٧ – وقال الليث: حدثني يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قتادة قال: لما كان حنين، نظرت إلى رجل من المسلمين، يقاتل رجلا من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الذي يختله، فرفع يده ليضربني، وأضرب يده فقطعتها، ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت، ثم ترك، فتحلل، ودفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (من أقام بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ). فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أمره لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يذكر عندي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا، لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أسد الله، يقاتل عن الله

⦗١٥٧١⦘
ورسوله ﷺ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مال تأثلته في الإسلام.
[ر: ١٩٩٤]


(يختله) يخدعه. (ترك فتحلل) أي لما انحلت قواه ترك ضمه إليه، من الحل نقيض الشد. (لا يعطه) على الجزم بلا الناهية. (أصيبغ) نوع ضعيف من الطير.
٤ ‏/ ١٥٧٠
٥٢ – باب: غزوة أوطاس.
٤ ‏/ ١٥٧١
٤٠٦٨ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قال:
لما فَرَغَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى، فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي، ألا تثبت، فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء، قال: با ابن أخي أقرئ النبي ﷺ السلام، وقل له: استعفر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيرا ثم مات، فرجعت فدخلت عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي بيته على سرير مرمل وعليه فراش، قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبي عامر). ورأيت بياض إبطيه، ثم قال: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خلقك من الناس). فقلت: ولي فاستغفر، فقال: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما). قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى.
[ر: ٢٧٢٨]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين، رقم ٢٤٩٨.
(أوطاس) اسم واد في ديار هوزان، وهو موضع حرب حنين، وأوطاس جمع وطيس، والوطيس نقرة من الحجر توقد حولها النار فيطبخ به اللحم، والوطيس أيضا التنور، ويكنى بها عن الحرب، فيقال: حمي الوطيس إذا اشتدت الحرب. (جمشي) من بني جشم. (فأثبته) أي أثبت السهم. (تستحي) من الفرار. (فاختلفنا ضربتين) أي ضرب كل منا الآخر ضربة صائبة. (استخلفني) جعلني أميرا عليهم من بعده. (سرير مرمل) منسوج بحبل ونحوه، من الرمال، وهي حبال الحصير التي تضفر بها الأسرة. (بياض إبطيه) مكان الشعر تحت المنكبين، وظهروه كناية عن المبالغة برفع اليدين.
٤ ‏/ ١٥٧١
٥٣ – باب: غزوة الطائف.
في شوال سنة ثمان، قاله موسى بن عقبة.
٤ ‏/ ١٥٧٢
٤٠٦٩ – حدثنا الحميدي: سمع سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عن أمها سلمة رضي الله عنها:
دخل النبي ﷺ وعندي مخنث، فسمعه يقول لعبد الله بن أمية: يا عبد الله، أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا، فعليك بابنة غبلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا يدخلن هؤلاء عليكن).
قال ابن عيينة، وقال ابن جريج: المخنث: هيت. حدثنا محمود: حدثنا أبو أسامة، عن هشام: بهذا، وزاد: وهو محاضر الطائف يومئذ.
[٤٩٣٧، ٥٥٤٨]
أخرجه مسلم في السلام، باب: منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، رقم: ٢١٨٠.
(مخنث) الذي خلقه خلق النساء، ويشبههن في كلامه وحركاته، وتارة يكون هذا خلقه، وتارة يكون بتكلف، وسمي به لتكسر كلامه ولينه، يقال: خنثت الشيء فتخنث، أي عطفته فتعطف. (تقبل بأربع) وهي عكن البطن، أي تجاعيده، فترى منها عند إقبالها أربعا. (وتدبر بثمان) هي أطراف العكن الأربع، ترى منها وهي مدبرة ثمانية. (هيت) اسم المخنث المذكور، وكان مولى عبد الله بن أمية، رضي الله عنه، المذكور معه.
٤ ‏/ ١٥٧٢
٤٠٧٠ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو، عن أبي العباس الشاعر الأعمى، عن عبد الله بن عمر قال:
لما حاصر رسول الله ﷺ الطائف، فلم ينل منهم شيئا، قال: (إنا قافلون إن شاء الله). فثقل عليهم، وقالوا: نذهب ولا نفتحه، وقال مرة: (نقفل). فقال: (اغدوا على القتال). فغدوا فأصابهم جراح، فَقَالَ: (إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ). فأعجبهم، فضحك النبي ﷺ. وقال سفيان مرة: فتبسم. قال: الحميدي: حدثنا سفيان الخبر كله.
[٥٧٣٦، ٧٠٤٢]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الطائف، رقم: ١٧٧٨.
(فلم ينل) فلم يصب فتحا أوغيره. (قافلون) راجعون. (فثقل عليهم) اشتد
عليهم الرجوع دون فتح. (الخبر كله) أي أخبرنا سفيان بجميع الحديث بلفظ أخبرنا.
٤ ‏/ ١٥٧٢

