وَهُمْ بَنُو الدَّارِ بْنِ هَانِئِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ نُمَارَةَ بْنِ لَحْمٍ، الَّذِينَ سَارُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ الشَّامِ: تَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ وَنُعَيْمُ بْنُ أَوْسٍ أَخُوهُ، وَيَزِيدُ ابْن قَيْسٍ، وَعَرَفَةُ بْنُ مَالِكٍ، سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
– قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: عَزَّةُ بْنُ مَالِكٍ: وَأَخُوهُ مُرَّانُ [١] بْنُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مَرْوَانُ بْنُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَفَاكِهُ بْنُ نُعْمَانَ، وَجَبَلَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هِنْدِ بْنُ بَرٍّ، وَأَخُوهُ الطَّيِّبُ بْنُ بَرٍّ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ.
(خَرْصُ ابْن رَوَاحَةَ ثُمَّ جَبَّارٍ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ):
فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، كَمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، يَبْعَثُ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا [٢] بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَهُودَ، فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا قَالُوا: تَعَدَّيْتُ عَلَيْنَا، قَالَ: إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا، فَتَقُولُ يَهُودُ:
بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.
وَإِنَّمَا خَرَصَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ عَامًا وَاحِدًا، ثُمَّ أُصِيبَ بِمُؤْتَةِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ، فَكَانَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، هُوَ الَّذِي يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ.
(مَقْتَلُ ابْنِ سَهْلٍ وَدِيَةُ الرَّسُولِ إلَى أَهْلِهِ):
فَأَقَامَتْ يَهُودُ عَلَى ذَلِكَ، لَا يَرَى بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ بَأْسًا فِي مُعَامَلَتِهِمْ، حَتَّى عَدَوْا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلِ، أَخِي بَنِي حَارِثَةَ، فَقَتَلُوهُ، فَاتَّهَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ.
[٢] الخارص: الّذي يحزر مَا على النّخل وَالْكَرم من ثَمَر، وَهُوَ من الْخرص أَي الظَّن، لِأَنَّهُ تَقْدِير بِظَنّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ [٥]، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن بُجَيْدِ بْنِ قَيْظِيٍّ، أَخِي بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: وَاَيْمُ اللَّهِ، مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ، إنَّهُ قَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْنُ! وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ، مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، احلفوا على
[٢] الْكبر الْكبر، أَي قدمُوا الْأَكْبَر للْكَلَام، إرشادا إِلَى الْأَدَب فِي تَقْدِيم الأسن. (رَاجع النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير) .
[٣] وداه: أَعْطَاهُم دِيَته.
[٤] كَذَا فِي الْأُصُول وَسَهل بن أَبى حثْمَة راو للْخَبَر. وَأما صَاحب الدِّيَة فَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن سهل.
[٥] فِي م، ر: «التَّمِيمِي» . وَهُوَ تَحْرِيف.
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: دُوهُ أَوْ ائْذَنُوا بِحَرْبِ. فَكَتَبُوا يَحْلِفُونَ باللَّه مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ.
(إجْلَاءُ الْيَهُودِ عَنْ خَيْبَرَ أَيَّامَ عُمَرَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ كَانَ إعْطَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَهُودَ خَيْبَرَ نَخْلَهُمْ، حِينَ أَعْطَاهُمْ النَّخْلَ عَلَى خَرْجِهَا، أَبَتَّ ذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى قُبِضَ، أَمْ أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا لِلضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ؟
فَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَتْ خَيْبَرُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، خَمَّسَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَزَلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَى الْجَلَاءِ بَعْدَ الْقِتَالِ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إلَيْكُمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ عَلَى أَنْ تُعْمِلُوهَا، وَتَكُونَ ثِمَارُهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَأُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ، فَقَبِلُوا، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ يُعْمِلُونَهَا: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَيَقْسِمُ ثَمَرَهَا، وَيَعْدِلُ عَلَيْهِمْ فِي الْخَرْصِ، فَلَمَّا تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ، أَقَرَّهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأَيْدِيهِمْ، عَلَى الْمُعَامَلَةِ الَّتِي عَامَلَهُمْ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ أَقَرَّهَا عُمَرُ رضي الله عنه صَدْرًا مِنْ إمَارَتِهِ. ثُمَّ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ: لَا يَجْتَمِعَنَّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ، فَفَحَصَ عُمَرُ ذَلِكَ، حَتَّى بَلَغَهُ الثَّبْتُ، فَأَرْسَلَ إلىَ يَهُودَ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَذِنَ فِي جَلَائِكُمْ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَجْتَمِعَنَّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْيَهُودِ فَلْيَأْتِنِي بِهِ، أُنْفِذُهُ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرِ نَتَعَاهَدُهَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: فَعُدِيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ، وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي، فَفُدِعَتْ [١] يَدَايَ مِنْ مِرْفَقَيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتَصْرَخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ، فَأَتَيَانِي فَسَأَلَانِي:
مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَأَصْلَحَا مِنْ يدىّ، ثمَّ قد مَا بِي عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ يَهُودَ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إذَا شِئْنَا، وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ، كَمَا قَدْ بَلَغَكُمْ، مَعَ عَدْوِهِمْ [٢] عَلَى الْأَنْصَارِيِّ قَبْلَهُ، لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُ، لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرِ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ، فَأَخْرَجَهُمْ.
(قِسْمَةُ عُمَرَ لِوَادِي الْقُرَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَكْنَفٍ، أَخِي بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ عُمَرُ يَهُودَ مِنْ خَيْبَرَ رَكِبَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَخَرَجَ مَعَهُ جَبَّارُ بْنُ صَخْرِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ، أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَكَانَ خَارِصَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَاسِبَهُمْ- وَيَزِيدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُمَا قَسَمَا خَيْبَرَ بَيْنَ أَهْلِهَا، عَلَى أَصْلِ جَمَاعَةِ السُّهْمَانِ، الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا.
وَكَانَ مَا قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ وَادِي الْقُرَى، لِعُثْمَانِ بْنِ عَفَّانَ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ خَطَرٌ، وَلِعُمَرِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ خَطَرٌ، وَلِعَامِرِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ خَطَرٌ، وَلِعَمْرِو بْنِ سُرَاقَةَ خَطَرٌ، وَلِأُشَيْمٍ خَطَرٌ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: وَلِأَسْلَمَ وَلِبَنِي جَعْفَرٍ خَطَرٌ، وَلِمُعَيْقِيبٍ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ خَطَرٌ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ خَطَرَانِ، وَلِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ
[٢] فِي أ: «عدوتهم» .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: لِقَتَادَةَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلِجَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ نِصْفُ خَطَرٍ، وَلِابْنَيْ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ نِصْفُ خَطَرٍ، وَلِابْنِ حَزَمَةَ وَالضَّحَّاكِ خَطَرٌ، فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِ خَيْبَرَ وَوَادِي الْقُرَى وَمَقَاسِمِهَا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْخَطَرُ: النَّصِيبُ. يُقَالُ: أَخْطَرَ لِي فُلَانٌ خَطَرًا.
أخبار تونس نور العقيدة، أساس العلم، وحقائق الكون !