كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف، احداهن في عاتقه، قال إن كنت لأدخل أصابعي فيها. قال ضرب ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك. قال عروة وقال لي عبد الملك بن مروان، حين قتل عبد الله بن الزبير: يا عروة، هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم، قال: فما فيه؟ قلت: فيه فلة فلها يوم بدر، قال: صدقت، بهن فلول من قراع الكتائب. ثم رده على عروة. قال هشام فأقمناه بيننا ثلاثة آلاف، وأخذه بعضنا، ولوددت أني كنت أخذته.
حدثنا فروة، عن علي، عن هشام، عن أبيه قال: كان سيف الزبير بن العوام محلى⦗١٤٦١⦘
بفضة، قال هشام: وكان سيف عروة محلى بفضة.
أن أصحاب الرسول ﷺ قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك؟ فقال إني إن شددت كذبتم، فقالوا: لا نفعل، فحمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلا، فأخذوا بلجامه، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر. قال عروة: كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير. قال عروة: وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ، وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس، ووكل به رجلا.
[ر: ٣٥١٦]
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام العرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي، فجعل يناديهم بأسماء آبائهم: (يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فانا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا). قال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم).
قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما.
[ر: ٢٩٠٠]
(صناديد) جمع صنديد، وهو السيد الشجاع. (طوي) هي البئر التي بنيت جدرانها بالحجارة. (خبيث) غير طيب. (مخبث) من قوله أخبث، إذا اتخذ أصحابا خبثا، أي زاد خبثه بإلقاء هؤلاء الخبيثين فيه. (شفة الركي) طرف البئر. (أنكم أطعتم) أي لو أنكم أطعتم. (نقمة) وفي نسخة (نقيمة) وهي المكافأة بالعقوبة.
﴿الذين بدلوا نعمة الله كفرا﴾. قال هم والله كفار قريش. قال عمرو هم قريش، ومحمد ﷺ نعمة الله. ﴿وأحلو قومهم دار البوار﴾ قال: النار، يوم بدر.
[٤٤٢٣]
ذكر عند عائشة رضي الله عنها: أن ابن عمر رفع إِلَى النَّبِيِّ ﷺ: (أَنْ الميت ليعذب في قبره ببكاء أهله). فقالت: وهل ابن عمر رحمه الله، إنما قال رسول الله ﷺ: (أنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وان أهله ليبكون عليه الآن). قالت: وذاك مثل قوله: أن رسول الله ﷺ قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم مثل ما قال: أنهم ليسمعون ما أقول). أنما قال: (إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق). ثم قرأت: ﴿إنك لا تسمع الموتى﴾ ﴿وما أنت بمسمع من في القبور﴾. تقول حين تبوؤوا مقاعدهم من النار.
[ر: ١٣٠٥]
(وهل) نسي. (من في القبور) الذين هم كالمقبورين لموت قلوبهم. /فاطر: ٢٢/.
وَقَفَ النَّبِيُّ ﷺ على قليب بدر، فقال: (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا. ثم قال: إنهم الآن يسمعون ما أقول). فذكر لعائشة، فقالت: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق). ثم قرأت: ﴿إنك لا تسمع الوتى﴾. حتى قرأت الآية.
[ر: ١٣٠٤]
أصيب الحارثة يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ⦗١٤٦٣⦘
أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فإن يكن فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنْ الْأُخْرَى تر ما أصنع، فقال: (ويحك، أو هبلت، أو جنة وَاحِدَةٌ هِيَ، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جنة الفردوس).
[ر: ٢٦٥٤]
ابن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله. (أمه) الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك رضي الله عنهما. (منزلة حارثة مني) أي حبي وتعلقي به. (أحتسب) أطلب الأجر والعوض من الله عز وجل. (الأخرى) أي إن كان في أهل النار. (ما أصنع) أي من البكاء والنحيب ونحو ذلك. (ويحك) كلمة ترحم واسفاق. (هبلت) فقدت عقلك بفقد ابنك، من قولهم هبلته أي ثكلته، وهبله اللحم غلب عليه، وقيل يرد بمعنى المدح والإعجاب، وقيل أجهلت.
بَعَثَنِي الرسول الله ﷺ وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام، وكلنا فارس، قال: (انطلقوا حتى تأتو رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، معها كتاب مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ). فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله ﷺ، فقلنا: الكتاب، فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا، فقلنا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لتخرجن الكتاب أو لنجردنك، فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجته، فانطلقنا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا حملك على ما صنعت). قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ﷺ، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صَدَقَ، ولا تقولوا له إلا خيرا). فقال عمر إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فلأضرب عنقه. فقال: (أليس من أهل بدر؟ فقال: لعل الله اطلع إلى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم). فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
[ر: ٢٨٤٥]
قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم بدر: (إذا أكثبوكم فارموهم، واستبقوا نبلكم).
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو أحمد الزبيري: حدثنا عبد الرحمن ابن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد والمنذر بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم بدر: (إذا أكثبوكم – يعني أكثروكم – فارموهم، واستبقوا نبلكم).
[ر: ٢٧٤٤]
جعل النبي ﷺ على الرماة يوم أحد عبد الله بن جبير، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي ﷺ وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسير وسبعين قتيلا، قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال.
[ر: ٢٨٧٤]
(وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد، وثواب الصدق الذي آتانا بعد يوم بدر).
[ر: ٣٤٢٥]
إني لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه، فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله، قال: فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما اليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء.
[ر: ٢٩٧٢]
من أصحاب أبي هريرة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عشرة عينا، وأمر عليهم عاصم ابن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب، حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال له بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، فقالوا: تمر يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق: أن لا نقتل منكم أحدا. فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، ثم قال: اللهم أخبر عنا نبيك ﷺ، فرموه بالنبل فقتلوا عاصما، ونزل ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها. قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم،
إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم، فانطلق بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر، فابتاع الحارث ابن عامر بن نوفل خبيبا، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسير حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده، وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا، فلما خرجوا به من الحرم، ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، فقال: والله لولا أن تحسبوا أن بي جزع لزدت، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا، ثم أنشأ يقول:⦗١٤٦٦⦘
فلست أبالي حين أقتل مسلما … على أي جنب كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ … يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثم قام اليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة، وأخبر – يعني النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت – حين حدثوا أنه قتل – أن يؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلا عظيما من عظمائهم، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم، فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا.
[ر: ٢٨٨٠]
[ر: ٢٦٠٦]
أن سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، وكان بدريا، مرض في يوم الجمعة، فركب إليه بعد أن تعإلى النهار، واقترب الجمعة، وترك الجمعة.
أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري: يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية، فيسألها عن حديثها، وعما قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين استفتته. فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم، إلى عبد الله بن عتبة بخبره: أن سبيعة بنت الحارث أخبرته: أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرا، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك، رجل⦗١٤٦٧⦘
من بني عبد الدار، فقال لها: ما لي أراك تجملت للخطاب، ترجين النكاح، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، وأتنت رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْتُهُ عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي.
تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ. قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: وسألناه فقال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مولى بني عامر بن لؤي: أن محمد بن إياس بن البكير، وكان أبوه شهيد بدرا، أخبره.
[٥٠١٣، وانظر: ٤٦٢٦]
(استفته) في انقضاء عدة الحامل بالوضع. (تحت سعد) زوجة له. (تنشب) تلبث. (تعلت) طهرت من دمها وخرجت من نفاسها. (تجملت للخطاب) تعرضت لمن يخطبها، أو تزينت كما تتزين المرأة، وأصبحت متهيئة لأن يخطبها الخطاب. (فدخل عليها) وكان ذلك الدخول لا خلوة فيه، وخاليا عن مخالفة آداب المرأة المسلمة، مع الحجاب الكامل الذي ألفه المسلمون. وكان انكاره لما اعتادوه من عدم ظهور المعتدة كليا، وكان ظنه أنها مازالت في العدة. (ترجين) من الترجية، وهي الأمل وضد اليأس. (بناكح) ليس من شأنك النكاح. (أمرني) أذن لي.
جاء جبريل إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: (من أفضل المسلمين). أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
ما يسرني أني شهدت بدرا بالعقبة، قال: سأل جبريل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا.
حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور: أخبرنا يزيد: أخبرنا يحيى: سمع معاذ بن رفاعة: أن ملكا سأل النَّبِيِّ ﷺ: نَحْوَهُ. وَعَنْ يحيى: أن يزيد بن الهاد أخبره: أنه كان معه يوم حدثه⦗١٤٦٨⦘
معاذ هذا الحديث، فقال يزيد: فقال معاذ: إن السائل هو جبريل عليه السلام.
(هذا جبريل، آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب).
[٣٨١٥]
مات أبو زيد، ولم يترك عقبا، وكان بدريا.
أن أبا سعيد بن مالك الخدري رضي الله عنه قدم من سفر، فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضاحي، فقال: ما أنا بآكله حتى أسأل، فانطلق إلى أخيه لأمه، وكان بدريا، قتادة بن النعمان، فسأله فقال: إنه حدث بعدك أمر، نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام.
[٥٢٤٨]
لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مدجج، لا يرى منه إلا عيناه، وهو يكنى أبا ذات الكرش، فقال أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات. قال هشام: فأخبرت: أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه، ثم تمطأت، فكان الجهد أن نزعها وقد انثى طرفاها. قال عروة: فسأله إياها رسول الله ﷺ⦗١٤٦٩⦘
فأعطاه، فلما قبض رسول الله ﷺ أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه، فلما قبض أبو بكر سألها إياه عمر فأعطاه إياها، فلما قبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها، فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي، فطلبها الزبير، فكانت عنده حتى قتل.
أن رسول الله ﷺ قال: (بايعوني).
[ر: ١٨]
أن أبا حذيفة، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هند بنت الوليد بن عتبة، وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى رسول الله ﷺ زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وورث من ميراثه، حتى أنزل الله تعالى: ﴿أدعوهم لآبائهم﴾. فجاءت سهلة النبي ﷺ: فذكر الحديث.
[٤٨٠٠]
دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ غداة بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي،⦗١٤٧٠⦘
وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جارية: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين)
[٤٨٥٢]
أني أعلم ما في غد، لأن هذا مما لا يعلمه إلا الله عز وجل.
(لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صورة). يريد صورة التماثيل التي فيها الأرواح.