٤٠٧١ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان قال: سمعت سعدا، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأبا بكرة،

⦗١٥٧٣⦘
وكان تسور حصن الطائف في أناس فجاء النبي ﷺ، فقالا:
سمعنا النبي ﷺ يقول: (من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام).


(تسور) تسلق. (في أناس) في جملة عبيد من أهل الطائف. (ادعى) انتسب.
٤ ‏/ ١٥٧٢
٤٠٧٢ – وقال هشام: وأخبرنا معمر، عن عاصم، عن أبي العالية، أو أبي عثمان النهدي قال: سمعت سعدا وأبا بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قال عاصم: قلت: لقد شهد عندك رجلان حسبك بهما، قال: أجل، أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله، وأما الآخر فنزل إلى النبي ﷺ ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف.
[٦٣٨٥]
(حسبك بهما) كافيك بهذين الاثنين في الشهادة. (أجل) حرف جواب كنعم، يكون تصديقا للمخبر، واعلانا للمستخبر، ووعدا للطالب.
٤ ‏/ ١٥٧٣
٤٠٧٣ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة، ومعه بلاب، فأتى النبي ﷺ أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: (أبشر). فقال: قد أكثرت علي من أبشر، فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: (رد البشرى، فاقبلا أنتما). قالا: قبلنا، ثم دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فيه ومج فيه، ثم قال: (اشربا منه، وأقرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا). فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء ستار: أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة.
[ر: ١٩٣]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أصحاب الشجرة ..، رقم: ٢٤٩٧.
(تنجز لي) توفي لي ما وعدتني. (نحوركما) مثنى نحر، وهو العنق. (لأمكما) وصفها بذلك لأنها زوجة النبي ﷺ، وزوجاته ﷺ أمهات المؤمنين، أي كأمهاتهم من حيث الاحترام والتقدير وحرمة التزوج بهن. (طائفة) بقية.
٤ ‏/ ١٥٧٣
٤٠٧٤ – حدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا إسماعيل: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره: أن يعلى كان يقول:
ليتني أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حين ينزل عليه، فقال فبينا النبي ﷺ بالجعرانة، وعليه ثوب قد أظل به، معه ناس من أصحابه، إذ جاءه أعرابي عليه جبة، متضمخ بطيب، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رجل⦗١٥٧٤⦘
أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بالطيب؟ فأشار عمر إلى يعلى بيده: أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه، فإذا النبي ﷺ محمر الوجه، يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: (أين الذي يسألني عن العمرة آنفا). فالتمس الرجل فأتي به، فقال: (أما الطيب الذي بك فأغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك).
[ر: ١٤٦٣]

