(نِفَاقُهَا وَشِعْرُهَا فِي ذَلِكَ):
وَغَزْوَةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخِطْمِيِّ عَصْمَاءَ بِنْتَ مَرْوَانَ، وَهِيَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ابْن زَيْدٍ، فَلَمَّا قُتِلَ أَبُو عَفَكٍ نَافَقَتْ، فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ
[٢] قيلة: اسْم امْرَأَة تنْسب إِلَيْهَا الْأَوْس والخزرج أنصار النَّبِي. وَلم يخضعا: أَرَادَ يخضعن بالنُّون الْخَفِيفَة، فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أبدل مِنْهَا ألفا.
[٣] صدعهم: فرقهم.
[٤] تبع: أحد مُلُوك الْيمن.
[٥] أمناك: أنساك.
[٦] حنيف: مُسلم.
بِاسْتِ بَنِي مَالِكٍ وَالنَّبِيتِ … وَعَوْفٍ وَبِاسْتِ بَنِي الْخَزْرَجِ
أَطَعْتُمْ أَتَاوِيَّ مِنْ غَيْرِكُمْ … فَلَا مِنْ مُرَادٍ وَلَا مَذْحِجِ [١] تَرْجُونَهُ بَعْدَ قَتْلِ الرُّءُوسِ … كَمَا يُرْتَجَى مَرَقُ الْمُنْضَجِ [٢] أَلَا أَنِفٌ يَبْتَغِيَ غِرَّةُ … فَيَقْطَعُ مِنْ أَمَلِ الْمُرْتَجِي [٣]
(شِعْرُ حَسَّانَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهَا):
قَالَ: فَأَجَابَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ:
بَنُو وَائِلٍ وَبَنُو وَاقِفٍ … وَخَطْمَةُ دُونَ بَنِي الْخَزْرَجِ
مَتَى مَا دَعَتْ سَفَهًا وَيْحَهَا … بِعَوْلَتِهَا وَالْمَنَايَا تَجِي [٤]
فَهَزَّتْ فَتًى مَاجِدًا عِرْقُهُ … كَرِيمُ الْمَدَاخِلِ وَالْمَخْرَجِ
فَضَرَّجَهَا من نجيع الدّماء … بَعْدَ الْهُدُوِّ فَلَمْ يَحْرَجْ [٥]
(خُرُوجُ الْخِطْمِيِّ لَقَتْلِهَا):
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ، أَلَا آخِذٌ [٦] لِي مِنْ ابْنَةِ مَرْوَانَ؟ فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْخِطْمِيُّ، وَهُوَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ سَرَى عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا فَقَتَلَهَا، ثُمَّ أَصْبَحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ قَتَلْتهَا.
فَقَالَ نَصَرْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَا عُمَيْرُ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ شَأْنِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَقَالَ: لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ [٧] .
[٢] الرُّءُوس: أَشْرَاف الْقَوْم.
[٣] الْأنف: الّذي يترفع عَن الشَّيْء. والغرة: الْغَفْلَة.
[٤] العولة: ارْتِفَاع الصَّوْت بالبكاء، وتجى: مسهل من تَجِيء.
[٥] ضرجها: لطخها بِالدَّمِ. والنجيع: الشَّديد الْحمرَة. والهدو: أَي بعد سَاعَة من اللَّيْل. وَلم يحرج:
لم يَأْثَم.
[٦] فِي أ: «أحد» .
[٧] لَا ينتطح فِيهَا عنزان: أَي أَن شَأْنهَا هَين، لَا يكون فِيهِ طلب ثأر وَلَا اخْتِلَاف.
فَرَجَعَ عُمَيْرٌ إلَى قَوْمِهِ، وَبَنُو خَطْمَةَ يَوْمئِذٍ كَثِيرٌ مَوْجُهُمْ [١] فِي شَأْنِ بِنْتِ مَرْوَانَ، وَلَهَا يَوْمئِذٍ بَنُونَ خَمْسَةُ رِجَالٍ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: يَا بَنِي خَطْمَةَ، أَنَا قَتَلْتُ ابْنَةَ مَرْوَانَ، فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونَ. فَذَلِكَ الْيَوْمُ أَوَّلُ مَا عَزَّ الْإِسْلَامُ فِي دَارِ بَنِي خَطْمَةَ، وَكَانَ يَسْتَخْفِي بِإِسْلَامِهِمْ فِيهِمْ مَنْ أَسْلَمَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ بَنِي خَطْمَةَ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي يُدْعَى الْقَارِئَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوْسٍ، وَخُزَيْمَةُ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَسْلَمَ، يَوْمَ قُتِلَتْ ابْنَةُ مَرْوَانَ، رِجَالٌ مِنْ بَنِي خَطْمَةَ، لَمَّا رَأَوْا مِنْ عِزِّ الْإِسْلَامِ.