[ر: ٣٠٥٣]
كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المغنم يوم بدر، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي مما أفاء الله عليه الخمس يومئذ، فلما أردت أن أبتني بفاطمة عليها السلام، بنت النبي ﷺ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا في بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، فأردت أن أبيعه من الصواغين، فنستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفي من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، حتى جمعت ما جمعت، فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما، وبقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عيني حين رأيت المنظر، قلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في البيت في شرب من الأنصار، عنده قينة وأصحابه، فقالت في غنائها: ألا يا حمز⦗١٤٧١⦘
للشرف النواء، فوثب حمزة إلى السيف، فأجب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال علي: فانطلقت حتى أدخل على النبي ﷺ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حارثة، وعرف النبي ﷺ الذي لقيت، فقال: (ما لك). قلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتي، فأجب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِرِدَائِهِ فارتدى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فاستأذن عليه، فأذن له، فَطَفِقَ النَّبِيُّ ﷺ يَلُومُ حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل، محمرة عينه، فنظر حمزة إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ صعد النظر فنظر إلى ركبته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ أنه ثمل، فنكص رسول الله ﷺ على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه.
[ر: ١٩٨٣]
أن عليا رضي الله عنه كبر على سهل بن حنيف، فقال: إنه شهد بدرا.
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قد شهد بدرا، توفي بالمدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، فكنت عليه أوجد مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ⦗١٤٧٢⦘
عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إليك؟ قلت: نعم، قال: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ، إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَوْ تركها لقبلتها.
[٤٨٣٠، ٤٨٣٦، ٤٨٥٠]
(نفقة الرجل على أهله صدقة).
[ر: ٥٥]
أخر المغيرة بن شعبة العصر، وهو أمير الكوفة، فدخل أبو مسعود عقبة ابن عمرو الأنصاري، جد زيد بن حسن، شهد بدرا، فقال: لقد علمت: نزل جبريل فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خمس صلوات، ثم قال: (هكذا أمرت). كَذَلِك كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عن أبيه.
[ر: ٤٩٩]
(الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة كفتاه). قال عبد الرحمن: فلقيت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت، فسألته فحدثنيه.
[٤٧٢٢، ٤٧٥٣، ٤٧٦٤]
(الآيتان) هما من قوله تعالى: ﴿آمن الرسول﴾ إلى آخر السورة. (كفتاه) حفظتاه من الشر ووقتاه من المكروه، قيل: أغنتاه عن قيام الليل، وذلك لما فيهما من معاني الإيمان والإسلام، والالتجاء إلى الله عز وجل، والاستعانة به والتوكل عليه، وطلب المغفرة والرحمة منه.
أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
حدثنا أحمد، هو ابن صالح: حدثنا عنبسة: حدثنا يونس: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ محمد، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ، وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عن حديث مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، فصدقه.
[ر: ٤١٤]
أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، وكان شهد بدرا، وهو خال عبد الله بن عمر وحفصة رضي الله عنهم.
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نهى عن كراء المزارع. قلت لسالم: فتكريها أنت؟ قال: نعم، إن رافعا أكثر على نفسه.
[٢٢٠٢]
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان الرسول اللَّهِ ﷺ هُوَ صَالَحَ أهل البحرين وأمرعليهم الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ رَآهُمْ، ثم قال: (أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بِشَيْءٍ). قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أخشى عليكم، ولكني أخشى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى من كان من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم).
[ر: ٢٩٨٨]
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ⦗١٤٧٤⦘
اللَّهُ عنهما كان يقتل الحيات كلها، حتى حدثه أبو لبابة البدري: إن النبي ﷺ نهى عن قتل جنان البيوت، فأمسك عنها.
[ر: ٣١٢٣]
أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، قال: (والله لا تذرون منه درهما).
[ر: ٢٤٠٠]
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فقال: أسلمت لله، أقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لا تقتله). فقال: يا رسول الله إنه قطع إِحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قطعها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أن تقتله، وإنك بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ).
[٦٤٧٢]
(لاذ مني) تحيل في الفرار مني، واستتر خلف شجرة واعتصم بها. (بمنزلتك) محقون الدم، يقتل قاتله قصاصا. (بمنزلته) مهدر الدم، تقتل قصاصا لقتلك مسلما.
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ يوم بدر: (من ينظر ما صنع أبو جهل). فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا العفراء حتى برد، فقال: آنت أبا جهل؟
قال ابن علية: قال سليمان: هكذا قالها أنس، قال: أنت أبا جهل؟ قال: وهل فوق رجل قتلتموه. قال سليمان: أو قال: قتله قومه. قال: وقال أبو مجلز: قال أبو جهل:⦗١٤٧٥⦘
فلو غير أكار قتلني.
[ر: ٣٧٤٥]
لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ قلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فلقينا منهم رجلان صالحان شهدا بدرا. فحدثت به عروة بن الزبير، فقال: هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي.
[ر: ٢٣٣٠]
كان عطاء البدريين خمسة آلاف، خمسة آلاف، وقال عمر: لأفضلنهم على من بعدهم.
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ في المغرب بالطور، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي.
[ر: ٧٣١]
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قال في أسارى بدر: (لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له).
[ر: ٢٩٧٠]
وقعت الفتنة الأولى – يعني مقتل عثمان – فلم تبق من أصحاب بدرا أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية – يعني الحرة – فلم تبق من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الثالثة، فلم ترتفع وللناس طباخ.
٣٨٠١ – حدثنا الحجاج بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا يونس بن يزيد قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزبير، وسعيد ابن الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ
⦗١٤٧٦⦘
بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ، كل حدثني طائفة من الحديث، قالت:
فأقبلت أنا وأم مسطح، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، فقلت: بئس ما قلت، تسبين رجلا شهد بدرا، فذكر حديث الإفك.
[ر: ٢٤٥٣]
هذه مغازي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ الحديث، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو يلقيهم: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا).
قال موسى: قال نافع: قال عبد الله: قال ناس من أصحابه: يا رسول الله، تنادي ناسا أمواتا؟ قال رسول الله ﷺ: (ما أنتم بأسمع لما قلت منهم).
[ر: ١٣٠٤]
فجميع من شهد بدرا من قريش، ممن ضرب له بسهمه، أحد وثمانون رجلا، وكان عروة بن الزبير يقول: قال الزبير: قسمت سهمانهم، فكانوا مائة، والله أعلم.
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزبير قال: ضربت يوم بدر للمهاجرين بمائة سهم.
النبي محمد بن عبد الله الهاشمي ﷺ.
إياس بن البكير.
بلال بن رباح مولى أبي بكر القرشي.
حمزة بن عبد المطلب الهاشمي
حاطب بن أبي بلتعة حليف لقريش.⦗١٤٧٧⦘
حارثة بن الربيع الأنصاري، قتل يوم بدر، وهو حارثة بن سراقة، كان في النظارة.
خبيب بن عدي الأنصاري.
خنيس بن حذافة السهمي.
رفاعة بن رافع الأنصاري.
رفاعة بن عبد المنذر أبو لبابة الأنصاري.
الزبير بن العوام القريشي.
زيد بن سهل أبو طلحة الأنصاري.
أبو زيد الأنصاري.
سعد بن مالك الزهري.
سعد بن خولة القرشي.
سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ القرشي.
سهل بن حنيف الأنصاري.
ظهير بن رافع الأنصاري وأخوه.
عبد الله بن عثمان.
أبو بكر الصديق القرشي.
عبد الله بن مسعود الهذلي.
عتبة بن مسعود الهذلي.
عبد الرحمن بن عوف الزهري.
عبيدة بن الحارث القرشي.
عبادة بن الصامت الأنصاري.
عمر بن الخطاب العدوي.
عثمان بن عفان القرشي، خلفه النبي ﷺ على ابنته، وضرب له بسهمه.
علي بن أبي طالب الهاشمي.
عمرو بن عوف، حليف بني عامر بن لؤي.
عقبة بن عمر الأنصاري.
عامر بن ربيعة العنزي.
عاصم بن ثابت الأنصاري.
عويم بن ساعدة الأنصاري.
عتبان بن مالك الأنصاري.
قدامة بن مظعون.
قتادة بن النعمان الأنصاري.
معاذ بن عمرو بن الجموح.
معوذ بن عفراء وأخوه.
مالك بن ربيعة أبو أسيد الأنصاري.
مرارة بن الربيع الأنصاري.
معن بن عدي الأنصاري.
مسطح بن أثاثة بن عباد المطلب بن عبد مناف.
مقداد بن عمرو الكندي، حليف بني زهرة.
هلال بن أمية الأنصاري
رضي الله عنهم.
(النظارة) هم الذين ينظرون إلى شيء ويراقبونه، وكان حارثة رضي الله عنه ينظر ماء بدر ويراقبه، والربيع اسم أمه.
قَالَ الزهري: عن عروة: كانت على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أحد. وقول الله تعالى: ﴿هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا﴾ /الحشر: ٢/.
حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن علهيم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا بالنبي ﷺ فآمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم: بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة.
(حاربت) نقضت العهد وصارت محاربة. (النضير وقريظة) قبيلتان من قبائل اليهود. (من عليهم) أطلقهم ولم يأخذ منهم شيئا. (حتى حاربت) نقضت العهد وأثارت قريشا ضد المسلمين. (بعضهم) بعض رجال قريظة. (رهط) جماعة.
سورة الحشر، قال: قل سورة النضير.
تابعه هشيم، عن أبي بشر.
[٤٣٦٨، ٤٦٠٠، ٤٦٠١]
كان الرجل يجعل للنبي ﷺ النخلات، حتى افتتح قريظة والنضير، فكان بعد ذلك يرد عليهم.
[ر: ٢٩٦٠]
حرق رسول الله ﷺ نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فنزلت: ﴿ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله﴾.
(لينة) شجرة النخيل، وقيل مطلق شجرة. (أصولها) جذورها. (فبإذن الله) تركها وقطعها بمشيئة الله تعالى، أو المراد: هو الذي أباح لكم ذلك. /الحشر: ٥/.
أن النبي ﷺ حرق نخل بن النضير، قال: ولها يقول حسان بن ثابت:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ … حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مستطير
قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث:
أدام الله ذلك من صنيع … وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزة … وتعلم أي أرضينا تضير
[ر: ٢٢٠١]
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه دعاه، إذ جاءه حاجبه يرفا فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ فقال: نعم فأدخلهم، فلبث قليلا ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلي يستأذنان؟ قال: نعم، فلما دخلا قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وبين هذا، وهما يختصمان في الذي أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ من بني النضير، فاستب علي وعباس، فقال الرهط: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ، فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أن رسول الله ﷺ قَالَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). يُرِيدُ بذلك نفسه؟ قالوا: قد قال⦗١٤٨٠⦘
ذلك، فأقبل عمر على عباس وعلي فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: نعم، قال: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سبحانه كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ ﷺ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غيره، فقال جل ذكره: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا
أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب – إلى قوله – قدير﴾. فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، ولا استأثرها عليكم، لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مال الله، فعمل ذلك رسول الله ﷺ حياته، ثم توفي النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فأنا ولي رسول الله ﷺ، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وأنتم حينئذ، فأقبل على علي وعباس وقال: تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، والله يعلم: إنه فيه لصادق بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بكر، والله يعلم: أني فيه صادق بار راشد تابع للحق؟ ثم جئتماني كلاكما، وكلمتكما واحده وأمركما جميع، فجئتني – يعني عباسا – فقلت لكما: أن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عهد الله وميثاقه: لتعملان فيه بما عمل فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأبو بكر وما عملت فيه مذ وليت، وإلا فلا تكلماني، فقلتما ادفعه إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيه بقضاء غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عنه فادفعاه إلى فأنا أكفيكماه.