٤ ‏/ ١٥٧٣
٤٠٧٥ – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: حدثناعمرو بن يحيى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد بن عاصم قال:
لما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وكنتم عالة فأغناكم الله بي). كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: (ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله ﷺ. قال: كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن، قال: (لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير،
وتذهبون بالنبي ﷺ إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
[٦٨١٨]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام …، رقم ١٠٦١.
(أفاء) أعطاه الغنائم، وأصل الفيئ الرجوع، فكأن الأموال في الأصل للمسلمين، فغلب عليها الكفار، ثم رجعت إليهم. (وجدوا) حزنوا. (ما أصاب الناس) لم ينلهم ما نال الناس من العطاء. (عالة) جمع عائل وهو الفقير. (أمن) من المن، وهو الفضل. (كذا وكذا) كناية عما يقال. (شعار) هو الثوب الذي يلي الجلد من البدن. (دثار) هو الثوب الذي يكون فوق الشعار. (أثرة) ينفرد بالمال المشترك ونحوه دونكم، ويفضل عليكم بذلك غيركم. (الحوض) الذي هو لي في الجنة.
٤ ‏/ ١٥٧٤
٤٠٧٦ – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ: أخبرنا معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
قال ناس من الأنصار، حين أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ ما أفاء الله من أموال هوازن، فطفق النبي ﷺ يعطي رجالا المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس:⦗١٥٧٥⦘
فحدث رسول الله ﷺ بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (مَا حديث بلغني عنكم). فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول
الله ﷺ يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال النبي ﷺ: (فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وتذهبون بالنبي ﷺ إلى رحالكم، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به). قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: (ستجدون أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله ﷺ فإني على الحوض). قال أنس: فلم يصبروا.

٤ ‏/ ١٥٧٤
٤٠٧٧ – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أنس قال:
لما كان يوم فتح مكة قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غنائم بين قريش، فغضبت الأنصار، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَمَا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله ﷺ) قالوا: بلى، قال: (لو سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأنصار أو شعبهم).
٤ ‏/ ١٥٧٥
٤٠٧٨ – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عن ابن عون: أنبأنا هشام بن زيد بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين، التقى هوازن ومع النبي ﷺ عشرة آلاف، والطلقاء، فأدبروا، قال: (يا معشر الأنصار). قالوا: (لبيك يا رسول الله وسعديك، لبيك نحن بين يديك، فنزل النبي ﷺ فقال: (أنا عبد الله ورسوله). فانهزم المشركون، فأعطى الطلقاء والمهاجرين، ولم يعط لأنصار شيئا، فقالوا، فدعاهم فأدخلهم في قبة، فقال (أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا، لاخترت شعب الأنصار).


(الطلقاء) جمع طليق، وهو الأسير الذي خلي سبيله، والمراد أهل مكة الذين أطلقهم يوم فتحها. (لبيك .. وسعديك) لزوما لطاعتك وإجابة بعد إجابة لأمرك، وسعيا في إسعادك إسعادا بعد إسعاد. (فقالوا) تكلموا في منع العطاء عنهم.
٤ ‏/ ١٥٧٥

٤٠٧٩ – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ ﷺ ناسا من الأنصار فقال: (إن قريشا

⦗١٥٧٦⦘
حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله ﷺ إلى بيوتكم). قالوا: بلى، قال: (لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الْأَنْصَارِ).
[ر: ٢٩٧٧]


(مصيبة) من نحو قتل أقاربهم وفتح بلادهم. (أجبرهم) أصلح حالهم، وأعطف عليهم، وأعوضهم بعض ما فقدوه.
٤ ‏/ ١٥٧٥
٤٠٨٠ – حدثنا قبيضة: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عبد الله قال:
لما قَسَم النَّبِيُّ ﷺ قِسْمَةً حنين، قال رجل من الأنصار: ما أراد بها وجه الله، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فتغير وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
٤ ‏/ ١٥٧٦
٤٠٨١ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين آثر النبي ﷺ ناسا، أعطى الأقرع مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناسا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فقلت: لأخبرن النبي ﷺ، قَالَ: (رَحِمَ اللَّهُ موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
[ر: ٢٩٨١]
٤ ‏/ ١٥٧٦
٤٠٨٢ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مالك، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين، أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي ﷺ عشرة الآف، ومن الطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده، فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما، التفت عن يمينة فقال: (يا معشر الأنصار). قالوا: لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، ثم التفت عن يساره فقال: (يا معشر الأنصار). قالوا: لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، وهو على بغلة بيضاء فنزل فقال: (أنا عبد الله ورسوله). فانهزم المشركون، فأصاب يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يعط الأنصار شيئا، فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى،⦗١٥٧٧⦘
ويعطى الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال: (يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني عنكم). فسكتوا، فقال: (يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله ﷺ تحوزونه إلى بيوتكم). قالوا: بلى، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار). فقال هشام: يا أبا حمزة، وأنت شاهد ذاك؟ قال: وأين أغيب عنه.
[ر: ٢٩٧٧]


