قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ إسْلَامُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ، وَحَدِيثُهُ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهِ مِرْدَاسٍ وَثَنٌ يَعْبُدُهُ، وَهُوَ حَجَرٌ كَانَ يُقَالُ لَهُ ضِمَارِ [٢]، فَلَمَّا حَضَرَ مِرْدَاسٌ قَالَ لِعَبَّاسِ: أَيْ بُنَيَّ، اُعْبُدْ ضِمَارِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ وَيَضُرُّكَ، فَبَيْنَا عَبَّاسٌ يَوْمًا عِنْدَ ضِمَارِ، إذْ سَمِعَ مِنْ جَوْفِ ضِمَارِ مُنَادِيًا يَقُولُ:
قُلْ لِلْقَبَائِلِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا … أَوْدَى ضِمَارِ وَعَاشَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ [٣] إنَّ الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى … بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِي
أَوْدَى ضِمَارِ وَكَانَ يُعْبَدُ مَرَّةً … قَبْلَ الْكِتَابِ إلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
فَحَرَّقَ عَبَّاسٌ ضِمَارِ، وَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ فَأَسْلَمَ.
(شِعْرُ جَعْدَةَ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ):
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَالَ جَعْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ:
أَكَعْبَ بْنُ عَمْرٍو دَعْوَةً غَيْرَ بَاطِلِ … لِحَيْنٍ لَهُ يَوْمَ الْحَدِيدِ مُتَاحِ [٤]
أُتِيحَتْ لَهُ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ … لِتَقْتُلَهُ لَيْلًا بِغَيْرِ سِلَاحِ
وَنَحْنُ الْأُلَى سَدَّتْ غَزَالَ خُيُولُنَا … وَلِفْتًا سَدَدْنَاهُ وَفَجَّ طِلَاحِ [٥]
خَطَرْنَا وَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِجَحْفَلٍ … ذَوِي عَضُدٍ مِنْ خَيْلِنَا وَرِمَاحِ [٦]
الْجواد الْكثير الْعَطاء.
[٢] ضمار: هُوَ بِالْبِنَاءِ على الْكسر كحذام ورقاش.
[٣] أودى: هلك. وَالْمَسْجِد (هُنَا): مَسْجِد مَكَّة، أَو مَسْجِد النَّبِي ﷺ.
[٤] الْحِين: الْهَلَاك. ومتاح: مُقَدّر.
[٥] الألى: الَّذين. وغزال: اسْم مَوضِع (يصرف وَلَا يصرف) . ولفت: مَوضِع أَيْضا. وفج طلاح: مَوضِع. وَيحْتَمل أَن يكون طلاح جمع طلح، الّذي هُوَ الشّجر، وأضيف الْفَج إِلَيْهِ.
[٦] خطرنا: اهتززنا. ويروى حظرنا «بِالْحَاء الْمُهْملَة والظاء الْمُعْجَمَة» وَمَعْنَاهُ، منعنَا. والجحفل:
الْجَيْش الْكثير.
(شِعْرُ بُجَيْدٍ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ):
وَقَالَ بُجَيْدُ [١] بْنُ عِمْرَانَ الْخُزَاعِيُّ:
وَقَدْ أَنْشَأَ اللَّهُ السَّحَابَ بِنَصْرِنَا … رُكَامَ صِحَابِ الْهَيْدَبِ الْمُتَرَاكِبِ [٢]
وَهِجْرَتُنَا فِي أَرْضِنَا عِنْدَنَا بِهَا … كِتَابٌ أَتَى مِنْ خَيْرِ مُمْلٍ وَكَاتِبِ
وَمِنْ أَجْلِنَا حَلَّتْ بِمَكَّةَ حُرْمَةٌ … لِنُدْرِكَ ثَأْرًا بِالسُّيُوفِ الْقَوَاضِبِ [٣]