قال: فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس: أنا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تقول: أرسل أزواج النبي ﷺ عثمان إلى أبي بكر، يسألنه ثمنهن مما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ فكنت أنا أردهن، فقلت لهن: ألا تتقين الله،⦗١٤٨١⦘
ألم تعلمن أن النبي ﷺ كان يقول: (لا نورث، ما تركنا صدقة – يريد بذلك نفسه – إنما يأكل آل محمد صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ). فانتهى أزواج النبي ﷺ إلى ما أخبرتهن، قال: فكانت هذه الصدقة بيد علي، منعها علي عباسا فغلبه عليها، ثم كان بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين، وحسن بن حسن، كلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن، وهي صدقة رسول الله ﷺ حقا.
[ر: ٢٧٤٨]
(فاستب ..) ذكر كل منهما مساوئ الآخر. (أتئدوا) تأنوا. (تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان) هل تذكران أن أبا بكر رضي الله عنه قضى فيما تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كما تطلبان، أي من قسمته بين ورثته كالميراث. أم قضى فيه كما أقول؟ .. (يسألنه ثمنهن مما أقاء الله) يطلبن منه أن يعطيهن مما تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كميراث، وهو الثمن مما ترك. (هذه الصدقة) أي ما تركه رسول الله ﷺ. (فغلبه عليها) بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها، لا بتخصيص الحاصل بنفسه. (يتداولانها) يتناوبان في التصرف بها.
[ر: ٢٩٢٦].
قَالَ رسول الله ﷺ: (من لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ ورسوله). فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: (نعم). قال: فائذن لي أن أقول شيئا، قال: (قل) فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضا والله لتملنه، قال: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين؟ – وحدثنا عمرو غير مرة، فلم يذكر وسقا أو وسقين، أو: فقلت له: فيه وسقا أو وسقين؟ فقال: أرى فيه وسقا أو وسقين – فقال: نعم، ارهنوني، قالو: أي شيء تريد؟ قال: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ:⦗١٤٨٢⦘
فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نرهنك أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وسقين، هذا عار علينا، وكنا نرهنك اللأمة – قال سفيان: يعني السلاح – فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم، فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة، وقال غيرعمرو، قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب. قال ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين – قيل لسفيان: سماهم عمرو؟ قال: سمى بعضهم – قال عمرو: جاء معه برجلين، وقال غير عمرو: أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر. قال عمرو: جاء معه برجلين، فقال: إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه. وقال مرة ثم أشمكم، فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحا، أي أطيب، وقال غير عمرو: قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب. قال عمرو: فقال أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم، فشمه ثم أشم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم، فلما استمكن منه، قال: دونكم، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فأخبروه.
[ر: ٢٣٧٥]
(قائل بشعره) جاذب به. (متوشحا) متلبسا بثوبه وسلاحه. (ينفح) يفوح.
ويقال: سلام بن أبي الحقيق، كان بخيبر، ويقال في حصن له بأرض الحجاز. وقال الزهري: هو بعد كعب بن الأشرف.
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رهطا إلى أبي رافع، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله.
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أبي رافع اليهودي رجالا⦗١٤٨٣⦘
من الأنصار، فأمر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله ﷺ ويعين عليه، وكان في حصن له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه، وقد غربت الشمس، وراح الناس بسرحهم، فقال عبد الله لأصحابه، أجلسوا مكانكم، فإني منطلق، ومتلطف للبواب، لعلي أن أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة، وقد دخل الناس، فهتف به البواب: يا عبد الله: إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فكمنت، فلما دخل الناس أغلق الباب، ثم علق الأغاليق على وتد، قال: فقمت إلى الأقاليد فأخذتها، ففتحت الباب، وكان أبو رافع يسمر عنده، وكان في علالي له، فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه، فجعلت كلما فتحت باب أغلقت علي من الداخل، قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله، فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، فقلت: يا أبا رافع، قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش، فما أغنيت شيئا، وصاح، فخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمك الويل، إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله، ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا، حتى أنتهيت إلى درجة له، فوضعت رجلي، وأنا أرى أني قد أنتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست على الباب، فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم: أقتلته؟ فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعى أبا رافع تاجر الحجاز، فانطلقت إلى⦗١٤٨٤⦘
أصحابي، فقلت: النجاء، فقد قتل أبا رافع، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: (ابسط رجلك). فبسطت رجلي فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط.
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عتبة في ناس معهم، فانطلقوا حتى دنوا من الحصن، فقال لهم عبد الله بن عتيك: امكثوا أنتم حتى أنطلق أنا فأنظر، قال: فتلطفت أن أدخل الحصن، ففقدوا حمارا لهم، قال: فخرجوا بقبس يطلبونه، قال فخشيت أن أعرف، قال فغطيت رأسي كأني أقضي حاجة، ثم نادى صاحب الباب، من أراد أن يدخل فليدخل قبل أن أغلقه، فدخلت ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن، فتعشوا عند أبي رافع، وتحدثوا حتى ذهب ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات، ولا أسمع حركة خرجت، قال: ورأيت صاحب الباب، حيث وضع مفتاح الحصن في كوة، فأخذته ففتحت به باب الحصن، قال: قلت: إن نذر بي القوم انطلقت على مهل، ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم، فغلقتها عليهم من ظاهر، ثم صعدت إلى أبي رافع في سلم، فإذا البيت مظلم قد طفئ سراجه، فلم أدر أي الرجل، فقلت: يا أبا رافع؟ قال: من هذا؟ قال: فعمدت نحو الصوت فأضربه وصاح، فلم تغن شيئا، قال: ثم جئت كأني أغيثه، فقلت: ما لك يا أبا رافع؟ وغيرت صوتي، فقال: ألا أعجبك لأمك الويل، دخل علي رجل فضربني بالسيف؟ قال: فعمدت له أيضا فأضربه أخرى، فلم تغن شيئا، فصاح وقام أهله، قال، ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث، فإذا هو مستلق على ظهره، فأضع السيف في بطنه، ثم أنكفئ عليه حتى سمعت صوت العظم، ثم خرجت دهشا حتى أتيت السلم، أريد أن أنزل فأسقط منه، فانخلعت رجلي فعصبتها، ثم أتيت أصحابي أحجل، فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله ﷺ، فأني لا أبرح حتى⦗١٤٨٥⦘
أسمع الناعية، فلما كان وجه الصبح صعدت الناعية، فقال: أنعى أبا رافع، قال: فقمت أمشي ما بي قبلة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي ﷺ فبشرته.
[ر: ٢٨٥٩]
وقول الله تعالى: ﴿وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم﴾ /آل عمران: ١٢١/.
وقوله جل ذكره: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وإنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين. ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون﴾ /آل عمران: ١٣٩ – ١٤٣/.
وقوله: ﴿ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين﴾. /آل عمران: ١٥٢/.
وقوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا﴾. الآية /آل عمران: ١٦٩/.
(تهنوا) تضعفوا. (تحزنوا) لظهور عدوكم. (الأعلون) لكم الغلبة فيما بعد. كما أنكم الغالبون بالحجة في الدنيا والآخرة. (يمسكم) يصيبكم. (قرح) قتل وجراحات. (نداولها) نجعل الغلبة للمؤمنين غالبا، تحقيقا للوعد لأنهم المستحقون للنصر، ونجعل الغلبة عليهم أحيانا، امتحانا واختبارا، وإكراما لمن يستشهد منهم. (ليمحص ..) يصفيهم وينقيهم من كل دنس مادي أو معنوي. (يمحق ..) يهلكهم وينقصهم ويقللهم. (ولما يعلم الله ..) ولم تبتلوا وتظهر حقيقة أنفسكم. (تمنون الموت) تتمنون سبب الموت، وهو القتال، لما علمتم من الكرامة عند الله تعالى لشهداء بدر. (تلقوه) يوم أحد. (رأيتموه) في لمعان السيوف واشتباك الرماح وصفوف الرجال للقتال.
(وعده) بالنصر. (إذ تحسونهم) حين كنتم تقتلونهم قتلا ذريعا واسعا يكاد يستأصلهم أو المعركة، حين لم تخالفوا أمر رسول الله ﷺ وتشتغلوا بالغنيمة. (بإذنه) بأمره وتيسيره. (حتى إذا فشلتم) أي إلى أن اختلفتم في ترك أماكنكم، وعصيتم أمر قائدكم، ونزلتم لجمع الغنيمة، عندها أصابكم الفشل، فجبنتم وضعفتم. (ما تحبون) من النصر والظفر بهم. (الدنيا) الغنيمة. (صرفكم عنهم) ردكم عن المشركين بهزيمتكم. (ليبتليكم) ليختبركم ويمتحنكم. (عفا عنكم) غفر زلتكم تلك.
(الآية) وتتمتها: ﴿بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾. أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، فتشرب منها، وتأكل ثمارها.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أحد: (هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب).
[ر: ٣٧٧٣]
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على قتلى أحد بعد ثماني سنين، كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع إلى المنبر فقال: (إني بين أيديكم فرط، وإني عليكم لشهيد، وإن موعدكم حوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا وتنافسوها).
قال: فكإنت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله ﷺ.
[ر: ١٢٧٩]
لقينا المشركين يومئذ، وأجلس النبي ﷺ جيشا من الرماة، وأمر عليهم عبد الله، وقال: (لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا). فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل، رفعن عن سوقهن، قد بدت خلاخلهن، فأخذوا يقولون، الغنيمة الغنيمة، فقال عبد الله: عهد إِلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ لا تبرحوا، فأبوا، فلم أبوا صرفت وجوهم، فأصيب سبعون قتيلا، وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: (لا تجيبوه). فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: (لا تجيبوه). فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك. قال أبو سفيإن: اعل هبل، فقال النبي ﷺ: (أجيبوه). قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا: الله أعلى وأجل). قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، قال النبي ﷺ: (أجيبوه). قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم). قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر،⦗١٤٨٧⦘
والحرب سجال، وتجدون مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني.
[ر: ٢٨٧٤]
أصطبح الخمر يوم أحد ناس، ثم قتلوا شهداء.
[ر: ٢٦٦٠]
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن عوف أُتِيَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ ابن عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ: إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى ترك الطعام.
[ر: ١٢١٥]
قَالَ رجل للنبي ﷺ يوم أحد: أرأيت إن قتلت، فأين أنا؟ قال: (في الجنة). فألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل.