(بنعمهم) ما عندهم من غنم وإابل ونحوها. (ذراريهم) أهليهم وأولادهم، ليحثوهم على الثبات. (شديدة) قضية ذات شدة كالحرب. (تحوزونه) يكون لكم وفي جماعتكم، من حازه إذا قبضه.
٤ ‏/ ١٥٧٦
٥٤ – باب: السرية التي قبل نجد.
٤ ‏/ ١٥٧٧
٤٠٨٣ – حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سرية قبل نجد فكنت فيها، فبلغت سهامنا اثني عشر بعيرا، ونفلنا بعيرا بعيرا، فرجعنا بثلاثة عشر بعيرا.
[ر: ٢٩٦٥]
٤ ‏/ ١٥٧٧
٥٥ – بَاب: بَعْثِ النَّبِيِّ ﷺ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة.
٤ ‏/ ١٥٧٧
٤٠٨٤ – حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وحدثني نعيم: أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر، عن الزهير، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فذكرناه، فرفع النبي ﷺ يَدَيْهِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خالد). مرتين.
[٦٧٦٦]
(بني جذيمة) قبيلة من قبائل العرب. (صبأنا) خرجنا من دين إلى دين، وقصدوا الدخول في الإسلام، ولكن خالدا رضي الله عنه ظن أنهم لم ينقادوا، ولهذا لم يقولوا: أسلمنا. (أبرأ إليك) أعتذر. (مما صنع خالد) من قتل وأسر لهؤلاء.
٤ ‏/ ١٥٧٧
٥٦ – باب: سرية عبد الله بن حذافة السهمي، وعلقمة بن مجزز المدلجي. ويقال: إنها سرية الأنصاري.
٤ ‏/ ١٥٧٧
٤٠٨٥ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي سعد ابن عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سرية فاستعمل⦗١٥٧٨⦘
عليها رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فقال: أليس أمركم النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطبا، فجمعوا، فقال: أوقدوا نارا، فأوقدوها، فقال: ادخلوها، فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا، ويقولون: فررنا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مَنْ النار، فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف).
[٦٧٢٦، ٦٨٣٠]
(فغضب) لأمر بدا منهم. (فهموا) قصدوا الدخول في النار. (خمدت) انطفأ لهيبها. (فسكن) هدأ غضبه. (الطاعة) للمخلوق. (المعروف) أمر عرف جوازه بالشرع.
٤ ‏/ ١٥٧٧
٥٧ – باب: بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.
٤ ‏/ ١٥٧٨
٤٠٨٦ – حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الملك، عن أبي بردة قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن، قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف، قال: واليمن مخلافان، ثم قال: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا). فانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا فسلم عليه، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى، فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، وإذا هو جالس، وقد اجتمع إليه الناس وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ: يا عبد الله بن قيس أيم هذا؟ قال: هذا الرجل كفر بعد إسلامه، قال: لا أنزل حتى يقتل، قال: إنما جيء به لذلك فانزل، قال: ما أنزل حتى يقتل، فأمر به فقتل، ثم نزل فقال: يا عبد الله، كيف تقرأ القرآن؟ قال أتفوقه تفوقا، قال: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: أنام أول الليل، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم، فأقرأ ما كتب الله لي، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.
[ر: ٢٨٧٣]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتيسير وترك التنفير. وفي الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر، رقم: ١٧٣٣.
(مخلاف) إقليم، فكان معاذ رضي الله عنه للجهة العليا إلى صوب عدن، وأبو موسى رضي الله عنه للجهة السفلي. (أحدث به عهدا) جدد العهد بزيارته. (أيم) أي شيء. (أتفوقه) ألازم قراءته ليلا ونهارا، شيئا بعد شيء، ولا أقرأ وردي دفعة واحدة. مأخوذ من فواق الناقة، وهو: أن تحلب، ثم تترك ساعة حتى يجتمع لبنها، ثم تحلب، وهكذا. (فأحتسب) أطلب الثواب. (نومتي) فترة نومي).
٤ ‏/ ١٥٧٨
٤٠٨٧ – حدثني إسحاق: حدثنا خالد، عن الشيباني، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ بعثه إلى اليمن، فسأله عن أشربة تصنع بها، فقال: (وما هي). قال: البتع والمزر، فقلت لأبي بردة: ما البتع؟ قال: نبيذ العسل، والمزر نبيذ الشعير، فقال: (كل مسكر حرام).
رواه جرير وعبد الواحد، عن الشيباني، عن أبي بردة.


(نبيذ العسل) العسل المخلوط بالماء. (نبيذ الشعير) الماء الذي نقع فيه الشعير.
٤ ‏/ ١٥٧٩
٤٠٨٨ – حدثنا مسلم: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ جده أبا موسى ومعاذا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: (يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا ولا تنفرا، وتطاوعا). فقال أبو موسى: يا نبي الله إن أرضنا بها شراب من الشعير المزر، وشراب من العسل البتع، فقال: (كل مسكر حرام). فانطلقا، فقال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن،؟ قال: قائما وقاعدا وعلى راحلتي، وأتفوقه تفوقا، قال: أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. وضرب فسطاطا، فجعلا يتزاوران، فزاد معاذ أبا موسى، فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه.
تابعه العقدي ووهب عن شعبة، وقال وكيع والنضر وأبو داود، عن شعبة، عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. رواه جرير ابن عبد الحميد، عن الشيباني، عن أبي بردة.
[ر: ٢٨٧٣]
(فسطاطا) بيتا من الشعر ونحوه.)
٤ ‏/ ١٥٧٩
٤٠٨٩ – حدثني عباس بن الوليد، هو النرسي: حدثنا عبد الواحد، عن أيوب بن عائذ: حدثنا قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: حدثني موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أرض قومي، فجئت ورسول الله ﷺ منيخ بالأبطح، فقال: (أحججت يا عبد الله بن قيس). قلت: نعم يا رسول الله، قال: (كيف قلت). قال: قلت: لبيك إهلالا كإهلالك، قال: (فهل سقت معك هديا). قلت: لم أسق، قال: (فطف بالبيت، واسع بين الصفا والمروة، ثم حل). ففعلت حتى⦗١٥٨٠⦘
مشطت لي امرأة من نساء بني قيس، ومكثنا بذلك حتى استخلف عمر.
[ر: ١٤٨٤]


(مكثنا بذلك) بقينا نعمل به. (استخلف عمر) أي فكان بعد ذلك اختلاف في هذا.
٤ ‏/ ١٥٧٩
٤٠٩٠ – حدثني حبان: أخبرنا عبد الله، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بعثه إلى اليمن: (إنك ستأتي قوما من أهل الكتاب، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ
اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بينه وبين الله حجاب).
قال أبوعبد الله: طوعت طاعت، وأطاعت لغة، طعت وطعت وأطعت.
[ر: ١٣٣١]
٤ ‏/ ١٥٨٠
٤٠٩١ – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن عمرو بن ميمون: أن معاذا رضي الله عنه لما قدم اليمن، صلى بهم الصبح، فقرأ: ﴿واتخذ الله إبراهيم خليلا﴾. فقال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم.
زاد معاذ، عن شعبة، عن حبيب، عن سعيد، عن عَمْرٍو: أَنّ النَّبِيَّ ﷺ بعث معاذا إلى اليمن، فقرأ معاذ في صلاة الصبح سورة النساء، فلما قال: ﴿واتخذ الله إبراهيم خليلا﴾. قال رجل خلفه: قرت عين أم إبراهيم.


(خليلا) اصطفاه وخصه بكرامنه. /النساء: ١٢٥/. (قرت عين) بردت دمعتها، وهو كناية عن السرور.
٤ ‏/ ١٥٨٠
٥٨ – باب: بعث علي بن أبي طالب عليه السلام، وخالد بن الوليد رضي الله عنه، إلى اليمن قبل حجة الوداع.
٤ ‏/ ١٥٨٠
٤٠٩٢ – حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ: حدثنا إبراهيم ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق: حدثني أبي، عن أبي إسحاق: سمعت البراء رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه،⦗١٥٨١⦘
فقال: (مر أصحاب خالد، من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل). فكنت فيمن عقب معه، قال: فغنمت أواقي ذوات عدد.)