(رجل) قيل: هو عمير بن الحمام رضي الله عنه، والظاهر أنه غيره، لأن قصته كانت في بدر.
هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، ومنا من مضى، أو ذهب، لم يأكل من أجره شيئا، كان مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، لم يترك الا نمرة، كنا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غطي بها رجلاه خرج رأسه، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ: (غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجله الإذخر). أو قال: (ألقوا على رجليه من الإذخر). ومنا من قد أيعنت له ثمرته فهو يهدبها.
[ر: ١٢١٧]
أن عمه غاب عن بدر، فقال: غبت عن أول قتال النبي ﷺ، لئن أشهدني الله مع النبي ﷺ ليرين الله ما أجد، فلقي يوم أحد، فهزم الناس، فقال: اللهم إني أعتذر⦗١٤٨٨⦘
إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقي سعد ابن معاذ، فقال: أين يا سعد، أني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عرف حتى عرفته أخته بشامة، أو ببنانه، وبه بضع وثمإنون: طعنة وضربة سيف ورمية بسهم.
[ر: ٢٦٥١]
فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: ﴿من المؤنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر﴾. فألحقناها في سورتها في المصحف.
[ر: ٢٦٢٥]
لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أحد، رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي ﷺ فرقتين: فرقة تقول: نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم، فنزلت: ﴿فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا﴾. وقال: (أنها طيبة، تنفي الذنوب، كما تنفي النار خبث الفضة).
[ر: ١٧٨٥]
نزلت هذه الآية فينا: ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾. بني سلمة وبني الحارثة،⦗١٤٨٩⦘
وما أحب أنها لم تنزل، والله يقول: ﴿والله وليهما﴾.
[٤٢٨٢]
(همت) من هم بالأمر إذا عزم على القيام به ولم يفعله. (طائفتان) جماعتان، هما بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس. (أن تفشلا) تجبنا وتضعفا عن القتال. (ما أحب ..) أي نزولها محبب إلي لما ذكر فيها
من ولاية الله تعالى. (وليهما) ناصرهما وحافظهما ومتولي أمرهما بالتوفيق.
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هل نكحت يا جابر). قلت: نعم. قال: (ماذا أبكرا أم ثيبا). قلت: لا بل ثيبا، قال: (فهلا جارية تلاعبك). قلت: يا رسول الله، إن أبي قتل يوم أحد، وترك تسع بنات، كن لي تسع أخوات، فكرهت أن أجمع اليهن جارية خرقاء مثلهن، وكلن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: (أصبت).
[ر: ٤٣٢]
أن أباه أستشهد يوم أحد، وترك عليه دينا، وترك ست بنات، فلما حضر جذاذ النخل قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقلت: قد علمت أن والدي قد استشهد يوم أحد وترك دينا كثيرا، وإني أحب أن يراك الغرماء، فقال: (اذهب فبيدر كل تمر على ناحية). ففعلت ثم دعوته، فلما نظروا إليه كأنهم أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: (ادع لي أصحابك). فما زال يكيل لهم حتى أدى الله عن والدي أمانته، وأنا أرضى أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فسلم الله البيادر كلها، وحتى إني أنظر إلى البيدر الذي كان عليه النبي ﷺ كأنها لم تنقص تمرة واحدة.
[ر: ٢٠٢٠]
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض، كأشد القتال، ما رأيتهما من قبل ولا بعد.
[٥٤٨٨]
(رجلان) يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام، كما هو عند مسلم.
٣٨٢٩ – ٣٨٣١ – حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا مروان بن معاوية: حدثنا هاشم بن
⦗١٤٩٠⦘
هاشم السعدي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سعد بن أبي وقاص يقول:
نثل لي النبي ﷺ كنانته يوم أحد، فقال: (أرم فداك أبي وأمي).
جمع لي النبي ﷺ أبويه يوم أحد.
لقد جمع لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم أحد أبويه كليهما، يريد حين قال: (فداك أبي وأمي) وهو يقاتل.
[ر: ٣٥١٩]
ما سمعت النبي ﷺ يجمع أبويه لأحد غير سعد.
مَا سمعت النبي ﷺ جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك، فإني سمعته يقول يوم أحد: (يا سعد ارم، فداك أبي وأمي).
[ر: ٢٧٤٩]
زعم أبو عثما ن: أنه لم يبق مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فِي بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن، غير طلحة وسعد. عن حديثهما.
[ر: ٣٥١٧]
صحبت عبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والمقداد وسعدًا رضي الله عنهم، فما سمعت أحدا منهم يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد.
[ر: ٢٦٦٩]
[ر: ٣٥١٨]
لما كان يوم أحد إنهزم الناس عن النبي ﷺ، وأبو طلحة بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ⦗١٤٩١⦘
مجوب عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل، فيقول: (إنثرها لأبي طلحة). قال: ويشرف النبي ﷺ ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: بأبي أنت وأمي، لا تشرف، يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما، تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئإن فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة، إما مرتين وإما ثلاثا.
[ر: ٢٧٢٤]
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هي وأخراهم، فبصر حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَيْ عباد الله أبي أبي، قال: قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ: عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ في حذيفة بقية خير، حتى لحق بالله عزوجل.
بصرت علمت، من البصيرة في الأمر، وأبصرت من بصر العين، يقال: بصرت: وأبصرت واحد.
[ر: ٣١١٦]
جاء رجل حج البيت، فرأى قوما جلوسا، فقال: من هؤلاء القعود؟ قالوا: هؤلاء قريش. قال: من الشيخ؟ قالوا: ابن عمر، فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء أتحدثني؟ قال: أنشدك بحرمة هذا البيت، أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيب⦗١٤٩٢⦘
عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فكبر، قال ابن عمر: تعالى لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه، أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه، وأما تغيبه عن بدر، فإنه كان تحته بنت رسول الله ﷺ وكانت مريضة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه). وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه، فبعث عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ: (هذه يد عثمان – فضرب بها على يده، فقال – هذه لعثمان). اذهب بهذا الآن معك.
[ر: ٢٩٦٢]
تصعدون: تذهبون، أصعد وصعد فوق البيت.
جعل النبي ﷺ على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير، وأقبلوا منهزمين. فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم.
[ر: ٢٨٧٤]
﴿ثم أنزل عليكم من بعد الغم نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم⦗١٤٩٣⦘
يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كإن لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب
عليهم القتال إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور﴾ /آل عمران: ١٥٤/.
كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط وآخذه، ويسقط فآخذه.
[٤٢٨٦].
قال حميد وثابت، عن أنس: شج النبي ﷺ يوم أحد، فقال: (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم). فنزلت: ﴿ليس لك من الأمر شيء﴾.
(يفلح) من الفلاح وهو الفوز بالبغية من الخير. (شجوا) من الشج، وهو الجرح في الرأس والوجه، والحديث أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، من طريق ثابت بن أنس رضي الله عنه، رقم ١٧٩١.
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول: (اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا) بَعْدَ مَا يَقُولُ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ،⦗١٤٩٤⦘
ربنا لك الحمد). فأنزل الله: ﴿ليس لك من الأمر شيء – إلى قوله – فإنهم ظالمون﴾.
وعن حنظلة بن أبي سفيان: سمعت سالم بن عبد الله يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يدعو على: صفوان بن أمية، وسهيل ابن عمرو، والحارث بن هشام. فنزلت: ﴿ليس لك من الأمر من شيء – إلى قوله – فإنهم ظالمون﴾.
[٤٢٨٣، ٦٩١٤]
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قسم مروطا بين نساء من نساء أهل المدينة، فبقي منها مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا بنت رسول الله ﷺ التي عندك،
يريدون أم كلثوم بنت علي، فقال عمر: أم سليط أحق به. وأم سليط من نساء الأنصار، ممن بايع رسول الله ﷺ، قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد.
[ر: ٢٧٢٥].
خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص، قال لي عبيد الله بن عدي: هل لك في وحشي، نسأله عن قتله حمزة؟ قلت: نعم، وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره، كأنه حميت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه يسيرا، فسلمنا فرد السلام، قال: عبيد الله معتجر بعمامته، ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه. فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال: فنظر إليه ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص، فولدت له غلاما بمكة، فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك، قال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال:⦗١٤٩٥⦘
ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، قال: فلما أن خرج الناس عام عينين، وعينين جبل بحيال أحد، بينه وبينه واد، خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال، خرج سباع فقال: هل من مبارز، قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فقال: يا سباع، با ابن أم أنمار مقطعة البظور، أتحاد الله ورسوله ﷺ؟ قال: ثم أشد عليه، فكان كأمس الذاهب، قال وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله ﷺ رسولا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل، قال: فخرجت معهم حتى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فلما رآني قال: (آنت وحشي). قلت: نعم، قال: (أنت قتلت حمزة). قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: (فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني). قال: فخرجت، فلما قبض رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَرَجَ مسيلمة الكذاب، قلت لأخرجن إلى مسيلمة، لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أورق، ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي، فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.
قال: قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار: أنه سمع عبد الله ابن عمر⦗١٤٩٦⦘
يقول: فقالت جارية على ظهر بيت، وا أمير المؤمنين، قتله العبد الأسود.
ب له من يرضعه. (فلكأني نظرت إلى قدميك) أي حين نظرت إلى قدمي الغلام كأني رأيت قدميك اللتين رأيتهما الآن، فلعلك أنت ذاك الغلام. (بحيال أحد) من ناحيته. (سباع) بن عبد العزى الخزاعي. (مقطعة البظور) جمع بظر، وهو قطعة لحم بين شفري فرج المرأة – أي حرفي فرجها – تكون طويلة لدى الأنثى في البلدان الحارة فتقطع، ويعني: أن أمه كانت تختن النساء في ومكة، والعرب تقول ذلك في معرض الذم والشتم. (أتحاد الله) تعانده وتعاديه. (كأمس الذاهب) كناية عن قتله في الحال واعدامه له. (كمنت) اختفيت. (ثنته) عانته، وقيل: ما بين السرة والعانة. (لا يهيج الرسل) لا يصيبهم بأذى ولا ينالهم منه ازعاج. (فأكافئ به حمزة) أساوي بقتله قتل حمزة، رضي الله عنه، وأكفر تلك بهذه. (ثلمة جدار) خلل وتصدع فيه. (أورق) لونه مثل الرماد من غبار الحرب. (ثائر الرأس) شعر رأسه منتشر. (رجل) هو عبد الله بن زيد المازني بن نسيبة بنت كعب، رضي الله عنهم، وقيل غيره. (وا أمير المؤمنين) تندب مسيلمة، وسمته أميرا لأنه يتولى شؤون أصحابه، وسمتهم المؤمنين بحسب زعمهم الباطل. (العبد الأسود) أرادت به وحشيا رضي الله عنه.
قال رسول الله ﷺ: (اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه – يشير إلى رباعيته – اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله ﷺ في سبيل الله).
(اشتد غضب الله) إنتقامه وعقابه لمن فعل هذا الذنب المتناهي في السوء. (رباعيته) السن التي تلي الثنية من كل جانب، والثنية إحدى السنين في مقدمة الأسنان.
اشتد غضب الله على قتله النبي ﷺ في سبيل الله، اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبي الله ﷺ.
[ر: ٣٨٤٨]
أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سعد، وهو يسأل عن جرح رسول الله ﷺ، فقال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ كان يسكب الماء، وبما دووي، قال: كانت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله ﷺ تغسله، وعلى بن أبي طالب يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير، فأحرقتها وألصقتها، فاستمسك الدم، وكسرت رباعيته يومئذ، وجرح وجهه، وكسرت البيضة على رأسه.
[ر: ٢٤٠].
اشتد غضب الله على من قتله نبي، واشتد غضب الله على من دمى وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٨٤٦]
﴿الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنو منهم واتقوا أجر عظيم﴾ قالت لعروة: يا ابن أختي، كان أبوك منهم: الزبير وأبو بكر، لما أصاب رسول الله ﷺ ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: (من يذهب في إثرهم). فانتدب منهم سبعون رجلا، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير.
منهم: حمزة بن عبد المطلب، واليمان، وأنس بن النضر، ومصعب بن عمير.
ما نعلم حيا من أحياء العرب، أكثر شهيدا، أعز يوم القيامة من الأنصار.
قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك:
أنه قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون. وقال: وكان بئر معونة عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر، يوم مسيلمة الكذاب.
أن رسول الله ﷺ كن يجمع بين رجلين مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ). فَإِذَا أُشِيرَ له إلى أحد قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هؤلاء يوم القيامة). وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يغسلوا.
[ر: ١٢٧٨]
لما قتل أبي جعلت أبكي، وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب النبي ﷺ⦗١٤٩٨⦘
ينهونني والنبي ﷺ لم ينه، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تبكيه – أو: ما تبكيه – مازالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع).
[ر: ١١٨٧]
[ر: ٣٤٢٥]
هَاجَرْنَا مَعَ النبي ﷺ ونحن نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى، أو ذهب، لم يأكل من أجره شيئا، كان مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فلم يترك إلا نمرة، كنا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غطي بها رجلاه خرج رأسه، فقال النبي ﷺ: (غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه الإذخر). أو قال: (ألقوا على رجليه من الإذخر). ومنا من أيعنت له ثمرته فهو يهدبها.
[ر: ١٢١٧]
قاله عباس بن سهل، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
أن النبي ﷺ قال: (هذا جبل يحبنا ونحبه).
أَنّ رَسُولَ ﷺ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَالَ: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت ما بين لابتيها).
[ر: ٢٧٣٢]
إن النبي ﷺ خرج يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: (إِنِّي فرط لكم، أنا شهيد عليكم، وإني لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي⦗١٤٩٩⦘
أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أخاف عليكم أن تنافسوا فيها).
[ر: ١٢٧٩]
قال ابن إسحاق: حدثنا عاصم بن عمر: أنها بعد أحد.
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَرِيَّةً عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم الينا أن لا نقتل منكم رجلا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرا، حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يديه الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك أن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا⦗١٥٠٠⦘
به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا
أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم احصهم عددا، ثم قال:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا … عَلَى أَيِّ شق كإن الله مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ … يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعث قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء.
[ر: ٢٨٨٠].
الذي قتل خبيبا هو أبو سروعة.
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سبعين رجلا لحاجة، يقال لهم القراء، فعرض لهم حيان من بني سليم، رعل وذكوان، عند بئر يقال لها بئر معونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة النبي ﷺ، فقتلوهم، فدعا النبي ﷺ شهرا في صلاة الغداة، وذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت.
قال عبد العزيز: وسأل رجل أنسا عن القنوت: أبعد الركوع، أو عند الفراغ من القراءة؟ قال: لا، بل عند فراغ من القراءة.
قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شهرا بعد الركوع، يدعوا على أحياء من العرب.
أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان، استمدوا⦗١٥٠١⦘
رسول الله ﷺ على عدو، فأمدهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل، حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبي ﷺ فقنت شهرا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان، قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنا، ثم إن ذلك رفع: بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا.
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قنت شهرا في صلاة الصبح يدعو على أحياء من أحياء العرب، على رعل وذكوان وعصيه وبين حيان.
زاد خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عن قتادة: حدثنا أنس: أن أولئك السبعين من الأنصار قتلوا ببئر معونة. قرآنا: كتابا. نحوه.
الأعلى بن حماد.
أن النبي ﷺ بعث خاله، أخا لأم سليم، في سبعين راكبا، وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل، خير بين ثلاث خصال، فقال: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك، أو أغزوك بأهل غطفان بألف وألف؟ فطعن عامر في بيت أم فلان، فقال: غدة كغدة البكر، في امرأة من آل فلان، ائتوني بفرسي. فمات على ظهر فرسه، فانطلق حرام أخو أم سليم، هو ورجل أعرج، ورجل من بني فلان، قال: كونا قريبا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتم أصحابكم، فقال: أتومنونني أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فجعل يحدثهم، وأومؤوا إلى رجل، فأتاه من خلفه فطعنه، – قال همام أحسبه – حتى أنفذه بالرمح، قال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، فلحق⦗١٥٠٢⦘
الرجل، فقتلوا كلهم غير الأعرج، كان في رأس الجبل، فأنزل الله علينا، ثم كان من المنسوخ: إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا. فدعا النبي ﷺ ثلاثين صباحا، على رعل وذكوان وبني لحيان وعصية، الذين عصوا الله ورسوله ﷺ.
لما طعن حرام بن ملحان وكان خاله، يوم بئر معونة، قال بالدم هكذا، فنضحه على وجهه ورأسه، ثم قال: فزت ورب الكعبة.
[ر: ٩٥٧، ٢٦٤٧]
استأذن النَّبِيِّ ﷺ أَبُو بَكْرٍ في الخروج حين اشتد عليه الأذى فقال له: (أقم). فقال: يا رسول الله، أتطمع أن يؤذن لك، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول: (إني لأرجو ذلك). قالت: فانتظره أبو بكر، فأتاه رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يوم ظهرا، فناداه فقال: (أخرج من عندك). فقال أبو بكر: إنما هما ابنتاي، فقال: (أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ). فقال: يا رسول الله الصحبة، فقال النبي ﷺ: (الصحبة) قال: يا رسول الله، عندي ناقتان، قد كنت أعددتهما للخروج، فأعطى النبي ﷺ إحداهما – وهي الجدعاء – فركبا، فانطلقا حتى أتيا الغار – وهو بثور – فتواريا فيه، فكان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها، وكانت لأبي بكر منحة، فكان يروح بها ويغدو عليهم ويصبح، فيدلج إليهما ثم يسرح، فلا يفطن به أحد من الرعاء، فلما خرج خرج معهما يعقبانه حتى قدما المدينة، فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة.
لما قتل الذين ببئر معونة، وأسر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر ابن الطفيل: من هذا فأشار إلى⦗١٥٠٣⦘
قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وضع، فأتى النبي ﷺ خبرهم فنعاهم، فقال: (إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم). وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت فسمي عروة به، ومنذر بن عمر سمي به منذرا.
[ر: ٤٦٤]
قَنَتَ النبي ﷺ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، يدعو على رعل وذكوان ويقول: (عصية عصت الله ورسوله).
دَعَا النَّبِيُّ ﷺ على الذين قتلوا – يعني أصحابه – ببئر معونة ثلاثين صباحا، حين يدعو على رعل ولحيان: (وعصية عصت الله ورسوله ﷺ. قال أنس: فأنزل الله تعالى على لنبيه ﷺ في الذين قتلوا – أصحاب بئر معونة – قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد: بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه عن القنوات في الصلاة؟ فقال: نعم، فقلت: كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قلت: فإن فلانا أخبرني عنك قلت إنك قلت بعده، قال: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بعد الركوع شهرا: إنه كان بعث ناسا يقال لهم القراء، وهم سبعون رجلا، إلى ناس من المشركين، وبينهم وبين الرسول الله ﷺ عهد قبلهم، فظهر هؤلاء الذين كان بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بعد الركوع شهرا يدعو عليهم.
[ر: ٩٥٧، ٢٦٤٧]
قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع.
أن النبي ﷺ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وهو ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة، فأجازه.
[ر: ٢٥٢١].
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتادنا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ للمهاجرين والأنصار).
[ر: ٣٥٨٦]
خرج رسول الله صلى الله إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع، قال: (اللهم إن العيش عيش الآخرة. فاغفر للأنصار والمهاجره). فقالوا مجيبين له:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا … عَلَى الْجِهَادِ مَا بقينا أبدا.
جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم، وهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا … على الأسلام ما بقينا أبدا
قال: يقول النبي ﷺ، هو يجيبهم: (اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة. فبارك في الأنصار والمهاجره).
قال: يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم باهإلة سنخة، توضع بين يدي القوم،⦗١٥٠٥⦘
والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق، ولها ريح منتن.
[ر: ٢٦٧٩]
٣٨٧٥ – حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن أيمن، عن أبيه قال: أتيت جابرا رضي الله عنه فقال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي ﷺ فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: (أنا نازل). ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي ﷺ المعول فضرب الكدية، فعاد كثيبا أهيل، أو أهيم، فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي ﷺ شيئا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي ﷺ والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج، فقلت: طعم لي، فقم أنت يا رسول ورجل أو رجلان، قال: (كم هو). فذكرت له، قال: (كثير طيب، قال: قل لها: لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال: قوموا). فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي ﷺ بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: (ادخلوا ولا تضاغطوا). فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية، قال: (كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة).
لما حفر الخندق⦗١٥٠٦⦘
رأيت بالنبي ﷺ خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله ﷺ خمصا شديدا، فأخرجت إلى جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله ﷺ، فقالت: لا تفضحني برسول الله ﷺ وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي ﷺ فقال: (يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لاتنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء). فجئت وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلت الذي قلت، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: (ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها). وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، إن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو.
[ر: ٢٩٠٥]
(خمصا) جوعا، والخمص خلاء البطن من الطعام. (جرابا) وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه. (داجن) ما يربى في البيوت من أولاد الغنم ولا يخرج به إلى المرعى، مشتق من الدجن وهو الإقامة بالمكان. (ففرغت إلى فراغي) فرغت امرأتي من طحن الشعير مع فراغي من ذبح البهيمة. (لا تفضحني) لا تكشف معايبي، من الفضيحة، وهي الشهرة بما يعاب. (نفر) من ثلاثة إلى عشرة من الرجال. (بك وبك) فعل الله بك كذا وكذا، حيث أتيت بناس كثير والطعام قليل. (فبصق) تف من ريقه الشريف ﷺ ليبان مكرمته عند الله عزوجل. (بارك) دعا بالبركة. (اقدحي) اغرفي. (لتغط) تغلي وتفور من الامتلاء فيسمع غطيطها، أي صوت غليانها، والغطيط صوت النائم أيضا.
﴿إذا جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر﴾. قالت كان ذلك يوم الخندق.
(من فوقكم) من فوق الوادي من قبل المشرق. (من أسفل منكم) من الوادي من قبل الغرب. (زاغت الأبصار) حالت عن سننها ومستوى نظرها وهو كناية عن شدة الخوف. (بلغت القلوب الحناجر) ارتفعت حتى بلغت الحلوق، وهذا أيضا كناية عن شدة الخوق. /الأحزاب: ١٠/.
٣٨٧٨ – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ
⦗١٥٠٧⦘
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ ينقل التراب يوم الخندق، حتى أغمر بطنه، أو اغبر بطنه، يَقُولُ:
(وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا … وَلَا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إن لاقينا
إن الألى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا … إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)
ورفع بها صوته: (أبينا أبينا).
[ر: ٢٦٨١]
(نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور).
[ر: ٩٨٨]
لما كإن يوم الأحزاب، وخندق رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَأَيْتُهُ ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب يَقُولُ:
(اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا … وَلَا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا … وإن أرادوا فتنة أبينا).
قال: ثم يمد صوته بآخرها.
[ر: ٢٦٨١]
أول يوم شهدته يوم الخندق.
قال محمود، عن عبد الرزاق: ونوساتها.
سليمان بن صرد قال:
قال النبي ﷺ يوم الأحزاب: (نغزوهم ولا يغزوننا).
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول:، حين أجلى الأحزاب عنه: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نخن نسير إليهم).
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أنه قال يوم الخندق: (ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غابت الشمس).
[ر: ٢٧٧٣]
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، جعل يسب الكفار قريش، وقال: يا رسول الله، مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أن تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (والله ما صليتها). فنزلنا مع النبي ﷺ بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بعد أن غربت الشمس، ثم صلى المغرب.
[ر: ٥٧١]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم الأحزاب: (من يأتينا بخبر القوم). فقال الزبير: أنا، ثم قال: (من يأتينا بخبر القوم). فقال الزبير: أنا، ثم قال: (من يأتينا بخبر القوم). فقال الزبير: أنا، ثم قال: (إن لكل نبي حواريا، وأنا حواري الزبير).
[ر: ٢٦٩١].
أن رسول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ: (لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده).
(جنده) المؤمنين. (عبده) محمدا ﷺ. (الأحزاب) قريشا ومن ناصرها من القبائل. (فلا شيء بعده) كل شيء يفنى وهو الباقي سبحانه وتعالى.
دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْأَحْزَابِ فَقَالَ:⦗١٥١٠⦘
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم).
[ر: ٢٧٧٥]
أن رسول الله ﷺ كان إذا أقفل من الغزو أو الحج أوالعمرة يبدأ فيكبر ثلاث مرار، ثُمَّ يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وهزم الأحزاب وحده).
[ر: ١٧٠٣]
لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ من الخندق، ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل عليه السلام، فقال: قد وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، فاخرج إليهم. قال: (فإلى أين). قال: ها هنا، وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي ﷺ إليهم.
[ر: ٢٦٥٨]
كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم، موكب جبريل حين سار رسول الله ﷺ إلى بني قريظة.
[ر: ٣٠٤٢]
قال رسول الله ﷺ يوم الْأَحْزَابِ: (لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ). فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بعضهم: بل نصلي، ثم يرد منا ذلك. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فلم يعنف واحدا منهم.
[ر: ٩٠٤]
كَانَ الرجل يجعل للنبي ﷺ النخلات، حتى⦗١٥١١⦘
افتتح قريظة والنضير، وإن أهلي أمروني أن آتِيَ النَّبِيَّ ﷺ فَأَسْأَلَهُ الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول: كلا والذي لا إله إلا هو لا يعطيكم وقد أعطانيها، أو كما قالت: والنبي ﷺ يقول: (لك ذلك). وتقول: كلا والله، حتى أعطاها – حسبت أنه قال – عشرة أمثاله، أو كما قال.
[ر: ٢٩٦٠]
(فأسأله) أطلب منه أن يرد عليهم. (الذي كانوا أعطوه) النخيل الذي كان الأنصار قد أعطوه للنبي ﷺ من قبل. (لك ذلك) من النخل بدله.
نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار: (قوموا إلى سيدكم، أو خيركم). فقال: (هؤلاء نزلوا على حكمك). فقال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم، قال: (قضيت بحكم الله، وربما قال: بحكم الملك).
[ر: ٢٨٧٨]
قال هشام: فأخبرني أبي، عن عائشة: أن سعدا قال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب الي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك ﷺ وأخرجوه، اللهم فإني أظن⦗١٥١٢⦘
أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له، حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتي فيها، فانفجرت من لبته، فَلَمْ يَرُعْهُمْ، وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ رضي الله عنه.
[ر: ٤٥١]
(المقاتلة) الرجال البالغون الذين من شأنهم أن يقاتلوا. (تسبى) تؤسر ويضرب عليها الرق. (الذرية) نسل الإنسان من ذكر أو أنثى. (لبته) موضع القلادة في الصدر.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لحسان: (اهجهم – أو هاجهم – وجبريل معك).
وزاد ابراهيم بن طهمان، عن الشيباني، عن عدي بن ثابت، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يوم قريظة لحسان بن ثابت: (اهج المشركين، فإن جبريل معك).
[ر: ٣٠٤١]
وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان، فنزل نخلا، وهي بعد خيبر، لأن أبا موسى جاء بعد خيبر.
أن النبي ﷺ صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع.
قال ابن عباس: صلى النبي ﷺ الخوف بذي قرد.
وقال بكر بن سوادة: حدثني زياد بن نافع، عن أبي موسى: أن جابرا حدثهم:⦗١٥١٣⦘
صلى النبي ﷺ بهم يوم محارب وثعلبة.
وقال ابن إسحاق: سمعت وهب بن كيسان: سمعت جابرا: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى ذات الرقاع من نخل، فلقي جمعا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضا، فصلى النبي ﷺ ركعتي خوف.
وقال يزيد، عن سلمة: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ القرد.
[٣٩٠١، وانظر: ٢٧٥٣]
(في الخوف) في حالة الخوف، فصل صلاة الخوف. (بذي قرد) موقع على نحو يوم من المدينة. (يوم محارب وثعلبة) وهي غزوة ذات الرقاع.
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في غزوة ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا. وحدث أبو موسى بهذا، ثم كره ذاك، قال: ما كنت أصنع بأن أذكره، كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.
(نفر) ما دون العشرة من الرجال، وتطلق على الواحد منهم. (نعتقبه) نركبه بالتناوب. (فنقبت) تشققت. (نعصب) نلف ونشد.
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف.
[٣٩٠٢]
(عمن شهد) قيل: هو سهل بن أبي حثمة، وقيل هو خوات أبو صالح، رضي الله عنهما. وقيل: سمعه منهما. (وجاه) مواجههم ومحاذيهم. (أحسن ما سمعت) في كيفية صلاة الخوف.
تابعه الليث، عن هشام، عن زيد بن أسلم: أن القاسم بن محمد حدثه: صلاة النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزْوَةِ بَنِي أنمار.
[ر: ٣٨٩٨]
يقوم الإمام مستقبل القبلة، وطائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو، وجوههم إلى العدو، فيصلي بالذين معه ركعة، ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة، ويسجدون سجدتين في مكانهم، ثم يذهب هؤلاء إلى مقام أولئك، فيجيء أولئك فيركع بهم ركعة، فله ثنتان، ثم يركعون ويسجدون سجدتين.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: مِثْلَهُ.
حدثني محمد بن عبيد الله قال: حدثني ابن أبي حازم، عن يحيى: سمع قاسم: أخبرني صالح بن خوات، عن سهل: حدثه: قوله.
[ر: ٣٩٠٠]
غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ، فَصَافَفْنَا لَهُمْ.
أن رسول الله ﷺ صلى بإحدى الطائفتين، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا، فقاموا في مقام أصحابهم أولئك، فجاء أولئك، فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم، ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم.
[ر: ٩٠٠]
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أخبره: أنه غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قبل نجد، فلما قفل رسول الله ﷺ قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العصاه، فنزل رسول الله ﷺ وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله ﷺ تحت سمرة فعلق بها سيفه. قال جابر: فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله ﷺ يدعونا فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فها هو ذا جالس). ثم لم يعاقبه رسول الله ﷺ.
وقال مسدد، عن أبي عوانة، عن أبي بشر: اسم الرجل غورث بن الحارث، وقاتل فيها محارب خصفة.
وقال أبو الزبير، عن جابر: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بنخل، فصلى الخوف.
وقال أبو هريرة: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غزوة نجد صلاة الخوف، وإنما جاء أبو هريرة⦗١٥١٦⦘
إلى النبي ﷺ أيام خيبر.
[ر: ٢٧٥٣]
(فاخترطه) فسله من غمده. (فتهدده …) توعدوه وخوفوه بالغوا في ذلك. (محارب خصفة) انظر أول الباب. (إنما جاء ..) يؤكد بقوله هذا: أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد خيبر، لأن أبا هريرة رضي الله عنه حضرها، وهو إنما جاء أيام خيبر.
قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست. وقال موسى بن عقبة: سنة أربع.
وقال النعمان بن راشد، عن الزهري: كان حديث الإفك في غزوة المريسيع.
دخلت المسجد، فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه، فسألته عن العزل، قال: أبو سعيد: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل، وقلنا نعزل ورسول الله بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك، فَقَالَ: (مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وهي كائنة).
[ر: ٢١١٦]
[ر: ٢٧٥٣].
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي غَزْوَةٍ أنمار، يصلي على راحلته، متوجها قبل المشرق، متطوعا.
[ر: ٣٩١]
والإفك والأفك، بمنزلة النجس والنجس، يقال: ﴿إفكهم﴾ /الصافات: ١٥١/ والأحقاف: ٢٨/. وأفكهم، فمن قال: أفكهم، يقول: صرفهم عن الإيمان وكذبهم، كما قال: ﴿يؤفك عنه من أفك﴾ /الذاريات: ٩/: يصرف عنه من صرف.
حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حدثيهم يصدق بعضا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض. قالوا:
قالت عائشة: كان رسول الله ﷺ إذا أراد سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خرج بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أحمل في هودجي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَزْوَتِهِ تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقبلت إلى رحلي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظفار قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الذي كنت أركب عليه، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خفة الهودج⦗١٥١٨⦘
حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فقمت إليها فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول، قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ. قال عروة: أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم
يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإن كبر ذلك يقال لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ.
قال عروة، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: أنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي … لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل على رسول الله ﷺ فيسلم،⦗١٥١٩⦘
ثم يقول: (كيف تيكم). ثم ينصرف، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع، وكان متبرزنا، وكنا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم ابن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فقالت: أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قالت: وقلت: وما قال؟ فأخرتني بقول أهل الإفك، قالت: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فسلم، ثم قال: (كيف تيكم). فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رجل يحبها، لها ضرائر، إلا أكثرن عليها. قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على ابن أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة أشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم ألا خيرا. وأما علي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ⦗١٥٢٠⦘
سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قالت: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بريرة، فقال: (أي بريرة، هل رأيت شيء يريبك). قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالت: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي، وهو عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يعذرني من رجل قد بلغني عنه أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي). قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ، أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، قالت: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الحمية، فقال لسعد: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ عَلَى المنبر، قالت: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يخفضهم، حتى سكتوا وسكت، فبكيت يومي ذلك كله لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قالت: وأصبح أبوي عندي، قد بكيت ليلتين ويوما، ولا يرقأ لي دمع لا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ علينا فسلم ثم جلس، قالت: لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله ﷺ حين جلس،⦗١٥٢١⦘
ثم قال: (أما بعد، ياعائشة، إنه بلغني عنكك كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه). قالت: عائشة: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله ﷺ عني فيما قال، فقال أبي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيمَا قال، قالت أمي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا: إني والله لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، لا تصدقوني، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي منه بريئة، لتصدقني، فوالله لا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حين قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تصفون﴾. ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، لشأني فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ الله في بأمر، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله ﷺ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حتى أنزل عليه، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنِ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان، وهو في يوم شات، كم ثقل القوم الذي أنزل عليه، قالت: فسرى عن رسول ا
لله ﷺ وهو يضحك، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال: (يا عائشة، أما والله فقد برأك). فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل، قالت: وأنزل الله تعالى: ﴿إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم﴾. العشر الآيات، ثم أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفقره: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم – إلى قوله – غفور رحيم﴾. قال أبو بكر الصديق: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة:
⦗١٥٢٢⦘
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: ماذا علمت، أو رَأَيْتِ). فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ فعصمها الله بالورع. قالت: وطفقت أختها تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله.
[ر: ٢٤٥٣]
(اقتصاصا) أحفظ وأحسن ايرادا وسردا للحديث. (يهبلن) لم يسمن ولم يكثر لحمهن وشحمهن. (باسترجاعه) بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. (فخمرت) غطيت. (بجلبابي) الجلباب ثوب يغطي جسم المرأة. (فوطئ على يدها) ليسهل ركوبها ولا يحتاج إلى مساعدة. (موغرين) أي داخلين في وقت شدة الحر. (نحر الظهيرة) صدر وقت الظهر وأوله. (يستوشيه) يطلب ما عند المتحدث ليزيد منه. (عصبة) جماعة. (كما قال الله تعالى) أي كما ذكر في القرآن أنهم عصبة دون تحديدهم، بقوله تعالى: ﴿إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم﴾ /النور: ١١/. (كبر ذلك) متولي معظم حديث الإفك ومشيعه. (عرضي) العرض هو موضع المدح والذم من الإنسان، وقيل: جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه، ويحامي عنه أن ينتقص أو ينال منه. (يفيضون) يخضون. (يريبني) يشككني في حاله. (اللطف) الرفق والإحسان. (تيكم)
اسم إشارة للمؤنث. (نقهت) أفقت من المرض وصححت من علتي. (المناصع) مواضع خارج المدينة، كانوا يتبرزون فيها، واحدها منصع لأنه يبرز إليه ويظهر، من نصع الشيء إذا وضح وبان. (متبرزنا) مكان قضاء حاجتنا. (الكنف) جمع كنيف، وهو المكان المستور من بناء أو نحوه يتخذ لقضاء الحاجة. (قبل الغائط) أي التوجه نحو مكان منخفض لقضاء الحاجة. (أي هنتاه) يا هذه، وقيل: يا بلهاء، لقلة معرفتها بمكايد الناس وشرورهم. (وضيئة) حسنة جميلة، من الوضاءة، وهي الحسن. (أكثرن) أكثرن القول الرديء عليها. (يرقأ) يسكن وينقطع. (يضيق الله عليك) أي تستطيع أن تطلقها وتتزوج غيرها، ولم يقل ذلك عداوة ولا بغضا لها ولا شكا في أمرها، إنما قاله إشفاقا على رسول الله ﷺ لما رأى من انزعاجه بهذا الأمر، فأراد اراحة خاطره وتسهيل الأمر عليه. (أغمصه عليها) أعيبها به. (الداجن) الشاة التي تقتنى في البيوت وتلعف ولا تخرج
إلى المرعى، وقد تطلق على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيره. (يعذرني) يقوم بعذري إن جازيته على قبيح فعاله، وقيل: ينصرني، العذير الناصر. (رهطك) جماعتك وقبيلتك. (قلص دمعي) انقطع. (البرحاء) الشدة التي كانت تصيبه عند نزول الوحي. (الجمان) اللؤلؤ الصغار. (تحارب لها) تطعن بي وتعاديني تعصبا لأختها، لأني ضرة لها، مع أن زينب نفسها أمسكت عن هذا وما قالت إلا خيرا، رضي الله عنها وأرضاها. (الرجل) المتهم وهو صفوان بن المعطل، رضي الله عنه. (كنف أنثى) ثوبها الذي يسترها، وهو كناية عن عدم جماع النساء ومخالطتهن.
أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة؟ قلت: لا، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك، أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: أن عائشة رضي الله عنها قالت لهما: كان علي مسلما في شأنها. فراجعوه فلم يرجع. وقال مسلما، بلا شك فيه وعليه، وكان في أصل العتيق كذلك.
والله يغفر له. قال: وإنما نسبته إلى الإساءة لأنه لم يقل كما قال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرا. بل ضيق على بريرة، وقال: لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، ونحو ذلك من الكلام، وخلاصة القول: أن عليا رضي الله عنه لم يكن ليسيء الظن بأهل بيت رسول الله ﷺ، وحاشاه رضي الله عنه، وإنما حمله على تصرفه وقوله إشفاقه على رسول الله ﷺ، ورغبته في إذهاب الغم والكرب عن نفسه، لما رأى من شدة تأثره ﷺ بالأمر.
٣٩١٢ – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عن حصين، عن أبي وائل قال: حدثني مسروق بن الأجدع قال: حدثتني أم رومان، وهي أم عائشة رضي الله عنهما، قالت:
⦗١٥٢٣⦘
بينا أنا قاعدة أنا وعائشة، اذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل، فقالت أم رومان: وما ذاك؟ قالت: أبني فيمن حدث الحديث، قالت، وما ذاك؟ قالت: كذا وكذا، قالت: عائشة: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قالت: نعم، قالت: وأبو بكر؟ قالت: نعم، فخرت مغشيا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فطرحت عليها ثيابها فغطيتها، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (ما شأن هذه). قلت يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض، قال: (فلعل في حديث تحدث به). قلت: نعم، فقعدت عائشة فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني، ولئن قلت لا تعذرونني، مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه: ﴿والله المستعان على ما تصفون﴾ قالت: وانصرف ولم يقل شيئا، فأنزل الله عذرها، قالت: بحمد الله لا بحمد أحدا ولا بحمدك.
[ر: ٢٤٥٣]
[٤٤٧٥]
ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لَا تَسُبُّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،. وقالت: عائشة: استأذن النبي ﷺ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قال: (كيف بنسبي). قال: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ.
وقال محمد بن عقبة: حدثنا عثمان بن فرقد: سمعت هشاما، عن أبيه قال: سببت حسان، وكان ممن كثر عليها.
[ر: ٣٣٣٨]
دخلنا على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن⦗١٥٢٤⦘
ثابت ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، وقال:
حصان رزان ما تزن بريبة … وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها لم تأذنين له أن يدخل عليك؟ وقد قال الله تعالى: ﴿والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم﴾. فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟ قالت له: إنه كان ينافح، أو يهاجي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[٤٤٧٧، ٤٤٧٨]
(دخلنا على عائشة) من المعلوم أن الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم، كانوا يأتون مساكن أزواج رسول الله ﷺ ليأخذوا عنهن حديث رسول الله ﷺ والعلم والموعظة، وكن رضي الله عنهن يحدثن من يأتيهن من وراء حجاب يكون داخل بيوتهن، ولا يجلسن مع من يغشى مجالسهن وجها لوجه، كما هو معروف ومألوف في المجالسة، وهذا هو المراد بالدخول عليهن، حيثما ورد عن غير محارمهن، وحاشاهن رضي الله عنهن، وحاشا من يأتيهن من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين من بعدهم: أن يخالفوا أمر الله تعالى الصريح إذ يقول: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب﴾ /الأحزاب: ٥٣/. وهي في زوجات النبي ﷺ بالاتفاق، وجاز لهن أن يحدثن الرجال، كما جاز للرجال أن يجلسوا لهن – على ما ذكرنا – ويستمعوا لحديثهن ضرورة نقل الدين الذي عرفنه عن رسول الله ﷺ بالمباشرة، ولاسيما ما يخص المرأة وداخل بيت الزوجية وضمن نطاق الأسرة. وهذا كله مع ما وقر في نفوس المسلمين من وقار وإجلال لأماتهم، زوجات رسول الله ﷺ، اللواتي قال الله تعالى فيهن: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ /الأحزاب: ٦/: أي في البر والاحترام وحرمة الزواج، لا في حل النظر والخلوة ونحو ذلك. (يشبب) من التشبيب، وهو ذكر الشاعر ما يتعلق بالغزل ونحوه. (حصان) عفيفة، تمتنع من الرجال غير زوجها. (رزان) صاحبة وقار، وقيل: قليلة الحركة. (تزن) تتهم. (بريبة) بتهمة. (غرثى) جائعة، أي لا تغتاب الناس فتشبع من لحومهم. (الغوافل) العفيفات الغافلات عن الشر والفجور. (لست كذلك) أي لم تفعل بمقتضى ما تقول، فقد اغتبت في خوضك في الإفك وطعنت واتهمت. (تولى كبره منهم) اهتم بإشاعته والخوض فيه أكثر من غيره /النور: ١١/. (العمى) أي فقد آخذه الله تعالى إذ عمي آخر عمره. (ينافح ..) يدافع عنه بشعره.
وقول الله تعالى: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ /الفتح: ١٨/.
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عام الحديبية، فأصابنا مطر ذات ليلة، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صلاة الصبح،⦗١٥٢٥⦘
ثم أقبل علينا فقال: (أتدرون ماذا قال ربكم). قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: (قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله، فهو مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مطرنا بنجم كذا وكذا، فهو مؤمن بالكوكب كافر بي).
[ر: ٨١٠]
اعتمر رسول الله ﷺ أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته: عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته.
[ر: ١٦٨٧]
انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَامَ الحديبية، فأحرم مع أصحابه ولم أحرم.
[ر: ١٧٢٥]
تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاها، فجلس على شفيرها، ثم دعا باناء من ماء فتوضأ، ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم انها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا.
الله عن المؤمنين إذ يبايعونك﴾ /الفتح: ١٨/. وعدوها هي الفتح العظيم لأنها كانت مقدمة لفتح مكة، بل كانت سببا لانتشار الإسلام ودخول القبائل فيه، إذ أمنوا من قريش، وتفرغ النبي ﷺ لدعوتهم، كما كانت البيعة سببا لرضوان الله عز وجل. (فنزحناها) أخذنا ماءها شيئا فشيئا. (فتركناها غير بعيد) تركناها مدة من الزمن قليلة. (أصدرتنا) أخرجت لنا وأرجعت ماء عوضا عن الذي نزح منها. (ما شئنا) القدر الذي نرغبه ونريده لشرب وغيره. (بركابنا) هي الإبل التي يسار عليها ونحوها.
أنهم كانوا⦗١٥٢٦⦘
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يوم الحديبية ألفا وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فأتي البئر وقعد على شفيرها، ثم قال: (ائتوني بدلو من مائها). فأتي به، فبصق فدعا ثم قال: (دعوها ساعة). فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا.
[ر: ٣٣٨٤]
عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله ﷺ بين يديه ركوة فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ما لكم). قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، قال: فوضع النبي ﷺ يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة.
قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم الحديبية: (أنتم خير أهل الأرض). وكنا ألفا وأربعمائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة.
تابعه الأعمش: سمع سالما: سمع جابرا: ألفا وأربعمائة.
[ر: ٣٣٨٣]
تابعه محمد بن بشار: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة.
(أسلم) اسم قبيلة من قبائل العرب، وقيل: كان منها مائة رجل، وعليه يكون المهاجرون ثمانمائة.
(يقبض الصالحون، الأول فالأول، وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير، لا يعبأ الله بهم شيئا).
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم منها، لا أحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الإشعار والتقليد، فلا أدري، يعني موضع الإشعار والتقليد، أو الحديث كله.
[ر: ١٦٠٨]
أن رسول الله ﷺ رآه وقمله يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: (أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ). قَالَ: نعم، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن يحلق، وهو بالحديبية، لم يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طمع أن يدخول مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بين ستة مساكين، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ).
[ر: ١٧١٩]
خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغار، والله ما ينضجون كراعا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد⦗١٥٢٨⦘
أبي مع النبي ﷺ، فوقف عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثم أصبحان نستفيء سهمانهما فيه.
لى شخص معروف. (ظهير) قوي الظهر، معد للحاجة. (غرارتين) تثنية غرارة وهي وعاء يتخذ للتبن وغيره. (بخطامه) الحبل الذي يقاد به البعير. (ثكلتك أمك) كلمة تفولها العرب للإنكار على المخاطب، ولا يريدون حقيقة معاناها الذي هو الدعاء بالموت، أي فقدتك أمك. (حصنا) قيل: أحد حصون خيبر. (نستفيء) نطلب الفيء، وهو ما يأخذه المسلمون من يد الكفار بدون قتال. (سهمانهما) جمع سهم وهو النصيب، أي هما فتحاه، ونحن الآن ننتفع بثمرة جهدهما.
٣٩٢٩ – حدثني محمد بن رافع: حدثنا شبابة بن سوار أبو عمرو الفزاري: حدثنا شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عن أبيه قال: لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد فلم أعرفها. قال أبو عبد الله: قال محمود: ثم أنسيتها بعد.
(الشجرة) التي كانت تحتها بيعة الرضوان. (محمود) بن غيلان شيخ البخاري ومسلم، رحمهم الله تعالى. (ثم أنسيتها بعد) أي رواية محمود هكذا، بدل قوله: ثم أتيتها .. .
انطلقت حاجا، فمررت بقوم يصلون، قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله ﷺ بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي: أنه كان فيمن بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل أنسيناها، فلم نقدر عليها.
فقال سعيد: إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ لم يعلموها، وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم؟
٣٩٣١ – حدثنا موسى: حدثنا أبو عوانة: حدثنا طارق، عن سعيد بن المسيب،
⦗١٥٢٩⦘
عن أبيه: أنه كان ممن بايع تحت الشجرة، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا.
لله تعالى، إذ ربما لو بقيت ظاهرة معلومة لعظمها الجهال إلى درجة العبادة.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا أتاه قوم بصدقة قال: (اللهم صل عليهم). فأتاه أبي بصدقته فقال: (اللهم صلى على آل أبي أوفى).
[ر: ١٤٢٦]
لما كان يوم الحرة، والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة، فقال ابن زيد: على ما يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له: على الموت، قال: لا أبايع على ذلك أحدا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكان شهد معه الحديبية.
[ر: ٢٧٩٩]
كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الجمعة ثم ننصرف، وليس للحيطان ظل نستظل فيه.
(ظل ..) أي يصلح لأن يستظل فيه، وهو دليل التعجيل بصلاة الجمعة أول الوقت.
[ر: ٢٨٠٠]
لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما، فقلت: طوبى لك، صحبت النبي ﷺ⦗١٥٣٠⦘
وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخي، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده.
[٤٥٦٢]
﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾. قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئا مريئا، فما لنا؟ فأنزل الله: ﴿ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار﴾. قال: شعبة: فقدمت الوفة، فحدثت بهذا كله عن قتادة، ثم رجعت فذكرت له فقال: أما: ﴿إنا فتحنا لك﴾. فعن أنس، وأما هنيئا مرئيا، فعن عكرمة.
[٤٥٥٤].
اني لأوقد تحت القدر بلحوم الحمر، إذ نادى منادي رسول الله ﷺ: أن رسول الله ﷺ ينهاكم عن لحوم الحمر.
وعن مجزأة، عن رجل منهم، من أصحاب الشجرة، اسمه أهبان بن أوس، وكان اشتكى ركبته، فكان إذا سجد جعل تحت ركبته وسادة.
كان⦗١٥٣١⦘
رسول الله ﷺ وأصحابه أتو بسويق، فلاكوه.
سألت عائذ بن عمرو رضي الله عنه، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ من أصحاب الشجرة، هل ينقض الوتر؟ قال: إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يسير في بعض أسفاره، وعمر ابن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجيبه رسول الله ﷺ، ثم سأله فلم يجيبه، ثم سأله فلم يجيبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلتك أمك يا عمر، نزرت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل في قرآن، وجئت رسول الله ﷺ فسلمت عليه، فقال: (لقد أنزلت علي الليلة سورة، لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾).
[٤٥٥٣، ٤٧٢٥]
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة، قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة، وبعث⦗١٥٣٢⦘
عينا له من خزاعة، وَسَارَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه، قال: إن قريشا جمعوا لك جموعا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت، ومانعوك. قال: (أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين). قال أبو بكر: يا رسول الله، خرجت عامدا لهذا البيت، لا تريد قتل أحد، ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا
عنه قاتلناه. قال: (امضوا على اسم الله).
[ر: ١٦٠٨]
أنه لما كاتب رسول الله ﷺ سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قضية المدة، وكان فيما اشترط سهيل بن عمرو أنه قال: لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. وأبى سهيل أن يقاضي رسول الله ﷺ ألا على ذلك، فكره المؤمنون ذلك وامعضوا، فتكلموا فيه، فلما أبى سهيل أن يقاضي رسول الله ﷺ ألا على ذلك، كاتبه رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَرَدَّ رسول ﷺ أبا جندل بن سهيل يومئذ إلى أبيه سهيل ابن عمرو، ولم يأت رسول الله ﷺ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المدة، وإن كان مسلما، وجاءت المؤمنات مهاجرات، فكانت أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهي عاتق، فجاء أهلها يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إن يرجعها إليهم، حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل.
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك﴾.
وعن عمه قال: بلغنا حين أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ أن يرد إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ من أزواجهم، وبلغنا أن أبا بصير: فذكره بطوله.
[ر: ١٦٠٨]
أنه أهل وقال: إن حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، حين حالت كفار قريش بينه، وتلا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة﴾.
[ر: ١٥٥٨]
٣٩٥٠ – حدثني شجاع بن الوليد: سمع النضر بن محمد، حدثنا صخر، عن نافع قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه، ورسول
⦗١٥٣٤⦘
الله ﷺ يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر، وعمر يستلئم للقتال، فأخبره أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق، فذهب معه حتى بايع رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَهِيَ التي يتحدث الناس أن ابن عمرأسلم قبل عمر.
أن الناس كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الحديبية، تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي ﷺ، فقال: يا عبد الله، انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله ﷺ؟ فوجدهم يبايعون، فبايع ثم رجع إلى عمر، فخرج فبايع.
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حين اعتمر، فطاف فطفنا معه، وصلى فصلينا معه، وسعى بين الصفا والمروة، فكنا نستره من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء.
[ر: ١٥٢٣]
لما قد سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، فقال: اتهموا الرأي، فلقد رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أرد على رسول الله ﷺ أمره لرددت، والله ورسوله أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يُفْظِعُنَا إِلَّا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قبل هذا الأمر، ما نسد منها خصما إلا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له.
[ر: ٣٠١٠]
٣٩٥٤ – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد، عن أيوب، عَنْ
⦗١٥٣٥⦘
مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعب بن عجزة رضي الله عنه قَالَ:
أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (أيؤذيك هوام رأسك). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً). قَالَ: أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بأي هذا بدأ.
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، قال: كانت لي فروة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي، فمر بي رسول الله ﷺ فقال: (أيؤذيك هوام رأسك). قلت: نعم، قال: وأنزلت هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾.
[ر: ١٧١٩]
قال قتادة: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بعد ذلك كان يحث على الصدقة، وينهى عن المثلة.
وقال شعبة أبان وحماد عن قتادة: من عرينة. وقال يحيى بن أبي كثير وأيوب عن⦗١٥٣٦⦘
أبي قلابة عن أنس: قدم نفر من عكل.
قال: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ: عَنِ عرينة. وقال أبو قلابة، عن أنس: من عكل، ذكر القصة.
[ر: ٢٣١]
وهي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبي ﷺ قبل خيبر بثلاث.
أنا ابن الأكوع … واليوم يوم الرضع⦗١٥٣٧⦘
وأرتجز، حتى استنفذت اللقاح منهم، واستلبت منهم ثلاثين بردة. قال: وجاء النبي ﷺ والناس، فقلت: يا نبي الله، قد حميت القوم الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة، فقال: (يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح). قال: ثم رجعنا ويردفني رسول الله ﷺ على ناقته حتى دخلنا المدينة.
[ر: ٢٨٧٦]