(يعقب معك) من التعقيب، وهو أن يعود بعض الجند، بعد الرجوع من القتال، ليصيبوا غزوة أخرى من العدو. (أواقي) جمع أوقية، وهي أربعون درهما من الفضة.
٤ ‏/ ١٥٨٠
٤٠٩٣ – حدثني محمد بن بشار: حدثنا روح بن عبادة: حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ عليا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا، فلما قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: (يا بريدة أتبغض عليا). فقلت: نعم، قال: (لاتبغضه له في الخمس أكثر من ذلك).


(الخمس) خمس الغنيمة. (قد اغتسل) كناية عن وطئه لجارية اصطفاها من الخمس، وهذا سبب بغض بريدة له. (فإن له) أي فإنه يستحق. (أكثر من ذلك) الذي أخذه.
٤ ‏/ ١٥٨١
٤٠٩٤ – حدثنا قتيبة: حدثنا عبد الواحد، عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول:
بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله ﷺ من اليمن بذهبية في أديم مقروظ، لم تحصل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع: إما علقمة، وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فقال: (ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء). قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله اتق الله، قال: (ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله). قلا: ثم ولى الرجل. قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: (لا، لعله أن يكون يصلي). فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه⦗١٥٨٢⦘
ما ليس في قلبه، قال رسول الله ﷺ: (إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم). قال: ثم نظر إليه وهو مقف، فقال: (إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدينكما يمرق السهم من الرمية – وأظنه قال – لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود).
[٤٣٩٠، ٦٩٩٥، ٧١٢٣، وانظر: ٣١٦٦]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم: ١٠٦٤.
(بذهيبة) تصغير ذهبة، وهي قطعة من الذهب. (أديم مقروظ) جلد مدبوغ بالقرظ، وهو نبت معروف لديهم. (تحصل) تخلص. (غائر العينين) عيناه داخلتان في محاجرهما، لاصقتان بقعر الحدقة. (مشرف) بارز. (كث) كثير شعرها. (مشمر الإزار) إزاره مرفوع عن كعبه. (أنقب) أفتح وأشق. (مقف) مول ومدبر. (ضئضئ) أصل. (رطبا) سهلا، يواظبون على قراءته ويجودونه. (لا يجاوز حناجرهم) جمع حنجرة وهي الحلقوم، والمعنى: لا يؤثر في قلوبهم، فلا يرفع في الأعمال الصالحة ولا يقبل منهم. (يمرقون) يخرجون بسرعة. (الرمية) الصيد المرمي، يصيبه السهم فينفذ من ناحية إلى أخرى، ويخرج دون أن يعلق به دم، لسرعته. (قتل ثمود) أي أستأصلهم بالقتل كما استؤصلت ثمود.
٤ ‏/ ١٥٨١
٤٠٩٥ – حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قال عطاء: قال جابر: أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا أن يقيم على إحرامه.
زاد مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ:
فقدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسعايته، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (بم أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ). قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، قَالَ: (فَأَهْدِ، وامكث حراما كما أنت). قال: وأهدى له علي هديا.
[ر: ١٤٨٢]


أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام ..، رقم: ١٢١٦.
(بسعايته) بما سعى به وقبضه مما ولي عليه من الخمس.
٤ ‏/ ١٥٨٢
٤٠٩٦ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ حميد الطويل: حدثنا بكر: أنه ذكر لابن عمر: أن أنسا حَدَّثَهُمْ:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَهَلَّ بعمرة وحجة، فقال: أهل النبي ﷺ بالحج، وأهللنا به معه، فلما قدمنا مكة قال: (من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة). وكان النبي ﷺ هدي، فقدم علينا
علي بن أبي طالب من اليمن حاجا، فقال النبي ﷺ: (بم أهللت، فإن معنا أهلك). قال: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، قَالَ: (فأمسك، فإن معنا هديا).
[ر: ١٤٨٣]


أخرجه مسلم في الحج، باب: في الإفراد والقران بالحج والعمرة، رقم: ١٢٣١، ١٢٣٢.
(أهلك) زوجك. (فأمسك) أي على الإحرام ولا تتحلل بعمرة.

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

١ – بَدْءُ الْوَحْيِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ …